الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 31 مارس 2025

الطعن رقم 31 لسنة 39 ق دستورية عليا " منازعة تنفيذ " جلسة 8 / 3 / 2025

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن مـن مارس سنة 2025م، الموافق الثامن من رمضان سنة 1446هـ.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 31 لسنة 39 قضائية منازعة تنفيذ

المقامة من
يحيى أحمد البدري محمد الزيني
ضد
وسام محمد ثروت محمود طه حمود
-------------------

" الإجراءات "

بتاريخ الحادي عشر من نوفمبر سنة 2017، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ حكم محكمة استئناف الإسماعيلية - مأمورية بورسعيد- الصادر بجلسة 13/ 8/ 2017، في الاستئناف رقم 1665 لسنة 13 قضائية، وفي الموضوع: بالاستمرار في تنفيذ حكمي المحكمة الدستورية العليا، الصادر أولهما بجلسة 15/ 5/ 1993، في الدعوى رقم 7 لسنة 8 قضائية دستورية، والصادر ثانيهما بجلسة 19/ 12/ 2004، في الدعوى رقم 119 لسنة 21 قضائية دستورية، وعدم الاعتداد بالحكم الاستئنافي المار ذكره، والاعتداد بحكم محكمة ميناء بورسعيد لشئون الأسرة، الصادر بجلسة 28/ 11/ 2016، في الدعوى رقم 1063 لسنة 2015.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
-----------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعي أقام أمام محكمة ميناء بورسعيد لشئون الأسرة - ولاية على النفس- الدعوى رقم 1063 لسنة 2015، ضد المدعى عليها، طلبًا للحكم بإلزامها بتسليم مسكن الحضانة المبين بالأوراق، وذلك على سند من أنه تزوج بالمدعى عليها بصحيح العقد الشرعي، وأنجب منها ابنة بتاريخ 27/ 7/ 1996، وابنًا بتاريخ 30/ 10/ 2000، وأنه طلقها، فاستقلت المدعى عليها بمسكن الزوجية لحضانة الصغيرين، وإذ بلغ الصغيران أقصى سن للحضانة الإلزامية؛ فقد طالبها بتسليم مسكن الحضانة، وإذ امتنعت فأقام دعواه. وبجلسة 28/ 11/ 2016، قضت المحكمة بإلزام المدعى عليها بتسليمه مسكن الحضانة. استأنفت المدعى عليها الحكم أمام محكمة استئناف الإسماعيلية - مأمورية بورسعيد. وبجلسة 13/ 8/ 2017، قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، واستندت في ذلك إلى أن نص المادة (20) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929، الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية المستبدل به القانون رقم 100 لسنة 1985، قد حدد سن انتهاء حضانة النساء ببلوغ الصغير أو الصغيرة خمس عشرة سنة، ويخير القاضي الصغير أو الصغيرة بعد بلوغ هذه السن في البقاء في يد الحاضنة حتى بلوغ الصغير سن الرشد وزواج الصغيرة، بما مؤداه أن يدها على الصغير أو الصغيرة يد حضانة، وليست يد حفظ، منتهية في قضائها إلى استمرار الحضانة واحتفاظ المدعى عليها بالمسكن لحين انتهاء الأجلين. وإذ ارتأى المدعي أن الحكم الاستئنافي قد حال دون تنفيذ حكمي المحكمة الدستورية العليا الصادر أولهما بجلسة 15/ 5/ 1993، في الدعوى رقم 7 لسنة 8 قضائية دستورية، وثانيهما بجلسة 19/ 12/ 2004، في الدعوى رقم 119 لسنة 21 قضائية دستورية فيما حدداه من معنى لمضمون نص الفقرة الرابعة من المادة (18 مكررًا ثالثًا) من ذلك القانون؛ من أن التزام المطلق بأن يهيئ لصغاره من مطلقته وحاضنتهم مسكنًا مستقلًا مناسبًا إنما يدور مع المدة الإلزامية للحضانة التي قررتها الفقرة الأولى من المادة (20) من القانون ذاته، ولو أذن القاضي بإبقاء الصغير في رعايتها؛ ومن ثم أقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن منازعة التنفيذ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قوامها أن يكون التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا - بمضمونها أو أبعادها - دون اكتمال مداه، وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان؛ ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التي تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا -وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979- لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمـور، أولها: أن تكون هذه العوائق - سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها - ولو كانت تشريعًا أو حكمًا قضائيًّا أو قرارًا إداريًّا أو عملًا ماديًّا، حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن صدور حكم من إحدى محاكم جهة من جهات القضاء في النزاع الموضوعي المردد أمامها بالمخالفة لنص تشريعي، لا يعدو أن يكون وجهًـا من أوجه مخالفة ذلك الحكم للقانـون، وإن جاز تصحيحه بالطعن عليه أمام المحكمة الأعلى بتلك الجهـة القضائية، فإنه لا يصلح - بحسب الأصل- أن يكون عقبة تحول دون تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا، برفض الدعوى المقامة طعنًا على دستورية ذلك النص، أو صدور حكم بعدم قبول الدعوى المقامة أمام هذه المحكمة طعنًا عليه، مما يستنهض ولايتها لإزالة تلك العقبة، ذلك أن قضاءها برفض الدعوى إنما يكشف عن ثبوت الشرعية الدستورية لذلك النص من تاريخ العمل به، ولا تجاوز الحجية المطلقة لذلك الحكم النطاق الدستوري المحكوم فيه، لتستطيل إلى تقييد سلطة محاكم الموضوع في تحديد أحوال انطباق النص التشريعي المقضي بدستوريته على الأنزعة الموضوعية المرددة أمامها، والفصل فيها، كذلك فإن الحكم بعدم قبول الدعوى لا يحوز حجية بشأن دستورية النص المقضي فيه. وذلك كله ما لم يكن الحكم الصادر برفض الدعوى الدستورية أو عدم قبولها قد شُيد على تأويل النص التشريعي على نحو يجنبه القضاء بعدم دستوريته، إذ يتعين على محاكم الموضوع في هذه الحالة أن تلتزم في تطبيقها لذلك النص بالتأويل الذي أعملته المحكمة الدستورية العليا بشأنه، فإن خالفته كان حكمها مشكلًا عقبة في تنفيذ قضاء المحكمة الدستورية العليا.
وحيث إن نص المادة (18 مكررًا ثالثًا) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية، المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985، يجري على أنه:
على الزوج المطلق أن يهيئ لصغاره من مطلقته ولحاضنتهم المسكن المستقل المناسب فإذا لم يفعل خلال مدة العدة، استمروا في شغل مسكن الزوجية المؤجر دون المطلق مدة الحضانة.
وإذا كان مسكن الزوجية غير مؤجر كان من حق الزوج المطلق أن يستقل به إذا هيأ لهم المسكن المستقل المناسب بعد انقضاء مدة العدة.
ويخير القاضي الحاضنة بين الاستقلال بمسكن الزوجية وبين أن يقدر لها أجر مسكن مناسب للمحضونين ولها.
فإذا انتهت مدة الحضانة فللمطلق أن يعود للمسكن مع أولاده إذا كان من حقه ابتداءً الاحتفاظ به قانونًا ........
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 15 مايو سنة 1993 في الدعوى رقم 7 لسنة 8 قضائية دستورية، أولًا: بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى الطعن على نصوص المواد (5 مكررًا) بفقرتيها الأولى والثالثة و(11 مكررًا) و(18 مكررًا ثالثًا) و(23 مكررًا) بفقرتيها الثانية والثالثة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية. ثانيًا: برفض الدعوى بالنسبة إلى الطعن على المادتين (18 مكررًا) و(20) فقرة أولى من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 المشار إليهما. وجاء في مدونات حكمها: وحيث إن ما قررته المادة (18 مكررًا ثالثًا) التي أضافها القانون رقم 100 لسنة 1985 إلى المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية - من إلزامها الزوج المطلق بأن يهيئ لصغاره من مطلقته ولحاضنتهم مسكنًا مستقلًا مناسبًا، إنما يدور وجودًا وعدمًا مع المدة الإلزامية للحضانة التي قررتها الفقرة الأولى من المادة (20) المطعون عليها، فإن حق الحاضنة في شغل مسكن الزوجية إعمالًا للمادة (18 مكررًا ثالثًا) المشار إليها، يعتبر منقضيًا ببلوغ الصغير سن العاشرة والصغيرة اثنتي عشرة سنة. متى كان ذلك، وكان البين من الصورة الرسمية لشهادة ميلاد ابن المدعي من مطلقته، أنه قد جاوز أمد الحضانة الإلزامية، ولم يعد لحاضنته بالتالي أن تستقل مع صغيرها بمسكن الزوجية بعد طلاقها، بما مؤداه: انتفاء مصلحة المدعي في الطعن على الأحكام التي تضمنتها المادة (18 مكررًا ثالثًا) آنفة البيـان. ولا ينال مما تقدم قالة إن للقاضي أن يأذن للحاضنة بعد انتهاء المدة الإلزامية للحضانة بإبقاء الصغير في رعايتها حتى سن الخامسة عشرة، والصغيرة حتى تتزوج إذا تبين أن مصلحتهما تقتضي ذلك، إذ إن ما يأذن به القاضي على هذا النحو لا يعتبر امتدادًا لمدة الحضانة الإلزامية، بل منصرفًا إلى مدة استبقاء، تقدم الحاضنة خلالها خدماتها متبرعة بها، وليس للحاضنة بالتالي أن تستقل بمسكن الزوجية خلال المدة التي شملها هذا الإذن، ذلك أن مدة الحضانة التي عناها المشرع بنص الفقرتين الأولى والرابعة من المادة (18 مكررًا ثالثًا) - والتي جعل من نهايتها نهاية لحق الحاضنة وصغيرها من مطلقها في شغل مسكن الزوجية- هي المدة الإلزامية للحضانة على ما تقدم، ...... وببلوغها يسقط حقها في الاستقلال بمسكن الزوجية ليعود إليه الزوج المطلق منفردًا في الانتفاع به.
كما أصدرت هذه المحكمة بجلسة 19 ديسمبر سنة 2004، في الدعوى رقم 119 لسنة 21 قضائية دستورية، حكمها برفض الدعوى المقامة طعنًا على نص الفقرة الرابعة من المادة (18 مكررًا ثالثًا) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية، المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية، وقد أقام هذا الحكم قضاءه على أن الأصل في حضانة الصغير والصغيرة هو تعهدهما بالرعاية، بما يحول دون الإضرار بهما، فكان لزامًا على الزوج المطلق أن يهيئ لصغاره من مطلقته، ولحاضنتهم، مسكنًا مستقلًا مناسبًا، وإلا استمروا من دونه في شغل مسكن الزوجية، إلا أن هذا الالتزام يدور وجودًا وعدمًا مع المدة الإلزامية للحضانة التي قررتها الفقرة الأولى من المادة (20) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية.... ولا ينال مما تقدم قالة إن للقاضي أن يأذن للحاضنة، بعد انتهاء المدة الإلزامية للحضانة، بإبقاء الصغير أو الصغيرة في رعايتها إذا تبين أن مصلحتهما تقتضي ذلك، إذ إن ما يأذن به القاضي على هذا النحو، لا يعتبر امتدادًا لمدة الحضانة الإلزامية، بل منصرفًا إلى مدة استبقاء، تقدم الحاضنة خلالها خدماتها متبرعة بها، وليس للحاضنة بالتالي أن تستقل بمسكن الزوجية خلال المدة التي شملها هذا الإذن، ذلك أن مدة الحضانة التي عناها المشرع بنص الفقرتين الأولى والرابعة من المادة (18 مكررًا ثالثًا) - والتي جعل من نهايتها نهاية لحق الحاضنة وصغيرها من مطلقها في شغل مسكن الزوجية -هي المدة الإلزامية للحضانة على ما تقدم- ... وببلوغها يسقط حقها في الاستقلال بمسكن الزوجية، ليعود إلى الزوج المطلق.... ولا يكون النص المطعون فيه مناقضًا لأحكام الدستور.
متى كان ما تقدم، وكانت المحكمة الدستورية العليا بحكميها المتقدمين - المنازع في تنفيذهما- قد حددت بطرق الدلالة المختلفة معنى معينًا لمضمون نص المادة (18 مكررًا ثالثًا) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929، المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985، مؤداه أن التزام المطلق بتهيئة مسكن الحضانة ينقضي ببلوغ الصغير أو الصغيرة سن الحضانة الإلزامي، وما يترتب على ذلك من حق الزوج المطلق في استرداد مسكن الحضانة والانتفاع به، إذا كان لــه الحـق ابتداءً في الاحتفاظ به قانـــونًا. ولا ينال مما تقدم أن للقاضي أن يأذن للحاضنة، بعد انتهاء المدة الإلزامية للحضانة، بإبقــــاء الصغير أو الصغيرة فــــي رعايتهـا إذا تبيـن أن مصلحتهمــــا تقتضي ذلك، إذ إن ما يأذن به القاضي على هذا النحو لا يعتبر امتدادًا لمدة الحضانة الإلزامية، بل منصرفًا إلى مدة استبقاء، تُقدم إلى الحاضنة خدماتها متبرعة بها. وليس للحاضنة بالتالي أن تستقل بمسكن الزوجية خلال المدة التي شملها هذا الإذن. ليغدو هذا المعنى هو الدعامة الأساسية التي انبنى عليها هذان الحكمان، ولازمًا للنتيجة التي انتهيا إليها، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بمنطوقهما ويكملهما، ليكون معهما وحدة لا تقبل التجزئة، لتمتد إليه مع المنطوق الحجية المطلقة التي أسبغتها المادة (195) من الدستور والمادة (49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، على أحكامها، وذلك في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، بحيث تلتزم هذه السلطات - بما فيها الجهات القضائية على اختلافها - باحترام قضائها وتنفيذ مقتضاه على الوجه الصحيح.
متى كان ذلك، وكان حكم محكمة استئناف الإسماعيلية - مأمورية بورسعيد- الصادر بجلسة 13/ 8/ 2017، في الاستئناف رقم 1665 لسنة 13 قضائية، القاضي برفض دعوى استرداد المدعي مسكن الحضانة المبين بالأوراق، رغم تجاوز صغيريه سن الحضانة الإلزامية، قد أقام قضاءه على سند من استمرار حضانة والدتهما المطلقة لصغيريه بعد تجاوزهما سن الحضانة الإلزامية، قولًا منها إن القضاء بإبقاء الصغير في يد الحاضنة بعد بلوغه السن المقررة للحضانة الإلزامية المبين في الفقرة الأولى من المادة (20) من القانون ذاته، مؤداه امتداد الحضانة إلى حين بلوغ الصغير سن الرشد، وزواج الصغيرة، واستمرار الحاضنة في حيازة مسكن الحضانة إلى هذين الأجلين، فإنه يكون قد تنكب بهذا التأويل ما تساند إليه قضاء المحكمة الدستورية العليا في الحكمين المنازع في تنفيذهما؛ ومن ثم فإنه يعد عقبة في سبيل تنفيذ هذين الحكمين، وتقضي المحكمة تبعًا لذلك بالاستمرار في تنفيذهما، وعدم الاعتداد بحكم محكمة استئناف الإسماعيلية - مأمورية بورسعيد- الصادر بجلسة 13/ 8/ 2017، في الاستئناف المقيد برقم 1665 لسنة 13 قضائية أسرة بورسعيد.
وحيث إن طلب المدعي وقف تنفيذ حكم محكمة استئناف الإسماعيلية - مأمورية بورسعيد- الصادر بجلسة 13/ 8/ 2017، في الاستئناف المقيد برقم 1665 لسنة 13 قضائية أسرة بورسعيد المشار إليه، فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع حول منازعة التنفيذ المعروضة، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى القضاء في موضوعها، بما مؤداه أن قيام هذه المحكمة -طبقًا لنص المادة (50) من قانونها- بمباشرة اختصاص البت في هذا الطلب، يكون قد صار غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بالاستمرار في تنفيذ حكمي المحكمة الدستورية العليا الصادر أولهما بجلسة 15/ 5/ 1993، في الدعوى رقم 7 لسنة 8 قضائية دستورية، والصادر ثانيهما بجلسة 19/ 12/ 2004، في الدعوى رقم 119 لسنة 21 قضائية دستورية، وعدم الاعتداد بحكم محكمة استئناف الإسماعيلية - مأمورية بورسعيد- الصادر بجلسة 13/ 8/ 2017، في الاستئناف المقيد برقم 1665 لسنة 13 قضائية أسرة بورسعيد، وألزمت المدعى عليها المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة

الطعن 8186 لسنة 88 ق جلسة 27 / 7 / 2019 مكتب فني 70 ق 57 ص 514

جلسة 27 من يوليو سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / حسين الصعيدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السـادة القضــاة / علي سليمان، خالد الجندي وأحمد الخولي نواب رئيس المحكمة وخالد الضبع .
----------------
(57)
الطعن رقم 8186 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وإيراده على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إشارة الحكم المطعون فيه إلى النصوص التي آخذ بها الطاعنين . كفايته بياناً لنص القانون الذي حكم بمقتضاه .
مثال .
(3) تقرير التلخيص . محكمة الجنايات " الإجراءات أمامها " .
وضع محكمة الجنايات تقرير تلخيص أو تلاوته . غير لازم . النعي بشأن ذلك . غير مقبول . أساس ذلك ؟
(4) قصد جنائي . مواد مخدرة .
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة مخدر . تحققه : بعلم الحائز أو المحزر بأن ما يحوزه أو يحوزه مخدر . تحدث الحكم عنه استقلالاً . غير لازم . ما دام قد أورد ما يدل عليه .
(5) مواد مخدرة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " .
حيازة المخدر بقصد الاتجار . واقعة مادية . الفصل فيها . موضوعي . حد ذلك ؟
(6) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى "" سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد . مفاده ؟
تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله . لا يعيب الحكم . ما دام استخلص الحقيقة من أقواله بما لا تناقض فيه .
عدم تقيد القاضي الجنائي بنصاب معين في الشهادة . له تكوين عقيدته من أي دليل . ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق .
سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له . لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش . موضوعي .
تولي رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو معرفته السابقة بهم . غير لازم . له الاستعانة بمعاونيه من رجال السلطة العامة أو المرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم . حد ذلك ؟
عدم إفصاح رجل الضبط القضائي عن شخصية المرشد . لا يعيب التحريات .
إثارة أساس جديد للدفع ببطلان إذن التفتيش لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة . علة ذلك ؟
(8) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " .
تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها . موضوعي . ما دام سائغاً .
الجدل الموضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس .
(9) مواد مخدرة . جريمة " أركانها " . دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بشيوع التهمة " " الدفع بكيدية الاتهام " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
انبساط سلطان الجاني على المادة المخدرة . كفايته لاعتباره حائزاً لها ولو لم تكن في حيازته . تحدث الحكم عن هذا الركن استقلالاً . غير لازم . متى أورد من الوقائع ما يدل عليه .
الدفع بعدم سيطرة المتهمين على مكان الضبط وانتفاء صلتهم بالواقعة وشيوع الاتهام وكيديته . موضوعي . لا يستلزم رداً خاصاً . استفادته ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(10) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .
(11) محضر الجلسة . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً . لا يعيب الحكم . علة ذلك ؟
مثال .
(12) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على أدلة النفي . استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها . غير جائز أمام محكمة النقض .
(13) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه . غير جائز .
(14) غلق . عقوبة " تطبيقها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " . محكمة النقض " سلطتها " .
إغفال الحكم القضاء على الطاعنين بعقوبة الغلق المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 47 من القانون 182 لسنة 1960 . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة ومستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وتقرير المعمل الكيماوي ، وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، وتتوافر به الأركان القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون ما ينعاه الطاعنون على الحكم من قصور لا محل له .
2- لما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجريمة المسندة إلى الطاعنين حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها – أشار إلى النص الذي أخذهم به بقوله : " الأمر الذي يتعين معه إدانتهم بالمواد 1 ، 2 ، 7/ 1 ، 34 /1 بند أ ، 42 /1 القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبند الأخير من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق ، والمواد 1 ، 10 ، 58 ، 59 ، 64 ، 65 ، 78 ، 79 ، 81 ، 84 من القانون رقم 127 لسنة 1955 المعدل " ، فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان نص القانون الذي حكم بمقتضاه ، ويكون النعي في هذا الصدد في غير محله .
3- لما كانت المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن : " يضع أحد أعضاء الدائرة المنوط بها الحكم في الاستئناف تقريراً موقعاً عليه منه ، ويجب أن يشمل هذا التقرير ملخص وقائع الدعوى وظروفها وأدلة الثبوت ... " ، وإذ كان هذا النص وارداً في الباب الثاني في الاستئناف من الكتاب الثالث في طرق الطعن في الأحكام من قانون الإجراءات الجنائية ، فإن البين من استقرائه أن المخاطب به هو محكمة الجنح المستأنفة دون غيرها ، ولما كان الحكم المطعون فيه صادراً من محكمة الجنايات ، فلا ينطبق عليها الحكم الوارد في نص المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم فلا تلتزم محكمة الجنايات بوضع تقرير تلخيص أو تلاوته ويضحى منعى الطاعنين على الحكم بالبطلان في هذا الشأن غير قويم .
4- لما كان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة مخدر يتحقق بعلم الحائز أو المحرز بأن ما يحوزه أو يحرزه هو من المواد المخدرة ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهمين بأن ما يحوزوه مخدر ، وإذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعنين أو المدافعين عنهم لم يدافعوا بانتفاء هذا العلم ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة الطاعنين للجواهر المخدرة المضبوطة وعلى علمهم بكنهها ، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون غير سديد .
5- لما كانت حيازة المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها ، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، وما دامت المحكمة قد اقتنعت للأسباب التي بينتها في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن الحيازة كانت بقصد الاتجار ، فإن ما يثيره الطاعنون بدعوى القصور في التسبيب لا يكون له محل .
6- لما كان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد ، فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله – على فرض حصوله – لا يعيب الحكم ، ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وكان من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة ، وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح في الأوراق ، كما أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابطين شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة على النحو الذي حصله الحكم ، فإن كل ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
7- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية واطرحه في رد غير سائغ ويتفق وصحيح القانون ، وإذ كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، كما أن القانون لا يوجب أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة أو المرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ، ما دام أنه اقتنع شخصاً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات ، وكانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة ، وكان لا يعيب التحريات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة ، وأن لا يفصح عنها رجل الضبط القضائي الذي اختاره لمعاونته في مأموريته ، فإن ما ينعاه الطاعنون هذا الشأن يكون غير قويم ، هذا فضلاً عن أن البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعوا ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات للأسس التي أثاروها بأسباب الطعن ، وكان من المقرر أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان إذن التفتيش أمام محكمة النقض ، ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع ، فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
8- لما كان الحكم المطعون فيه قد تناول الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ورد عليه في قوله : " وحيث إنه عن الدفع المبدى من الدفاع ببطلان القبض على المتهم لانتفاء حالة التلبس ، فهو غير سديد ، ذلك أنه من الثابت أن ضابطي الواقعة لم يقوما بالقبض على المتهمين الأول والثاني إلا بعد أن تحققا من وقوع جريمة يجوز فيها قانوناً القبض على المتهمين ، إذ أن القبض لم يحدث إلا بعد عثور مفتش الصيادلة على كمية من الأقراص المخدرة ، ومن ثم يكون قد توافرت بذلك حالة التلبس قانوناً عملاً بالمادة 30/1 من قانون الإجراءات الجنائية بحسبانها حالة تلبس حقيقي ، وهو ما يبرر للضابط القبض على المتهمين، ومن ثم يتعين رفض الدفع " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ، ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس - رداً على دفع الطاعنين من عدم توافر حالة التلبس ، ومن عدم اشتمال إذن الضبط لهما ، وبطلان القبض والتفتيش– كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعنان الأول والثاني في هذا الصدد إنما ينحل إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
9- من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليه ، ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه ، وكان الدفع بعدم سيطرة المتهمين على مكان الضبط وانتفاء صلتهم بالواقعة وشيوع الاتهام وكيديته من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد اطراحها ، وكان الحكم قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة المحكمة من انبساط سلطان الطاعنين على المخدر المضبوط تأسيساً على أدلة سائغة وتتفق والعقل ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل .
10- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون في غير محله .
11- لما كان من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم ، إذ كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في هذا المحضر ، كما عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك ، وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أنه جاء خلواً من ما يدعيه الطاعن من مصادرة حقه في الدفاع ، بل إن الثابت أن المحكمة مكنته من إبداء دفاعه كاملاً ، مما لا يوفر الإخلال بحق الدفاع ، فإن منعاه في هذا الخصوص يضحي غير مقبول .
12- من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ، ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإن ما يثيره الطاعن الثالث بشأن نفي التهمة وعدم وجوده على مسرح الجريمة وقت وقوعها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ويكون منعاه في هذا الصدد في غير محله .
13 - لما كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الثالث لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق في هذا الخصوص ، فليس له من بعد النعي عليها قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها ، ولم تر هي حاجة إلى إجرائه .
14- لما كان نص الفقرة الأولى من المادة 47 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد جرى : " يحكم بإغلاق كل محل يرخص له بالاتجار في الجواهر المخدرة أو في حيازتها أو أي محل آخر غير مسكون أو معد للسكنى إذا وقعت فيه إحدى الجرائم المنصوص عليها في المواد 33 ، 34 ، 35 " ، وكان الحكم قد أغفل القضاء بعقوبة الغلق ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، مما كان يتعين معه تصحيحه ، إلا أنه لما كان المحكوم عليهم هم الطاعنون وحدهم ، فإن محكمة النقض لا تملك تصحيح هذا الخطأ بإضافة عقوبة الغلق ، لما في ذلك من إضرار بالطاعنين ، لما هو مقرر من أنه لا يجوز أن يضار الطاعن بطعنه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـــع
اتهمت النيابة العامة كلاً من : 1- .... " الطاعن " . 2- .... " الطاعن " . 3- .... . 4- .... " الطاعن " بأنهم : المتهمون جميعاً : حازوا عقاراً مخدراً ( ترامادول ) بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً . المتهمون من الأول حتى الثالث : زاولوا مهنة الصيدلة بدون الحصول على ترخيص . المتهم الرابع : 1- وهو صيدلي سمح لأشخاص غير مرخص لهم مزاولة مهنة الصيدلية وهم المتهمون من الأول حتى الثالث بمزاولتها باسمه بالصيدلية الخاصة به . 2- عرض للبيع أدوية ( ترامادول ) لم يصدر قرار من وزير الصحة باستعمالها أو تداولها .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول والثاني والرابع وغيابياً للثالث عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 7 /1 ، 34 /1 بند أ ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبند الأخير من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق ، والمواد 1 ، 10 ، 58 ، 59 ، 64 ، 65 ، 78 ، 79 ، 81 ، 84 من القانون 127 لسنة 1955 المعدل ، مع إعمال نص المادة 32/2 من قانون العقوبات ، بمعاقبتهم بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وبتغريمهم مائة ألف جنية عما أسند إليهم ومصادرة المضبوطات .
فطعن المحكوم عليهم الأول والثاني والرابع في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه - بمذكرات أسباب طعنهم الأربعة - أنه إذ دانهم بجريمة حيازة عقار مخدر " ترامادول " بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، كما دان الأول والثاني أيضاً بجريمة مزاولة مهنة الصيدلة بدون الحصول على ترخيص ، ودان الثالث أيضاً بجريمتين وهما أنه صيدلي سمح لأشخاص آخرين غير مرخص لهم في مزاولة مهنة الصيدلة باسمه بالصيدلية الخاصة به ، وعرض للبيع أدوية (ترامادول) لم يصدر قرار من وزير الصحة باستعمالها أو تداولها قد شابه القصور في التسبب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان الجرائم التي دانهم بها ، ولم يورد مؤدى أدلة الإدانة التي عول عليها في قضائه بالإدانة ، وخلاً من نص القانون الذي حكم بموجبه ، ومن تقرير التلخيص ، ولم يدلل تدليلاً كافياً على توافر علم الطاعنين بكنه المادة المخدرة المضبوطة ، كما جاء تدليله على قصد الاتجار قاصراً ، وعول في قضائه بالإدانة على أقوال شاهدي الإثبات رغم عدم صلاحيتها للإدانة ، وعدم معقولية تصويرهما للواقعة ، وتناقضهما ، وانفرادهما بالشهادة ، وحجب أفراد القوة المرافقة لهما عنها معتنقاً تصويرهما لواقعة الدعوى ، واطرح بما لا يسوغ دفوع الطاعنين ببطلان إذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية لشواهد عدة ، وببطلان القبض والتفتيش للطاعنين الأول والثاني لعدم اشتمال إذن النيابة العامة عليهما ولانتفاء حالة التلبس ، والتفت عن دفوعهم بانعدام سيطرتهم على مكان الضبط بما ينبئ عن شيوع الاتهام وكيديته وبانتفاء صلتهم بالمضبوطات ، كما أغفل المستندات المؤيدة لدفاعهم في هذا الشأن ، ويضيف الطاعن الثاني بخلو محضر الجلسة من إثبات دفاعه ، والتفت الحكم عن دفاع الطاعن الثالث إيراداً ورداً بانتفاء أركان الجريمة في حقه ، وأنه لم يكن متواجداً بالصيدلية محل الضبط لتعيينه مديراً مسئولاً لها ، وهو الأمر الذي كان يتعين على المحكمة تحقيقه ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة ومستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وتقرير المعمل الكيماوي ، وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتي كان ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، وتتوافر به الأركان القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون ما ينعاه الطاعنون على الحكم من قصور لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجريمة المسندة إلى الطاعنين حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها – أشار إلى النص الذي أخذهم به بقوله : " الأمر الذي يتعين معه إدانتهم بالمواد 1 ، 2 ، 7/1 ، 34/1 بند أ ، 42/1 القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبند الأخير من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق ، والمواد 1 ، 10 ، 58 ، 59 ، 64 ، 65 ، 78 ، 79 ، 81 ، 84 من القانون رقم 127 لسنة 1955 المعدل " ، فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان نص القانون الذي حكم بمقتضاه ، ويكون النعي في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكانت المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن : " يضع أحد أعضاء الدائرة المنوط بها الحكم في الاستئناف تقريراً موقعاً عليه منه ، ويجب أن يشمل هذا التقرير ملخص وقائع الدعوى وظروفها وأدلة الثبوت .... " ، وإذ كان هذا النص وارداً في الباب الثاني في الاستئناف من الكتاب الثالث في طرق الطعن في الأحكام من قانون الإجراءات الجنائية ، فإن البين من استقرائه أن المخاطب به هو محكمة الجنح المستأنفة دون غيرها ، ولما كان الحكم المطعون فيه صادراً من محكمة الجنايات ، فلا ينطبق عليها الحكم الوارد في نص المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم فلا تلتزم محكمة الجنايات بوضع تقرير تلخيص أو تلاوته ويضحى منعى الطاعنين على الحكم بالبطلان في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة مخدر يتحقق بعلم الحائز أو المحرز بأن ما يحوزه أو يحرزه هو من المواد المخدرة ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهمين بأن ما يحوزوه مخدر ، وإذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعنين أو المدافعين عنهم لم يدافعوا بانتفاء هذا العلم ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة الطاعنين للجواهر المخدرة المضبوطة وعلى علمهم بكنهها ، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت حيازة المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها ، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، وما دامت المحكمة قد اقتنعت للأسباب التي بينتها في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن الحيازة كانت بقصد الاتجار ، فإن ما يثيره الطاعنون بدعوى القصور في التسبيب لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجحه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد ، فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله – على فرض حصوله – لا يعيب الحكم ، ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وكان من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة ، وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح في الأوراق ، كما أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابطين شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة على النحو الذي حصله الحكم ، فإن كل ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية واطرحه في رد غير سائغ ويتفق وصحيح القانون ، وإذ كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، كما أن القانون لا يوجب أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة أو المرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ، ما دام أنه اقتنع شخصاً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات ، وكانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة ، وكان لا يعيب التحريات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة ، وأن لا يفصح عنها رجل الضبط القضائي الذي اختاره لمعاونته في مأموريته ، فإن ما ينعاه الطاعنون هذا الشأن يكون غير قويم ، هذا فضلاً عن أن البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعوا ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات للأسس التي أثاروها بأسباب الطعن ، وكان من المقرر أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان إذن التفتيش أمام محكمة النقض ، ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع ، فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد تناول الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ورد عليه في قوله : " وحيث إنه عن الدفع المبدى من الدفاع ببطلان القبض على المتهم لانتفاء حالة التلبس ، فهو غير سديد ، ذلك أنه من الثابت أن ضابطي الواقعة لم يقوما بالقبض على المتهمين الأول والثاني إلا بعد أن تحققا من وقوع جريمة يجوز فيها قانوناً القبض على المتهمين ، إذ أن القبض لم يحدث إلا بعد عثور مفتش الصيادلة على كمية من الأقراص المخدرة ، ومن ثم يكون قد توافرت بذلك حالة التلبس قانوناً عملاً بالمادة 30/1 من قانون الإجراءات الجنائية بحسبانها حالة تلبس حقيقي ، وهو ما يبرر للضابط القبض على المتهمين ، ومن ثم يتعين رفض الدفع " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ، ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس رداً على ما دفع الطاعنين من عدم توافر حالة التلبس ، ومن عدم اشتمال إذن الضبط لهما ، وبطلان القبض والتفتيش – كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون – ، فإن ما يثيره الطاعنان الأول والثاني في هذا الصدد إنما ينحل جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليه ، ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه ، وكان الدفع بعدم سيطرة المتهمين على مكان الضبط وانتفاء صلتهم بالواقعة وشيوع الاتهام وكيديته من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد اطراحها ، وكان الحكم قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة المحكمة من انبساط سلطان الطاعنين على المخدر المضبوط تأسيساً على أدلة سائغة وتتفق والعقل ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم ، إذ كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في هذا المحضر ، كما عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك ، وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أنه جاء خلواً من ما يدعيه الطاعن من مصادرة حقه في الدفاع ، بل إن الثابت أن المحكمة مكنته من إبداء دفاعه كاملاً ، مما لا يوفر الإخلال بحق الدفاع ، فإن منعاه في هذا الخصوص يضحي غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ، ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإن ما يثيره الطاعن الثالث بشأن نفي التهمة وعدم وجوده على مسرح الجريمة وقت وقوعها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ويكون منعاه في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الثالث لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق في هذا الخصوص ، فليس له من بعد النعي عليها قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها ، ولم تر هي حاجة إلى إجرائه . لما كان ذلك ، وكان نص الفقرة الأولى من المادة 47 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد جرى : " يحكم بإغلاق كل محل يرخص له بالاتجار في الجواهر المخدرة أو في حيازتها أو أي محل آخر غير مسكون أو معد للسكنى إذا وقعت فيه إحدى الجرائم المنصوص عليها في المواد 33 ، 34 ، 35 " ، وكان الحكم قد أغفل القضاء بعقوبة الغلق ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، مما كان يتعين معه تصحيحه ، إلا أنه لما كان المحكوم عليهم هم الطاعنون وحدهم ، فإن محكمة النقض لا تملك تصحيح هذا الخطأ بإضافة عقوبة الغلق ، لما في ذلك من إضرار بالطاعنين ، لما هو مقرر من أنه لا يجوز أن يضار الطاعن بطعنه . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 7596 لسنة 87 ق جلسة 10 / 9 / 2019 مكتب فني 70 ق 59 ص 536

جلسة 10 من سبتمبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / يحيى عبد العزيز ماضي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أيمن الـعـــشري، عـماد محمد عبد الجيد وإيهاب سعيد البنا نواب رئيس المحكمة ومحمد أحمد خليفة .
----------------
(59)
الطعن رقم 7596 لسنة 87 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم . غير لازم . كفاية إيراد مضمونها . النعي بإغفال المحكمة بعض أقوال الشاهد . غير مقبول . علة ذلك ؟
حق المحكمة في تجزئة الدليل والأخذ منه بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به . شرط ذلك ؟
بيان الحكم واقعة الدعوى وسرد مؤدى أقوال الشهود على النحو الواجب في المادة 310 إجراءات جنائية . النعي عليه في هذا الصدد . غير مقبول .
(3) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
النعي على الحكم عدم إيراده لمكان وزمان الضبط . غير مقبول . ما دام أوردهما .
(4) مواد مخدرة . قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . قانون " تطبيقه " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
القصد الجنائي في جريمة إحراز المواد المخدرة . تحققه بالعلم بكنه المادة المخدرة . تحدث الحكم عنه استقلالاً . غير لازم . حد ذلك ؟
تدليل الحكم على ثبوت حيازة وإحراز الطاعن للمخدر بركنيه المادي والمعنوي . كفايته لإدانته طبقًا للمادة 38 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل .
تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر . موضوعي . استظهار المحكمة توافره وردها على الدفع بانتفائه على نحو سائغ . الجدل في هذا الشأن . غير جائز .
مثال لرد سائغ على الدفع بانتفاء ركن العلم في جريمة حيازة وإحراز جوهر مخدر بغير قصد .
(5) دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع ببطلان إذن النيابة لعدم جدية التحريات . من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع . عدم جواز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض . علة ذلك ؟
(6) مواد مخدرة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم اتخاذ الحكم من ضبط المخدر سنداً لتسويغ التحريات السابقة على صدور الإذن . النعي عليه بخلاف ذلك . غير مقبول .
(7) إثبات " شهود " " أوراق رسمية " . دفوع " الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على الإذن رداً عليه .
للمحكمة الإعراض عن قالة شهود النفي . ما دامت لا تثق فيما شهدوا به . قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها . مفاده : اطراحها .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة . النعي على الحكم في هذا الشأن . غير مقبول .
(8) مواد مخدرة . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " .
انتهاء الحكم سائغًا إلى صدور الإذن لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة . صحيح . النعي عليه في هذا الصدد . غير مقبول .
مثال .
(9) إثبات " شهود " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة فصلها في الدعوى دون سماع شهود النفي . غير مقبول . ما دام لم يطلب المتهم سماعهم أو يسلك الطريق الذي رسمه القانون في المادة 214 مكرراً أ/2 إجراءات جنائية .
(10) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها . غير مقبول .
مثال .
(11) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه . حد ذلك ؟
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد . مفاده ؟
تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره من الشهود . لا يعيب الحكم . متى استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه .
للمحكمة الأخذ بأقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى .
لا يشترط في الشهادة أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بكافة تفاصيلها . كفاية أن تؤدي إليها باستنتاج سائغ يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(12) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
من يقوم بإجراء باطل . لا تقبل منه الشهادة عليه . حد ذلك ؟
انتهاء الحكم سديداً إلى عدم بطلان الإجراءات التي قام بها الضابط . أثره : صحة التعويل على أقواله . النعي عليه في هذا الشأن . غير قويم .
(13) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن على الحكم .
مثال .
(14) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بنفي التهمة وتلفيقها . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(15) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
(16) ظروف مخففة . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الأصل في الأحكام أن تُحمل على الصحة . تفسير منطوق الحكم ما أجملته أسبابه عن إعمال المادة 17 عقوبات بتخصيص شموله على الجريمتين الثانية والثالثة دون الأولى . لا يعيبه .
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وما ثبت من تقريري المعمل الكيميائي والأدلة الجنائية وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له .
2- لما كان لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها ، ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد ، لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعنى أنها اطرحت ما لم تشر إليه منها ، لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه بياناً لواقعة الدعوى وسرداً لمؤدى أقوال شاهدي الإثبات يحقق مراد الشارع الذى استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة وحصل مضمونها بطريقة وافية ولم يجهل بها ـــــ كما يدعى الطاعن في طعنه ـــــ فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله .
3- لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه بين ـــــ خلافاً لم يقوله الطاعن ـــــ زمان ومكان الضبط مما يكفي لتحقق الغاية التي توخاها القانون من إيجاب اشتمال الحكم على هذه البيانات ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد .
4- لما كان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة أو نقل الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز أو الناقل بأن ما يحرزه أو يحوزه أو ينقله من المواد المخدرة ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها من الوقائع والظروف كافياً في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان الحكم قد دلل على ثبوت حيازة وإحراز الطاعن للمخدر بركنيه المادي والمعنوي بما يكفي لحمل قضائه بإدانته بالتطبيق لنص المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الحيازة أو الإحراز بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو علم الحائز أو المحرز بحقيقة الجوهر المخدر ، هذا فضلاً عن أن الحكم قد عرض لدفاع الطاعن القائم على انتفاء ركن العلم ورد عليه في قوله : " بأن البين للمحكمة أن المتهم ضبط بمفرده في السيارة التي شملتها التحريات وأنه يستخدمها في نقل وترويج المواد المخدرة وأنه كان يقودها وقبل ضبطه كان يعبث بمحتويات الجوال الموجود به المواد المخدرة التي تم ضبطها ويعلم كنهها ، ومن ثم يكون الدفع على غير سند صحيح متعيناً الالتفات عنه " . ولما كان تقصى العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع وإذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها على النحو المتقدم بيانه ـــــ علم الطاعن بجوهر المخدر المضبوط بصندوق السيارة التي كان يقودها وعلى علمه بكنهه وردت في الوقت ذاته على دفاعه في هذا الخصوص رداً سائغاً في العقل والمنطق يتحقق به توافر ذلك العلم في حقه توافراً فعلياً فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض .
5- لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ .... أن المدافع عن الطاعن لم يدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش لعدم جدية التحريات ، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضى تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد .
6- لما كان الحكم المطعون فيه لم يتخذ من ضبط المخدر سنداً لتسويغ التحريات السابقة على صدور الإذن - خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه - فإن منعاه في هذا الشأن يكون لا محل له .
7- لما كان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى أن الضبط والتفتيش كانا لاحقين على الإذن الصادر بهما ، وكان من المقرر أن الدفع بحصول الضبط والتفتيش قبل صدور الإذن ، يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها . وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لم تثق فيما شهدوا به وفي قضائها بالإدانة دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها ولما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى الأمر الذى يكون معه ما يثيره سواء من نعي متعلق بحصول الضبط والتفتيش بعد الإذن أو بقصوره في التسبيب وفساده في الاستدلال في هذا الخصوص في غير محله .
8- لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن التحريات السرية التي أجراها النقيب .... دلت على أن المتهم يحوز ويحرز مواد مخدرة فاستصدر إذناً من النيابة العامة لضبطه وتفتيشه ، فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة ، وإذ انتهى الحكم أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل .
9- لما كان الطاعن لم يطلب سماع شهود نفي ، ولم يسلك الطريق الذي رسمه القانون في المادة 214 مكرراً أ/2 من قانون الإجراءات الجنائية ، فلا تثريب على المحكمة إن هي فصلت في الدعوى دون سماعهم ، ويكون ما أثاره الطاعن في هذا الصدد غير مقبول .
10- لما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء ثمة تحقيق أو اتخاذ إجراء ما تحقيقاً لدفاعه بشأن ميقات ومكان ضبطه ، فلا يصح له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون لا محل له .
11- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه ، وهى متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - كما أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت أقواله أمامها ، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شاهدي الإثبات واقتناعه بوقوع الجريمة على الصورة التي شهدا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من مُنازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال شاهدي الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
12- لما كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات التفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال القائم بالضبط والأدلة التي نتجت عن ذلك التفتيش ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير قويم .
13- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يُثر بها ما يدعيه من وجود نقص في تحقيقات النيابة العامة لعدم سؤالها ضابط الواقعة - شاهد الإثبات الأول - عن مصدره السري ولم يطلب من المحكمة تدارك هذا النقص ، ومن ثم لا يحل له أن يثير شيئاً عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم .
14- من المقرر أن نفي التهمة والدفع بتلفيقها من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد عليها مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة مما يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله .
15- لما كان يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن أوجه الدفاع والدفوع الأخرى التي اطرحتها المحكمة برد قاصر بل جاء قوله مرسلاً مجهلاً ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول .
16- لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلتها قال : ( وحيث إنه نظراً لظروف الدعوى وملابساتها ترى المحكمة أخذ المتهم بقسط من الرأفة في نطاق ما تخوله لها المادة 17 عقوبات ) . ثم جاء المنطوق مُبيناً أنه أعمل المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة لعقوبة جريمتي إحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته - للارتباط عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات حسبما ورد بأسباب الحكم - دون أن يعملها بالنسبة لجريمة إحراز المخدر . ولما كان الأصل في الأحكام أن تحمل على الصحة وكان ما قاله الحكم في أسبابه إجمالاً عن إعمال المادة 17 من قانون العقوبات قد فسره في منطوقه بأنه يشمل عقوبة الجريمتين الثانية والثالثة - للارتباط - فحسب دون الأولى ، وهذا التفسير لا يُجافي المنطق ولا يُناقض في شيء ما سبقه ولا تثريب على الحكم إذ خصص في منطوقه ما كان قد أجمله في أسبابه ، ومن ثم يكون الحكم قد برأ من الخطأ في تطبيق القانون .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
- أحرز بقصد الاتجار نبات الحشيش الجاف " البانجو ــــ القنب " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
- أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن " فرد خرطوش " على النحو المبين بالأوراق .
- أحرز بغير ترخيص ذخيرة " طلقة خرطوش " مما تستعمل على السلاح سالف البيان على النحو المبين بالأوراق .
وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة قضت حضورياً وعملاً بالمواد 1 / 1 ، 2 ، 7 /1 ، 38 /1 ، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم " 56 " من القسم الثاني من الجدول رقم " 1 " الملحق بالقانون الأول والمستبدل والمعدل ، المواد 1/1 ، 6 ، 26/1 ، 4 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول والمعدل . مع إعمال نص المادتين 17، 32 من قانون العقوبات . بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه عما أسند إليه بالتهمة الأولى وبالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمه ألف جنيه عما أسند إليه بالتهمتين الثانية والثالثة وبمصادرة المخدر والسلاح الناري المضبوطين وألزمته المصاريف الجنائية . وذلك باعتبار أن إحراز الطاعن للمخدر المضبوط مجرداً من القصود المسماة في القانون .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم إحراز نبات الحشيش المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون وإحراز سلاح ناري غير مُششخن ( فرد خرطوش ) وذخيرته بدون ترخيص ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه خلا من بيان واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها والأدلة التي عول عليها في الإدانة ، وأغفل تحصيل بعض أقوال شاهد الإثبات الأول ، كما خلا من بيان زمان ومكان الضبط ، ولم يستظهر القصد الجنائي لدى الطاعن ومدى علمه بكنه المخدر المضبوط ، وأغفل إيراداً ورداً دفعه ببطلان الإذن بالتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية لشواهد عددها ، واتخذ من ضبط المخدر دليلاً على جدية تلك التحريات ، واطرح برد غير سائغ دفعيه ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بدلالة أقواله بالتحقيقات المؤيدة بأقوال شاهدة نفي ومستندات قدمها للمحكمة ، ولصدوره لضبط جريمة مستقبلة ولم تجب المحكمة طلبه سماع شهود نفي ، كما لم تُجر تحقيقاً بشأن زمان ومكان ضبطه للوقوف على صحة ذلك الدفع ، وبنى قضاؤه على أدلة لا تؤدى إلى النتيجة التي خلص إليها ، واعتنق تصوير شاهدي الإثبات للواقعة وأشاح عن تصوير الطاعن وزوجته لها ، رغم تناقض أقوال شاهدي الإثبات فيما بينها وتناقض أقوال ثانيهما في مراحل التحقيق المختلفة ، وعول في إدانته على أقوال ضابطي الواقعة رغم بطلان ما قاما به من إجراءات ، هذا إلى أن النيابة العامة ومن بعدها المحكمة أغفلتا سؤال ضابط الواقعة عن مصدره السري ، والتفتت المحكمة عن دفاعه بنفي التهمة وتلفيقها ، واطرحت باقي أوجه دفاعه ودفوعه برد قاصر كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وما ثبت من تقريري المعمل الكيميائي والأدلة الجنائية وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها ، ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد ، لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعنى أنها اطرحت ما لم تشر إليه منها ، لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه بياناً لواقعة الدعوى وسرداً لمؤدى أقوال شاهدي الإثبات يحقق مراد الشارع الذى استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة وحصل مضمونها بطريقة وافية ولم يجهل بها ـــــ كما يدعي الطاعن في طعنه ـــــ فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه بين ـــــ خلافاً لم يقوله الطاعن ـــــ زمان ومكان الضبط مما يكفي لتحقق الغاية التي توخاها القانون من إيجاب اشتمال الحكم على هذه البيانات ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة أو نقل الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز أو الناقل بأن ما يحرزه أو يحوزه أو ينقله من المواد المخدرة ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها من الوقائع والظروف كافياً في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي ــــــ كما هو الحال في الدعوى المطروحة ـــــــ وكان الحكم قد دلل على ثبوت حيازة وإحراز الطاعن للمخدر بركنيه المادي والمعنوي بما يكفي لحمل قضائه بإدانته بالتطبيق لنص المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الحيازة أو الإحراز بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو علم الحائز أو المحرز بحقيقة الجوهر المخدر ، هذا فضلاً عن أن الحكم قد عرض لدفاع الطاعن القائم على انتفاء ركن العلم ورد عليه في قوله : " بأن البين للمحكمة أن المتهم ضبط بمفرده في السيارة التي شملتها التحريات وأنه يستخدمها في نقل وترويج المواد المخدرة وأنه كان يقودها وقبل ضبطه كان يعبث بمحتويات الجوال الموجود به المواد المخدرة التي تم ضبطها ويعلم كنهها ، ومن ثم يكون الدفع على غير سند صحيح متعيناً الالتفات عنه " . ولما كان تقصى العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع وإذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها على النحو المتقدم بيانه ـــــ علم الطاعن بجوهر المخدر المضبوط بصندوق السيارة التي كان يقودها وعلى علمه بكنهه وردت في الوقت ذاته على دفاعه في هذا الخصوص رداً سائغاً في العقل والمنطق يتحقق به توافر ذلك العلم في حقه توافراً فعلياً فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ .... أن المدافع عن الطاعن لم يدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش لعدم جدية التحريات ، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضى تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يتخذ من ضبط المخدر سنداً لتسويغ التحريات السابقة على صدور الإذن ـــــ خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه - فإن منعاه في هذا الشأن يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى أن الضبط والتفتيش كانا لاحقين على الإذن الصادر بهما ، وكان من المقرر أن الدفع بحصول الضبط والتفتيش قبل صدور الإذن ، يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها . وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لم تثق فيما شهدوا به وفي قضائها بالإدانة دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها ولما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى الأمر الذى يكون معه ما يثيره سواء من نعي متعلق بحصول الضبط والتفتيش بعد الإذن أو بقصوره في التسبيب وفساده في الاستدلال في هذا الخصوص في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن التحريات السرية التي أجراها النقيب .... دلت على أن المتهم يحوز ويحرز مواد مخدرة فاستصدر إذناً من النيابة العامة لضبطه وتفتيشه ، فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة ، وإذ انتهى الحكم أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يطلب سماع شهود نفي ، ولم يسلك الطريق الذى رسمه القانون في المادة 214 مكرراً أ/2 من قانون الإجراءات الجنائية ، فلا تثريب على المحكمة إن هي فصلت في الدعوى دون سماعهم ، ويكون ما أثاره الطاعن في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء ثمة تحقيق أو اتخاذ إجراء ما تحقيقاً لدفاعه بشأن ميقات ومكان ضبطه ، فلا يصح له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه ، وهى متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - كما أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت أقواله أمامها ، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدى إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شاهدي الإثبات واقتناعه بوقوع الجريمة على الصورة التي شهدا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من مُنازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال شاهدي الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، ولئن كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات التفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال القائم بالضبط والأدلة التي نتجت عن ذلك التفتيش ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يُثر بها ما يدعيه من وجود نقص في تحقيقات النيابة العامة لعدم سؤالها ضابط الواقعة - شاهد الإثبات الأول - عن مصدره السري ولم يطلب من المحكمة تدارك هذا النقص ، ومن ثم لا يحل له أن يثير شيئاً عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن نفي التهمة والدفع بتلفيقها من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد عليها مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة مما يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن أوجه الدفاع والدفوع الأخرى التي اطرحتها المحكمة برد قاصر بل جاء قوله مرسلاً مجهلاً ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلتها قال : ( وحيث إنه نظراً لظروف الدعوى وملابساتها ترى المحكمة أخذ المتهم بقسط من الرأفة في نطاق ما تخوله لها المادة 17 عقوبات ) . ثم جاء المنطوق مُبيناً أنه أعمل المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة لعقوبة جريمتي إحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته - للارتباط عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات حسبما ورد بأسباب الحكم - دون أن يعملها بالنسبة لجريمة إحراز المخدر . ولما كان الأصل في الأحكام أن تحمل على الصحة وكان ما قاله الحكم في أسبابه إجمالاً عن إعمال المادة 17 من قانون العقوبات قد فسره منطوقه بأنه يشمل عقوبة الجريمتين الثانية والثالثة - للارتباط - فحسب دون الأولى ، وهذا في التفسير لا يُجافي المنطق ولا يُناقض في شيء ما سبقه ولا تثريب على الحكم إذ خصص في منطوقه ما كان قد أجمله في أسبابه ، ومن ثم يكون الحكم قد برأ من الخطأ في تطبيق القانون . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 99 لسنة 59 ق جلسة 5 / 2 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 أحوال شخصية ق 67 ص 405

جلسة 5 من فبراير سنة 1991

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة: أحمد نصر الجندي وعضوية السادة المستشارين: حسين محمد حسن عقر نائب رئيس المحكمة، مصطفى حسيب عباس محمود، فتحي محمود يوسف وعبد المنعم محمد الشهاوي.

------------------

(67)
الطعن رقم 99 لسنة 59 القضائية "أحوال شخصية"

(1) دعوى الأحوال الشخصية "الطعن في الحكم: الاستئناف".
الحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. شرطه. تخلف المستأنف عن حضور الجلسة الأولى المحددة لنظره بورقة الاستئناف. مادتان 167 و319 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية.
(2) دعوى الأحوال الشخصية "نظر الدعوى، الطعن في الحكم: الاستئناف".
حضور محام غير مقيد بجدول محاكم الاستئناف عن ذوي الشأن أمام هذه المحاكم. لا جزاء.
(3) المسائل الخاصة بالمسلمين "التطليق".
القضاء بالتطليق. م 6 بق 25 لسنة 1929. شرطه. عجز القاضي عن الإصلاح بين الزوجين عدم رسم طريقاً معيناً لمحاولة الإصلاح. مؤداه. عرض الصلح من محكمة أول درجة ورفضه من المطعون ضدها. كفايته لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح دون حاجة لإعادة عرضة أمام محكمة الاستئناف.
(4) دعوى الأحوال الشخصية "الطعن في الحكم: النقض".
عدم بيان الطاعن بسبب النعي مناعية على الحكم المطعون فيه وكيفية قصور الحكم في الرد عليها. أثره عدم قبول النعي. لا يغني عن ذلك إحالته أو تقديمه مذكرات أمام محكمة الموضوع تاركاً لمحكمة النقض مقارنتها بالحكم المطعون فيه حتى تقف على وجه القصور.
(5، 6) المسائل الخاصة بالمسلمين "التطليق".
(5) الضرر. م 6 بق 25 لسنة 1929. معياره. شخصي. تقديره بما يجعل دوام العشرة مستحيلاً. موضوعي. من سلطة قاضي الموضوع. اختلافه باختلاف بيئة الزوجين.
(6) إباحة حق التبليغ عن الجرائم. لا يتنافى مع كونه يجعل دوام العشرة مستحيلاً.

-------------------
1 - النص في المادة 316 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أن يحضر الخصوم أو وكلائهم في الميعاد المحدد بورقة الاستئناف ويعتبر المستأنف مدعياً" وفي المادة 319 على أنه "إذا لم يحضر المستأنف في الميعاد المحدد اعتبر الاستئناف كأن لم يكن... مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا يحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن إلا إذا تخلف المستأنف عن الحضور بالجلسة الأولى المحددة لنظر الاستئناف وهي الجلسة المحددة بورقة الاستئناف.
2 - النص في المادة الثالثة من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 على أنه لا يجوز لغير المحامين مزاولة أعمال المحاماة ويعد من أعمال المحاماة الحضور عن ذوي الشأن أمام المحاكم.. والنص في المادة 37 على أنه للمحامي المقيد بجدول محاكم الاستئناف حق الحضور والمرافعة أمام جميع محاكم الاستئناف ومحاكم القضاء الإداري... ويكون للمحامي أمام محاكم الاستئناف حق الحضور أمام جميع المحاكم ما عدا محاكم النقض والإدارية العليا والدستورية العليا مفاده أن المشرع لم يقرر جزاء على حضور المحامي غير المقيد بجدول محاكم الاستئناف عن ذوي الشأن أمام هذه المحاكم ويؤيد هذا ما نص عليه في المادة 42 من قانون المحاماة المشار إليه من أنه لا يجوز لغير المحامين المقيدين أمام محكمة النقض الحضور عن الخصوم أمام محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا والمحكمة الدستورية العليا.
3 - لما كانت المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية إذ اشترطت للقضاء بالتطليق عجز القاضي عن الإصلاح بين الزوجين ولم ترسم طريقاً معيناً لمحاولة الإصلاح وكان الثابت من الأوراق أن محكمة أول درجة عرضت الصلح على الطرفين فرفضته المطعون ضدها وهو ما يكفي لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين دون حاجة لإعادة عرض الصلح من جديد أمام محكمة الاستئناف.
4 - لما كان الطاعن قد اقتصر في بيانه لسبب النعي على القول بأنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بدفوع ودفاع جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى وضمنه مذكرتيه ومستنداته دون أن يبين مناعية وكيفية قصور الحكم في الرد عليها ولا يغني عن ذلك إحالته أو تقديمه مذكرات أمام محكمة الموضوع تاركاً لمحكمة النقض مقارنتها بالحكم المطعون فيه حتى تقف على وجه القصور الذي يشوب الحكم ذلك أن المستندات يجب أن تبين بياناً صريحاً في التقرير بالطعن لا لتكون مصدراً تستخرج منه محكمة النقض بنفسها وجه العيب في الحكم المطعون فيه ويكون النعي بهذا السبب غير مقبول.
5 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن معيار الضرر في معنى المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 شخصي لا مادي وتقديره بما يجعل دوام العشرة مستحيلاً أمر موضوعي متروك لقاضي الموضوع ويختلف باختلاف بيئة الزوجين.
6 - التبليغ من الحقوق المباحة للأفراد وأن استعماله لا يمكن أن يرتب مسئولية طالما صدر معبراً عن الواقع حتى ولو كان الانتقام هو ما حفز إلى التبليغ لأن إباحة هذا الحق لا يتنافى مع كونه يجعل دوام العشرة مستحيلاً لاختلاف المجال الذي يدور في فلكه مجرد إقامة الادعاء أو التبليغ ومدى تأثيرهما على العلاقة بين الزوجين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 332 لسنة 1987 كلي أحوال شخصية جنوب القاهرة ضد الطاعن للحكم بتطليقها عليه طلقة بائنة للضرر وقالت بياناً لدعواها أنها زوجته بصحيح العقد الشرعي ودخل بها وإذ دأب على إيذائها والإساءة إليها بالضرب وبدد منقولاتها وطردها من منزل الزوجية وهجرها فضلاً عن مداومته معاقرة الخمر وتتضرر من ذلك بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما فقد أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت شهود الطرفين حكمت بتاريخ 31/ 5/ 1988 برفض الدعوى. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 630 لسنة 105 قضائية وبتاريخ 6/ 4/ 1989 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبتطليق المطعون ضدها على الطاعن طلقة بائنة للضرر. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من ثلاثة وجوه يقول في بيان الوجهين الأول والثاني منها أن المطعون ضدها - المستأنفة - لم تحضر الجلسة الأولى المحددة لنظر الاستئناف لا بشخصها ولا بوكيل عنها مقبول للمرافعة أمام محكمة الاستئناف ذلك أن الثابت من محضر الجلسة حضور محامي عن الأستاذ... المحامي الموكل عن الطاعنة بموجب التوكيل رقم 1429 لسنة 1987 الموسكي وإذ كان هذا الأخير غير مقبول للمرافعة أمام محكمة الاستئناف فإن حضوره عن المستأنفة يكون باطلاً لا يصحح حضور المحامي - الذي حرر صحيفة الاستئناف ووقعها أمام المحكمة بعد إبداء النيابة رأيها في الدعوى ودون أن يكون بيده توكيل رسمي عن المستأنفة فإن قضاء الحكم المطعون فيه بقبول الاستئناف يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون ويستوجب نقضه. ويقول في الوجه الثالث أن محكمة الاستئناف لم تعرض الصلح على الطرفين إعمالاً لحكم المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الأول والثاني مردود ذلك أن النص في المادة 316 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أن يحضر الخصوم أو وكلائهم في الميعاد المحدد بورقة الاستئناف ويعتبر المستأنف مدعياً وفي المادة 319 على أنه إذا لم يحضر المستأنف في الميعاد المحدد اعتبر الاستئناف كأن لم يكن... مفاده وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا يحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن إلا إذا تخلف المستأنف عن الحضور بالجلسة الأولى المحددة لنظر الاستئناف وهي الجلسة المحددة بورقة الاستئناف. لما كان ذلك وكان النص في المادة الثالثة من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 على أنه... لا يجوز لغير المحامين مزاولة أعمال المحاماة. الحضور عن ذوي الشأن أمام المحاكم.. والنص في المادة 37 على أنه للمحامي المقيد بجدول محاكم الاستئناف حق الحضور والمرافعة أمام جميع محاكم الاستئناف ومحاكم القضاء الإداري... ويكون للمحامي أمام محاكم الاستئناف حق الحضور أمام جميع المحاكم ما عدا محاكم النقض والإدارية العليا والدستورية العليا. مفاده أن المشرع لم يقرر جزاء على حضور المحامي غير المقيد بجدول محاكم الاستئناف عن ذوي الشأن أمام هذه المحاكم ويؤيد هذا ما نص عليه في المادة 42 من قانون المحاماة المشار إليه من أنه لا يجوز لغير المحامين المقيدين أمام محكمة النقض الحضور عن الخصوم أمام محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا والمحكمة الدستورية العليا وكان الثابت من محاضر جلسات محكمة الاستئناف حضور محام عن المطعون ضدها بالجلسة الأولى المحددة بورقة الاستئناف فإن حضوره هذا يكون كافياً ليصحح حضور المطعون ضدها بهذه الجلسة ولو كان غير مقيد بجدول المحامين المقبولين للمرافعة أمام محاكم الاستئناف ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس ومردود في وجهه الثالث ذلك أنه لما كانت المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية إذ اشترطت للقضاء بالتطليق عجز القاضي عن الإصلاح بين الزوجين ولم ترسم طريقاً معيناً لمحاولة الإصلاح وكان الثابت من الأوراق أن محكمة أول درجة عرضت الصلح على الطرفين فرفضته المطعون ضدها وهو ما يكفي لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين دون حاجة لإعادة عرض الصلح من جديد أمام محكمة الاستئناف ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع - وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بطلبات أصلية واحتياطية وأبدى أمامها دفوعاً ودفاعاً جوهرياً يتغير به وجه الرأي في الدعوى وضمنها مذكرتيه المودعتين بالأوراق ومؤيده بالمستندات المقدمة منه وإذ لم يمحص الحكم المطعون فيه هذا الدفاع ولم يقل كلمته بشأن ما أبداه من طلبات ودفاع فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان الطاعن قد اقتصر في بيانه لسبب النعي على القول بأنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بدفوع ودفاع جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى وضمنه مذكرتيه ومستنداته دون أن يبين مناعية وكيفية قصور الحكم في الرد عليها ولا يغني عن ذلك إحالته أو تقديمه مذكرات أمام محكمة الموضوع تاركاً لمحكمة النقض مقارنتها بالحكم المطعون فيه حتى تقف على وجه القصور الذي يشوب الحكم ذلك أن المستندات يجب أن تبين بياناً صريحاً في التقرير بالطعن لا لتكون مصدراً تستخرج منها محكمة النقض بنفسها وجه العيب في الحكم المطعون فيه ويكون النعي بهذا السبب غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه اعتبر في توافر الإضرار الموجب للتطليق على واقعة اتهام الطاعن المطعون ضدها في عدة قضايا جنائية مع أنه لا يتحقق به معنى الضرر المبيح للتفريق بين الزوجين لأن الطاعن استعمل حقه في الإبلاغ عما اقترفته المطعون ضدها من جرائم ولم يتعمد الإساءة إليها أو الإضرار بها وأنه لا مسئولية عليه طالما صدر الإبلاغ معبراً عن الواقع وإذا قضى الحكم المطعون فيه رغم ذلك بالتطليق فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن معيار الضرر في معنى المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 شخصي لا مادي وتقديره بما يجعل دوام العشرة مستحيلاً أمر موضوعي متروك لقاضي الموضوع ويختلف باختلاف بيئة الزوجين وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن استدامة الحياة الزوجية بين الطاعن والمطعون ضدها غدت مستحيلة بعد أن وصل الأمر إلى حد اتهامها وأهلها وتعددت الخصومات القضائية بينهما فليس فيما خلص إليه الحكم ما يعاب ولا يغير من ذلك أن الأصل أن التبليغ من الحقوق المباحة للأفراد وأن استعماله لا يمكن أن يرتب مسئولية طالما صدر معبراً عن الواقع حتى ولو كان الانتقام هو ما حفز إلى التبليغ لأن إباحة هذا الحق لا يتنافى مع كونه يجعل دوام - العشرة مستحيلاً لاختلاف المجال الذي يدور في فلكه مجرد إقامة الادعاء أو التبليغ ومدى تأثيرهما على العلاقة بين الزوجين ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال قائماً على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.