الدعوى رقم 8 لسنة 42 ق "منازعة تنفيذ" جلسة 8 / 5 / 2021
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من مايو سنة 2021م،
الموافق السادس والعشرين من رمضان سنة 1442 هـ.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر
والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت
والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 8 لسنة 42 قضائية "منازعة تنفيذ".
المقامة من
..........
ضـد
1 – وزير العدل
2 - .....
الإجـراءات
بتاريخ السابع والعشرين من فبراير سنة 2020، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بصفة مستعجلة: وقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة بجلسة 2019/12/3، في الدعوى رقم 160 لسنة 136 قضائية، وفى الموضوع: بعدم الاعتداد بذلك الحكم، والاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 1996/1/6، في الدعـوى رقم 5 لسنة 8 قضائية "دستورية"، وما يترتب على ذلك من آثار.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول
الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة لوزير العدل، واحتياطيًّا: بعدم قبول
الدعوى، لعدم تقديم المدعى ما يفيد صيرورة الحكم باتًّا.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعـوى على النحـو المبيـن بمحضر جلسة 2021/4/3، قدم فيها الحاضـر عن المدعى مذكـرة صمم فيها على طلباته، وبتلك الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى عليها الثانية كانت قد أقامت الدعوى رقم 323 لسنة 2018 أسرة عابدين، أمام محكمة عابدين الجزئية، طالبة الحكم بتمكينها من مسكن حضانة الصغيرتين/ ....و ..... ، المبين بصحيفة الدعوى، على سند من أنها الجدة لأم للصغيرتين المذكورتين آنفًا، وأن حضانتهما انتقلت إليها إثر وفاة ابنتها، التي كانت زوجة للمدعى. وبجلسة 2018/11/28، قضت المحكمة برفض الدعوى. لم ترتض المدعى عليها الثانية هذا القضاء، فطعنت عليه بالاستئناف رقم 160 لسنة 136 قضائية، أمام محكمة استئناف القاهرة – الدائرة (18) أسـرة. وبجلسة 2019/12/3، قضت المحكمة بإلغـاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددًا بتمكين المستأنفة من المسكن المشار إليه بالمشاركة مع المستأنف ضده (المدعى في الدعوى المعروضة). وإذ ارتأى المدعى أن ذلك الحكم قد استند في قضائه إلى أحكام المادة (18) مكررًا ثالثًا من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية، المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985، وأنه يشكل عقبة في تنفيذ الحكم الصادر عن هذه المحكمة بجلسة 1996/1/6، في الدعوى رقم 5 لسنة 8 قضائية "دستورية"، فأقام دعواه المعروضة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليه الأول (وزير العدل)، فهو سديد، ذلك أنه لم يكن خصمًا في النزاع الموضوعى، ومن ثَمَّ لا يكون ذا صفة في الدعوى المعروضة، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة له، مع الاكتفاء بذكر ذلك في الأسباب دون المنطوق.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى، بقالة عدم توافر شروط قبول منازعة التنفيذ المقررة بنص المادة (50) من قانون المحكمة الدستورية العليا، لعدم تقديم المدعى ما يفيد صيرورة الحكم باتًّا، فذلك مردود بأنه طبقًا لنص المادة (14) من قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2004 فإن الأحكام والقرارات الصادرة من الدوائر الاستئنافية في مسائل الأحوال الشخصية، غير قابلة للطعن فيها بطريق النقض، ومن ثم فهى بطبيعتها أحكامًا باتة.
وحيث إن منازعة التنفيذ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قوامها أن التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا - بمضمونها أو أبعادها - دون اكتمال مداه، وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم، تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التي تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبـة لتلك العوائـق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص تشريعي، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينهـا، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثـة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائـق - سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها - ولو كانت تشريعًا أو حكمًا قضائيًّا أو قـرارًا إداريًّا أو عملاً ماديًّا، حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيـذ لا تعد طريقًا للطعـن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية – على ما استقر عليه قضاؤها – يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى لو تطابقت في مضمونها. كما أن قوة الأمر المقضى لا تلحق سوى منطوق الحكم، وما هو متصل بهذا المنطوق من الأسباب اتصالاً حتميًّا لا تقوم له قائمة إلا بها .
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بجلسة 1996/1/6، في الدعوى رقـم 5
لسنة 8 قضائية " دستورية ": بعدم دستورية المادة (18) مكررًا ثالثًا -
المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية إلى
المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية، وذلك فيما نصت
عليه وتضمنته من:
أولاً: إلزامها المطلق بتهيئة مسكن مناسب لصغاره من مطلقته وحاضنتهم
ولو كان لهم مال حاضر يكفى لسكناهم، أو كان لحاضنتهم مسكن تقيم فيه، مؤجرًا كان أم
غير مؤجر.
ثانيًا: تقييدهـا حـق المطلق - إذا كان مسكن الزوجية مؤجرًا - بأن يكون إعداده مسكنًا مناسبًا لصغـاره من مطلقته وحاضنتهم، واقعًا خلال فتره زمنية لا يتعداها، نهايتها عدة مطلقته. وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 3 بتاريخ 1996/1/18.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة المتقدم بيانه قد تساند إلى جملة أسباب، من بينها أن الأصل المقرر شرعًا أن مؤنة الحضانة تكون في مال المحضون؛ فإن لم يكن للمحضون مال، فعلى من تلزمه نفقته؛ وكان هذا الأصل مرددًا بنص الفقرة الأولى من المادة (18) مكررًا ثالثًا من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 - المشار إليه - التي تقضى بأنه إذا لم يكن للصغير مال فنفقته، على أبيه، ......، وإنه متى كان ما تقدم، فقد تعين أن يكون النص المطعون فيه مقيدًا، فلا يكون مسكن الزوجية مقرًا للمحضونين، إذا كان لحاضنتهم مسكن يأويهم، تقيم هي فيه، وليس لازمًا أن يكون مملوكًا لها، ذلك أن حق الصغار في السكنى ينتقل من مسكن أبيهم إلى مسكن حاضنتهم، أيًّا كان شكل العلاقة القانونية التي ترتبط بها في شأن هذه العين، ودون إخلال بحقها في أن تقتضى لها وللصغار أجر مسكن مناسب، باعتباره من مؤنتهم.
وحيث إنه باستقراء أحكام قوانين الأحوال الشخصية، يتبين أنها جاءت خلوًا من ثمة تنظيم قانوني لاستقلال الجدة لأم بمسكن الحضانة بصفتها حاضنة لصغار ابنتها المتوفاة، الأمر الذى حدا بمحكمة استئناف القاهرة – في حكمها المنازع في تنفيذه – إلى استدعاء نص المادة (18) مكررًا ثالثًا المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية إلى المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المشـار إليه – الذى يُلزم المُطلق بتهيئة مسكن مناسب لصغاره من مطلقته، ولو كان لحاضنتهم مسكن تقيم فيه، مؤجرًا أو غير مؤجر- وتطبيقه على واقعات النزاع الموضوعي، واعتماده كأساس أقامت عليه قضاءها، الصادر بجلسة 2019/12/3 في الدعوى رقم 160 لسنة 136 قضائية، بتمكين المدعى عليها الثانية (الجدة لأم ) من مسكن الحضانة، بالمشاركة مع المدعى (المستأنف ضده)، استنادًا إلى أنها جدة لأم للمحضونتين .... و ....، وحاضنة لهما بعد وفاة أمهما، وذلك دونما اعتداد بما أبداه المدعى من دفاع، مؤداه أن لصغاره مالًا حاضرًا كافيًا لسكناهم، وأن لحاضنتهم (الجدة لأم) مسكنًا مستقلًا تقيم فيه، مهدرةً بذلك حجية الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 5 لسنة 8 قضائية "دستورية" المشـار إليه، بعدم دستورية نص المادة (18) مكررًا ثالثًا من القانون المشار إليه، فيما نصت عليه وتضمنته من إلزامها المطلق بتهيئة مسكن مناسب لصغاره من مطلقته وحاضنتهم ولو كان لهم مال حاضر يكفى لسكناهم، أو كان لحاضنتهم مسكن تقيم فيه، مؤجرًا كان أم غير مؤجر. ومن ثم، يكون حكم محكمة الاستئناف السالف الذكر مناقضًا له ويُشكل عقبة تحول دون تنفيذه، الأمر الذى يتعين معه القضاء بإزالتها وعدم الاعتداد به، والاستمرار في تنفيذ حكم هذه المحكمة المشار إليه.
وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ حكم محكمة استئناف القاهرة – الدائرة (18) أحوال شخصية - المشار إليه، فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع في الدعوى المعروضة، وإذ انتهت المحكمة إلى القضاء في موضوع الدعوى، على النحو السالف البيان، فإن هذا الطلب يكون قد بات غير ذي موضوع.
فلهـذه الأسبـاب
حكمت المحكمة: بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية
العليا بجلسة 1996/1/6، في الدعوى رقم 5 لسنة 8 قضائية "دستورية"، وعدم
الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة بجلسة 3/12/2019، في الاستئناف
رقم 160 لسنة 136 قضائية " أسرة "، وألزمت المدعى عليها الثانية
المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق