جلسة 11 من يوليو سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / هاني مصطفى كمال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حمدي ياسين، إبراهيم عبد الله، علي عبد البديع وعبد النبي عز الرجال نواب رئيس المحكمة .
----------------
(76)
الطعن رقم 4156 لسنة 82 القضائية
(1) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . جريمة " أركانها " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
تناقض الشاهد في بعض التفاصيل . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بالتحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . لها الأخذ بما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه . علة ذلك ؟
آلة الاعتداء . ليست ركناً من أركان الجريمة .
مثال .
(2) إثبات " شهود " .
حرمان شخص من أداء الشهادة طبقاً لنص المادة 25 عقوبات . شرطه ؟
عدم سريان نص المادة 25 عقوبات على المُبلغ الذي لم يُحكم عليه بعقوبة جناية ولم يؤد الشهادة أمام المحكمة .
(3) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بنفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
للمحكمة الإعراض عن قالة شهود النفي . ما دامت لا تثق فيما شهدوا به . قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها . مفاده : اطراحها .
(5) إثبات " شهود " " خبرة " .
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني . غير لازم . كفاية أن يكون الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق .
مثال .
(6) ضرب " ضرب أحدث عاهة " . جريمة " أركانها " .
العاهة المستديمة في مفهوم المادة 240 /1 عقوبات . ماهيتها ؟
سلامة العين قبل الإصابة ثم إصابتها بضعف يستحيل برؤه أو أن تكون منفعتها قد فقدت فقداً كلياً . كفايته لتوافر العاهة المستديمة . نعي الطاعن بضعف قوة إبصار العين قبل الإصابة . لا أثر له في قيام الجريمة . شرط ذلك ؟
مثال .
(7) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . عقوبة " العقوبة المبررة " . نقض " المصلحة في الطعن " " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير . موضوعي .
لمحكمة الموضوع الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره . ما دامت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها .
أخذ الحكم بدليل احتمالي . غير قادح فيه . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
لا مصلحة للطاعن في النعي بأن الواقعة ليست جناية عاهة . ما دامت العقوبة المقضي بها تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة الضرب البسيط .
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها وكان تناقض الشاهد في بعض التفاصيل بفرض صحة وجوده لا يعيب الحكم مادام قد استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته ، وإذ كان ما حصله الحكم من أقوال المجنى عليه قد خلا من شبهة أي تناقض كما أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ولها أن تجزئها فتأخذ منها ما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير الدليل وكان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى أقوال المجنى عليه المؤيدة بتحريات الشرطة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل هذا فضلاً عن أن آلة الاعتداء ليست من أركان الجريمة الجوهرية ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد .
2- لما كان يشترط لحرمان الشخص من أداء الشهادة وفقاً لنص المادة 25 من قانون العقوبات أن يكون محكوماً عليه بعقوبة جنائية وأن يكون أداء الشهادة أمام المحاكم ، وكان المبلغ لم يحكم عليه بعقوبة جنائية كما أنه لم يؤد شهادته أمام المحكمة وإنما أمام النيابة العامة ، فإن نص المادة 25 المار ذكرها لا يمر عليه حكمها ، ويكون ما جاء في هذا المنحى غير سديد .
3- لما كان الدفع بعدم الوجود على مسرح الحادث مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
4- لما كان لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي مادامت لا تثق بما شهدوا به ، وهى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم مادامت لم تستند إليها ، وفى قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها ، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول .
5- من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، وكان الدليل المستمد من أقوال المجني عليه التي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل المستمد من التقرير الطبي الشرعي ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس .
6- من المقرر أن العاهة المستديمة بحسب المستفاد من الأمثلة التي ضربتها المادة 240/1 من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو في وظيفته كلها أو بعضها بصفة مستديمة وكان يكفى لتوافر العاهة المستديمة - كما هي معرفة به في القانون - أن تكون العين سليمة قبل الإصابة وأن تكون قد أصيبت بضعف يستحيل برؤه أو أن تكون منفعتها قد فقدت فقداً كلياً حتى ولو لم يتيسر تحديد قوة الإبصار قبل الإصابة وكانت المحكمة قد اطمأنت من واقع التقرير الطبي الشرعي وعناصر الإثبات التي أوردتها أن الإصابة التي أحدثها الطاعن بالمجنى عليه قد خلفت له عاهة مستديمة هي ضعف إبصار العين اليمنى تقدر نسبتها بحوالي 5.74% ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من ضعف قوة إبصار هذه العين أصلاً لا يؤثر في قيام أركان الجريمة مادام أنه لم يدع في مرافعته أن تلك العين كان قوة أبصارها 5.74% من قبل الإصابة المنسوب إليه إحداثها مما يضحى منعاه في هذا الخصوص غير مقبول.
7- لما كان الحكم قد اثبت أن إصابة المجني عليه التي نشأت عنها العاهة حدثت من الاعتداء عليه بجسم صلب ذو حافة حادة نوعاً أياً كانت ويجوز حصولها من أداه " مقص حديد " أخذاً من أقوال المجني عليه المؤيدة بتحريات الشرطة وبما جاء بالتقرير الطبي الشرعي الذى أطمأن إليهم في حدود سلطته التقديرية ، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها ، كما أن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره ، كما أن أخذ الحكم بدليل احتمالي غير قادح فيه مادام قد أسس الإدانة على اليقين ، والبين من مدونات الحكم أنه انتهى إلى بناء الإدانة على يقين ثبت لا على افتراض لم يصح ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل المستمد من تقرير الطبيب الشرعي مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره في هذا الخصوص طالما أن العقوبة المقضي بها عليه هي الحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة مقررة لجريمة الضرب البسيط المنطبق على المادة 242 /1 من قانون العقوبات .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
1- ضرب المجني عليه .... بالسلاح الأبيض موضوع التهمة الثانية على عينه اليمنى فأحدث إصابته الموصوفة بالتقرير الطب الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها ، هي ضعف الإبصار بالعين اليمنى وتقدر بنحو 5.74 % على النحو المبين بالتحقيقات .
2- أحرز بغير ترخيص وبغير مسوغ من ضرورة شخصية أو حرفية سلاحاً أبيض " مقص حديد " .
وأحالته لمحكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الورادين بأمر الإحالة .
والمحكمة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات ، والمادتين 1/1 ، 25 مكرر/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبند رقم 7 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 وبعد تطبيق وإعمال المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إحداث عاهة مستديمة وإحراز سلاح أبيض دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه أعتمد في الإدانة على أقوال المجني عليه وشهوده رغم عدم معقولية تصويرهم للواقعة وتناقضها مع بعضها ومع تحريات الشرطة في شأن آلة الاعتداء بما يبعث على الشك فيها خاصة وأن المجني عليه متهم في قضية جنائية وأن الطاعن نفى تواجده على مسرح الحادث ملتفتاً عن قالة شاهد النفي في هذا الشأن ، كما لم يعرض الحكم لما قام عليه دفاع الطاعن من التناقض بين الدليل القولي والفني ، والتفت عن دفاعه من أن المجنى عليه كان يعاني من ضعف الإبصار بالعين اليمنى في تاريخ سابق على الواقعة وقدم دليلاً على ذلك شهادة من القومسيون الطبي تفيد ذلك ولم تعرض له المحكمة إيراداً أو رداً ، فضلاً عن أن التقرير الطبي الشرعي قد بنى على الظن والاحتمال إذ اعتمد على أوراق ومستندات غير رسمية مقدمة من أهلية المجنى عليه في ثبوت العاهة دون توقيع الكشف الطبي الشرعي على المجني عليه والجزم بنوع الأداة المستخدمة في إحداث العاهة ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها وكان تناقض الشاهد في بعض التفاصيل بفرض صحة وجوده لا يعيب الحكم مادام قد استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته ، وإذ كان ما حصله الحكم من أقوال المجني عليه قد خلا من شبهة أي تناقض كما أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ولها أن تجزئها فتأخذ منها ما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير الدليل ، وكان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى أقوال المجني عليه المؤيدة بتحريات الشرطة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل هذا فضلاً عن أن آلة الاعتداء ليست من أركان الجريمة الجوهرية ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان يشترط لحرمان الشخص من أداء الشهادة وفقاً لنص المادة 25 من قانون العقوبات أن يكون محكوماً عليه بعقوبة جنائية وأن يكون أداء الشهادة أمام المحاكم ، وكان المبلغ لم يحكم عليه بعقوبة جنائية كما أنه لم يؤد شهادته أمام المحكمة وإنما أمام النيابة العامة ، فإن نص المادة 25 المار ذكرها لا يمر عليه حكمها ، ويكون ما جاء في هذا المنحى غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الدفع بعدم الوجود على مسرح الحادث مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي مادامت لا تثق بما شهدوا به ، وهى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم مادامت لم تستند إليها ، وفى قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها ، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، وكان الدليل المستمد من أقوال المجني عليه التي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل المستمد من التقرير الطبي الشرعي فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن العاهة المستديمة بحسب المستفاد من الأمثلة التي ضربتها المادة 240 /1 من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو في وظيفته كلها أو بعضها بصفة مستديمة وكان يكفي لتوافر العاهة المستديمة - كما هي معرفة به في القانون - أن تكون العين سليمة قبل الإصابة وأن تكون قد أصيبت بضعف يستحيل برؤه أو أن تكون منفعتها قد فقدت فقداً كلياً حتى ولو لم يتيسر تحديد قوة الإبصار قبل الإصابة وكانت المحكمة قد اطمأنت من واقع التقرير الطبي الشرعي وعناصر الإثبات التي أوردتها أن الإصابة التي أحدثها الطاعن بالمجني عليه قد خلفت له عاهة مستديمة هي ضعف إبصار العين اليمنى تقدر نسبتها بحوالي 5.74% ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من ضعف قوة إبصار هذه العين أصلاً لا يؤثر في قيام أركان الجريمة مادام أنه لم يدع في مرافعته أن تلك العين كان قوة أبصارها 5.74% من قبل الإصابة المنسوب إليه إحداثها ، مما يضحى منعاه في هذا الخصوص غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد اثبت أن إصابة المجني عليه التي نشأت عنها العاهة حدثت من الاعتداء عليه بجسم صلب ذو حافة حادة نوعاً أياً كانت ويجوز حصولها من أداه " مقص حديد " أخذاً من أقوال المجنى عليه المؤيدة بتحريات الشرطة وبما جاء بالتقرير الطبي الشرعي الذى أطمأن إليهم في حدود سلطته التقديرية ، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها ، كما أن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره ، كما أن أخذ الحكم بدليل احتمالي غير قادح فيه مادام قد أسس الإدانة على اليقين ، والبين من مدونات الحكم أنه انتهى إلى بناء الإدانة على يقين ثبت لا على افتراض لم يصح ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل المستمد من تقرير الطبيب الشرعي مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره في هذا الخصوص طالما أن العقوبة المقضي بها عليه هي الحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة مقررة لجريمة الضرب البسيط المنطبق على المادة 242/1 من قانون العقوبات . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق