جلسة 30 من ديسمبر سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/
محمد محمود الباجوري نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد
العزيز الجندي، جلال أنسي، محمد أحمد حمدي، وأحمد كمال سالم.
-------------
(406)
الطعن رقم 4 لسنة 48
القضائية "أحوال شخصية".
( 1، (2 أحوال شخصية "المصريين غير المسلمين"
"الطلاق". محكمة الموضوع.
(1)وجوب صدور الأحكام في منازعات الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين
المتحدي الطائفة والملة وفق شريعتهم. المقصود بلفظ شريعتهم.
(2)الزنا الحكمي. هو سوء السلوك الذي لا يرقى إلى حد الزنا. اعتباره سبباً يبيح
التطليق. م 56 من لائحة الأقباط الأرثوذكسي 1938، تقدير الأفعال المكونة لذلك.
مرجعه محكمة الموضوع. عدم تقيدها بصدور توقيع سابق من الرئيس الديني.
-----------
1 - مفاد الفقرة الثانية
من المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 من صدور الأحكام في المنازعات
المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملة طبقاً
لشريعتهم، لا يقتصر مدلوله على ما جاء بالكتب السماوية وحدها بل ينصرف إلى ما كانت
تطبقه جهات القضاء الملي قبل إلغائها باعتباره شريعة نافذة، وإذ كان البين من
الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بالتطليق إلى
مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة سنة 1938 التي اطردت
المجالس الملية على تطبيقها فإنه لا يصح النعي عليه بالانحراف عن تطبيق الشريعة
الواجبة التطبيق (1).
2 - إذ كانت مجموعة
القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة سنة 1938 بعد أن نصت
على التطليق لعلة الزنا في المادة 55 منها أخذت بسوء السلوك - وهو ما يعرف بالزنا
الحكمي - كسبب آخر من أسباب التطليق بالنص عليه في المادة 56 بقولها "إذا ساء
سلوك أحد الزوجين وفسدت أخلاقه وانغمس في خماة الرذيلة ولم يجد في إصلاحه توبيخ
الرئيس الديني ونصائحه جاز للزوج الآخر أن يطلب الطلاق". فمفاد ذلك أن
التطليق كما يكون لعلة الزنا يكون أيضاً لسوء السلوك الذي لا يرقى إلى هذا الحد. لما
كان ذلك، وكان سوء السلوك مسألة نسبية تختلف من مكان إلى آخر ومن زمان إلى آخر،
فإن تقدير ما إذا كانت الأفعال المكونة لسوء السلوك بلغت من الخطورة بحيث تخل بما
يجب من إخلاص بين الزوجين أو يحتمل معها أن تؤدي إلى الزنا مرجعه إلى محكمة
الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى بغير معقب عليها من محكمة النقض ما دام استخلاصها
سائغاً، وهي غير مقيدة في ذلك بما تضمنه النص من أن يوبخ الرئيس الديني الزوج سيء
السلوك فلا يرتدع، إذ هذا التوبيخ لا يعد شرطاً للتطليق بل هو من قبيل الزجر
الديني وليس إجراءً قانونياً يقتضيه تطبيق النص.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام
الدعوى رقم 94 لسنة 1976 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة أسيوط الابتدائية
ضد الطاعنة بطلب الحكم بتطليقها منه، وقال شرحاً لها إنه تزوجها بعقد صحيح محرر
بتاريخ 17/ 7/ 60 على شريعة الأقباط الأرثوذكس وأنجب منها ثلاثة أولاد، ثم ساء
سلوكها بأن ارتبطت بعلاقة غير مشروعة بمن يدعى.... وتمادت في غيها بأن حرضت الأخير
على الاعتداء عليه بالضرب وتحرر عن هذه الواقعة الجنحة رقم 996 لسنة 1974 عسكرية
المنيا أدين فيها المذكور بغرامة خمسين جنيهاً، وقدم قسم حماية الآداب تقريراً
بوجود علاقة غير مشروعة بينها وبين هذا الشخص كما طلبت النيابة الإدارية من
المحكمة التأديبية إبعادها عن التدريس لهذا السبب، ولما لم يجد نصحها أقام الدعوى.
وبتاريخ 24 فبراير سنة 1977 حكمت المحكمة بتطليق الطاعنة من المطعون عليه. استأنف
الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 10 لسنة 52 أحوال شخصية أسيوط. وبتاريخ 10/ 1/
1978 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم
بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على
المحكمة في غرفة مشورة فرأته جدير بالنظر. وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على
تسعة أسباب، تنعى الطاعنة بالسببين الأول والرابع منها على الحكم المطعون فيه
مخالفة القانون، ذلك أمنه طبق أحكام مجموعة الأقباط الأرثوذكس الصادرة سنة 1938 مع
إنها مجرد رأي لبعض الناس ولم تطبق كقانون من قوانين الدولة وأن القواعد الواجبة
التطبيق على الدعوى هي لائحة الأقباط الأرثوذكس الصادرة في 14/ 5/ 1883 والتي لم
يرد بها سوء السلوك كسبب من أسباب للتطليق، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه أخذ
بالزنا الحكمي كسبب للتطليق مع أنه ليس في الشرائع السماوية ما يسمى بالزنا الحكمي
ولا تعرف إلا الزنا الفعلي الذي عنيت بتعريفه وتشددت في طريق إثباته، فضلاً عن أن
المحكمة وقد طبقت المجموعة سالفة الذكر فإنها لم تلتزم بما اشترطه من توبيخ الرئيس
للزوجة.
وحيث إن النعي مردود، ذلك
أم ما تقضي به الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 من
صدور الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين
والمتحدي الطائفة والملة طبقاً لشريعتهم، لا يقتصر مدلوله على ما جاء بالكتب
السماوية وحدها بل ينصرف إلى ما كانت تطبقه جهات القضاء الملي قبل إلغائها
باعتباره شريعة نافذة، وإذ كان البين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون
فيه أنه استند في قضائه بالتطليق إلى مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية
للأقباط الأرثوذكس الصادرة سنة 1938 التي أطردت المجالس الملية على تطبيقها فإنه
لا يصح النعي عليه بالانحراف عن تطبيق الشريعة الواجبة التطبيق، أما لائحة الأقباط
الأرثوذكس الصادرة في 14/ 5/ 1882 - المشار إليها بسبب النعي - فهي خاصة بإعادة
تنظيم المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس ولم تتضمن أية قواعد موضوعية. ولما كانت
مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس بعد أن نصت على التطليق
لعلة الزنا في المادة 55 منها أخذت بسوء السلوك - وهو ما يعرف بالزنا الحكمي كسبب
آخر من أسباب التطليق بالنص عليه في المادة 56 بقولها "إذا ساء سلوك أحد
الزوجين وفسدت أخلاقه وانغمس في حيازة الرذيلة ولم يجد في إصلاحه توبيخ الرئيس
الديني ونصائحه جاز للزوج الآخر أن يطلب الطلاق". فمفاد ذلك أن التطليق كما
يكون لعلة الزنا يكون أيضا لسوء السلوك الذي لا يرقى إلى هذا الحد، لما كان ذلك
وكان سوء السلوك مسألة نسبية تختلف من مكان إلى آخر ومن زمان إلى آخر. فإن تقدير
ما إذا كانت الأفعال المكونة لسوء السلوك بلغت من الخطورة بحيث تخل بما يجب من
إخلاص بين الزوجين أو يحتمل معها أن تؤدي إلى الزنا مرجعه إلى محكمة الموضوع
تستخلصه من ظروف الدعوى بغير معقب عليها من محكمة النقض ما دام استخلاصها سائغاً،
وهي غير مقيدة في ذلك بما تضمنه النص من أن يوبخ الرئيس الديني الزوج سيء السلوك
فلا يرتدع، إذ هذا التوبيخ لا يعد شرطاً للتطليق بل هو من قبيل الزجر الديني وليس
إجراء قانونياً يقتضيه تطبيق النص، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد للحكم
المطعون فيه قد استخلص سوء سلوك الطاعنة من قرائن استمدها من المستندات المقدمة في
الدعوى هي ما ورد بمدونات حكم الجنحة رقم 996 سنة 74 عسكرية قسم المنيا التي أدين
فيها.... بالاعتداء على المطعون ضده وإحداث إصابات به من أن الطاعنة كانت مرفقة
للمتهم وتدعوه إلى الاستمرار في التعدي على المطعون ضده حتى يجهز عليه وأن إنكار
الطاعنة لهذه الواقعة لم تقصد منه سوى التستر على ما حاول المجني عليه كشفه من
وجود علاقة آثمة بينها وبين المتهم، وما ورد بتقرير قسم حماية الآداب بالمنيا الذي
جاء مؤيداً لوجود هذه العلاقة، وما جاء بمذكرة النيابة الإدارية بطلب محاكمتها
هي.... تأديباً بسبب هذه العلاقة مع إبعادها عن تربية النشء لأنها غير أمينة
عليهم، وكان هذا الاستخلاص يتوافر به سوء السلوك الموجب للتطليق فإن النعي على
الحكم بمخالفة القانون يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى
بالسبب الثاني والأسباب من الخامس إلى الأخير على الحكم المطعون فيه قصور التسبيب،
ويقول في بيان ذلك أن الحكم أقام قضاءه على الظن والاستنتاج إذ الحكم الجنائي الذي
عول عليه لا شأن لها به ولم تكن طرفاً فيه فضلاً عن أنه غير نهائي، هذا إلى أنها
قدمت العديد من المستندات التي تدحض ادعاء المطعون ضده بأنها على علاقة آثمة مع من
يدعى..... منها خطابات مرسلة من المطعون ضده للأخير تشهد بالود والصداقة القائمة
بينهما وشهادة من كنيسة منفلوط بأنها حسنة السلوك وهي قرائن من شأنها أن تغير وجه
الرأي في الدعوى ومع ذلك التفتت عنها المحكمة ولم ترد عليها وهو ما يعيب الحكم
بالقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود، ذلك
أن قاضي الموضوع له - بحسب الأصل - السلطة المطلقة في استنباط القرائن التي يعتمد
عليها في تكوين عقيدته، لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ليس ثمة
ما يمنع في القانون من أن تستند المحكمة في حكمها إلى التحقيق التي أثبتها الحكم
في قضية أخرى لم يكن الخصم طرفاً فيها لتدعيم الأدلة والقرائن التي سردتها فيه لأن
ذلك لا يعدو أن يكون استنباطاً لقرينة رأت فيها المحكمة ما يؤيد وجهة نظرها، وليس
بلازم أن يكون الحكم الصادر في القضية الأخرى قد حاز قوة الأمر المقضي ما دامت
حجيته قائمة وقت استنباط القرينة معه، لما كان ذلك فإنه لا تثريب على الحكم
المطعون بعد أن استمد من الحكم في الجنحة رقم 996 سنة 1974 عسكرية قسم المنيا
قرينة مؤيدة للقرائن الأخرى التي اعتمد عليها، لما كانت ذلك وكان لمحكمة الموضوع
السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير قيمة ما يقدم لها من أدلة أو
قرائن وكان لا تثريب عليها في الأخذ بما تكون قد اقتنعت به من قرائن ما دامت من
طرق الإثبات القانونية وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن يقم قضاءها على
أسباب سائغة تكفي لحمله وهي غير ملزمة بالتحدث في حكمها عن كل قرينة من القرائن
غير القانونية التي يدلي بها الخصوم استدلالاً على دعواهم من طريق الاستنباط، وهي
غير مكلفة بأن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وترد استقلالاً على كل حجة أو
قول أثاروه ما دام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني
المسقط لتلك الأقوال والحجج، لما كان ما تقدم وكانت الأسباب التي استند إليها
الحكم المطعون فيه - على ما سلف بيانه - سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي
انتهى إليها في قضائه وتتضمن الرد على ما يخالفها، فإن النعي عليه بقصور تسبيبه
يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى
بالسبب الثالث على الحكم فيه بطلانه، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي المؤيد
لأسبابه بالحكم فيه ذكر في مدوناته رأي النيابة ثم أعقبه بذكر أسانيد الخصوم
وآرائهم وفي ذلك مخالفة لما تنص عليه المادة 95 من قانون المرافعات من أن النيابة
آخر من يتكلم مما يصم الحكم بالبطلان.
وحيث إن النعي مردود، ذلك
أن ترتيب البيانات الواجب تدوينها في الحكم والواردة بالمادة 178 من قانون
المرافعات ليس ترتيباً حتمياً يترتب على الإخلال به البطلان أما نص المادة 95 من
قانون المرافعات فمحل تطبيقه هو مرحلة المرافعة في الدعوى من ثم لا شأن لهذه
المادة بإثبات رأي النيابة بمدونات الحكم، لما كان ذلك وكانت الطاعنة لم تجادل في
أن النيابة أبدت رأيها في الدعوى طبقاً للقانون، فإن نعيها ببطلان الحكم الابتدائي
المؤيد بالحكم المطعون فيه بمقولة مخالفته للمادة 95 سالفة الذكر يكون على غير
أساس.
ومتى كان ما تقدم فإن
الطعن برمته يكون على غير أساس.
(1) نقض 26/ 1/ 1977 - مجموعة المكتب الفني - السنة 28 ص 302.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق