جلسة 15 من أكتوبر سنة 1995
برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد ومصطفى الشناوي وفرغلي زناتي نواب رئيس المحكمة ورضا القاضي.
------------------
(161)
الطعن رقم 25784 لسنة 63 القضائية
(1) إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب ندب خبير في الدعوى. شرطه؟
(2) تزوير. إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام المحكمة بتعيين خبير في دعاوى التزوير. شرطه: ثبوت الأمر لديها مما يقوم في الدعوى من أدلة أخرى.
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
للقاضي الجنائي أن يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه ما دام لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق.
لمحكمة الموضوع الأخذ بأي دليل يطرح عليها ولو تضمنته تحقيقات إدارية ولو عدل عنها في مراحل التحقيق الأخرى. متى اطمأنت إلى صدقها.
(4) اختلاس أموال أميرية. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مجرد وجود المال تحت يد الموظف العمومي أو من في حكمه. كفايته لتجريم الاختلاس في حكم المادة 112 عقوبات. سواء أكان المال قد سلم إليه تسليماً مادياً أو وجد بين يديه بسبب وظيفته. اعتبار التسليم منتجاً لأثره في اختصاص الموظف متى كان مأموراً به من رؤسائه.
تمام الاختلاس بمجرد تصرف الموظف في المال المعهود إليه تصرف المالك له بنية إضاعته عليه.
(5) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "بوجه عام".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية يثيرها.
(6) إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الشهادة. ورودها على الحقيقة المراد إثباتها بكافة عناصرها. غير لازم. كفاية أن تؤدي إليها باستنتاج سائغ تجريه المحكمة.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز أمام النقض.
(7) اختلاس أموال أميرية. عقوبة "العقوبة التكميلية". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". محكمة النقض "سلطتها".
عدم قضاء الحكم المطعون فيه بعقوبة العزل خلافاً لما تقضي به المادة 118 عقوبات. خطأ في القانون. لا تملك محكمة النقض تصحيحه. علة ذلك؟
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفاً عاماً ومن الصيارفة (كاتب بقسم التراخيص بـ....) اختلس مبلغ.... جنيهاً والمملوك للجمعية سالفة الذكر وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي تزوير في محررات رسمية للجمعية واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنه في ذات الزمان والمكان آنفي البيان زور في محررات رسمية هي صورة قسائم توريد المبالغ المبينة بالتحقيقات وأخرى لـ.... وهي كشوف تفريغ المبالغ الواردة كضرائب ومصاريف تراخيص المرفقة بالتحقيقات وذلك بزيادة كلمات وجعله وقائع مزورة في صورة وقائع صحيحة مع علمه بتزويرها بأن عدل في المبالغ الثابتة بصورة قسائم التوريد الصادرة من إدارة.... المختصة وأثبت بها مبالغ تزيد على تلك الموردة فعلاً خلافاً للحقيقة وضمن كشوف تفريغ المبالغ المدونة ذات بيانات صورة قسائم التوريد المخالفة للواقع واستعمل المحررات المزورة المذكورة فيما زورت من أجله بأن قدمها إلى المختصين بجهة عمله لتغطية اختلاسه للمبلغ سالف البيان. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ 1 - 2، 118، 118 مكرراً، 119/ و، 119 مكرراً/ هـ، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32/ 2 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ.... جنيهاً وإلزامه بأن يرد للجهة المجني عليها مبلغاً مساوياً لهذه الغرامة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم اختلاس أموال أميرية وتزوير في محررات رسمية واستعمالها قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال. ذلك بأن الطاعن صمم على طلب ندب خبير حسابي لبيان المبالغ التي أودعت بخزينة الشركة وصرفت منها أو ندب خبير من قسم أبحاث التزييف والتزوير غير أن المحكمة ردت على هذا الدفاع بما لا يصلح رداً وعولت المحكمة على أقوال الطاعن بالتحقيق الإداري مع أنه عدل عنها، كما تمسك الطاعن بأنه ليس مختصاً بإجراء التراخيص وأن الأدلة التي عول عليها لا تصلح لإدانته غير أن المحكمة أطرحت هذا الدفاع بما لا يسوغ إطراحه، واستند إلى أقوال شهود الإثبات مع أنها لا تتفق مع الوقائع التي شهدوا عليها، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الاختلاس وتزوير محررات رسمية واستعمالها التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن التحقيقات الإدارية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإجابة طلب ندب خبير في الدعوى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها، وما دام في مقدورها أن تشق طريقها في المسألة المطروحة عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد انتهى في تدليل سائغ وسليم إلى أن الطاعن اختلس مبلغ.... جنيهاً قيمة إيصالات تراخيص السيارات التي استلمها فإن المحكمة إذ رفضت للأسباب السائغة التي أوردها الحكم وبعد أن وضحت لديها الواقعة المسندة إلى الطاعن طلبه ندب خبير حسابي لمراجعة الخزينة، يكون حكمها بمنأى عن الإخلال بحق الدفاع، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المحكمة غير ملزمة قانوناً بأن تعين خبيراً في دعاوى التزوير متى كان الأمر ثابتاً لديها مما يقوم في الدعوى من أدلة أخرى، كما هو الشأن في الدعوى المطروحة. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في إدانة الطاعن على أقواله التي حصلها في قوله: "وحيث إنه بالاطلاع على أوراق التحقيق الإداري الذي تم إجراؤه مع المتهم أقر فيه المتهم بتزويره في صورة قسائم توريد المبالغ موضوع التحقيقات بقصد ستر اختلاسه لمبلغ.... جنيهاً". فإن استخلاص محكمة الموضوع من هذا الإقرار ارتكاب الطاعن للجرائم المسندة إليه يكون استخلاصاً سائغاً، ذلك بأنه من المقرر أن القاضي الجنائي حر في أن يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق وأن لمحكمة الموضوع أن تستنبط معتقدها من أي دليل يطرح عليها ولو تضمنته تحقيقات إدارية متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع ولو عدل عنها في مراحل التحقيق الأخرى ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يلزم لتجريم الاختلاس في حكم المادة 112 من قانون العقوبات سوى وجود الشيء تحت يد أي موظف أو مستخدم عمومي ومن في حكمهم ممن نصت عليهم المادة 111 من القانون المشار إليه، يستوي في ذلك أن يكون قد سلم إليه تسليماً مادياً أو أنه يوجد بين يديه بسبب وظيفته ويعتبر التسليم منتجاً لأثره في اختصاص الموظف متى كان مأموراً به من رؤسائه، ولو لم يكن في الأصل من طبيعة عمله في حدود الاختصاص المقرر لوظيفته وكان الاختلاس يتم بمجرد تصرف الموظف في المال المعهود إليه تصرف المالك له بنية إضاعته عليه وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن بغير معقب، فإن المجادلة فيه لا تصح. كما أن المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية يثيرها واطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة بالرد على كل قول يبديه أو حجة يثيرها إذ الرد يستفاد دلالة من الحكم بإدانته استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها. لما كان ذلك، وكان يشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ عاقب الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ.... جنيهاً وإلزامه بأن يرد للجهة المجني عليها - مبلغاً مساوياً لهذه الغرامة دون أن يقضي بعقوبة العزل وفقاً لما تقضي به المادة 118 من قانون العقوبات، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في القانون، إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ، لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه، إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناء على الطعن المرفوع منه وحده. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق