جلسة أول مارس سنة 1960
برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: السيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان المستشارين.
-----------------
(36)
الطعن رقم 1072 لسنة 29 القضائية
نقض.
الحكم في الطعن: إعادة المحاكمة.
إعادة الدعوى إلى حالتها الأولى وجريان المحاكمة على أساس أمر الإحالة الأصيل. عدم جواز توجيه تهم جديدة لم ترد في أمر الإحالة ولم ترفع عنها الدعوى الجنائية بالطريق الذي رسمه القانون.
إجراءات المحاكمة.
بطلانها: البطلان المتعلق بالنظام العام. حالاته وأثره.
تعلق القواعد المتعلقة بأصول المحاكمات الجنائية بالنظام العام. البطلان المترتب على مخالفتها لا يصححه تنازل صاحب الشأن عنه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم قتلوا عبد العاطي أحمد عبد العاطي عمداً بأن أمسك به الثاني والثالث وطعنه الأول بسكين في صدره قاصدين قتله فحدثت به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته وذلك مع سبق الإصرار. والأول شرع في قتل عبد الغفار أحمد كامل والشهير (بالعبد أحمد كامل) عمداً بأن طعنه بسكين في صدره قاصداً قتله فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي ولم تتم الجريمة لسبب خارج عن إرادته وهو إسعاف المجني عليه بالعلاج وذلك مع سبق الإصرار. والثالث ضرب أيضاً عبد الغفار أحمد كامل (الشهير بالعبد أحمد كامل) فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي نشأت عنها عاهة مستديمة بيده اليسرى موضحة بالتقرير الطبي وذلك مع سبق الإصرار، كما اتهمت متهماً رابعاً بضرب فاطمة عبد العال كامل فأحدث بها الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً، وطلبت إلى قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 230، 231، 45، 46 و240/ 2 و242/ 1 من قانون العقوبات. فقررت بذلك، وقد ادعى مدنياً أحمد عبد العاطي كامل عن نفسه وبصفته ولياً شرعياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ 500 جنيه بصفة تعويض، ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام والمادتين 234/ 1 و32 من قانون العقوبات بمعاقبة الطاعن الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة ومعاقبة كل من الثاني والثالث بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنين ومعاقبة المتهم الرابع بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وإلزام المتهمين الثلاثة الأول بأن يدفعوا للمدعي بالحق المدني بصفته التعويض المطلوب والمصاريف المدنية وأتعاب محاماة، فطعن المتهمون في هذا الحكم بطريق النقض، وحكمت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة الجنايات للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى، ومحكمة الجنايات قضت حضورياً - أولاً - ببراءة الطاعنين من التهمة الأولى المسندة إليهم وبمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنين عن التهمتين الثانية والثالثة المسندتين إليهم وبرفض الدعوى المدنية المرفوعة من أحمد عبد العاطي كامل عن نفسه وبصفته وإلزامه المصروفات المدنية. ثانياً - بمعاقبة المتهم الرابع بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر. فطعن المتهمون في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه البطلان، ذلك أن الحكم الذي صدر ضدهم أول مرة قضى بإدانتهم في تهمة القتل العمد مع استبعاد ظرف سبق الإصرار وطبق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة إليهم في باقي التهم التي كانت موجهة إليهم، ولما نقض الحكم وأعيدت محاكمة الطاعنين عدلت النيابة وصف التهمة إلى اعتبارهم فاعلين أصليين في جرائم القتل العمد والشروع فيه وإحداث العاهة وذلك من سبق الإصرار، فقضى الحكم المطعون فيه ببراءة الطاعنين من تهمة القتل العمد وبإدانتهم في تهمتي الشروع في القتل من سبق الإصرار والعاهة وطبق في حقهم المادة 32 من قانون العقوبات، وفات المحكمة أن الطاعن لا يمكن قانوناً أن تسوء حالته بطعنه بعد أن استبعد ظرف سبق الإصرار من التهمة الأصلية كما أن تهمة الشروع في القتل كانت مقصورة على الطاعن الأول دون الطاعنين الثاني والثالث فلا يجوز توجيهها إليهما في المحاكمة الثانية، وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد صدر باطلاً بالنسبة إلى تهمة الشروع في القتل التي دان الطاعنين الثاني والثالث بها ولم تكن موجهة إليهما في المحاكمة الأولى وبالنسبة للطاعن الأول الذي لو تنبهت المحكمة إلى أنه من المستحيل قانوناً معاملته بسبق الإصرار لعدلت في تقدير العقوبة.
وحيث إن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية ضد الطاعنين الثلاثة على اعتبار أنهم قتلوا عبد العاطي أحمد عبد العاطي عمداً بأن أمسك به الثاني والثالث وطعنه الأول بسكين في صدره قاصدين قتله فحدثت به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته وذلك مع سبق الإصرار، وأن الأول شرع في قتل عبد الغفار أحمد كامل عمداً بأن طعنه بسكين في صدره قاصداً قتله فأحدث به الإصابة المبينة بالتقرير الطبي ولم تتم الجريمة لسبب خارج عن إرادته وهو إسعاف المجني عليه بالعلاج وذلك مع سبق الإصرار، وأن الثالث ضرب عبد الغفار أحمد كامل فأحدث به الإصابة المبينة بالتقرير الطبي والتي نشأت عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي إعاقة جزئية في نهاية المفصل السلامي العلوي لخنصر يده اليسرى تقلل من قدرته على العمل بنحو واحد في المائة وذلك مع سبق الإصرار، وقد أحيل المتهمون إلى محكمة جنايات طنطا بهذا الوصف فقضت في 6 من فبراير سنة 1952 بمعاقبة الطاعن الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وبمعاقبة كل من الطاعنين الثاني والثالث بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنين عن التهم المسندة إليهم طبقاً لأمر الإحالة بعد أن استبعدت ظرف سبق الإصرار وألزمتهم بأن يدفعوا للمدعي بالحق المدني بصفته مبلغ خمسمائة جنيه والمصاريف المدنية وألف قرش أتعاباً للمحاماة. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض فقضت هذه المحكمة في 2 من فبراير سنة 1953 بنقض الحكم وإحالة القضية إلى محكمة جنايات طنطا للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى، ولما أعيدت المحاكمة عدلت النيابة وصف التهمة في الجلسة على اعتبار الطاعنين الثلاثة فاعلين أصليين في التهم الثلاث مع سبق الإصرار، وقد تمت المحاكمة على أساس الوصف الجديد وقضى الحكم المطعون فيه ببراءة الطاعنين الثلاثة من تهمة القتل العمد وبمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنين عن تهمتي الشروع في القتل وإحداث العاهة وبرفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها المصروفات. لما كان ذلك، وكان القانون قد أوجب لصحة رفع الدعوى في الجنايات أن تحال إلى محاكم الجنايات من غرفة الاتهام أو من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية وفقاً لما نصت عليه المادة 373 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان نقض الحكم يعيد الدعوى أمام محكمة الإحالة إلى حالتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض ويقتضي ذلك أن تجرى المحاكمة في الدعوى على أساس أمر الإحالة الأصيل. لما كان ذلك، وكانت النيابة العامة حين عدلت التهم المسندة إلى الطاعنين أمام محكمة الإحالة قد أسندت إليهم تهماً جديدة لم ترد في أمر الإحالة وتمت المحاكمة على هذا الأساس وانتهت بإدانة الطاعنين عن تهم لم تكن مسندة إليهم في أمر الإحالة ولم ترفع عليهم الدعوى الجنائية عنها بالطريق الذي رسمه القانون فدانت المحكمة الطاعن الثاني عن تهمتي الشروع في القتل وإحداث العاهة ودانت الطاعن الثالث عن تهمة الشروع في القتل ولم يكن قد أسند إلى أيهما شيء من ذلك من قبل - كما دانت الطاعن الأول عن تهمة جديدة هي إحداث العاهة. لما كان ذلك، وكان لا يمكن القول بأن المحكمة استعملت حق التصدي للدعوى الجنائية المنصوص عليه في المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية لأنه لا يترتب على استعمال هذا الحق غير تحريك الدعوى أمام سلطة التحقيق أو أمام المستشار المندوب لتحقيقها من بين أعضاء المحكمة ويكون بعدئذ للجهة التي تجري التحقيق حرية التصرف في الأوراق حسب ما يتراءى لها. لما كان ذلك كله، وكان لا يغير من هذا النظر القول بأن الدفاع عن الطاعنين قبل المرافعة في الدعوى بعد تعديل الوصف ولم يحصل منه اعتراض على توجيه التهم الجديدة إلى الطاعنين بالجلسة لأن هذا التعديل وقع على ما سلف القول مخالفاً للقانون وفي أمر يتعلق بالنظام العام لاتصاله بأصل من أصول المحاكمات الجنائية أرسى الشارع قواعدها على أساس قويم يستهدف تحقيق العدالة وحسن توزيعها.
وحيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد جاء مشوباً بالبطلان مما يعيبه ويوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق