جلسة 26 من ديسمبر سنة 1985
برياسة السيد المستشار/ الدكتور كمال أنور نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ محمد نجيب صالح عوض جادو محمد نبيل رياض وصلاح عطية.
-----------------
(218)
الطعن
رقم 2263 لسنة 55 القضائية
(1)إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير
معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". سرقة.
كفاية أن يتشكك القاضي في
صحة إسناد التهمة. كي يقضى بالبراءة. متى أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة.
(2)إثبات "بوجه
عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا
يقبل منها". سرقة.
لا يقدح في سلامة الحكم القاضي
بالبراءة أن تكون إحدى دعاماته معيبة. ما دام قد أقيم على دعامات أخرى تكفى -
وحدها - لحمله.
(3) قانون
"تفسيره". دعوى مدنية. مسئولية مدنية. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
المساءلة عند استعمال حق التقاضي
أو الدفاع. مناطه؟
-----------------
1 - من المقرر انه يكفى في المحاكمات الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة
إسناد التهمة لكى يقضى له بالبراءة إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير
الدليل ما دام الظاهر من الحكم انه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيره ولا يصح مطالبته بالأخذ
بدليل دون آخر.
2 - من المقرر انه لا يقدح في سلامه الحكم القاضي بالبراءة أن تكون
احدى دعاماته معيبة ما دام الثابت أن الحكم قد أقيم على دعامات أخرى متعددة تكفى
لحمله وكان الحكم المطعون فيه بالإضافة إلى أخذه بقرينة وجود المطعون ضدها بقسم
الشرطة يوم الحادث - على خلاف الواقع - قد أقام قضاءه بالبراءة على دعامات أخرى
متعددة وتكفى وحدها لحمله فان تعييب الحكم في احدى دعاماته بفرض صحته - يكون غير
منتج ويكون النعي في هذا الشأن غير سديد.
3 - لما كانت المادتان الرابعة والخامسة من التقنين المدني قد نصتا
على أن من استعمل حقه استعمالا مشروعا لا يكون مسئولا عما ينشأ عن ذلك من ضرر
بالغير وان استعمال الحق لا يكون غير مشروع إلا اذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير
وهو ما لا يتحقق إلا بانتفاء كل مصلحه من استعمال الحق، وكان حقا التقاضي والدفاع
من الحقوق المباحة ولا يسأل من يلج أبواب القضاء تمسكا أو زودا عن حق يدعيه لنفسه إلا
اذا ثبت انحرافه عن الحق المباح إلى اللدد في الخصومة والعنت مع وضوح الحق ابتغاء الإضرار
بالخصم وكان وصف الأفعال بانها خاطئة هو من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة
النقض فان الحكم المطعون فيه إذ اقتصر في نسبه الخطأ إلى الطاعن على مجرد القضاء
ببراءة المطعون ضدها وكان ذلك وحده لا يكفى لإثبات انحراف الطاعن عن حقه المكفول
في التقاضي إلى استعماله استعمالا كيديا ابتغاء مضارة المطعون ضدها فانه يكون فضلا
عما شابه من قصور قد أخطأ في تطبيق القانون فضلا عن الفساد في الاستلال بما يوجب
نقضه فيما قضى به في الدعوى المدنية المقامة من المطعون ضدها قبل الطاعن.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدها بانها سرقت المنقولات المبينة
وصفا وقيمة بالمحضر المملوكة لـ..... من مسكنه. وطلبت عقابها بالمادة 317/ 1 من
قانون العقوبات. وادعى المجنى عليه مدنيا قبل المتهمة بمبلغ 101 جنيها على سبيل
التعويض المؤقت. كما ادعت الأخيرة قبل الأول مدنيا بمبلغ 51 جنيها على سبيل
التعويض المؤقت. ومحكمة جنح مصر الجديدة قضت حضوريا ببراءة المتهمة مما اسند إليها
وفى الدعوى المدنية المقامة من المدعى بالحقوق المدنية برفضها وفى الدعوى المدنية
المقامة من المتهمة بالزام المدعى بالحقوق المدنية بأن يؤدى للمتهمة مبلغ 51 جنيها
على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المدعى بالحق المدني ومحكمة شمال القاهرة
الابتدائية بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه
وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ...... المحامي
نيابة عن المدعى بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه انه إذ قضى ببراءة
المطعون ضدها من جريمة السرقة وبرفض دعواه المدنية قبلها وبإلزامه بان يؤدى لها
التعويض المؤقت الذى ادعته قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ومخالفة
الثابت في الأوراق وانطوى على خطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه اطرح بغير مسوغ
المعاينة التي امرت النيابة بإجرائها للمكان الذى نقلت إليه المسروقات وأورد على
خلاف الثابت في الأوراق - تبريرا لقضائه ببراءة المطعون ضدها أنها كانت بقسم
الشرطة يوم ارتكاب الحادث لتنفيذ إنذار الزوج لها بالطاعة - حال أن وجودها بالقسم
لهذا السبب كان في اليوم الأسبق ولم تمكث به سوى دقائق. هذا ولم يورد الحكم أسبابا لما قضى به من تعويض للمطعون ضدها ولم
يفطن إلى أن الطاعن قد استعمل حقا مقررا له في القانون وان مجرد الفشل في التقاضي
لا يوجب التعويض. كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي
المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد ابتنى قضاءه بالبراءة على أسباب مضمونها أن
المحكمة لا تطمئن لأقوال المجنى عليه - الطاعن - وباقي أدلة الثبوت لتراخى المجنى
عليه في الإبلاغ بالواقعة وانه لم يضمن بلاغه اتهامه لزوجته - المطعون ضدها -
بالسرقة وإنما طلب إثبات الحالة ورد المنقولات فضلا عن تناقضه في أقواله مع شهود الإثبات
الذين اختلفت أقوالهم وتعددت في شأن رؤيتهم للحادث وعدد من قام بتحميل المنقولات
وما حوته العلب المنقولة. بالإضافة إلى عدم مطابقة ما قدمه الطاعن من فواتير
للمنقولات المدعى بسرقتها. ولما كانت تلك الأسباب من شأنها أن تؤدي في مجموعها إلى
ما رتبه الحكم عليها من براءة المطعون ضدها من تهمه السرقة المسندة إليها ومفادها أن
المحكمة بعد أن محصت الدعوى وأحاطت بظروفها لم يطمئن وجدانها إلى أدله الثبوت ورأت
أنها غير صالحة للاستدلال بها على التهمة فان النعي على الحكم باطراحه الدليل
المستمد من المعاينة لا يكون له محل لما هو من المقرر انه يكفى في المحاكمات
الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى يقضى له بالبراءة إذ
مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم انه أحاط
بالدعوى عن بصر وبصيرة ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون آخر. لما كان ذلك، وكان
من المقرر انه لا يقدح في سلامه الحكم القاضي بالبراءة أن تكون احدى دعاماته معيبة
ما دام الثابت أن الحكم قد أقيم على دعامات أخرى متعددة تكفى لحمله وكان الحكم
المطعون فيه بالإضافة إلى أخذه بقرينة وجود المطعون ضدها بقسم الشرطة يوم الحادث -
على خلاف الواقع - قد أقام قضاءه بالبراءة على دعامات أخرى متعددة وتكفى وحدها
لحمله فان تعييب الحكم في احدى دعاماته بفرض صحته - يكون غير منتج ويكون النعي في هذا
الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أمام
محكمة أول درجة أن المطعون ضدها ادعت بجلسة 25/ 4/ 1984 مدنيا قبل الطاعن بطلب
الزامه بأن يدفع لها مبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت مؤسسة دعواها على
كيديه الادعاء وكان الحكم قد تساند في قضائه بالزام الطاعن بالتعويض المدني الذى
طلبته على قوله "وحيث عن الدعوى المدنية المقامة من المتهمة فانه وقد انتهت
المحكمة إلى تبرئتها مما اسند إليها فيكون بذلك قد اضر بها من جراء اتهامه لها الأمر
الذى يتعين معه على المحكمة أن تستجيب إلى طلب التعويض". لما كان ذلك، وكانت
المادتان الرابعة والخامسة من التقنين المدني قد نصتا على أن من استعمل حقه
استعمالا مشروعا لا يكون مسئولا عما ينشأ عن ذلك من ضرر بالغير وان استعمال الحق
لا يكون غير مشروع إلا اذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير وهو ما لا يتحقق إلا
بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق، وكان حقا التقاضي والدفاع من الحقوق المباحة
ولا يسأل من يلج أبواب القضاء تمسكا أو زودا عن حق يدعيه لنفسه إلا اذا ثبت
انحرافه عن الحق المباح إلى اللدد في الخصومة والعنت مع وضوح الحق ابتغاء الإضرار
بالخصم وكان وصف الأفعال بانها خاطئة هو من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة
النقض فان الحكم المطعون فيه إذ اقتصر فيه نسبه الخطأ إلى الطاعن على مجرد القضاء
ببراءة المطعون ضدها وكان ذلك وحده لا يكفى لإثبات انحراف الطاعن عن حقه المكفول
في التقاضي إلى استعماله استعمالا كيديا ابتغاء مضارة المطعون ضدها فانه يكون فضلا
عما شابه من قصور قد اخطأ في تطبيق القانون فضلا عن الفساد في الاستلال بما يوجب
نقضه فيما قضى به في الدعوى المدنية المقامة من المطعون ضدها قبل الطاعن والإحالة
مع إلزامها المصروفات.