جلسة 9 من مايو سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي وحسين الشافعي ومحمود شريف فهمي نواب رئيس المحكمة.
--------------------
(84)
الطعن رقم 9758 لسنة 65 القضائية
(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
التقرير بالطعن. مناط اتصال المحكمة به. إيداع الأسباب في الميعاد. شرط لقبوله.
التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
عدم تقديم الطاعنين أسباباً لطعنهما. أثره: عدم قبول طعنهما شكلاً.
(2) نيابة عامة. إعدام. نقض "ميعاده". محكمة النقض "سلطتها".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام. غير لازم. علة ذلك؟
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها دون التقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها. أساس ذلك؟
(3) قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
(4) سبق إصرار. ظروف مشددة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام".
البحث في توافر ظرف سبق الإصرار. من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها. شرط ذلك؟
(5) قتل عمد. سرقة. إكراه. جريمة "الجريمة المقترنة". عقوبة "تقديرها". ظروف مشددة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الاقتران".
يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234 عقوبات. أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما. تقدير ذلك. موضوعي.
(6) إثبات "اعتراف" دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. موضوعي. للمحكمة البحث في صحة ما يدعيه المتهم في انتزاع الاعتراف منه بالإكراه والأخذ به متى اطمأنت إليه.
(7) إثبات "اعتراف". إكراه. أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير مدى إكراه المتهم أو اختياره في مقارفة الجريمة. موضوعي. ما دام سائغاً.
مثال.
(8) إعدام. قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
2 - لما كانت النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت في مضمونها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليهما دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذات القانون. إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب - يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
3 - من المقرر أن قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
4 - من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافى عقلاً مع ذلك الاستنتاج.
5 - من المقرر أنه يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع ما دام يقيمه على ما يسوغه.
6 - لما كان الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به مما لا معقب عليها وإذ كانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أن اعتراف المتهمين إنما كان عن طواعية واختيار ولم يكن نتيجة إكراه واقتنعت بصحته، فإن رد المحكمة على ما دفع به المدافعون عن المتهمين في هذا الشأن يكون كافياً وسائغاً بما لا شائبة معه تشوب الحكم.
7 - لما كان تقدير ما إذا كان المتهم مكرهاً أم مختاراً فيما أقدم عليه من مقارفة للجرم المسند إليه أمراً موكولاً إلى قاضي الموضوع يستخلصه من عناصر الدعوى في حدود سلطته التقديرية بلا معقب عليه ما دام استخلاصه سائغاً لا شطط فيه، وإذ كانت المحكمة لم تعتد بما تعللت به المتهمة الثانية من أن المتهم الأول باعتباره زوجها وابن عمها وقد أكرهها على أن تشاركه في الجريمة، بعد أن ثبت لديها أن هذا الدفاع لم يكن إلا قولاً مرسلاً غير مؤيد بدليل وهو ما لم يخطئ الحكم في فهمه وتقديره، فإن هذا حسبه.
8 - لما كان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين المحكوم عليهما بالإعدام بها، وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية. وجاء خلواً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة، إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولاً: - تداخلا وآخر حدث في اتفاق جنائي حرض عليه الأول وأدار حركته الغرض منه ارتكاب الجنايات موضوع التهمة الثانية بأن اتحدت إرادتهما على القيام بها ودبروا خطة وزمان ومكان وأدوات ارتكابها وبما اتفقوا على الأعمال المجهزة والمسهلة لذلك فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق مع علمهم به - ثانياً: - قتلا...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا الغرم المصمم على قتلها وأعدا لذلك آلة حادة "مطواة" ومادة مخدرة غير معلومة وتوجها إلى مسكن المجني عليها حيث قامت المتهمة الثانية بدس المادة بطعام وشراب المجني عليها فتناولته مما أفقدها وعيها ثم قام المتهم الأول بوضع قطعة من القماش على أنفها وفمها أمدته بها الثانية لمنع استغاثتها وطعنها بالمطواة عدة طعنات في رقبتها قاصدين من ذلك قتلها فأحدثا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وقد تقدمت هذه الجناية واقترنت بها وتلتها أربع جنايات أخريات هي أنهما في الزمان والمكان سالفي البيان (1) أكرها المجني عليها المذكورة على التوقيع ببصمة إبهام يدها اليسرى على أوراق مثبتة لتصرف قانوني وكان ذلك بأن وضعا لها المادة سالفة البيان بطعامها وشرابها ففقدت وعيها وحصلا بذلك على بصمتها على تلك الأوراق (2) قتلا وآخر حدث..... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية وعقدا العزم المصمم على قتلها وتربصا لها بمسكنها إلى أن ظفرا بها حيث قام الحدث بكتم أنفاسها بقطعة من القماش وطعنها المتهم الأول عدة طعنات في رقبتها بالمطواة نفسها وبسكين أمدته بها المتهمة الثانية قاصدين من ذلك قتلها فأحدثا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها (3) سرقا والحدث المبالغ النقدية والمشغولات الذهبية والمنقولات والأوراق المبينة قدراً ووصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة للمجني عليهما سالفتي الذكر ليلاً حال كون المتهم الأول حاملاً سلاحاً أبيض "مطواة" (4) أنهما والحدث وضعا عمداً ناراً في مسكن المجني عليهما بأن سكب المتهم الأول كمية من "الكيروسين" على جثتيهما وأشعل النار بهما فامتد الحريق إلى بعض محتويات المسكن وحدثت آثاره المبينة بالتحقيقات وأحالتهما إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى ابن المجني عليها الأولى وشقيق المجني عليها الثانية مدنياً قبل المتهمين بإلزامهما بأن يؤديا له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت وبإجماع الآراء إرسال أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي فيها وحددت جلسة...... للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 48/ 1، 230، 231، 252/ 1، 316، 325 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32/ 2 من ذات القانون بمعاقبة المتهمين بالإعدام شنقاً لكل منهما وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض وقيد الطعن بجدول المحكمة برقم ...... لسنة 63 القضائية وبجلسة....... قضت محكمة النقض أولاً: - بعدم قبول طعن المحكوم عليهما شكلاً. وثانياً: - بقبول عرض النيابة العامة للقضية وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات الإسكندرية للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى. ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قررت وبإجماع الآراء إرسال القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء رأيه بالنسبة للمتهمين وحددت للنطق بالحكم جلسة.... وبالجلسة المحددة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2، 41، 48/ 1 - 2 - 3، 230، 231، 234/ 2، 252/ 1، 316، 325 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32/ 2 من ذات القانون وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهمين بالإعدام عما أسند إليهما.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض - للمرة الثانية - وعرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة برأيها....... إلخ.
المحكمة
حيث إن المحكوم عليهما وإن قررا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنيهما فيكون الطعن المقدم منهما غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه.
وحيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت في مضمونها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليهما دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذات القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
وحيث إن الحكم حصل واقعة الدعوى في قوله "وحيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من مطالعة أوراقها وما تم فيها من تحقيقات ومما دار بجلسة المحاكمة تتحصل في أن المتهمين...... و..... وابنهما الحدث، لعب الشيطان برءوسهم وسولت لهم أنفسهم السوء وتجردت مشاعرهم من الإنسانية فاشتركوا في اتفاق جنائي حرض عليه المتهم الأول وأدار رحاه الغرض منه قتل المجني عليهما...... و..... وسرقة نقودهما ومصوغاتهما والحصول على بصمة المجني عليها الأولى على عقد بيع مسكنها لهم وإشعال النار في محتويات المسكن تغطية لفعلتهم النكراء وستراً لجرائمهم الشنعاء إذ كانوا يعيشون حياة عائلية صعبة ويمرون بضائقة مالية شديدة، ومن ثم فقد عقدوا العزم وبيتوا النية واتجهت إرادتهم الواعية على ارتكاب تلك الجرائم ودبر المتهم الأول رب العائلة خطة وكيفية ارتكابها وحدد زمان ومكان تنفيذها وأعد لهذا الغرض "مطواة" وأقراصاً مخدرة والأدوات والأوراق اللازمة له، وتنفيذاً لهذا الاتفاق توجه المتهمان صبيحة يوم الحادث إلى منزل المجني عليهما حيث تعمل المتهمة الثانية خادمة لديهما وبعد أن أعدت المتهمة الثانية طعام الغذاء دست الحبوب المنومة التي سبق أن اشتراها زوجها المتهم الأول لهذا الغرض في طعام وشراب المجني عليها الأولى وانتظر حتى غابت عن وعيها فسارع المتهم الأول وقام بكتم أنفاسها بغطاء سرير أحضرته له زوجته المتهمة الثانية، ثم استل المطواة التي يحملها وانهال على المجني عليها الأولى طعناً بها قاصداً قتلها وحتى فارقت الحياة متأثرة بإصابتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ثم لحق بهما ابنهما الحدث لمساعدتهما وانتظروا حتى تحين لهم فرصة الإجهاز على المجني عليها الثانية وطال انتظارهم حتى غالبها النعاس فجر اليوم التالي فذهب إليها المتهم الحدث ليكتم أنفاسها ولحق به والده المتهم الأول وطعنها بالمطواة عدة طعنات ثم أحضرت له المتهمة الثانية سكيناً مع المطبخ استكمل بها طعن المجني عليها قاصداً إزهاق روحها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وبعد أن فرغوا منها قاموا بسرقة نقود المجني عليهما ومصوغاتهما وبعض محتويات مسكنهما وحصل المتهم الأول على بصمة المجني عليها الأولى على عقد بيع مسكنها له وانصرفت المتهمة الثانية صحبة ابنها الحدث حاملين المسروقات تاركين المتهم الأول الذي أشعل النار في جثتي المجني عليهما وفقاً لاتفاقهما معه فامتدت النيران إلى محتوياته، وقد أسفر تفتيش مسكن المتهم عن ضبط مبلغ من النقود وبعض المتعلقات والأوراق الخاصة بالمجني عليهما، وأرشد المتهم الأول إلى مكان "المطواة" المستعملة في الحادث فتم ضبطها بمسكنه، كما أرشد إلى مكان السكين حيث تم ضبطها بمسكن المجني عليهما، وقد اعترف المتهمان بتحقيقات النيابة العامة بارتكاب الحادث وأقر ابنهما الحدث بارتكابه معهما على نحو ما ورد باعترافهما" وساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة من أقوال الشهود الذين أورد الحكم ذكرهم ومن اعتراف المتهمين بتحقيقات النيابة العامة، وإقرار ابنهما الحدث ومما ثبت بتقرير الصفة التشريحية لجثتي المجني عليهما ومما ورد بتقرير قسم الأدلة الجنائية، وحصل مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله الثابت في الأوراق - على ما تبين من الاطلاع على المفردات - ثم خلص إلى إدانة المتهمين بوصفهما فاعلين أصليين في ارتكاب جريمة قتل المجني عليها الأولى عمداً التي تقدمتها واقترنت بها وتلتها أربع جنايات أخرى هي إكراه المجني عليها الأولى على التوقيع على أوراق مثبتة لتصرف وحالة قانونية وقتل المجني عليها الثانية عمداً والسرقة ليلاً حال كون الأول يحمل سلاحاً ووضع النار عمداً بمسكن المجني عليهما، وقد قارفها الأول واشتركت فيها الثانية وآخر حدث بطريق الاتفاق. وذلك تنفيذاً لاتفاقهما الذي حرض عليه الطاعن الأول وأنزل عليهما العقاب المنصوص عليه في المواد 40/ 2، 41، 48/ 1 - 2 - 3، 230، 231، 234/ 2، 252/ 1، 316، 325 من قانون العقوبات بعد إعمال نص المادة 32 من ذلك القانون. ولما كان الثابت بمحضر جلسة...... أن الطاعن الأول..... طلب ندب محام للدفاع عنه فندبت المحكمة محامياً ترافع في الدعوى وأبدى ما عن له من أوجه دفاع فيها بعد الاطلاع على أوراقها فإن المحكمة تكون قد وفرت له حقه في الدفاع. وقد استظهر الحكم نية القتل في حق المحكوم عليهما وتوافر سبق الإصرار لديهما في قوله "وحيث إنه عن نية القتل فهو أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر والأمارات الخارجية التي يأتي بها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاصها من إطلاقات المحكمة وترى المحكمة توافرها لدى المتهمين من حاصل ما طرحته من ظروف الدعوى وملابساتها ومن اعترافها التفصيلي بارتكاب الحادث بتحقيقات النيابة العامة كما نهضت هذه النية وتوافرت من قيام المتهم الأول بمحاولة كتم أنفاس المجني عليها الأولى وقيام ابن المتهمين الحدث بمحاولة كتم أنفاس المجني عليها الثانية ثم قيام المتهم الأول بطعن المجني عليهما بآلة حادة "مطواة وسكين" بشدة وعنف عدة ضربات متوالية في مواقع قاتلة من جسدهما ومواصلته الاعتداء عليهما بقصد إزهاق روح كل منهما ومن تعدد الضربات وشدتها على النحو الموضح بتقرير الصفة التشريحية لكل من المجني عليهما وقيام المتهم الأول بإشعال النار في جسدهما بعد ذلك وكانت المتهمة الثانية وهي زوجة المتهم الأول قد اتفقت معه على ارتكاب الحادث ورافقته إلى مكان الجريمة لتنفيذها تحقيقاً للغرض المشترك لهما ودست الأقراص المنومة للمجني عليها الأولى وناولت زوجها المتهم الأول غطاء سرير لكتم أنفاسها وأمدته بسكين ليستكمل بها طعن المجني عليها الثانية بقصد الإجهاز عليها ومن ثم تكون نية القتل ثابتة في حق المتهمين كما تتحقق مسئولية المتهمة الثانية كفاعل أصلي في الجريمة طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات. وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فإنه من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً وتقدير توافره من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دامت تلك الظروف وهذه العناصر لا تتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج. لما كان ذلك، وبإنزال ما تقدم على واقعة الدعوى الماثلة فإن الثابت في يقين المحكمة أن سبق الإصرار متوافر لدى المتهمين من ظروف الدعوى التي ساقتها المحكمة على نحوه، وذلك إن الثابت بالأوراق أن المتهمين عقدا العزم على قتل المجني عليهما وسرقة نقودهما ومصوغاتهما والحصول على بصمة إصبع المجني عليها الأولى على عقد بيع مسكنها لهم للخروج من ضائقة مالية شديدة تمر بها الأسرة ولما كان لديهما فسحة من الوقت تسمح لهما بالتروي والتفكير الهادئ المطمئن فيما انتوياه وما هما مقدمان عليه إذ فكرا وخططا لارتكاب الحادث وأعد المتهم الأول لهذا الغرض عدته فأعد "مطواة" واشترى أقراصاً منومة والأوراق والأدوات اللازمة له وحدد زمان ومكان تنفيذ جريمته ثم توجه المتهمان صباح يوم الحادث إلى مسكن المجني عليهما تنفيذاً لقصدهما المشترك الذي بيتا النية عليه حيث قاما وابنهما الحدث بقتل المجني عليهما وسرقة نقودهما على النحو المدبر "سلفاً والمعد آنفاً". لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، كما أنه من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافى عقلاً مع ذلك الاستنتاج. ولما كان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل ويتحقق به ظرف سبق الإصرار حسبما هو معرف به في القانون، وقد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها ما يؤدي إلى ما رتب عليها، فهذا حسبه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن المتهمين قارفا جناية إكراه المجني عليها الأولى على التوقيع ببصمة إبهام يدها على أوراق مثبتة لتصرف وحالة قانونية بالإكراه ثم أتبعا ذلك بقتلها عمداً بأفعال مستقلة عن الجناية الأولى ثم بقتل المجني عليها الثانية وسرقة المبالغ النقدية والمشغولات الذهبية والمنقولات والأوراق المملوكة للمجني عليهما مع توفر ظرف الليل وحمل السلاح ثم قيام المتهم الأول بارتكاب جناية وضع النار عمداً في مسكن المجني عليهما واشتراك المتهمة الثانية معه في ذلك. وقد ارتكبت هذه الجنايات في فترة قصيرة من الزمن وفي مسرح واحد. فإن ما انتهى إليه الحكم يتحقق به معنى الاقتران، لما هو مقرر من أنه يكفي لتغيظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع ما دام يقيمه على ما يسوغه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره المدافعون عن المحكوم عليهما بشأن اعترافهما ومن إنه لا يطابق الحقيقة وأن كان بإيعاز من رجال الشرطة بقوله "وحيث إن المحكمة قد اطمأنت إلى أدلة الثبوت السابق بيانها على نحو فات فإنها تعرض عن إنكار المتهمين بجلسة المحاكمة كما تعرض عما قال به مدافعاً المتهمين لافتقاره إلى سند من أوراق الدعوى سيما وقد اعترف المتهمان تفصيلاً بتحقيقات النيابة العامة بارتكاب الحادث، وأقر ابنهما الحدث بالاتفاق معهما على ارتكابه وردد ما ذكره المتهمان شرحاً وتفصيلاً لكيفية تنفيذه أن المتهم الأول هو المحرض على ذلك الاتفاق والمدبر له ومن ثم فإن المحكمة لا تعول على هذا الإنكار كما تلتفت عما أثاره الدفاع عن المتهمين من قول مرسل ابتغى به إفلات المتهمين من ربقة العقاب فضلاً عن مجافاة هذا الإنكار والدفاع لأدلة الثبوت السابق بيانها وهي أدلة سديدة وقويمة لا يحوط بها أدنى شك ينال من عقيدة المحكمة نحو الاطمئنان إليها والأخذ بما خلصت إليه منها". ولما كان الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به مما لا معقب عليها - وإذ كانت المحكمة، مما أوردته - فيما سلف - قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أن اعتراف المتهمين إنما كان عن طواعية واختيار ولم يكن نتيجة إكراه واقتنعت بصحته، فإن رد المحكمة على ما دفع به المدافعون عن المتهمين في هذا الشأن يكون كافياً وسائغاً بما لا شائبة معه تشوب الحكم. لما كان ذلك، وكان تقدير ما إذا كان لمتهم مكرهاً أو مختاراً فيما أقدم عليه من مقارفة للجرم المسند إليه أمراً موكولاً إلى قاضي الموضوع يستخلصه من عناصر الدعوى في حدود سلطته التقديرية بلا معقب عليه ما دام استخلاصه سائغاً لا شطط فيه، وإذ كانت المحكمة لم تعتد بما تعللت به المتهمة الثانية من أن المتهم الأول باعتباره زوجها وابن عمها وقد أكرهها على أن تشاركه في الجريمة، بعد أن ثبت لديها أن هذا الدفاع لم يكن إلا قولاً مرسلاً غير مؤيد بدليل وهو ما لم يخطئ الحكم في فهمه وتقديره، فإن هذا حسبه. لما كان ما تقدم، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين المحكوم عليهما بالإعدام بها، وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية. وجاء خلواً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة العامة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق