جلسة 24 من يناير سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ مرزوق فكري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح محمد أحمد نائب رئيس المحكمة، حسين محمد حسن عقر، فتحي محمود يوسف وسعيد الغرياني.
----------------
(53)
الطعن رقم 96 لسنة 56 القضائية "أحوال شخصية"
(1) حكم "إصدار الحكم". بطلان "بطلان الأحكام".
توقيع أحد القضاة الذين أصدروا الحكم على مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه. تخلفه عن حضور جلسة النطق بالحكم بسبب مانع قهري وحلول غيره محله وقت النطق به. وجوب إثبات ذلك في الحكم وإلا كان باطلاً. المواد 167، 170، 178 مرافعات.
(2) أحوال شخصية "طلاق" "التطليق للضرر". محكمة الموضوع.
التطليق للضرر. شرطه. المقصود بالضرر إيذاء الزوج لزوجته بالقول أو الفعل إيذاء لا يليق بمثلها ولا ترى الصبر عليه. معيار الضرر شخصي. استقلال محكمة الموضوع بتقدير عناصره.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 1330 لسنة 1984 "أحوال شخصية نفس" أمام محكمة المنصورة الابتدائية ضد الطاعن طالبة الحكم بتطليقها منه طلقة بائنة للضرر. وقالت شرحاً لها أنها زوجته بصحيح العقد الشرعي وعاشرها معاشرة الأزواج ولا زالت على عصمته وفي طاعته وإذ هجرها منذ أكثر من خمس سنوات بغير مبرر شرعي بما تتضرر منه إذ أنها شابه وتغشى على نفسها الفتنة. فقد أقامت دعواها. وبتاريخ 26/ 1/ 1985 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق. وبعد سماع شاهدي كل من طرفي الدعوى حكمت حضورياً بتاريخ 16/ 11/ 1985 بتطليق المطعون عليها على الطاعن طلقة بائنة استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 71 لسنة 85 ق المنصورة. وبتاريخ 6/ 4/ 1986 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن بطريق النقض في هذا الحكم. وأبدت النيابة الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان وتقول في بيان ذلك أن الثابت من محاضر جلسات محكمة أول درجة أن الدعوى نظرت بجلسة 19/ 10/ 1985 بهيئة كان الأستاذ......... عضو اليمين بها وهي التي سمعت المرافعة وقررت حجز الدعوى للحكم إلا أن الثابت من ديباجة الحكم الابتدائي أن عضو اليمين لم يكن ضمن الهيئة التي أصدرته بل استبدل به قاضي آخر هو الأستاذ...... ولم يبين في خاتمته أن الأستاذ...... الذي سمع المرافعة قد حضر المداولة ووقع على مسودة الحكم. مما يجعل هذا الحكم معيباً بالبطلان الذي يمتد بدوره إلى الحكم المطعون فيه الذي - أيده - وهو بطلان يتعلق بالنظام مما يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن هذا النعي مردود. ذلك أنه يبين من أصل الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه صدر بالعبارة الآتية "محكمة المنصورة الابتدائية دائرة الأحوال الشخصية للولاية على النفس المشكلة برياسة الأستاذ..... رئيس المحكمة وعضوية الأستاذين ...... رئيس المحكمة و...... القاضي ثم ختم الحكم بعد منطوقه بالعبارة الآتية "صدر هذا الحكم بمعرفة الهيئة وهي برئاسة السيد الأستاذ...... رئيس المحكمة وعضوية الأستاذين..... رئيس المحكمة و...... القاضي وتلي علناً بمعرفة الهيئة المبينة بصدوره بجلسة 6/ 11/ 1985" ولما كانت المادة 167 من قانون المرافعات تنص على أنه "لا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلاً" والمادة 170 منه على أنه "يجب أن يحضر القضاة الذين اشتركوا في المداولة تلاوة الحكم فإذا حصل لأحدهم مانع وجب أن يوقع على مسودة الحكم" والمادة 178 تنص على أنه "يجب أن يبين في الحكم المحكمة التي أصدرته وتاريخ إصداره ومكانه. وأسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في الحكم وحضروا تلاوته. وعدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم يترتب عليه بطلان الحكم" وكان مفاده ذلك كله - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا تخلف أحد القضاة الذين أصدروا الحكم عن حضور جلسة النطق به بسبب مانع قهري وقع على مسودة المشتملة على منطوقه وأسبابه وحل غيره محله وقت النطق بالحكم وجب إثبات ذلك في الحكم وإلا لحقه البطلان. لما كان ذلك وكان الثابت أن الحكم بين في خاتمته الهيئة التي أصدرته وهي الهيئة التي سمعت المرافعة حسبما هو مبين من محضر جلسة 9/ 10/ 1985 واشتركت في المداولة - وأن الهيئة المبينة بديباجة الحكم هي التي حضرت تلاوته وحل فيها الأستاذ........ محل الأستاذ........ وهو ما يفيد أن عضو اليمين الأستاذ........ قد اشترك في المداولة ووقع على مسودة الحكم ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان على غير أساس.
وحيث إن النعي بالأسباب الثاني والثالث والرابع حاصله أن الحكم المطعون فيه شابه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه بنى قضاءه بالتطليق على سند من اطمئنانه لأقوال شاهدي المطعون عليها من رؤيتهما الاعتداء الواقع عليها من الطاعن الذي ضربها ومزق ثيابها ودفعها على الأرض فأصابها في ساقيها "واستشف الحكم من أوراق الدعوى عدم الوفاق بين الزوجين من تردد الخصومات القضائية بينهما والتي أجريت النيابة بشأنها التحقيقات المؤرخة 20/ 10/ 1984 في حين أن الثابت أن المطعون عليها استندت في دعواها إلى عنصر محدد وهو الهجر غير أن الحكم أغفل التحدث عن هذا العنصر وعمد إلى إضافة وقائع جديدة لم تتمسك بها المطعون عليها ومنها ما لا يندرج ضمن الأسباب الموجبة للتطليق الأمر الذي يفتقده معه التطابق بين الدعوى وأدلتها وبينها وبين الحكم الصادر فيها وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود. ذلك أن النص في المادة السادسة من المرسوم بقانون 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية على أنه "إذا ادعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالها يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق وحينئذ يطلقها القاضي طلقة بائنة إذا ثبت الضرر وعجز عن الإصلاح بينهما........." يدل على أن الشارع أوجب كي يحكم القاضي بالتطليق أن يكون الضرر أو الأذى واقعاً من الزوج دون الزوجة وأن تصبح العشرة بين الزوجين مستحيلة بين أمثالهما ويقصد بالضرر في هذا المجال إيذاء الزوج زوجته بالقول أو بالفعل إيذاء لا يليق بمثلها بحيث تعتبر معاملة الزوج لزوجته في العرف معاملة شاذة ضارة تشكو منها المرأة ولا ترى الصبر عليها، ومعيار الضرر الذي لا يستطاع معه دوام العشرة ويجيز التطليق - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو معيار شخصي لا مادي يختلف باختلاف البيئة والثقافة ومكانة المضرور في المجتمع. ولما كان الثابت في صحيفة الدعوى الابتدائية أن المطعون عليها وإن ساقت فيها سوء المعاملة التي تلقاها من الطاعن وضربت على ذلك أمثلة منها الهجر إلا أنها في طلباتها اقتصرت على الحكم بتطليقها بائناً للضرر وسوء العشرة عملاً بالمادة السادسة من المرسوم بق 25 لسنة 1929 مما مفاده أنها جعلت من الإضرار سبباً للتفريق بينهما. ومن ثم فلا تثريب على محكمة الموضوع إن هي ضربت صفحاً عن المثل الذي أوردته المطعون عليها طالما وجدت من أوراق الدعوى وعناصرها ما يتحقق بها المضارة وفق حكم المادة التي أقيمت الدعوى بالاستناد إليها. لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع تستقل بتقدير عناصر الضرر دون رقابة عليها من محكمة النقض ما دامت استدلت على ذلك بأدلة سائغة وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الخصوص قوله ".... وحيث إن هذه المحكمة تساير محكمة أول درجة في اطمئنانها لأقوال شاهدي المستأنف ضدها والتي مفادها أن المستأنف اعتدى على المستأنف ضدها بالضرب ومزق ملابسها ودفعها دفعة قوية على الأرض فأصيبت في رجلها وأنه طردها من منزل الزوجية منذ سنة 1978 وهي صغيرة في السن ومن عائلة كبيرة. وحيث إن الثابت من الصورة الرسمية للتحقيقات التي أجرتها النيابة العامة بتاريخ 20/ 10/ 1984 أن المستأنف قرر في هذه التحقيقات أنه انفصل عن زوجته المستأنف ضدها في أواخر سنة 1975 ولم يعاشرها منذ ذلك الوقت وأنها حملت سفاحاً وأنجبت طفلة قيدتها في مكتب سجل مدني السنبلاوين وأن هذه الطفلة ليست ابنته لأنه منفصل عن زوجته المستأنف عليها من أواخر ديسمبر سنة 1975 الأمر الذي ترى معه المحكمة توافر وقوع والضرر والأذى من جانب الزوج المستأنف في حق زوجته المستأنف ضدها مما تصبح معه العشرة مستحيلة بينهما..." وكان هذا الذي أورده الحكم استخلاصاً موضوعياً سائغاً. وله أصله الثابت بالأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإن ما يثيره الطاعن بأسباب النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا تقبل إثارته أمام هذه المحكمة. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق