مجلة المحاماة - العدد العاشر
السنة الخامسة - عدد يوليه سنة 1925
تنازع الاختصاص بين المحاكم المختلطة والمحاكم الأخرى
النظريات والملاحظات العامة
1 - المحاكم المختلطة هي أهم المحاكم الموجودة في مصر وأوسعها سلطةً ونفوذًا:
أولاً: من حيث عدد الأشخاص الذين يخضعون لاختصاصها وذلك لكونه يشمل الأجانب كما يشمل الأهالي.
ثانيًا: من حيث المواد الداخلة في اختصاصها وذلك لأننا إذا استثنينا المواد المحصورة الخارجة عن اختصاصها فإن جميع أنواع القضايا مهما اختلف موضوعها وتشعب أصلها داخل ضمن اختصاص هذه المحاكم [(1)].
ومحل التساؤل الآن هو متى ينقطع اختصاص المحاكم المختلطة ويثبت الاختصاص لغيرها؟ ومتى ينقطع اختصاص المحاكم الأخرى ويثبت الاختصاص للمحاكم المختلطة؟
رأينا أن اختصاص هذه المحاكم كثيرًا ما يتوقف على وجود عنصر معين - وجود أجنبي مثلاً أو وجود حق لأجنبي على عقار - كما أن اختصاصها قد ينقطع إذا ما زال هذا العنصر من القضية، وقد تتغير جنسية أحد الطرفين في أثناء نظر القضية وقد يتنازل أحد الطرفين عن صفة كانت له وقت رفع الدعوى أو تزول عنه تلك الصفة كما أنه قد يحصل على صفة جديدة في أثناء سير الدعوى وقد ينبني على ذلك زوال الاختصاص أو ثبوته وقد يحدث أن الاختلاف في تفسير النصوص القانونية قد يجعل القضية الواحدة من اختصاص محكمتين مختلفتين أو قد يرفعها من اختصاص المحكمتين على السواء.
2 - لا بد من تقرير حقيقة أولية هامة هي أن المحاكم المختلطة قررت دائمًا أن القوانين المنظمة لشؤون وظائف المحاكم تعتبر متعلقة بالنظام العام فيجب مراعاتها بالدقة ولذلك قضت بعدم صحة الاتفاق على رفع القضايا أمامها إذا كانت من اختصاص المحاكم الأهلية أو القنصلية أو الشخصية وأنه يجوز للخصوم أن يتمسكوا بعدم الاختصاص في هذه الأحوال في أية حالة كانت عليها القضية [(2)] أما إذا صدر الحكم النهائي منها ولم تبحث مسألة الاختصاص فلا محل بعد ذلك للتمسك ببطلان الحكم بسبب عدم الاختصاص [(3)].
ومع ذلك فلا ريب أن هناك أحوالاً كثيرة يحيط بها الشك وأنه يترتب على ذلك أنها تقابل بحلول تختلف بحسب ما إذا كانت الجهة القضائية التي تنظرها هي المحاكم المختلطة أو محاكم أخرى تجلس للحكم في مصر. وتتضاعف الصعوبات في هذا الموضوع بسبب طموح كل محكمة إلى السعي في توسيع اختصاصاتها على حساب المحاكم الأخرى ولأن الشارع المصري لم يضع - أو ما كان يستطيع أن يضع - قواعد عامة لحل المنازعات التي تحصل بسبب تنازع الاختصاص بين المحاكم المختلفة في مصر اللهم إلا في أحوال قليلة جدًا وفي مسائل تفصيلية قليلة الأهمية [(4)].
وسبب قعود الشارع المصري هو بلا شك ضعف سلطة الحكومة المحلية وتقديسها لحقوق الأجانب تقديسًا يفوق الوصف وتهاونها في المحافظة على سيادتها الأهلية في بلدها وقد كانت مرغمة على ذلك لحدٍ ما أثناء الاحتلال البريطاني والحماية البريطانية الظاهرة ولكن هذه الحال يجب أن تتبدل الآن حتى تتفق مع شعور الأمة المصرية بالاستقلال.
وتزداد الحالة خطورة بسبب عدم وجود أدنى أثر للتضامن أو للتعاون أو للتفاهم بين المحاكم المختلفة التي تتنازع الحكم في هذا القطر [(5)].
ولا ينتظر مثل ذلك منها وهي على حالتها الراهنة وعلى الخصوص لا ينتظر ذلك من المحاكم المختلطة التي وقفت دائمًا موقفًا جافًا تمثلت فيه الأنانية وحب الذات تجاه المحاكم الأخرى فوضعت سلسلة قواعد هدمت بها كيان اختصاص غيرها من المحاكم في مسائل شتى ووسعت بها اختصاص نفسها على حساب المحاكم الأخرى، حيث لم تقتصر على الافتيات على اختصاص المحاكم الأهلية بل تعدته إلى المحاكم القنصلية وإلى محاكم الأحوال الشخصية، ولم تكتفِ بالحكم باستبقاء اختصاصها عند زوال أحد العناصر التي كانت المسوغ الوحيد لاختصاصها - كما لو زال العنصر الأجنبي أو العنصر الوطني – بل إنها قررت كذلك أنه إذا ظهر في أية قضية مرفوعة أمام محكمة أخرى أي عنصر من العناصر التي كانت تجعل الاختصاص من شأن المحاكم المختلطة لو وجد هذا العنصر من قبل رفع الدعوى فإن اختصاص المحكمة الأخرى يزول بمجرد ظهور العنصر المختلط فيها وتصبح القضية من اختصاص المحاكم المختلطة دون غيرها وبهذه الوسيلة تنتزع هذه المحاكم القضايا التي رُفعت بطريقة صحيحة أمام المحاكم الأخرى المختصة فتحرمها حق النظر فيما هو من اختصاصها وذلك بمجرد حدوث عنصر جديد.
وأخيرًا فإن المحاكم المختلطة كثيرًا ما تستهين بالأحكام التي تصدرها المحاكم الأخرى فلا تقيم لها وزنًا ولا تعتبرها حجة فاصلة فيما قضت فيه وكان داخلاً في اختصاصها متى أريد التمسك بتلك الأحكام ضد أجنبي [(6)] أو إذا كانت تلك الأحكام جنائية وأريد التمسك بما جاء فيها أمام المحاكم المختلطة في الدعوى المدنية الناشئة عن العمل الذي حكم فيه جنائيًا من لدن المحاكم الأهلية أو القنصلية [(7)].
3 - هنا يصح التساؤل عما سلكته المحاكم الأخرى من السبل تلقاء تعسف المحاكم المختلطة وافتياتها على حقوق غيرها. الجواب أن المحاكم الأخرى كثيرًا ما كانت تخالف المحاكم المختلطة في نظرياتها وتحكم بما قد تحفظ به كرامتها ومنها من كان يحكم أحكامًا شديدة جدًا ضد تصرفات المحاكم المختلطة [(8)] ولكن المحاكم الأهلية كانت دائمًا أقل تحمسًا من غيرها في المحافظة على كرامتها أمام المحاكم المختلطة غير أنها ما كانت تستطيع أن تعلي كلمة السيادة الإقليمية المصرية في جو سياسي تختنق فيه الحركة الوطنية اختناقًا باحتلال أجنبي يعمل عملاً متواصلاً للقضاء على كل سيادة وطنية وعلى إزالة كل سيادة إقليمية للحكومة المحلية، والسبب المباشر لانتصار المحاكم المختلطة في كل ما قالت به من النظريات هو أن لهذه المحاكم الكلمة الأخيرة دائمًا في كل خلاف يحصل بينها وبين غيرها من المحاكم فنظامها نظام دولي لدرجة عظيمة وهو مستقل بنفسه عن الحكومة إلى حد كبير جدًا ولذلك تمكنت من إسكات من يقاوم نظرياتها حتى الحكومة المحلية نفسها خذلتها وأخضعتها المحاكم المختلطة محافظة على الحقوق التي تدعيها للأجانب في مصر.
وضعت المحاكم المختلطة قواعد في الاختصاص بالنسبة للأجانب وصلت فيها إلى حد حمايتهم رغم إرادتهم واتفاقاتهم الصريحة حيث قررت أنه من مبادئ النظام العام التي لا يمكن التجاوز عنها أنه لا يجوز لأجنبي مهما كانت الظروف أن يخضع لاختصاص المحاكم الأهلية ولو رضي بذلك صراحةً وخولت نفسها حق إلغاء الأحكام الأهلية وجعلها غير ذات أثر مطلقًا متى مست أية مصلحة لأجنبي سواء في ذلك أتلقى الحق عن الوطني الذي كان خصمًا لوطني آخر في قضية أمام المحاكم الأهلية أم كان هو الذي رفع الدعوى بإرادته واختياره أمام المحاكم الأهلية على خصمه الوطني، أو قبل الخصومة أمام هذه المحاكم صراحةً أو ضمنًا [(9)].
وبذلك قد رفعت المحاكم المختلطة شأن الأجنبي في مصر إلى مقام أرفع مما هو مقرر للملوك المتوجين أو السفراء والمعتمدين أمام محاكم العالم المتمدين [(10)].
4 - هذا وسنستعرض فيما يلي ما قررته المحاكم المختلطة من النظريات بشأن اختصاصها واختصاص غيرها من المحاكم فيما يصح أن يكون محلاً للنزاع وهذه النظريات يمكن حصرها في خمس:
الأولى: نظرية استبقاء اختصاص المحاكم المختلطة بالرغم من زوال أحد أركانه.
الثانية: نظرية زوال اختصاص المحاكم الأخرى إذا استجد عنصر مختلط.
الثالثة: نظرية الصالح المختلط.
الرابعة: نظرية التفرع أو التبعية.
الخامسة: نظرية عدم الإيقاف في مسائل الأحوال الشخصية.
5 - النظرية الأولى: استبقاء اختصاص المحاكم المختلطة بالرغم من زوال أحد أركانه:
تطبق المحاكم المختلطة هذه النظرية في حالتين حالة خروج خصم من القضية وحالة تغيير جنسية خصم أثناء سير القضية وتلحق بهما حالة ثالثة هي ظهور عدم الاختصاص بعد الحكم.
6 - الحالة الأولى: حكمت المحاكم المختلطة دائمًا بأن القضية المرفوعة إليها بطريقة صحيحة وهي تملك الاختصاص تستمر خاضعة لاختصاصها حتى لو خرج منها الأجنبي أو الوطني الذي كان سببًا في الاختصاص ولم يبقَ فيها غير خصمين من الوطنيين أو خصمين من الأجانب متحدي الجنسية [(11)] أو كانت القضية أمام الاستئناف ولم يكن الأجنبي أو الوطني المذكور طرفًا في الاستئناف [(12)] وحجة هذه المحاكم في استبقاء اختصاصها تمسكها بالعدالة فإنه ليس من العدل بعد أن ترفع الدعوى طبقًا لقواعد الاختصاص ويمر عليها زمن ما أمام المحاكم المختلطة وتصرف المصاريف لذلك، أن تنزع القضية منها ويكلف الخصوم رفعها من جديد أمام المحاكم الأخرى [(13)].
ولما كان هذا المبدأ خطرًا على اختصاص المحاكم الأخرى وكان تطبيقه بصفة مطلقة قد يبيح رفع أية قضية أمام المحاكم المختلطة متى وجد فيها عنصر أجنبي ولو في الظاهر سواء كان وجوده فيها ضروريًا أو مفيدًا أو مقصودًا به مجرد جلب الخصوم الآخرين أمام المحاكم المختلطة، فقد اشترطت المحاكم المذكورة، لاستبقاء اختصاصها في حالة زوال العنصر الأجنبي أن يكون ثمت صلة ظاهرة أو ارتباط واضح بين الخصوم يسوغ وجودهم جميعًا في قضية واحدة فإذا اختصم وطني أجنبيًا ووطنيًا آخر أمام المحاكم المختلطة وطلب من كل منهما طلبًا مستقلاً لم يكن بينهما رابطة اتصال فإن رفض الدعوى ضد الأجنبي لا يبقي في الميدان غير الوطنيين وبذلك لا تكون المحاكم المختلطة مختصة بالفصل بينهما [(14)] كذلك إذا رفع الدعوى أجنبي وتنازل عنها قبل الدخول في موضوعها فإن طلبات الدخول المقدمة من أي شخص ثالث تسقط جميعها تبعًا لسقوط الدعوى الأصلية طبقًا لقواعد التدخل المعروفة ولا يجوز النظر فيها أمام المحاكم المختلطة متى كان كل الخصوم من الوطنيين أو من أجانب متحدي الجنسية [(15)].
وأخيرًا إذا كان وجود الأجنبي في الدعوى مقصودًا به مجرد جعل القضية من اختصاص المحاكم المختلطة مع أنها يجب أن لا تكون من اختصاصها إذا نظرنا إلى المصالح الحقيقية لكل الخصوم وخرج الأجنبي فإن المحاكم المختلطة لا تختص بنظرها [(16)] مثال ذلك إذا حول الدين لشخص لمجرد حرمان الخصم من محكمته الطبيعية المرفوعة أمامها الدعوى وجلبه أمام المحاكم المختلطة بحجة إيجاد صالح مختلط وهمي فإن الحوالة لا تنتج أثرها من حيث الاختصاص وتصبح المحكمة المختلطة غير مختصة بعد ظهور الحقيقة [(17)].
ومع ذلك لا بد أن نلاحظ هنا أن المحاكم المختلطة تقر بنتائج التسخير أي تعيين المسخر constitution d’un prête - nom وتعتبره عاملاً من حيث تحديد الاختصاص بدلاً ممن سخره [(18)] ولكنها تشترط لذلك ثلاثة شروط:
الأول: أن يكون هناك تصرف قد حصل لمصلحته يخول له المطالبة بصفته المالك الوحيد الحقيقي للحقوق التي يريد التمتع بها [(19)] الثاني يجب ألا يظهر أصحاب الحق الأصليون في الدعوى لا بصفتهم أصحاب الحقوق كلها أو بعضها فلا يعتبر مسخرًا يعتد بجنسيته في الاختصاص الوكيل الذي لم يحول إليه إلا جزء من الحقوق والذي يطالب منضمًا إلى موكليه ومن حولت إليهم حقوقه [(20)] الثالث ألا يترتب على التسخير جعل مركز المدعي أسوأ مما كان عليه من حيث الوقائع أو من حيث القانون وذلك يحصل إذا كان للمدعى عليه مصلحة ظاهرة في استمرار الدعوى أمام المحاكم الأهلية مثلاً لأنه حصل تحقيق أمامها بشأن وضع اليد على عقار متنازع فيه وحكم له من جانبها فيكون من مصلحته أن تحكم هذه المحاكم نفسها فيما يتعلق بالنزاع على الملكية وخصوصًا إذا اتصل بالموضوع مسائل تتعلق بنظام الوراثة بين الأهالي وقيمة الإعلامات الشرعية الصادرة بشأنه فإن المحاكم الأهلية تكون في مركز أحسن من مركز المحاكم المختلطة للفصل في النزاع إلى النهاية [(21)].
7 - الحالة الثانية: حكمت المحاكم المختلطة دائمًا بأن تغيير جنسية أحد الخصوم أثناء الدعوى المرفوعة أمامها ليس له تأثير مطلقًا في الاختصاص متى كانت مختصة بها وقت رفعها كما أن حلول ورثة مختلفين في الجنسية عن مورثهم محله لا يؤثر في الاختصاص [(22)].
مبدأ عام: وقد قررت المحاكم المختلطة هذا المبدأ بصفة عامة بالنسبة للمحاكم الأخرى حيث قضت بأن تغيير الجنسية الطارئ أثناء القضايا المرفوعة أمام محاكم أخرى وهي تملك الاختصاص في بدء القضية لا ينزع الاختصاص من تلك المحاكم وهو مبدأ عادل ومقرر في جميع قوانين العالم ويرتكز على قاعدة احترام الحقوق المكتسبة [(23)].
8 - الحالة الثالثة: ظهور عدم الاختصاص بعد الحكم: حكمت المحاكم المختلطة أيضًا بأنه إذا نظرت الدعوى أمامها ولم يدفع أحد من الخصوم بعدم الاختصاص لعدم وجود عنصر مختلط فإن الحكم لا يكون معرضًا للإلغاء لهذا السبب بل يبقى صحيحًا ولازمًا [(24)].
عبد الحميد أبو هيف ناظر مدرسة الحقوق سابقًا |
[(1)] راجع س م 30 يناير سنة 1908 مج ت م 20 صـ (80) الذي قرر أن اختصاص المحاكم المختلطة في القضايا المختلطة يمتد إلى جميع المواد التي لم تنزع من اختصاصها بنص صريح لتُعطَى إلى محاكم أخرى، وعلى الخصوص في الأحوال التي تكون فيها مسألة الاختصاص أمرًا مشكوكًا فيه، وذلك لكونها المحاكم العادية في المواد المدنية والتجارية - زد على ذلك أنه حتى في المسائل التي نص على عدم اختصاصها بها كالأحوال الشخصية قد تجد وجهًا للحكم فيها.
[(2)] س م 26 مارس سنة 1896 مج ت م 8 صـ (181) و(س م 7 مارس سنة 1895) مج ت م 7 صـ (181) و(س م 19 يناير سنة 1899) مج ت م 11 صـ (102) و(س م 8 مارس سنة 1900) مج ت م 12 صـ (152) و(س م 26 مارس سنة 1903) مج ت م 15 صـ (217) الذي قرر أيضًا أن تدخل أجنبي في الخصومة فيما بعد ليجعل للمحاكم المختلطة اختصاصًا في القضية لا يغير المركز متى اتضح الغرض و(س م 11 نوفمبر سنة 1914) مج ت م 27 صـ (14) و(س م 28 فبراير سنة 1917) مج ت م 29 صـ (260) والجازيت 7 صـ (88) نمرة (263) الذي استند إلى عدة أحكام سابقة وقرر مبادئ عديدة نذكرها هنا لأهميتها بصفتها من القواعد المهمة المتبعة عملاً أمام المحاكم المختلطة وهي:
1 - أن وظائف المحاكم المختلطة في مصر في الدعاوى الشخصية أو المتعلقة بمنقول تتوقف على جنسية الخصوم، والدفع الفرعي الناشئ عنها يتعلق بالنظام العام.
2 - المحاكم المختلطة لا تختص إلا في حالة اختلاف الجنسية ويجب عليها الحكم بعدم الوظيفة إذا كان النزاع بين خصوم من جنسية واحدة وذلك برغم أي اتفاق آخر يخالف الامتيازات الأجنبية ويخالف تنازل الدول جزئيًا عن اختصاص محاكمها القنصلية.
3 - أن قواعد الاختصاص المعروفة بالنسبة للأجانب في البلاد الأوروبية لا تنطبق في البلاد التي يتمتع فيها الأجانب بالامتيازات الأجنبية مثل مصر، وأن المعاهدات لا تسمح إلا بتنازل جزئي عن اختصاص القناصل وأن المحاكم المختلطة محاكم مصرية وسلطتها على الأهالي مقبولة أكثر من سلطتها على الأجانب وأنها ليست مكملة للنظام القنصلي.
4 - أن المحاكم المختلطة أجازت المقاضاة باسم من حصل له تنازل صوري بقصد إدخال عنصر أجنبي في الخصومة (بند 437) ولكنها لا تجيز نظر القضية كما هي بدون عنصر مختلط فيها.
5 - أنه لا يصح قبول العنصر المختلط من بعد رفع الدعوى ولمجرد تصحيح الاختصاص.
[(3)] راجع كتاب المرافعات بند (538) و س م 16 مايو سنة 1894 مج ت م 6 صـ (294) وراجع بندي (439) و(493) فيما يلي.
[(4)] راجع فيها كتاب المرافعات بند (381)، وبخصوص محاولة الحكومة المصرية الاتفاق مع الدول بشأن حل مسائل تنازع الاختصاص وعدم نجاحها في ذلك راجع تقرير المستشار القضائي عن سنة 1901 صـ (48).
[(5)] راجع مثلاً ما حكمت به محكمة الاستئناف المختلطة في 18 مارس سنة 1891 مج ت م 3 صـ (253) حيث قررت أن المحاكم المختلطة والمحاكم الأهلية محاكم مختلفة لكل منها نظام وترتيب خاص ولذلك فلا محل للتمسك أمام إحداها بأن القضية منظورة أمام الأخرى أو أن أمرًا مقضيًا فيه نهائيًا من إحداها بناءً على إجراءات اتخذت أمامها أو أحكام صدرت منها يصح التمسك به ويجب قبوله أمام الأخرى، ونحوه حكم المنصورة المدنية في 12 إبريل سنة 1921 جازيت 12 صـ (11) نمرة (25) ثالثًا، الذي قرر بناءً على ذلك عدم الإيقاف مع وجود قضية في المحاكم الأهلية بخصوص صفة أحد الخصوم - وقارن ذلك بما تحكم به محاكم النوع الواحد بالنسبة لفروعها المتعددة، مثال ذلك أن المحاكم المختلطة تقضي بأن رفع الدعوى أمام محكمة مدنية بدلاً من رفعها أمام محكمة تجارية أو بالعكس، يقطع التقادم ويجعل الفوائد تجري من يومه (س م 10 يناير سنة 1924 جازيت 14 صـ (102) نمرة 155) وهو تضامن تُحمد عليه المحاكم التي تقرره رغم عدم وجود نص عليه وكان يجب أن يكون التضامن عامًا بين جميع محاكم القطر، وقارنه بما حكمت به محكمة التجارة بإسكندرية في 9 يناير سنة 1922 جازيت 12 صـ (152) نمرة 266 بالنسبة لقضية مرفوعة أمام محكمة فرنسية!!!
[(6)] راجع س م 28 فبراير سنة 1894 مج ت م 6 صـ (172) الذي قضى بأن الأحكام الأهلية لا تكون حجة على الأجانب لأنها صادرة من محاكم غير مختصة بالنسبة إليهم ونحوه س م 16 مايو سنة 1893 مج ت م 5 صـ (247).
[(7)] راجع س م 12 إبريل سنة 1893 مج ت م 5 صـ (186) الذي قضى بأن المحاكم المختلطة ليست مقيدة بما حكمت به المحاكم الأهلية أو أي محاكم أخرى تحكم في مصر ولكن يصح لها الاسترشاد بها لتستنير قبل تكوين رأيها.
[(8)] مثال ذلك حكم القنصلية البريطانية في قضية الكابلي.
[(9)] راجع مثلاً س م 16 مايو 1894 مج ت م 6 صـ (294) الذي قرر أن المحاكم الأهلية التي لا يجوز للأجانب أن يتقاضوا أمامها بحال من الأحوال ليس لها بالنسبة للأجانب أدنى اختصاص بل إنها محرومة بشكل مطلق من أن يكون لها أي حق ولو احتمالي في الحكم ضد أي أجنبي بأي شكل من الأشكال، وينبني على ذلك بالضرورة أن الأحكام التي تصدر من هذه المحاكم بسبب الخطأ أو السكوت من جانب الخصوم أو حتى بمقتضى إرادتهم واختيارهم تكون مطبوعة بطابع البطلان المطلق ولا يمكن أن تحوز قوة الشيء المحكوم فيه نهائيًا، وهذا بعكس المحاكم المختلطة بالنسبة للأهالي فإنها ليست ممنوعة من الحكم بالنسبة إليهم بشكل مطلق. راجع بقية الحكم.
[(10)] راجع في الخضوع في القانون الدولي الخاص بند (336) مكررًا وراجع أيضًا الموضوع نفسه بكتاب المرافعات بند (533).
[(11)] س م 29 إبريل سنة 1896 مج ت م 8 صـ (253) الذي قرر بأن القضية المرفوعة بشكل صحيح أمام المحاكم المختلطة يجب أن تنتهي أمامها، وس م 13 ديسمبر سنة 1895 مج ت م 7 صـ (328) الذي قرر استبقاء الاختصاص حتى لو خرج العنصر الأجنبي بتغير سير الإجراءات ونحوه س م 18 ديسمبر سنة 1902 مج ت م 15 صـ (69) وس م 24 يناير سنة 1918 مج ت م 30 صـ (173)، وقرر س م 18 مارس سنة 1897 مج ت م 9 صـ (218) أن استبقاء الاختصاص بالنسبة للخصمين الباقيين ذوي الجنسية الواحدة يحمي أحد الخصمين من سقوط حقوقه ضد الطرف الآخر في الإجراءات التي اتخذها أمام المحاكم المختلطة بعكس ما إذا اضطر إلى رفع دعوى جديدة أمام محكمة أخرى فإنه يكون معرضًا لسقوط حقه بمضي المدة أو بفوات الميعاد، وقضى س م 23 ديسمبر سنة 1891 مج ت م 4 صـ (69) بأن التغيير الذي يعتري شخصية الخصوم في الدعوى لا يؤثر على الاختصاص فإذا حكم برفض دعوى أحد الخصوم ضد الخصم الذي كان السبب في الاختصاص فلا يترتب على ذلك قانونًا حرمان المحاكم المختلطة من الحكم بالنسبة للخصم الآخر وذلك لأن الدعوى قد رفعت إليها بشكل صحيح وهي مختصة فلا تأثير لما يحدث بعد ذلك ونحوه س م 18 يونيه سنة 1908 مج ت م 20 صـ (292) وس م 22 مايو سنة 1913 مج ت م 25 صـ (403) وس م 24 إبريل سنة 1913 مج ت م 25 صـ (334) الذي ألغى حكم أول درجة واستبقى الاختصاص للمحاكم المختلطة، كذلك حكم بأن زوال حق الاختصاص الذي كان لأجنبي على العقار وكان سببًا في اختصاص المحاكم المختلطة لا يؤثر على بقاء إجراءات نزع الملكية أمام المختلط متى كانت قد ابتدأت أمامه صحيحة (س م 23 فبراير 1911 مج ت م 23 صـ 194) وحكم باستمرار دعوى القسمة المرفوعة من وطني على شريكه الأجنبي ولو باع الأجنبي حصته الشائعة إلى وطني (س م 10 أكتوبر سنة 1923 محاماة 4 صـ (288) نمرة 228) وأخيرًا س م أول مايو سنة 1923 جازيت 24 صـ (181) نمرة (291) وشرحه س م أول إبريل سنة 1924 جازيت صـ (181) نمرة (292) بشأن استبقاء الاختصاص.
[(12)] س م 3 يناير سنة 1901 مج ت م 13 صـ (30) الذي قرر أنه إذا لم يستأنف الأجنبي الذي كان سببًا في الاختصاص ولم يكن من خصوم في الاستئناف غير طرفين من جنسية واحدة فيجب استمرار الاختصاص إلى أن يحكم نهائيًا وكذلك س م 4 إبريل سنة 1917 مج ت م 29 صـ (344) الذي قرر بأن غياب الأجنبي المدعي في أول درجة، لا يجعل محكمة الاستئناف غير مختصة بالحكم في الاستئناف الحاصل بين طرفين من جنسية واحدة.
[(13)] راجع س م أول إبريل سنة 1924 جازيت 14 صـ (181) نمرة (292) وقد ألغي حكم محكمة أول درجة الذي قضى بعدم الاختصاص لزوال العنصر الأجنبي ونحوه 17 إبريل سنة 1923 جازيت 14 صـ (170) نمرة (273) وكانت الدعوى بقسمة عقار كان فيه أحد الشركاء أجنبيًا ولكنه باع لوطني قبل رفع الدعوى ولم يكن المدعي ليعلم ذلك فقررت المحكمة في الاستئناف استبقاء الاختصاص وقالت إن الحالة تختلف لو كان يعلم وكذلك س م 23 أكتوبر سنة 1923 جازيت 14 صـ (181) نمرة (290) وشرحه الحكم نمرة (291) إلا أنه يستثني حالة اختفاء الصالح المختلط قبل مناقشة الدعوى أي قبل بدء المرافعة في الموضوع وراجع التعليق على الحكم نمرة (292) السابق ذكره وفيه بيان فائدة استبقاء الاختصاص، وتوجد الآن نزعة للحكم بعدم الاختصاص من آثارها ما ذهب إليه حكم محكمة مصر المدنية رقيم 10 يناير سنة 1924 جازيت 14 صـ (180) نمرة (289) الذي خالف عمدًا المبدأ المتبع وقضى مع بعض الأحكام الأخرى القليلة، بأن زوال العنصر الأجنبي يجب أن يخرج القضية عن اختصاص المحاكم المختلطة مهما كان سبب الزوال سواء كان بتنازل الأجنبي أو إخراجه من الدعوى أو بسبب عدم صفته وعدم وجود مصلحة له فيها كما هي الحال في القضية التي صدر فيها هذا الحكم فإن الأجنبي الذي حول إليه سند تجاري لقبضه، رفع الدعوى أمام المختلط ثم دخل المحول الوطني في الدعوى فظهر أن الأجنبي لم يكن إلا وكيلاً بالقبض فقط، وبظهور الأصيل في القضية حكمت المحكمة بعدم اختصاصها وقررت أن هذا المبدأ يضمن احترام قواعد الاختصاص بين المحاكم الأهلية والمختلطة ومع ذلك فلا يمكن للآن الركون إلى هذا الرأي من الوجهة العملية لأن الغالب هو القضاء بعكسه كما اعترف الحكم نفسه بذلك.
[(14)] س م 31 مارس سنة 1892 مج ت م 4 صـ (188) بعكس ما إذا كانت الدعويان قائمتين أمام المحكمة وطلب منها أن تحكم بفصلهما وكان بينهما ارتباط فلا محل للتنحي عن نظر الدعوى الحاصلة بين الأهالي لأن ذلك يعتبر بمثابة سكوت عن الحق لا يصح إجازته مطلقًا. س م 9 ديسمبر سنة 1909 مج ت م 22 صـ (39).
[(15)] ص م 17 ديسمبر سنة 1914 مج ت م 27 صـ (72) وراجع كتاب المرافعات بند (1032).
[(16)] قارن س م 4 نوفمبر سنة 1914 مج ت م 27 صـ (7) الذي قرر بأن اختصام شخص في الدعوى لمجرد جعل المحاكم المختلطة مختصة وصدور الحكم بإخراجه منها يجعل هذه المحاكم غير مختصة بنظر طلب التعويض المقدم من شخص ضد آخر من جنسيته وشرحه س م 25 إبريل سنة 1922 جازيت 13 صـ (43) نمرة (77) إلا أن الأجنبي هنا خرج من الدعوى من تلقاء نفسه وقد ألغى الاستئناف حكم أول درجة ونبه إلى أنه كان يجب الحكم بعدم الاختصاص من تلقاء نفس المحكمة - ونحوهما س م 2 يونيه سنة 1904 مج ت م 16 صـ (311) الذي قرر بأنه إذا تبين من ظروف القضية أن ليس للعنصر المختلط أدنى مصلحة ولا ارتباط قانوني بالخصوم الآخرين الذين هم من جنسية أجنبية فإن الدعوى لا تكون من اختصاص المحاكم المختلطة وس م 21 مارس سنة 1912 مج ت م 24 صـ (211) الذي قضى بعدم الاختصاص متى كان سببه وجود دائن أجنبي ليس له مصلحة ولم يختصم إلا ليجعل المحاكم المختلطة مختصة بين اثنين من الوطنيين وكذلك إسكندرية الجزئية في 19 يناير سنة 1924 جازيت 14 صـ (82) نمرة (293).
[(17)] س م 6 يونيه سنة 1912 مج ت م 24 صـ (397) - راجع في تأثير الحوالة على الاختصاص.
[(18)] س م 3 ديسمبر سنة 1913 مج ت م 26 صـ (64) وس م 17 نوفمبر سنة 1910 مج ت م 23 صـ (27) وس م 8 يناير سنة 1924 جازيت 14 صـ (182) نمرة (296) الذي يقرر أن التسخير ليس فيه ما يعتبر غير مشروع وأنه يصح لوطني أن يستعمله وسيلة لرفع دعواه على وطني آخر أمام المحاكم المختلطة إلا في الحالة التي يصبح فيها مركز المدين أسوأ مما كان ونحوه س م 29 يناير سنة 1924 جازيت 4 صـ (182) نمرة (295) وس م 28 فبراير سنة 1923 جازيت 14 صـ (183) نمرة (297) الذي قرر مشروعية التسخير ولو حصلت الحوالة لمجرد جعل المحاكم المختلطة مختصة بدلاً من المحاكم القنصلية غير أنه يجب على القاضي المختلط في هذه الحالة أن ينظر في أي القانونين يطبق: القانون المختلط أم القانون الشخصي الخاص بجنسية المتقاضين الأصليين.
[(19)] قارن س م 28 فبراير سنة 1917 مج ت م 29 صـ (260) وقارن حكم محكمة مصر المختلطة في 10 يناير سنة 1924 جازيت 14 صـ (180) نمرة (289) الذي قضى بأنه إذا تبين أن المحول إليه السند لم يكن إلا مجرد وكيل في القبض وتدخل في الدعوى الدائن الأصلي وكان هو والموقعون على السند جميعًا من الأهالي ولم يكن بذلك صالح لأجنبي في الدعوى، لأن التوكيل قد انتهى بظهور الموكل وإقراره بالحقيقة، فالمحكمة تحكم بعدم اختصاصها بالرغم من أن القضية كانت من اختصاصها في أول الأمر. وراجع نقد هذا الحكم في الجازيت نفسها وقولها إنه مخالف للقواعد الثابتة في استبقاء الاختصاص.
[(20)] س م 6 يونيه سنة 1912 مج ت م 24 صـ (397).
[(21)] س م 29 يناير سنة 1924 جازيت 14 صـ (182) نمرة (295) وشرحه 8 يناير سنة 1924 جازيت 14 صـ (182) نمرة (296).
[(22)] س م 16 إبريل سنة 1890 مج ت م 2 صـ (309) وس م 12 فبراير سنة 1903 مج ت م 15 صـ (143) وس م 17 يناير سنة 1918 مج ت م 30 صـ (163) وكذلك س م 29 إبريل 1891 مج ت م 3 صـ (255) وس م 7 نوفمبر سنة 1901 مج ت م 14 صـ (6) وس م 6 مايو سنة 1903 مج ت م 15 صـ (291) فيما يتعلق بوفاة أحد الخصوم وحلول ورثة من جنسية أخرى أو تبعية أخرى محله وس م 22 ديسمبر سنة 1910 مج ت م 23 صـ (88) فيما يتعلق بزوال الحماية الأجنبية عن أحد الخصوم.
[(23)] س م 27 مايو سنة 1921 جازيت 12 صـ (5) نمرة (1) وقد أيد حكم أول درجة وكانت القضية مرفوعة أمام المحاكم الأهلية وطرأ التغيير على جنسية المدعي الذي كان عثمانيًا وأصبح يونانيًا بحكم الاتفاق الذي حصل سنة 1918 بين الحكومتين المصرية واليونانية فقضت المحكمة المختلطة بصحة حكم المزاد الصادر من المحكمة الأهلية عقب رفع دعوى القسمة وبعد أن اعترف الاتفاق المذكور بجنسيته اليونانية ولكن ذلك لم يحصل إلا بعد رفع دعوى القسمة وإن حصل قبل صدور الحكم، لذلك تبقى المحاكم الأهلية مختصة ويكون حكمها صحيحًا.
[(24)] راجع س م 16 مايو 1894 مج ت م 6 صـ (294) الوارد الجزء الأول من ملخصه في حاشية (2) بند (434) حيث يقول مسترسلاً وليست الحالة كذلك بالنسبة للمحاكم المختلطة فإنها ليست موصدة الأبواب في وجه الأهالي بل يدخل في تشكيلها قضاة من الأهالي وهي تقضي باسم الحكومة المصرية وبتفويض منها وهي وإن كانت غير مختصة مبدئيًا بقضايا الأهالي فيما بينهم إلا أن عدم الاختصاص هذا مما يهم الأشخاص فقط ratione personae وهو نسبي جدًا ويزول في أحوال عديدة نص عليها القانون وشملها بحكم خاص وعلى هذه الحال تعتبر الأحكام التي تصدرها بين الأهالي، رغم عدم اختصاصها بها، قابلة لأن تحوز قوة الشيء المحكوم فيه نهائيًا خصوصًا، كما في القضية التي انتهت بهذا الحكم، إذا قبل الشخص اعتباره أجنبيًا واتخذ لنفسه صفة الأجنبي أثناء الدعوى ثم جاء بعد الحكم بزمن طويل يدعي أنه وطني بقصد الحصول على إلغاء الحكم النهائي الصادر ضده، لذلك يصح تنفيذ الحكم المختلط الصادر في هذه الظروف بواسطة نفس السلطة القضائية التي أصدرته باعتباره أحد أحكامها ولو كان صادرًا بين خصوم كلهم من الأهالي ما دام أنه أصبح نهائيًا فإنه يكون غير قابل للطعن فيه بأي طريق حتى ولو كان ذلك لعدم الاختصاص.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق