جلسة 17 من إبريل سنة 1976
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ أحمد ثابت عويضة نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد صلاح الدين السعيد، ومحمود طلعت الغزالي، وجمال الدين إبراهيم وريده، ومحمد نور الدين العقاد - المستشارين.
----------------
(48)
القضية رقم 1368 لسنة 18 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - مرتب - وقف عن العمل - اختصاص - سلطة تقديرية
- اختصاص المحكمة التأديبية في تقرير صرف أو عدم صرف نصف المرتب الموقوف صرفه - المحكمة التأديبية في هذا الصدد قرارها بحسب ظروف الحالة المعروضة وملابساتها - سلطة المحكمة التأديبية في هذا الشأن سلطة تقديرية تخضع لضوابط تتصل بالصالح العام كظروف العامل المالية ومركزه الوظيفي ومدى جدية أو خطورة الاتهام الذي ينسب إليه - مثال - إذا كانت الإدارة قد تحركت إلى إصدار قرار وقف أحد العاملين بناء على مذكرة تضمنت وقائع ليس فيها ما يمس الذمة أو الأمانة أو يفقد الصلاحية للوظيفة العامة وكان الثابت أنه ليس للعامل المذكور مورد سوى مرتبه الذي يعتمد عليه فإن وقف صرف نصف مرتبه، وهو يشغل وظيفة قيادية، أمر لا يقتضيه الصالح العام - القرار المطعون فيه وقد ذهب غير هذا المذهب يكون قد خالف القانون ويتعين لذلك القضاء بإلغائه والحكم بصرف ما أوقف صرفه من مرتب العامل مدة وقفه احتياطياً عن العمل.
--------------------
إن الثابت من الأوراق أن السيد مدير مكتب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات قدم مذكرة مؤرخة 28 من يونيه سنة 1972 إلى السيد المهندس رئيس الجهاز عنونها بعبارة "تصرفات أتاها السيد وكيل الجهاز ورئيس الإدارة المركزية للرقابة المالية على الهيئات والمؤسسات تثير المسئولية وتفرض فحص مدى بعدها عن الشرعية "وقد استهل هذه المذكرة بما حاصله أن السيد/ ...... وكيل الجهاز أسند إليه الإشراف على الإدارة المركزية للرقابة المالية على الهيئات والمؤسسات ووحدات القطاع العام، وأن تتبع مجريات العمل، وما يتم عرضه من تقارير دورية وسنوية قد أثار الخواطر واستدعى الأمر ضرورة فحص شرعية بعض التصرفات وإحاطة السلطات العليا بالجهاز بخطورتها لتحديد المسئولية بشأنها، وقد كشف الفحص أن كل التصرفات المشوبة التي أثارها السيد وكيل الجهاز مردها ما يتمتع به من سلطة مطلقة أخذت تنمو مع الزمن أدت به إلى أن يستعمل السلطات التي أتاحها له القانون والسلطة المسئولة عن القيادة الإدارية والفنية بالجهاز في تنفيذ أعمال وتطلعات بعيدة عن المصلحة العامة - وسرد مقدم المذكرة بعض تلك التصرفات منها التمرد والاستهانة بتوجيهات السلطات العليا وعدم تنفيذه أوامر الرئيس السابق للجهاز، وإصداره تعليمات وقرارات دون الرجوع إلى السلطات العليا وفى ذات الوقت كان يرفض تنفيذ بعض قرارات الجهاز، ومضى مقدم المذكرة موضحاً أن السيد وكيل الجهاز بوصفه أميناً لوحدة الاتحاد الاشتراكي بالجهاز أصدر منشوراً من شأنه أن يثير الفتنة والشغب بالجهاز وأن يضر بمصلحة العمل، يعتبر سلوكاً وظيفياً شائناً ويتطلب
مساءلته تأديبياً وإحالته إلى التحقيق. وقد أشر السيد المهندس رئيس الجهاز على هذه المذكرة بوقف السيد/ ...... عن العمل وإحالته إلى التحقيق وتشكيل لجنة للتحقيق يكون لها حق سؤال من تراه، وصدر بذلك قرار رئيس الجهاز رقم 232 لسنة 1972 في 8 من يوليه سنة 1972، كما صدر القرار رقم 277 لسنة 1972 في 31 من يوليه سنة 1972 بتشكيل لجنة التحقيق.
ومن حيث إن اختصاص المحكمة التأديبية في تقرير صرف أو عدم صرف نصف المرتب الموقوف صرفه مرده - حسبما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - إلى حكم القانون الذي لم يقيد اختصاصها في هذا الشأن بصحة أو بطلان القرار الصادر من الجهة الإدارية بالوقف بداءة، إذ أن هذا الأمر هو بذاته المعروض على المحكمة التأديبية لتصدر قرارها فيه فيتحدد مركز العامل الموقوف عن العمل بصدد ما أوقف صرفه من مرتبه، والمحكمة التأديبية في هذا الصدد، تصدر قرارها بحسب ظروف الحالة المعروضة وملابساتها، فتقرر صرف أو عدم صرف نصف المرتب الموقوف صرفه، ولئن كانت سلطة المحكمة التأديبية في هذا الشأن سلطة تقديرية إلا أن هذه السلطة - شأنها شأن أي سلطة تقديرية أخرى - تخضع لرابط تتصل بالصالح العام كظروف العامل المالية ومركزه الوظيفي ومدى جدية أو خطورة الاتهام الذي ينسب إليه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق - على ما سلف الإيضاح - أن الإدارة تحركت إلى إصدار قرار وقف الطاعن عن العمل بناء على المذكرة التي قدمها مدير مكتب السيد المهندس رئيس الجهاز، وهي مذكرة تضمنت وقائع لم تكن استخلاصاً لتقارير قدمت أو شكايات وردت للجهاز وتم فحصها، فضلاً عن أن هذه الوقائع التي ساقها مقدم المذكرة ليس فيها ما يمس الذمة أو الأمانة أو يفقد الطاعن الصلاحية للوظيفة العامة، وإذا كان ذلك ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أنه ليس للطاعن مورد سوى مرتبه الذي يعتمد عليه في إعالة أسرته والحفاظ على وضعه الاجتماعي المتصل بالوظيفة التي يشغلها، فإن وقف صرف نصف مرتب الطاعن وهو يشغل وظيفة قيادية في الجهاز - في ضوء الظروف والملابسات المشار إليها - أمر لا يقتضيه دواعي الصالح العام، وإذ ذهب القرار المطعون فيه غير هذا المذهب يكون خالف القانون، ويتعين لذلك القضاء بإلغائه والحكم بصرف ما أوقف صرفه من مرتبه - الطاعن - مدة وقفه احتياطياً عن العمل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق