باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من مايو سنة 2024م،
الموافق الخامس والعشرين من شوال سنة 1445ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد
الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن
سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري
رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 30 لسنة 45
قضائية منازعة تنفيذ
المقامة من
وائل إبراهيم محمد حسن
ضد
1 - فادي جان رامز أمين
2 - وزير الصحة
3 - مدير إدارة الصيدلة بمديرية الشئون الصحية ببني سويف
4 - مدير إدارة التراخيص بالإدارة المركزية للصيدلة
5 - وكيل وزارة الصحة ببني سويف
6 - محافظ بني سويف
----------------
" الإجراءات "
بتاريخ العشرين من أغسطس سنة 2023، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم
كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم؛ بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة
الدستورية العليا الصادر بجلسة 3/ 6/ 2017، في الدعوى رقم 185 لسنة 35 قضائية
دستورية، وعدم الاعتداد بحكم محكمة القضاء الإداري ببني سويف - الدائرة 33 أفراد -
الصادر بجلسة 19/ 6/ 2022، في الدعوى رقم 1849 لسنة 8 قضائية، المؤيد بحكم المحكمة
الإدارية العليا الصادر بجلسة 24/ 6/ 2023، في الطعن رقم 80450 لسنة 68 قضائية
عليا.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وقدم المدعى عليه الأول مذكرة، طلب فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدم المدعى عليه
الأول مذكرة، طلب فيها الحكم بعدم قبول الدعوى، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة
اليوم.
----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق, والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق -
في أن المدعي يمتلك صيدلية كائنة بشارع 23 يوليو، ببندر بني سويف، وأن إدارة
الصيدلة ببني سويف أصدرت قرارًا بنقل الصيدلية المرخصة برقم (55) من العقار رقم 93
شارع إسلام ببني سويف، إلى العقار رقم 40 بشارع 23 يوليو ببندر بني سويف؛ بسبب هدم
العقار المنقولة منه هذه الصيدلية، دون التقيد بشرط المسافة المقرر بنص المادة
(30) من القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة، طعن المدعي على هذا
القرار أمام محكمة القضاء الإداري ببني سويف - الدائرة 33 أفراد - بالدعوى رقم
1849 لسنة 8 قضائية، طالبًا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء ذلك القرار مع ما يترتب على
ذلك من آثار. وبجلسة 19/ 6/ 2022، قضت المحكمة برفض الدعوى. طعن المدعي على الحكم
أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 80450 لسنة 68 قضائية عليا، وبجلسة 24/
6/ 2023، قضت المحكمة برفض الطعن. وإذ ارتأى المدعي أن ذلك الحكم يُعد عقبة في
تنفيذ الحكم الصادر بجلسة 3/ 6/ 2017، في الدعوى رقم 185 لسنة 35 قضائية دستورية،
بعدم دستورية استثناء نقل الصيدلية العامة، في حالة الهدم، من شرط المسافة؛ فقد
أقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ أن يكون
تنفيذ الحكم القضائي لم يتم وفقا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق
تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل، تبعًا لذلك، أو تقيد
اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان؛ ومن ثم تكون عوائق
التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ التي تتوخى في غايتها النهائية
إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا
يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته
السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صادر في دعوى دستورية، فإن
حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي احتواها، والآثار المتولدة عنها، هي
التي تحدد جميعها شكل التنفيذ، وتبلور صورته الإجمالية، وتعين كذلك ما يكون لازمًا
لضمان فاعليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من
قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لإزاحة عوائق التنفيذ التي تعترض
أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الكافة، دون تمييز، بلوغًا للغاية
المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن
تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها،
أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها
ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل
تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعد
طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن مفاد نص المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا
الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 معدلاً بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168
لسنة 1998، أنه ما لم تحدد المحكمة تاريخًا لنفاذ أحكامها، فإن الأصل أن قضاءها
بعدم الدستورية المتعلق بنص غير جنائي - عدا النصوص الضريبية - يكون له أثر رجعي
ينسحب إلى الأوضاع والعلائق التي يتصل بها ويؤثر فيها، حتى ما كان سابقًا على نشره
بالجريدة الرسمية، ما لم تكن الحقوق والمراكز القانونية التي ترتبط بها قد استقر أمرها
بناء على حكم قضائي بات صدر قبل قضاء المحكمة الدستورية العليا.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 3/ 6/ 2017، في الدعوى
رقم 185 لسنة 35 قضائية دستورية، بعدم دستورية عجز البند (3) من المادة (14) من
القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة، المستبدل بالقانون رقم 7
لسنة 1956، فيما تضمنه من استثناء نقل الصيدلية العامة في حالة الهدم من مراعاة
شرط المسافة المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة (30) من القانون ذاته. وقد
نُشر الحكم في العدد رقم 23 مكرر (ج) من الجريدة الرسمية بتاريخ 13/ 6/ 2017.
وحيث كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن الحكم الصادر من محكمة
القضاء الإداري ببني سويف - الدائرة 33 أفراد - بجلسة 19/ 6/ 2022، في الدعوى رقم
1849 لسنة 8 قضائية، المؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 24/ 6/
2023، في الطعن رقم 80450 لسنة 68 قضائية عليا، قد التزما حجية حكم محكمة القضاء
الإداري ببني سويف - الدائرة الأولى - بجلسة 21/ 2/ 2016، في الدعوى رقم 1938 لسنة
2 قضائية، المقامة طعنًا على قرار إدارة الصيدلة ببني سويف بنقل الصيدلية المرخصة
برقم (55) إلى العقار رقم 40 شارع 23 يوليو ببندر بني سويف، الذي قضى برفض الدعوى،
وصار باتًّا لعدم الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، كاشفًا بذلك عن
استقرار المراكز القانونية ومحصنًا قرار السلطة المختصة بنقل الصيدلية من الطعن
عليه بأي طريق من طرق الطعن، وذلك قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه،
وهو ما ينحسر عنه بالتالي مجال إعمال أثر الحكم الصادر في الدعوى رقم 185 لسنة 35
قضائية دستورية. ومن ثم، فإن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم
1849 لسنة 8 قضائية، المؤيد بحكم من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 80450
لسنة 68 قضائية عليا، لا يُعد عقبة تحول دون تنفيذ قضاء المحكمة الدستورية العليا
المشار إليه.
ولا ينال مما تقدم، ما نعى به المدعي من أن حكم محكمة القضاء الإداري
ببني سويف الصادر بجلسة 21/ 2/ 2016، في الدعوى رقم 1938 لسنة 2 قضائية، الذي
استند إليه حكما محكمة القضاء الإداري، والمحكمة الإدارية العليا، المصوران عقبة
في التنفيذ، لا يمكن الاعتداد بحجيته في مواجهته، لأنه لم يكن خصمًا فيه، ذلك أن
الخصومة في دعوى الإلغاء هي خصومة عينية وليست شخصية، فضلًا عن أن هذا النعي ينحل
إلى طعن على حكمي محكمتي القضاء الإداري والإدارية العليا السالفي الذكر، يخرج
البت فيه عن ولاية هذه المحكمة، كونها لا تُعد جهة طعن في الأحكام الصادرة من جهات
القضاء؛ مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى المعروضة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائتي
جنيه مقابل أتعاب المحاماة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق