بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 31-10-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 3 لسنة2023 الهيئة العامة لمحكمة التمييز
طاعن:
ا. م. ب.
مطعون ضده:
ف. ل. ا. ش.
س. آ. ر. ت.
ج. ل.
ط. ف. م. ف.
ا. أ. ج.
س. آ. ر. ت.
ج. ل.
ط. ف. م. ف.
ا. أ. ج.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالطعن رقم 2023/402 طعن عقاري
بتاريخ 21-08-2023
بتاريخ 21-08-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق بالملف الالكتروني للطعن وسماع التقرير الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر/ محمود عبد الحميد طنطاوي، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده الأول (جسون لامبي) أقام الدعوى رقم (687) لسنة 2019 عقاري كلي أمام محكمة دبي الابتدائية بتاريخ 31 أكتوبر 2019 بطلب الحكم بفسخ العقد المبرم بينه وبين الطاعن (اميلكار ماردولكار باروس) وإلزام الأخير بالتضامن مع المطعون ضدهما الثاني (طبيش فاروق محمد فاروق) والثالثة (فينتيج للوساطة العقارية ش.ذ.م.م.) بأداء مبلغ (2،319،000) درهم والفائدة بواقع 12% من تاريخ المطالبة القضائية حتي تمام السداد، على سند من إنه بموجب عقد بيع مسجل مؤرخ في 8 ديسمبر 2018 اشترى المدعي من المدعى عليه الاول الوحدة العقارية موضوع الدعوى بثمن إجمالي قدره (2،500،000) درهم، سدد منها المدعي مبلغ (2،319،000) درهم للمدعى عليه الثاني الذي وقع باستلامه وذلك بموجب وكالة مصدق عليها بالشارقة صادرة له من المدعى عليه الأول، كما تحرر شيكان من المدعى عليها الثالثة بالمبلغ، إلا أنه لم يتم نقل الملكية للمدعي من المدعى عليه الأول في الميعاد المتفق عليه رغم إنذاره، مما سبب ضراراً بالمدعي، ولذا فهو يقيم الدعوى. والمدعى عليه الثاني قدم مذكرة دفع فيها بعدم قبول الدعوى قبله لرفعها على غير ذي صفة تأسيساً على أنه كان مديرًا للمدعى عليها للثالثة وتم عزله من الإدارة بتاريخ 4 مارس 2019 وفق ملحق تعديل عقد الشركة.
ومحكمة أول درجة قضت بتاريخ 26 أغسطس 2020 حضوريًا للمدعى عليه الثاني وبمثابة الحضوري للمدعى عليهما الأول والثالثة: - أولاً: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الثاني. ثانياً: بفسخ عقد بيع الوحدة موضوع الدعوى وبإلزام المدعى عليهما الأول والثالثة بالتضامم بأن يؤديا إلى المدعي مبلغ مقداره (2،319،000) درهم والفوائد بواقع 9% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 31/10/2019 وحتى تمام السداد.
استأنف المدعى عليه الأول (اميلكار ماردولكار باروس) هذا الحكم بالاستئناف رقم (684) لسنة 2022 استئناف عقاري بتاريخ 7 يوليو 2022، ثم قدم المستأنف لائحة إدخال كل من المطعون ضدهما الرابعة (الكسندرا أشلي جونز) والخامسة (سترويري آبي روز تو) وريثتي المستأنف ضده الأول (جسون لامبي) وذلك بموجب صحيفة مقدمة الكترونيًا بتاريخ 25 نوفمبر 2022، وبعد ورود رأي النيابة العامة في الدعوى قضت محكمة الاستئناف بتاريخ 13 إبريل 2023 بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بانعدام الخصومة في الاستئناف، وذلك تأسيساً على أن المستأنف قد اختصم في استئنافه المستأنف ضده الأول (المدعي) الذي توفي بتاريخ 9 يونيو 2022 أي قبل إيداع صحيفة الاستئناف، وبالتالي فإن الخصومة في الاستئناف تكون منعدمة ولا يترتب على تصريح المحكمة بتصحيح شكل الاستئناف أو حضور ممثل عن الورثة (المستأنف ضدهم) أي أثر حتى ولو كان المستأنف يجهل وفاة المستأنف ضده الأول.
طعن المدعى عليه الأول في هذا الحكم بالتمييز بموجب الطعن رقم (402) لسنة 2023 طعن عقاري وذلك بصحيفة مقدمة الكترونيًا بتاريخ 12 مايو 2023، وقدمت المطعون ضدها الرابعة بصفتها الوصية على تركة المطعون ضده الأول مذكرة بالرد طلبت في ختامها رفض الطعن.
وحيث إن الدائرة المعروض عليها الطعن قررت بجلستها المعقودة بتاريخ 21 أغسطس 2023 إحالة الطعن للهيئة العامة لمحكمة التمييز عملًا بالفقرة (2) من البند (أ) من المادة (20) من القانون رقم (13) لسنة 2016 بشأن السلطة القضائية في إمارة دبي وذلك للنظر في العدول عن المبدأ الذي أقرته أحكام سابقة صادرة من محكمة التمييز بشأن انعدام الخصومة في جميع الأحوال بوفاة الخصم قبل قيامها.
وإذ أعيد قيد الطعن بالرقم الحالي أمام الهيئة العامة للمحكمة ونظرته بجلسة 24 أكتوبر 2023 قررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم.
وحيث إنه قد صدرت أحكام سابقة من محكمة التمييز مؤداها (إن الخصومة لا تنعقد إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة وإلا كانت معدومة ولا ترتب أثراً ولا يصححها أي إجراء لاحق، إذ لا يترتب على إيداع صحيفتها أي أثر ولو كان المدعي يجهل وفاة خصمه، إذ كان يتعين عليه مراقبة ما يطرأ على خصومه من وفاة أو تغيير في الصفة قبل اختصامهم، وأن تصحيح شكل الدعوى باختصام الورثة فيها من بعد رفعها عديم الأثر لوروده على غير محل وليس من شأنه تصحيح الخصومة المعدومة).
وحيث إن الهيئة العامة تقرر أنه ولئن كان الأصل في الخصومة إنها لا تقوم ابتداءً إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة وقت رفعها وإلا كانت معدومة، إلا أنه لما كانت الدعوى إنما وجدت لتسير حتى تصل غايتها بالفصل فيها، وكانت الغاية من الإجراءات هي وضعها في خدمة الحق فلو انتفت تلك الغاية انتفت العلة من الإجراء، ذلك أن شكل الإجراء لم يعد مطلوباً لذاته كما كان عليه الحال في القوانين القديمة مثل القانون الروماني بل لما يحققه من ضمانات للخصوم، فإن زال الغرض منه لا يكون هناك محل للتمسك به، وهو ما سارت عليه التشريعات المعاصرة، ومنها ما نص عليه المشرع الإماراتي في المادة (13) من قانون الإجراءات المدنية الصادر بالمرسوم بقانون اتحادي رقم (42) لسنة 2022 من أته (1- يكون الإجراء باطلًا إذا نصّ القانون صراحةً على بطلانه أو إذا شابه عيب أو نقص جوهري لم تتحقق بسببه الغاية من الإجراء. 2- في جميع الأحوال لا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء). ولما كان المقرر وفقاً لنص المادة (47) من قانون الإجراءات المدنية سالف الذكر إن الدعوى تعتبر مرفوعة أمام المحكمة ومقيدة ومنتجة لآثارها من تاريخ تقديم صحيفتها مستوفية للبيانات اللازمة والمنصوص عليها في المادة (42) من القانون شريطة سداد الرسم خلال الأجل المحدد، وكذلك الحال في رفع الاستئناف وفقاً لنص المادة (164) من ذلك القانون والتماس إعادة النظر وفقاً لنص المادة (173) من القانون والطعن بالتمييز وفقاً لنص المادة (179) منه. إذ كان ذلك، وكانت العلة من تقرير انعدام الخصومة التي ترفع على شخص توفى قبل رفع الدعوى أو الطعن هي وجوب مراعاة مبدأ المواجهة بين الخصوم وصيانة حقوق الدفاع لكل منهم بما يضمن تحقيق العدالة فيما بينهم وهي الهدف الأسمى الذي تسعى إليه كافة القوانين الإجرائية والموضوعية على حد سواء، وأن المتوفي سيُحرم حتمًا من تقديم دفاعه بما يعرض حقوق ورثته لخطر الضياع. ولما كان المعلول يدور مع علنه وجودًا وعدمًا، وكانت هذه العلة تنتفي في حالة اختصام الورثة بعد رفع الدعوى أو الطعن وقبل صدور الحكم المنهي للخصومة فيه وتمكنهم من إبداء ما لديهم من دفاع. وإذ كان وفاة أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أو فقده أهلية التقاضي أو زوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه من النائبين وإن كان يترتب عليه انقطاع سير الخصومة فيها بقوة القانون إلا أنها تعاود سيرها بالإعلان بالتكليف بالحضور لمن يقوم مقام من توفى أو فقد أهلية التقاضي أو زالت صفته أو بحضوره الجلسة التي كانت محددة وذلك عملاً بنص المادتين (105) و(106) من قانون الإجراءات المدنية، فإنه يتعين تطبيق ذات الحكم في حالة اختصام من يقوم مقام من توفى قبل رفع الدعوى أو الطعن أو فقد أهلية التقاضي أو زالت صفته وذلك لذات العلة. ولما تقدم، فإنه يلزم القول بأن اختصام ورثة من توفى قبل رفع الدعوى أو الطعن بإجراءات صحيحة لاحقة في ذات درجة التقاضي ولو كان التصحيح بعد فوات مواعيد الطعن من شأنه زوال العيب الذي شاب إجراءات الخصومة عند قيامها، ولا يكون هناك محل بعد ذلك للقضاء بانعدام الخصومة لهذا السبب، ومن ثم، فإن الهيئة العامة للمحكمة تقرر وبالأغلبية المنصوص عليها في البند (ب) من المادة (20) من القانون رقم (13) لسنة 2016 بشأن السلطة القضائية في إمارة دبي العدول عن المبدأ السابق المخالف لما انتهت إليه.
ولما كانت ولاية الفصل في الطعن قد أنيطت بالهيئة العامة لمحكمة التمييز فإنها تفصل فيه وفقًا لما قررته من مبادئ على نحو ما سلف بيانه.
وحيث إن الطعن الماثل قد أقيم قبل المطعون ضده الأول ووريثتيه المطعون ضدهما الرابعة والخامسة، فإنه يتعين القضاء بعدم قبول الطعن قبل المطعون ضده الأول لوفاته قبل رفع الطعن.
وحيث إن الطعن فيما عدا ذلك قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعي الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون و الخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال، إذ أن مؤدى قضائه بقبول الاستئناف شكلاً رغم قيده بعد الميعاد إنه قد قضى ضمنًا ببطلان الإعلان بصحيفة افتتاح الدعوى وبالحكم الصادر فيها من محكمة أول درجة وبأن الميعاد مازال مفتوحًا لبطلان إعلان الصحيفة، وهو ما لا تكون معه الخصومة قد انعقدت بين طرفيها أمام محكمة البداية مما يترتب عليه بطلان الحكم الابتدائي وانعدامه، بما كان يوجب على محكمة الاستئناف أن تقف عند حد تقرير هذا البطلان وأن تعيد الدعوى إلى محكمة أول درجة دون أن تتصدى للفصل في موضوع الخصومة حتى لا يُحرم من تقرر البطلان لصالحه من نظر الدعوى على درجتين، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غبر محله، ذلك أنه من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة إن إجراءات إعلان الحكم مستقلة عن إجراءات إعلان صحيفة الدعوى التي صدر فيها هذا الحكم، وما قد يلحق إجراءات إعلان أحدهما من عيب يكون بمنأى عن إجراءات إعلان الآخر. كما أن النص في المادة (168) من قانون الإجراءات المدنية الصادر بالمرسوم بقانون اتحادي رقم (42) لسنة 2022 الذي يسري العمل به اعتبارًا من 2 يناير 2023 على أنه (إذا حكمت المحكمة الابتدائية في الموضوع ورأت محكمة الاستئناف أن هناك بطلانًا في الحكم أو بطلانًا في الإجراءات أثر في الحكم تقضي بإلغائه وتحكم في الدعوى أما إذا حكمت المحكمة الابتدائية بعدم الاختصاص أو بقبول دفع فرعي ترتب عليه منع السير في الدعوى وحكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم وباختصاص المحكمة أو برفض الدفع الفرعي وبنظر الدعوى وجب عليها أن تعيد القضية للمحكمة الابتدائية للحكم في موضوعها.) مفاده وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة إنه إذ حكمت محكمة أول درجة في موضوع الدعوى وتبين لمحكمة الاستئناف بطلان الإعلان بصحيفة افتتاح الدعوى أمام المحكمة الابتدائية تعين عليها أن تقضي بالبطلان وتتصدى للفصل في النزاع ولا تعيد الدعوى لمحكمة أول درجة، ولا يعد ذلك تفويتًا لدرجة من درجات التقاضي على الخصوم، ذلك أن محكمة أول درجة بقضائها في موضوع الدعوى تكون قد استنفدت ولايتها. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بقبول الاستئناف شكلاً، بما لازمه عدم إعلان المستأنف بالحكم المستأنف إعلانًا قانونيًا صحيحًا يتبعه فوات مواعيد الاستئناف، فإنه يتعين على محكمة الاستئناف أن تفصل في موضوع الاستئناف تبعًا لذلك ولو تبين لها بطلان الإعلان بصحيفة الدعوى ولا تعيدها لمحكمة أول درجة التي استنفدت ولايتها بالفصل في موضوع النزاع، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بما ورد بذلك السبب يكون قائماً على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما ينعي به الطاعن بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون و الخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، إذ تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف ببطلان حكم محكمة أول درجة لبطلان إعلانه بلائحة افتتاح الدعوى وعدم انعقاد الخصومة فيها، فضلاً عن بطلان إعلان الحكم الصادر في الدعوى وبطلان الإعلان بالتكليف بالوفاء والسند التنفيذي، ذلك أنه لا توجد اي علاقة بين الطاعن والمطعون ضده الأول ولم يتم التعامل بين الطرفين بشكل مباشر بل كان التعامل كما زعم الأخير بلائحة دعواه عن طريق المطعون ضده الثاني بموجب وكالة، وعليه فقد عمل المطعون ضده الأول على تضليل المحكمة بغية عدم وصول علم الطاعن بالدعوى الماثلة، فتعمد كتابة عنوان وهمي بالدولة في لائحة دعواه وبريد الكتروني غير عائد للطاعن، ذلك أن البريد الالكتروني الصحيح هو amilcar@hotmail.com إلا أنه تم تكليف الطاعن بالوفاء بتاريخ 31 يناير 2020 عن طريق إعلانه بلائحة افتتاح الدعوى بطريق النشر بذريعة إنه مجهول الإقامة، وكانت نتيجة التبليغ خالية من أي بيانات تفيد وصول علم الطاعن بهذا الإعلان، وذلك على الرغم من كتابة عنوان به هاتف وبريد الكتروني في لائحة الدعوى، كما تم إعلان الطاعن بالحكم المستأنف بالنشر مباشرةً في جريدة داخل الدولة بتاريخ 5 أكتوبر 2020 دون أن يسبقه أي إجراء أو تحري من جهة واحدة على الاقل من الجهات ذات العلاقة، وتم إعلان الطاعن أيضاً بالسند التنفيذي على العنوان المسجل باللائحة بتاريخ 26 يناير 2021 وتبين وجود شخص آخر في العقار وأن الطاعن ترك العنوان، فتم إعلانه بتاريخ 11 فبراير 2021 على بريد الكتروني غير صحيح ثم الإعلان مباشرةً بطريق النشر بتاريخ 17 فبراير 2021 في جريدة الفجر التي تصدر باللغة العربية وهي غير اللغة التي يتحدث بها الطاعن ودون أن يسبقه التحري والاستعلام عن عنوانه، مما تكون معه جميع الإعلانات قد وقعت باطلة عملاً بنص المادة (9) من قانون الإجراءات المدنية، هذا إلى أن عقد البيع محل الدعوى باطل لأنه تم عن طريق المطعون ضده الثاني بتوكيل لا يجيز له البيع أو التصرف في العقارات نيابةً عن الطاعن، وقد خلت الأوراق من ثمة دليل يقيني يوكد بيع العقار محل الدعوى للمطعون ضده الأول وسداد الثمن، ذلك أن عقد البيع المقدم من الأخير لا يحمل اي بيانات واضحة، فقد جاء خالياً من بيانات الأطراف (البائع والمشتري) كما خلا من بيانات العقار المبيع ووصفه أو الثمن، فضلًا عن أن توقيع البائع المذيل بالعقد لا يعرف صاحبه وقيام صفته في التوقيع نيابةً عن الطاعن (البائع) أم لا، ومن ثم فإنه لا يعتد به، كما خلت الأوراق مما يفيد سداد المطعون ضده الأول الثمن وقدره (2،319،000) درهم للمطعون ضدهما الثاني والثالثة، فلا يوجد في الأوراق سوى شيكين أحدهما بمبلغ (681،000) درهم والآخر بمبلغ (1،635،000) درهم منسوب صدورهما من قبل المطعون ضدها الثالثة دون اي دليل أو سند يشير إلى أن هذين الشيكين هما ثمن بيع العقار، كما أنه وعلى الفرض الجدلي بصحة البيع فلا يعرف أين ذهب ثمن المبيع، فبحسب أقوال المطعون ضده الأول أنه سلم المبلغ للمطعون ضده الثاني ولكن المتيقن أنه لم يحوله أو يسلمه للطاعن الذي كان في ذلك الوقت خارج الدولة ولم يكن يعلم شيئاً عن موضوع الدعوى أو عملية البيع، وهو ما تنتفي معه مسؤوليته لعدم وجود وكالة منه للمطعون ضدهما الثاني والثالثة تبيح لهما البيع باسم الطاعن، إذ خلا التوكيل من ثمة بيانات تفيد صدوره من الأخير، وعلى فرض صحة هذا التوكيل فإن البين منه أن المطعون ضده الثاني قد تجاوز حدود وكالته، ذلك أن الوكالة خاصة فقط بإنابته في الإدارة والإشراف على أي رخصة تجارية أو غير تجارية، ومن الواضح أن هذا التوكيل بخصوص الرخصة التي كان الطاعن يديرها ويملك فيها أسهمًا وهي شركة (سوديسو ليمتد)، إلا أن المطعون ضده الثاني استغل التوكيل وقام بإبرام عقد البيع محل الدعوى بدون علم وموافقة الطاعن متجاوزًا حدود وكالته، الأمر الذي يكون معه ذلك العقد باطلاً ولا يسأل عنه الطاعن، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر والتفت عن دفاع الطاعن سالف الذكر فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه من المقرر أن القواعد المنظمة لقيام الخصومة أمام القضاء أو انعدامها هي من إجراءات التقاضي المتعلقة بالنظام العام، وأن مفاد نص المادة (180) من قانون الإجراءات المدنية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه يجوز لمحكمة التمييز من تلقاء نفسها أن تثير في الطعن الأسباب المتعقلة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم. وكان من المقرر وعلى ما انتهت إليه الهيئة العامة لهذه المحكمة إ نه ولئن كان الأصل في الخصومة أنها لا تقوم ابتداءً إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة وقت رفعها وإلا كانت معدومة، إلا أن اختصام ورثة من توفى قبل رفع الدعوى أو الطعن بإجراءات صحيحة لاحقة في ذات درجة التقاضي ولو كان التصحيح بعد فوات مواعيد الطعن من شأنه زوال العيب الذي شاب إجراءات الخصومة عند قيامها، ولا يكون هناك محل بعد ذلك للقضاء بانعدام الخصومة لهذا السبب. وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك النظر وانتهى في قضائه إلى انعدام الخصومة في الاستئناف لوفاة المستأنف ضده الأول (المطعون ضده الأول) قبل رفع الاستئناف، رغم تصحيح شكل الاستئناف باختصام وريثتيه (المطعون ضدهما الرابعة والخامسة) ومثولهما في الاستئناف، مما حجبه عن تحقيق دفاع الطاعن السالف ذكره بأسباب الطعن، فإن الحكم يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه، على أن يكون مع النقض الإحالة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة منعقدة بالهيئة العامة بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد، وبإلزام المطعون ضدهم عدا الأول المصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق