جلسة 26 من يناير سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي وزكي عبد العزيز.
----------------
(61)
الطعنان رقما 311 لسنة 52 القضائية، 2624 لسنة 56 القضائية
(1) دعوى "سقوط الخصومة". استئناف. نقض "نظر الطعن أمام محكمة النقض - سقوط الخصومة".
سقوط الخصومة. ماهيته. م 134 مرافعات. مناط إعماله. إهمال المدعي أو تراخيه أو امتناعه عن السير بالخصومة. نطاق سريانه. الخصومة أمام محكمة أول درجة ومحكمة الاستئناف. م 240 مرافعات. عدم سريانه على خصومة الطعن بالنقض. علة ذلك.
(2) ملكية "حظر تملك الأجانب العقارات المبنية والأراضي الفضاء".
حظر تملك الأجنبي - شخصاً طبيعياً كان أو اعتبارياً للعقارات المبنية أو الأراضي الفضاء في مصر بأي سبب من أسباب كسب الملكية عدا الميراث. م 1 ق 81 لسنة 1976. موافقة مجلس الوزراء على تملك غير المصري. حالاته. م 2 ق 81 لسنة 1976. أثره رفع هذا الحظر.
(3) بيع. ملكية "أسباب كسب الملكية". بطلان.
إبرام المشتري الأجنبي لعقد ابتدائي ثم صدور قرار مجلس الوزراء بالموافقة على تملكه العقار المبيع من شأنه أن يحدث الأثر الفوري في إباحة اكتسابه ملكية العقار موضوع العقد مما تستتبع إمكان تنفيذ البائع نقل ملكية العقار المبيع - لا يسوغ للبائع التمسك في هذه الحالة ببطلان عقد البيع الابتدائي - علة ذلك.
(4) حكم "عيوب التدليل" "ما لا يعد قصوراً". نقض "سلطة محكمة النقض".
انتهاء الحكم إلى النتيجة الصحيحة. لا يعيبه اشتمال الحكم على تقرير قانوني خاطئ. لمحكمة النقض تصحيحه.
(5) استئناف "الأثر الناقل للاستئناف".
استئناف الحكم الصادر في الطلب الاحتياطي. أثره. اعتبار الطلب الأصلي مطروحاً على محكمة الاستئناف بقوة القانون.
(6) دعوى "إغفال الفصل في بعض الطلبات". حكم "إغفال الفصل في بعض الطلبات".
إغفال المحكمة الفصل في طلب موضوعي. مناطه. أن تكون المحكمة قد أغفلت الفصل فيه إغفالاً كلياً. أثره. بقاؤه معلقاً أمامها. قضاء المحكمة صراحة أو ضمناً برفض الطلب. وسيلة تصحيح الحكم. الطعن فيه.
(7) دعوى "مسائل تعترض سير الخصومة: وقف الدعوى".
الحكم بوقف السير في الدعوى. م 129 مرافعات. جوازي للمحكمة. مناطه. خروج المسألة الأساسية عن اختصاص المحكمة المتعلق بالنظام العام.
(8) تزوير "إثبات التزوير". إثبات. محكمة الموضوع.
إثبات صحة الورقة أو تزويرها جوازه بكافة طرق الإثبات ومنها القرائن. محكمة الموضوع سلطتها في القضاء بصحة الورقة استناداً إليها. شرطه.
(9) محكمة الموضوع "تقدير الدليل" "مسائل الواقع". دعوى. حكم "تسبيب الحكم".
محكمة الموضوع سلطتها في فهم الواقع وتقدير الأدلة. شرطه. أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. عدم التزامها بتتبع أقوال وحجج الخصوم والرد عليها استقلالاً.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكمين المطعون فيهما - وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعنة - في الطعنين - أقامت الدعوى رقم 3131 لسنة 79 مدني أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية على المطعون ضده بطلب الحكم بفسخ عقد بيع الشقة المؤرخ 29/ 6/ 1978 وتسليمها لها واحتياطياً بطلان هذا العقد.
وقالت شرحاً لدعواها أن المطعون ضده التزم في عقد شرائه هذه الشقة أن يحصل على موافقة مجلس الوزراء على تملكها باعتباره أجنبياً في ميعاد غايته 1/ 2/ 1979 وإذ لم يحصل المذكور على هذه الموافقة في هذا الميعاد فإنه يكون من حقها طلب فسخ العقد فضلاً عن بطلانه لمخالفته أحكام القانون رقم 81 لسنة 1976، ومحكمة أول درجة حكمت في 27 من يناير سنة 1980 ببطلان عقد البيع. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 272 لسنة 39 قضائية الإسكندرية، وبتاريخ التاسع من يناير سنة 1982 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن المقيد برقم 311 لسنة 52 قضائية وأثناء نظر تلك الدعوى أمام محكمة الاستئناف أقام المطعون ضده الدعوى رقم 3689 لسنة 1981 مدني أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية على الطاعنة بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد بيع الشقة سالفة الذكر لقاء ثمن مقداره خمسة وثلاثون ألف جنيه، على سند من أن الطاعنة امتنعت دون مسوغ عن تنفيذ التزامها بنقل ملكية العقار المبيع وذلك بمعاونته في اتخاذ إجراءات التسجيل، ومحكمة أول درجة حكمت في 15 يونيو سنة 1982 بالطلبات. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 956 لسنة 38 قضائية الإسكندرية، وبتاريخ 15 من يونيو سنة 1986 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنها برقم 2624 لسنة 56 قضائية دفع المطعون ضده بسقوط الخصومة في الطعن الأول - رقم 311 لسنة 52 قضائية - لانقضاء أكثر من سنة على آخر إجراء صحيح تم فيه وهو إيداع صحيفته بتاريخ 6/ 2/ 1982 وذلك لعدم إعلانه بالطعن إلا في 4/ 10/ 1984، قدمت النيابة العامة مذكرة في كل طعن أبدت فيها الرأي برفضه وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما وفيها قررت ضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول ليصدر فيهما حكم واحد للارتباط والتزمت النيابة رأيها.
الطعن رقم 311 لسنة 52 القضائية:
حيث إن مبنى الدفع بسقوط الخصومة في الطعن أن صحيفته لم تعلن إلى المطعون ضده إلا في 4/ 10/ 1984 أي بعد مضي أكثر من سنة على آخر إجراء صحيح هو إيداع الصحيفة بتاريخ 6/ 2/ 1982.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد ذلك بأن سقوط الخصومة وفقاً لنص المادة 134 من قانون المرافعات هو جزاء فرضه الشارع على المدعي الذي يتسبب في عدم السير في الدعوى بفعله أو امتناعه مدة سنة، فمناط إعمال الجزاء هو الإهمال أو التراخي أو الامتناع من جانب المدعي عن السير بالخصومة حين لا يحول دون السير بها حائل، وتسري أحكام سقوط الخصومة على الخصومة أمام محكمة أول درجة كما تسري على خصومة الطعن بالاستئناف تطبيقاً لنص المادة 240 من ذلك القانون، ولما كان الطعن بطريق النقض لا تنتقل به الدعوى برمتها إلى محكمة النقض كما هو الشأن في الاستئناف إذ هو طريق غير عادي لم يجزه قانون المرافعات في الأحكام النهائية إلا لأسباب أوردها على سبيل الحصر فقد خلا الفصل الذي ينظم نصوص هذا الطعن من نص يقضي بالإحالة إلى حكم المادة 134 على غرار النص الوارد في الاستئناف، بل إن هذه النصوص تضمنت إجراءات إعداد الطعن وتجهيزه ثم رسمت سبيل اتصال المحكمة به ونظره وهي إجراءات تتوالى في مجموعها دون تداخل من الطاعن أو غيره من الخصوم، ومن ثم فإن خصومة الطعن بالنقض ذات طبيعة خاصة تفترق عن الخصومة في مرحلتها الابتدائية أو خصومة الاستئناف فلا تقبل أن يرد عليها نظام السقوط مما يكون الدفع المبدى بسقوط الخصومة على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالسببين الأولين منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعواها ببطلان عقد بيع الشقة للمطعون ضده على سند من أنه عقد صحيح يرتب كافة آثاره المقررة قانوناً بين طرفيه عدا نقل الملكية الذي يتوقف على صدور موافقة من مجلس الوزراء طبقاً لأحكام القانون رقم 81 لسنة 76 بتنظيم تملك غير المصريين للعقارات في حين أن هذا العقد يعد باطلاً بطلاناً مطلقاً لمخالفته هذه الأحكام، وليس من شأن صدور قرار من مجلس الوزراء بالموافقة على تملك المشتري الأجنبي أن يصحح من هذا البطلان ما دام هذا القرار كان لاحقاً لانعقاد العقد الأمر الذي يكون معه الحكم المطعون فيه وقد خالف هذا النظر معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن القانون رقم 81 لسنة 1976 بتنظيم تملك غير المصرين للعقارات المبنية والأراضي الفضاء أورد في المادة الأولى منه نصاً عاماً حظر فيه على غير المصريين سواء أكانوا أشخاصاً طبيعيين أم أشخاصاً اعتباريين اكتساب ملكية العقارات المبنية أو الأراضي الفضاء في جمهورية مصر أياً كان سبب اكتساب الملكية عدا الميراث، إلا أنه أتبع ذلك بالنص في المادة الثانية على استثناء حالات من هذا الحظر بينها بيان حصر منها موافقة مجلس الوزراء إذا توافرت الشروط الآتية: - (1) أن يكون التملك لمرة واحدة بقصد السكنى الخاص للفرد أو لأسرته أو لمزاولة نشاط خاص. (2) ألا تجاوز مساحة العقار بملحقاته ألف متر. (3) أن يحول عن طريق أحد المصارف المرخص لها نقداً أجنبياً قابلاً للتحويل بالسعر الرسمي يعادل قيمة العقار التي يقدر على أساسها الرسم النسبي المستحق على شهر المحرر. (4) ألا تكون ملكية العين حصة شائعة مع مصري، ومؤدى ذلك أنه إذا ما توافرت تلك الشروط وصدرت موافقة مجلس الوزراء على تملك غير المصري فإن قرار المجلس بهذه الموافقة من شأنه أن يرتفع به حظر التملك، فإذا ما كان الأجنبي قد أبرم عقداً ابتدائياً عن العقار الذي انصبت عليه موافقة مجلس الوزراء ومن قبل صدورها فإن هذا العقد الذي لا يتولد منه سوى التزامات شخصية لا يعتبر منشئاً لحق المشتري في التملك بل يكون قرار مجلس الوزراء هو الذي أحدث الأثر الفوري في إباحة اكتساب ملكية العقار موضوع العقد، مما يستتبع بطريق اللزوم الحتمي إمكان تنفيذ البائع التزام نقل ملكية العقار المبيع إلى هذا المشتري بتسجيل العقد، فإذا امتنع البائع عن تنفيذ التزامه جاز للمشتري رفع الدعوى بطلب صحة ونفاذ عقد البيع باعتبارها دعوى استحقاق مالاً يقصد بها تنفيذ التزام البائع بنقل الملكية إلى المشتري تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية، ولا يسوغ في هذه الحالة أن يتمسك البائع سواء بطريق الدعوى الأصلية أو بطريق الدفع في دعوى صحة ونفاذ ذلك العقد الابتدائي ببطلانه لمخالفته أحكام الحظر المقرر بالقانون رقم 81 لسنة 1976 طالما قد ارتفع هذا الحظر بصدور موافقة مجلس الوزراء على حق المشتري الأجنبي في التملك وصار في مكنة البائع نقل ملكية العقار المبيع إليه، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحاً إلى القضاء برفض دعوى البطلان التي أقامتها الطاعنة لانتفاء مخالفة أحكام القانون آنف الذكر بصدور موافقة مجلس الوزراء على تملك المطعون ضده للعقار المبيع محل هذا العقد فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ولا يعيبه ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من تقرير قانوني خاطئ إذ لمحكمة النقض تصحيح ما يرد بالحكم من خطأ في القانون غير مؤثر في النتيجة التي انتهى إليها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه أغفل الفصل في طلبها الأصلي فسخ عقد البيع طبقاً لأحكام المادة 157 من القانون المدني لإخلال المطعون ضده بالتزامه الوارد بالعقد والخاص بوجوب حصوله على موافقة مجلس الوزراء على تملكه الشقة موضوع النزاع في ميعاد غايته 1/ 2/ 1979 باعتباره طلباً مطروحاً على محكمة الاستئناف يتعين عليها بحثه بعد رفضها الطلب الاحتياطي ببطلان العقد.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك بأن النص في الفقرة الثانية من المادة 229 من قانون المرافعات على أن "واستئناف الحكم الصادر في الطلب الاحتياطي يستتبع حتماً استئناف الحكم الصادر في الطلب الأصلي..." يدل على أن رفع الاستئناف من المحكوم عليه في الطلب الاحتياطي يستتبع اعتبار الطلب الأصلي مطروحاً على محكمة الاستئناف بقوة القانون دون حاجة لرفع استئناف بشأنه من المستأنف عليه، ويكون لزاماً على هذه المحكمة إذا ما ألغت الحكم الابتدائي وقضت برفض الطلب الاحتياطي أن تعرض للطلب الأصلي وتقضي فيه - ما لم يصدر من المستأنف عليه ما يفيد نزوله عنه - بقضاء صريح أو ضمني، وكان مناط إغفال المحكمة الفصل في إحدى الطلبات المعروضة عليها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكون المحكمة قد أغفلت عن سهو أو خطأ الفصل في الطلب الموضوعي إغفالاً كلياً يجعله باقياً معلقاً أمامها، أما إذا كان المستفاد أنها قضت صراحة أو ضمناً برفض الطلب، فلا يعتبر ذلك منها إغفالاً في حكم القانون ويكون وسيلة تصحيح حكمها هو الطعن فيه - لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه اقتصر في قضائه على الفصل في الطلب الاحتياطي ببطلان العقد موضوع النزاع لمخالفته أحكام حظر التملك المقررة بالقانون رقم 81 لسنة 1976 دون أن يعرض في قضائه لبحث الطلب الأصلي لفسخ هذا العقد لإخلال المطعون ضده في تنفيذ شرط ورد به حدد له أجل معين ومن ثم يكون السبيل إلى الفصل في هذا الطلب هو الرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه ولا يجوز الطعن بالنقض في الحكم بسبب إغفاله الفصل في طلب موضوعي لأن الطعن بالنقض لا يقبل إلا عن الطلبات التي فصل فيها إما صراحة أو ضمناً.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
الطعن رقم 2624 لسنة 56 القضائية:
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 3131 لسنة 79 مدني الإسكندرية الابتدائية وفي وجوب وقفها حتى يصدر حكم في الطعن بالنقض رقم 311 لسنة 52 قضائية المرفوع عن الحكم الاستئنافي الذي قضى بإلغاء الحكم المحاج به والصادر في الدعوى رقم 3131 لسنة 79 سالفة الذكر لما لكل من الدفعين من أثر على الفصل في الدعوى، وإذ رفض الحكم المطعون فيه إجابتها إلى ذلك فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول في غير محله ذلك بأنه لما كان الثابت أن الحكم الابتدائي قد قضى في أسبابه المرتبطة بالمنطوق برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لإلغاء الحكم المحاج به، وكانت الطاعنة قد قبلت هذا القضاء وقصرت استئنافها لهذا الحكم على ما قضى به في الموضوع وفي رفض ما تمسكت به من طلب وقف الدعوى وفقاً لأحكام المادة 129 من قانون المرافعات، وكان الاستئناف لا ينقل الدعوى إلى محكمة ثاني درجة إلا في حدود طلبات المستأنف، فإن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لا يكون مطروحاً على محكمة الاستئناف ولا عليها إن هي لم تعرض له، وكان النعي في شقه الثاني غير مقبول ذلك بأن وقف الدعوى طبقاً للمادة 129 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - جوازي لمحكمة الموضوع حسبما تستبينه من جدية المنازعة في المسألة الأولية أو عدم جديتها، ومناط الحكم بوقف السير في الدعوى طبقاً للمادة سابقة الذكر أن تكون المسألة الأساسية التي يثيرها الدفع خارجة عن اختصاص المحكمة المتعلق بالنظام العام، وهو ما لا تتوافر شروطه في طلب الوقف الذي عرضته الطاعنة، هذا إلى أن النعي في هذا الصدد أصبح غير منتج بعد إخفاقها في الطعن بالنقض المرفوع عن الحكم الصادر في دعوى البطلان على نحو ما سلف بيانه، لما كان ذلك فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السببين الثاني والثالث، أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه رفض ادعاء الطاعنة بتزوير التوقيع المنسوب إليها على إيصال استلامها مبلغ عشرة آلاف جنيه من المطعون ضده لمجرد تخلفها عن الحضور للمحكمة للتوقيع أمامها رغم تمسكها بكفاية إجراء المضاهاة على توقيعها الوارد بعقد البيع المعترف به من طرفيه، كما أنه رفض ما تمسكت به من عدم قبول الدعوى لعدم سداد المطعون ضده باقي ثمن الشقة المبيعة على سند من صحة سداده مبلغ عشرين ألف جنيه دون التثبيت من استلامها لمبلغ العشرة آلاف جنيه الواردة بالإيصال الموقع عليه من زوجها الذي لم توكله في قبضه وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود، ذلك بأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز إثبات صحة الورقة أو تزويرها بكافة طرق الإثبات ومنها القرائن القانونية فلا على محكمة الموضوع إن هي أقامت قضاءها بصحة الورقة على ما اطمأنت إليه من القرائن ما دامت مؤدية إلى ما استخلصته منها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه بصحة التوقيع الصادر من الطاعنة على الإيصال المؤرخ 19/ 12/ 1978 على ما ساقه في أسبابه من أن "هذا المستند قدم من المستأنف ضده "المطعون ضده" في المنازعات التي قامت بينه وبين المستأنفة "الطاعنة" في شأن شقة النزاع منذ الدعوى 3131 لسنة 1979 مدني كلي إسكندرية التي نظرت أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ثم استئنافها رقم 278 لسنة 36 ق مدني إسكندرية أمام محكمة استئناف الإسكندرية، ثم الدعوى رقم 3689 لسنة 81 مدني كلي إسكندرية التي استمر نظرها أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية حتى صدر فيها الحكم المستأنف - بجلسة 15/ 6/ 1982 ولم تشر بأي كلمة عن ذلك الادعاء بالتزوير الأمر الذي يستشف منه لهذه المحكمة أنه تسليم حتمي بصحة ذلك التوقيع وبالتالي يضحى طعنها بالتزوير على ذلك الإيصال غير جدي وأنها لم تقصد منه سوى تأخير الفصل في الدعوى بغير حق. وكانت هذه الاعتبارات من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم فإن النعي عليه بهذا الشق لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير محكمة الموضوع للأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي أخذت بها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، والنعي في شقة الثاني مردود ذلك بأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة الكاملة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير قيمة ما يقدم لها من أدلة، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، وهي غير ملزمة بأن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وترد استقلالاً على كل حجة أو قول أثاروه ما دام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الحجج، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض ادعاء الطاعنة عدم سداد المطعون ضده مبلغ عشرين ألف جنيه من ثمن الشقة موضوع النزاع والذي رتبت عليه دفعها بعدم قبول الدعوى على أن في إيراد الإيصال المقضي بصحة توقيع الطاعنة عليه لعبارة "الدفعة الثالثة" وفي وروده تالياً في تحريره وفي ذات الورقة لإيصال الدفعة الثانية الموقع عليه من زوج الطاعنة بما يفيد استلامه مبلغ عشرة آلاف جنيه ما يقطع بقبولها هذا الوفاء وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه سائغاً وكافياً لحمل قضائه في وفاء المطعون ضده للطاعنة بباقي ثمن الشقة المباعة له فإن النعي عليه بهذا الشق ينحل إلى جدل في تقدير محكمة الموضوع للأدلة تنحسر عنه رقابة محكمة النقض ويكون النعي على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق