القضية رقم 47 لسنة 31 ق "تنازع"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الخامس عشر من يناير سنة 2012،
الموافق الحادي والعشرين من صفر سنة 1433هـ .
برئاسة السيد المستشار / فاروق سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق حسن ومحمد عبد
العزيز الشناوى والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو وتهانى محمد الجبالى وبولس
فهمى إسكندر. نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ محمد عماد النجار رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد
السميع أمين
السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 47 لسنة 31
قضائية "تنازع" .
المقامة من
السيد/ ميد شابلى بصفته رئيس مجلس إدارة شركة ماليكوب ليمتد
ضد
1- السيد وزير الطيران المدنى
2- السيد وزير النقل
3- السيد رئيس مجلس إدارة الشركة
القابضة للمطارات والملاحة الجوية
4- السيد رئيس مجلس إدارة الشركة
المصرية للمطارات
الإجراءات
بتاريخ
العشرين من يوليو سنة 2009، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب
المحكمة ، بطلب الحكم بتعيين جهة القضاء المختصة بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم
التجارى الدولى الصادر بتاريخ 7/3/2006، في الدعوى التحكيمية رقم 382 لسنة 2004
التى أقيمت أمام مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم الدولى ، والمطروح في الدعويين
المتداولتين الأولى برقم 17464 لسنة 52 قضائية عليا، أمام المحكمة الإدارية
العليا، والثانية برقم 48 لسنة 123 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة .
وقدمت هيئة
قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى .
وبعد تحضير
الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى
على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل
في أن الشركة المدعية سبق وأقامت طلب التحكيم رقم 382 لسنة 2004 أمام مركز القاهرة
الأقليمى للتحكيم التجاري الدولي ضد المدعى عليهم، طالبة الحكم بتعويضها عن فسخ
عقد امتياز إنشاء واستغلال مطار رأس سدر الدولى بنظام B.O.T ، طبقا لشرط
التحكيم المدرج بعقد الامتياز المبرم بين الشركة المذكورة والهيئة المصرية العامة
للطيران المدنى . وبتاريخ 7/3/2006 صدر حكم التحكيم بإلزام المدعى عليه الأول
"وزير الطيران المدنى " بالتعويض. وإذ لم يلق هذا الحكم قبولا من المدعى
عليهما الأول والثانى فقد أقاما الدعوى رقم 17464 لسنة 52 "قضائية عليا"
أمام المحكمة الإدارية العليا، بطلب الحكم بوقف تنفيذه وفى الموضوع ببطلانه،
وبجلسة 30/5/2006 أصدرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا حكمها بوقف
تنفيذ حكم التحكيم الطعين، وإحالة الطعن إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيره وإعداد
تقرير بالرأى القانونى . ومن جهة أخرى أقام المدعى عليهما الأول والثانى الدعوى
رقم 48 لسنة 123 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة ، بطلب الحكم بصفة مستعجلة
بوقف تنفيذ حكم التحكيم المار ذكره، وفى الموضوع ببطلانه، وذلك على سند من أن
موضوع العقد ذو طابع اقتصادى ، ومن ثم تختص محكمة استئناف القاهرة بنظر دعوى
بطلانه. وقد تحدد لنظر الدعوى جلسة 5/8/2006، ثم تأجل نظرها لجلسة 5/8/2006، وإذ
ارتأت الشركة المدعية أن ثمة تنازعا على الاختصاص بين المحكمة الإدارية العليا،
ومحكمة استئناف القاهرة بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم السالف البيان، فقد أقامت
الدعوى رقم 24 لسنة 28 قضائية "تنازع" أمام المحكمة الدستورية العليا
بطلب تعيين جهة القضاء المختصة بنظرها، وبتاريخ 10/6/2007 قضت المحكمة الدستورية
العليا بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن الشركة المدعية لم ترفق بطلبها- وفقاً
لحكم المادتين (31، 34) من قانون المحكمة الدستورية العليا – ما يدل على أن محكمة
استئناف القاهرة قد تمسكت باختصاصها في الفصل في المنازعة المطروحة أمامها. وعقب
ذلك قامت الشركة المدعية بتعجيل الدعوى المقامة أمام المحكمة الإدارية العليا،
والأخرى المنظورة أمام محكمة استئناف القاهرة التي قررت تكليف قلم الكتاب بإرفاق
الملف التحكيمي الم تضمن الحكم المطعون عليه بالبطلان ومستنداته، في حين تأجل نظر
الدعوى رقم 17464 لسنة 52 "قضائية عليا" المنظورة أمام المحكمة الإدارية
العليا، بعد أن أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا تضمن أن المحكمة المختصة بنظر
الطعن بالبطلان على الحكم الصادر في التحكيم هى المحكمة الإدارية العليا، استنادا
إلى أن عقد B.O.T من العقود الإدارية ، وخلص التقرير إلى
الرأى ببطلان الحكم المطعون عليه، والأمر بإعادة المنازعة إلى مركز القاهرة الإقليمي
للتحكيم للفصل فيها بهيئة مكتملة ، وترتيبا على ما تقدم، فقد ارتأت الشركة المدعية
في موالاة نظر المحكمتين السالفتي الذكر للدعوى على النحو المتقدم تمسكا منهما
بالاختصاص بالفصل في المنازعة ، مما يشكل تنازعا على الاختصاص بين المحكمة
الإدارية العليا ومحكمة استئناف القاهرة ، فأقامت دعواها الماثلة بطلباتها السالفة
البيان.
وحيث إن الحاضرين عن المدعى عليهما الثالث والرابع دفعا بعدم جواز نظر
الدعوى لسابقة فصل المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 24 لسنة 28
"قضائية تنازع" ، والتى تتعلق بذات موضوع الدعوى الماثلة وذات الخصوم.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك أن قضاء المحكمة الدستورية العليا
الصادر بعدم القبول في الدعوى المذكورة ، استند إلى عدم استيفاء الشركة المدعية
للإجراء الذى استلزمته المادتان (31 ، 34) من قانون المحكمة الدستورية العليا
وتبعا لذلك فقد انسحب ذلك القضاء إلى العيب الشكلي المتمثل في عدم إرفاق المستندات
المقررة بمقتضى القانون، دون أن يمتد إلى موضوع النزاع، أو يحول بين كل ذى مصلحة
من إعادة طرحه على المحكمة إذا ما توافرت الشروط والأشكال المقررة وفقا لقانونها.
وحيث إن المستقر عليه بقضاء المحكمة الدستورية العليا أن مناط قبول
طلب الفصل في تنازع الاختصاص وفقا للبند "ثانيا" من المادة (25) من
قانونها، هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات
ذات الاختصاص القضائي ، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها، وشرط
انطباقه بالنسبة إلى التنازع الإيجابي أن تكون الخصومة قائمة في وقت واحد أمام
الجهتين القضائيتين المتنازعتين عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، مما
يبرر الالتجاء إلى هذه المحكمة لتعيين الجهة المختصة بنظرها والفصل فيها.
وحيث إن المستقر عليه أيضا في قضاء هذه المحكمة أن تعيين الجهة
القضائية المختصة في أحوال تنازع الاختصاص- إيجابيا كان أم سلبيا- إنما يتم على
ضوء القواعد التى نظم بها المشرع توزيع الاختصاص الولائي بين الجهات القضائية
المختلفة تحديدا لوظيفة كل منها.
وحيث إن مبنى النزاع القائم يدور حول تحديد الطبيعة القانونية للتحكيم
المقامة دعوى بطلان الحكم الصادر فيه، وما إذا كان يندرج في عداد التحكيمات
التجارية الدولية ، مما تختص محكمة استئناف القاهرة بنظر دعوى بطلانه، أم أن ذلك
التحكيم يتعلق بعقد من العقود الإدارية ويؤول نظر دعوى بطلان الحكم فيه إلى
المحكمة الإدارية العليا باعتبارها محكمة الدرجة الثانية للمحكمة المختصة أصلا
بنظره .
وحيث إن المواد (2، 3، 9، 54/2) من قانون التحكيم في المواد المدنية
والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 تنص على الآتي :-
"مادة 2- يكون التحكيم تجاريا في حكم هذا القانون إذا نشأ النزاع
حول علاقة قانونية ذات طابع اقتصادي ، عقدية كانت أو غير عقدية ، ويشمل ذلك على
سبيل المثال توريد السلع أو الخدمات والوكالات التجارية وعقود التشييد والخبرة
الهندسية أو الفنية ومنح التراخيص الصناعية والسياحية وغيرها ونقل التكنولوجيا
والاستثمار وعقود التنمية وعمليات البنوك والتأمين والنقل وعمليات تنقيب واستخراج
الثروات الطبيعية وتوريد الطاقة ومد أنابيب الغاز أو النفط وشق الطرق والأنفاق
واستصلاح الأراضي الزراعية وحماية البيئة وإقامة المفاعلات النووية .
مادة 3- يكون التحكيم دوليا في حكم هذا القانون إذا كان موضوعه نزاعا
يتعلق بالتجارة الدولية وذلك في الأحوال الآتية :
أولا: إذا كان المركز الرئيسي لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في دولتين
مختلفتين وقت إبرام اتفاق التحكيم. فإذا كان لأحد الطرفين عدة مراكز للأعمال
فالعبرة بالمركز الأكثر ارتباطا بموضوع اتفاق التحكيم. وإذا لم يكن لأحد طرفي
التحكيم مركز أعمال فالعبرة بمحل أقامته المعتاد.
ثانيا: إذا اتفق طرفا التحكيم على اللجوء إلى منظمة تحكيم دائمة أو
مركز للتحكيم يوجد مقره داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها.
ثالثا: إذا كان موضوع النزاع الذى يشمله اتفاق التحكيم يرتبط بأكثر من
دولة واحدة .
رابعا: إذا كان المركز الرئيسي لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في نفس
الدولة وقت إبرام اتفاق التحكيم وكان أحد الأماكن التالية واقعا خارج هذه الدولة :
(أ) مكان إجراء التحكيم كما
عينه اتفاق التحكيم أو أشار إلى كيفية تعيينه.
(ب) مكان تنفيذ جانب جوهري من الالتزامات
الناشئة عن العلاقة التجارية بين الطرفين
(ج) الم كان الأكثر ارتباطا بموضوع
النزاع.
مادة 9 : (1) يكون الاختصاص بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا
القانون إلى القضاء المصري للمحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع. أما إذا كان التحكيم
تجاريا دوليا، سواء جرى في مصر أو في الخارج، فيكون الاختصاص لمحكمة استئناف
القاهرة ما لم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر.
(2) وتظل المحكمة التي ينعقد لها الاختصاص وفقا للفقرة السابقة دون
غيرها صاحبة الاختصاص حتى انتهاء جميع إجراءات التحكيم.
مادة 54/2: تختص بدعوى البطلان في التحكيم التجاري الدولي المحكمة
المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون. وفى غير التحكيم التجاري الدولي يكون
الاختصاص لمحكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصلا بنظر
النزاع".
وحيث إن البين من مجموع النصوص القانونية المتقدمة التي نظم بها
المشرع شئون التحكيم التجاري الدولي ، أن التحكيم يكون تجاريا إذا تعلق بعلاقة
قانونية ذات طابع اقتصادي أو رد لها المشرع عدة أمثلة في المادة الثانية ، كما
يكون التحكيم دوليا، إذا تعلق النزاع بالتجارة الدولية وفى أربع حالات حددها
المشرع على سبيل الحصر في المادة الثالثة من القانون رقم 27 لسنة 1994 المار ذكره،
من بينها أن يكون المركز الرئيسي لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في دولتين
مختلفتين وقت إبرام اتفاق التحكيم، أو أن يتفق طرفا التحكيم على اللجوء إلى منظمة
تحكيم دائمة أو مركز للتحكيم يوجد مقره داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها.
لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق، أن عقد الامتياز المبرم بين
الهيئة المصرية العامة للطيران المدني بصفتها مانحه الامتياز، وشركة ماليكورب
المحدودة بصفتها صاحبة حق الامتياز، يتعلق بإنشاء وتشغيل واستغلال مطار رأس سدر
بنظام B.O.T لفترة معينة يتم بعدها إعادة مشروع المطار
للدولة ، ووفقا لما سلف، فإنه وإن كان هذا العقد من عقود التزام المرافق العامة ،
بما يندرج في عداد العقود الإدارية ، إلا أنه في ذات الوقت يصطبغ بصبغة اقتصادية
محضة ، وتم إبرامه لتنظيم علاقة قانونية ذات طابع اقتصادي ، وهو ما أفصح عنه
الطرفان المتعاقدان في إطار بيان حقوقهما والتزاماتهما المتبادلة ، بالنص صراحة في
المادة 21/1 على أن هذا العقد يعتبر عقدا قانونيا مدنيا، وهو ما يتعذر معه النأي
بالتحكيم الذى تضمنه هذا العقد عن الخضوع لأحكام المادة الثانية من القانون رقم 27
لسنة 1994 السالفة الذكر.
وحيث إن العقد السالف البيان انطوى في المادة (21-3-3) على شرط
التحكيم- أيا كان وجه الرأي فيه- لتسوية أي نزاع قد يثور بين طرفيه ويتعذر حله
وديا، وبمقتضى هذا الشرط، يلجأ طرفا العقد إلى مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري
الدولي لإصدار قرار ملزم، لما كان ذلك، وكان المركز الرئيسي لأعمال كل من طرفي
التحكيم المذكور يقع في دولتين مختلفتين وقت إبرام العقد- وفقاً للثابت به- واتفق
الطرفان المشار إليهما على اللجوء إلى مركز تحكيم يقع مقره بجمهورية مصر العربية ،
وتبعا لذلك فقد توفر للتحكيم محل النزاع الماثل شرط التحكيم الدولي الوارد بالمادة
الثالثة من القانون رقم 27 لسنة 1994.
لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن الأصل العام هو اختصاص القضاء الإداري
بالفصل في المنازعات الناشئة عن عقود الالتزام أو الأشغال العامة أو التوريدات أو أي
عقد إداري آخر وفقا لنص المادة (10/11) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس
الدولة ، إلا أن المشرع استثنى من هذا الأصل العام، دعوى بطلان حكم التحكيم الذى
يصدر نفاذا لمشارطة تحكيم وإن تضمنها عقد إداري ، متى كانت ذات طبيعة تجارية دولية
، وفق التعريف المحدد لذلك في المادتين (2،3) من القانون رقم 27 لسنة 1994، تعهد
بتلك الدعوى إلى محكمة استئناف القاهرة بصريح نصوص المواد (9/1 -53/1-أ -54/2) من
القانون السالف البيان.
وحيث إنه ترتيبا على ما تقدم، تكون المحكمة المختصة بنظر دعوى بطلان
حكم التحكيم الصادر بتاريخ 7/3/2006 من مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي
في الدعوى رقم 382 لسنة 2004، هي محكمة استئناف القاهرة .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بتعيين محكمة استئناف القاهرة جهة مختصة بنظر النزاع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق