الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 7 ديسمبر 2021

كادر عمال اليومية والقواعد الأساسية التي يقوم عليها تطبيق أحكامه يوسف داود المحامي

مجلة المحاماة - العدد العاشر
السنة الحادية والثلاثون

كادر عمال اليومية والقواعد الأساسية التي يقوم عليها تطبيق أحكامه
للأستاذ يوسف داود المحامي بإدارة قضايا الحكومة

بتاريخ 23 نوفمبر و28 ديسمبر سنة 1944 وافق مجلس الوزراء على كادر عمال اليومية وأصدرت وزارة المالية كتابًا دوريًا في 16 أكتوبر سنة 1945 بنشر أحكام هذا الكادر على جميع الوزارات ومصالح الحكومة.
وقد نظم هذا الكادر قواعد التعيينات والترقيات والعلاوات بالنسبة لجميع عمال اليومية، وفقًا لأسس معينة وقواعد موحدة، وانتهى بصدور هذا الكادر العمل بالأنظمة السابقة التي لم تكن تجري على وتيرة واحدة بل كانت في حالات كثيرة لا تربطها وحدة ولا تناسق ولا يرجع في تطبيقها إلى تفسيرات واضحة ومستقرة.
وكما وضع كادر عمال اليومية نظامًا جديدًا لحالات التعيين اللاحقة على صدوره فقد انطوى على أحكام عامة لإنصاف جميع قدامى الصناع الذين التحقوا بالخدمة قبل تنفيذ الكادر، ومن مقتضى هذا الإنصاف أن أعيدت تسوية حالات هذا الفريق الأخير بافتراض تعيينهم في درجة معادلة للدرجة التي دخلوا بها الخدمة وتدرجهم بعد ذلك بالعلاوات والترقيات وفقًا لنظام مقرر حتى 1/ 5/ 1945 تاريخ تنفيذ الكادر.
والقضايا المتعلقة بتنفيذ كادر العمال تدخل في عداد قضايا التسوية التي تختص محكمة القضاء الإداري بنظرها باعتبار أنها من المنازعات الخاصة بالمرتبات، طبقًا للمادة (3) فقرة (2) من القانون رقم (9) لسنة 1949 الخاص بمجلس الدولة.
وهذه المنازعات تتخذ إحدى صورتين، إما مطالبة بتطبيق هذا الكادر أو بإعادة التسوية وفقًا لأحكامه.
وسنقتصر في هذا المقال على بحث الصورة الأولى من هذه المنازعات وهي الخاصة بتطبيق الكادر لأنها من أهم الصور التي تطرح على محكمة القضاء الإداري مما يتصل بشؤون العمال من حيث دقة الموضوع وتفرق القواعد الخاصة بها في الكادر.
تطبيق كادر عمال اليومية:
استهدف الكادر حالة الصناع المعينين باليومية وخصهم بالقسط الأكبر من عنايته باعتبار أن هذا الفريق يمثل الأغلبية الساحقة من الصناع والعمال، ولذلك سمي بكادر عمال اليومية وإذا كان الكادر قد عنى في المقام الأول بحالة أرباب اليومية فهناك من عداهم من المستخدمين الفنيين المعينين على درجات الميزانية استفادوا من أحكام الكادر بشروط معينة سنعرض لها فيما بعد.
ولم يرد في الكادر نص صريح بتحديد الشروط الواجب توافرها في أرباب اليومية لإمكان انتفاعهم بأحكامه، والمبدأ الذي يمكن استخلاصه من مجموع قواعد الكادر هو أن الشارع اتخذ التعيين في وظيفة الصانع بصفة عامة على اختلاف أنواعها، أساسًا للانتفاع بأحكامه، أي أن تطبيق الكادر على الصانع باليومية، مشروط فيه أن يكون قد عين أصلاً في إحدى الوظائف المدرجة بالكادر، وبذلك يخرج عن متناول هذا التطبيق، القيام بعمل الوظيفة أو التكليف بأداء عملها.
ومبدأ التعيين في وظيفة الصانع، مستفاد من النصوص العديدة التي عرضت لتسوية حالات العمال، وحسبنا أن نشير إلى النصوص الواردة في البند (4) الخاص بالصناع والعمال الفنيين، والبند (5) بشأن الصناع الممتازين، والبند (6) الخاص بالأسطوات، والبند (7) المتعلق بالملاحظين، والبند (8) الذي تناول حالة العمال الكتبة والحكم الوارد في البند (رابعًا) بشأن سائقي السيارات.
ويوجد إلى جانب صناع اليومية، مستخدمون معينون على درجات، أجاز لهم الشارع الانتفاع بتسويات الكادر بتوافر شروط معينة، وهؤلاء المستخدمون ورد ذكرهم على سبيل الحصر في الفقرة (2) من البند الثالث عشر تحت عنوان (قواعد عامة)، وهم نوعان، المستخدمون الصناع والموظفون الفنيون المؤقتون.
أما المستخدمون الصناع فالمقصود بهم الخدمة الخارجون عن الهيئة المدرجة وظائفهم بكادر الصناع، وبذلك لا يستفيد من الكادر من كان من هؤلاء الخدمة مقيدًا على وظيفة بكادر غير الصناع.
وأما الموظفون الفنيون فهم الذين يشغلون وظيفة فنية في الميزانية العامة، ولها نظير في كادر العمال، وهؤلاء الموظفون تتراوح درجاتهم بين الثامنة والسادسة الفنية.
ونص الكادر على تسوية حالة المتقدم ذكرهم من المستخدمين الصناع والموظفين الفنيين على أساس ما يناله زملاؤهم أرباب اليومية الذين يتعادلون معهم في الوظائف ولو جاوزوا بهذه التسوية نهاية ربط الدرجة، بشرط ألا تزيد ماهية المستخدم على نهاية ربط الدرجة المحددة في الكادر لنظيره من عمال اليومية.
وأجاز الكادر لهؤلاء المستخدمين الصناع والفنيين، تحويل وظائفهم من سلك الدرجات إلى سلك اليومية بموافقتهم، وفي هذه الحالة تنقل الوظائف إلى اعتمادات اليومية، ومن لم يوافق منهم على تحويل وظيفته إلى سلك اليومية لا يمنح أية علاوة بعد 30/ 4/ 1945 في حالة تجاوز ماهيته نهاية ربط درجته ما لم يرقَ إلى درجة أعلى يسمح مربوطها بمنحة العلاوات المقررة.
ومما يلاحظ في هذا الصدد أن الكادر لم يحدد موعدًا لتقديم طلبات التحويل نظرًا لأن انتهاء المصالح من تطبيق أحكامه على عمالها كان مرهونًا بعددهم في كل منها كثرة أو قلة فلم يكن من سبيل إلى أن يحدد الكادر التاريخ الذي يتعين فيه تقديم طلب التحويل، على أن العادة جرت على أخذ إقرار على صاحب الشأن بقبوله التحويل من عدمه فإذا خلا ملفه من هذا الإقرار كان له - على الأرجح - أن يتقدم في أي وقت بطلب التحويل.
وانتفاع المستخدمين الصناع والموظفين الفنيين بأحكام الكادر ليس مطلقًا بل هو مرهون بشرطين أساسيين:
1 - أن يكونوا صناعًا أو عمالاً فنيين.
2 - أن يكون لهم مثيل من عمال اليومية في نفس المصلحة، والمقصود بالمثيل من عمال اليومية أن يكون من نفس الوظيفة كنجار أو سائق سيارة مثلاً، واشترط الكادر علاوة على ذلك أن يكون المثيل في نفس المصلحة، أي أن يكون كلاهما تابعين لمصلحة واحدة فإن اختلفت المصلحتان انتفى الشرط، وكذلك الحكم إذا كان كلاهما يتبعان وزارة واحدة ولكنهما يعملان في إدارتين، لكل منهما ميزانية مستقلة.
ومن القضايا المعروضة على محكمة القضاء الإداري للفصل فيها، ما يدور النزاع فيها حول تطبيق كادر العمال على جماعات من أرباب الدرجات وستكون هذه الأحكام المرتقب صدورها، مقررة لوجهة نظر القضاء الإداري في مرامي هذه النصوص ومرجعًا يسترشد به في تفسير هذه القواعد وتطبيقها على الحالات التي تجد مستقبلاً، وعلى هدي هذه الأحكام سيبين مدى سلامة التعليمات التي أصدرتها وزارة المالية تفسيرًا لقواعد الكادر.
وقد أصدرت محكمة القضاء الإداري أخيرًا حكمًا هامًا أكدت فيه الشروط الواجب توافرها لانطباق كادر العمال على المعينين على درجات وذلك في القضية رقم (97) سنة 4 ق التي رفعها بعض سائقي سيارات البوليس بطلب تطبيق أحكام هذا الكادر عليهم أسوة بزملائهم سائقي السيارات بمصالح الحكومة الأخرى، وفي هذا الحكم الذي صدر بجلسة 12/ 4/ 1951 قضى برفض الدعوى تأسيسًا على أن لسائقي سيارات البوليس كادرًا خاصًا بهم مدرجة فيه درجات وظائفهم ضمن الدرجات العسكرية وأنه لما كان الثابت أن هذه الدرجات ليست مدرجة في الميزانية بالكادر الفني أو بكادر الخدمة الخارجين عن هيئة الصناع في 30/ 4/ 1945 وأن لا مثيل لهم من عمال اليومية في نفس المصلحة (البوليس) كان الشرطان اللازمان لتطبيق كادر العمال على هؤلاء السائقين غير متوافرين طبقًا للفقرات (2) و(3) و(4) من البند (13) من كادر العمال.
وأخيرًا نذكر أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 نوفمبر سنة 1944 بالموافقة على أحكام الكادر تضمن نصًا يقضي بأنه لا يجوز الاستثناء من قواعد الكادر إلا بموافقة وزارة المالية، ومؤدى هذا النص أن سلطة الاستثناء التي خولها مجلس الوزراء لوزارة المالية قاصرة على الحالات الفردية التي يطلب إعادة تسويتها على خلاف قواعد الكادر، ولا نرى أن أثر هذا الاستثناء ينصرف إلى نصوص الكادر من حيث إدخال تعديل عليها أو تقرير قواعد جديدة، ذلك لأن قواعد الكادر حددت بموافقة مجلس الوزراء فلا يجوز تعديلها إلا بموافقة السلطة التي أصدرتها.
على أنه يلاحظ بصدد هذا الاستثناء أن وزارة المالية تقدمت بعد ذلك بمذكرة إلى مجلس الوزراء اقترحت فيها تفويضها سلطة البت في الحالات الفردية التي تعرض عليها بطلب تسوية حالات بعض المستخدمين والعمال الذين لم تسوَ حالاتهم تسوية صحيحة بمقتضى كادر العمال كما اقترحت بالنسبة للحالات الخاصة بفئات من المذكورين أن يرجع في ذلك إلى مجلس الوزراء، وقد وافق المجلس على هذه الاقتراحات بجلسة 17/ 5/ 1950.
ولم يكن ثمة ما يدعو وزارة المالية إلى الرجوع لمجلس الوزراء في طلب تفويضها سلطة الاستثناء بالنسبة للحالات الفردية دون الحالات الخاصة بفئات من المستخدمين والعمال بينما تملك حق الاستثناء بمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في 23/ 11/ 1944 بالموافقة على قواعد الكادر حيث منحها سلطة أوسع في إجراء هذا الاستثناء على الأفراد والفئات على السواء.
ولم نتبين الحكمة التي حدت بوزارة المالية إلى الالتجاء إلى مجلس الوزراء في طلب الحد من سلطتها في إجراء هذه الاستثناءات المخولة لها من قبل على مدى أوسع، على أن وزارة المالية قد كشفت في المذكرة التي وافق عليها مجلس الوزراء بجلسة 17/ 5/ 1950، عن الباعث لها على ذلك حيث أشارت إلى قرار سابق صدر من نفس المجلس بتاريخ 20/ 11/ 1949 يقضي بامتناع الوزارات والمصالح عن تقديم أي طلب إلى وزارة المالية لإعادة تسوية حالات العمال والمستخدمين على خلاف ما تقضي به أحكام الكادر، وإذا كانت الوزارة فهمت أن هذا القرار الأخير فيما تضمنه من حظر موجه إلى الوزارات والمصالح، قد سلبها سلطة الاستثناء المخولة لها بقرار 23/ 11/ 1944 فإنه ليس من شأن هذا الحظر أن يؤثر على حق الاستثناء في ذاته ما دام أن القرار لم يتصدَ له بالإلغاء، فهذا الحق قائم ولكن استعماله موقوف إلى أن يرفع الحظر فلا يؤثر هذا الحظر بأي حال على سلطة الاستثناء بحيث يؤدي إلى إلغائها أو الحد منها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق