جلسة 12 من ديسمبر سنة 1985
برياسة السيد المستشار/ الدكتور كمال أنور نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ محمد نجيب صالح، عوض جادو، عبد الوهاب الخياط وصلاح عطية.
------------------
(204)
الطعن
رقم 1916 لسنة 55 القضائية
(1) إجراءات
"إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب
غير معيب".
العبرة في الأحكام بما
تجريه المحكمة من تحقيقات بالجلسة.
(2) إجراءات
"إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق المتهم في أبداء ما
يعن له من طلبات التحقيق طالما أن باب المرافعة ما زال مفتوحا.
(3) إجراءات
"إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق
الدفاع. ما يوفره".
طلب الدفاع في ختام
مرافعته البراءة أصليا واحتياطيا سماع شاهد إثبات أو إجراء تحقيق معين. طلب جازم
تلتزم المحكمة بإجابته إذا لم تنته إلى البراءة.
(4)إجراءات "إجراءات
المحاكمة". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
وجود إجابتين متضاربتين
إحداهما بعدم الاهتداء إلى الشاهد المطلوب مناقشته والثانية تدل على وجوده. يوجب
على المحكمة استجلاء حقيقة الأمر فيه. إغفال ذلك. يعيب إجراءات المحاكمة. (مثال).
(5)إجراءات "إجراءات
المحاكمة". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما
يوفره". إعلان. بطلان.
إقامة الشاهد في الخارج.
لا تمنع من سماعه. ما دام لم يثبت للمحكمة إنه امتنع عليها ذلك. بعد إعلانه
قانونيا.
----------------
1 - الأصل أن الأحكام في المواد الجنائية إنما تبنى على التحقيقات التي
تجريها المحكمة في الجلسة.
2 - إن حق الدفاع الذى يتمتع به المتهم يخول له إبداء ما يعن له من
طلبات التحقيق طالما أن باب المرافعة ما زال مفتوحا.
3 - إن طلب الدفاع في ختام مرافعته البراءة اصليا واحتياطيا سماع
شاهد إثبات أو إجراء تحقيق معين يعتبر طلبا جازما تلزم المحكمة بإجابته متى كانت
لم تنته إلى البراءة.
4 - من المقرر أن وجود إجابتين متضاربتين إحداهما تقول بعدم
الاهتداء على الشاهد المطلوب مناقشته والثانية تدل على وجوده كان يقتضى من المحكمة
أن تمعن النظر في هذا الموقف لتستجلي غامضة ولتتبين حقيقة الأمر فيه، كما انه كان
من شأنه أن ينبه المحكمة - لو أنها التفتت إليه - ألا تنظر إلى الإجابة الواردة
على إعلان الشاهد للجلسة المتضمنة عدم وجوده بمثل هذه النظرة العابرة فتأخذ بما ذكرته
النيابة العامة من عدم الاهتداء إليه، وهى إذ لم تفعل فقد دل هذا على أنها لم
تنتبه إلى ما حوته الأوراق فضلا عن أن هذا الشاهد هو من مستخدمي الدولة ولا يتعذر
الاهتداء إليه ببذل شيء من العناية.
5 - لا يقدح في ضرورة سماع الشاهد أن يكون مقيما في كندا ما دام لم
يثبت للمحكمة انه امتنع عليها ذلك بعد إعلانه إعلانا قانونا.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بصفته موظفا عموميا مهندس كهرباء
بشركة مدينة نصر للإسكان والتعمير التابعة لوزارة الإسكان طلب لنفسه وأخذ رشوة للإخلال
بأعمال وظيفته بأن طلب وأخذ من.... مبلغ ألف جنيه على سبيل الرشوة مقابل تسهيله
الموافقة على الأعمال التنفيذية التي يقوم بها دون إبداء ملاحظات بشأنها وصرف
المستحقات المالية الخاصة به لدى الشركة. وأحالته إلى محكمة جنايات أمن الدولة
العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة
المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 103، 104، 111/ 6 من قانون العقوبات مع إعمال
المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وبتغريمه
ألفى جنيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض.... الخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه انه إذ دانه بجريمة
طلب واخذ رشوة للإخلال بأعمال وظيفته قد بنى على البطلان في الإجراءات وشابه الإخلال
في حق الدفاع وانطوى على فساد في الاستدلال ذلك إن المحكمة اطرحت طلب المدافع عن
الطاعن في ختام مرافعته بسماع الشاهد..... بما لا يصلح لاطراحه مما يعيبه بما يوجب
نقضه.
وحيث انه لما كان الأصل أن
الأحكام في المواد الجنائية إنما تبنى على التحقيقات التي تجريها المحكمة في الجلسة
وكان حق الدفاع الذى يتمتع به المتهم يخول له إبداء ما يعن له من طلبات التحقيقات
طالما أن باب المرافعة ما زال مفتوحا وكان طلب الدفاع في ختام مرافعته البراءة
اصليا واحتياطيا سماع شاهد إثبات أو إجراء تحقيق معين يعتبر طلبا جازما تلزم المحكمة
بإجابته متى كانت لم تنته إلى البراءة، لما كان ذلك وكان يبين من الرجوع إلى محضر
جلسة 2/ 3/ 1985 أن المدافع عن الطاعن انتهى في مرافعته إلى طلب البراءة واحتياطيا
مناقشة شاهد الإثبات.... إلا أن الحكم لم يستجب إلى طلب الدفاع الاحتياطي وبرر ذلك
بقوله "انه في غير محله ذلك أن هذا الشاهد هو المقاول المبلغ بالواقعة
المطروحة وقد افرغ كل أقواله بمحضري جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة والتي
تليت بالجلسة كما أن المحكمة من جانبها سبق وان امرت بضبطه وإحضاره بجلسة 7/ 2/
1985 وتأجيل الدعوى لجلسة 9/ 2/ 1985 وكلفت النيابة العامة بتنفيذ ذلك القرار وهو
القبض على الشاهد الأول المذكور على النحو المبين بالأوراق ثم اعلن هذا الشاهد
قانونا بورقة تكليف بالحضور لجلسة 2/ 3/ 1985 ولم يحضر اذ تبين بورقة هذا الإعلان أن
هذا الشاهد قد غادر البلاد المصرية إلى كندا وليس له هناك محل إقامة معروف ومعلوم
ولم يستدل على عنوانه هذا ولم يقدم الدفاع الطالب ما يرشد عن محل إقامة هذا الشاهد
وعنوانه تحديدا وما دام الطلب على هذا النحو غير ممكن تحقيقه لأنه ينطوي على تكليف
بمستحيل ومن ثم يضحى هذا الطلب الاحتياطي مردودا وفى غير محله، لما كان ذلك، وكان
الثابت من محضر ذات الجلسة أن النيابة العامة قررت أن الشاهد الأول - الذى تمسك
الدفاع عن الطاعن بمناقشته - غادر البلاد وليس له محل إقامة معروف بينما قرر
الشاهد..... لدى سؤال المحكمة له عن مكان ذلك الشاهد انه يدرس في جامعة اوتاوا
بكندا، وكان من المقرر أن وجود إجابتين متضاربتين إحداهما تقول بعدم الاهتداء على
الشاهد المطلوب مناقشته والثانية تدل على وجوده كان يقتضى من المحكمة أن تمعن
النظر في هذا الموقف لتستجلي غامضة ولتتبين حقيقة الأمر فيه، كما انه كان من شأنه أن
ينبه المحكمة - لو أنها التفتت إليه - ألا تنظر إلى الإجابة الواردة على إعلان
الشاهد للجلسة المتضمنة عدم وجوده بمثل هذه النظرة العابرة فتأخذ بما ذكرته
النيابة العامة من عدم الاهتداء إليه، وهى إذ لم تفعل فقد دل هذا على أنها لم
تنتبه إلى ما حوته الأوراق فضلا عن أن هذا الشاهد هو من مستخدمي الدولة ولا يتعذر
الاهتداء إليه ببذل شيء من العناية، فاذا كانت المحكمة قد أخذت بأقواله في الإدانة
وعلقت عليها أهمية فقد كان الزم لسلامة الإجراءات أن تناقش المحكمة هذا الشاهد،
ولا يغنى عن ذلك قول الحكم أن هذا الشاهد هو المبلغ بالواقعة المطروحة وقد افرغ كل
أقواله بمحضري جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة التي تليت بالجلسة، ذلك أن
الشاهد الأساسي في الدعوى وكان لشهادته تأثيرها في عقيدة المحكمة وكان من حق
الدفاع أن يناقشها هذا فضلا عن ان القانون يوجب سؤال الشاهد أولا وعند ذلك يحق
للمحكمة أن تبدى ما تراه في شهادته وذلك الاحتمال أن تجئ هذه الشهادة التي تسمعها
ويباح للدفاع مناقشتها بما يقنعها بحقيقة تغاير تلك التي تثبت في عقيدتها من قبل
سماعه، لما كان ذلك، وكانت المحكمة لم تتخذ من جانبها كافة الوسائل الممكنة لتحقيق
دفاع الطاعن باستدعاء المبلغ وسماع شهادته ولا يقدح في ذلك ما ورد في مدونات حكمها
من الرد على هذا الطلب، كما انه لا يقدح في ضرورة سماع الشاهد أن يكون مقيما في كندا
ما دام لم يثبت للمحكمة انه امتنع عليها ذلك بعد إعلانه إعلانا قانونيا. لما كان
ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يستجب لطلب المدافع عن الطاعن بسماع شهادة
المبلغ.... وجاء رده على هذا الطلب بأسباب غير سائغة فانه يكون معيبا بالأخلال بحق
الدفاع وبطلان الإجراءات مما يوجب نقضه والإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق