جلسة 10 من أكتوبر سنة 1995
برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وطه سيد قاسم نواب رئيس المحكمة وزغلول البلشي.
-----------------
(159)
الطعن رقم 27320 لسنة 64 القضائية
(1) إعدام. قتل عمد. محكمة النقض "سلطتها".
وجوب عرض الحكم الحضوري الصادر بالإعدام على محكمة النقض مشفوعاً برأي النيابة. المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
رقابة محكمة النقض لأحكام الإعدام: شمولها عناصر الحكم موضوعية كانت أو شكلية. وجوب نقضها الحكم للخطأ في تطبيق القانون أو البطلان غير مقيدة بحدود أوجه الطعن أو رأي النيابة. المادتان 35/ 2، 39/ 2، 3 من القانون سالف الذكر.
(2) إثبات "خبرة". مسئولية جنائية. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
فقد الإرادة أو الإدراك لجنون أو عاهة عقلية. أثره: انعدام مسئولية المتهم الجنائية. المادة 62 عقوبات.
طلب المدافع عن الطاعنة أمام قاضي المعارضات عرضها على الطب الشرعي لبيان مدى سلامة قواها العقلية. دفاع جوهري مطروح على المحكمة عند نظرها الموضوع.
(3) إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
تقدير حالة المتهم العقلية. موضوعي. وجوب تعيين المحكمة خبيراً للبت فيها. وإلا بيان أسس رفض طلبه. مخالفة ذلك: قصور وإخلال بحق الدفاع.
(4) محكمة النقض "سلطتها". نقض "أثر الطعن".
حق محكمة النقض أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها إذا وقع بطلان في الحكم يندرج تحت الحالة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959. أساس ذلك؟
وحدة الواقعة وحسن سير العدالة. أثرهما: نقض الحكم للطاعن الآخر.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما قتلا... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية على قتله وأعد لذلك جسم صلب راض "عصا" واستدرجاه إلى مكان الحادث وما أن تحينت لهما الفرصة للخلاص منه حتى انهال عليه المتهم الثاني ضرباً بالأداة سالفة الذكر على رأسه بينما كانت المتهمة الأولى تشد من أزره قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وأحالتهما إلى محكمة جنايات.... لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى كل من.... و.... عن نفسه وبصفته وصياً على أولاد شقيقه المجني عليه القصر مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت وبإجماع الآراء بإرسال ملف القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لأخذ رأيه فيها وحددت جلسة.... للنطق بالحكم. وبالجلسة المذكورة قضت المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالإعدام شنقاً ومصادرة العصا المضبوطة وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها... إلخ.
المحكمة
حيث إن النيابة العامة عرضت القضية على محكمة النقض إعمالاً لنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة انتهت في مضمونها إلى طلب إقرار الحكم بإعدام المحكوم عليهما.
ومن حيث إن المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المار ذكره تنص على أنه "مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادراً حضورياً بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34 وتحكم المحكمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39". ومفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها أعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية، وتقضي بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان، ولو من تلقاء نفسها غير مقيدة في ذلك بحدود أوجه الطعن أو مبنى الرأي الذي تعرض به النيابة تلك الأحكام، وذلك هو المستفاد من الجمع بين الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المشار إليه. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على الحكم المعروض والمفردات المضمومة أن المدافع عن الطاعنة الأولى طلب بجلسة 12/ 12/ 1993 أمام قاضي المعارضات عند النظر في أمر تجديد حبسها - إحالتها إلى الطب الشرعي لبيان مدى سلامة قواها العقلية. لما كان ذلك، وكان من المقرر طبقاً لنص المادة 62 من قانون العقوبات أن فقد الإرادة أو الإدراك لجنون أو عاهة عقلية يترتب عليه من الناحية الجنائية انعدام مسئولية المتهم أياً كان نوع الجريمة المسندة إليه، وسواء كانت عمدية أو غير عمدية، فإن هذا الدفاع من الطاعنة الأولى وإن أبدى أمام قاضي المعارضات لدى النظر في تجديد حبسها، إلا أنه كان مطروحاً على المحكمة عند نظر موضوع الدعوى، وهو من بعد دفاع جوهري، إذ أن مؤداه - لو ثبتت إصابة الطاعنة الأولى بعاهة في العقل وقت ارتكابها الأفعال المسندة إليها - انتفاء مسئوليتها عنها عملاً بنص المادة 62 من قانون العقوبات، وكان من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية وإن كان في الأصل من المسائل الموضوعية التي تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها، إلا أنه يتعين عليها ليكون قضاؤها سليماً أن تعين خبيراً للبت في هذه الحالة وجوداً أو عدماً لما يترتب عليها من قيام أو امتناع عقاب المتهم، فإن لم تفعل كان عليها أن تورد في القليل أسباباً سائغة تبني عليها قضاءها برفض هذا الطلب وذلك إذا ما رأت من ظروف الحال ووقائع الدعوى وحالة المتهم أن قواه العقلية سليمة وأنه مسئول عن الجرم الذي وقع منه. ولما كانت المحكمة لم تفعل شيئاً من ذلك. فإن حكمها يكون مشوباً بعيب القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع مما يبطله. لما كان ذلك، وكان البطلان الذي لحق الحكم يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا ما وقع فيه بطلان من هذا القبيل، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنة الأولى المحكوم عليها بالإعدام، وللطاعن الثاني لوحدة الواقعة، وحسن سير العدالة، وذلك بغير حاجة إلى بحث ما يثيره الطاعنان في أوجه طعنهما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق