الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 19 يناير 2015

الطعن 6097 لسنة 62 ق جلسة 20 / 11 / 2000 مكتب فني 51 ق 148 ص 751

جلسة 20 من نوفمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ سمير أنيس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فتحي الصباغ وسمير مصطفى وعبد المنعم منصور وإيهاب عبد المطلب نواب رئيس المحكمة.

---------------

(148)
الطعن رقم 6097 لسنة 62 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". تزوير "الاشتراك في التزوير". اشتراك. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الاشتراك في التزوير. تمامه دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة. يكفي لثبوته اعتقاد المحكمة بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها اعتقاداً سائغاً.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام النقض.
(2) تزوير "أوراق رسمية". قصد جنائي. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جرائم التزوير. مناط تحققه؟
تحدث الحكم عنه صراحة واستقلالاً. غير لازم. ما دام قد أورد ما يدل عليه.
(3) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
مثال لنفي قالة التناقض عن الحكم.
(4) تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة التزوير في محرر رسمي لا يلزم لتحققها صدورها بداءة من موظف عمومي. تداخل موظف عمومي في محرر عرفي. أثره: اكتسابه صفة المحرر الرسمي. علة ذلك؟
تدليل الحكم تدليلاً سائغاً على اعتبار التزوير تم في محرر رسمي. النعي عليه في هذا الشأن. غير مقبول.
(5) جريمة "أركانها". قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تسجيل السفن والمنشآت الواردة بالمادة الأولى من القانون رقم 84 لسنة 1949 المعدل. جائز. بناء على طلب مالكيها. أساس ذلك؟
صياغة النص في عبارات واضحة جلية. اعتبارها تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع. الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل. غير جائز. علة ذلك؟
الجدل الموضوعي في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها. غير جائز أمام النقض.

------------------
1 - من المقرر أن الاشتراك في التزوير من مخبآت الصدور ودخائل النفس ويتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره - ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية يتحقق متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه، وأنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن توافر هذا الركن ما دام أورد من الوقائع ما يشهد بقيامه، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن الطاعن قد اشترك في تزوير عقد البيع ثم استعمله بالفعل مما يشهد بتوافر القصد الجنائي في حقه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشق من المنعى يكون غير سديد.
3 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان مفاد ما أورده الحكم في مدوناته من أسباب بني عليها قضاءه ببراءة المتهمين الثاني والثالثة هي أنه بعد أن طلبا لتسجيل اللنش إفراغ العقد في الشكل الرسمي، فقد جاءهما خطاب صريح واضح لا لبس فيه ولا غموض، صدر به العقد، من مأمور الشهر العقاري، ممهور بخاتم المأمورية أن العقد تم توثيقه بين أطرافه، فليس يبعد في العقل، أن يركنا وبحسن نية إلى هذه التأشيرة، وأن يعولا على صراحتها، وأن يسجلا تحت هذا الوهم الخاطئ أن سند الملكية عقد رسمي ارتكاناً إلى هذه التأشيرة، ولا يقدح في هذا النظر ما قرره شاهد الإثبات - أنهما كانا يعلمان بأن العقد غير موثق - إذ إن مبنى ما قرره، هو الحدس والتخمين وأن العديد من العقود الرسمية موجودة لديهم، وأن كل ذلك لا ينفي شبهة الشك في نيتهما الجرمية تعويلاً على تلك التأشيرة المزورة التي صدر بها المتهم الأول العقد. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من ذلك لا يتعارض مع ما أثبته في حق الطاعن من أنه كان يعلم بتزوير التأشيرة الثابتة على عقد البيع موضوع الاتهام - على النحو السابق بيانه - ومن ثم فإن قالة التناقض والتخاذل تنحسر عن الحكم المطعون فيه، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير قويم.
4 - من المقرر أنه ليس شرط لاعتبار التزوير واقعاً في محرر رسمي أن يكون هذا المحرر قد صدر بداءة من موظف عمومي، فقد يكون عرفياً في أول الأمر ثم ينقلب إلى محرر رسمي بعد ذلك، إذا ما تداخل فيه موظف عمومي في حدود وظيفته أو نسب إليه التداخل فاتخذ المحرر الشكل الرسمي، ففي هذه الحالة يعتبر التزوير واقعاً في محرر رسمي بمجرد أن يكتسب هذه الصفة وتنسحب رسميته إلى ما سبق من إجراءات، إذ العبرة بما يؤول إليه المحرر الرسمي وليس بما كان عليه في أول الأمر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب بمدوناته إلى القول إن البيان الذي أثبته المتهم الأول على الصفحة الأولى من العقد المصدق عليه يعتبر في حد ذاته محرراً مزوراً أثبت فيه محرره باتفاق وتحريض ومساعدة المتهم الرابع - الطاعن - على غير الحقيقة أن العقد قد أفرغ في الصورة الرسمية ومهره بتوقيعه وبخاتم مأمورية الشهر العقاري بما يشكل في حق المتهم الأول جرم التزوير في محرر رسمي وفي حق المتهم الرابع جرم الاشتراك في هذا التزوير، فإن ما انتهى إليه الحكم من اعتبار التزوير قد تم في محرر رسمي يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون بريئاً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تأويله وقد أضحى منعى الطاعن في هذا الشأن غير قويم.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن ومنازعته في أن الواقعة خالية من ثمة جريمة وأن "اللنش" موضوع عقد البيع ليس بسفينة وفقاً لما نص عليه القانون 84 لسنة 1949 المعدل، ومن ثم لا يلزم تسجيله وأن إضافة أية بيانات للعقد لا يعد تزويراً وقد فنده وأطرحه بقوله إنه ليس بمنتج في واقع هذه الدعوى أن يكون "اللنش" موضوع العقد سفينة يتطلب نقل ملكيتها أن يكون رسمياً أم أنه ليس كذلك، إذ العبرة في التزوير هي بالحقيقة الثابتة في المحرر، والحقيقة الثابتة أن العقد مصدق على التوقيع فيه في حين أثبت المتهم الأول وعلى غير الحقيقة أنه أجرى توثيقه، ومن ثم فإن المحكمة لا تجد طائلاً وراء معاينة اللنش بنفسها أو بواسطة أهل الخبرة. لما كان ذلك، وكانت المادة الأولى من القانون 84 لسنة 1949 بشأن تسجيل السفن المعدل بالقانون رقم 218 لسنة 1959 قد جرى نصها على "لا يجوز لأية سفينة أن تسير في البحر تحت العلم المصري إلا إذا كانت مسجلة وفقاً لأحكام هذا القانون، وتعفى من التسجيل السفن الشراعية المخصصة للصيد وسفن "يخوت" النزهة التي لا تزيد حمولتها الكلية على عشرة أطنان، والتي لا تبحر عادة لمسافة أكثر من اثني عشر ميلاً بحرياً من الشاطئ، وكذا "المواعين" و"البراطيم" و"الصنادل" و"الزوارق" و"القاطرات" و"القوارب" و"الكراكات" و"قوارب الغطاسة" وغير ذلك من المنشآت العائمة التي تعمل عادة داخل الميناء. لما كان ذلك، فإن البين من هذا النص وواضح عبارته وصريح دلالته اتجاه إرادة الشارع إلى جواز تسجيل السفن أو المنشآت العائمة الواردة بالنص إذا طلب مالكوها ذلك، لأن المقرر أن الأصل أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك، ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه. لما كان ذلك، وكان رد المحكمة على ما دفع به الطاعن في هذا الشأن قد صادف صحيح القانون - على النحو المار - ويسوغ به إطراحه، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها بما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنه أولاً: اشترك وآخر بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع..... "موثق بالشهر العقاري....." في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو عقد بيع اللنش "...." المؤرخ ...... بأن حرضاه واتفقا معه على أن يثبت فيه على خلاف الحقيقة أن سند ملكية المتهم الخامس للنش محل العقد حكم مرسى مزاد كما أثبت به أنه تم توقيعه كمحرر رسمي وأعطاه رقم شهر خلافاً للحقيقة فأثبت فيه البيان المزور ومهره بخاتم الشهر العقاري فتمت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: اشترك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع آخرين قضي ببراءتهما في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو تسجيل اللنش سالف البيان بأن أثبت فيه على خلاف الحقيقة أنه تم بيعه بموجب عقد بيع رسمي هو العقد المزور موضوع التحقيق وأمدهما به وقد وقعت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة. ثالثاً: استعمل محرراً مزوراً هو عقد البيع سالف الذكر - موضوع التهمة الأولى - مع علمه بتزويره، بأن قدمه إلى إدارة التفتيش البحري للتأشير بمضمونه في سجلاته. وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40، 41، 211، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من ذات القانون بحبسه سنة مع الشغل وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون كما أخل بحقه في الدفاع، ذلك أنه لم يدلل تدليلاً كافياً على اشتراك الطاعن مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة التزوير واستظهار عناصر هذا الاشتراك وطريقته، كما أن الحكم لم يرد - بما يسوغ - على ما أثاره من دفاع مؤداه انعدام القصد الجنائي لديه بعنصريه العام والخاص بدلالة أن رسوم تصديق المستند محل التداعي - عقد بيع السفينة - هي ذاتها رسم التوثيق طبقاً للقانون كما ذهب الحكم - بغير مبرر - إلى القول - تدليلاً على هذا القصد أن علم الطاعن بتزوير التأشيرة الثابتة على العقد - والتي أضافها المتهم الأول بتحريض منه - مفترض دون أن يورد ما يدل على هذا العلم برغم عدم درايته أو خبرته بأعمال التسجيل بهذا العمل واللذين سبق لهما تسجيل العديد من هذه العقود والمفترض فيهما الخبرة والدراية بكنه هذا العمل وأسراره - بمقولة عدم درايتهما بمثل هذه الإجراءات مما يصم الحكم بالتناقض في التسبيب والتخاذل، كما أن الحكم أخطأ في تفسير القانون وتأويله ذلك أن دفاعه قام على أن ثمة تزوير في محرر رسمي لم يقع إذ أن عقد شراء السفينة - محل التداعي - قد أثبتت بياناته الجوهرية الحقيقية وقد وقع عليه أطرافه وأن العقد العرفي انقلب إلى ورقة رسمية بتدخل الموظف العام فيه بداءة إلا أن المحكمة انتهت في حكمها المطعون فيه إلى القول بأن العقد ما زال عرفياً وأنه مصدق على التوقيعات المثبتة فيه، وخلصت إلى إدانة الطاعن عن تهمة الاشتراك في تزوير هذا المحرر على سند من القول إن العبارة التي تمت إضافتها بعد ذلك هي التي أكسبت العقد صفة الرسمية، رغم أن تاريخها هو ذات تاريخ التصديق على التوقيعات وهو...... وأخيراً فقد أثار الدفاع عن الطاعن دفاعاً مؤداه أن الواقعة خالية من ثمة جريمة، ذلك أن "اللنش" موضوع عقد البيع ليس بسفينة وفقاً لما نص عليه القانون 84 لسنة 1949 الخاص بتسجيل السفن التجارية المعدل بالقانون 218 لسنة 1959، ولا يستوجب التسجيل، وأن أية إضافات إلى العقد سند الاتهام لا يعد تزويراً لأنها لا تغير من الحقيقة وليست من البيانات الجوهرية، فضلاً عن أن إجراءات شهر العقارات والتي تطبق على السفن التي تجوب البحار لا تتبع بالنسبة "للنش" موضوع العقد، وبذا لا يحتاج الطاعن لإجراء آخر خلاف التصديق على العقد، إلا أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع الجوهري إيراداً ورداً، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وحاصلها أن المتهم الخامس...... والذي قضي ببراءته - رسا عليه مزاد اللنش...... والذي أضحى اسمه "......" والذي كان مملوكاً لشركة استثمارية ثم باع نصفه للمتهم الرابع....... - الطاعن - بالعقد المؤرخ....... المصدق على توقيعهما فيه بمكتب توثيق....... بمقتضى محضر التصديق المؤرخ........., وتكفل البائع باتخاذ إجراءات تسجيل "اللنش" بالتفتيش البحري، فتقدم بطلب لهذا السبب إلا أنه لما كان "اللنش" مسجلاً في ذلك التفتيش باسم شركة تقوم بالأعمال البحرية وباعتباره سفينة تجوب البحار فقد رفض المتهمان الثاني....... والثالثة........ إجراء هذا التسجيل لكون العقد المقدم لهما مصدقاً على التوقيعات فيه وليس عقداً رسمياً وطلبا منه لإتمام تسجيله لديهما تقديم عقد رسمي، ولما كان إفراغ عقد البيع في صورته الرسمية يتطلب إجراءات ودفع رسم جديد بل قد يستحيل عليه هذا الأمر لكون سند ملكية البائع - المتهم - الخامس - ليس حكماً برسو المزاد، لذلك فقد اتفق المتهم الرابع - الطاعن - مع المتهم الأول...... المسئول عن التوثيق بمكتب توثيق...... وحرضه على تغيير الحقيقة والإيهام بأن العقد قد تم إفراغه في الشكل الرسمي فقام الأخير بوضع بيان مزور على العقد المصدق على التوقيعات فيه نصه "تم توثيق العقد بين طرفيه المذكورين بعاليه برقم.... لسنة....... رسمي...... بتاريخ........ ومهره بتوقيعه وخاتم المأمورية، ثم قام المتهم الرابع - الطاعن - باستعمال هذا المحرر المزور بأن دفع به وما احتواه من بيان مزور إلى المتهمين الثاني والثالثة اللذين قاما وبحسن نية منهما وارتكاناً إلى البيان المزور الصادر من المتهم الأول بتسجيل هذا "اللنش" واضعين ضمن بيانات السجل الجوهرية وعلى غير الحقيقة أن سند الملكية عقد رسمي في حين أن هذا العقد كان ولا يزال عقداً عرفياً بين طرفيه مصدقاً على التوقيعين فيه أمام الموثق. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على اشتراك الطاعن في تزوير عقد البيع بقوله "إن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، وقناعة المحكمة التي لا يخالجها أدنى شك أن المتهم الرابع - الطاعن - شريك ضالع مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة التزوير موضوع التهمة الأولى المسندة إليه، ذلك أنه هو الذي تقدم إليه بالعقد ليضع عليه هذه العبارة المزورة، واتفق معه على تزويرها، وليس بمقبول في العقل أن يتطوع المتهم الأول لإثبات تلك الحقيقة المزورة من تلقاء نفسه إلا باتفاق وتحريض من هذا المتهم وبقصد استعمالها وإدخال الغش بها على موظفي التفتيش البحري وتم له ما أراد عندما دفع بالعقد وما عليه من بيان مزور إلى المتهمين الثاني والثالثة اللذين قاما بتسجيل "اللنش" في سجلات هذا التفتيش مثبتين في هذا السجل وعلى غير الحقيقة أن سند الملكية عقد رسمي وإلا لامتنعا عن ذلك - طبقاً لما ارتأياه وأياً كان وجه الحق فيه - من أن تسجيل اللنش يقتضي أن يفرغ عقد الملكية في الشكل الرسمي. وكان ما أورده الحكم فيما تقدم سائغاً وكافياً في التدليل على اشتراك الطاعن في ارتكاب جريمة التزوير، وكان استخلاص الحكم مؤدياً إلى ما قصده منه ومنتجاً في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه. ذلك أن الاشتراك في التزوير من مخبآت الصدور ودخائل النفس ويتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم - على السياق المتقدم - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية يتحقق متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه، وأنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن توافر هذا الركن ما دام أورد من الوقائع ما يشهد بقيامه، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن الطاعن قد اشترك في تزوير عقد البيع ثم استعمله بالفعل - على النحو المار بيانه - مما يشهد بتوافر القصد الجنائي في حقه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشق من المنعى يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان مفاد ما أورده الحكم في مدوناته من أسباب بني عليها قضاءه ببراءة المتهمين الثاني والثالثة هي "أنه بعد أن طلبا لتسجيل اللنش إفراغ العقد في الشكل الرسمي، فقد جاءهم خطاب صريح واضح لا لبس فيه ولا غموض، صدر به العقد، من مأمور الشهر العقاري، ممهور بخاتم المأمورية أن العقد تم توثيقه بين أطرافه، فليس يبعد في العقل، أن يركنا وبحسن نية إلى هذه التأشيرة، وأن يعولا على صراحتها، وأن يسجلا تحت هذا الوهم الخاطئ أن سند الملكية عقد رسمي ارتكاناً إلى هذه التأشيرة، ولا يقدح في هذا النظر ما قرره شاهد الإثبات........ أنهما كانا يعلمان بأن العقد غير موثق، إذ أن مبنى ما قرره هو الحدس والتخمين وأن العديد من العقود الرسمية موجودة لديهم، إذ أن كل ذلك لا ينفي شبهة الشك في نيتهما الجرمية تعويلاً على تلك التأشيرة المزورة، التي صدر بها المتهم الأول العقد". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من ذلك لا يتعارض مع ما أثبته في حق الطاعن من أنه كان يعلم بتزوير التأشيرة الثابتة على عقد البيع موضوع الاتهام - على النحو السابق بيانه - ومن ثم فإن قالة التناقض والتخاذل تنحسر عن الحكم المطعون فيه، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير قويم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بشرط لاعتبار التزوير واقعاً في محرر رسمي أن يكون هذا المحرر قد صدر بداءة من موظف عمومي، فقد يكون عرفياً في أول الأمر ثم ينقلب إلى محرر رسمي بعد ذلك إذا ما تداخل فيه موظف عمومي في حدود وظيفته أو نسب إليه التداخل فاتخذ المحرر الشكل الرسمي، ففي هذه الحالة يعتبر التزوير واقعاً في محرر رسمي بمجرد أن يكتسب هذه الصفة، وتنسحب رسميته إلى ما سبق من إجراءات إذ العبرة بما يؤول إليه المحرر الرسمي وليس بما كان عليه في أول الأمر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب بمدوناته إلى القول إن البيان الذي أثبته المتهم الأول على الصفحة الأولى من العقد المصدق عليه يعتبر في حد ذاته محرراً مزوراً أثبت فيه محرره باتفاق وتحريض ومساعدة المتهم الرابع - الطاعن - على غير الحقيقة أن العقد قد أفرغ في الصورة الرسمية ومهره بتوقيعه وبخاتم مأمورية الشهر العقاري بما يشكل في حق المتهم الأول جرم التزوير في محرر رسمي وفي حق المتهم الرابع جرم الاشتراك في هذا التزوير، فإن ما انتهى إليه الحكم من اعتبار التزوير قد تم في محرر رسمي يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون بريئاً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تأويله، وقد أضحى منعى الطاعن في هذا الشأن غير قويم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن ومنازعته في أن الواقعة خالية من ثمة جريمة وأن "اللنش" موضوع عقد البيع ليس بسفينة وفقاً لما نص عليه القانون 84 لسنة 1949 المعدل، ومن ثم لا يلزم تسجيله، وأن إضافة أية بيانات للعقد لا يعد تزويراً، وقد فنده وأطرحه بقوله "إنه ليس بمنتج في واقع هذه الدعوى أن يكون "اللنش" موضوع العقد سفينة يتطلب نقل ملكيتها أن يكون رسمياً أم أنه ليس كذلك، إذ العبرة في التزوير هي بالحقيقة الثابتة في المحرر والحقيقة الثابتة أن العقد مصدق على التوقيع فيه في حين أثبت المتهم الأول وعلى غير الحقيقة أنه أجرى توثيقه، ومن ثم فإن المحكمة لا تجد طائلاً وراء معاينة اللنش بنفسها أو بواسطة أهل الخبرة". لما كان ذلك، وكانت المادة الأولى من القانون 84 لسنة 1949 بشأن تسجيل السفن المعدل بالقانون رقم 218 لسنة 1959 قد جرى نصها على "لا يجوز لأية سفينة أن تسير في البحر تحت العلم المصري إلا إذا كانت مسجلة وفقاً لأحكام هذا القانون، وتعفى من التسجيل السفن الشراعية المخصصة للصيد وسفن "يخوت" النزهة التي لا تزيد حمولتها الكلية على عشرة أطنان والتي لا تبحر عادة لمسافة أكثر من اثني عشر ميلاً بحرياً من الشاطئ وكذا "المواعين" و"البراطيم" و"الصنادل" و"الزوارق" و"القاطرات" و"القوارب" و"الكراكات" و"قوارب الغطاسة"، وغير ذلك من المنشآت العائمة التي تعمل عادة داخل الميناء. لما كان ذلك، فإن البين من هذا النص وواضح عبارته وصريح دلالته اتجاه إرادة الشارع إلى جواز تسجيل السفن أو المنشآت العائمة الواردة بالنص إذا طلب مالكوها ذلك، لأن المقرر أن الأصل أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها، فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه. لما كان ذلك، وكان رد المحكمة على ما دفع به الطاعن في هذا الشأن قد صادف صحيح القانون - على النحو المار - ويسوغ به إطراحه، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها بما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق