جلسة 14 من فبراير سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سرى صيام وأحمد عبد الباري سليمان ومحمود دياب وحسين الجيزاوي نواب رئيس المحكمة.
------------------
(36)
الطعن رقم 5942 لسنة 64 القضائية
(1) نقض "أسباب الطعن. توقيعها". محاماة.
حضور المحامي المنسوب إليه التوقيع على مذكرة الأسباب أمام محكمة النقض وتقريره أنه ليس صاحب التوقيع. صيرورة أسباب الطعن خالية من التوقيع. أثر ذلك: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) قصد جنائي. تزوير. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير توافر القصد الجنائي في جرائم التزوير أو الاشتراك فيه. موضوعي. تحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال. غير لازم. ما دام قد أورد ما يدل عليه.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وغيره من المتهمين متى اطمأنت إليها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(4) إجراءات "إجراءات المحاكمة". تزوير. محضر الجلسة.
فض المحكمة الإحراز وعرضها على بساط البحث والمناقشة في حضور الطاعن ومحاميه. النعي عليها عدم إثبات ماهية الأوراق المزورة بمحضر الجلسة. غير مقبول.
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قول متهم على آخر. شهادة للمحكمة التعويل عليها في الإدانة حتى ولو سمعت على سبيل الاستدلال وبغير حلف يمين. النعي عليها في ذلك. غير مقبول.
(6) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
التفات المحكمة عن الطلب الذي يتجه إلى التشكيك في صحة الواقعة لا إلى إثبات استحالة حصولها وفق التصوير الذي انتهت إليه المحكمة. لا إخلال بحق الدفاع.
(7) إثبات "شهود" محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في الأخذ بأقوال المتهم. ولو عدل عنها بعد ذلك. أخذها بتلك الأقوال. مفاده؟
(8) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم. موضوعي.
(9) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب ندب خبير آخر. ما دامت الواقعة وضحت لديها.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. عدم جواز إثارته أمام النقض.
(10) عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن". اشتراك. تزوير. تقليد.
معاقبة الحكم الطاعن عن جرائم التزوير والاشتراك فيه والتقليد وإيقاعه عليه عقوبة واحدة وهي المقررة للجريمة الأخيرة إعمالاً للمادة 32 عقوبات. انعدام مصلحة الطاعن فيما يثيره بخصوص جريمتي التزوير والاشتراك فيه.
2 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير أو الاشتراك فيه هو من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، وكان ما ساقه الحكم في بيانه واقعة الدعوى وأدلة ثبوتها في حق الطاعن على النحو سالف البيان يتوافر به في حق الطاعن القصد الجنائي في جريمة الاشتراك في التزوير التي دانه بها، ويستقيم به إطراح ما أثاره في دفاعه أمام المحكمة بانتفاء علمه بالتزوير، فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور في هذا الصدد لا يكون له محل.
3 - لما كان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع، فإنه لا تثريب على الحكم إن اطمأن إلى أقوال المتهم الثالث وعول عليها في إدانة الطاعن، ويكون النعي عليه في هذا الشأن جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى لا يقبل أمام محكمة النقض.
4 - لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة التي مثل بها الطاعن ومحاميه أن المحكمة قامت بفض الإحراز، فغدت محتوياتها معروضة على بساط البحث والمناقشة بالجلسة، وكان لا سند لإلزام المحكمة بأن تثبت ماهية الأوراق المزورة التي تحتوي عليها الإحراز ومضمونها بمحضر جلسة المحاكمة، وكان المحضر ذلك حجة بما أثبت فيه، بحيث لا يجوز ادعاء عكسه إلا بطريق الطعن بالتزوير، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول.
5 - لما كان من المقرر أن متهم على آخر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة، وكان من حق محكمة الموضوع أن تعتمد في قضائها بالإدانة على شهادة سمعت على سبيل الاستدلال بغير حلف يمين، كالحال بالنسبة للمحرومين من أداء الشهادة بيمين ومنهم المحكوم عليهم بعقوبة جناية مدة عقوبتهم طبقاً للبند "ثالثاً" من المادة 25 من قانون العقوبات، فإنه لا تثريب على المحكمة إذ عولت في إدانة الطاعن ضمن ما استندت إليه على أقوال المتهم الثالث في حقه.
6 - لما كان الثابت أنه بفرض صحة ما يثيره الطاعن من سبق الحكم على المتهم الثالث في جريمتي اختلاس وتزوير، فلا تكون المحكمة قد أخلت بحق الطاعن في الدفاع حين التفتت عن إجابة طلبه ضم القضية المحكوم على ذلك المتهم فيها ما دامت قد اطمأنت إلى الأقوال تلك وأخذت بها على سبيل الاستدلال عنصراً من عناصر الإثبات، ولأن طلب ضمها لإثبات عدم حاجة المتهم ذاته إلى مساعدة الطاعن له في التزوير يتجه إلى مجرد التشكيك في صحة الواقعة لا إلى إثبات استحالة حصولها وفق التصوير الذي انتهت إليه المحكمة كما لا ينال من سلامة استدلال الحكم ما أورده من محاولة الطاعن استلام الأوراق من مصلحة الجوازات بعد اكتشاف التزوير ما دام أن تلك المحاولة في هذه الظروف لا تتنافى مع المنطق ولا تستحيل على المعقول.
7 - لما كان ما يثيره الطاعن بشأن عدم تحقيق المحكمة إقرار المتهم الثالث الذي قدمه إلى النيابة العامة متضمناً نفي صلة الطاعن بالواقعة مردوداً بأن هذا الإقرار على فرض صدوره من هذا المتهم لا يعدو أن يكون قولاً جديداً منه يتضمن عدوله عن أقواله في حق الطاعن وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع ولا تلتزم بتحقيقه أو بأن تورد سبباً لإطراحه، لأن أخذها بالأقوال التي عدل عنها يفيد دلالة إطراح هذا العدول، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول.
8 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير.
9 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بإجابة طلب ندب خبير آخر في الدعوى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها، وهو الحال في الدعوى، فإن ما يسوقه الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير القيمة التدليلية لتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بأسيوط مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
10 - لما كان لا يجدي الطاعن باقي ما يثيره في أسباب طعنه بالنسبة إلى جريمتي التزوير والاشتراك فيه، ما دام الحكم لم يوقع عنهما وعن جريمة تقليد خاتم إحدى جهات الحكومة واستعماله التي أثبت توافرها في حق الطاعن إلا عقوبة واحدة هي السجن لمدة خمس سنوات، وذلك بالتطبيق لحكم المادة 32 من قانون العقوبات وهي عقوبة مقررة للجريمة الأخيرة التي يبقى الحكم محمولاً عليها، ومن ثم يكون لا مصلحة للطاعن فيما ينعاه في هذا الخصوص.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 - ..... (طاعن) 2: - ..... (طاعن) 3: - ..... 4: - .... (طاعن) بأنهم أ: - المتهمان الأول والثاني اشتركا بطريق الاتفاق فيما بينهما والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو البطاقة العائلية الرقمية.... الصادرة من سجل مدني... برقم مطبوع..... باسم المتهم الثالث بأن اتفقا على إنشائه على غرار الصحيح منه وساعدا المجهول بأن أمده أولهما بالمحرر المطبوع عهدته الخاصة بجهة عمله خالي من بياناته بينما أمده ثانيهما بالبيانات المراد إثباتها فيه فقام المجهول بذلك ومهره بتوقيعات عزاها زوراً إلى الموظف المختص بتلك الجهة ثم ختمه أولهما بخاتمي شعار الجمهورية والضاغط الخاصين بجهة عمله للإيهام بصحته فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة حال كون أولهما من أرباب الوظائف العمومية (أمين سجل مدني مركز.......). ب: المتهم الأول أيضاً: - 1 - بصفته سالفة البيان ارتكب تزويراً في المحرر الرسمي سالف الذكر حال تحريره المختص بوظيفته وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن قام بإثبات بيانات المحرر المزور المذكور وتأشر في السجلات باستخراجه صحيحاً واعتمد استمارات الاستخراج القانونية عليها. 2 - بصفته سالفة البيان وكونه من الأمناء على الودائع اختلس مطبوع البطاقة العائلية الرقيم..... والذي وجد في حيازته بسبب وظيفته وقد ارتبطت جريمته بجريمة تزوير في محرر رسمي ارتباطاً لا يقبل التجزئة بأن قام بالتأشير في سجل عهدة البطاقات العائلية باستلام..... ذلك المطبوع على غير الحقيقة ووقع عليه بتوقيع عزاه زوراً للمذكور فتمكن بتلك الوسيلة من إتمام جريمته. 3 - استحصل بغير حق على خاتم شعار الجمهورية والخاتم الضاغط الخاصين بجهة عمله واستعملهما استعمالاً ضاراً بمصالحها. جـ - المتهم الثالث: - 1 - اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الثاني في ارتكاب التزوير الموضح سلفاً بالوصف الأول بأن اتفقا سوياً على اصطناع ذلك المحرر وإنشائه على غرار الصحيح منه وساعده بأن أمده بالبيانات المراد إثباتها فدونها المذكور في الاستمارات المعدة لذلك وناولها بدوره للمتهم الأول فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. 2 - اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الرابع في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو الأمر التنفيذي الرقيم..... في..... المنسوب صدوره إلى إدارة الشئون الاجتماعية "إدارة شئون العاملين" بـ....... بأن اتفق معه على إنشائه على غرار الصحيح منها وساعده بأن أمده بالبيانات المراد إثباتها فيه وقام ثانيهما بذلك على نحو ما ورد بوصف تهمته الأولى فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. 3 - استعمل المحررين الرسميين المزورين سالفي البيان (البطاقة العائلية والأمر التنفيذي) بأن قدمهما إلى مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية بالمنيا مع علمه بتزويرها. 4 - قدم إلى السلطات المختصة أوراقاً غير صحيحة مع علمه بذلك لتسهيل حصوله على جواز سفر. د - المتهم الرابع: - 1 - ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو الأمر التنفيذي الرقيم..... في..... المنسوب صدوره إلى إدارة الشئون الاجتماعية "إدارة شئون العاملين"......... وكان ذلك بطريق الاصطناع بأن سطر بيانات وهمية وأورد وقائع مزورة تفيد إنهاء خدمة المتهم الثالث ووقع عليها بتوقيعات عزاها زوراً إلى موظفي الجهة المذكورة وبصم عليها ببصمة خاتم مقلد على خاتمها الصحيح. 2 - قلد بواسطة الغير خاتم شعار الجهورية الخاص بمديرية الشئون الاجتماعية إدارة شئون العاملين واستعمل الخاتم المقلد بأن وضع بصمته على المحرر المزور آنف البيان. 3 - اشترك مع المتهمين الثاني والثالث كلاًًًً في جريمته بطريق التحريض بأن أوعز لثانيهما بسبيل تزوير بطاقته سالفة الذكر وأرشده إلى شخص أولهما لمعاونته في الحصول عليها بينما حرض الأخير على اصطناع ذلك المحرر مقابل جعل مادي على النحو الوارد بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة جنايات المنيا لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً بالنسبة للمتهم الثالث وحضورياً لباقي المتهمين عملاً بالمواد 40، 41، 112/ 1 - 2 أ - ب، 116 مكرراً أ، 118، 118 مكرراً، 119/ أ، 119 مكرراً/ أ، 206/ 2 - 4، 207، 211، 212، 213، 214 من قانون العقوبات والمادة 12 من القانون رقم 97 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 78 لسنة 1968 مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالسجن لمدة خمس سنوات وبعزل........ من وظيفته ومصادرة المحررات المزورة.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.
المحكمة
أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه......:
من حيث إن المحامي.... الذي نسب إليه التوقيع على مذكرة أسباب الطعن المقدمة من الطاعن ..... حضر أمام محكمة النقض وقرر أنه ليس صاحب هذا التوقيع. لما كان ذلك، وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تنص في فقرتها الأخيرة على وجوب توقيع أسباب الطعن المرفوع من غير النيابة العامة من محام مقيد أمام محكمة النقض، وكان يبين مما سلف أن أسباب الطعن قد غدت خالية من توقيع محام مقيد أمام هذه المحكمة، فإن يتعين الحكم بعدم قبول الطعن المقدم من الطاعن سالف الذكر شكلاً.
ثانياً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه......:
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك في تزوير أوراق رسمية قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه لم يستظهر القصد الجنائي في هذه الجريمة بما يقيمه في حق الطاعن، وأطرح برد غير سائغ دفعه بانتفاء ذلك القصد وعدم علمه بالتزوير لأنه كاتب عمومي لا يلزم بالتحقق من صحة ما يدلى به له من بيانات، وعول الحكم في إدانته على أقوال المتهم الثالث في حقه مع أنها لا تصلح دليلاً ضده. مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أورد تحصيله واقعة الدعوى في جريمة الاشتراك في تزوير أوراق رسمية التي دان الطاعن بها ما مفاده أن المتهم الثالث "المحكوم عليها غيابياً" الموظف بوزارة الشئون الاجتماعية أراد أن يستخرج بطاقة عائلية جديدة يثبت بها على خلاف الحقيقة أنه من أصحاب المهن الحرة، وذلك لتيسير سفره إلى الخارج. وقد توجه إلى الطاعن بإرشاد المتهم الرابع (الطاعن....) للقيام بهذه المهمة وقد ساومه الطاعن على مبلغ أربعمائة جنيه مقابل حصوله على هذه البطاقة وحرر له الاستمارات الخاصة بها. ثم سلمه البطاقة المزورة التي حرر مجهول بياناتها التي أثبت فيها - على خلاف الحقيقة - أنه يعمل بمهنة خطاط، وساق الحكم على ثبوت الواقعة بهذه الصورة في حق الطاعن أدلة مسمدة من أقوال العقيد.... رئيس مباحث الأموال العامة بالمنيا الذي شهد بأن مصادره السرية أبلغته بأن تزوير البطاقة العائلية تم بمساعدة الطاعن لقاء مبلغ من المال، ومن أقوال المتهم الثالث الذي قرر أنه أخبر المتهم الرابع بأنه موظف ويرغب في استخراج بطاقة عائلية يثبت فيها أنه من أصحاب المهن الحرة فدله على الطاعن ليستخرج له هذه البطاقة، وقد ساومه على المبلغ الذي يتقاضاه واتفقا على أن يدفع له مبلغ أربعمائة جنيه، نقده منها مائتين عند تحرير الاستمارات الخاصة، وطلب الطاعن منه دفع باقي المبلغ عندما يعود لتسلم البطاقة وقد عاد إليه وتسلمها منه بعد أن استبصمه عليها بسبابة يده اليسرى، ومن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزييف والتزوير الذي أثبت أن الطاعن هو المحرر للبيانات المدونة باستمارات استخراج البطاقة العائلية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير أو الاشتراك فيه هو من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، وكان ما ساقه الحكم في بيانه واقعة الدعوى وأدلة ثبوتها في حق الطاعن على النحو سالف البيان يتوافر به في حق الطاعن القصد الجنائي في جريمة الاشتراك في التزوير التي دانه بها، ويستقيم به إطراح ما أثاره في دفاعه أمام المحكمة بانتفاء عمله بالتزوير، فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع، فإنه لا تثريب على الحكم إذ اطمأن إلى أقوال المتهم الثالث وعول عليها في إدانة الطاعن، ويكون النعي عليه في هذا الشأن جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى لا يقبل أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن المقدم من الطاعن.... يكون برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثالثاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه.......:
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم تزوير أوراق رسمية والاشتراك فيه وتقليد خاتم جهة حكومية، قد شابه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن المحكمة لم تقم بفض حزر الأوراق المقول بتزويرها في حضور الطاعن أو محاميه بالجلسة ولم تثبت بمحضرها ماهية هذه الأوراق ومضمونها، وعول الحكم على أقوال المتهم الثالث في حق الطاعن رغم فقد صلاحيته للشهادة لسبق إدانته غيابياً بجريمتي اختلاس وتزوير في قضية أرشد الطاعن عن رقمها، وطلب ضمها للتدليل على انحراف هذا المتهم وعدم حاجته إلى مساعدة الطاعن في التزوير ورفضت المحكمة الطلب برد غير سائغ، ومع أن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير نفى كتابة الطاعن للأمر التنفيذي المقول بتزويره والذي ضبط في حوزة المتهم المذكور. ودانه الحكم بالاشتراك في التزوير بالتحريض وهو لا يقوم بمجرد إرشاده عن المتهم الثاني ولا يتوافر بتغيير بيان المهنة في البطاقة العائلية التي لم تعد لإثباته، وأورد أن الطاعن حاول استلام الأوراق من مصلحة الجوازات بعد اكتشاف التزوير وهو ما يتنافى مع المنطق لو كان عالماً به، ورفض بأسباب غير سائغة ندب قسم أبحاث التزوير بالقاهرة لإجراء المضاهاة لعدم صحة ما ورد بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بأسيوط وأغفلت المحكمة تحقيق مدى صحة الإقرار المقدم من المتهم الثالث للنيابة العامة والذي نفى فيه صلة الطاعن بالواقعة كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم التزوير في أوراق رسمية والاشتراك فيه وتقليد خاتم جهة حكومية التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة التي مثل بها الطاعن ومحاميه أن المحكمة قامت بفض الإحراز، فغدت محتوياتها معروضة على بساط البحث والمناقشة بالجلسة، وكان لا سند لإلزام المحكمة بأن تثبت ماهية الأوراق المزورة التي تحتوي عليها الإحراز ومضمونها بمحضر جلسة المحاكمة، وكان المحضر ذلك حجة بما أثبت فيه، بحيث لا يجوز ادعاء عكسه إلا بطريق الطعن بالتزوير، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قول متهم على آخر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة، وكان من حق محكمة الموضوع أن تعتمد في قضائها بالإدانة على شهادة سمعت على سبيل الاستدلال بغير حلف يمين، كالحال بالنسبة للمحرومين من أداء الشهادة بيمين ومنهم المحكوم عليهم بعقوبة جناية مدة عقوبتهم طبقاً للبند "ثالثاً" من المادة 25 من قانون العقوبات، فإنه لا تثريب على المحكمة إذ عولت في إدانة الطاعن ضمن ما استندت إليه على أقوال المتهم الثالث في حقه، وذلك حتى بفرض صحة ما يثيره الطاعن من سبق الحكم عليه في جريمتي اختلاس وتزوير، ولا تكون المحكمة قد أخلت بحق الطاعن في الدفاع حين التفتت عن إجابة طلبه ضم القضية المحكوم على ذلك المتهم فيما ما دامت قد اطمأنت إلى الأقوال تلك وأخذت بها على سبيل الاستدلال عنصراً من عناصر الإثبات، ولأن طلب ضمها لإثبات عدم حاجة المتهم ذاته إلى مساعدة الطاعن له في التزوير يتجه إلى مجرد التشكيك في صحة الواقعة لا إلى إثبات استحالة حصولها وفق التصوير الذي انتهت إليه المحكمة كما لا ينال من سلامة استدلال الحكم ما أورده من محاولة الطاعن استلام الأوراق من مصلحة الجوازات بعد اكتشاف التزوير ما دام أن تلك المحاولة في هذه الظروف لا تتنافى مع المنطق ولا تستحيل على المعقول. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن عدم تحقيق المحكمة إقرار المتهم الثالث الذي قدمه إلى النيابة العامة متضمناً نفي صلة الطاعن بالواقعة مردوداً بأن هذا الإقرار على فرض صدوره من هذا المتهم لا يعدو أن يكون قولاً جديداً منه يتضمن عدوله عن أقواله في حق الطاعن وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع ولا تلتزم بتحقيقه أو بأن تورد سبباً لإطراحه، لأن أخذها بالأقوال التي عدل عنها يفيد دلالة إطراح هذا العدول، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير، وأنها لا تلتزم بإجابة طلب ندب خبير آخر في الدعوى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها، وهو الحال في الدعوى، فإن ما يسوقه الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير القيمة التدليلية لتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بأسيوط مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يجدي الطاعن باقي ما يثيره في أسباب طعنه بالنسبة إلى جريمتي التزوير والاشتراك فيه، ما دام الحكم لم يوقع عنهما وعن جريمة تقليد خاتم إحدى جهات الحكومة واستعماله التي أثبت توافرها في حق الطاعن إلا عقوبة واحدة هي السجن لمدة خمس سنوات، وذلك بالتطبيق لحكم المادة 32 من قانون العقوبات وهي عقوبة مقررة للجريمة الأخيرة التي يبقى الحكم محمولاً عليها، ومن ثم يكون لا مصلحة للطاعن فيما ينعاه في هذا الخصوص. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق