باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي
حــــــاكم إمـــــــــــارة رأس الخيمـــــــــــــــــة
-------------------------
محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمـــــــــة
الدائــــــــرة المدنية
برئاسة السيد القاضي / عبد الناصر عوض الزناتي رئيس المحكمة
وعضوية السيدين القاضيين / على عبدالفتاح جبريل و أحمد مصطفى أبوزيد
وبحضور أمين السر السيد/ محمد سند
في الجلســـــة العلنية المنعقـــــدة بمقـر المحكمة بدار القضاء بــإمارة رأس الخيمـــة
في يوم الأحد 23 من ربيع الآخر سنة 1440 هـ الموافق 30 ديسمبر سنة 2018 م
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعـن المقيـــد فـي جــدول المحكمـة بـرقم 27 لسنـــة 13 ق 2018 – مدني
المرفوع من / شركة ..... الدولية ش. ذ.م.م بوكالة المحامي / ......
ضـــــــــــــــد
شركة ..... القابضة بوكالة / مكتب ..... للمحاماة والاستشارات القانونية
المحكمــــــــــــــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه القاضي المقرر/أحمد مصطفى أبوزيد، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم 7 لسنة 2017 إشكال تنفيذ رأس الخيمة بطلب الحكم بوقف تنفيذ الملف التنفيذي رقم 10 لسنة 2017 رأس الخيمة على سند من القول بأن الشركة المطعون ضدها تقدمت إلى دائرة محاكم رأس الخيمة بطلب لتنفيذ حكم تصديق على حكم تحكيم صادر من مركز دبي المالي العالمي وقد تم فتح الملف التنفيذي، وإذ كان السند التنفيذي المقدم غير صالح للتنفيذ بموجبه فقد أقامت الدعوى. حكمت المحكمة برفض الإشكال والاستمرار في التنفيذ.
استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف رأس الخيمة بالاستئناف رقم 1 لسنة 2018 مدني، وبتاريخ 28/1/2018 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف.
طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 7 لسنة 2018 تمييز مدني. وبتاريخ 7/5/2018 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت الدعوى إلى محكمة الاستئناف، والتي قضت بتاريخ 24/9/2018 بتأييد الحكم المستأنف.
طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة -في غرفة مشورة -حددت جلسة لنظره، وفيها أصدرت الحكم.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على دفعها بعدم الاختصاص الولائي لدائرة محاكم رأس الخيمة بنظر طلب تنفيذ حكم التحكيم المستشكل في تنفيذه على سند من أن جهتي القضاء بإمارة رأس الخيمة ومحاكم مركز دبى المالي العالمي هما جهتان قضائيتان محليتان مستقلتان كل منهما عن الأخرى، وأن أي تعديل في قواعد اختصاص بين أي منهما يكون إما بقانون اتحادي أو مرسوم أميري يصدر من أصحاب السمو حكام الإمارتين، ولما كانت قواعد الاختصاص لم يتم تعديلها ومن ثم تظل كل منهما مستقلة بذاتها والتعاون بينهما يحدد وفقاً لقانون تنظيم العلاقات القضائية بين الإمارات رقم 11 لسنة 1973 بإنابة قضائية صادرة عن قاضي التنفيذ المختص إلى قاضي التنفيذ المطلوب اتخاذ إجراءات التنفيذ في دائرته سواء بشأن تنفيذ الأحكام والقرارات أو الأوامر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا مستوجبا نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد؛ ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الطعن بطريق النقض يُعد خصومة ذات طبيعة خاصة حرّم فيها المشـرع على محكمة التمييز إعادة نظر الموضوع للفصل فيه من جديد إلا وفقا للأوضاع المقررة قانوناً، وجعل وظيفة المحكمة مقصورة على القضاء في صحة الأحكام من حيث التزامها أو عدم التزامها بنصوص القانون فيما يكون قد عُرض على محكمة الموضوع من الطلبات وأوجه الدفاع، ومن ثم فهي مثلها مثل محكمة الإحالة عند نظر الطعن للمرة الثانية؛ إذ تكون مقيدة بالحكم الناقض في النقاط القانونية التي طُرحت عليها من قبل إعمالاً لنص المادة 184 من قانون الإجراءات المدنية بحيث تلتزم المسألة القانونية التي فصلت فيها مما يكسب الحكم الناقض في خصوص هذه المسألة أو المسائل القانونية المرتبطة التي تناولتها بقضائها السابق حجية الأمر المقضي. لما كان ذلك، وكان الحكم الناقض قد تناول مسألة الاختصاص الولائي لدائرة محاكم رأس الخيمة بنظر طلب تنفيذ حكم التحكيم المستشكل في تنفيذه وأدلى برأيه فيه عن قصد وبصيرة، وانتهى في قضائه إلى اختصاص دائرة محاكم رأس الخيمة ولائياً بنظر الإشكال تأسيساً على نصوص المواد 11 و 12 و 13 من القانون رقم 11 لسنة 1973 في شأن تنظيم العلاقات القضائية بين الإمارات الأعضاء في الاتحاد بشأن تنفيذ أحكام القضاء والمحكمين والسندات الرسمية، ونص المادة 8/1 من اتفاقية التعاون القضائي بين المجلس التنفيذي لحكومة رأس الخيمة ومجلس القضاء لإمارة رأس الخيمة ومحاكم رأس الخيمة من جهة ومحاكم مركز دبى المالي العالمي من جهة أخرى، والتي مؤداها أن كل حكم نهائي مقرر لحقوق مدنية أو تجارية أو قاض ٍ بتعويض في المادة الجزائية أو متعلق بالأحوال الشخصية صادر من هيئة قضائية في إحدى الإمارات الأعضاء في الاتحاد يكون قابلاً للتنفيذ في سائر الإمارات الأعضاء في الاتحاد بناء على طلب المحكوم له إلى قاضي التنفيذ المطلوب منه اتخاذ إجراءات التنفيذ في دائرته، ولا يجوز للهيئة القضائية المختصة في الإمارة أن تبحث في موضوع الدعوى والحكم الصادر فيها أو في موضوع حكم المحكمين المطلوب تنفيذه إلا في الأحوال المحددة حصراً بالمادتين 12 و 13 من القانون المذكور. ووجوب أن يكون الحكم المراد تنفيذه داخل إمارة رأس الخيمة نهائياً وقابلاً للتنفيذ ومذيلا بالصيغة التنفيذية من قبل محاكم مركز دبي المالي العالمي، مع اتباع الإجراءات وقواعد التنفيذ الواردة بقانون الإجراءات المدنية. بما مفاده اختصاص قاضي التنفيذ في الدائرة المراد التنفيذ فيها بالمنازعات المتعلقة بالتنفيذ وإشكالاته. ولما كان من المقرر أن مسألة الاختصاص الولائي تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على المحكمة، إذ الحكم الصادر في موضوع الدعوى يشتمل حتماً على قضاء ضمني في الاختصاص، والطعن على الحكم الصادر في الموضوع ينسحب بالضرورة وبطريق اللزوم على القضاء في الاختصاص سواء أثار الخصوم مسألة الاختصاص أو لم يثيروها، فواجب المحكمة يقتضيها أن تتصدى لها من تلقاء نفسها، وكان القضاء بنقض الحكم والإحالة ينطوي على قضاء ضمني باختصاص قضاء رأس الخيمة ولائياً بنظر الدعوى، فلا على الحكم المطعون فيه إن أغفل بأسبابه الرد صراحة على دفع الطاعنة في هذا الشأن بعد أن اكتسب قضاء الحكم الناقض في خصوصه قوة الأمر المقضي مما يضحى معه النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون لعدم اتباع المطعون ضدها الطريق الذي رسمه القانون بشأن تنفيذ أحكام المحكمين، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه إذ أيد الاستمرار في تنفيذ حكم التحكيم موضوع الدعوى رغم عدم اتباع الشركة المطعون ضدها لنصوص المواد 55 وما بعدها من القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 2018 بشأن التحكيم ولم يقدم المستندات المنصوص عليها فيه فإنه يكون معيباً مستوجباً نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله؛ ذلك أنه من المقرر أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها، ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وكان النص في المادة 2 من القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 2018 بشأن التحكيم والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 630 السنة الثامنة بتاريخ 15/5/2018 – والمعمول به اعتبارا من 15/6/2018 – على أن" تسري أحكام هذا القانون على كل تحكيم قائم وقت العمل به ولو استند إلى اتفاق سابق عليه، على أن تبقى الإجراءات التي تمت وفق أحكام أي تشريع سابق صحيحة" ، بما مؤداه أن المشرع أراد بهذا النص الخاص سريان أحكام قانون التحكيم المذكور على كل تحكيم قائم وقت نفاذه أو بدأ بعد نفاذه ولو استند إلى اتفاق تحكيم سبق إبرامه قبل نفاذ هذا القانون، أو شرع في إجراءات تنفيذه بالنسبة لما لم يتم اتخاذه من إجراءات قبل نفاذ هذا القانون. ولما كان الثابت بالأوراق أن حكم التحكيم الصادر في الخصومة التحكيمية محل النزاع وإن كان قد صدر قبل نفاذ قانون التحكيم الجديد إلا أن إجراءات تنفيذه لم تنته حتى صدوره، ومن ثم يكون القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 2018 بشأن التحكيم هو الواجب التطبيق على النزاع المثار بشأنها دون الأحكام الواردة في المواد من 203 إلى 218 من القانون الاتحادي رقم 11 لسنة 1992 بشأن الإجراءات المدنية والتي ألغيت بموجب المادة 60 من قانون التحكيم سالف الذكر والذي تضمن القواعد الإجرائية الخاصة بالتحكيم من بدايتها حتى تمام تنفيذ أحكام المحكمين والتي تسري علي النزاع دون غيرها. وكان المقرر قانونا وفقا لنص المادة 55 منه على أنه " 1-يتعين على من يرغب في تنفيذ حكم التحكيم أن يتقدم بطلب المصادقة على حكم التحكيم والأمر بتنفيذه إلى رئيس المحكمة، على أن يرفق به ما يأتي: (أ) أصل الحكم أو صورة معتمدة منه. (ب) صورة من اتفاق التحكيم. (ج) ترجمة مُصدق عليها من جهة معتمدة إلى اللغة العربية لحكم التحكيم إن لم يكن صادراً بها. 2- على رئيس المحكمة أو من يندبه من قضاتها أن يأمر بالمصادقة على حكم التحكيم وتنفيذه خلال مدة (60) ستين يوماً من تاريخ تقديم طلب المصادقة وتنفيذه ما لم يجد أن هناك سبباً أو أكثر من أسباب بطلان حكم التحكيم بناء على إثبات أي من الحالات الواردة في البند (1) من المادة (53) من هذا القانون"، بما مفاده أن المشرع نص صراحة في قانون التحكيم الاتحادي على إجراءات يتعين اتباعها لصدور الأمر بتنفيذ أحكام المحكمين وهي تقديم أصل الحكم أو صورة معتمدة منه إلى رئيس المحكمة المطلوب التنفيذ بدائرته، وصورة من اتفاق التحكيم، وترجمة مُصدق عليها من جهة معتمدة إلى اللغة العربية لحكم التحكيم إن لم يكن صادراً بها. ولما كان قانون التحكيم الاتحادي قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن الراهن فإنه يتعين على هذه المحكمة إعمال أحكامه من تلقاء ذاتها لتعلق ذلك بالنظام العام بحيث تكون نصوصه دون غيرها واجبة التطبيق فيما يتعلق بالإجراءات المتعين توافرها لصدور الأمر بتذييل أحكام المحكمين بالصيغة التنفيذية وقابليتها للتنفيذ بوصفها القانون العام الذي ينظم إجراءات تنفيذ أحكام التحكيم عملاً بمؤدى المادة الأولى من قانون الإجراءات المدنية رقم 11 لسنة 1992 من أن قوانين الإجراءات تسري فور العمل بها على الدعاوى التي تكون قد رفعت من قبل وما زالت منظورة أمام المحاكم وذلك بالنسبة لما لم يتم اتخاذه فيها من إجراءات، وأما الإجراءات التي تكون قد اتخذت قبل العمل بالقانون الجديد فإنها تظل صحيحة حتى ولو كانت على خلاف ما أتى به القانون الجديد وهذا ما يسمى بالأثر المباشر أو الفوري لقوانين الإجراءات. ولما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه ولئن قضى بذات قضائه السابق على الحكم الناقض بتأييد الحكم المستأنف وبالاستمرار في تنفيذ حكم التحكيم المستشكل في تنفيذه إلا أنه استدرك ما لحق قضاءه السابق من عيوب شابت إجراءات الحكم وأسبابه بإرفاق المستندات التي فصل الحكم الناقض في مسألة وجوب توافرها لصدور الأمر بتذييل حكم التحكيم بالصيغة التنفيذية، لما هو مقرر من أنه يجوز لمحكمة الإحالة أن تقضي بما كانت قد قضت به في الحكم المنقوض شريطة أن تكون قد استدركت العيوب التي شابت إجراءاته أو تسبيبه. وأقامت قضاءها على مؤدى نصوص القانون رقم 11 لسنة 1973 في شأن تنظيم العلاقات القضائية بين الإمارات الأعضاء في الاتحاد بشأن تنفيذ أحكام القضاء والمحكمين والسندات الرسمية، واتفاقية التعاون القضائي بين المجلس التنفيذي لحكومة رأس الخيمة ومجلس القضاء لإمارة رأس الخيمة ومحاكم رأس الخيمة من جهة ومحاكم مركز دبى المالي العالمي من جهة أخرى، وتوافق قضاء هذه المحكمة مع ما نص عليه قانون التحكيم الاتحادي رقم 6 لسنة 2018 وذلك بإيداع صورة معتمدة من حكم التحكيم موضوع طلب التنفيذ رقم 10082/AB الصادر بتاريخ 14/11/2016 عن محاكم مركز دبى المالي العالمي DIFC-LCIA موضوع دعوى الصيغة التنفيذية رقم 017/2017 الصادرة عن محاكم المركز المذكور بتاريخ 27/3/2017 ، وصورة من اتفاق التحكيم، وترجمة مُصدق عليها من جهة معتمدة إلى اللغة العربية لحكم التحكيم لكونه غير صادر بها، كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أنه لم يتبين من الحكم التحكيمي المعروض عليه للتنفيذ ما يخالف النظام العام أو الآداب العامة في إمارة رأس الخيمة المطلوب إليها التنفيذ، أو توافر أي من حالات رفض طلب تنفيذ حكم المحكمين الواردة في البند (1) من المادة (53) من القانون سالف الذكر، ملتزماً بحجية الحكم الناقض في هذا الشأن، فإنه إذ خلص إلى هذه النتيجة الصحيحة يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون ما تنعاه الطاعنة بهذا الوجه على غير أساس.
ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق