جلسة 17 من نوفمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار
نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين. محمد محمد المهدي،
والدكتور عبد الرحمن عياد، صلاح نصار، وإبراهيم هاشم.
-----------------
(299)
الطعن رقم 24 لسنة 45 ق
"ح أحوال شخصية"
(1، 2، 3، (4 أحوال شخصية "المسائل الخاصة بالمصريين غير
المسلمين" زواج. قانون. إثبات.
(1)الزواج في شريعة الأقباط الأرثوذكس. نظام ديني. شروط انعقاده. توافر
الشروط الموضوعية من حيث الأهلية والرضا وانتفاء الموانع. وأن يتم الزواج علناً
وفقاً لطقوس دينية.
(2)توثيق عقد الزواج عند الطوائف المسيحية. الاختصاص به. ق 68 لسنة 1947
المعدل بق 629 لسنة 1955. التوثيق ليس شرطاً لازماً لصحة العقد. اعتباره من قبيل
إعداد الدليل لإثبات الزواج.
(3)التوثيق لا يعد إنشاء
الزواج جديد. اعتباره مجرد وسيلة إثبات. إقرار أحد الزوجين في وثيقة التصادق
بانتمائه لطائفة معينة. لا أثر له.
(4)اختلاف الزوجين طائفة في تاريخ سابق على رفع الدعوى. مؤداه. جواز
التطليق بالإرادة المنفردة. م 6/ 2 ق 462 سنة 1955. بيانات وثيقة التصادق المحررة
في تاريخ لاحق عن زواج تم في تاريخ سابق بشأن الطائفة، لا أثر لها.
(5، 6 أ) حوال شخصية "تدخل
النيابة" حكم "بيانات الحكم". نيابة عامة.
(5)إغفال ذكر اسم عضو النيابة الذي أبدى الرأي في القضية. لا بطلان.
(6)خلو الحكم من بيان رأي النيابة. لا بطلان. شرط ذلك. إبداء النيابة
الرأي بالفعل والإشارة إلى ذلك في الحكم.
(7) نقض أسباب الطعن. أحوال شخصية "المسائل
الخاصة بالمصريين غير المسلمين".
متى كان سبب الطعن لا
يحقق سوى مصلحة نظرية للطاعن. فإنه يكون غير مقبول. مثال في إغفال الإشارة إلى
إبداء النيابة الرأي في دعوى طلاق أمام محكمة أول درجة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام
الدعوى رقم 112 سنة 1972 "أحوال شخصية" أمام محكمة أسيوط الابتدائية ضد
الطاعنة طالباً إثبات طلاقه لها، وقال بياناً لدعواه إنه تزوج بها في 17/ 6/ 1962
طبقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس، وإذ انضم لطائفة الروم الأرثوذكس، وبقيت قبطية
أرثوذكسية، واختلفا ملة، وأوقع عليها الطلاق بإرادته المنفردة يوم 16/ 8/ 1972،
فقد أقام الدعوى بطلباته، وفي 24/ 12/ 1972 حكمت المحكمة بإثبات الطلاق. واستأنفت
الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1 سنة 48 ق "أحوال شخصية" أسيوط طالبة
إلغاءه والقضاء برفض الدعوى، وبتاريخ 9/ 4/ 1975 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد
الحكم المستأنف. وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة
مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة
فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على
سببين، تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون،
وفي بيان ذلك تقول إن الحكم ركن في إثبات تغيير طائفة المطعون عليه إلى شهادة
صادرة من بطريركية الروم الأرثوذكس بتاريخ 17/ 12/ 1971 ورتب على ذلك جواز إيقاعه
الطلاق بإرادته المنفردة، وأطرح دلالة ما جاء بوثيقة التصادق على الزواج الرسمية
المؤرخة 19/ 8/ 1972 أمام الموثق المختص من أنه قبطي أرثوذكس، على سند من أنها ليست
إلا توثيقاً للزواج القائم، في حين أن مفاد القانون رقم 629 لسنة 1955 أن توثيق
عقود الزواج والطلاق بالنسبة للمصريين غير المسلمين المتحدي الطائفة والملة مخول
لموظف منتدب من قبل وزير العدل والإشارة في وثيقة التصادق إلى أن المطعون قبطي
أرثوذكسي دليل رسمي على اتحاد الزوجين في الطائفة والملة في التاريخ الذي صدرت
فيه، وتعد ناسخة لشهادة التحاق المطعون عليه بطائفة الروم الأرثوذكس السابقة
عليها، وتفيد عودته إلى طائفته الأولى، بما يؤدي إلى اتحاده والطاعنة في الملة
والطائفة، ويستوجب تطبيق أحكام الشريعة الخاصة بهما دون أحكام الشريعة الإسلامية،
وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك
أن النص في المادة 15 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة
في سنة 1938 على أن الزواج سر مقدس يثبت بعقد يرتبط به رجل وامرأة ارتباطاً علنياً
طبقاً لطقوس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بقصد تكوين أسرة جديدة والتعاون على شئون
الحياة يدل على أن الزواج في شريعة الأقباط الأرثوذكسي نظام ديني لا يكفي لانعقاده
توافر الشروط الموضوعية من حيث الأهلية والرضا وانتقاء الموانع، وإنما يلزم أن يتم
الزواج علناً وفقاً للطقوس الدينية المرسومة وبعد صلاة الإكليل اعتباراً بأن
الصلاة هي التي تحل النساء للرجال والرجال للنساء، وإلا كان الزواج باطلاً، ولما
كان مؤدى نص المادة الثالثة من قانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 بعد تعديلها
بالقانون رقم 629 لسنة 1955، أن المشرع انتزع عملية توثيق الزواج عند الطوائف
المسيحية من رجال الدين الذين يقومون بطقوسه وأعطاها لمكاتب التوثيق بالنسبة
للمصريين غير المسلمين عند اختلاف الملة أو الطائفة، وخولها لموثق منتدب له إلمام
بالأحكام الدينية للجهة التي يتولى التوثيق بها بالنسبة للمصريين غير المسلمين
متحدي الطائفة والملة، دون أن يجعل من التوثيق شرطاً لازماً لصحة العقد، واقتصر
على جعله من قبيل إعداد الدليل لإثبات الزواج، بمعنى أن عدم توثيق عقد الزواج
أصلاً أو عدم مراعاة الإجراءات الصحيحة فيه أو التراخي في توثيقه، لا يؤثر في صحة
الزواج اعتباراً بأن التوثيق إجراء لاحق على انعقاد العقد وليس من أركانه الشكلية
أو الموضوعية، مما مفاده أن التوثيق لا يعد إنشاء لزواج جديد، ولا يعتد ببياناته
سواء المنقولة عن العقد الأصلي أو المثبتة على لسان الزوجين للمحاجة في شأن تحديد
الطائفة أو الملة التي ينتميان أو أحدهما إليها، لأنه لا يعدو أن يكون وسيلة إثبات
أصلية للزواج ولأن إقرار أحد الزوجين في وثيقة التصادق بانتمائه إلى طائفة معينة
لا يفيد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - عدم تغييره لتلك الطائفة، ولا ينهض
وحده دليلاً على رجوعه إليها إذا كان قد سبق له الخروج منها، إذ قد يكون المراد
منه مجرد تيسير توثيق العقد دون مساس بالملة أو المذهب أو الطائفة التي أصبح ينتمي
إليها في حقيقة الواقع لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المراسم الدينية
لزواج المطعون عليه بالطاعنة تمت طبقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس في 17/ 6/ 1962،
ثم انضم المطعون عليه إلى طائفة الروم الأرثوذكسي في 17/ 12/ 1971 وأصبح مختلفاً
والطاعنة طائفة قبل رفع الدعوى، بما يجيز له تطليقها وفق أحكام الشريعة الإسلامية
إعمالاً للفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955، وكان لا
تأثير لما أثبت بوثيقة التصادق على الزواج، المؤرخة 14/ 8/ 1972 والمشار فيها إلى
سبق إتمامه في 17/ 6/ 1962 من أنه قبطي أرثوذكسي، وإذ التزم الحكم هذا النظر فإن
النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب
الثاني النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان لتأييده الحكم الابتدائي الباطل
لخلوه من بيان اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في الدعوى ورأي النيابة فيها.
وحيث إن النعي مردود، ذلك
أنه وإن كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عدم ذكر اسم عضو النيابة الذي أبدى
رأيه في القضية لا يعد في ظل قانون المرافعات القائم من البيانات الأساسية التي يترتب
على إغفالها بطلان الحكم وكان خلو الحكم من بيان رأي النيابة لا يترتب عليه
بطلانه، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون النيابة قد أبدت رأيها بالفعل وثبت ذلك في
الحكم، ولئن خلا الحكم الابتدائي من الإشارة إلى أن النيابة قد أبدت رأيها، إلا
أنه لما كانت محكمة الاستئناف أثبتت في حكمها أن النيابة أبدت رأيها ومضت في نظر
الدعوى وانتهت إلى تأييد الحكم الابتدائي بأسباب مستقلة تكفي لحمله وذلك بقولها
"ومن حيث إن ما ذكرته المستأنفة - الطاعنة من أن قوله - المطعون عليه - أنه
من طائفة الروم الأرثوذكس على حد زعمه - لا يعتد به لأنه أقر بوثيقة الزواج
الرسمية المؤرخة 14/ 8/ 1972 بأنه قبطي أرثوذكسي، وهي لاحقة للشهادة الدالة على
تغيير طائفته كما أن المقر يؤخذ بإقراره في وثيقة التصادق على الزواج بتاريخ 14/
8/ 1972 ترى المحكمة عدم التعويل عليه، ذلك لأن الثابت من الأوراق المقدمة وهي
صورة محضر الزواج طبق الأصل بتاريخ 18/ 10/ 1974 أنه تزوجها لدى مطرانية الأقباط
الأرثوذكسي بأسيوط في 17/ 6/ 1962، وأنها كانت مخطوبته بدليل عبارة "قد أقيمت
الطقوس الدينية لزواج........ بمخطوبته......."، كما أن الثابت من شهادة
الانضمام لبطريركية الروم الأرثوذكسي أنها بتاريخ 17/ 12/ 1971، كما أن الثابت من
وثيقة التصادق على الزواج أنهما وثقا زواجهما السابق لدى الموثق الرسمي بتاريخ 14/
8/ 1972 بدليل العبارة الواردة بأسفل الوثيقة" وذلك بعد إتمام المراسم
الدينية بتصريح من المطرانية رقم 63 بتاريخ 17/ 6/ 1962 "، وهذا العقد الأخير
لم يقصد به إلا توثيق الزواج طبقاً للقانون رقم 629 لسنة 1955، ومن ثم فيكون
الطرفان مختلفي الطائفة ويتعين تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وحيث إن الطلاق من
حقوق الله تعالى ويتعين على المحكمة إثباته من تاريخ إيقاعه فإن النعي على حكمها
بالبطلان - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يكون من شأنه سوى تحقيق مصلحة
نظرية لا يعتد بها.
ولما تقدم يتعين رفض
الطعن.
(1)نقض طعن رقم 15 سنة 38 ق ( أ ) 15/ 11/ 1972 مجموعة س 23 ص 1242.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق