جلسة 14 من مارس سنة 1960
برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان، ورشاد القدسي المستشارين.
-------------------
(50)
الطعن رقم 1608 لسنة 29 القضائية
(1) تزوير.
المحرر الرسمي: مناط رسميته. تحريره من موظف عمومي. إيصالات توريد القمح لشونة بنك التسليف ودفتر الشونة. هما من قبيل المحررات العرفية. علة ذلك.
(2) دعوى مدنية.
الخطأ في وصف التهمة لا يمس الدعوى المدنية التي توافرت عناصرها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن والمتهم الثاني بأنهما: اشتركا بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع آخرين في تزوير استمارات وإيصالات توريد حيازة القمح بطريق الاصطناع، وقد نسبوا صدورها زوراً من أمين شونة بنك التسليف (بالبرجاية) تتضمن توريد كميات القمح المبينة بها لهذا الفرع ووضعوا على كل منها إمضاءً مزوراً نسبوها كذباً لأمين الشونة وكذلك وضعوا على كل منها بصمة ختم مزور لبنك التسليف الزراعي التعاوني ( شونة البرجاية)، والطاعن استعمل هذه الإيصالات المزورة بأن قدمها لآخر لكي يدلل على توريد كميات القمح الواردة بها لبنك التسليف الزراعي، والمتهم الثاني وآخرين اشتركوا بطريق التحريض والاتفاق مع المتهم الأول في استعمال هذه الإيصالات فوقعت الجريمة بناءً على ذلك، والطاعن مع آخرين توصلوا بالاحتيال إلى الاستيلاء على المبالغ المبينة بالمحضر والمملوكة للمجني عليهم بأن اتخذ الطاعن كذباً صفة وكيل دائرة، يسعه أن يورد كميات القمح هذه للبنك، ووافقه الآخرون الذين اتخذوا صفة موظفي البنك بشونة البرجاية على أنه قام بتوريدها فعلاً واستعانوا جميعاً على تأييد زعمهم بتقديم الإيصالات المزورة. وطلبت من غرفة الاتهام إحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 40/ 1 - 2 - 3 و41 و206 و211 و215 و336 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك. وادعى محمد السمان بمبلغ مائة جنيه تعويضاً مؤقتاً قبل المتهمين متضامنين. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من الطاعن والمتهم الثاني بالسجن لمدة سبع سنين وإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعي بالحق المدني التعويض المطلوب والمصاريف المدنية وأتعاب المحاماة.
فطعن المتهم الأول في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ حين اعتبر استمارات الحيازة وإيصالات توريد الحيازة واصطناع أختام مزورة لبنك التسليف الزراعي (شونة البرجاية) وتزوير إمضاء أمين الشونة التابعة لبنك التسليف من الأوراق الرسمية، لأن بنك التسليف التعاوني الزراعي ما هو إلا مؤسسة تجارية وجميع أوراقه من استمارات أو إيصالات تعتبر أوراقاً عرفية وموظفوه لا يعتبرون موظفين عموميين وأختامه لا تعتبر أختام إحدى الجهات الحكومية، لأن له شخصية معنوية قائمة بذاتها وله أمواله الخاصة وموظفوه يتناولون مرتباتهم من تلك الأموال التي لا تعتبر أموالاً أميرية. والموظف الحكومي المقصود في الفقرة الرابعة من المادة 206 عقوبات هو الموظف الحكومي الذي يخضع لجهة حكومية، كما أن المقصود بكلمة "كل صاحب وظيفة عمومية" المشار إليها في المادة 211 عقوبات - كل شخص مكلف من قبل السلطة العامة بصفة دائمة أو مؤقتة بتحرير الأوراق الموكول إليه تحريرها وإعطائها الصبغة الرسمية، وما كان موظفو بنك التسليف الزراعي التعاوني مكلفين بإعطاء الصبغة الرسمية للأوراق التي يقومون بتحريرها، يضاف إلى ذلك أن بنك التسليف الزراعي له - طبقاًً للمرسومين بقانون رقمي 243، 244 لسنة 1952 أن يقرض أموالاً من الحكومة أو تضمنه الحكومة في الإقراض من الغير، وتأسيساً على ذلك لا يسري في حق الطاعن حكم المادة 212 عقوبات والواقع أن التزوير في استمارات البنك المعدة لإقراض المزارعين نقوداً مقابل رهن محصولاتهم لدى البنك المذكور - هذا التزوير له عقوبة خاصة كان منصوصاً عليها في الأمر العسكري رقم 253 لسنة 1942 في مادته الأولى وهي عقوبة جنحة، ثم صدر بعد ذلك قرار وزير التموين رقم 633 لسنة 1945 ونص بالمادة السابعة منه على نفس العقوبات التي نصت عليها المادة الأولى من الأمر العسكري السالف الذكر، يضاف إلى ذلك أن مرافعة المدافع عن الطاعن لم تتناول إطلاقاً القوانين والقرارات الخاصة بالتهمتين الموجهتين إليه وبحث ارتكاب التزوير في المحررات العرفية ومدى تطبيق المادة 211 عقوبات مع عدم وجود موظف رسمي متهم في الدعوى. كما أن الحكم أخطأ في قضائه بالتعويض على أساس أن الواقعة جناية وهي في حقيقتها جنحة لها عقوبة خاصة.
وحيث إن واقعة الدعوى - كما حصلها الحكم المطعون فيه تتحصل في "إنه في خلال شهر فبراير سنة 1951 عهد بعض أهالي المنشاة وأخميم إلى محمد السمان تاجر الغلال باخميم أن يورد نيابة عنهم كميات القمح المطلوب منهم توريدها للحكومة في نظير عمولة يتقاضاها منهم نظراً لعدم توفر الغلال لديهم - وقد بلغ مجموع تلك الكميات حوالي 147 أردباً و4 كيلات من القمح فأخذ محمد السمان بدوره في البحث عن شخص يمكنه أن يقوم بتوريد تلك الكمية إلى أن تقابل مع المتهم الثاني عبد العزيز جاد كيلاني في بندر ملوي وما أن أبدى رغبته هذه حتى رآها فرصة سانحة لابتزاز مال الرجل والاحتيال عليه فاتصل بالمتهم الأول - الطاعن - يوسف مرقص كتكوت واتفق معه على أن ينتحل شخصية وكيل إحدى الدوائر ويظهر استعداده أمام محمد السمان لتوريد كمية القمح المطلوبة ويتعاقد معه على ذلك. وفعلاً تم له ما أراد إثر جمعهما معاً في مقهى ببندر المنيا وتسمى المتهم الأول - الطاعن - باسم جرجس حنا منقريوس وكيل دائرة كبيرة بناحية البرجاية وأظهر استعداده لتوريد كمية القمح المطلوبة منه في شونة البرجاية وتم الاتفاق بينهما على ذلك وقام المجني عليه بدفع مبلغ سبعين جنيهاً كعربون بمقتضى إيصال على أن يقوم بدفع باقي المبلغ عند استلام الإيصالات الدالة على التوريد، وبعد بضعة أيام تمكن فيها المتهمان من تحرير 45 إيصالاً مزوراً تتضمن توريد كمية القمح المتفق على توريدها إلى شونة البرجاية كما أعدا دفتراً كبيراً مزوراً أرصدا فيه ما تحتويه الإيصالات من بيانات للمراجعة عليه لإيهام المجني عليه بصحة العملية وسلما الدفتر إلى مجهول تظاهر أمام المجني عليه بأنه من موظفي بنك التسليف وأن الدفتر في عهدته فقام المجني عليه بمراجعة الإيصالات على الدفتر بمساعدة المدعو عبد الحميد عبد الرحمن كفافه ولما اطمأن إلى حصول التوريد استرد منه الطاعن الإيصال الذي كان قد حرره على نفسه بمبلغ سبعين جنيهاً - العربون - كما قام المجني عليه بتسليمه مبلغ 90 جنيهاً على دفعتين وتعهد بدفع العشرة جنيهات الباقية إلى المتهم الثاني، ولكن اتضح فيما بعد أن القمح لم يورد للشونة ولما سأل المجني عليه المتهم الثاني في ذلك ادعى بأن التوريد قد تم فعلاً ولكنه حجز إخطار البنك بالتوريد حتى يتسلم العشرة جنيهات الباقية فقام المجني عليه بتسليمها إلى خليل مرسي الزناتي كأمانة لحين ثبوت التوريد. ولما لم يتم التوريد أخذ المجني عليه في البحث عن المتهم الأول إلى أن عثر عليه في بندر المنيا وعندئذ أمسك بتلابيبه وأراد أن يسوقه إلى مركز البوليس ولكن المتهم الثاني تدخل في الموضوع ومنع المجني عليه من التبليغ بدعوى الحرص على مستقبل الطاعن بوصفه موظفاً في إحدى الدوائر الكبيرة وأنه يتقاضى 18 جنيهاً شهرياً واكتفى بالحصول منه على إيصال وكمبيالة حررهما الطاعن بخطه أقر فيهما باستلامه مبلغ 170 جنيهاً ولما تحقق المجني عليه من أنه وقع فريسة لعملية نصب قام بها المتهمان قدم شكواه. ويتبين من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن الإيصالات جميعها مزورة بخط مجهول وأن الإيصال والكمبيالة المحررين بمبلغ 170 جنيهاً بخط الطاعن" - لما كان ما تقدم، وكانت واقعة التزوير على ما أثبته الحكم تنصب على اصطناع أحد وأربعين إيصالاً تثبت أن المجني عليهم قاموا بتوريد كميات القمح المطلوبة منهم للحكومة عن طريق شونة البرجاية التابعة لبنك التسليف الزراعي وقد نسب إلى أمين هذه الشونة توقيعات مزورة على هذه الإيصالات كما وضعت عليها أختام مزورة لبنك التسليف بحيث اتخذت بها مظهر الإيصالات الصحيحة، كما نسب إلى الطاعن الاشتراك في تزوير دفتر الشونة الخاص بإثبات بيان هذه الإيصالات فيه بطريق الاصطناع أيضاً، وكان يشترط لكي يعتبر تزوير هذه الإيصالات وهذا الدفتر جناية تزوير في أوراق رسمية أن يكون محررها موظفاً عمومياً وكان لا جدال في أن أمين الشونة المختص بتحرير مثل تلك الإيصالات وهذا الدفتر ليس موظفاًًً عمومياًً لأنه يتبع بنك التسليف الزراعي وهو ليس هيئة حكومية فإن الحكم المطعون فيه يكون قد جانب الصواب في تطبيقه القانون على هذه الواقعة حين اعتبرها جناية تزوير في أوراق رسمية مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعن والمتهم الثاني لأن موضوع التهمة المسندة إليهما واحداً غير قابل للتجزئة وتصحيح الحكم فيما قضى به في الدعوى الجنائية واعتبار الواقعة جنحة منطبقة على المواد 40/ 2 و3 و41 و215 و336 من قانون العقوبات ومعاقبة الطاعن والمتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنتين بدلاً من العقوبة المقضي بها.
ولما كان الخطأ في وصف التهمة ليس من شأنه المساس بالدعوى المدنية التي توافرت عناصرها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق