برئاسة
السيد المستشار / صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /
رضوان عبد العليم ومحمد شعبان باشا وطه سيد قاسم وعبد الرحمن فهمي نواب
رئيس المحكمة .
------------------------
1
- لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم
بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به
أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي
استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه , وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين
واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي خطف أنثى بطريق
التحيل والشروع في وقاعها بغير رضاها اللتين دان الطاعن بهما وأورد على
ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء
استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي
وألمت بها إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث
لتعرف الحقيقة.
2
- من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا أو نمطا يسوغ فيه الحكم بيان الواقعة
المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم
كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة , فإن ذلك
يكون محققا لحكم القانون . ومن ثم , فإن منعى الطاعن بأن الحكم قد شابه
الغموض والإبهام والتجهيل بوقائع الدعوى وأدلتها يكون ولا محل له.
3
- لما كان الحكم قد نقل عن تقارير الطب الشرعي قوله " وقد ثبت من تقارير
الطب الشرعي أنه قد عمل رسم مخ وأعصاب للمجني عليها فتبين أن جهازها العصبي
في الحدود الطبيعية كما أنه بإجراء رسم عضلات بها فتبين أيضا أنها في
الحدود الطبيعية وأن حالة المجني عليها المرضية تحول دون مقاومتها ", وكان
ما أورده الحكم نقلا عن هذه التقارير كافيا في بيان مضمونها ولتحقيق
الموائمة بينها وبين باقي الأدلة المطروحة في الدعوى, فإن هذا حسبه كيما
يتم تدليله ويستقيم قضاؤه, ذلك أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص
تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه.
4
- لما كان ذلك, وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته
أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه ولا
ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية, وكان يبين من الإطلاع
على محضر الجلسة التي دارت فيها المرافعة وصدر فيها الحكم المطعون فيه أن
المدافع عن الطاعن قال في سياق مرافعته " وبالنسبة للطالبة لماذا أنسجت هذه
القصة وهذا الاتهام للدكتور ... وقال الدفاع وصولا للإجابة على هذا فلابد
من معرفة أثر ما يصاب به الشخص إذا كان معوقا وقال هناك مراجع في هذا
الخصوص في سيكلوجية الإعاقة واستقراء الدفاع أجزاء منها وأجمع الكتاب على
أن المعوق لديه شعور عدواني لدى المجتمع وتصورات وهواجس وقال الدفاع أن
هناك هلاوس قهرية وسيكلوجية العدوان تكون لدى المعوق أيضا" ولم يطلب مناقشة
أي من الأساتذة المتخصصين, وعلى ذلك فتساءل المدافع عن الطاعن في مرافعته
عن أثر الإعاقة على الشخص المعوق لا يعد طلبا بالمعنى السالف ذكره, كما أن
ما أثبت بمحضر تلك الجلسة على لسانه في نهاية مرافعته قوله " إن الإعاقة
مركزها المخ ولو شاءت المحكمة ندب كبير الأطباء الشرعيين في مناقشة في أثر
الإعاقة في المخ " لا يعد من قبيل الطب الجازم إذ أنه إذ أنه يعتبر تفويضا
منه للمحكمة إذا شاءت أجابت هذا الطلب وإن لم تجد هي له من ضرورة لتحقيق
واقعة الدعوى غضت الطرف عنه, وإذ كانت المحكمة لم تر من جانبها حاجة لاتخاذ
هذا الإجراء بعد أن وضحت لديها الواقعة, فإن ما يثيره الطاعن في هذا
الخصوص يكون غير سديد, إذ من المقرر أن القانون وإن أوجب سماع ما يبديه
المتهم من أوجه دفاع وتحقيقه إلا أنه إذا كان المحكمة قد وضعت لديها
الواقعة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فإن لها أن تعرض
عنه ولا تثريب عليها إن هي أغفلت الرد عليه.
5
- لما كان ذلك , وكانت جريمة خطف الأنثى التي يبلغ سنها أكثر من ستة عشر
سنة كاملة بالتحايل والإكراه المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 290
من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 214 لسنة 1980 تتحقق بإبعاد هذه
الأنثى عن المكان الذي خطفت منه أيا كان المكان بقصد العبث بها , وذلك عن
طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليها وحملها على
مرافقة الجاني لها , أو باستعمال أي وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب
إرادتها , وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادي للخطف
وتوافر ركن التحيل والإكراه والقصد الجنائي في هذه الجريمة وتساند في قضائه
إلى أدلة منتجة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه , وكان ما أورده الحكم
المطعون فيه بيانا لواقعة الدعوى وردا على ما دفع به الطاعن من انتفاء
أركان جريمة الخطف تتحقق به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان
الطاعن بارتكابهما , كما هما معرفتان به في القانون, كما أن تقدير ركن
التحيل أو الإكراه أو توافر القصد الجنائي في جريمة الخطف كلها مسائل
موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام استدلالها سليما. ومن
ثم, فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
6
- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر
المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه
اقتناعها , وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى , ما دام استخلاصها مستندا إلى
أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق , وهي في ذلك ليست
مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة , بل لها أن تستخلص صورة الدعوى بطريق
الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية.
7
- لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع
في كل جزئية من جزئيات الدعوى, لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل
بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي, فلا ينظر إلى دليل بعينه
لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة, بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها
كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة
واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
8
- لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي
دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق.
9
- وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء
على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه
إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن
إليه , وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات
التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
10
- تأخر المجني عليها في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ
بأقوالها ما دامت قد أطمأنت إليها , كما أن تناقض الشاهدة أو اختلاف
روايتها في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة
قد استخلصت الحقيقة من أقوالها استخلاصا سائغا لا تناقض فيه , وإذ كانت
الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال المجني عليها والشهود وسائر الأدلة
التي أشارت إليها في حكمها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي, فإن ما
يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال
المجني عليها أو محاولة تجريحها على النحو الذي ذهب إليه في طعنه ينحل إلى
جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز
مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
11
- لنا كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بشأن طلب إجراء معاينة لمكان الحادث
وأطرحه في قوله " وحيث إنه ولما كانت المجني عليها وقد نفت إمكانها التعرف
على المكان الذي وقع فيه الحادث مكتفية بالقول بأنه في طريق مصر إسكندرية
الصحراوي وكانت المحكمة تطمئن إلى صحة أقوالها. فضلا عما قد أجرته النيابة
من معاينة لكيفية وقوع الحادث تطمأن إليه أيضا فإنها تلتفت عما أثاره
الدفاع من طلب معاينة مكان الحادث ", لما كان ذلك , وكان من المقرر أنه متى
كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج
في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك من بيان العلة وهو ما أوضحه الحكم بما
يستقيم به إطراح ذلك الدفاع الذي أبداه الطاعن هذا فضلا عن أن هذا الطلب لا
يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما
روتها المجني عليها , بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي
أطمأنت إليه المحكمة. ومن ثم فأنه يعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة
بإجابته ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله.
12
- من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير الأدلة, وكان
الحكم قد عول فيما عول عليه على المعاينة التي أجرتها النيابة العامة
لكيفية وقوع الحادث فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون
مجادلة في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز
مصادرتها في الخوض بشأنها لدي محكمة النقض, أما ما يثار في هذه المعاينة
ورميها بالصورية فلا يعدو أن يكون تعييبا للتحقيق السابق على مرحلة
المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للنعي على الحكم هذا إلى أنه ليس ما يمنع
المحكمة من الأخذ بهذه المعاينة على فرض بطلانها على أنها عنصر من عناصر
الاستدلال ما دام أنه كان مطروحا على بساط البحث وتناوله الدفاع بالمناقشة ,
ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
13
- لما كان الطاعن لا يدعي بأن المحكمة قد منعته من إبداء دفاعه, فإنه لا
يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاعه كاملا إذ كان عليه إن كان يهمه
تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر.
14
- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يتساند في إدانة
الطاعن إلى شهادة أي من .... و ...... ولا إلى تحريات الشرطة ولم يورد لهم
ذكرا فيما سطره , فإن منعى الطاعن في خصوص شهادة هذين الشاهدين وتحريات
الشرطة لا يكون له محل.
15
- لما كانت المحكمة قد ساقت من أدلة الثبوت التي أطمأنت إليها ما يكفى
لحمل قضائها , وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة
بالتحدث في حكمها ولا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها , وفى إغفالها
لبعض الوقائع ما يفيد ضمنا إطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع
والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها . ومن ثم , فلا محل لما ينعاه الطاعن
على الحكم لإغفاله الوقائع التي أشار إليها بأسباب طعنه , وهي تعد وقائع
ثانوية يريد الطاعن لها معنى لم تسايره فيه المحكمة فأطرحتها .
16
- لما كان البين من محضر جلسة 13/5/1998 التي استمعت فيها المحكمة لشهادة
المجني عليها أن مصلحة الحكم في معرض إطراحه طلب الطاعن بإجراء معاينة
لمكان الحادث من أن المجني عليها نفت أمكان تعرفها على المكان الذي وقع فيه
الحادث مكتفية بالقول بأنه في طريق مصر إسكندرية الصحراوي له أصله الثابت
بأقوال المجني عليه بمحضر الجلسة المذكورة على خلاف ما أورده الطاعن بأسباب
طعنه ولما كان من المقرر أن للمحكمة أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن
إليه وأن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة
متى أطمأنت إليها ودون أن تبين العلة في ذلك , فإن ما ينعاه الطاعن على
الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد لا يكون له محل .
17
- لما كان الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في
عقيدة المحكمة التي خصلت إليها فلا يقدح في سلامة الحكم الخطأ في الإسناد
فيما خرج عن سياق استدلاله وجوهر تسبيبه , ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بفرض
صحته عن خطأ الحكم فيما أورده من أن المجني عليها أخبرت زميلتها يوم
14/7/1997 حالة أن الثابت بالأوراق أنها أخبرتها يوم 17/12/1997 , لا يعيب
الحكم ولا ينال من صحته إذ ليس له من أثر في جوهر الواقعة التي اقتنعت بها
المحكمة , ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .
الوقائع
اتهمت
النيابة العامة الطاعن بوصف أنه خطف بطريق التحايل المجني عليها
........... وذلك بأن اصطحبها في سيارته بحجة توصيلها لمسكن شقيقتها
وإعطائها أسئلة امتحان مادته العلمية التي تدرسها على يديه بكلية ........
جامعة ..........فتمكن بهذه الحيلة من الوصول إلى محل خال من المارة على
جانب طريق مصر الإسكندرية الصحراوي على النحو المبين بالأوراق وشرع في
مواقعة المجني عليها سالفة الذكر بغير رضاها بأن غلق أبواب سيارته بمكان
خطفها سالف البيان وجردها من ملابسها عنوة وخلع عنه ملابسه ثم جثم فوقها
بالقوة قاصداً مواقعتها وخاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه هو
مقاومتها حال كونه ممن لهم سلطة عليها - أستاذها بقسم ....... كلية
.......... - على النحو المبين بالتحقيقات وأحالته إلى محكمة جنايات
القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعت
المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل
التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً - عملاً بالمواد 45/1, 46/2,
267, 290/1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون -
بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات عما أسند إليه وبإلزامه بأن
يؤدي للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض
المؤقت. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ....... إلخ.
المحكمة
من
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي خطف أنثى
بطريق التحيل والشروع في مواقعتها بغير رضاها, قد شابه القصور في التسبيب
والفساد في الاستدلال وأخطأ في تطبيق القانون وإنطوى على إخلال بحق الدفاع
والخطأ في الإسناد, ذلك بأنه لم يورد وقائع الدعوى وأدلتها بطريقة كافية,
وأثار المدافع عن الطاعن أن هناك إعاقة واردة بالتقرير الطبي الموقع على
المجني عليها يتمثل في وجود تأخر في القدرة التوصيلية للعصب الخلفي نتيجة
تشوه بمنطقة مفصل الكاحلين فهي مسألة فنية من شأنها أن تصور في نفس المعاق
وساوس قهرية وهلاوس مرضية, وقدم تأييدا لذلك عدة أبحاث عليمة وطلب تحقيقا
له الدفاع مناقشة كبير الأطباء الشرعيين في هذا الشأن, واحتياطيا ندب أحد
الأساتذة المتخصصين لمناقشته في شخصية وعقلية المجني عليها, إلا أن المحكمة
التفتت عن هذا الطلب الذي لم يثبت نصه في محضر جلسة التحقيق بلوغا إلى
غاية الأمر فيه, وخاضت في مسائل فنية لا يحق لها الخوض فيها, وتمسك الدفاع
عن الطاعن أمام المحكمة بعدم توافر أركان جريمة الخطف بطريق التحيل في حق
الطاعن إذ أقرت الطاعنة والشاهدان 000و0000 بأن مرافقة الطاعن لها كانت
بمحض إرادتها وصولا إلى الحصول على أسئلة الامتحان حسبها زعمت لزملائها وهو
ما يقطع بانتفاء التحيل والقصد الجنائي على السواء, غير أن الحكم أطرح هذا
الدفاع بما لا يسوغ إطراحه, وتساند إلى أدلة لا تؤدي إلى ما رتبه عليها
من نتيجة, وعول على أقوال المجني عليها رغم تأخرها في الإبلاغ, ولم تتوصل
تحريات الشرطة إلى جدية البلاغ من عدمه. وقام دفاع الطاعن على استحالة حدوث
الواقعة كما روتها المجني عليها مستدلا على ذلك بترددها في أقوالها إذ
قررت تارة أن الطاعن اقتادها إلى مكان خال بطريق مصر إسكندرية الصحراوي
وتارة أخرى أنه قاد السيارة مائة متر في الرمال وهو قول يدحضه الواقع إذ من
المحال أن تسير سيارة من طراز سيارة الطاعن في الرمال دون أن تغوص فيها
ويصعب تحريكها, فضلا عما تبين للدفاع عند انتقاله إلى مكان وقوع الجريمة
أنه ذو كثافة مرورية وتمتد عليه مساكن ومصانع وشركات لمسافة خمسة عشر
كيلومترا بعدها توجد أسلاك شائكة ولا توجد به ثغرة تنفذ منها سيارة إلى
المنطقة الرملية, كما أنه ليس في مكنة المجني عليها فتح باب سيارة الطاعن
من الداخل بأسنانها لدى محاولته الشروع في اغتصابها كما زعمت وتمسك الدفاع
أمام المحكمة بما سبق له التمسك به أمام النيابة العامة وتقاعست عنه إجراء
معاينة على الطبيعة في ذات الزمان والمكان الذين حدثت فيهما الواقعة وعلى
سيارة تماثل سيارة الطاعن لإثبات كذب ما ادعته المجني عليها, بيد أن
المحكمة ردت على هذا الدفاع الذي أثبت بمحضر الجلسة بإيجاز مخل برد غير
سائغ تساندت فيه إلى اطمئنانها إلى ما أجرته النيابة العامة من معاينة
لكيفية وقوع الحادث وإلى ما ورد بأقوال المجني عليها من أنها نفت إمكان
تعرفها على المكان الذي وقع فيه الحادث مكتفية بالقول بأنه في طريق مصر
إسكندرية الصحراوي وهو قول يخالف ما جاء على لسانها بالأوراق من أنها نفت
معرفتها اسم المكان وليس إمكان التعرف عليه وهو ما لم تفطن إليه المحكمة
ولا إلى أن معاينة النيابة العامة لم تجر على أرض الواقع وإنما على فناء
سراي النيابة وعلى سيارة أخرى غير سيارة الطاعن ولا تعدو أن تكون معاينة
صورية. وتغافل الحكم عن دلالة ما ثبت بالتقارير الطبية الشرعية وتقرير
التحليل الطبي الشرعي من عدم وجود أثار إصابية للمجني عليها أو ما يشير إلى
المساس بأجزاء جسمها الحساسة من الأمام والخلف وخلو جميع ملابسها التي
كانت ترتديها من ثمة تمزق أو أية آثار منوية على الرغم مما قررته المجني
عليها من أن الطاعن بدأ بمحاولته في الشروع في اغتصابها بالاعتداء عليها
بالضرب على وجهها وأجزاء متفرقة من جسدها وأنه أمنى عليها, فضلا عن حدوث
الواقعة في أشد أوقات الشتاء برودة بما يرشح القول بإصابة المجني عليها
بنزلة برد لو نزلت عارية. وأخيرا فقد أورد الحكم أن المجني عليها أخبرت
زميلتها000 بالواقعة يوم 14/12/1997 بينما الثابت بالأوراق أنها أخبرتها
يوم 17/12/1997. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
حيث
إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله "أنه وإزاء ما يربط الطالب
بأستاذه من علاقة تقوم على الود والاحترام فقد ذهبت الطالبة بكلية 00إلى
معلمها الدكتور 000 مدرس 000 تشكو له أنها لم تستلم الكتاب المقرر لتلك
المادة فما كان منه إلا أن أعطاها نسخة من هذا الكتاب وأبدى استعداده لكي
يشرح لها ما غمض منه فكان أن ترددت عليه لهذا الغرض في مكانه بالكلية
وبتاريخ 13/12/1997 عرض عليها أن يعطيها درسا خاصا مقابل مبلغ ألفين
وخمسمائة جنيه ولما استكثرت هذا المبلغ عرض عليها توصيلها إلى مسكن شقيقتها
بالهرم وطلب منها انتظاره خارج الكلية وفي حوالي الساعة الخامسة من مساء
ذلك اليوم ركبت السيارة بجواره وأعطاها "ملزمة" وأفهمها أنها موضوعة
للامتحان وأثناء انشغالها بالقراءة فوجئت من خلال إحدى اللافتات في الطريق
أنه يسير في طريق مصر إسكندرية الصحراوي فلما نبهته أنه غير طريق سيره
أفهمها بأن شارع الهرم مزدحم, وفي مكان هادئ من الطريق وقف ناحية اليمين
وقام بخلع ملابسه وطلب منها بدورها أن تفعل ذلك فرفضت فضربها وقام هو بخلع
ملابسها طالبا منها أن تردد على مسمعه عبارات فاحشة مثل عبارات"00000" وإذ
رفضت ذلك ضربها على وجها وشعرها وكان قد خلع ملابسه السفلية حيث وضع قضيبه
بين ثدييها وحسر عنها سروالها وحاول وضعه من الأمام فقاومته وحاولت أن
تغير من وضعها بالسيارة فحاول أن يضع قضيبه في دبرها وظل في محاولته حتى
أمنى على وجهها وفمها ثم استطاعت في محاولتها أن تفتح باب السيارة من خلال
"المسوجر" بأسنانها ونزلت منها وهي عارية ثم لما طمأنها إلى أنه لن يكرر
فعلته وساعدها في ارتداء ملابسها ورجع بها مرة أخرى وأنزلها عند 000 الهرم
حيث تقيد شقيقتها متوعدا إياها في حالة الإبلاغ وقد لاحظت أختها ما هي عليه
من اضطراب واحمرار في وجهها وكتفها فأفهمتها إلى أنها كانت في معسكر إلا
أنها قد اضطرت في النهاية إلى إبلاغ عميد الكلية هي ووالدها بعد أن كانت قد
فشلت في مقابلته في بادئ الأمر والذي اتخذ إجراءات التحقيق مع المدرس
المذكور وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها للطاعن أدلة استقاها من
أقوال شهود الإثبات, وما ثبت من المعاينة التصويرية لمكان الحادث ومن
التقرير الشرعي. لما كان ذلك, وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات
الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة
المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها
والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها
منه, وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة
العناصر القانونية لجريمتي خطف أنثى بطريق التحيل والشروع في وقاعها بغير
رضاها اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من
شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء باستعراض المحكمة لأدلة الدعوى
على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا يفيد
أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لمعرفة الحقيقة, وكان من المقرر
أن القانون لم يرسم شكلا خاصا أو نمطا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة
المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم
كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة, فإن ذلك
يكون محققا لحكم القانون. ومن ثم, فإن منعى الطاعن بأن الحكم قد شابه
الغموض و الإبهام والتجهيل بوقائع الدعوى وبأدلتها يكون ولا محل له. لما
كان ذلك, وكان الحكم قد نقل عن تقارير الطب الشرعي قوله "وقد ثبت من تقارير
الطب الرعي أنه قد عمل رسم مخ وأعصاب للمجني عليها فتبين أن جهازها العصبي
في الحدود الطبيعية, كما أنه بإجراء رسم عضلات بها فتبين أيضا أنها في
الحدود الطبيعية وأن حالة المجني عليها المرضية تحول دون مقاومتها" وكان ما
أورده الحكم عن هذه التقارير كافيا في بين مضمونها ولتحقيق الموائمة بينها
وبين باقي الأدلة المطروحة في الدعوى, فإن هذا حسبه كي ما يتم تدليله
ويستقيم قضاؤه, ذلك أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير
بكل فحواه وأجزائه. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم
محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة
ويصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية,
وكان يبين من الاطلاع على محضر الجلسة التي دارت فيها المرافعة وصدر فيها
الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن قال في سياق مرافعته " وبالنسبة
للطالبة لماذا أنسجت هذه القصة وهذا الاتهام للدكتور 000 وقال الدفاع وصولا
للإجابة على هذا 00000 فلا بد من معرفة أثر من يصاب به الشخص إذا كان
معوقا وقال هناك مراجع في هذا الخصوص في سيكولوجية الإعاقة واستقراء الدفاع
أجزاء منها وأجمع الكتاب على أن المعوق لديه شعور عدواني لدى المجتمع
وتصورات وهواجس وقال الدفاع أن هناك هلاوس قهرية وسيكولوجية العدوان تكون
لدى المعوق أيضا" ولم يطلب مناقشة أي من الأساتذة المتخصصين, وعلى ذلك
فتساؤل المدافع عن الطاعن في مرافعته عن أثر الإعاقة على الشخص المعوق لا
يعد طلبا بالمعنى السالف ذكره, كما أن ما ثبت بمحضر تلك الجلسة على لسانه
في نهاية مرافعته قوله "إن الإعاقة مركزها المخ ولو شاءت المحكمة ندب بكبير
الأطباء الشرعيين في مناقشته في أثر الإعاقة في المخ" لا يعد من قببيل
الطلب الجازم, إذ أنه مما يعتبره تفويضا منه للمحكمة إن شاءت أجابت هذا
الطلب وإن لم تستجب هي له من ضرورات التحقيق وقائع الدعوى غضت عنه الطرف
عنه, وإذ كانت المحكمة لم تر من جانبها حاجة لاتخاذ هذا الإجراء بعد أن
وضحت لديها الواقعة, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد,. إذ
من المقرر أن القانون وإن أوجب سماع ما يبديه المتهم من أوجه دفاع وتحقيقه
إلا أنه إذا كانت المحكمة قد وضحت لديها الواقعة أو كان الأمر المطلوب
تحقيقه غير منتج في الدعوى فإن لها أن تعرض عنه ولا تثريب عليها إن هي
أغفلت الرد عليه". لما كان ذلك, وكانت جريمة خطف الأنثى التي يبلغ سنها
أكثر من ستة عشر سنة كاملة بالتحايل والإكراه المنصوص عليها في الفقرة
الأولى من المادة 290 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 214 لسنة
1980 تتحقق بإبعاد هذه الأنثى عن المكان الذي خطفت فيه أيا كان المكان بقصد
العبث بها, وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني
عليها وحملها على مرافقة الجاني لها, أو باستعمال أي وسائل مادية أو أدبية
من شأنها سلب إرادتها, وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر الفعل المادي
للخطف وتوافر ركن التحيل والإكراه والقصد الجنائي في هذه الجريمة وتساند في
قضاءه إلى أدلة منتجة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه, وكان ما أورده
الحكم المطعون فيه بيانا لواقعة الدعوى وردا على ما دفع به الطاعن من
انتفاء أركان جريمة الخطف تتحق به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين
دان الطاعن بارتكابهما كما هما معرفتان به في القانون, كما أن تقدير ركن
التحايل أو الإكراه أو توافر القصد الجنائي في جريمة الخطف كلها مسائل
موضوعية تفصل فيه محكمة الموضوع بغير معقب ما دام استدلالها سليما, ومن ثم'
فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. من المقرر أن لمحكمة
الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها, وأن تطرح ما
يخالفها من صور أخرى, ما دام استخلاصها مستمدا من أدلة مقبولة في العقل
والمنطق ولها أصلها في الأوراق' وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة
مباشرة, بل لها أن تستخلص صورة الدعوى بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة
الممكنات العقلية. ولا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل
دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد
الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها جميعا تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر
إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة, بل يكفي أن تكون الأدلة
في مجموعها مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع
المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه, لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها
بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح
من الأوراق. وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم
وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات
كل ذلك مرجعه على محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير
الذي تطمئن إليه, وهي متى أخذت بشهادتهم, فإن ذلك يفيد أنه أطرحت جميع
الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان تأخر المجني
عليها في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوالها ما دام قد
اطمأنت إليها, كما أن تناقض الشاهدة أو اختلاف روايتها في بعض تفاصيلها لا
يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من
أقوالها استخلاصا سائغا, وإذ كان الصورة التي استخلصت المحكمة من أقوال
المجني عليها والشهود وسائر الأدلة التي أشارت إليها في حكمها لا تخرج عن
الاقتضاء العقلي والمنطقي, فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير
المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال المجني عليها أو محاولة تجريحها على
النحو الذي ذهب إليه في طعنه ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما
تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه
أمام محكمة النقض. لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بشأن طلب إجراء
معاينة لمكان الحادث وطرحه في قوله "وحيث إنه ولما كانت المجني عليها قد
نفت إمكان التعرف على المكان موقع الحادث مكتفية بالقول بأنه في طريقي مصر
إسكندرية الصحراوي وكانت المحكمة تطمئن إلى صحة أقوالها فضلا عما أجرته
النيابة العامة من معاينة لكيفية وقوع الحادث تطمئن إليه أيضا, فإنه تلتفت
عما أثاره الدفاع من طلب معاينة الحادث. لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه
متى كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير
منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة وهو ما أوضحه الحكم بما
يستقيم به إطراح ذلك الدفاع الذي أبداه الطاعن, هذا فضلا عن أنه الطلب لا
يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما روتها
المجني عليها بل كان المقصد به إثارة الشبهة حلول الدليل الذي اطمأنت إليه
المحكمة. ومن ثم, فإنه يعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة بإجابته,
ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله. من المقرر أن لمحكمة
الموضوع السلطة المطلقة في تقدير الأدلة, وكان الحكم قد عول فيما عول عليه
على المعاينة التي أجرتها المحكمة لكيفية وقوع الحادث, فإن ما يثيره الطاعن
في هذا الشأن لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومبلغ
اطمئنانها إليها مما لا يجوز مصادرتها فيه أو الخوض بشأنه لدى محكمة
النقض, أما ما يثار في شأن هذه المعاينة ورميها بالصورية فلا يعدو أن يكون
تعييبا للتحقق السابق على مرحلة المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للنعي
على الحكم هذا إلى أنه ليس ما يمنع المحكمة من الأخذ بهذه المعاينة على فرض
بطلانها على أنها عنصر من عناصر الاستدلال ما دام أنه كان مطروحا على
بساط البحث وتناوله الدفاع بالمناقشة, ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا
الصدد غير سديد, لما كان الطاعن لا يدعي أن المحكمة قد منعته من إبداء
دفاعه, فإنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاعه كاملا, إذ كان
عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر. لما كان البين من
مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يتساند في إدانة الطاعن إلى شهادة أي من
000 و000 ولا إلى تحريات الشرطة ولم يورد لهم ذكرا فيما سطره. لأن منعى
الطاعن بخصوص شهادة هذين الشاهدين وتحريات الشرطة لا يكون له محل,. لما
كانت المحكمة قد ساقت من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها ما يكفي لحمل
قضائها, وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في
حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها, وفي إغفالها لبعض
الوقائع ما يفيد ضمنا إطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة
التي اعتمدت عليها في حكمها,ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم
لإغفاله الوقائع التي أشار إليها بأسباب طعنه, وهي تعد وقائع ثانوية يريدا
الطاعن لها معنى لم تسايره فيه المحكمة فأطرحتها. لما كان البين من محضر
جلسة 13/5/1998 التي استمعت فيها المحكمة لشهادة المجني عليها أن ما حصله
الحكم في معرض إطراحه طلب الطاعن بإجراء معاينة لمكان الحادث من أن المجني
عليها نفت إمكان تعرفها على المكان الذي وقع فيه الحادث مكتفية بالقول بأنه
في طريق مصر إسكندرية الصحراوي له أصله الثابت بأقوال المجني عليه بمحضر
الجلسة المذكورة على خلاف ما أورده الطاعن بأسباب طعنه ولما كان من المقرر
أن للمحكمة أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه وأن تعول على أقوال
الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى اطمأنت إليها ودون أن
تبين العلة في ذلك, فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في
الإسناد لا يكون له محل. لما كان الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو
الذي يقع فيما هومؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها فلا يقدح في سلامة
الحكم الخطأ في الإسناد فيما خرج عن سياق استدلاله وجوهر تسبيبه, ومن ثم,
فإن ما يثيره الطاعن بفرض صحته عن خطأ الحكم فيما أورده من أن المجني عليها
أخبرت زميلتها يوم 14/7/1997 حالة أن الثابت من الأوراق أنها أخبرتها في
يوم 17/12/1997, لا يعيب الحكم ولا ينال من صحته إذ لم ليس له جوهر في
الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة. ومن ثم, فإن ما ينعاه الطاعن في هذا
الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس
متعينا رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق