الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 26 يونيو 2024

الطعن 17943 لسنة 87 ق جلسة 14 / 2 / 2018 مكتب فني 69 ق 29 ص 214

جلسة 14 من فبراير سنة 2018

برئاسة السيد القاضي / هاني مصطفى كمال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حمدي ياسين، إبراهيم عبد الله، علي عبد البديع وعبـد النبي عز الرجال نواب رئيس المحكمة .

---------------

(29)

الطعن رقم 17943 لسنة 87 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين وإيراده على ثبوتهما في حق الطاعنين أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده كافياً في تَفَهُم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة .

(2) توظيف أموال . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . قصد جنائي .

المادتان الأولى و 21 من القانون 146 لسنة 1988 . مفادهما ؟

جريمتا تلقي الأموال من الجمهور لتوظيفها والامتناع عن ردها . لا يشترط لإثباتهما طريقاً خاصاً . كفاية اقتناع المحكمة بوقوعهما من أي دليل مهما كانت قيمة المال . تحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي فيهما . غير لازم . تدليله على توافر أركانهما يتضمن الرد على الدفع بانتفائها .

الدفع بانتفاء صفة الجمهور وركن العلانية . غير مقبول . ما دام البين أنه لا علاقة تربط المجني عليهم بالطاعنين .

(3) اتفاق . فاعل أصلي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

تدليل الحكم بما يسوغ توافر الاتفاق بين الطاعنين والمتهمين الآخرين علي ارتكاب الجريمتين المسندتين إليهم . كفايته لاعتبار كل منهما فاعلاً أصلياً فيهما . أساس ذلك ؟

(4) أمر بألا وجه . دفوع " الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر بألا وجه فيها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".

الأمر بألا وجه . لا يؤخذ فيه بالاستنتاج أو الظن . وجوب أن يكون مدوناً بالكتابة وصريحاً . عدم إصدار النيابة أمراً كتابياً صريحاً بحفظ الدعوى الجنائية بالنسبة لمتهم واتهامها غيره بارتكاب الجريمة . لا يفيد على وجه القطع واللزوم حفظ الدعوى بالنسبة له .

الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية المبني على أسباب خاصة بأحد المتهمين دون الآخرين . لا يحوز حجية إلا في حق من صدر لصالحه . نعي الطاعنين في هذا الصدد . غير مقبول .

مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر ضمني من النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى .

(5) أمر الإحالة . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .

أمر الإحالة . ماهيته ؟

القصور في أمر الإحالة . لا يُبطل المحاكمة ولا ينال من صحة الإجراءات . إعادة الدعوى إلى مرحلة الإحالة بعد دخولها في حوزة محكمة الموضوع واتصالها بها . غير جائز . علة ذلك ؟

(6) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " .

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً . المنازعة فيها . جدل موضوعي .

مثال .

(7) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

أخذ المحكمة بشهادة شاهد . مفاده ؟

تأخر المجني عليه في الإبلاغ عن الواقعة . لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله . ما دامت اطمأنت إليها .

للمحكمة الأخذ بقول الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت قولاً آخر له أبداه في مرحلة أخرى . متى اطمأنت إليه .

للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على أقوال متهم على آخر . متى اطمأنت إليها .

تناقض أقوال المتهم أو الشاهد وتضاربه مع أقوال غيره . لا يعيب الحكم . ما دام استخلاصه للحقيقة منها سائغاً لا تناقض فيه .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(8) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

الخطأ في الإسناد . ماهيته ؟

مثال لما لا يعد خطأ من الحكم في الإسناد .

(9) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بتلفيق التهمة " " الدفع بشيوع التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

الدفع بنفي التهمة وكيدية الاتهام وتلفيقه وشيوعه . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .

(10) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي . ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .

(11) قضاة " صلاحيتهم " .

الرغبة في الإدانة . مسألة داخلية تقوم في نفس القاضي . تقدير الإدانة . متروك له . النعي على الحكم في هذا الشأن . غير مقبول .

(12) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

تقدير جدية التحريات . موضوعي .

للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(13) إجراءات " إجراءات التحقيق " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

النعي بشأن قصور تحقيقات النيابة العامة . تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن .

(14) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه . علة ذلك ؟

مثال .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعي الطاعنين بأن الحكم قد شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون ولا محل له .

2- لما كانت المادة الأولى من قانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها الصادر بالقانون رقم 146 لسنة 1988 قد حظرت على غير الشركات المقيدة في السجل المعد لذلك بهيئة سوق المال أن تتلقي أموالاً من الجمهور ، بأية عمله أو أية وسيلة تحت أي مسمي لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها سواء كان هذا الغرض صريحاً أو مستتراً ، ونصت المادة 21 من هذا القانون على أن " كل من تلقي أموالاً على خلاف أحكام هذا القانون أو امتنع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها كلها أو بعضها يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائه ألف جنيه ولا تزيد عن مثلي ما تلقاه من أموال أو ما هو مستحق منها ، ويحكم على الجاني برد المبالغ المستحقة لأصحابها أثناء التحقيق ، وللمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الرد قبل صدور حكم نهائي في الدعوى " لما كان ذلك ، وكان لا يشترط لإثبات جريمتي تلقي الأموال من الجمهور لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها على خلاف الأوضاع المقررة قانوناً والامتناع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها – المنصوص عليهما في المادتين الأولى والحادية والعشرين من القانون سالف الذكر – طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم – بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة – كما هو الحال في الدعوى الماثلة – بوقوع الفعل المكون لهما من أي دليل أو قرينه تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة ، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في هاتين الجريمتين بل يكفي أن يكون ما أورده من وقائع وظروف دالاً على قيامه ، وكان ما أورده الحكم في مدوناته كافياً وسائغاً في التدليل على توافر أركان جريمتي تلقي أموال من الجمهور لتوظيفها واستثمارها على خلاف أحكام القانون ، والامتناع عن ردها لأصحابها ، ويتضمن رداً على دفاع الطاعنين بانتفاء تلك الأركان ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد – فضلاً عن أن الثابت بمدونات الحكم أنه ليس ثمة علاقة تربط المجنى عليهم بالطاعنين بما مفاده أنه تحققت فيهم صفة الجمهور إذ أنهم غير محددين بذواتهم وغير متمتعين بصفات معينه في علاقتهم بالطاعنين بل كان الباب مفتوحاً علناً لانضمام غيرهم دون قيد أو شرط ومن ثم فإن ما يرمى به الطاعنان الحكم من قصور في هذا الصدد وبانتفاء وصف الجمهور وشرط العلانية لا محل له .

3- لما كان ما أثبته الحكم في مدوناته كافياً بذاته للتدليل على توافر الاتفاق بين الطاعنين والمتهمين الآخرين على ارتكاب الجريمتين المسندتين إليهما من معيتهم في الزمان والمكان ، ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجه واحدة في تنفيذها ، وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في ايقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المتعدي عليه ، ومن ثم يصح طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات اعتبار كل منهما فاعلاً أصلياً في تلك الجريمتين .

4- لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد بعض التقريرات القانونية في شأن المادة 214 مكرر الواردة في الباب الرابع الخاص بالتحقيق بمعرفة النيابة العامة من قانون الإجراءات الجنائية – عرض لدفع الطاعنين بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لسبق صدور قرار ضمني من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية واطرحه في قوله ( وكان أي من المتهمين المقدمين في هذه الجناية تم سؤاله في الجناية المدفوع بها أو توجيه إتهام له وقد ظهرت أدلة جديدة أمام النيابة العامة تستوجب إعادة التحقيق فيها وفعلت وهو ما تقدم به المجنى عليهم من بلاغات قبلهم وما توصلت إليه تحريات المباحث من ثبوت التهمة قبلهم ويكون ما قامت به النيابة العامة بعيداً عن حجبة البطلان وأن الدفع بسابقه صدور أمر بالأوجه ضمني لا يصادف صحيح القانون مما يكون معه دفاع المتهمين بلا سند صحيح من الواقع والقانون وترفضه المحكمة ) وهذا الذى أورده الحكم يتفق وصحيح القانون وكاف وسائغ ، ذلك أنه من المقرر أن الأمر بالأوجه – كسائر الأوامر القضائية والأحكام – لا يؤخذ فيه بالاستنتاج أو الظن بل يجب – بحسب الأصل – أن يكون مدوناً بالكتابة وصريحاً بذات ألفاظه في أن من أصدره لم يجد من أوراق الدعوى وجهاً للسير فيها وإذن فمتي كانت النيابة العامة لن تصدر أمراً كتابياً صريحاً بحفظ الدعوى الجنائية بالنسبة إلى متهم بل كان ما صدر عنها هو اتهام غيره بارتكاب الجريمة ، فإن ذلك لا يفيد على وجه القطع واللزوم حفظ الدعوى بالنسبة له بالمعنى المفهوم في القانون ، كما أنه من المقرر أن الأمر بعدم وجود وجه لإقامه الدعوى الجنائية المبني على أسباب خاصة بإحدى المتهمين دون الآخرين ، فإنه لا يحوز حجيه إلا في حق من صدر لصالحه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد .

5- من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق فلا محل لإخضاعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان ومن ثم فإن القصور في أمر الإحالة لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على صحة إجراءاتها ، كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضي إعادتها إلى مرحلة الإحالة وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزه المحكمة ، مما يكون معه نعي الطاعنين في هذا الصدد غير مقبول .

6- لما كان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صورة الواقعة حسبما وردت بأقوال الشهود المؤيدة بإقرار المتهمة / .... في تحقيقات النيابة العامة وتحريات الشرطة ، فإن ما يثيره الطاعنان من أن للواقعة صورة أخرى تغاير هذه الصورة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ويعدو منعاهما في هذا الخصوص لا سند له.

7- لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تأخر المجنى عليه في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها ، وكان للمحكمة في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بقول الشاهد في أي مرحله من مراحل الدعوى متى اطمأنت إليه ولو خالف قولاً أخر له أبداه في مرحله أخرى ، كما أن من حق المحكمة أن تعول في تكوين معتقدها على أقوال متهم على آخر متى اطمأنت إليها ، وكان تناقض المتهم أو الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ولما كان الطاعنان لا ينازعان في أن ما أورده الحكم من أدلة الثبوت له معينه الصحيح من الأوراق ، وكان ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدي محكمة النقض ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً .

8- من المقرر أن الخطأ في الإسناد هو الذى يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، وكان ما يثيره الطاعنان من خطأ الحكم إذ حصل أقوال المتهمة / .... في أن عدم إقرارها في بداية التحقيقات على الطاعنين كان بإيعاز من باقي المتهمين حتي يمكنهم ذلك من سداد أموال المجنى عليهم وإخراجها من محبسها وهو ما يخالف لصريح روايتها وما أدلت به ، فإنه بفرض صحته قد ورد بشان أقوال لم تكن قوام جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ولم يكن له أثر في منطق الحكم وسلامة استدلاله على مقارفة الطاعنين للجريمتين اللتين دانهما بهما ، ومن ثم تضحى دعوى الخطأ في الإسناد غير مقبولة .

9- من المقرر أن نفي التهمة والدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه وشيوعه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يقبل معه معاودة التصدي أمام محكمة النقض .

10- من المقرر في قضاء هذه المحكمة – محكمة النقض – أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله .

11- لما كان ما يثيره الطاعنان بشأن رغبة المحكمة في الإدانة فهي مسألة داخلية ، تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره ، وقد ترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا المنحى لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن .

12- لما كان تقدير جدية التحريات هو من المسائل الموضوعية التي تخضع لإشراف محكمة الموضوع وأن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينه معززة لما ساقته من أدلة أساسية وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى – وفي الرد على الدفع – فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض .

13- لما كان ما يثيره الطاعنان بشأن قصور تحقيقات النيابة العامة لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للنعي على الحكم .

14- من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمى إليه مقدمه حتى يتضح مدي أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه ، وكان الدفاع عن الطاعنين لم يبين أوجه الدفاع التي أثبتها بحوافظ المستندات وأغفلها الحكم ، وذلك لمراقبة ما إذا كان هذا الدفاع جوهرياً مما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أم هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذى لا يستلزم في الأصل رداً بل يعتبر الرد عليه مستفاداً من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها ، كما أنه لم يبين أوجه تناقض الحكم ومخالفته للثابت بالأوراق بل جاء بصورة مبهمة وأرسل فيه الدفاع قوله إرسالاً دون تحديد ، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- .... ، 2- .... ، 3- .... ، 4- .... ، 5- .... ، 6- .... ، 7- .... ، 8- .... ، 9- .... بأنهم :

1- تلقوا أموالا وآخرين سبق الحكم عليهم من الجمهور بلغ مقدارها اّثنان وعشرون مليونا وثمانمائة وتسعة وثمانون ألفا وخمسمائة جنيه (۲۲۸۸۹۰۰۰) لتوظيفها واستثمارها في مجال الخدمات البترولية والمقاولات وذلك مقابل عائد يصرف بقيم مختلفة عقب العمل بأحكام قانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها الصادر بالقانون رقم 146 لسنة ۱۹۸۸ حال كونهم من غير الشركات المرخص لها بتلقي الأموال والمقيدة بالسجل المعد لذلك بالهيئة العامة لسوق المال على النحو المبين بتقرير تلك الهيئة وعلى النحو المبين بالتحقيقات .

2- امتنعوا عن رد مبلغ اثنين وعشرين مليونا وثمانمائة وتسعة وثمانون ألفا وخمسمائة جنيه ( 2889500 ) والمستحقة للمودعين والتي تلقوها منهم وذلك بعد العمل بأحكام قانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها الصادر بالقانون رقم 146 لسنة ۱۹۸۸ على النحو المبين بالتحقيقات .

وأحالتهم إلى محكمة .... الاقتصادية لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة قضت عملاً بالمواد1/1 ، 21 /1 ، 26 من قانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها الصادر بالقانون رقم 146 لسنة ۱۹۸۸ ولائحته التنفيذية وبعد تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات حضورياً للمتهمين الثانية والثالث .... ، .... بالسجن لمدة ثلاث سنوات وغيابياً لكلٍ من .... ، .... بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة وغيابياً لكلٍ من .... ، .... ، .... ، .... ، .... بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريم كل منهم مبلغ مائة ألف جنيه وإلزامهم برد المبالغ المستحقة وفقاً لما ورد بأسباب الحكم .

فطعن المحكوم عليهما الثانية والثالث في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي تلقي أموال لتوظيفها واستثمارها على خلاف الأوضاع المقررة في القانون ، والامتناع عن ردها لأصحابها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن أسبابه جاءت غامضة مجملة ولم يلم بوقائع الدعوى وأدلتها ، وأغفل الرد على الدفع بانتفاء أركان الجريمتين اللتين دانهما بهما ، ولم يستظهر اتفاق الطاعنين مع المتهمين الآخرين على ارتكاب تلك الجريمتين ولم يقم الدليل السائغ عليه ، كما اطرح الحكم دفعهما بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر ضمني من النيابة العامة بالأوجه لإقامة الدعوى قبلهما وبطلان أمر الإحالة لتجهيله وتعميمه للقيد والوصف المسند إليهما برد غير سائغ لا يكفي لاطراحه ، كما اعتنق تصوير الشهود للواقعة رغم أن للواقعة صورة أخرى تغاير ذلك التصوير وعول الحكم على أقوالهم رغم تأخرهم في الإبلاغ وتضارب أقوالهم وتناقضها مع أقوال المتهمة .... ، وحصل الحكم أقوال الأخيرة في أن عدم إقرارها في بداية التحقيقات على الطاعنين كان بإيعاز من باقي المتهمين حتي يمكنهم ذلك من سداد أموال المجنى عليهم وإخراجها من محبسها وهو ما يخالف صريح روايتها وما أدلت به في التحقيقات ، وأغفل الحكم – إيراداً ورداً – دفاعهما القائم على عدم ارتكابهما الجريمتين المسندتين إليهما وأنه لا صله لهما بالواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه وشيوعه لشواهد عدداها بأسباب طعنهما بدلالة المستندات المقدمة منهما بجلسة المحاكمة مما ينبئ عن رغبة المحكمة في الإدانة ، كما دفعاً بعدم جدية التحريات وانعدامها لكونها مكتبية ومتناقضة ومجهولة المصدر ولا تصلح دليلاً للإدانة بيد أن الحكم رد على هذا الدفع برد غير سائغ ، والتفت الحكم عن دفاعهما القائم على قصور تحقيقات النيابة وكذا دفاعهما الثابت بحوافظ مستنداتهما ، فضلاً عن أن الحكم جاء متناقضاً في أسبابه مبنياً علي مخالفة الثابت بالأوراق ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعي الطاعنين بأن الحكم قد شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكانت المادة الأولى من قانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها الصادر بالقانون رقم 146 لسنة 1988 قد حظرت على غير الشركات المقيدة في السجل المعد لذلك بهيئة سوق المال أن تتلقى أموالاً من الجمهور ، بأية عمله أو أية وسيلة تحت أي مسمى لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها سواء كان هذا الغرض صريحاً أو مستتراً ، ونصت المادة 21 من هذا القانون على أن " كل من تلقى أموالاً على خلاف أحكام هذا القانون أو امتنع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها كلها أو بعضها يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائه ألف جنيه ولا تزيد عن مثلي ما تلقاه من أموال أو ما هو مستحق منها ، ويحكم على الجاني برد المبالغ المستحقة لأصحابها أثناء التحقيق ، وللمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الرد قبل صدور حكم نهائي في الدعوى " لما كان ذلك ، وكان لا يشترط لإثبات جريمتي تلقي الأموال من الجمهور لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها على خلاف الأوضاع المقررة قانوناً والامتناع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها – المنصوص عليهما في المادتين الأولى والحادية والعشرين من القانون سالف الذكر – طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم – بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة – كما هو الحال في الدعوى الماثلة - بوقوع الفعل المكون لهما من أي دليل أو قرينه تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة ، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في هاتين الجريمتين بل يكفي أن يكون ما أورده من وقائع وظروف دالاً على قيامه ، وكان ما أورده الحكم في مدوناته كافياً وسائغاً في التدليل على توافر أركان جريمتي تلقي أموال من الجمهور لتوظيفها واستثمارها على خلاف أحكام القانون ، والامتناع عن ردها لأصحابها ، ويتضمن رداً على دفاع الطاعنين بانتفاء تلك الأركان ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد – فضلاً عن أن الثابت بمدونات الحكم أنه ليس ثمة علاقة تربط المجني عليهم بالطاعنين بما مفاده أنه تحققت فيهم صفة الجمهور إذ أنهم غير محددين بذواتهم وغير متمتعين بصفات معينه في علاقتهم بالطاعنين بل كان الباب مفتوحاً علناً لانضمام غيرهم دون قيد أو شرط ومن ثم فإن ما يرمى به الطاعنان الحكم من قصور في هذا الصدد وبانتفاء وصف الجمهور وشرط العلانية لا محل له . لما كان ذلك ، وكان ما أثبته الحكم في مدوناته كافياً بذاته للتدليل على توافر الاتفاق بين الطاعنين والمتهمين الآخرين على ارتكاب الجريمتين المسندتين إليهما من معيتهم في الزمان والمكان ، ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجه واحدة في تنفيذها ، وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المتعدي عليه ، ومن ثم يصح طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات اعتبار كل منهما فاعلاً أصلياً في تلك الجريمتين . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد بعض التقريرات القانونية في شأن المادة 214 مكرر الواردة في الباب الرابع الخاص بالتحقيق بمعرفة النيابة العامة من قانون الإجراءات الجنائية – عرض لدفع الطاعنين بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لسبق صدور قرار ضمني من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية واطرحه في قوله ( وكان أي من المتهمين المقدمين في هذه الجناية تم سؤاله في الجناية المدفوع بها أو توجيه إتهام له وقد ظهرت أدلة جديدة أمام النيابة العامة تستوجب إعادة التحقيق فيها وفعلت وهو ما تقدم به المجنى عليهم من بلاغات قبلهم وما توصلت إليه تحريات المباحث من ثبوت التهمة قبلهم ويكون ما قامت به النيابة العامة بعيداً عن حجبة البطلان وأن الدفع بسابقه صدور أمر بالأوجه ضمني لا يصادف صحيح القانون مما يكون معه دفاع المتهمين بلا سند صحيح من الواقع والقانون وترفضه المحكمة ) وهذا الذى أورده الحكم يتفق وصحيح القانون وكاف وسائغ ، ذلك أنه من المقرر أن الأمر بالأوجه – كسائر الأوامر القضائية والأحكام – لا يؤخذ فيه بالاستنتاج أو الظن بل يجب – بحسب الأصل – أن يكون مدوناً بالكتابة وصريحاً بذات ألفاظه في أن من أصدره لم يجد من أوراق الدعوى وجهاً للسير فيها وإذن فمتي كانت النيابة العامة لن تصدر أمراً كتابياً صريحاً بحفظ الدعوى الجنائية بالنسبة إلى متهم بل كان ما صدر عنها هو اتهام غيره بارتكاب الجريمة ، فإن ذلك لا يفيد على وجه القطع واللزوم حفظ الدعوى بالنسبة له بالمعنى المفهوم في القانون ، كما أنه من المقرر أن الأمر بعدم وجود وجه لإقامه الدعوى الجنائية المبني على أسباب خاصة بإحدى المتهمين دون الآخرين ، فإنه لا يحوز حجيه إلا في حق من صدر لصالحه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق فلا محل لإخضاعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان ومن ثم فإن القصور في أمر الإحالة لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على صحة إجراءاتها ، كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضى إعادتها إلى مرحلة الإحالة وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزه المحكمة ، مما يكون معه نعي الطاعنين في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صورة الواقعة حسبما وردت بأقوال الشهود المؤيدة بإقرار المتهمة / .... في تحقيقات النيابة العامة وتحريات الشرطة ، فإن ما يثيره الطاعنان من أن للواقعة صورة أخرى تغاير هذه الصورة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ويعدو منعاهما في هذا الخصوص لا سند له . لما كان ذلك ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تأخر المجنى عليه في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها ، وكان للمحكمة في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بقول الشاهد في أي مرحله من مراحل الدعوى متى اطمأنت إليه ولو خالف قولاً أخر له أبداه في مرحلة أخرى ، كما أن من حق المحكمة أن تعول في تكوين معتقدها على أقوال متهم على آخر متى اطمأنت إليها ، وكان تناقض المتهم أو الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ولما كان الطاعنان لا ينازعان في أن ما أورده الحكم من أدلة الثبوت له معينه الصحيح من الأوراق ، وكان ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدي محكمة النقض ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد هو الذى يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، وكان ما يثيره الطاعنان من خطأ الحكم إذ حصل أقوال المتهمة / .... في أن عدم إقرارها في بداية التحقيقات على الطاعنين كان بإيعاز من باقي المتهمين حتي يمكنهم ذلك من سداد أموال المجني عليهم وإخراجها من محبسها وهو ما يخالف لصريح روايتها وما أدلت به ، فإنه بفرض صحته قد ورد بشان أقوال لم تكن قوام جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ولم يكن له أثر في منطق الحكم وسلامة استدلاله على مقارفة الطاعنين للجريمتين اللتين دانهما بهما ، ومن ثم تضحى دعوى الخطأ في الإسناد غير مقبولة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن نفي التهمة والدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه وشيوعه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يقبل معه معاودة التصدي أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة – محكمة النقض – أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنان بشأن رغبة المحكمة في الإدانة فهي مسألة داخليه ، تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره ، وقد ترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا المنحى لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن . لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات هو من المسائل الموضوعية التي تخضع لإشراف محكمة الموضوع وأن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينه معززة لما ساقته من أدلة أساسية وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى – وفي الرد على الدفع – فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنان بشأن قصور تحقيقات النيابة العامة لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للنعي على الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمى إليه مقدمه حتى يتضح مدي أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه ، وكان الدفاع عن الطاعنين لم يبين أوجه الدفاع التي أثبتها بحوافظ المستندات وأغفلها الحكم ، وذلك لمراقبة ما إذا كان هذا الدفاع جوهرياً مما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أم هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذى لا يستلزم في الأصل رداً بل يعتبر الرد عليه مستفاداً من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها ، كما أنه لم يبين أوجه تناقض الحكم ومخالفته للثابت بالأوراق بل جاء بصورة مبهمة وأرسل فيه الدفاع قوله إرسالاً دون تحديد ، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق