جلسة 4 من مارس سنة 1974
برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ نواب رئيس المحكمة: أحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدي، ومحمود عباس العمراوي، والمستشارين السادة: أمين أحمد فتح الله، وعباس حلمي عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد، وعبد العليم الدهشان، وعدلي بغدادي، ومحمد أسعد محمود، وأديب قصبجي.
----------------------
(2)
الطعن رقم 592 لسنة 35 قضائية
نقض. "إجراءات الطعن". محاماة. "التوقيع على تقرير الطعن". بطلان. "بطلان الإجراءات". وكالة.
الطعن بالنقض. جواز حصول التقرير به من نفس الخصم الطاعن إذا كان محامياً مقبولاًَ أمام محكمة النقض. لا محل لاشتراط المغايرة بين الطاعن والمحامي الحاصل منه التقرير بالطعن. علة ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن بنك القاهرة - المطعون ضده الأول - أقام الدعوى رقم 416 سنة 1963 تجارى كلى القاهرة على شركة نصر للهندسة والمقاولات وعلى الطاعنين بغية إلزامهم متضامنين بأن يؤدوا إليه مبلغ 4964 ج و517 م تأسيساً منه على أنه في 9 من يونيو سنة 1954 رست على تلك الشركة عملية إنشاء كوبرى لحساب تفتيش مشروعات ري أسيوط فطلبت إلى البنك فتح اعتماد لصالحها في صورة حساب جار بمبلغ عشرة آلاف جنيه بضمان تنازلها له عما تستحقه عن العملية وبكفالة الطاعنين، ففتح لها البنك ذلك الاعتماد في 31 مايو سنة 1955 وأبرم مع الطاعنين عقد كفالة تضامنية كفلوا فيه الشركة فيما يستحقه البنك قبلها، وقد أظهر قفل الحساب في 31 من يولية سنة 1957 مديونية الشركة بمبلغ 4964 ج و517 م بيد أنها أحجمت وكفلاؤها عن سداده، وإذ أشهر إفلاس الشركة فقد اختصم البنك وكيل الدائنين - المطعون ضده الثاني - وفي 20 من أبريل سنة 1963 قضت المحكمة الابتدائية بندب خبير لبيان مقدار الرصيد المدين عند قفل الحساب، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة في 3 من أبريل سنة 1965 للبنك بطلباته آنفة الذكر. استأنف الطاعنون هذا الحكم وقيد استئنافهم برقم 413 سنة 82 قضائية القاهرة وفى 26 من أكتوبر سنة 1965 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بتقرير مؤرخ 25 ديسمبر سنة 1965 وقعه الطاعن الأول بوصفه محامياً مقبولاً أمام محكمة النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وحيث إن دائرة المواد المدنية والتجارية المختصة بنظر الطعن رأت بجلستها المعقودة في 12 من أكتوبر سنة 1971 العدول عن المبدأ الذي قررته الأحكام السابقة الصادرة من دوائر المواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية والمواد الأخرى بالمحكمة، من بطلان الطعن بالنقض إذا وقع الخصم التقرير وكان هو نفسه محامياً مقبولاً أمام محكمة النقض، ولذلك قررت تلك الدائرة إحالة الدعوى إلى هيئة المواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية والمواد الأخرى للفصل فيها عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1965. وقد أبدت النيابة رأيها أمام الهيئة بالعدول عن الأحكام السابقة.
وحيث إن مبنى الأحكام السابقة المراد العدول عن المبدأ الذى قررته أن المادة السابعة من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 إذ نصت على أن "يحصل الطعن بتقرير يكتب في قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم ويوقعه المحامي المقبول أمامها الموكل عن الطالب... فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه حكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه" فقد دلت على وجوب أن يكون التقرير بالطعن من محام موكل عن الطاعن لا من الطاعن نفسه ولو كان هو ذاته محامياً مقبولاً أمام محكمة النقض، وذلك لإطلاق النص ولأن عبارة المحامي الموكل عن الطالب تقتضي الغيرية بين الطاعن وبين وكيله الحاصل منه التقرير، وأنه لا يغير من هذا النظر ما طرأ على تلك المادة من تعديل بالقانون رقم 106 لسنة 1962 بالنص على أن "يرفع الطعن بتقرير يودع قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم ويوقعه محام مقبول أمام محكمة النقض" لأن هذا التعديل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون - إنما أريد به إلغاء ما كانت تستلزمه المادة قبل تعديلها من حصول المحامي المقرر بالطعن على توكيل سابق على التقرير، ولم يجاوز به المشروع هذا النطاق، وأن النص على أن تقرير الطعن يوقعه محامٍ مقبول أمام محكمة النقض يدل بمفهومه ويقتضى هذا الآخر المغايرة بين الطاعن وبين المحامي الحاصل منه التقرير.
وحيث إن المشرع إذ قضى في كل من المواد 15 من المرسوم بقانون رقم 68 لسنة 1931 بإنشاء محكمة نقض وإبرام و429 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1949 و7 من قانون الحالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، بأن يوقع تقرير الطعن المحامي المقبول أمام محكمة النقض الموكل عن الطالب، فقد أفصح في المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون المشار إليه عما تغياه من ذلك بقوله "إن القاعدة التي ترخص لجميع المحامين المقبولين أمام محكمة الاستئناف بالحضور عن الخصوم أمام محكمة النقض والإبرام يجب استبعادها لأنه لا اختيار فيها، ولكي يأتي إنشاء محكمة النقض والإبرام بالنتائج التي تنتظرها منها البلاد فإنه من الضروري حتماً أن يكون المحامون الذين سيشتركون مع محكمة النقض في درس مشكلات المسائل القانونية العويصة مختصين بقدر ما حتى تكون الدعوى قبل رفع النقض قد درست بواسطة فقيه ذي خبرة لا يرفع النقض إلى المحكمة إلا إذا كانت النقطة القانونية التي يثيرها تستحق بحث على يد أعلى هيئة قضائية في البلاد وهذا البحث الدقيق - المرغوب فيه جدا قبل رفع النقض لكى لا تزدحم جداول المحكمة بالطعون التي لا فائدة منها أو التي ترفع دون ترو - لا يكون ممكناً إلا إذا حتم القانون على الخصوم ألا ينيبوا عنهم أمام محكمة النقض إلا محامياً من ذوي الخبرة القانونية الكافية التي تسمح لهم بالقيام بهذه المهمة خير قيام" وبذلك يكون المشرع بنصه في كل من القوانين سالفة الذكر على أن "يحصل الطعن بتقرير يكتب فى قلم كتاب محكمة النقض ويوقعه المحامي المقبول أمامها الموكل عن الطالب" لم يقصد سوى أن تكون وكالة المحامي سابقة على حصول التقرير بالطعن فيما لو لم يكن الطاعن نفسه محامياً مقبولاً أمام محكمة النقض، وآية ذلك أن المشرع حين استبان ما في استلزام أسبقية التوكيل من عنت عمد بالقانون رقم 106 لسنة 1962 إلى تعديل نص المادة السابعة من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض باستبداله بعبارة "ويوقعه المحامي المقبول أمامها الموكل عن الطالب" عبارة "ويوقعه محام مقبول أمام محكمة النقض" ملغياً بذلك عبارة "الموكل عن الطالب" ومبيناً في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون ما دعاه إلى ذلك بقوله "ألغى المشروع ما كانت تشترطه - المادة السابعة - من ضرورة حصول المحامي المقرر بالطعن على توكيل سابق على التقرير، وقد استهدف الإلغاء تبسيط الإجراءات والتخفف من التمسك بالشكليات إذ أن المحامي قد يضطر في كثير من الأحيان إلى المبادرة بالتقرير بالطعن قبل إتمام إجراءات التوكيل، على أن ذلك بطبيعة الحال لا يعفى المحامي من إبراز التوكيل فيما بعد". وأخيراً أخذ قانون المرافعات الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 في المادة 253 منه بالتعديل الذى أدخله القانون رقم 106 لسنة 1962على المادة السابعة آنفة الذكر، وفي ذلك كله ما يدل على أن عبارة "الموكل عن الطالب" - الملغاة - لم تكن تعنى منذ وضعها إلزام الخصم المحامي المقبول أمام محكمة النقض بأن ينيب عنه محامياً للتقرير بالطعن. لما كان ذلك وكانت الاعتبارات التي من أجلها أوجب المشرع على الخصوم أن ينيبوا عنهم أمام محكمة النقض محامين مقبولين لديها، متحققة في الخصم - وهو الأصيل - إذا كان هو نفسه محامياً مقبولاً أمام هذه المحكمة، فإن ما ذهبت إليه الأحكام السابق صدورها من دوائر المواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية والمواد الأخرى من استلزم الغيرية بين الخصم وبين المحامي الحاصل منه التقرير بالطعن بالنقض، وما يستتبعه ذلك من إلزام الخصم - على الرغم من كونه محامياً مقبولاً أمام محكمة النقض - بتوكيل محام للنيابة عنه في ذلك، وبطلان الطعن الذى يوقع هذا الخصم المحامي تقريره بنفسه، يكون غير سديد، ومن أجل ذلك فإن هذه الهيئة تقضي - بإجماع الآراء - بالعدول عن المبدأ الذى قررته الأحكام السابقة بالمخالفة لهذا النظر.
(1) نقض 6/ 4/ 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 صـ 819
ونقض 31/ 5/ 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 صـ 1180
ونقض 16/ 12/ 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 صـ 1272
ونقض 24/ 2/ 1970 مجموعة المكتب الفني السنة 21 صـ 295
وقارن نقض 9/ 1/ 1956 مجموعة المكتب الفني السنة 7 صـ 94
ونقض جنائي 8/ 2/ 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 صـ 106
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق