جلسة 14 من يونيه سنة 1951
برياسة حضرة صاحب السعادة
أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة، وبحضور حضرات: صاحب السعادة أحمد فهمي إبراهيم
باشا وكيل المحكمة وأصحاب العزة أحمد حسني بك وفهيم إبراهيم عوض بك وإبراهيم خليل
بك المستشارين.
---------------
(444)
القضية رقم 485 سنة 21
القضائية
(أ)
إثبات. شاهد.
رفض المحكمة سماعه لأنه
سوف يقول لها أقوالاً معينة. لا يصح.
(ب) إجراءات.
الاطلاع على الورقة محل
الدعوى بعد قفل باب المرافعة وحجز القضية للحكم. لا يجوز.
(ج) استئناف.
حكم بانتهاء الخصومة على
أساس عقد صلح متنازع في صحته. جواز استئنافه.
------------------
1 - لا يجوز للمحكمة أن
ترفض طلب سماع شاهد بدعوى أنه سوف يقول لها إذا ما سئل أقوالاً معينة أو أنها سوف
تنتهي على كل حال إلى حقيقة معينة بغض النظر عن الأقوال التي يدلي بها أمامها -
ذلك لأنها في هذه الحالة إنما تبني حكمها على افتراضات تفترضها وقد يكون الواقع
غير ما افترضت فيدلي الشاهد بشهادته أمامها بالجلسة بأقوال من شأنها أن تغير النظر
الذي بدا لها قبل أن تسمعه كما أن تقدير المحكمة لشهادة الشاهد لا يقتصر على الحكم
على أقواله المجردة بل وبالمناقشات التي تدور حول شهادته أثناء الإدلاء بها وكيفية
أدائه للشهادة.
2 - إن اطلاع المحكمة على
الورقة المزورة وما يرافقها من أوراق بعد فض المظروف الذي كان يحتويها - ذلك عمل
من أعمال التحقيق لا يسوغ إجراؤه بغير حضور الخصم ليبدي كل منهم رأيه فيه وليطمئن
المتهم إلى أن الورقة موضوع الدعوى هي التي أبدى دفاعه على أساس معرفته بها.
3 - إذا كان الثابت بمحضر
الجلسة وبالحكم المطعون فيه أن المتهمين تمسكوا بعدم قبول الدعوى المدنية استناداً
إلى حصول صلح فيها فنازعت المدعية المدنية في صحة هذا الدفاع وتمسكت من جانبها
ببطلان الصلح وأصرت على قيام دعواها فقضت محكمة أول درجة بانقضاء الخصومة في
الدعوى المدنية, فاستأنفت المدعية هذا الحكم, ومحكمة ثاني درجة لم تعتبره حكماً بل
اعتبرته مجرد إثبات تنازل المدعية عن دعواها فقضت بعدم جواز الاستئناف وأبقت الفصل
في قيمة عقد الصلح وأثر عدم تصديق المحكمة الحسبية على ما اشتمل عليه بشأن نصيب
القصر في قيامه أو بطلانه للمحكمة المدنية فهذا يكون خطأ في القانون لأن محضر
الصلح لم يعرض على محكمة الجنح من المتهمين إلا كدليل يؤيد الدفع بعدم قبول الدعوى
المدنية وهو دفع كان يتعين على المحكمة أن تفصل فيه حتى إذا ما أصدرت في شأنه
حكماً كان ذلك الحكم قابلاً للاستئناف وما دام الحكم الابتدائي قد صدر بانتهاء
الخصومة استناداً إلى محضر الصلح على الرغم من المنازعة في صحته فإنه يكون من حق
المدعية أن تستأنفه وإذ تنكب الحكم المطعون فيه ذلك واعتبر أن المدعية بالحق
المدني قد تنازلت عن دعواها في حين أن تنازلاً لم يصدر عنها أمام المحكمة فإنه
يكون معيباً متعيناً نقضه.
الوقائع
أقامت الست "رابحة
علي سيد أحمد غنيم" المدعية بالحق المدني هذه الدعوى مباشرة أمام محكمة ههيا
الجزئية على 1 - عبد العزيز أفندي محمد عطية قورة. 2 - السيد عبد الفتاح. 3 - خيز
محمد الكريدلي. وجهت إليهم فيها أنهم في المدة من أول سبتمبر سنة 1946 لغاية 7 من
نفس هذا الشهر بناحية العلاقمة مركز ههيا. ارتكبوا تزويراً في عقد بيع نسبوا صدوره
لمورث الطالبة المرحوم عبد الرحمن أفندي محمد عطية قورة حالة أنه مزور عليه. وطلبت
إلى المحكمة معاقبتهم بالمادة 215 من قانون العقوبات كما طلبت الحكم لها عليهم
متضامنين بمبلغ 25 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت مع المصروفات والأتعاب والنفاذ
ومحكمة ههيا قضت فيها تمهيدياً وقبل الفصل في الدعوى بندب قسم الأبحاث والتزييف
والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لأداء المأمورية المبينة بأسباب هذا الحكم وبعد أن
قام الخبير بمأموريته وقدم تقريره حكمت المحكمة المشار إليها آنفاً غيابياً عملاً
بالمواد 215 من قانون العقوبات للمتهم الثاني وبها وبالمواد 40 - 1 - 2 - 3, 41
منه للمتهمين الأول والثالث غيابياً بحبس المتهم الأول سنة مع الشغل وبحبس الثاني
والثالث ستة شهور مع الشغل وكفالة للأول مبلغ 20 جنيهاً والثاني والثالث 10 جنيهات
لوقف التنفيذ مع إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعية المدنية مبلغ 25 جنيهاً
والمصروفات المدنية ومبلغ 5 جنيهات أتعاباً للمحاماة. وذلك على اعتبار أن المتهم
الثاني هو الذي قلد الإمضاء المطعون فيها بالتزوير وأن المتهم الأول اشترك معه
بالتحريض والاتفاق فوقعت الجريمة بناءً على ذلك وأن المتهم الثالث اشترك مع الثاني
بالاتفاق والمساعدة. فعارض المتهمون وفي أثناء نظر هذه المعارضة دفع فرعياً بعدم
قبول الدعوى المدنية كما دفع أيضاً بعدم صحة تحريك الدعوى العمومية, ثم قضى برفض
الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية وبصحة تحريك الدعوى العمومية وبرفض المعارضة
بالنسبة للدعوى الجنائية وتأييد الحكم الغيابي بالنسبة لما قضى به في الدعوى
الجنائية وإلغاء الحكم الغيابي فيما يتعلق بما قضى به والحكم بانتهاء الخصومة فيها
وإلزام المدعية بالحق المدني بمصروفات دعواها وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة.
فاستأنف المتهمون والمدعية بالحقوق المدنية ومحكمة الزقازيق الابتدائية قضت بقبول
استئنافي المتهمين والمدعية بالحقوق المدنية شكلاً وفي الموضوع أولاً - في الدعوى
العمومية بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم الأول ستة شهور مع الشغل
وبحبس كل من الثاني والثالث أربعة شهور مع الشغل وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لهم
جميعاً وذلك لمدة خمس سنين تبدأ من اليوم - ثانياً - في الدعوى المدنية بعدم جواز
الاستئناف وألزمت المدعية بالحق المدني بالمصاريف المدنية الاستئنافية وأضافت
المصروفات الجنائية إلى جانب الحكومة. فطعن المتهمون في هذا الحكم بطريق النقض...
إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه
الطاعنون "المحكوم عليهم" على الحكم المطعون فيه أن الدفاع عنهم تمسك
بسماع محرر العقد "محمد خطاب" والمحكمة لم تجبه إلى هذا الطلب وردت عليه
بعدم حاجة الدعوى إليه بمقولة إن هذا الشاهد سوف يقول أقوالاً افترضتها هي من
عندها وردت عليها مقدماً وهذا منها إخلال بحق الدفاع - هذا إلى أن المحكمة بعد أن
سمعت المرافعة في الدعوى وحجزت القضية للحكم وفي أثناء المداولة أمرت باستحضار
المظروف الذي كان به العقد المدعى بتزويره والأوراق المرافقة له واطلعت عليها بغير
حضور الطاعنين وفي هذا إخلال آخر بحق الطاعنين في الدفاع إذ أن من حقهم الاطلاع
أيضاً على تلك الأوراق ليبدوا ما يعن لهم من دفاع بشأنها.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه رد على طلب سؤال محرر في عقد التزوير بقوله "إن المحكمة لا ترى موجباً
لها طالما أن مناقشة المذكور بفرض أنها سيترتب عليها قوله أمام المحكمة بأن العقد
صحيح فإن هذا القول فضلاً عن أنه يعتبر محاولة منه لدرء احتمال مسئوليته فإنه لن
يؤثر على أدلة الثبوت سالفة الذكر". ولما كان من غير الجائز للمحكمة أن ترفض
طلب سماع شاهد بدعوى أنه سوف يقول لها إذا ما سئل أقوالاً معينة أو أنها سوف تنتهي
على كل حال إلى حقيقة معينة بغض النظر عن الأقوال التي يدلي بها أمامها - ذلك
لأنها في هذه الحالة إنما تبني حكمها على افتراضات تفترضها وقد يكون الواقع غير ما
افترضت فيدلي الشاهد بشهادته أمامها بالجلسة بأقوال من شأنها أن تغير النظر الذي
بدا لها قبل أن تسمعه كما أن تقدير المحكمة لشهادة الشاهد لا يقتصر على الحكم على
أقواله المجردة بل وبالمناقشات التي تدور حول شهادته أثناء الإدلاء بها وكيفية
أدائه للشهادة - لما كان ذلك فإن المحكمة إذ رفضت طلب سماع الشاهد تأسيساً على أنها
قد كونت رأيها فيما سوف يقوله قبل أن تسمعه وتناقشه فيه تكون جاوزت بذلك حقها في
تقدير أقوال الشهود ويكون حكمها مشوباً بفساد الاستدلال والإخلال بحقوق الدفاع مما
يعيبه ويستوجب نقضه - يضاف إلى هذا أن المحكمة - على ما يبين من الإطلاع على محضر
الجلسة - قد اطلعت بعد قفل باب المرافعة وحجز القضية للحكم على الورقة المزورة وما
يرافقها من أوراق بعد فض المظروف المختوم الذي كان يحتويها. ولما كان هذا من أعمال
التحقيق الذي لا يسوغ إجراؤه بغير حضور الخصوم ليبدي كل منهم رأيه فيه وليطمئن
المتهم إلى أن الورقة موضوع الدعوى هي التي أبدى دفاعه على أساس معرفته بها. فإن
هذا الذي وقع يعتبر إخلالاً بحق الدفاع يشوب إجراءات المحاكمة ويعيب الحكم.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
قبول الطعن المقدم من هؤلاء الطاعنين ونقض الحكم المطعون فيه وذلك من غير حاجة إلى
البحث في باقي أوجه الطعن.
وحيث إن مبنى الطعن
المقدم من المدعية بالحقوق المدنية هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز
الاستئناف المرفوع منها قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك لأن المحكمة قد أقامت قضاءها
بعدم جواز الاستئناف على عقد صلح قدمه المتهم الأول يتضمن عدة أمور من بينها
الخمسة الأفدنة التي قيل أنها بيعت من مورثها لذلك المتهم بعقد طعنت هي فيه
بالتزوير ورفعت الدعوى المدنية لتعويض الضرر الذي أصابها من تلك الجريمة. ولما
كانت قد تصالحت مع المتهم عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر ونص في العقد
على تقديمه للمحكمة الحسبية لموافقتها وهذه المحكمة قد رفضت اعتماد هذا العقد فلا
يكون لهذا الصلح وجود لأن مصالحها ومصالح أولادها شائعة وما دام العقد قد أبطل
بصدد نصيب القصر فلا يمكن تجزئته وكان يتعين إذن قبول استئنافها والقضاء لها بما
تطلب بعد إطراح ذلك العقد.
وحيث إنه لما كان الثابت
في محضر الجلسة والحكم المطعون فيه أن المتهمين تمسكوا بعدم قبول الدعوى المدنية
استناداً إلى حصول صلح فيها فنازعت المدعية بالحقوق المدنية في صحة هذا الدفاع
وتمسكت من جانبها ببطلان الصلح وأصرت على قيام دعواها. فقضت محكمة أول درجة
بانقضاء الخصومة في الدعوى المدنية فاستأنفت المدعية هذا الحكم ومحكمة ثاني درجة
لم تعتبره حكماً بل اعتبرته مجرد إثبات تنازل المدعية عن دعواها ولذلك قضت بعدم
جواز الاستئناف وأبقت الفصل في قيمة عقد الصلح وأثر عدم تصديق المحكمة الحسبية على
ما اشتمل عليه بشأن نصيب القصر في قيامه أو بطلانه للمحكمة المدنية. ولما كان هذا
منها خطأ في القانون لأن محضر الصلح لم يعرض على محكمة الجنح من المتهمين إلا
كدليل يؤيد الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية وهو دفع كان يتعين على المحكمة
الجنائية أن تفصل فيه حتى إذا ما أصدرت حكمها في شأنه كان ذلك الحكم قابلاً
للاستئناف وما دام الحكم الابتدائي قد صدر بانتهاء الخصومة استناداً إلى محضر
الصلح على الرغم من المنازعة في صحته فإنه يكون من حق الطاعنة بداهة أن تستأنفه
وإذ تنكب الحكم المطعون فيه ذلك واعتبر أن المدعية بالحق المدني
"الطاعنة" قد تنازلت عن دعواها المدنية في حين أن تنازلاً لم يصدر عنها
أمام المحكمة فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً متعيناً نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
قبول هذا الطعن ونقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى الدعوى المدنية أيضاً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق