الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 3 يونيو 2015

الطعن 9349 لسنة 62 ق جلسة 9 / 9 / 1997 مكتب فني 48 ق 129 ص 857

جلسة 9 من سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ الصاوي يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وعمر بريك ورشاد قذافي نواب رئيس المحكمة.

----------------

(129)
الطعن رقم 9349 لسنة 62 القضائية

بناء على أرض زراعية. قانون "تفسيره". مسئولية جنائية. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إقامة مالك الأرض الزراعية بالقرية مسكناً خاصاً به أو بناء يخدم أرضه طبقاً لشروط قرار وزير الزراعة رقم 124 لسنة 1984. غير مؤثم. المادة 152 من القانون رقم 116 لسنة 1983. مؤدى ذلك؟
دفاع الطاعن أن ما قام به من بناء عبارة عن حظيرة ماشية لخدمة الأرض الزراعية. جوهري. وجوب تمحيصه والرد عليه. إغفال ذلك. قصور.

---------------
لما كانت المادة 152 من القانون رقم 116 لسنة 1983 قد نصت على أن "يحظر إقامة أية مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي لإقامة مبان عليها وتعتبر في حكم الأراضي الزراعية الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية. ويستثنى من هذا الحظر. (أ)...... (ب)..... (جـ)..... (د)..... (هـ) ..... الأراضي الواقعة بزمام القرى التي يقيم عليها المالك مسكناً خاصاً به أو مبنى يخدم أرضه وذلك في الحدود التي يصدرها قرار وزير الزراعة..." وقد أصدر وزير الزراعة قراره الرقيم 124 لسنة 1984 في شأن شروط وإجراءات منح تراخيص البناء في الأراضي الزراعية والمنشور في الوقائع المصرية العدد 208 بتاريخ 13 من سبتمبر سنة 1984 ونص في المادة الخامسة منه على الشروط اللازمة لإقامة مسكن خاص للمالك بزمام القرية أو ما يخدم أرضه ومجملها عدم وجود مسكن للمالك بالقرية أو لأحد أفراد أسرته وألا تزيد المساحة التي يقام عليها السكن على 2% من مجموع حيازات المالك بالملك دون الإيجار وبحد أقصى قيراطين مع استقرار الوضع الحيازي بالنسبة لمالك الأرض لمدة لا تقل عن سنتين زراعيتين... الخ. ولما كان مؤدى ذلك أن إقامة مالك الأرض الزراعية بالقرية سكناً خاصاً له أو ما يخدم أرضه في حدود الشروط سالفة الذكر لم يعد يستوجب استصدار ترخيص بذلك من وزارة الزراعة بل أصبح فعلاً غير مؤثم إذا توافرت الشروط المقررة قانوناً، وإذ كان مناط التأثيم في حق الطاعن يقتضي استظهار مدى مخالفة ما أجراه المالك للشروط المتقدمة من واقع الأدلة المطروحة في الدعوى، ومن ثم فقد كان على الحكم - وقد أثير هذا الدفاع أمام محكمة أول درجة - أن يمحصه وأن يرد عليه بما يفنده لما ينبني عليه - لو صح - من تغيير وجه الرأي في الدعوى، أما هو لم يفعل بل دان الطاعن دون أن يرد على ذلك الدفاع فإنه يكون مشوباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أقام بناء على أرض زراعية بغير ترخيص من الجهة المختصة وطلبت عقابه بالمادتين 152، 156 من القانون رقم 116 لسنة 1983. ومحكمة جنح بسيون قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الإيقاف والإزالة وغرامة عشرة آلاف جنيه. استأنف ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إقامة بناء على أرض زراعية بدون ترخيص قد شابه القصور في التسبيب ذلك أنه أغفل دفاعه القائم على أن ما قام به من بناء هو حظيرة لخدمة أرضه الزراعية يشمله الاستثناء من الحظر الوارد بالقانون رقم 116 لسنة 1983 الأمر الذي يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة محضر جلسة 22/ 9/ 1991 أن المدافع عن الطاعن دفع أمام محكمة أول درجة بانتفاء الجريمة المسندة إليه تأسيساً على أن ما قام به من بناء عبارة عن حظيرة ماشية لخدمة أرضه الزراعية، ويبين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - والذي لم يضف إليه إلا ما رد به على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها - أنه قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى وأدلة ثبوتها على قوله: "وحيث إن وجيز الواقعة يخلص فيما أثبته مدير جمعية...... الزراعية بمحضره المؤرخ 12/ 5/ 1990 من أن المتهم..... أقام بناء على أرض زراعية بدون ترخيص وبسؤال المتهم أنكر ما نسب إليه، وحيث إن القضية تداولت بالجلسة على النحو الثابت بمحاضرها ومثل وكيل المتهم وطلب ندب خبير في الدعوى وأصدرت المحكمة حكمها التمهيدي وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بطنطا ليعهد إلى خبير مختص تكون مهمته... الخ وحيث إن الثابت من مطالعة أوراق الدعوى وتقرير الخبير أن التهمة المسندة إلى المتهم ثابتة في حقه ثبوتاً كافياً مما تقدم وعدم دفع المتهم لما أسند إليه بأية دفاع أو دفع قانوني سليم الأمر الذي يتعين معه على المحكمة القضاء بمعاقبته طبقاً لمواد الاتهام وعملاً بالمادة 304/ 2 أ. ج". لما كان ذلك، وكانت المادة 152 من القانون رقم 116 لسنة 1983 قد نصت على أن: "يحظر إقامة أية مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي لإقامة مبان عليها وتعتبر في حكم الأراضي الزراعية الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية. ويستثنى من هذا الحظر ( أ ).... (ب).... (جـ).... (د).... (هـ).... الأراضي الواقعة بزمام القرى التي يقيم عليها المالك مسكناً خاصاً به أو مبنى يخدم أرضه وذلك في الحدود التي يصدرها قرار وزير الزراعة...." وقد أصدر وزير الزراعة قراره الرقيم 124 لسنة 1984 في شأن شروط وإجراءات منح تراخيص البناء في الأراضي الزراعية والمنشور في الوقائع المصرية العدد 208 بتاريخ 13 من سبتمبر سنة 1984 ونص في المادة الخامسة منه على الشروط اللازمة لإقامة مسكن خاص للمالك بزمام القرية أو ما يخدم أرضه ومجملها عدم وجود مسكن للمالك بالقرية أو لأحد أفراد أسرته وألا تزيد المساحة التي يقام عليها السكن على 2% من مجموع حيازات المالك بالملك دون الإيجار وبحد أقصى قيراطين مع استقرار الوضع الحيازي بالنسبة لمالك الأرض لمدة لا تقل عن سنتين زراعيتين... إلخ. ولما كان مؤدى ذلك أن إقامة مالك الأرض الزراعية بالقرية سكناً خاصاً له أو ما يخدم أرضه في حدود الشروط سالفة الذكر لم يعد يستوجب استصدار ترخيص بذلك من وزارة الزراعة بأن أصبح فعلاً غير مؤثم إذا توافرت الشروط المقررة قانوناً، وإذ كان مناط التأثيم في حق الطاعن يقتضي استظهار مدى مخالفة ما أجراه المالك للشروط المتقدمة من واقع الأدلة المطروحة في الدعوى، ومن ثم فقد كان على الحكم - وقد أثير هذا الدفاع أمام محكمة أول درجة - أن يمحصه وأن يرد عليه بما يفنده لما ينبني عليه - لو صح - من تغيير وجه الرأي في الدعوى، أما هو لم يفعل بل دان الطاعن دون أن يرد على ذلك الدفاع فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب مما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 9543 لسنة 62 ق جلسة 9 / 9 / 1997 مكتب فني 48 ق 130 ص 861

جلسة 9 من سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومصطفى عبد المجيد وزغلول البلشي نواب رئيس المحكمة وعبد الرحمن فهمي.

----------------

(130)
الطعن رقم 9543 لسنة 62 القضائية

(1) تقسيم. قانون "تفسيره".
إسباغ وصف التقسيم على الأرض. شروط توافره وأساسه؟
(2) حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
سلامة حكم الإدانة في جريمة إنشاء تقسيم بالمخالفة لأحكام القانون. رهن باستظهار العناصر التي أوردتها المادة الحادية عشر من القانون رقم 3 لسنة 1982 وإثبات توافرها.
سلامة الحكم بالإدانة. شرطه؟
خلو الحكم المطعون فيه من بيان واقعة الدعوى ومضمون محضر الضبط ومشتمل تقرير الخبير الذي عول عليه وأدلة الثبوت التي أقام عليها قضاءه ومؤدى كل منها في بيان يكشف عن مدى تأييده واقعة الدعوى. قصور.

----------------
1 - من المقرر أن المادة الحادية عشر من القانون رقم 3 لسنة 1982 بإصدار قانون التخطيط العمراني قد نصت على أنه "في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بالتقسيم كل تجزئة لقطعة أرض داخل نطاق المدن إلى أكثر من قطعتين. كما يعتبر تقسيماً إقامة أكثر من مبنى واحد وملحقاته على قطعة الأرض سواء كانت هذه المباني متصلة أو منفصلة". ومؤدى نص هذه المادة أنه يجب لإسباغ وصف التقسيم على الأرض أن تتوافر عدة شروط هي أن تكون تجزئة الأرض داخل نطاق المدن، وأن تكون التجزئة لأكثر من قطعتين، أو إنشاء أكثر من مبنى واحد وملحقاته على قطعة الأرض سواء كانت هذه المباني متصلة أو منفصلة.
2 - لما كان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد جرى على أنه يلزم لصحة الحكم بالإدانة في جريمة إنشاء تقسيم بالمخالفة لأحكام القانون يعني الحكم باستظهار العناصر التي أوردتها المادة الحادية عشر من القانون رقم 3 لسنة 1982 بإصدار قانون التخطيط العمراني وأن يثبت توافرها. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم الابتدائي أو ما أضافه الحكم الاستئنافي إلى أسبابه على النحو المار بيانه قد خلا من بيان واقعة الدعوى ومضمون محضر الضبط ومشتمل تقرير الخبير الذي عول عليه في قضائه بإدانة الطاعن، ولم يستظهر ما إذا كان هناك تقسيم بالمعنى الذي عناه القانون، وكان الأصل أنه يجب لسلامة الحكم أن يبين واقعة الدعوى والأدلة التي استند إليها وبيان مؤداها بياناً كافياً يتضح منه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة، فإن الحكم إذ لم يورد الواقعة وأدلة الثبوت التي يقوم عليها قضاؤه ومؤدى كل منها في بيان يكشف عن مدى تأييده واقعة الدعوى فإنه يكون مشوباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كل من 1 -.... (طاعن) 2 -...... (محكوم عليه) - بأنهما أولاً: المتهم الأول: قام بتقسيم الأرض المبينة بالأوراق على خلاف الاشتراطات المحددة من الوحدة المحلية. ثانياً: المتهم الثاني: قام بالبناء على قطعة أرض التقسيم دون استيفاء الشروط المحددة وطلبت عقابهما بمواد القانون رقم 106 لسنة 1976. ومحكمة جنح منوف قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل منهم شهراً مع الشغل وكفالة عشرة آلاف جنيه وكذا واحد جنيه عن كل يوم تأخير عن تنفيذ حكم الإزالة. عارضا وقضى في معارضتهما بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف المحكوم عليه الأول. ومحكمة شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس فقط.
فطعن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تقسيم قطعة أرض على خلاف الاشتراطات المحددة من الوحدة المحلية قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأن الحكم خلا من بيان واقعة الدعوى ولم يستظهر أركان الجريمة وحررت أسبابه بعبارات عامة مجملة. مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى والأدلة على ثبوتها بعد أن أشار إلى وصف الاتهام - في قوله "وحيث إن واقعة الدعوى تخلص فيما جاء بالمحضر المحرر في هذا الشأن.. وحيث إن التهمة ثابتة قبل المتهم أخذاً بما جاء بمحضر ضبط الواقعة فضلاً عن عدم دفع المتهم لهذا الاتهام بدفاع مقبول بما يتعين معه عقابه بنص المادة 304/ 2 أ. ج". وأضاف الحكم الاستئنافي إلى هذه الأسباب قوله "وحيث إن الاتهام المسند للمتهم ثابت في حقه ثبوتاً كافياً على نحو ما جاء بتقرير الخبير ومن ثم تعين تأييد الحكم المستأنف". لما كان ذلك، وكانت المادة الحادية عشر من القانون رقم 3 لسنة 1982 بإصدار قانون التخطيط العمراني قد نصت على أنه "في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بالتقسيم كل تجزئة لقطعة أرض داخل نطاق المدن إلى أكثر من قطعتين. كما يعتبر تقسيماً إقامة أكثر من مبنى واحد وملحقاته على قطعة الأرض سواء كانت هذه المباني متصلة أو منفصلة". ومؤدى نص هذه المادة أنه يجب لإسباغ وصف التقسيم على الأرض أن تتوافر عدة شروط هي أن تكون تجزئة الأرض داخل نطاق المدن، وأن تكون التجزئة لأكثر من قطعتين، أو إنشاء أكثر من مبنى واحد وملحقاته على قطعة الأرض سواء كانت هذه المباني متصلة أو منفصلة. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد جرى على أنه يلزم لصحة الحكم بالإدانة في جريمة إنشاء تقسيم بالمخالفة لأحكام القانون أن يعني الحكم باستظهار العناصر التي أوردتها المادة الحادية عشر السالفة الذكر وأن يثبت توافرها. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم الابتدائي أو ما أضافه الحكم الاستئنافي إلى أسبابه على النحو المار بيانه قد خلا من بيان واقعة الدعوى ومضمون محضر الضبط ومشتمل تقرير الخبير الذي عول عليه في قضائه بإدانة الطاعن، ولم يستظهر ما إذا كان هناك تقسيم بالمعنى الذي عناه القانون، وكان الأصل أنه يجب لسلامة الحكم أن يبين واقعة الدعوى والأدلة التي استند إليها وبيان مؤداها بياناً كافياً يتضح منه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة، فإن الحكم إذ لم يورد الواقعة وأدلة الثبوت التي يقوم عليها قضاؤه ومؤدى كل منها في بيان يكشف عن مدى تأييده واقعة الدعوى فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعن دون المحكوم عليه الآخر بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى.

الطعن 13081 لسنة 65 ق جلسة 18 / 9 / 1997 مكتب فني 48 ق 133 ص 880

جلسة 18 من سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي ووفيق الدهشان ومحمود شريف فهمي نواب رئيس المحكمة.

---------------

(133)
الطعن رقم 13081 لسنة 65 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) قبض. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القبض على الشخص. ماهيته؟ المادتان 280، 282/ 2 عقوبات.
مثال.
(3) تعذيب "تعذيبات بدنية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
التعذيبات البدنية. عدم اشتراط درجة معينة من الجسامة فيها. تقدير توافرها. موضوعي.
(4) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة وإيراد مؤدى أقوال شهود الإثبات وتقرير الطب الشرعي في بيان واف. لا قصور.
(5) حكم "بيانات الديباجة".
مواد الاتهام ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم.
إيراد الحكم مواد القانون التي آخذ المتهم بها. كفايته بياناً لمواد القانون التي حكم بمقتضاها. أساس ذلك؟
(6) دفوع "الدفع ببطلان القبض". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن".
النعي على الحكم قصوره في الرد على الدفع ببطلان القبض. غير مجد. ما دام لم يتساند في الإدانة إلى دليل مستمد منه.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(8) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشاهد؟
(9) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. استفادة الرد عليه ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(10) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود".
لمحكمة الموضوع التعويل على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق. ولو عدل عنها بعد ذلك.
(11) إثبات "بوجه عام".
عدم التزام المحكمة بالتحدث إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
(12) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل ووزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام النقض.
(13) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد الحكم ما أثاره الدفاع من تناقض بين الدليلين القولي والفني. غير لازم. متى أورد في مدوناته الرد على هذا الدفاع.
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة. والرد عليها استقلالاً. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(14) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بعدم وجود الطاعن بمحل الحادث. موضوعي. الرد عليه استقلالاً. غير لازم. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة.
(15) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تعقب المتهم في كل جزئية من دفاعه الموضوعي. غير لازم. التفات الحكم عنها. مفاده: إطراحها. إثارته أمام النقض غير جائز.

----------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة، كان ذلك محققاً لحكم القانون.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنين قد اقتادوا المجني عليه إلى مسكن المحكوم عليه الخامس حيث احتجزوه فيه وجرى تعذيبه بتعذيبات بدنية أحدثت به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وإن قصدهم لم ينصرف إلى اقتياده إلى مقر الشرطة وهو ما تتوافر به أركان جريمة القبض دون وجه حق، في حقهم جميعاً، وأركان نفس الجريمة مقترنة بتعذيبات بدنية في حق ثالثهم المنصوص عليها في المادتين 280 و282 فقرة ثانية من قانون العقوبات ذلك بأن القبض على الشخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول كما يريد ودون أن يتعلق الأمر بقضاء فترة زمنية معينة.
3 - من المقرر أنه لا يشترط في التعذيبات البدنية درجة معينة من الجسامة والأمر في ذلك متروك لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى.
4 - لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد مؤدى أقوال شهود الإثبات وتقرير الطب الشرعي في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ومن ثم ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب.
5 - من المقرر أن مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم توجب إلا أن يشار في الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجرائم المسندة إلى الطاعنين وباقي المحكوم عليهم وحصل الواقعة المستوجبة للعقوبة ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى المواد 280 و281 و282/ 2 من قانون العقوبات التي أخذ المحكوم عليهم بها بقوله "ويتعين لذلك عقابهم بمقتضى هذه المواد عملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية". فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون.
6 - لا جدوى للنعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان القبض ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من القبض المدعى ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات ومن التقرير الطبي الشرعي وهو دليل مستقل عن القبض فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون غير سديد.
7 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
8 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشهود والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
9 - لما كانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وما دامت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت - في حدود سلطتها التقديرية - إلى أقوال المجني عليه وصحة تصويره للواقعة - على النحو المار ذكره - فلا تثريب عليها إذ هي لم تعرض في حكمها إلى دفاع الطاعنين الموضوعي الذي ما قصد به سوى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال.
10 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع التعويل على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق ولو عدل عنها بعد ذلك، فإن النعي على الحكم استناده إلى أقوال المجني عليه في محضر الشرطة وتحقيقات النيابة رغم عدوله عنها أمام المحكمة لا يكون له محل.
11 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
12 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ومن ثم فإن ما يثار من أن الحكم التفت عن الإقرار الرسمي المنسوب للمجني عليه متضمناً عدم ارتكاب الطاعنين للحادث لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
13 - لما كان الحكم المطعون فيه قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين - بدعوى خلو التقرير الطبي من الإشارة إلى وجود أثار للحبل الذي قرر المجني عليه أنه كان مقيداً به - ما دام أن ما أورده الحكم في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع، إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
14 - لما كان دفاع الطاعن الثاني بعدم وجوده بمحل الحادث وقت وقوعه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لم تكن المحكمة ملزمة بالرد عليه استقلالاً، طالما أن الرد عليه مستفاد من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة وأخذت بها، ومن ثم يكون النعي في هذا المقام غير قويم.
15 - لما كان باقي ما يثار في أسباب الطعن لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً، لا على المحكمة إن هي لم تتعقبه في كل جزئية منه إذ أن اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها، فإنه لا يكون مقبولاً إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 -..... طاعن 2 -..... طاعن 3 -..... طاعن 4 -..... طاعنة 5 -..... 6 -..... بأنهم 1 - المتهمون من الأول إلى الرابع: قبضوا على...... بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفي غير الأحوال المصرح بها في قوانين واللوائح بالقبض على ذوي الشبهة 2 - المتهمان الثالث والسادس: حبسا المجني عليه سالف الذكر بمسكن المتهم الخامس بدون أمر أحد الحكام وقاما بتعذيبه تعذيبات بدنية بأن شدا وثاقه وقاما بكيه بالنار وضرباه بأدوات وهدداه بالقتل فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي المرفق بالتحقيقات 3 - المتهم الخامس: أعد محلاً لحبس غير الجائزين مع علمه بذلك. وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأربعة الأوائل وغيابياً للمتهمين الخامس والسادس عملاً بالمواد 280، 281، 282/ 2 من قانون العقوبات مع أعمال المادتين 32، 17 من ذات القانون أولاً: بمعاقبة المتهمين الثالث والخامس والسادس بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات - ثانياً: - بمعاقبة المتهمين الأول والثاني بالحبس مع الشغل سنتين - ثالثاً: بمعاقبة المتهمة الرابعة بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة.
فطعن المحكوم عليهم الأربع الأوائل في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن مبنى الطعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعنين بجريمة القبض دون وجه حق المقترنة - بالنسبة لثالثهم - بتعذيبات بدنية والحبس دون وجه حق، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في التدليل والخطأ في القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه خلا من بيان الواقعة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دانهم بها ولم يورد على نحو كاف مضمون أدلة الثبوت التي أقام عليها قضاءه، وخلت ديباجته من مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها، ولم يعرض إيراداً ورداً على الدفع ببطلان القبض على الطاعنين رغم جوهريته، واستند الحكم إلى أقوال المجني عليه في محضر الشرطة وتحقيقات النيابة ملتفتاً عما أثاره الدفاع من شواهد على كذبها بدلالة عدول المجني عليه عنها أمام المحكمة وتحريره إقراراً رسمياً بعدم ارتكاب الطاعنين للحادث ولم يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني بدلالة خلو التقرير الطبي من الإشارة إلى وجود أثار للحبل الذي قرر المجني عليه أنه كان مقيداً به، فضلاً عن أن الحكم لم يرد على دفاع الطاعن الثاني بعدم وجوده بمحل الحادث وقت وقوعه - كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستقاة من أقوال شهود الإثبات وما أورده التقرير الطبي الشرعي وهي أدلة سائغة وكافية في حمل قضائه ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة، كان ذلك محققاً لحكم القانون. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن ابنة الطاعنين الثالث والرابعة اختفت وأنه استقر في نفسيهما أن شقيق المجني عليه له صلة باختفائها فاستقر رأيهما مع باقي المحكوم عليهم في سبيل البحث عنها إلى اختطاف المجني عليه وحبسه وإجباره على الإدلاء بمكان اختفائها، فتوجها بصحبة الطاعنين الأول والثاني للبحث عن المجني عليه حتى قابلوه في الطريق وبحجة توجههم به إلى قسم الشرطة اقتادوه إلى مسكن المحكوم عليه الخامس حيث احتجزوه فيه وعذبه الطاعن الثالث والمحكوم عليه السادس بتعذيبات بدنية إلى أن اكتشفت الشرطة الواقعة. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعنين أدلة استمدها من تقرير الطب الشرعي ومما شهد به شهود الإثبات، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - على ما سلف - قد أثبت أن الطاعنين قد اقتادوا المجني عليه إلى مسكن المحكوم عليه الخامس حيث احتجزوه فيه وجرى تعذيبه بتعذيبات بدنية أحدثت به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وأن قصدهم لم ينصرف إلى اقتياده إلى مقر الشرطة وهو ما تتوافر به أركان جريمة القبض دون وجه حق، في حقهم جميعاً، وأركان نفس الجريمة مقترنة بتعذيبات بدنية في حق ثالثهم المنصوص عليها في المادتين 280 و282 فقرة ثانية من قانون العقوبات ذلك بأن القبض على الشخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول كما يريد ودون أن يتعلق الأمر بقضاء فترة زمنية معينة كما أنه لا يشترط في التعذيبات البدنية درجة معينة من الجسامة والأمر في ذلك متروك لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى، فإن الحكم يكون قد بين الواقعة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دانهم بارتكابها، فضلاً عن أنه يبين من مدوناته أنه أورد مؤدى أقوال شهود الإثبات وتقرير الطب الشرعي في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ومن ثم ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثار في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم توجب إلا أن يشار في الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجرائم المسندة إلى الطاعنين وباقي المحكوم عليهم وحصل الواقعة المستوجبة للعقوبة ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى المواد 280 و281 و282/ 2 من قانون العقوبات التي أخذ المحكوم عليهم بها بقوله "ويتعين لذلك عقابهم بمقتضى هذه المواد عملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية". فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون. لما كان ذلك، وكان لا جدوى للنعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان القبض ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من القبض المدعى ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات ومن التقرير الطبي الشرعي وهو دليل مستقل عن القبض فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشهود والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم وما دامت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت - في حدود سلطتها التقديرية - إلى أقوال المجني عليه وصحة تصويره للواقعة - على النحو المار ذكره - فلا تثريب عليها إذ هي لم تعرض في حكمها إلى دفاع الطاعنين الموضوعي الذي ما قصد به سوى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال، وإذ كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أيضاً التعويل على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق ولو عدل عنها بعد ذلك، فإن النعي على الحكم استناده إلى أقوال المجني عليه في محضر الشرطة وتحقيقات النيابة رغم عدوله عنها أمام المحكمة لا يكون له محل، وإذ كانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها كما أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ومن ثم فإن ما يثار من أن الحكم التفت عن الإقرار الرسمي المنسوب للمجني عليه متضمناً عدم ارتكاب الطاعنين للحادث لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين - بدعوى خلو التقرير الطبي من الإشارة إلى وجود أثار للحبل الذي قرر المجني عليه أنه كان مقيداً به - ما دام أن ما أورده الحكم في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع، إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن ثم يضحى ما يثار في هذا الخصوص على غير سند. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن الثاني بعدم وجوده بمحل الحادث وقت وقوعه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لم تكن المحكمة ملزمة بالرد عليه استقلالاً، طالما أن الرد عليه مستفاد من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة وأخذت بها، ومن ثم يكون النعي في هذا المقام غير قويم. لما كان ذلك، وكان باقي ما يثار في أسباب الطعن لا يعدو أن يكون أيضاً دفاعاً موضوعياً، لا على المحكمة إن هي لم تتعقبه في كل جزئية منه إذ أن اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها، فإنه لا يكون مقبولاً إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 13497 لسنة 65 ق جلسة 18 / 9 / 1997 مكتب فني 48 ق 134 ص 892

جلسة 18 من سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قورة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الرحمن وعاطف عبد السميع نائبي رئيس المحكمة وأحمد عبد القوي ورضا القاضي.

---------------

(134)
الطعن رقم 13497 لسنة 65 القضائية

ترويج عملة مقلدة. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقد. تقليد. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
القصد الجنائي في جريمة حيازة وترويج عملة ورقية مقلدة. مناط تحققه؟
جريمة حيازة عملة مقلدة بقصد الترويج. تستلزم قصداً خاصاً. هو نية دفعها للتداول. وجوب استظهار الحكم لها صراحة وإيراد الدليل على توافره متى نازع فيه الجاني.
منازعة الطاعن في توافر القصد الجنائي بشقيه وتدليل الحكم بما لا يكفي لتوافره. يعيبه.

---------------
من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة حيازة وترويج عملة ورقية مقلدة التي دين الطاعن بها يقتضي علم الجاني وقت ارتكاب الجريمة علماً يقينياً بتوافر أركانها، فإذا ما نازع المتهم في توافر هذا القصد، كان لزاماً على المحكمة استظهاره استظهاراً كافياً. كما أنه من المقرر أن جريمة الحيازة بقصد الترويج تستلزم فضلاً عن القصد الجنائي العام قصداً خاصاً هو نية دفع العملة المقلدة إلى التداول، مما يتعين معه على الحكم استظهاره صراحة وإيراد الدليل على توافره متى كان محل منازعة من الجاني. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد أنكر التهمة المسندة إليه برمتها، ونازع في توافر القصد الجنائي بشقيه - في حقه، وكان القدر الذي أورده الحكم في سبيل التدليل على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن لا يكفي لتوافره ولا يسوغ به الاستدلال عليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً فضلاً عن القصور في التسبيب بالفساد في الاستدلال.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز بقصد الترويج عملة ورقية مقلدة متداولة قانوناً داخل البلاد هي خمسة عشر ورقة مالية من فئة العشرين جنيهاً المصرية والمصطنعة على غرار الأوراق المالية الصحيحة من تلك الفئة على النحو المبين بتقرير إدارة أبحاث التزييف والتزوير مع علمه بأمر تقليدها. وأحالته إلى محكمة جنايات أسيوط لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بالمادتين 202/ 1، 203/ 2 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن ثلاث سنوات ومصادرة الأوراق النقدية المقلدة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة عملة ورقية مقلدة بقصد ترويجها مع علمه بذلك قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه لم يدلل تدليلاً كافياً وسائغاً على توافر القصد الجنائي في حقه، وأن حيازته للعملة الورقية المقلدة كان بقصد ترويجها، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بسط واقعة الدعوى عرض لدفاع الطاعن القائم على إنكار ما أسند إليه، وعدم توافر القصد الخاص في حقه ورد عليه في قوله: "ومن حيث إن المحكمة تطمئن إلى صحة ضبط الأوراق المالية بحوزة المتهم أخذاً بما شهد به الضابط مجرى التحريات.... الذي استوثق من نشاطه في ترويج العملات المزيفة - ولا ينال من ذلك أن ماكينة التصوير لم تستخدم، إذ هو لم يتهم بتقليد وتزييف العملة المضبوطة - وسواء أكان من عزمه مستقبلاً أن يفعل ذلك أو لم تكن نيته تتجه إلى التقليد والتزييف فإن الثابت في حقه أنه حاز العملات الورقية المزيفة المضبوطة بقصد ترويجها - وهذا القصد الخاص ثابت من أنه لم يدع أن الحيازة كانت لأغراض أخرى كالأغراض العملية أو الثقافية وما نحوها أو أنه يجهل أمر تزييف العملة المضبوطة، فهو باعتباره صاحب ماكينة تصوير بالألوان له خبرة في المطبوعات وتمييز الصحيح منها من المزيف ومن ثم تنتهي المحكمة إلى أن المتهم حاز الأوراق المزيفة عن علم بتزييفها وتقليدها بقصد ترويجها بين الناس...." لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في الجريمة التي دين الطاعن بها يقتضي علم الجاني وقت ارتكاب الجريمة علماً يقينياً بتوافر أركانها، فإذا ما نازع المتهم في توافر هذا القصد، كان لزاماً على المحكمة استظهاره استظهاراً كافياً. كما أنه من المقرر أن جريمة الحيازة بقصد الترويج تستلزم فضلاً عن القصد الجنائي العام قصداً خاصاً هو نية دفع العملة المقلدة إلى التداول، مما يتعين معه على الحكم استظهاره صراحة وإيراد الدليل على توافره متى كان محل منازعة من الجاني. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد أنكر التهمة المسندة إليه برمتها، ونازع في توافر القصد الجنائي - بشقيه - في حقه، وكان القدر الذي أورده الحكم فيما سلف بيانه - في سبيل التدليل على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن لا يكفي لتوافره ولا يسوغ به الاستدلال عليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً فضلاً عن القصور في التسبيب بالفساد في الاستدلال مما يتعين معه نقضه والإعادة، بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 29749 لسنــة 59 ق جلسة 18 / 9 / 1997 مكتب فني 48 ق 131 ص 865

جلسة 18 من سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قورة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الرحمن وأحمد عبد القوي نائبي رئيس المحكمة ورضا القاضي والسعيد برغوت.

---------------

(131)
الطعن رقم 29749 لسنة 59 القضائية

(1) استيلاء على المال العام. جريمة "أركانها". قصد جنائي. اختلاس أموال أميرية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
فعل الاستيلاء في جرائم الاعتداء على المال العام. تحققه: بإخراج المال من حوزة الدولة ونقله من المكان المعد لحفظه إلى خارجه. سواء أكان المال في حيازة الموظف بموقع العمل بسبب وظيفته أو لم يكن.
جريمتي اختلاس المال العام والاستيلاء عليه المنصوص عليهما في المادتين 112، 113 عقوبات. مناط تحققهما؟
مثال.
(2) وصف التهمة. محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة النقض "سلطتها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم تقيد المحكمة بالوصف القانوني الذي تصبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم. وجوب أن تمحص الواقعة بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق القانون تطبيقاً صحيحاً. شرط ذلك؟
لمحكمة النقض تصحيح ما ورد خطأ في وصف التهمة المسندة إلى الطاعن. ما دام الأمر لا يعدو أن يكون خطأ في التعبير لا ينطوي على خطأ في تطبيق القانون.
الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة. لا يترتب عليه بطلان الحكم. شرط ذلك؟
مثال.
(3) دفوع "الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية لسبق صدور أمر بألا وجه". نظام عام. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية أو بعدم جواز نظرها لسبق صدور أمر بألا وجه من النيابة العامة. من النظام العام. إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. جائز. شرط ذلك وعلته؟
مثال.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد قضاء المحكمة بإدانة الطاعن استناداً إلى أقوال شاهد؟
الجدل الموضوعي. لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.

----------------
1 - لما كان فعل الاستيلاء، في جرائم الاعتداء على المال العام، يتحقق بإخراج المال من حوزة الدولة، ونقله من المكان المعد لحفظه، أو من موقع العمل، إلى خارجه دون حق، مما يوفر معنى انتزاعه من الدولة وإنشاء حيازة جديدة غير مشروعة للموظف على المال العام. ويقع هذا الفعل سواء أكان المال في حيازة الموظف بموقع العمل بسبب وظيفته أو لم يكن، فإن كان في حيازته وانتوى بذلك الفعل تملكه تحققت جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات، وإن وقع ذات الفعل غير مصحوب بنية التملك انحسر عنه وصف جريمة الاختلاس، وقامت به الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 113 من قانون العقوبات، ولا يسوغ القول بأن هذه الجريمة ملحقة بالجريمة المنصوص عليها في الفقرة الأول من ذات المادة، ومن ثم لا تتحقق - مثلها - إلا إذا لم يكن المال في حيازة الجاني بسبب وظيفته إذ يترتب على ذلك أن يفلت من يرتكب هذا الفعل من العقاب لمجرد أن المال يكون في حيازته في مقر عمله، وهو ما يتجاوز قصد الشارع، فلا يتصور أن ينصرف قصده إلى أن يجعل من ائتمان الموظف على المال سبباً يبيح له الاستيلاء عليه بقصد استعماله. ذلك، فضلاً عن أن المادة 113 من قانون العقوبات لها دور تكميلي في أحكام الحماية للمال العام، فهي تتناول بالعقاب الحالات التي لا تنطبق عليها المادة 112 من قانون العقوبات، ومنها الاستيلاء على المال العام بغير نية التملك.
2 - لما كان الحكم قد خلص من تحصيله للواقعة وبيان مضمون أدلة الثبوت إلى أن الطاعن اختلس المال العام بغير نية تملكه، وهو في صحيح القانون استيلاء على المال العام بغير نية تملكه، المؤثم بمقتضى المادة 113/ 3 من قانون العقوبات، وعدل وصف التهمة وأنزل بالطاعن عقوبة تدخل في نطاق ما تقضي به الفقرة المشار إليها. وكان من المقرر أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان المتهم به دون أن تضيف إليها شيئاً. وكان لهذه المحكمة - محكمة النقض - أن تصحح ما ورد خطأ في وصف التهمة المسندة إلى الطاعن والذي خلص إليه الحكم المطعون فيه بجعله استولى على المال العام بغير نية تملكه ما دام أن الأمر لا يعدو أن يكون خطأ في التعبير لا ينطوي على خطأ في تطبيق القانون، وكان من المقرر أنه لا يترتب على الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين الواقعة المستوجبة للعقاب بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها - وإذ استظهر الحكم المطعون فيه عناصر جريمة الاستيلاء على المال العام بغير نية تملكه وأورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة سائغة وأنزل عقوبة تدخل في حدود ما تنص عليه المادة 113/ 3 من قانون العقوبات فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد.
3 - من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية - أو بعدم جواز نظرها لسبق صدور أمر بألا وجه فيها من النيابة العامة هو من قبيل الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه، ولئن كان هذا الدفع متعلقاً بالنظام العام وتجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أنه يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبوله بغير تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفة محكمة النقض، وإذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بسبق صدور أمر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت من مقومات صحة هذا الدفع التي تكشف عن مخالفة الحكم للقانون وخطئه في تطبيقه فإن إثارة الطاعن هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لا تكون مقبولة.
4 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم - مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة عليها من محكمة النقض، وكان مؤدى قضاء المحكمة بإدانة الطاعن - المحكوم عليه - استناداً إلى أقوال الشاهد.... هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعن من تشكيك في أقوال هذا الشاهد، إنما ينحل إلى جدل موضوعي لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين - قضى ببراءتهم بأنهم بصفتهم موظفين عموميين ومن الأمناء على الودائع "أمناء مخزن عدد.... بشركة....." إحدى وحدات القطاع العام اختلسوا العدد المبينة الوصف بالتحقيقات والبالغ قيمتها 13154.732 جنيه ثلاثة عشر ألفاً ومائة وأربعة وخمسون جنيهاً وسبعمائة واثنتان وثلاثون مليماً والمملوكة للشركة سالفة الذكر والتي وجدت في حيازتهم بسبب وظيفتهم وصفتهم وقد ارتبطت هذه الجناية بجنايتي تزوير واستعمال محررات مزورة ارتباطاً لا يقبل التجزئة هي أنه في ذات المكان والزمان سالفي الذكر قام المتهمان الأول - الطاعن - والثالث بصفتهما سالفة البيان بارتكاب تزوير في محررات الشركة التي يعمل بها وهي إشارات تكهين العدد حالة كونهما المختصين بتحريرها بأن جعلا واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بذلك بأن أثبتا العدد المكهنة بالزيادة عن الكمية الحقيقية بقصد اختلاس فارق القيمة واستعملا تلك المحررات المزورة مع علمهما بتزويرها بأن قدماها إلى إدارات الشركة المختلفة على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 55، 56، 211/ 1 - 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم - الطاعن بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة إيقافاً شاملاً وذلك لما نسب إليه عن واقعة الاختلاس.
فطعن كلاً من المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المحكمة عدلت وصف التهمة من جناية اختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات إلى اختلاس بغير نية التملك وعاقبت المحكوم عليه بمقتضى المادة 211/ 1، 2 من قانون العقوبات حال أن جريمة الاختلاس لا تتوافر عناصرها إلا إذا انصرفت نية الجاني إلى تملك المال المختلس، كما أن المادة 211 من قانون العقوبات ليست سوى فقرة وحيدة ولا شأن لها بجرائم الاعتداء على المال العام، ولا يقبل الحكم من خطئه القول بأن مرماه إدانة المحكوم عليه بجريمة الاستيلاء على المال العام غير المصحوب بنية التملك المنصوص عليها في المادة 113/ 3 من قانون العقوبات إذ أن الأشياء التي ضبطت مع المحكوم عليه كانت في حيازته بسبب وظيفته ومن ثم لا تقوم هذه الجريمة، ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن المحكوم عليه ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاختلاس غير المصحوب بنية التملك قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في تطبيق القانون ذلك أن الفعل المسند إليه لا يعاقب عليه القانون، فليس ثمة جريمة اختلاس بغير نية التملك، ولا شأن للمادة التي دين بمقتضاها بجرائم الاعتداء على المال العام - هذا إلى أن النيابة العامة سبق أن أصدرت أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية عن ذات الواقعة لعدم الأهمية اكتفاءً بالجزاء الإداري ومن ثم كان يتعين على المحكمة أن تلتزم حجيته وتقضي بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. كما عول الحكم في قضائه بالإدانة على شهادة..... بالرغم من مخالفتها للحقيقة، كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله (أنه بتاريخ..... وأثناء خروج العاملين بشركة.....، وبتفتيش المتهم الأول...... - الطاعن - أخصائي ميكانيكي بشركة..... عثر بين طيات ملابسه على تسعة عشر قطعة حديد عبارة عن 16 بنطه مسلوب، 3 ذوار مسلوبة والتي لا تزيد قيمتها عن خمسمائة جنيه وبمواجهته بما أسفر عنه الضبط قرر بأنه يجري أبحاثاً على محرك موتور السيارة ليثبت درجة حرارته وعمل دورة هوائية بالسيارة لتصليح الكاوتش في أي وقت) وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة أدلة مستمدة من اعتراف المتهم بتحقيق النيابة وبما قرره....، وحصل اعتراف المتهم في قوله (اعتراف المتهم.... بمحضر تحقيق النيابة بأنه كان يستحصل على المضبوطات بقصد إجراء بحوث على موتور السيارة ولم يقصد اختلاسها لأنها ضمن عهدته ويسأل عنها) ثم حصل أقوال الشاهد في قوله (بأنه أثناء تفتيش العاملين بالشركة عند انصرافهم ضبط المتهم..... مخبأ بين طيات ملابسه عدد 19 قطعة حديد من ممتلكات الشركة وبمواجهته بما أسفر عنه ضبطه قرر بأنه يجري اختراعاً ويستخدم هذه الأشياء في استكمال اختراعه). وخلص إلى إدانة المحكوم عليه في قوله (إن الثابت من ظروف الدعوى وأقوال المتهم والشاهد.... أن المتهم لم يقصد اختلاس الأشياء المضبوطة وإنما انطوى قصده على استخدام هذه الأشياء في تحقيق مآربه استكمالاً لاختراعه غير مصحوب بنية التملك وإعادتها إلى المخزن) ثم عدل وصف التهمة إلى اختلاس بغير نية التملك وذلك أنه "الأمر المعاقب عليه بالمادة 211/ 1، 2 عقوبات". لما كان ذلك، وكان فعل الاستيلاء، في جرائم الاعتداء على المال العام، يتحقق بإخراج المال من حوزة الدولة، ونقله من المكان المعد لحفظه، أو من موقع العمل، إلى خارجه دون حق، مما يوفر معنى انتزاعه من الدولة وإنشاء حيازة جديدة غير مشروعة للموظف على المال العام. ويقع هذا الفعل سواء أكان المال في حيازة الموظف بموقع العمل بسبب وظيفته أو لم يكن، فإن كان في حيازته وانتوى بذلك الفعل تملكه تحققت جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات، وإن وقع ذات الفعل غير مصحوب بنية التملك انحسر عنه وصف جريمة الاختلاس، وقامت به الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 113 من قانون العقوبات، ولا يسوغ القول بأن هذه الجريمة ملحقة بالجريمة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من ذات المادة، ومن ثم لا تتحقق - مثلها - إلا إذا لم يكن المال في حيازة الجاني بسبب وظيفته إذ يترتب على ذلك أن يفلت من يرتكب هذا الفعل من العقاب لمجرد أن المال يكون في حيازته في مقر عمله، وهو ما يتجاوز قصد الشارع، فلا يتصور أن ينصرف قصده إلى أن يجعل من ائتمان الموظف على المال سبباً يبيح له الاستيلاء عليه بقصد استعماله. ذلك، فضلاً عن أن المادة 113 من قانون العقوبات لها دور تكميلي في أحكام الحماية للمال العام، فهي تتناول بالعقاب الحالات التي لا تنطبق عليها المادة 112 من قانون العقوبات، ومنها الاستيلاء على المال العام بغير نية التملك. لما كان ذلك، وكان الحكم قد خلص من تحصيله للواقعة وبيان مضمون أدلة الثبوت إلى أن الطاعن اختلس المال العام بغير نية تملكه، وهو في صحيح القانون استيلاء على المال العام بغير نية تملكه، المؤثم بمقتضى المادة 113/ 3 من قانون العقوبات، وعدل وصف التهمة وأنزل بالطاعن عقوبة تدخل في نطاق ما تقضي به الفقرة المشار إليها. وكان من المقرر أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان المتهم به دون أن تضيف إليها شيئاً - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - وكان لهذه المحكمة - محكمة النقض. أن تصحح ما ورد خطأ في وصف التهمة المسندة إلى الطاعن والذي خلص إليه الحكم المطعون فيه بجعله استولى على المال العام بغير نية تملكه ما دام أن الأمر لا يعدو أن يكون خطأ في التعبير لا ينطوي على خطأ في تطبيق القانون، وكان من المقرر أنه لا يترتب على الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين الواقعة المستوجبة للعقاب بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها - وإذ استظهر الحكم المطعون فيه عناصر جريمة الاستيلاء على المال العام بغير نية تملكه وأورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة سائغة وأنزل عقوبة تدخل في حدود ما تنص عليه المادة 113/ 3 من قانون العقوبات فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية - أو بعدم جواز نظرها لسبق صدور أمر بألا وجه فيها من النيابة العامة هو من قبيل الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه، ولئن كان هذا الدفع متعلقاً بالنظام العام وتجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أنه يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبوله بغير تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفة محكمة النقض، وإذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بسبق صدور أمر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت من مقومات صحة هذا الدفع التي تكشف عن مخالفة الحكم للقانون وخطئه في تطبيقه فإن إثارة الطاعن هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لا تكون مقبولة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم - مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة عليها من محكمة النقض، وكان مؤدى قضاء المحكمة بإدانة الطاعن الثاني - المحكوم عليه - استناداً إلى أقوال الشاهد.... هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعن الثاني من تشكيك في أقوال هذا الشاهد، إنما ينحل إلى جدل موضوعي لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن كل من الطعنين يكونا على غير أساس متعيناً رفضهما موضوعاً.

الطعن 12096 لسنة 62 ق جلسة 20 / 9 / 1997 مكتب فني 48 ق 135 ص 896

جلسة 20 من سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود عبد الباري ومحمد حسين مصطفى نائبي رئيس المحكمة ود. صلاح البرعي وأحمد عبد القوي أحمد.

----------------

(135)
الطعن رقم 12096 لسنة 62 القضائية

نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. توقيعها".
إغفال التوقيع على مذكرة أسباب الطعن المقدمة من هيئة قضايا الدولة حتى فوات ميعاد الطعن. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. لا يغير من ذلك تذييلها ببصمة خاتم تقرأ باسم مستشار بها.

----------------
لما كانت مذكرة أسباب الطعن وإن حملت ما يشير إلى صدورها من هيئة قضايا الدولة والسيد/..... المستشار بها إلا أنها بقيت غفلاً من توقيعه عليها حتى فوات ميعاد الطعن ولا ينال من ذلك تذييلها ببصمة خاتم "أكليشيه" تقرأ باسم المستشار المذكور، ومن ثم تكون معدومة الأثر في الخصومة ولغواً لا يعتد به.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه حاز البضائع المبينة بالأوراق بقصد الاتجار دون أن يقدم المستندات الدالة على سداد الرسوم الجمركية المقررة. وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 133 لسنة 1981.
ومحكمة جنح..... قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم خمسمائة جنيه وإلزامه بأداء الضريبة المستحقة ومثلها تعويضاً. استأنف ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه.
فطعنت هيئة قضايا الدولة نيابة عن وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب في هذا بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مذكرة أسباب الطعن وإن حملت ما يشير إلى صدورها من هيئة قضايا الدولة والسيد/..... المستشار بها إلا أنها بقيت غفلاً من توقيعه عليها حتى فوات ميعاد الطعن ولا ينال من ذلك تذييلها ببصمة خاتم "أكليشيه" تقرأ باسم المستشار المذكور، ومن ثم تكون معدومة الأثر في الخصومة ولغواً لا يعتد به، مما يفصح عن عدم قبول الطعن شكلاً.

الطعن 15935 لسنة 62 ق جلسة 20 / 9 / 1997 مكتب فني 48 ق 136 ص 898

جلسة 20 من سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود عبد الباري ومحمد حسين مصطفى ورجب فراج نواب رئيس المحكمة وأحمد عبد القوي أحمد.

----------------

(136)
الطعن رقم 15935 لسنة 62 القضائية

نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". دعوى جنائية "وقف السير فيها". دعوى مدنية.
عدم جواز الطعن بالنقض في القرار الصادر من محكمة الجنح المستأنفة بوقف السير في الدعوى الجنائية لحين الفصل في دعوى مدنية. أساس ذلك؟

---------------
لما كانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959، إذ نصت على أن لكل من النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعى بها الطعن أمام محكمة النقض في الأحكام النهائية الصادرة من أخر درجة في مواد الجنايات والجنح فقد قصرت حق الطعن بالنقض، على الأحكام النهائية الصادرة من أخر درجة في مواد الجنايات والجنح، مما مفاده أن الأصل عدم جواز الطعن بطريق النقض - وهو طريق استثنائي - إلا في الأحكام الصادرة في الموضوع والتي تنتهي بها الدعوى، فإن الطعن في قرار محكمة الجنح المستأنفة بوقف السير في الدعوى الجنائية حتى يفصل في الدعوى المدنية التي بينها القرار غير جائز.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد الماشية المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق المملوكة له والمحجوز عليه إدارياً لصالح بنك التنمية والائتمان الزراعي والمسلمة إليه لحراستها وتقديمها عند جلسة البيع فاختلسها لنفسه إضراراً بالجهة الحاجزة. وطلبت عقابه بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات والمواد 1/ ط، 2، 3، 4، 7 من قانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955. ومحكمة جنح.... قضت حضورياً ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه. استأنفت النيابة العامة، ومحكمة شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قررت وقف السير في الدعوى لحين الانتهاء من نظر الدعوى رقم... لسنة.... مدني كلي شبين الكوم.
فطعن الأستاذ/...... المحامي نيابة عن المتهم في هذا القرار بطريق النقض .... الخ.


المحكمة

لما كانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959، إذ نصت على أن لكل من النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعى بها الطعن أمام محكمة النقض في الأحكام النهائية الصادرة من أخر درجة في مواد الجنايات والجنح فقد قصرت حق الطعن بالنقض، على الأحكام النهائية الصادرة من أخر درجة في مواد الجنايات والجنح، مما مفاده أن الأصل عدم جواز الطعن بطريق النقض - وهو طريق استثنائي - إلا في الأحكام الصادرة في الموضوع والتي تنتهي بها الدعوى. فإن الطعن في قرار محكمة الجنح المستأنفة بوقف السير في الدعوى الجنائية حتى يفصل في الدعوى المدنية التي بينها القرار غير جائز، مما يفصح عن عدم قبول الطعن، مع مصادرة الكفالة.

الطعن 18633 لسنة 63 ق جلسة 21 / 9 / 1997 مكتب فني 48 ق 137 ص 900

جلسة 21 من سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم وسمير أنيس وسمير مصطفى وعبد المنعم منصور نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(137)
الطعن رقم 18633 لسنة 63 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب".
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات. اكتفاء الحكم في بيان الدليل بالإحالة إلى محضر ضبط الواقعة دون إيراد مضمونه ووجه استدلاله به على ثبوت التهمة بعناصرها القانونية كافة. قصور.
(2) إخفاء أشياء مسروقة. اشتراك. سرقة. نقض "أثر الطعن".
إخفاء الأشياء المسروقة لا يعتبر اشتراكاً في السرقة ولا مساهمة فيها. هما جريمتان مستقلتان بأركانهما وطبيعتهما. أثر ذلك؟

----------------
1 - لما كان قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب من المادة 310 منه أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وإلا كان قاصراً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اكتفى في بيان الدليل بالإحالة إلى محضر ضبط الواقعة ولم يورد مضمونها ولم يبين وجه استدلاله على ثبوت التهمة بعناصرها القانونية كافة، فإن الحكم يكون معيباً بما يبطله.
2 - لما كان القانون لا يعتبر إخفاء الأشياء المسروقة اشتراكاً في السرقة ولا مساهمة فيها وإنما يعتبرها جريمة قائمة بذاتها ومنفصلة عن السرقة وأنهما جريمتان مستقلتان بأركانهما وطبيعتهما، فإن نقض الحكم بالنسبة إلى الطاعن لا يمتد إلى باقي المحكوم عليهم في جريمة السرقة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه سرق وآخرين سبق الحكم عليهم الأشياء المبينة الوصف والقيمة بالأوراق والمملوكة لـ...... وكان ذلك من مسكنه عن طريق الكسر من الخارج وطلبت عقابه بالمادة 316/ 3 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح..... قضت حضورياً بالمادة 44 من قانون العقوبات بحبس المتهم ثلاثة أشهر وكفالة خمسين جنيهاً باعتبار أن الواقعة إخفاء أشياء متحصلة من جنحة سرقة. استأنف ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى حبس المتهم شهراً مع الشغل.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إخفاء أشياء متحصلة من جريمة سرقة قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأن الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه بالحكم المطعون فيه جاء خلواً من بيان واقعة الدعوى وظروفها والأدلة التي استند إليها في قضائه بالإدانة مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي الذي أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى والأدلة على ثبوتها في حق الطاعن في قوله "وحيث إن التهمة ثابتة قبل المتهم ثبوتاً كافياً من مطالعة الأوراق.. وحيث إن المحكمة تطمئن إلى صحة الاتهام المسند إلى المتهم فإنه يتعين والحال كذلك القضاء بمعاقبته عملاً بنص المادة 304/ 2 أ. ج". لما كان ذلك، وكان قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 310 منه أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وإلا كان قاصراً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اكتفى في بيان الدليل بالإحالة إلى محضر ضبط الواقعة ولم يورد مضمونها ولم يبين وجه استدلاله على ثبوت التهمة بعناصرها القانونية كافة، فإن الحكم يكون معيباً بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن الأخرى. لما كان ما تقدم وكان القانون لا يعتبر إخفاء الأشياء المسروقة اشتراكاً في السرقة ولا مساهمة فيها وإنما يعتبرها جريمة قائمة بذاتها ومنفصلة عن السرقة وأنهما جريمتان مستقلتان بأركانهما وطبيعتهما، فإن نقض الحكم بالنسبة إلى الطاعن لا يمتد إلى باقي المحكوم عليهم في جريمة السرقة.

الطعن 11333 لسنة 65 ق جلسة 22 / 9 / 1997 مكتب فني 48 ق 138 ص 903

جلسة 22 من سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد زايد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سري صيام ومحمد حسام الدين الغرياني وأحمد عبد القوي ومحمد الصيرفي نواب رئيس المحكمة.

----------------

(138)
الطعن رقم 11333 لسنة 65 القضائية

حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
المنازعة في قدرة إبصار شاهد الرؤية على رؤية الطاعنين من المسافة التي حددها. جوهري. وجوب تحقيقه باختبار حالة الشاهد أو عن طريق المختص فنياً أو إطراحه بأدلة سائغة. إغفال ذلك رغم التعويل على شهادته في الإدانة. قصور.

----------------
لما كان ما آثاره الدفاع بشأن قدرة إبصار شاهد الرؤية على رؤية الطاعنين من المسافة التي حددها - جوهرياً في الدعوى فإنه كان من المتعين على المحكمة أن تتصدى لهذا الدفاع وتحققه باختيار حالة الشاهد أو بعرضه على المختص فنياً - وهو الطبيب الشرعي - للوقوف على مدى قوة إبصاره ومدى قدرته على تمييز الطاعنين على البعد الذي ذكره في أقواله أو أن تطرحه استناداً إلى أدلة سائغة مقنعة تبرر عدم إجراء ذلك التحقيق، أما وهي لم تفعل وعولت - في الوقت ذاته - على شهادة هذا الشاهد في قضائها بالإدانة فإن حكمها يكون معيباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: أ - قتلا.... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية على قتله وعقدا العزم على ذلك وأعد لهذا الغرض سلاحين ناريين "بندقيتين" وما أن ظفرا به حتى أطلقا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. (ب) أحرزا بغير ترخيص سلاحين ناريين مششخنين "بندقيتين". (جـ) أحرزا ذخيرة مما تستعمل على السلاحين الناريين سالفي الذكر حال كونهما غير مرخص لهما بحملهما أو إحرازهما وأحالتهما إلى محكمة جنايات أسيوط لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى.... شقيق المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ 501 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2 ب، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند "ب" من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات ومصادرة المضبوطات. ثانياً: وفي الدعوى المدنية بإلزام المحكوم عليهما بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ 501 جنيه على سبيل التعويض المؤقت بعد أن عدلت وصف التهمة في البند ب، ج إلى أن المتهم الأول الذي أحرز وحاز السلاح والذخيرة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجناية القتل العمد مع سبق الإصرار قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأن الطاعن تمسك بأن شاهد الرؤية الوحيد لم يكن باستطاعته مشاهدة قاتلي أخيه وتمييزهما من الخلف على بعد ثلاثمائة متر وسط المزارع فالتفت الحكم عن هذا الدفاع دون رد مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن من بين ما قام عليه دفاع الطاعنين أن الشاهد..... شقيق المجني عليه يبلغ من العمر سبعة وخمسين سنة، ونازع الدفاع في مقدرته على رؤية الطاعنين وتمييزهم على بعد ثلاثمائة متر وهما يوليان الإدبار بين مزروعات زاد ارتفاعها على المتر ونصف المتر وطلب توقيع الكشف الطبي على الشاهد لبيان ما إذا كان يستطيع الرؤية على تلك المسافة. كما يبين من الحكم المطعون فيه أنه عول في إدانة الطاعنين على قول الشاهد المذكور أنه أدرك أخاه المجني عليه مصاباً وأفضى إليه بأن الطاعنين أطلقا عليه النار وأشار في اتجاههما وقد هرعا وسط الزراعات المجاورة حتى اختفيا. لما كان ذلك، وكان ما أثاره الدفاع فيما تقدم جوهرياً في الدعوى فإنه كان من المتعين على المحكمة أن تتصدى لهذا الدفاع وتحققه باختيار حالة الشاهد أو بعرضه على المختص فنياً - وهو الطبيب الشرعي - للوقوف على مدى قوة إبصاره ومدى قدرته على تمييز الطاعنين على البعد الذي ذكره في أقواله أو أن تطرحه استناداً إلى أدلة سائغة مقنعة تبرر عدم إجراء ذلك التحقيق، أما وهي لم تفعل وعولت في الوقت ذاته - على شهادة هذا الشاهد في قضائها بالإدانة فإن حكمها يكون معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال مما يوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن مع إلزام المدعي بالحقوق المدنية المصاريف المدنية.

الطعن 2715 لسنة 65 ق جلسة 24 / 9 / 1997 مكتب فني 48 ق 139 ص 906

جلسة 24 من سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان ومحمود دياب وحسين الجيزاوي نواب رئيس المحكمة.

----------------

(139)
الطعن رقم 2715 لسنة 65 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
اختيار المحقق لمكان التحقيق. متروك لتقديره حرصاً على صالح التحقيق وسرعة إنجازه. شرط ذلك؟
خشية المتهم من سلطان وظيفة رجال الشرطة. لا يعد إكراهاً مبطلاً للاعتراف.
(2) قتل عمد. جريمة "العدول عنها".
مجرد إفصاح المتهم الثاني للمتهم الأول عن رغبته في عدم قتل المجني عليه. في الوقت الذي تحفز فيه الأخير لقتله وسرقة أمواله. دون أن يأتي بأفعال إيجابية تكشف عن إرادته في عدم إتمام تنفيذ الجريمة أو يحول بين المتهم الأول وتنفيذه قصده المصمم عليه. لا يعد عدولاً اختيارياً عن ارتكابها.
(3) قتل عمد. سرقة. "سرقة بإكراه". مسئولية جنائية.
عدم تدخل المتهم في الاعتداء على المجني عليه أثناء قيام المتهم الآخر بقتله. لا ينفي مساهمته في جريمة القتل العمد. ما دام ظل باقياً بمكان الحادث بجانب المتهم الآخر حاملاً أداة أعدت لاستعمالها في تلك الجريمة حتى تمامها.
(4) نقض "الطعن للمرة الثانية". محكمة النقض "نظرها الدعوى والحكم فيها".
مثال لحكم صادر بالإدانة من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار.
(5) مسئولية مدنية.
توافر أركان المسئولية المدنية. أثره؟ المادة 163 مدني.

-----------------
1 - من المقرر أن اختيار المحقق لمكان التحقيق متروك لتقديره حرصاً على صالح التحقيق وسرعة إنجازه، ولا ترى المحكمة أن إجراء ذلك التحقيق في قسم الشرطة، كان له أثر على إرادة المتهم حين أدلى باعترافه، ما دام أنه لم يثبت أن سلطان رجال الشرطة قد استطال إليه بالأذى مادياً أو معنوياً، هذا فوق أن خشية المتهم من سلطان وظيفة رجال الشرطة، لا يعد من الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً.
2 - من المقرر أن مجرد إفصاح المتهم الثاني للمتهم الأول عن رغبته في عدم قتل المجني عليه وقت وجودهما داخل شقة المجني عليه، وفي الوقت الذي كان فيه المتهم الأول متحفزاً لارتكاب الفعل الإجرامي، ويتحين الفرصة لتنفيذ الجريمة المتفق عليها فيما بينهما وهي قتل المجني عليه وسرقة أمواله، دون أن يأتي المتهم الثاني من الأفعال الإيجابية ما يكشف عن إرادته في عدم إتمام تنفيذ الجريمة، أو يحول بين المتهم الأول وبين تنفيذ قصده المصمم على قتل المجني عليه لا يعد ذلك منه عدولاً اختيارياً عن المضي في ارتكاب جريمة القتل.
3 - من المقرر أن عدم تدخل المتهم في الاعتداء على المجني عليه أثناء قيام المتهم الأول بتسديد الطعنات بالسكين، لا ينفي مساهمته في ارتكاب جريمة القتل العمد، ما دام أنه قد ظل باقياً على مسرح الحادث بجانب المتهم الأول حاملاً للأداة الأخرى - مفتاح أنبوبة البوتاجاز - التي كانت معدة لاستعمالها في ارتكاب جريمة القتل العمد، وحتى أتم المتهم الأول تنفيذ تلك الجريمة بإحداث إصابات المجني عليه التي أدت إلى قتله.
4 - من حيث إنه عن أوجه الدفوع والدفاع المبداة من المدافع عن المتهم الأول فإن المحكمة لم تعول على ما جاء بمحضر معاينة النيابة العامة للآثار التي وجدت بالشقة محل الحادث أو ما ورد بها بخصوص أوصاف جثة المجني عليه، وتطمئن إلى أن الجثة التي تم تشريحها بمعرفة الطبيب الشرعي هي جثة المجني عليه.... كما تطمئن إلى ما جاء بنتيجة تقرير قسم الأدلة الجنائية من أن البصمات التي عثر عليها بأكواب الشاي المضبوطة هي بصمات لأصابع أيدي المتهمين الأول والثاني، أخذاً بما جاء بالدليلين الفنيين - سالفي البيان - في هذا الخصوص - أما ما يثيره الدفاع من عدم وجود تقرير المعمل الجنائي الخاص ببيان نوع فصيلة الدم التي وجدت بنصل السكين المضبوطة، فإنه يكفي للرد عليه أن المحكمة قد اقتنعت بأن إصابات المجني عليه قد حدثت من مثل السكين المضبوط أخذاً بالأدلة القولية والفنية المستمدة من أقوال الشهود والتقرير الطبي الشرعي التي اطمأنت إليها، وما دام أن المتهم لم يطلب من هذه المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن، ولا ترى هي من جانبها حاجة إليه - وأنه عن قالة الدفاع بشأن التناقض بين الدليلين القولي المستمد من أقوال المتهمين والفني المستمد من التقرير الطبي الشرعي بالنسبة لأطوال نصل السكين، فإن هذا التناقض لا أثر له على عقيدة هذه المحكمة فيما اقتنعت به من أن إصابات المجني عليه التي أدت إلى وفاته قد حدثت من مثل السكين المضبوط - أما عن الدفع المبدى بشأن بطلان اعتراف المتهم الأول المنسوب إليه بتحقيقات النيابة العامة، لأنه كان تحت تأثير إكراه معنوي بسبب إجراء التحقيق معه بمعرفة النيابة العامة بقسم الشرطة، فهو مردود بأن المحكمة تطمئن إلى صحة اعتراف المتهم الأول بتلك التحقيقات وصدقه ومطابقته للحقيقة والواقع. إذ أن المتهم الأول أدلى بأقوال تفصيلية اشتملت على كافة وقائع الدعوى والظروف التي أحاطت بها، مما يفصح عن أن اعترافه قد صدر منه عن طواعية واختيار وإرادة حرة. ولا ترى المحكمة في أوراق الدعوى ما يفيد أن المتهم الأول قد أشار إلى حصول إكراه وقع عليه لإجباره على الإدلاء باعترافه في مرحلة التحقيق السابقة على المحاكمة، ولا يغير من ذلك أن التحقيق معه بمعرفة النيابة العامة قد تم بقسم الشرطة، إذ أن اختيار المحقق لمكان التحقيق متروك لتقديره حرصاً على صالح التحقيق وسرعة إنجازه، ولا ترى المحكمة أن إجراء ذلك التحقيق في قسم الشرطة، كان له أثر على إرادة المتهم حين أدلى باعترافه، ما دام أنه لم يثبت أن سلطان رجال الشرطة قد استطال إليه بالأذى مادياً أو المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً، ومن ثم فإن المحكمة تطرح كافة ما أثاره المتهم الأول من أوجه الدفوع والدفاع - على النحو السالف ذكره - ولا تجد فيها ما ينال من صحة الأدلة القولية والفنية التي اطمأنت إليها وأخذت بها، أو ما يغير من وجه اقتناعها به وخاصة ما شهدت به الشاهدة..... وما قرره الحدث..... في خصوص واقعة الدعوى، وتعرف كل منهما على المتهم الذي تمكن من معرفته أثناء إجراء عملية العرض القانوني التي تمت بواسطة النيابة العامة. أما عما أثاره الدفاع عن المتهم الثاني من دفع بالتناقض بين ما جاء بمعاينة النيابة العامة لجثة المجني عليه وما ورد بالتقرير الطبي الشرعي بشأن أوصاف الجثة، والدفع بتناقض أقوال الشاهدة...... وما قررته بشأن تعرفها على المتهم الثاني، والدفع ببطلان الاعتراف المنسوب إليه لأنه كان وليد إكراه إذ تعرض للتعذيب بقسم الشرطة وأن وكيل النيابة لم يثبت ما به من إصابات، فإن ذلك كله مردود بما سبق الرد عليه بشأن أوجه الدفاع والدفوع المبداة من المتهم الأول - على النحو المار بيانه - وتضيف المحكمة في خصوص دفع المتهم الثاني ببطلان اعترافه أنه لم يفصح عن طريقة التعذيب التي تعرض لها بقسم الشرطة وشخص من قام بذلك والآثار التي نجمت عن التعذيب والتي لم تثبت بتحقيقات النيابة العامة أثناء استجوابه. كما أنه لم يكشف عن ذلك الإكراه الذي وقع عليه والآثار التي نتجت عنه بمرحلة المحاكمة السابقة. مما يتعين معه إطراح ذلك الدفع والالتفات عنه. أما عما يثيره الدفاع عن المتهم الثاني من أنه عدل عن فكرة القتل، فإن ذلك مردود بأن مجرد إفصاح المتهم الثاني للمتهم الأول عن رغبته في عدم قتل المجني عليه وقت وجودهما داخل شقة المجني عليه، وفي الوقت الذي كان فيه المتهم الأول متحفزاً لارتكاب الفعل الإجرامي، ويتحين الفرصة لتنفيذ الجريمة المتفق عليها فيما بينهما وهي قتل المجني عليه وسرقة أمواله، دون أن يأتي المتهم الثاني من الأفعال الإيجابية ما يكشف عن إرادته في عدم إتمام تنفيذ الجريمة، أو يحول دون المتهم الأول وبين تنفيذ قصده المصمم على قتل المجني عليه لا يعد ذلك منه عدولاً اختيارياً عن المضي في ارتكاب جريمة القتل كما أن عدم تدخله في الاعتداء على المجني عليه أثناء قيام المتهم الأول بتسديد الطعنات بالسكين، لا ينفي مساهمته في ارتكاب جريمة القتل العمد، ما دام أنه قد ظل باقياً على مسرح الحادث بجانب المتهم الأول حاملاً للأداة الأخرى - مفتاح أنبوبة البوتاجاز - التي كانت معدة لاستعمالها في ارتكاب جريمة القتل العمد، وحتى أتم المتهم الأول تنفيذ تلك الجريمة بإحداث إصابات المجني عليه التي أدت إلى قتله. ومن ثم فإنه يتعين إطراح كافة أوجه الدفوع والدفاع المبداة من المتهم الثاني للأسباب المار بيانها.
من حيث إنه عن نية القتل، فهي ثابتة في حق المتهمين من اتفاقهما على قتل المجني عليه بغرض سرقة أمواله وتصميمهما على ذلك، ومن ذهابهما إلى شقته بعد أن أيقنا وجوده بها بمفرده، وكان المتهم الأول حاملاً للسكين والمتهم الثاني حاملاً لمفتاح أنبوبة البوتاجاز، وهي الآلات التي أعدت لاستخدامها في تنفيذ جريمتهما المتفق عليها، ومن قيام المتهم الأول بطعن المجني عليه بتلك السكين ثلاث طعنات في ظهره وصدره، بقصد إزهاق روحه، فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية وقد أحدثت إصابة الصدر تمزق بالرئة اليسرى ونزيف غزير بها وصدمة، مما يكشف عن أن المتهم الأول كان يسدد الطعنات لجسد المجني عليه بشدة وعنف بدلالة ما اعترف به في التحقيقات من أنه كان عقب كل طعنه ينتزع السكين من جسد المجني عليه لإخراجها منه، وهو ما يقطع وبيقين بانصراف نيته إلى إزهاق روح المجني عليه، وكان المتهم الثاني موجوداً على مسرح الحادث وقت قيام المتهم الأول بطعن المجني عليه بالسكين، ويحمل معه مفتاح أنبوبة البوتاجاز الذي أعد لاستخدامه في الاعتداء على المجني عليه، فإن المحكمة تستخلص من ذلك كله ومن الظروف والملابسات التي أحاطت بواقعة الدعوى والأدلة القولية والفنية التي ساقتها - على النحو السالف بيانه - ثبوت نية القتل في حق المتهمين الأول والثاني ثبوتاً كافياً. من حيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فهو متوافر في حق المتهمين الأول والثاني من تفكيرهما خلال أيام سابقة على تاريخ الحادث في قتل المجني بغرض سرقة أمواله، وتدبرهما لهذا الأمر في هدوء وروية، ثم اتفاقهما على ذلك الأمر، وقد ظلا يوم الحادث يبحثان عن المجني عليه ويترقبان عودته إلى مسكنه، ولما أيقنا من عودته إليه ووجوده بمفرده في شقته، صعدا إليه وهما يحملان الآلات التي أعدت لتنفيذ جريمة القتل، وقد خبأ المتهم الأول السكين في ملابسه، وخبأ المتهم الثاني مفتاح أنبوبة البوتاجاز في ملابسه، ولما سنحت الفرصة لهما أثناء وجودهما مع المجني عليه بشقته، أسرع المتهم بتسديد الطعنات بالسكين لجسم المجني عليه بقصد إزهاق روحه، وقد تحقق هذا القصد بإحداث إصابات المجني عليه التي أودت بحياته، فإن ظرف سبق الإصرار - بما يعنيه من تدبر وروية وإعمال الفكر في هدوء - يكون ثابتاً في حق المتهمين.
ومن حيث إنه بجلسة..... قررت المحكمة إرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي، وحددت جلسة...... للنطق بالحكم. وقد ورد تقرير فضيلة مفتي الجمهورية المؤرخ...... الذي انتهى فيه إلى أن جزاء المتهمين...... و...... هو الإعدام قصاصاً لقتلهما المجني عليه..... عمداً جزاء وفاقاً، إذ القتل أنفى للقتل.
ومن حيث إن المحكمة وقد اطمأنت إلى سائر الأدلة القولية والفنية التي ساقتها على النحو السالف بيانه. واقتنعت بها وصحت لديها على ثبوت جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار في حق المتهمين، بعد أن وفرت لهما - في إجراءات هذه المحاكمة - في حقهما في الدفاع على النحو الذي يتطلبه القانون، بأن ندبت لكل منهما محام ترافع في الدعوى بعد الاطلاع على أوراقها، وأبدى ما عن له من أوجه الدفوع والدفاع، والتي عرضت لها هذه المحكمة - إيراداً ورداً - على النحو الذي أوردته فيما سلف - ولم تر فيها ما ينال من صحة الأدلة التي اطمأنت إليها وأخذت بها، فإنه ولكل ما تقدم، يكون قد ثبت في يقين المحكمة أن المتهمين: 1 -..... 2 -..... في يوم..... بدائرة قسم...... قتلا ...... عمداً مع سبق الإصرار، بأن عقدا العزم على قتله وصمما على ذلك وأعد لهذا الغرض سكيناً ومفتاح أنبوبة بوتاجاز، وتوجها بمسكنه حين تأكدا من وجوده به بمفرده، والتقيا به ولما فرغا من حديثهما معه وحانت لهما فرصة تنفيذ قصدهما المصمم عليه، عندما توجه المجني عليه لباب الشقة لتوديعهما، طعنه المتهم الأول بالسكين في ظهره وصدره، قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وكان المتهم الثاني موجوداً على مسرح الحادث حاملاً لمفتاح أنبوبة البوتاجاز حتى تمكن المتهم الأول من تسديد الطعنات بجسد المجني عليه بالسكين. ويتعين ذلك وبإجماع الآراء عقابهما عملاً بالمادة 230 من قانون العقوبات، والمادتين 304/ 2، 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية.
ومن حيث إنه عن السكين المضبوطة، فإن المحكمة تقضي بمصادرتها عملاً بنص المادة 30 من قانون العقوبات.
ومن حيث إنه عن المصروفات الجنائية فيلزم بها المحكوم عليهما عملاً بنص المادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية.
5 - لما كانت المادة 163 من القانون المدني قد نصت على أن "كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض" ويبين من هذا النص أن عناصر المسئولية المدنية هي الخطأ والضرر وعلاقة السببية، وكان خطأ المتهمين..... و..... قد تمثل في الفعل العمدي وهو طعن المجني عليه - مورث المدعين بالحقوق المدنية - بالسكين وقد تسبب هذا الخطأ في إلحاق الضرر بالمجني عليه، وهو إصابته بالإصابات التي أدت إلى وفاته، وقد توافرت علاقة السببية بين الخطأ والضرر، إذ أن خطأ المتهمين - سالفي الذكر - السالف بيانه - هو الذي أدى مباشرة إلى وفاة المجني عليه، وهي النتيجة المترتبة على ذلك الفعل. ولما كان ذلك الخطأ قد سبب بدوره للمدعين بالحقوق المدنية ضرراً بوفاة مورثهم، فإنه يتعين إجابة المدعين بالحقوق المدنية إلى طلبهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: قتلا..... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية على قتله وأعدا لذلك جسماً صلباً حاداً "سكين" وترصدا له حتى أيقنا وجوده بمسكنه وما أن ظفرا به حتى انهال عليه الأول طعناً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته. وأحالتهما إلى محكمة جنايات السويس لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت زوجة المجني عليه عن نفسها وبصفتها وصية على ابنتها..... مدنياً قبل المتهمين بإلزامهما بأن يؤديا لها مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت بجلسة..... بإجماع الآراء إرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وحددت جلسة 27/ 12/ 1993 للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالإعدام شنقاً حتى الموت وبإلزامهما متضامنين بأن يؤديا للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت ومصادرة السكين المضبوطة. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدولها برقم... لسنة.. ق) كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة بالرأي. وقضت محكمة النقض أولاً: بعدم قبول الطعن المقدم من المحكوم عليهما شكلاً. ثانياً: بقبول عرض النيابة العامة للقضية شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات السويس لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة قررت بجلسة.... إرسال الأوراق إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي في موضوع الدعوى وحددت جلسة.... للنطق بالحكم.
وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالإعدام شنقاً عما أسند إليهما وبمصادرة السكين المضبوطة وبإلزامهما متضامنين بأن يؤديا للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة بالرأي. وبجلسة..... قضت محكمة النقض أولاً: بعدم قبول الطعن المقدم من المحكوم عليهما شكلاً. ثانياً: قبول عرض النيابة العامة للقضية وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة..... لنظر الموضوع. وبالجلسة المحددة وما تلاها من جلسات سمعت المرافعة على ما هو مبين بالمحضر وبجلسة..... قررت المحكمة إرسال الأوراق إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي في موضوع الدعوى وحددت جلسة..... - اليوم - للنطق بالحكم مع استمرار حبس المتهمين.


المحكمة

من حيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من مطالعة الأوراق وما تم فيها من تحقيقات تتحصل في أن المتهمين.... و..... انتويا قتل المجني عليه..... ليتمكنا من سرقة أمواله التي يحتفظ بها في مسكنه، وقد تدبرا هذا الأمر في هدوء وروية لمدة استغرقت أسبوعين سابقين على تاريخ الحادث، وبعد أن استقر تفكيرهما على قتل المجني عليه وصمما على ذلك بغرض سرقة أمواله، رسما خطة لتنفيذ الفعل الإجرامي تمثلت في تحين الفرصة التي يكون المجني عليه فيها موجوداً بمفرده داخل شقته - حال غياب زوجته التي تدرس بإحدى الكليات الجامعية بمدينة الزقازيق - وأعد لارتكاب جريمة القتل المصمم عليه سكيناً - وهي أداة قاتلة بطبيعتها - ومفتاح أسطوانة بوتاجاز، وأخذا يحومان حول مسكن المجني عليه لمدة يومين متتاليين، وفي صباح يوم الحادث الموافق..... وبعد أن تأكدا من وجود المجني عليه بشقته، صعدا إلى الشقة، وكان المتهم الأول يخفي السكين بجيب بنطاله الخلفي واحتفظ المتهم الثاني بمفتاح أنبوبة البوتاجاز داخل كمر بنطاله، وطرقا باب الشقة ففتح لهما المجني عليه واستقبلهما بالترحاب وأعد لهما مشروب الشاي، وأثناء حديثهما معه اشتكى له المتهم الثاني من ضيق ذات اليد وعجزه عن سداد الرسوم المدرسية ورغبته في العمل بالمخبز الذي يمتلكه المجني عليه، وقد وعده المجني عليه بمساعدته للخروج من ضائقته المالية، وأرسل في طلب شراء السجائر لتقديمها إليهما، ولما هما بالانصراف تقدمهما المجني عليه لفتح باب الشقة، وعندئذ عاجله المتهم الأول بطعنة من السكين التي كان يحملها في ظهره من الناحية اليمنى من أعلى، فحاول المجني عليه الهروب للاستغاثة بالجيران فلاحقه المتهم الأول ومنعه من فتح باب المسكن وأمسكه بيده اليسرى من أسفل ذقنه وعاجله بطعنة أخرى في صدره من الناحية اليسرى، ولما حاول المجني عليه التوجه إلى ناحية شرفة المسكن للاستغاثة بالجيران دفعه المتهم الأول من الخلف فسقط على الأرض في الصالة وعندما حاول النهوض والإمساك بالمتهم الأول طعنه الأخير طعنة ثالثة في ظهره بجانب الطعن الأولى، ولما حاول المجني عليه الاستغاثة بجيرانه لنجدته فزع المتهمان وألقى المتهم الأول بالسكين وهربا من مكان الحادث، وأخذاً يتنقلان من بلدة لأخرى حتى تمكن رجال الشرطة من القبض عليهما بتاريخ ..... بجهة قرية ...... عند عودتهما لمدينة.....، وقد أورد تقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجني عليه أن إصاباته بالصدر والظهر حيوية حديثة ذات طبيعة طعنية وقطعية وتحدث من الضرب والطعن بجسم صلب ذو حافة كسكين ومطواة، وهي جائزة الحدوث من مثل السكين المضبوطة، وأن وفاته إصابية نشأت عن الإصابة الطعنية المشاهدة بأعلا يسار الصدر وما أحدثته من تمزق بالرئة اليسرى وما أحدثه من نزيف غزير وصدمة. ومن حيث إن الواقعة على الصورة السالف بيانها قد توافرت الأدلة على ثبوتها في حق المتهمين من أقوال الشهود النقيب ..... والنقيب.... و..... وما قرره الحدث..... بالتحقيقات، ومن اعتراف المتهمين بتحقيقات النيابة العامة وما جاء بتقرير الصفة التشريحية ومن تقرير قسم الأدلة الجنائية بمديرية أمن..... فقد شهد النقيب ...... رئيس وحدة مباحث قسم شرطة..... بأن تحرياته السرية التي قام بها مع فريق البحث واشترك فيها الشاهد الثاني قد أكدت أن المتهمين هما مرتكبي حادث قتل المجني عليه....، فاستصدر إذناً من النيابة العامة لضبطهما، وقد تم ضبطهما بواسطة إحدى الكمائن التي أعدت لذلك، وبمواجهتهما بما أسفرت عنه التحريات أقرا بارتكابهما واقعة قتل المجني عليه بقصد سرقة أمواله، بأن اتفقا على ذلك، وتوجها سوياً لمسكن المجني عليه لتنفيذ اتفاقهما، وقد استضافهما الأخير، وحين أرادا الانصراف توجه المجني عليه إلى باب الشقة لتوديعهما، وفي ذلك الوقت قام المتهم الأول بإخراج سكين من ملابسه وطعن بها المجني عليه في ظهره ثم أمسك برقبته من الخلف بذراعه اليسرى وطعنه طعنة أخرى في صدره، وعندما تمكن المجني عليه من الإفلات منه واتجه إلى شرفة المسكن للاستغاثة بجيرانه لاحقه ذلك المتهم وسدد إليه طعنة ثالثة في ظهره، وأسرع المتهمان بالهرب خشية القبض عليهما دون أن يتمكنا من سرقة مال المجني عليه.
وشهد النقيب..... ضابط مباحث قسم شرطة...... بمضمون ما شهد به الشاهد الأول وشهدت..... بأنها في صباح يوم الحادث كانت تقوم بتنظيف مدخل مسكنها وسمعت صوت استغاثة صادراً من المجني عليه طالباً النجدة من جاره.... وينادي على الحدث.... لغلق باب المسكن الخارجي، ثم شاهدت شخصين يخرجان مسرعين من ذلك الباب إلى الطريق، كما شاهدت المجني عليه وقد تمكن من النزول إلى الطريق وسقط على الأرض وهو ينزف دماً، وأضافت أنها استطاعت تحديد أوصاف هذين الشخصين. كما أنها تعرفت على المتهم الثاني.... حال إجراء عملية العرض القانوني بواسطة النيابة العامة. وقرر..... بالتحقيقات بأنه في يوم الحادث نادى عليه المجني عليه وطلب منه شراء علبة سجائر فاشتراها له وصعد إلى شقته وأعطاها له، وبعد فترة من الوقت سمع المجني عليه يطلب منه إغلاق الباب الخارجي فأسرع إلى ذلك الباب وحينئذ شاهد شخصين يهرولان وقد دفعه أحدهما فأسقطه على الأرض وفرا هاربين ولم يستطع اللحاق بهما، وعند عودته وجد المجني عليه ملقى على الأرض والدماء تنزف من صدره، وأنه استطاع تحديد أوصاف هذين الشخصين، وقد تعرف على المتهمين عند عرضهما عليه عرضاً قانونياً بمعرفة النيابة العامة.
وقد اعترف المتهم الأول.... بالتحقيقات بأن المتهم الثاني..... وهو زميل له في الدراسة، أخبره بأن المجني عليه زوج ابنة خالته، وأنه يحتفظ بأموال كثيرة في مسكنه، وأنه سوف يحاول اصطناع نسخة من مفتاح شقة المجني عليه لكي يسرقا تلك الأموال، إلا أن المتهم الثاني لم يفلح في اختلاس مفتاح الشقة من زوجة المجني عليه، وأفضى إليه بذلك منذ أسبوعين سابقين على تاريخ الحادث، فاتفقا سوياً على الذهاب إلى شقة المجني عليه أثناء وجوده بها لقتله وسرقة نقوده، وفي اليوم السابق على يوم الحادث أرادا تنفيذ خطتهما، إلا أنهما لم يجدا المجني عليه بشقته، فعقدا العزم على تنفيذ تلك الخطة في اليوم التالي، واتفقا على تجهيز سكين ومفتاح أنبوبة بوتاجاز وحقيبة جلد خالية لوضع ما قد يسرقاه بها بعد أن يقتلا المجني عليه، وتقابلا في يوم الحادث، وكان هو حاملاً للسكين، وكان المتهم الثاني يحمل مفتاح الأنبوبة بين طيات ملابسه، وتوجها لمسكن المجني عليه وطرقا باب شقته فلم يجدا بها أحد، وأخذا يبحثان عن المجني عليه حتى وجداه بحظيرة الماشية المملوكة له، فانتظرا حتى تأكدا من مغادرته للحظيرة وصعوده إلى شقته، وبعد فترة قصيرة من الوقت صعدا إليه وطرقا باب الشقة ففتح لهما المجني عليه، وأثناء جلوسهما معه، تحدث المتهم الثاني عن ظروفه المالية المتعثرة وعدم إمكانه دفع مصروفات المدرسة، وأفصح للمجني عليه عن رغبته في العمل لديه بالمخبز الخاص به، فرحب المجني عليه بذلك، وقدم لهما مشروب الشاي ولفافات التبغ، وبعد ذلك أعلنا للمجني عليه عن رغبتهما في الانصراف، فسبقهما إلى باب الشقة لتوديعهما، فأسرع هو بإخراج السكين التي كان يحملها معه بجيب بنطاله الخلفي وطعن بها المجني عليه في ظهره من الناحية اليمنى من أعلى، وحاول المجني عليه الخروج من باب الشقة لكي يستنجد بجيرانه فأسرع خلفه لمنعه من فتح ذلك الباب، وأمسك به بيده اليسرى من أسفل ذقنه ورفع رقبته لأعلى وطعنه بذات السكين في صدره من الناحية اليسرى، فحاول المجني عليه الوصول لشرفة الشقة لطلب النجدة، فجرى إليه لمنعه من ذلك ودفعه فسقط على الأرض، ثم قام وأراد الإمساك به فطعنه بالسكين طعنه ثالثة في ظهره بجانب الطعن الأولى، وأمسك به من ذراعه الأيمن لمنعه من الوصول إلى الشرفة حتى مزق فانلته إلا أن المجني عليه جرى إلى تلك الشرفة وأخذ يصيح لطلب النجدة، فألقى هو بالسكين في صالة الشقة وفر والمتهم الثاني إلى خارج المسكن، وتمكنا من الهروب خارج المسكن، وتمكنا من الهروب خارج مدينة..... وقد تم ضبطهما عند عودتهما إليها، وأضاف بأنه والمتهم الثاني كانا قد اتفقا على قتل المجني عليه بغرض سرقة أمواله، وأنه كان يقصد من ضرب المجني عليه بالسكين إزهاق روحه وكان عقب كل طعنه في جسد المجني عليه، يجذب السكين لإخراجها من جسده، واستطرد بأنه والمتهم الثاني لم يتمكنا من سرقة أموال المجني عليه. وقد اعترف المتهم الثاني.... أنه منذ مدة سابقة على تاريخ الحادث، أخذ والمتهم الأول يفكران في كيفية سرقة أموال المجني عليه، وهو زوج لإحدى قريباته، إلى أن هداهما تفكيرهما إلى قتل المجني عليه لتنفيذ ذلك الغرض، واتفقا على ذلك، وفي يوم الحادث حضر إليه المتهم الأول ومعه حقيبة جلدية بها سكين ومفتاح أنبوبة بوتاجاز لتنفيذ ما اتفقا عليه، وتوجها إلى مسكن المجني عليه، ولما لم يجداه به انتظرا قدومه، وتوجها مرة أخرى لمسكنه فلم يجداه، فذهبا إلى بيت آخر للمجني عليه فوجداه به فانتظرا حتى يصعد إلى شقته وحرصا آنذاك على أن لا يراهما، ولما تأكدا من وجوده بشقته صعدا إليه. وقبل أن يلتقيا به، أخرج هو المفتاح - المار ذكره - ووضعه في كمر بنطاله، وأخذ المتهم الأول السكين ووضعها في جيب بنطاله الخلفي. ولما طرقا باب الشقة فتح لهما المملوك له، فرحب بهما وأدخلهما الشقة وأعد لهما مشروب الشاي، وأرسل في طلب شراء لفافات التبغ وقدمها لهما، وفي ذلك الوقت وأثناء غياب المجني عليه داخل الشقة بعيداً عنهما لانشغاله بتقديم واجب الضيافة لهما، أفضى هو إلى المتهم الأول برغبته في عدم قتل المجني عليه، إلا أن المتهم الأول لم يستجب لذلك، وأفصح عن قصده في تنفيذ القتل، وعندما طلبا من المجني عليه الإذن بالانصراف، توجه المجني عليه لفتح باب الشقة، وسار المتهم الأول خلفه وأخرج السكين من جيبه وطعن بها المجني عليه في ظهره، ولم يحرك هو ساكناً في ذلك الوقت، ولما حاول المجني عليه فتح باب الشقة أمسك به المتهم الأول من رقبته وطعنه بتلك السكين مرة أخرى في صدره من الناحية اليسرى، ثم حاول المجني عليه الدخول لشرفة الشقة فأمسك به المتهم الأول من ملابسه حتى مزق فانلته، ولكن المجني عليه تمكن من الوصول إلى تلك الشرفة، فأسرع هو بالهروب من باب الشقة وخلفه المتهم الأول وتمكنا من الهرب إلى خارج مدينة.....، وقد تم ضبطهما بواسطة رجال الشرطة عند عودتهما إلى تلك المدينة.
وقد ثبت من تقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجني عليه، أنه وجدت بجثته إصابات حيوية حديثة عبارة عن جروح حادة الحواف بأعلا يسار مقدم الصدر وأعلا يمين الصدر ومنتصف يمين الظهر، وأن تلك الإصابات بالصدر والظهر حيوية حديثة ذات طبيعة طعنية وقطعية وتحدث من الضرب والطعن بجسم صلب ذو حافة حادة كسكين أو مطواة وهي جائزة الحدوث من مثل السكين المضبوطة ومن مثل التصوير والتاريخ الوارد بالأوراق، وأن وفاة المجني عليه إصابية نشأت عن الإصابة الطعنية المشاهدة بأعلا يسار الصدر وما أحدثته من تمزق بالرئة اليسرى وما أحدثته من نزيف غزير وصدمة. وجاء بتقرير قسم الأدلة الجنائية أن البصمات المرفوعة من على أكواب الشاي المضبوطة بمسكن المجني عليه وجدت مطابقة لبصمات المتهمين. ومن حيث إن المتهمين حضرا بجلسة المحاكمة أمام هذه المحكمة، وقد ندبت المحكمة لكل منهما محام للدفاع عنه، وحضرت المدعية بالحقوق المدنية ومعها محاميها، وصممت على طلباتها في الدعوى المدنية، وشرح الدفاع عن المتهم الأول ظروف الدعوى، وتناول دفاعه أوجه الطعن على ما جاء بمعاينة النيابة العامة بشأن وصف جثة المجني عليه والآثار التي وجدت بالشقة محل الحادث، وما ورد بتقرير المعمل الجنائي بشأن البصمات التي وجدت على أكواب الشاي، وعاب على تحقيقات النيابة العامة القصور في إحضار تقرير المعمل الجنائي بخصوص نوع فصيلة الدم التي وجدت بنصل السكين، والبصمات التي كانت بمقبضها، وأن التناقض في خصوص أطوال نصل السكين من شأنه أن يقيم التعارض بين أقوال المتهمين والدليل الفني، وشكك في أقوال الشاهدة.... والحدث..... ودفع بأن اعتراف المتهمين كانت تحت تأثير ضغط معنوي لإجراء التحقيق معهما بمعرفة النيابة العامة بقسم الشرطة. والدفاع عن المتهم الثاني دفع بالتناقض بين ما جاء بمعاينة النيابة العامة لجثة المجني عليه وما ورد بالتقرير الطبي الشرعي بشأن أوصافها، وشكك في أقوال الشاهدة..... وما قررته بشأن تعرفها على المتهم الثاني، ودفع ببطلان الاعتراف المنسوب إليه لأنه كان وليد إكراه، إذ تعرض للتعذيب داخل قسم الشرطة، ولم يثبت وكيل النيابة ما به من إصابات، وأن المتهم الثاني قد عدل عن فكرة القتل.
ومن حيث إنه عن أوجه الدفوع والدفاع المبداة من المدافع عن المتهم الأول فإن المحكمة لم تعول على ما جاء بمحضر معاينة النيابة العامة للآثار التي وجدت بالشقة محل الحادث أو ما ورد بها بخصوص أوصاف جثة المجني عليه، وتطمئن إلى أن الجثة التي تم تشريحها بمعرفة الطبيب الشرعي هي جثة المجني عليه.... كما تطمئن إلى ما جاء بنتيجة تقرير قسم الأدلة الجنائية من أن البصمات التي عثر عليها بأكواب الشاي المضبوطة هي بصمات لأصابع أيدي المتهمين الأول والثاني، أخذاً بما جاء بالدليلين الفنيين - سالفي البيان - في هذا الخصوص - أما ما يثيره الدفاع من عدم وجود تقرير المعمل الجنائي الخاص ببيان نوع فصيلة الدم التي وجدت بنصل السكين المضبوطة. فإنه يكفي للرد عليه أن المحكمة قد اقتنعت بأن إصابات المجني عليه قد حدثت من مثل السكين المضبوط، أخذاً بالأدلة القولية والفنية المستمدة من أقوال الشهود والتقرير الطبي الشرعي التي اطمأنت إليها، وما دام أن المتهم لم يطلب من هذه المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن، ولا ترى هي من جانبها حاجة إليه - وأنه عن قالة الدفاع بشأن التناقض بين الدليلين القولي المستمد من أقوال المتهمين والفني المستمد من التقرير الطبي الشرعي بالنسبة لأطوال نصل السكين، فإن هذا التناقض لا أثر له على عقيدة هذه المحكمة فيما اقتنعت به من أن إصابات المجني عليه أدت إلى وفاته قد حدثت من مثل السكين المضبوط - أما عن الدفع المبدى بشأن بطلان اعتراف المتهم الأول المنسوب إليه بتحقيقات النيابة العامة، لأنه كان تحت تأثير إكراه معنوي بسبب إجراء التحقيق معه بمعرفة النيابة العامة بقسم الشرطة، فهو مردود بأن المحكمة تطمئن إلى صحة اعتراف المتهم الأول بتلك التحقيقات وصدقه ومطابقته للحقيقة والواقع. إذ أن المتهم الأول أدلى بأقوال تفصيلية اشتملت على كافة وقائع الدعوى والظروف التي أحاطت بها، مما يفصح عن أن اعترافه قد صدر منه عن طواعية واختيار وإرادة حرة. ولا ترى المحكمة في أوراق الدعوى ما يفيد أن المتهم الأول قد أشار إلى حصول إكراه وقع عليه لإجباره على الإدلاء باعترافه في مرحلة التحقيق السابقة على المحاكمة، ولا يغير من ذلك أن التحقيق معه بمعرفة النيابة العامة قد تم بقسم الشرطة، إذ أن اختيار المحقق لمكان التحقيق متروك لتقديره حرصاً على صالح التحقيق وسرعة إنجازه، ولا ترى المحكمة أن إجراء ذلك التحقيق في قسم الشرطة، كان له أثر على إرادة المتهم حين أدلى باعترافه، ما دام أنه لم يثبت أن سلطان رجال الشرطة قد استطال إليه بالأذى مادياً أو معنوياً، هذا فوق أن خشية المتهم من سلطان وظيفة رجال الشرطة، لا يعد من الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً، ومن ثم فإن المحكمة تطرح كافة ما أثاره المتهم الأول من أوجه الدفوع والدفاع - على النحو السالف ذكره - ولا تجد فيها ما ينال من صحة الأدلة القولية والفنية التي اطمأنت إليها وأخذت بها، أو ما يغير من وجه اقتناعها به وخاصة ما شهدت به الشاهدة.... وما قرره الحدث.... في خصوص واقعة الدعوى، وتعرف كل منهما على المتهم الذي تمكن من معرفته أثناء إجراء عملية العرض القانوني التي تمت بواسطة النيابة العامة. أما عما أثاره الدفاع عن المتهم الثاني من دفع بالتناقض بين ما جاء بمعاينة النيابة العامة لجثة المجني عليه وما ورد بالتقرير الطبي الشرعي بشأن أوصاف الجثة، والدفع بتناقض أقوال الشاهدة..... وما قررته بشأن تعرفها على المتهم الثاني، والدفع ببطلان الاعتراف المنسوب إليه لأنه كان وليد إكراه إذ تعرض للتعذيب بقسم الشرطة وأن وكيل النيابة لم يثبت ما به من إصابات، فإن ذلك كله مردود بما سبق الرد عليه بشأن أوجه الدفاع خصوص دفع المتهم الثاني ببطلان اعترافه أنه لم يفصح عن طريقة التعذيب التي تعرض لها بقسم الشرطة وشخص من قام بذلك والآثار التي نجمت عن التعذيب والتي لم تثبت بتحقيقات النيابة العامة أثناء استجوابه. كما أنه لم يكشف عن ذلك الإكراه الذي وقع عليه والآثار التي نتجت عنه بمرحلة المحاكمة السابقة. مما يتعين معه إطراح ذلك الدفع والالتفات عنه. أما عما يثيره الدفاع عن المتهم الثاني من أنه عدل عن فكرة القتل، فإن ذلك مردود بأن مجرد إفصاح المتهم الثاني للمتهم الأول عن رغبته في عدم قتل المجني عليه وقت وجودهما داخل شقة المجني عليه، وفي الوقت الذي كان فيه المتهم الأول متحفزاً لارتكاب الفعل الإجرامي، ويتحين الفرصة لتنفيذ الجريمة المتفق عليها فيما بينهما وهي قتل المجني عليه وسرقة أمواله، دون أن يأتي المتهم الثاني من الأفعال الإيجابية ما يكشف عن إرادته في عدم إتمام تنفيذ الجريمة، أو يحول بين المتهم الأول وبين تنفيذ قصده المصمم على قتل المجني عليه لا يعد ذلك منه عدولاً اختيارياً عن المضي في ارتكاب جريمة القتل كما أن عدم تدخله في الاعتداء على المجني عليه أثناء قيام المتهم الأول بتسديد الطعنات بالسكين، لا ينفي مساهمته في ارتكاب جريمة القتل العمد، ما دام أنه قد ظل باقياً على مسرح الحادث بجانب المتهم الأول حاملاً للأداة الأخرى - مفتاح أنبوبة البوتاجاز - التي كانت معدة لاستعمالها في ارتكاب جريمة القتل العمد، وحتى أتم المتهم الأول تنفيذ تلك الجريمة بإحداث إصابات المجني عليه التي أدت إلى قتله. ومن ثم فإنه يتعين إطراح كافة أوجه الدفوع والدفاع المبداة من المتهم الثاني للأسباب المار بيانها.
من حيث إنه عن نية القتل، فهي ثابتة في حق المتهمين من اتفاقهما على قتل المجني عليه بغرض سرقة أمواله وتصميمهما على ذلك، ومن ذهابهما إلى شقته بعد أن أيقنا وجوده بها بمفرده، وكان المتهم الأول حاملاً للسكين والمتهم الثاني حاملاً لمفتاح أنبوبة البوتاجاز، وهي الآلات التي أعدت لاستخدامها في تنفيذ جريمتهما المتفق عليها، ومن قيام المتهم الأول بطعن المجني عليه بتلك السكين ثلاث طعنات في ظهره وصدره، بقصد إزهاق روحه، فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية وقد أحدثت إصابة الصدر تمزق بالرئة اليسرى ونزيف غزير بها وصدمة، مما يكشف عن أن المتهم الأول كان يسدد الطعنات لجسد المجني عليه بشدة وعنف بدلالة ما اعترف به في التحقيقات من أنه كان عقب كل طعنة ينتزع السكين جسد المجني عليه لإخراجها منه، وهو ما يقطع وبيقين بانصراف نيته إلى إزهاق روح المجني عليه، وكان المتهم الثاني موجوداً على مسرح الحادث وقت قيام المتهم الأول بطعن المجني عليه بالسكين، ويحمل معه مفتاح أنبوبة البوتاجاز الذي أعد لاستخدامه في الاعتداء على المجني عليه، فإن المحكمة تستخلص من ذلك كله ومن الظروف والملابسات التي أحاطت بواقعة الدعوى والأدلة القولية والفنية التي ساقتها - على النحو السالف بيانه - ثبوت نية القتل في حق المتهمين الأول والثاني ثبوتاً كافياً. ومن حيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فهو متوافر في حق المتهمين الأول والثاني من تفكيرهما خلال أيام سابقة على تاريخ الحادث في قتل المجني بغرض سرقة أمواله، وتدبرهما لهذا الأمر في هدوء وروية، ثم اتفاقهما على ذلك الأمر، وقد ظلا يوم الحادث يبحثان عن المجني عليه ويترقبان عودته إلى مسكنه، ولما أيقنا من عودته إليه ووجوده بمفرده في شقته، صعدا إليه وهما يحملان الآلات التي أعدت لتنفيذ جريمة القتل، وقد خبأ المتهم الأول السكين في ملابسه، وخبأ المتهم الثاني مفتاح أنبوبة البوتاجاز في ملابسه، ولما سنحت الفرصة لهما أثناء وجودهما مع المجني عليه بشقته، أسرع المتهم بتسديد الطعنات بالسكين لجسم المجني عليه بقصد إزهاق روحه، وقد تحقق هذا القصد بإحداث إصابات المجني عليه التي أودت بحياته، فإن ظرف سبق الإصرار - بما يعنيه من تدبر وروية وإعمال الفكر في هدوء - يكون ثابتاً في حق المتهمين.
ومن حيث إنه بجلسة..... قررت المحكمة إرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي، وحددت جلسة.... للنطق بالحكم. وقد ورد تقرير فضيلة مفتي الجمهورية المؤرخ..... الذي انتهى فيه إلى أن جزاء المتهمين..... و...... هو الإعدام قصاصاً لقتلهما المجني عليه ..... عمداً جزاء وفاقاً، إذ القتل أنفى للقتل.
ومن حيث إن المحكمة وقد اطمأنت إلى سائر الأدلة القولية والفنية التي ساقتها - على النحو السالف بيانه - واقتنعت بها وصحت لديها على ثبوت جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار في حق المتهمين، بعد أن وفرت لهما - في إجراءات هذه المحاكمة - حقهما في الدفاع على النحو الذي يتطلبه القانون، بأن ندبت لكل منهما محام ترافع في الدعوى بعد الاطلاع على أوراقها، وأبدى ما عن له من أوجه الدفوع والدفاع، والتي عرضت لها هذه المحكمة - إيراداً ورداً - على النحو الذي أوردته فيما سلف - ولم تر فيها ما ينال من صحة الأدلة التي اطمأنت إليها وأخذت بها، فإنه ولكل ما تقدم، يكون قد ثبت في يقين المحكمة أن المتهمين: 1 -...... 2 -...... في يوم..... بدائرة قسم..... قتلا..... عمداً مع سبق الإصرار، بأن عقدا العزم على قتله وصمما على ذلك وأعد لهذا الغرض سكيناً ومفتاح أنبوبة بوتاجاز، وتوجها بمسكنه حين تأكدا من وجوده به بمفرده، والتقيا به ولما فرغا من حديثهما معه وحانت لهما فرصة تنفيذ قصدهما المصمم عليه، عندما توجه المجني عليه لباب الشقة لتوديعهما، طعنه المتهم الأول بالسكين في ظهره وصدره، قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وكان المتهم الثاني موجوداً على مسرح الحادث حاملاً لمفتاح أنبوبة البوتاجاز حتى تمكن المتهم الأول من تسديد الطعنات بجسد المجني عليه بالسكين. ويتعين لذلك وبإجماع الآراء عقابهما عملاً بالمادة 230 من قانون العقوبات، والمادتين 304/ 2، 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية.
ومن حيث إنه عن السكين المضبوطة، فإن المحكمة تقضي بمصادرتها عملاً بنص المادة 30 من قانون العقوبات.
ومن حيث إنه عن المصروفات الجنائية فيلزم بها المحكوم عليهما عملاً بنص المادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية.
ومن حيث إنه عن الدعوى المدنية المقامة من..... - زوجة المجني عليه - عن نفسها وبصفتها وصية على ابنتها.... قاصرة المجني عليه.....، بموجب قرار الوصاية - المرفق بالأوراق - ومن والدة المجني عليه -...... وشقيقه........ - بموجب الإعلام الشرعي - المرفق بأوراق الدعوى - بطلب إلزام المتهمين متضامنين بأن يؤديا إليهم مبلغ واحد وخمسون جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
ومن حيث إن المدعية بالحقوق المدنية.... عن نفسها وبصفتها سالفة الذكر، قد حضرت بجلسة المحاكمة أمام هذه المحكمة وحضر معها الأستاذ/..... المحامي. والذي سبق حضوره بجلسات المحاكمة السابقة عن باقي المدعين بالحقوق المدنية - والدة المجني عليه وشقيقه - سالفي الذكر - بموجب توكيل خاص مودع.
ومن حيث إنه لما كانت المادة 163 من القانون المدني قد نصت على أن "كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض" ويبين من هذا النص أن عناصر المسئولية المدنية هي الخطأ والضرر وعلاقة السببية، وكان خطأ المتهمين..... و..... قد تمثل في الفعل العمدي وهو طعن المجني عليه - مورث المدعين بالحقوق المدنية - بالسكين وقد تسبب هذا الخطأ في إلحاق الضرر بالمجني عليه، وهو إصابته بالإصابات التي أدت إلى وفاته، وقد توافرت علاقة السببية بين الخطأ والضرر، إذ أن خطأ المتهمين - سالفي الذكر - السالف بيانه - هو الذي أدى مباشرة إلى وفاة المجني عليه، وهي النتيجة المترتبة على ذلك الفعل. ولما كان ذلك الخطأ قد سبب بدوره للمدعين بالحقوق المدنية ضرراً بوفاة مورثهم، فإنه يتعين إجابة المدعين بالحقوق المدنية إلى طلبهم بإلزام المتهمين.... و..... - متضامنين - بأن يؤديا إليهم مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المدني المؤقت، عملاً بالمادتين 163، 169 من التقنين المدني.
ومن حيث إنه عن مصاريف الدعوى المدنية شاملة مقابل أتعاب المحاماة، فإن المحكمة تلزم بها المتهمين عملاً بنص المادة 320 من قانون الإجراءات الجنائية.