برئاسة السيد المستشار الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد
نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / محمد درويش ، د . خالد
عبد الحميد ، محمد العبادى نواب رئيس المحكمة وعبد الله خلف .
---------------
(1) دعوى "
تكييف الدعوى " . محكمة الموضوع .
تكييف الدعوى .
العبرة فيه . ما تتبينه المحكمة من وقائعها ومن تطبيق القانون عليها لا بما يصفه
بها الخصوم . وجوب أن يقوم القاضى به من تلقاء نفسه .
( 2 , 3 ) نقل " نقل بحرى " . حجز "
الحجز التحفظى على السفن البحرية " . معاهدات "معاهدة بروكسل المتعلقة
بالحجز على السفن " . حكم " تسبيب الحكم " . نقض .
(2) المطالبة
الناشئة عن عقود استعمال واستئجار السفينة . اعتبارها ديناً بحرياً . م 1 بند (د)
اتفاقية بروكسل لسنة 1952 الصادر نفاذاً لها ق 135 لسنة 1995 .
(3) أداء المطعون
ضدهم الأجرة المستحقة لمالك السفينة لدى مستأجرها الذى تعاقدوا معه على شحن
بضائعهم . اعتباره فى عداد الحالات الواردة بالبند (د) من المادة 1 اتفاقية بروكسل
لسنة 1952 . انتهاء الحكم المطعون فيه صحيحاً إلى اعتبار الدين موضوع الحجز على
السفينة تجارياً وفقاً لهذه الاتفاقية . استناده خطأ إلى الفقرة (و) بدلاً من
البند (د) من تلك المادة . لا عيب . علة ذلك . لمحكمة النقض تصحيح هذا الخطأ دون
نقض الحكم .
( 4 – 6 ) عقد
" عيوب الرضا ". التزام " الوفاء ". محكمة الموضوع "
سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لتقدير وسائل الإكراه ". نقض " أسباب الطعن
: الأسباب الموضوعية ". حكم " عيوب التدليل : الخطأ فى تطبيق القانون
".
(4) الإكراه على
الوفاء . م 181 مدنى . ماهيته . لا عبرة بمشروعية الوسيلة المستخدمة فى الإكراه أو
عدم مشروعيتها .
(5) وسائل الإكراه ومدى تأثيرها فى نفس الموفى . استقلال
قاضى الموضوع بتقديرها . أثره . لا رقابة عليه فى ذلك من محكمة النقض .
شرطه . إقامة قضاءه على أسباب سائغة .
(6) انتهاء الحكم المطعون فيه باستدلال سائغ إلى
أن وفاء المطعون ضدهم بالأجرة المستحقة على السفينة لم يكن تبرعاً وإنما نتيجة
إكراه لخشيتهم مغادرة السفينة محملة بالأخشاب المملوكة لهم . صحيح . علة ذلك .
تحقق الإكراه بالمعنى المقصود فى م 181 مدنى .
---------------------
1 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض -
أن العبرة فى تكييف الدعوى والطلبات فيها ليس بما يصفه بها الخصوم بل بما تتبينه
المحكمة من وقائع الدعوى ومن تطبيق القانون عليها باعتباره أمراً يتعين على القاضى
أن يقوم به من تلقاء ذاته ولو لم يطلب إليه أى من الخصوم ذلك.
2 – إذ كانت المادة الأولى من اتفاقية بروكسل المتعلقة بالحجز على
السفن لسنة 1952 التى انضمت مصر إليها وصدر نفاذاً لها القانون 135 لسنة 1955 وسرت
أحكامها اعتباراً من 24 فبراير سنة 1956 قد اعتبرت وفقاً للبند (د) منها ديناً
بحرياً المطالبة الناشئة عن العقود الخاصة باستعمال السفينة أو باستئجارها سواء
بمشارطة تأجير أو غير ذلك .
3 - إذ كان الواقع فى الدعوى حسبما
حصله الحكم المطعون فيه أن المطالبة محل طلب الحجز على السفينة - موضوع النزاع -
إنما تتعلق بما أداه المطعون ضدهم الثمانية الأوائل من أجرة مستحقة لملاك السفينة
لدى مستأجرها الذى تعاقدوا معه على شحن رسالة الأخشاب المستوردة لحسابهم بما يعد
معه أداؤهم للمبالغ محل الحجز يدخل فى عداد الحالات الواردة بالبند (د) سالف الذكر
البند (د) م 1 اتفاقية بروكسل لسنة 1952 . وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بوصف الدين
موضوع الحجز بأنه دين تجارى وفقاً لأحكام الاتفاقية آنفة الذكر( اتفاقية
بروكسل لسنة 1952 المتعلقة بالحجز على السفن ) فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة
لا يعيب الحكم استناده لأحكام الفقرة (و) من تلك المادة (المادة 1 من هذه
الاتفاقية) بدلاً من البند (د) إذ لمحكمة النقض أن تصحح خطأه القانونى دون أن
تنقضه .
4 - الإكراه الدافع على الوفاء فى معنى المادة 181 من القانون المدنى هو الضغط
الذى تتأثر به إرادة الشخص ويدفعه إلى الوفاء تحت تأثير الرهبة التى تقع فى نفسه
لا عن حرية واختيار ، ولا عبره بالوسيلة المستخدمة فى الإكراه فيستوى أن تكون
مشروعة أو غير مشروعة متى كان من شأنها أن تشيع الرهبة فى نفس الموفى وتدفعه إلى
الوفاء .
5 - تقدير وسائل الإكراه ومبلغ
جسامتها ومدى تأثيرها فى نفس الموفى هو من الأمور الموضوعية التى يستقل بها قاضى
الموضوع ، ولا رقابة عليه فى ذلك لمحكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة .
6 - إذ كان الحكم المطعون فيه انتهى
فى استدلال سائغ إلى أن وفاء المطعون ضدهم الثمانية الأوائل بالأجرة المستحقة على
مستأجر السفينة لصالح مالكها – موضوع النزاع - لم يكن تبرعاً وإنما كان نتيجة إكراه لحصوله تحت
تأثير خشية مغادرة السفينة للميناء محملة برسالة الأخشاب المملوكة للمطعون ضدهم
سالفى الذكر بما يسبب ذلك من ضياع حقوقهم عليها فإنها لا تكون قد خالفت القانون
باعتبار أن الإكراه بالمعنى المقصود فى المادة 181 من القانون المدنى تحقق فى هذه
الصورة .
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى
تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة .
حيث أن الطعن استوفى أوضاعة الشكلية
وحيث إن الوقائع
– على ما يبين من الحكم المطعون فيه
وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المطعون ضدهم الثمانية
الأوائل تقدموا إلى الرئيس بمحكمة الاسكندرية الابتدائية بطلب استصدار أمر حجز
تحفظى على جسم السفينة الانجليزية .... (......) الراسية على رصيف 87/6 بميناء
الاسكندرية ضماناً لمبلغ 412500 دولاراً أمريكياً وعشرة نظير المصروفات الاحتمالية
وقالوا بياناً له إنه بموجب سندات شحن صادرة خلال شهرى
إبريل ومايو سنة 1987 بميناء هامينا بفلندا تعاقدوا مع المقدم ضدها الثانية – الشركة مالكة
السفينة وصاحبة الحق فى استغلالها - على نقل رسائل من الأخشاب بلغ مجموع ثمنها
أكثر من ستة ملايين دولار وبعد وصول السفينة بحمولتها إلى ميناء الاسكندرية بتاريخ
10 يوليه سنة 1987 امتنع ربانها – الطاعن بصفته – عن الدخول إلى المينا وتفريغ وتسليم رسائل الأخشاب
إليهم بوصفهم أصحابها ثم غادرت المياه الإقليمية المصرية فى 13 أغسطس سنة 1987
بادعاء عدم الوفاء بالأجرة إلى مالكى السفينة إلى أن استطاع المطعون ضدهم الثمانية
الأوائل الاتفاق مع شركة ... مستأجرة السفينة – المقدم ضدها الأولى – على أن يؤدوا إليها الأجرة عن الفترة من 17 أغسطس حتى آخر أكتوبر
سنة 1987 التى بلغ مجموعها 495000 دولار بموجب خطابى ضمان بالرغم من أنها أجرة غير
مستحقة عليهم لسابقة أدائها لها نتيجة تواطؤ شركة ... المستأجرة مع الشركة المالكة
التى يمثلها الطاعن كما اضطروا إلى أداء مبلغ 50140 دولار قيمة الرسم الجمركى للتوكيل
... بعد أن امتنع الأخير عن أدائه ، وإذ كان يحق للمطعون ضدهم سالفى الذكر استرداد
ما دفع منهم بغير حق وتحت إكراه مفسد للرضا باعتبار أن ما تم أداؤه منهم يمثل ما
لمالك السفينة من أجره لدى مستأجرها وهم لا يلتزمون بها فقد تقدموا بطلب استصدار
أمر بالحجز التحفظى على هذه السفينة ضماناً للمبلغ محل المطالبة فصدر الأمر بتاريخ
29 أكتوبر سنة 1987 . تظلم الطاعن منه بالدعوى رقم ... لسنة ... تجارى الاسكندرية
الابتدائية وفى 24 ديسمبر سنة 1987 حكمت المحكمة بإلغاء أمر الحجز التحفظى – محل النزاع – واعتباره كأن
لم يكن بشرط تقديم كفالة مناسبة . استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف
الاسكندرية بالاستئناف رقم ... لسنة ... ق التى قضت بتاريخ 16مايو سنة 1990 بتأييد
الحكم المستأنف ، طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة
مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة
حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة العامة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب
ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى
تطبيقه ذلك أنه اعتبر الدين الذى تم الحجز بمقتضاه على السفينة ديناً بحرياً
استناداً إلى ما جاء بالبند (و) من المادة الأولى من اتفاقية بروكسل المتعلقة
بالحجز على السفن وذلك خلافاً لما ذهبت إليه محكمة أول درجة التى أيد حكمها من
اعتباره ديناً تجارياً وفقاً للبندين (د ، ﻫ) على الرغم من أن هذا الدين لا يدخل
فى عداد الصور الواردة بهذه البنود الأمر الذى يؤكده أن المطعون ضدهم الثمانية
الأوائل لم يؤسسوا دعواهم على إحدى هذه الصور وإنما استندوا إلى أحكام الفضالة
ودفع غير المستحق وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير سديد ذلك أن المقرر
- فى قضاء هذه المحكمة - أن العبرة فى تكييف الدعوى والطلبات فيها ليس بما يصفه
بها الخصوم بل بما تتبينه المحكمة من وقائع الدعوى ومن تطبيق القانون عليها
باعتباره أمراً يتعين على القاضى أن يقوم به من تلقاء ذاته ولو لم يطلب إليه أى من
الخصوم ذلك ، وكانت المادة الأولى من اتفاقية بروكسل المتعلقة بالحجز على السفن
لسنة 1952 التى انضمت مصر إليها وصدر نفاذاً لها القانون 135 لسنة 1955 وسرت
أحكامها اعتباراً من 24 فبراير سنة 1956 قد اعتبرت وفقاً للبند (د) منها ديناً
بحرياً المطالبة الناشئة عن العقود الخاصة باستعمال السفينة أو باستئجارها سواء
بمشارطة تأجير أو غير ذلك . لما كان ذلك ، وكان الواقع فى الدعوى حسبما حصله الحكم
المطعون فيه أن المطالبة محل طلب الحجز على السفينة - موضوع النزاع - إنما تتعلق
بما أداه المطعون ضدهم الثمانية الأوائل من أجرة مستحقة لملاك السفينة لدى
مستأجرها الذى تعاقدوا معه على شحن رسالة الأخشاب المستوردة لحسابهم بما يعد معه
أداؤهم للمبالغ محل الحجز يدخل فى عداد الحالات الواردة بالبند (د) سالف الذكر ،
وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بوصف الدين موضوع الحجز بأنه دين تجارى وفقاً لأحكام
الاتفاقية آنفة الذكر فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة لا يعيبه استناده لأحكام
الفقرة (و) من تلك المادة بدلاً من البند (د) إذ لمحكمة النقض أن تصحح خطأه
القانونى دون أن تنقضه مما يضحى معه النعى بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل
النعى بالسببين الثانى والثالث أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى
تطبيقه ذلك أنه تمسك فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن الأعمال المشروعة
ومنها استعمال الحق لا تشكل إكراهاً ، وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه أن فى استعماله
للحق فى عدم تفريغ رسالة الأخشاب بسبب عدم أداء الأجرة المستحقة على السفينة
إكراهاً رغم أنه عمل مشروع ورتب على ذلك أحقية المطعون ضدهم الثمانية الأوائل فى
استردادها بالمخالفة لأحكام المادة 181/2 من القانون المدنى بالرغم من أن تراكى
السفينة بالبقاء بتاريخ 10 أكتوبر سنة 1987 حتى استصدر الأخرون خطاب ضمان بمبلغ
الايجار فى 11 أكتوبر سنة 1987 يحول دون القول بتوافر الإكراه المدعى به وهو ما
يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن النعى فى غير محله
ذلك أن الإكراه الدافع على الوفاء فى معنى المادة 181 من القانون المدنى هو الضغط
الذى تتأثر به إرادة الشخص ويدفعه إلى الوفاء تحت تأثير الرهبة التى تقع فى نفسه
لا عن حرية واختيار ، ولا عبره بالوسيلة المستخدمة فى الإكراه فيستوى أن تكون
مشروعة أو غير مشروعة متى كان من شأنها أن تشيع الرهبة فى نفس الموفى وتدفعه إلى
الوفاء ، وتقدير وسائل الإكراه ومبلغ جسامتها ومدى تأثيرها فى نفس الموفى هو من
الأمور الموضوعية التى يستقل بها قاضى الموضوع ، ولا رقابة عليه فى ذلك لمحكمة
النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه
انتهى فى استدلال سائغ إلى أن وفاء المطعون ضدهم الثمانية الأوائل بالأجرة
المستحقة على مستأجر السفينة لصالح مالكها – موضوع النزاع - لم يكن تبرعاً وإنما كان نتيجة إكراه
لحصوله تحت تأثير خشية مغادرة السفينة للميناء محملة برسالة الأخشاب المملوكة
للمطعون ضدهم سالفى الذكر بما يسبب ذلك من ضياع حقوقهم عليها فإنها لا تكون قد
خالفت القانون باعتبار أن الإكراه بالمعنى المقصود فى المادة 181 من القانون
المدنى تحقق فى هذه الصورة ويضحى النعى بهذين السببين لا يعدو أن يكون جدلاً فى
تقدير محكمة الموضوع لوسائل الإكراه ومبلغ جسامتها وتأثيرها على نفس الموفى ينحسر
عنها رقابة محكمة النقض .
ولما يتقدم يتعين رفض الطعن .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق