جلسة 8 من مارس سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / عمر بريك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد العكازي، عبد الله فتحي وحسين حجازي نواب رئيس المحكمة ومحمد وئام عبد الله .
-------------------
(40)
الطعن رقم 31825 لسنة 85 القضائية
قانون " تفسيره " . عقوبة " سقوطها " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " .
المواد 394 و 395 و 528 و 529 و 532 إجراءات جنائية . مفادها ؟
سقوط العقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها غيابياً في جناية بمضي مدة عشرين سنة تبدأ من تاريخ صدور الحكم . تواجد المحكوم عليه خارج البلاد . أثره : وقف سريان هذه المدة .
رفض الحكم الدفع بسقوط العقوبة بمضي المدة لمجرد حمل الطاعن جواز سفر صادر من دولة أخرى وتواجده بالخارج لمدة لم يحددها . قصور وفساد وإخلال بحق الدفاع يوجب نقضه والإعادة . علة وأثر ذلك ؟
مثال لرد غير سائغ من الحكم على الدفع بسقوط العقوبة بمضي المدة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان الحكم المطعون فيه عرض للدفع بسقوط العقوبة المحكوم بها غيابيًا واطرحه بأن أورد نص المادتين 528، 532 من قانون العقوبات الجنائية، ثم أردف قائلًا " وكان الثابت بالأوراق أن الحكم الغيابي الصادر على المتهم كان بتاريخ 6/12/1981 وكان المتهم قد قبض عليه بتاريخ 15/4/2012 قادمًا من دولة الأردن بجواز سفر رقم .... صادر الأردن عام 2009 وكان الثابت من الأوراق أيضًا الصادرة من وزارة الخارجية أن المتهم يحمل جواز سفر رقم .... صادر من الأردن عام 2002 ولم يستدل به على ثمة تحركات ، كما أن الثابت من كتاب وزارة الخارجية المرفق بالكشف عن اسم المتهم من واقع المصادر المتاحة لمصلحة الجوازات والهجرة والتي تبدأ من عام 1992 أنه لم يستدل له على مغادرة وبأن المتهم لم يقدم في دفعه ما يدل عليه ، الأمر الذي تستنتج معه المحكمة بحكم اللزوم العقلي والمنطقي بالنظر إلى ظروف الحال والعرف والمستندات آنفة البيان أن المتهم كان خارج البلاد قبل اكتمال مدة التقادم المدفوع بها الأمر الذي يتعين معه والحال كذلك الالتفات عن الدفع المذكور" . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وكان قانون الإجراءات الجنائية في الفصل الثالث من الباب الثاني الذي بسط الإجراءات التي تتبع في مواد الجنايات في حق المتهمين الغائبين ، قد نص في المادة 394 على أنه " لا يسقط الحكم الصادر غيابيًا من محكمة الجنايات بمضي المدة وإنما تسقط العقوبة المحكوم بها ويصبح الحكم نهائيًا بسقوطها ". ونص في المادة 395 على أنه " إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قُبِضَ عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة يبطل حتمًا الحكم السابق صدوره سواءً فيما يتعلق بالعقوبة أو التضمينات ويعاد نظر الدعوى أمام المحكمة ". ونصت الفقرة الأولى من المادة 528 من هذا القانون على أنه " تسقط العقوبة المحكوم بها في جناية بمضي عشرين سنة ميلادية إلا عقوبة الإعدام فأنها تسقط بمضي ثلاثين سنة ". كما نصت المادة 529 على أن " تبدأ المدة من وقت صيرورة الحكم نهائيًا إلا إذا كانت العقوبة محكوم بها غيابيًا من محكمة الجنايات في جناية فتبدأ من يوم صدور الحكم ". ونصت المادة 532 على أن " يُوقِفُ سريان المدة كُلُ مانعٍ يحول دون مباشرة التنفيذ سواءً كان قانونيًا أو ماديًا ويعتبر وجود المحكوم عليه في الخارج مانعًا يوقف سريان المدة ". وواضح من هذه النصوص أنه مادامت الدعوى قد رفعت أمام محكمة الجنايات عن واقعة يعتبرها القانون جناية ، فإن الحكم الذي يصدر فيها غيابيًا بعقوبة مقيدة للحرية ، يجب أن يخضع لمدة السقوط المقررة للعقوبة في مواد الجنايات وهي عشرين سنة ميلادية تبدأ من تاريخ صدور الحكم الغيابي . وأنه في حالة قيام مانع يحول دون مباشرة التنفيذ سواءً كان هذا المانع قانونيًا أو ماديًا ، فإنه يوقف سريان هذه المدة . وأن وجود المحكوم عليه في الخارج يعتبر مانعًا يوقف سريان المدة ؛ وإذن فمتى كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الدعوى العمومية رُفِعَت على الطاعن لارتكاب جناية وقضت محكمة الجنايات غيابيًا في 6 من ديسمبر لسنة 1981 بالإدانة ، وقد صدر هذا الحكم صحيحًا – بإجراءات لم تثبت عدم سلامتها – ، وإذ قُبِضَ عليه في 15 من إبريل لسنة 2012 وأُعِيدَت محاكمته وقضت محكمة الجنايات بتاريخ 9 من إبريل لسنة 2015 بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات ، وكان الثابت مما أورده الحكم – على النحو المار بيانه – ردًا على الدفع سالف الذكر أن الطاعن كان متواجدًا خارج البلاد في الأردن بعد مضي المدة المقررة لسقوط العقوبة ، وهو ما لا يقطع بذاته بأن الطاعن قد غادر البلاد بعد صدور الحكم الغيابي عليه وظل خارجها مدة يقوم بها المانع الذي يوقف سريان المدة ويحول دون سقوط العقوبة حتى تاريخ القبض عليه في 5 من إبريل لسنة 2012 ، بما يكون معه ما خلص إليه الحكم من رفض الدفع سالف الذكر جاء قاصر البيان فاسد الاستدلال ، إذ كان عليه أن يثبت مغادرة الطاعن للبلاد قبل اكتمال مدة سقوط العقوبة وتحديد المدة أو المدد التي استغرقها وجوده بالخارج والتي أوقف خلالها سريان العقوبة ، أما وإنه اتخذ من مجرد حمل الطاعن لجواز سفر صادر من دولة الأردن عام 2002 دليلًا على ثبوت تواجده خارج البلاد قبل انقضاء مدة سقوط العقوبة وقضاؤه برفض الدفع المُبدَى من الطاعن بسقوط العقوبة بمضي المدة ، فإن الحكم يكون معيبًا بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ، فضلًا عن إخلاله بحق الدفاع ، ذلك بما يوجب نقضه والإعادة ، وذلك دون حاجةٍ لبحث سائر أوجه الطعن المبداة من الطاعن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
قتل/ .... عمدًا مع الترصد بأن ترصده في الطريق الموصل إلى مقهاه والذي أيقن مروره فيه وما أن ظفر به حتى إنهال عليه طعنًا قاصدًا إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمحاكمته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا في .... عملًا بالمادتين ۲۳۰ ، ۲۳۲ من قانون العقوبات ، مع إعمال المادة 17 منه بمعاقبة .... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... الخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
وَحَيْثُ إِنَّ مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع الترصد، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، وانطوى على مخالفة القانون ؛ ذلك بأن قام دفاعه على سقوط العقوبة المقضي بها عليه لمضي أكثر من عشرين سنة على تاريخ الحكم الغيابي الصادر بها وحتى تاريخ القبض عليه ، دون اتخاذ ثمة إجراء من الإجراءات القاطعة للتقادم في مواجهته ، إلا أن المحكمة أطرحت ذلك الدفاع بما لا يواجهه ويخالف صحيح القانون ، ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وَحَيْثُ إِنَّ الحكم المطعون فيه عرض للدفع بسقوط العقوبة المحكوم بها غيابيًا واطرحه بأن أورد نص المادتين 528 ، 532 من قانون العقوبات الجنائية، ثم أردف قائلًا " وكان الثابت بالأوراق أن الحكم الغيابي الصادر على المتهم كان بتاريخ 6/12/1981 وكان المتهم قد قبض عليه بتاريخ 15/4/2012 قادمًا من دولة الأردن بجواز سفر رقم .... صادر الأردن عام 2009 وكان الثابت من الأوراق أيضًا الصادرة من وزارة الخارجية أن المتهم يحمل جواز سفر رقم .... صادر من الأردن عام 2002 ولم يستدل به على ثمة تحركات ، كما أن الثابت من كتاب وزارة الخارجية المرفق بالكشف عن اسم المتهم من واقع المصادر المتاحة لمصلحة الجوازات والهجرة والتي تبدأ من عام 1992 أنه لم يستدل له على مغادرة وبأن المتهم لم يقدم في دفعه ما يدل عليه ، الأمر الذي تستنتج معه المحكمة بحكم اللزوم العقلي والمنطقي بالنظر إلى ظروف الحال والعرف والمستندات آنفة البيان أن المتهم كان خارج البلاد قبل اكتمال مدة التقادم المدفوع بها الأمر الذي يتعين معه والحال كذلك الالتفات عن الدفع المذكور". لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وكان قانون الإجراءات الجنائية في الفصل الثالث من الباب الثاني الذي بسط الإجراءات التي تتبع في مواد الجنايات في حق المتهمين الغائبين ، قد نص في المادة 394 على أنه " لا يسقط الحكم الصادر غيابيًا من محكمة الجنايات بمضي المدة وإنما تسقط العقوبة المحكوم بها ويصبح الحكم نهائيًا بسقوطها ". ونص في المادة 395 على أنه " إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قُبِضَ عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة يبطل حتمًا الحكم السابق صدوره سواءً فيما يتعلق بالعقوبة أو التضمينات ويعاد نظر الدعوى أمام المحكمة ". ونصت الفقرة الأولى من المادة 528 من هذا القانون على أنه " تسقط العقوبة المحكوم بها في جناية بمضي عشرين سنة ميلادية إلا عقوبة الإعدام فأنها تسقط بمضي ثلاثين سنة ". كما نصت المادة 529 على أن " تبدأ المدة من وقت صيرورة الحكم نهائيًا إلا إذا كانت العقوبة محكوم بها غيابيًا من محكمة الجنايات في جناية فتبدأ من يوم صدور الحكم ". ونصت المادة 532 على أن " يُوقِفُ سريان المدة كُلُ مانعٍ يحول دون مباشرة التنفيذ سواءً كان قانونيًا أو ماديًا ويعتبر وجود المحكوم عليه في الخارج مانعًا يوقف سريان المدة ". وواضح من هذه النصوص أنه مادامت الدعوى قد رفعت أمام محكمة الجنايات عن واقعة يعتبرها القانون جناية ، فإن الحكم الذي يصدر فيها غيابيًا بعقوبة مقيدة للحرية ، يجب أن يخضع لمدة السقوط المقررة للعقوبة في مواد الجنايات وهي عشرين سنة ميلادية تبدأ من تاريخ صدور الحكم الغيابي . وأنه في حالة قيام مانع يحول دون مباشرة التنفيذ سواءً كان هذا المانع قانونيًا أو ماديًا ، فإنه يوقف سريان هذه المدة . وأن وجود المحكوم عليه في الخارج يعتبر مانعًا يوقف سريان المدة ؛ وإذن فمتى كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الدعوى العمومية رُفِعَت على الطاعن لارتكاب جناية وقضت محكمة الجنايات غيابيًا في 6 من ديسمبر لسنة 1981 بالإدانة ، وقد صدر هذا الحكم صحيحًا – بإجراءات لم تثبت عدم سلامتها – ، وإذ قُبِضَ عليه في 15 من إبريل لسنة 2012 وأُعِيدَت محاكمته وقضت محكمة الجنايات بتاريخ 9 من إبريل لسنة 2015 بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات ، وكان الثابت مما أورده الحكم – على النحو المار بيانه – ردًا على الدفع سالف الذكر أن الطاعن كان متواجدًا خارج البلاد في الأردن بعد مضي المدة المقررة لسقوط العقوبة ، وهو ما لا يقطع بذاته بأن الطاعن قد غادر البلاد بعد صدور الحكم الغيابي عليه وظل خارجها مدة يقوم بها المانع الذي يوقف سريان المدة ويحول دون سقوط العقوبة حتى تاريخ القبض عليه في 5 من إبريل لسنة 2012، بما يكون معه ما خلص إليه الحكم من رفض الدفع سالف الذكر جاء قاصر البيان فاسد الاستدلال ، إذ كان عليه أن يثبت مغادرة الطاعن للبلاد قبل اكتمال مدة سقوط العقوبة وتحديد المدة أو المدد التي استغرقها وجوده بالخارج والتي أوقف خلالها سريان العقوبة ، أما وإنه اتخذ من مجرد حمل الطاعن لجواز سفر صادر من دولة الأردن عام 2002 دليلًا على ثبوت تواجده خارج البلاد قبل انقضاء مدة سقوط العقوبة وقضاؤه برفض الدفع المُبدَى من الطاعن بسقوط العقوبة بمضي المدة ، فإن الحكم يكون معيبًا بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ، فضلًا عن إخلاله بحق الدفاع ، ذلك بما يوجب نقضه والإعادة ، وذلك دون حاجةٍ لبحث سائر أوجه الطعن المبداة من الطاعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق