برئاسة السيد القاضي/ علي محمد علي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عطية النادي، نبيل أحمد صادق، حسام هشام صادق وإيهاب الميداني "نواب رئيس المحكمة"
بحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض/ علاء عباس.
وحضور السيد أمين السر/ مصطفى أبو سريع.
-------------
" الوقائع "
في يوم 24 /4 /2000 طُعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف طنطا الصادر بتاريخ 6 /3 /2000 في الاستئناف رقم 1630 لسنة 49 ق طنطا، بصحيفة طلب فيها البنك الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وفي اليوم ذاته أودع البنك الطاعن مذكرة شارحة.
وفي 16 /5 /2000 أعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن.
ثم أودعت النيابة العامة مذكرتها، وطلبت فيها قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وبجلسة 12 /11 /2012 عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة.
وبجلسة 14 /1 /2013 سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامي البنك الطاعن والنيابة العامة كل على ما جاء بمذكرته، والمحكمة قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم
--------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / ...... "نائب رئيس المحكمة"، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن البنك الطاعن بعد أن رفض أمر الأداء أقام الدعوى رقم 1492 لسنة 1999 مدني طنطا الابتدائية بطلب إلزام المطعون ضده بأن يؤدي له مبلغ 17400 جنيه، والفوائد القانونية قيمة سندات إذنية صادرة لأمر شركة ...... والتي قامت بتظهيرها له تظهيراً ناقلاً للملكية، وبتاريخ 19 /6 /1999 حكمت المحكمة بإلزام المطعون ضده بأداء المبلغ المطالب به، ورفضت القضاء بالفوائد القانونية. استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم برقم 1630 لسنة 49 ق طنطا، وبتاريخ 6 /3 /2000 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف.
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ أقام قضاءه برفض الحكم بالفوائد القانونية المستحقة على التأخير في سداد مبلغ من النقود معلوم المقدار يشكل دين المطعون ضده تأسيساً على مخالفة نص المادة (226) من القانون المدني لأحكام الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وفقاً لحكم المادة الثانية من الدستور رغم سبق القضاء برفض الدفع بعدم دستورية المادة (226) من القانون المدني سالفة البيان، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر - بقضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة الثانية من الدستور على أن مبادئ الشريعة الإسلامية تعتبر مصدراً رئيسياً للتشريع، ليس نصاً واجب الإعمال بذاته، إنما هو دعوة للشارع كي يتخذ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع فيما يسنه من قوانين وبذا فإن مبادئ الشريعة الغراء لا تكون واجبة التطبيق بالتعويل على نص الدستور بادئ البيان إلا إذا استجاب الشارع لدعوته، وأفرغ هذه الأحكام في نصوص تشريعية محددة ومنضبطة فينقلها بذلك إلى مجال العمل والتطبيق، وعلة ذلك أن إيراد الدستور لاصطلاح "مبادئ الشريعة الإسلامية" في إطلاقه يكشف عن أن مقصود المشرع الدستوري هو أن يجمع بهذا الاصطلاح بين مصادر الشريعة الإسلامية بدرجات القطعية في ثبوتها ودلالتها وبين فقه الشريعة الإسلامية بتنوع مناهجه وثراء اجتهاداته وتباين نتائجه زماناً ومكاناً، وهو ما يترتب عليه أن تصبح السلطة التشريعية وحدها هي المنوط بها إفراغ الحكم الشرعي في نص قانوني واجب التطبيق بما يتوافر لها من مكنة التفرقة بين الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها ودلالتها - حيث لا اجتهاد فيها - والأحكام الظنية في ثبوتها أو دلالتها أو فيهما معاً - وهي التي تتسع لأبواب الاجتهاد - عن طريق الأدلة الشرعية النقلية منها والعقلية، وهو اجتهاد وإن كان حقاً لأهل الاجتهاد فأولى أن يكون هذا الحق مقرراً للمشرع، إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل ما تقدم وأعمل حكم المادة الثانية من الدستور - على النحو الذي فسرها به - مباشرة ممتنعاً بتفسيره لها عن تطبيق حكم المادة (226) من القانون المدني النافذة، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
لـــــذلـــــك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده المصاريف، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف طنطا لتحكم فيها مجدداً بهيئة مغايرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق