جلسة 18 من نوفمبر سنة 2020
برئاسة السيد القاضي/ محمد أبو الليل "نائب رئيس المحكمة"،
وعضوية السادة القضاة/ أمين محمد طموم، حمادة عبد الحفيظ إبراهيم، سامح سمير عامر
"نواب رئيس المحكمة"، ومحمد أحمد إسماعيل.
-------------
(116)
الطعن 19607 لسنة 89 ق
(1) محاكم اقتصادية "الاختصاص القيمي:
الطعن بالنقض على أحكام الدائرة الاستئنافية بهيئة استئنافية".
الدعاوى الاقتصادية المستأنفة أمام المحكمة الاقتصادية بهيئة
استئنافية. عدم جواز الطعن عليها بالنقض. م 11 ق 120 لسنة 2008. الاستثناء. صدور
الحكم فيها على خلاف حكم سابق صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي. م 249
مرافعات . فصل الحكم السابق في مسألة أساسية أو كلية شاملة بحكم حاز قوة الأمر
المقضي، أثره. امتناع تنازع الخصوم فيها بشأن أي حق أخر مترتب على ثبوتها أو
انتفائها ولو اختلفت الطلبات.
(2) حكم "حجية الأحكام".
قوة الأمر المقضي. تعلو اعتبارات النظام العام. علة ذلك. منع تناقض
الأحكام. وجوب تصدى المحكمة لدرئه. كيفيته. التزام كافة المحاكم بألا تعارض حكما
صار باتا.
(3) حكم "حجية الأحكام: أثر الحجية".
القضاء بثبوت أو انتفاء حق جزئي مترتب على ثبوت أو انتفاء مسألة كلية
شاملة. اكتساب هذا القضاء قوة الأمر المقضي في تلك المسألة مانع لذات الخصوم من
التنازع فيها بشأن حق جزئي أخر مترتب على ثبوتها أو انتفائها. اعتبار الموضوع
متحدة إذا كان الحكم الصادر في الدعوى التالية مناقضة للحكم السابق بإقرار حق أنكره
أو إنكار حق أقره.
(4 ، 5) محاكم اقتصادية "الاختصاص القيمي:
الطعن بالنقض على أحكام الدائرة الاستئنافية بهيئة استئنافية".
(4) سبق القضاء برفض طلبات الدعوى الراهنة في حكم بات سابق انتهى إلى صدور
حكم إيقاع البيع من قاضي مختص وفقا للقانون. أثره. عدم جواز معاودة النزاع بشأن
ذات المسألة.
مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاؤه ببطلان حكم إيقاع البيع
استنادا إلى توقيع مسودته ونسخته الأصلية من قاضي فرد. مناقض لقضاء حاز قوة الأمر
المقضي. خطأ في تطبيق القانون.
(5) خلو نصوص قانون المحاكم الاقتصادية من تنظيم الطعن في الأحكام
الانتهائية الصادرة من تلك المحاكم خلافا لحكم سابق حاز قوة الأمر المقضي. مقتضاه.
إعمال قانون المرافعات. م 4 إصدار في المحاكم الاقتصادية . فصل الحكم المطعون فيه
في النزاع على خلاف حكم سابق. أثره. جواز الطعن فيه بطريق النقض. م 249 مرافعات.
(6) حكم "حجية الأحكام: ما يحوز الحجية:
أجزاء الحكم التي تحوز الحجية".
أسباب الحكم المرتبطة بالمنطوق. اكتسابها قوة الأمر المقضي. مثال.
--------------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أنه ولئن كان مؤدي النص في المادة
11 من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية أن الأحكام الصادرة من
المحاكم الاقتصادية القابلة للطعن بالنقض هي التي تصدر ابتداء من الدوائر
الاستئنافية أما الدعاوى التي تنظر أمام المحكمة الاقتصادية بهيئة ابتدائية ويكون
الفصل في الطعن عليها أمام المحكمة - بهيئة استئنافية – فلا يجوز الطعن عليها
بطريق النقض – دون الإخلال بحكم المادة 250 من قانون المرافعات المدنية والتجارية
إلا أن المادة 249 من القانون الأخير نصت على أن للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة
النقض في أي حكم انتهائي - أيا كانت المحكمة التي أصدرته - فصل في نزاع خلاف لحكم
آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي، ومفاد ذلك – وعلى ما جرى
به قضاء النقض - أنه إذا كان الحكم السابق قد فصل في مسألة أساسية أو كلية شاملة
وحاز هذا القضاء قوة الأمر المقضي. فإن ذلك يمنع الخصوم من التنازع في شأن أي حق
متوقف ثبوته أو انتفاؤه على ثبوت تلك المسألة أو انتفائها، ويتوافر التناقض إذا ما
فصل الحكم الثاني في نفس المسألة خلافا للحكم أو لمقتضاه، حتى ولو كانت الطلبات في
الدعويين مختلفة طالما أن المسالة الأساسية فيها واحدة.
2 - اعتبر المشرع أن تناقض الأحكام هو الخطر
الأكبر الذي يعصف بالعدالة ويمحق الثقة العامة في القضاء، فأوجب على المحاكم كلما
بدا لها احتمال تناقض بين الأحكام أن تدرأه بما يسره القانون فأجاز في المادة 249
مرافعات الطعن بالنقض في أحكام لا يجوز الطعن عليها لغير هذا السبب - فصل الحكم في
نزاع خلافا لحكم سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي - وذلك دفعة
للخطر الأكبر وهو تعارض الأحكام المؤدي إلى استحالة تنفيذها الذي يعصف بالثقة
العامة في القضاء - فبات على المحاكم، وفي مقدمتها محكمة النقض، عند الفصل في
الطعن المطروح عليها ألا تعارض حكما قد صار باتا قبل صدور حكمها حتى ولو لم يكن
كذلك وقت رفع الطعن.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن
المسألة الواحدة إذا كانت أساسية وكان ثبوتها أو عدم ثبوتها هو الذي ترتب عليه
القضاء بثبوت الحق المطالب به في الدعوى أو بانتفائه فإن هذا القضاء يحوز قوة
الشيء المحكوم فيه في تلك المسألة الأساسية بين الخصوم أنفسهم ويمنعهم من التنازع
بطريق الدعوى أو الدفع في شأن حق جزئي أخر يتوقف ثبوته أو انتفاؤه على ثبوت تلك
المسألة الكلية السابق الفصل فيها بين هؤلاء الخصوم أنفسهم أو على انتفائها وبعد
الموضوع متحدا إذا كان الحكم الصادر في الدعوى الثانية مناقضة للحكم السابق وذلك
بإقراره حقا أنكره هذا الحكم أو بإنكاره حق أقره فيناقض الحكم الثاني الحكم الأول.
4 - إذ كان البين من الأوراق أن الحكم الصادر
في الدعوى رقم ... لسنة 2016 تنفيذ الإسكندرية الاقتصادية - الدائرة الابتدائية -
أن المطعون ضده الأول بصفته أقام تلك الدعوى على الطاعنة بذات الطلبات في الدعوى
الراهنة وقد انتهى هذا الحكم إلى رفضها على ما أورده في أسبابه المرتبطة بالمنطوق
بأن حكم إيقاع البيع الصادر من قاضي التنفيذ رئيس الدائرة الابتدائية قد صدر من
قاضي مختص وفقا للقانون ولأن القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ وفقا لقانون
المحاكم الاقتصادية يختص بها رئيس الدائرة الابتدائية بصفته قاضية للتنفيذ ومن تلك
الإجراءات التنفيذ على العقار حيث تتم تحت إشراف قاضي التنفيذ وهو من يصدر الحكم
بإيقاع البيع وقد تأيد هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 8 ق الإسكندرية
الاقتصادية. ولما كانت هذه الطلبات هي ذات الطلبات التي ادعى بها المطعون ضده
الأول على الشركة الطاعنة في الدعوى الراهنة، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى له
بطلباته خلافا للحكم السابق الصادر بين ذات الخصوم والذي حاز قوة الأمر المقضي في
الدعوى ... لسنة 2016 سالفة البيان وأقام قضاءه على أن حكم إيقاع البيع موضوع
التداعي موقع مسودته ونسخته الأصلية من قاضي فرد دون باقي أعضاء الدائرة
الابتدائية وهي (قاضي التنفيذ) بالمخالفة للقانون ويكون باطلا بطلانه متعلقة
بالنظام العام، فيكون بهذا قضاء الحكم المطعون فيه قد ناقض قضاء سابقة حاز قوة الأمر
المقضي في مسألة استقرت الحقيقة بشأنها بالفصل فيها في منطوق الحكم السابق وفي
أسبابه المرتبطة ارتباطا وثيقا بالمنطوق، وقد أصبح هذا الحكم نهائية، فإن الحكم
المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفصل في النزاع على خلاف الحكم سالف
البيان الذي حاز قوة الأمر المقضي.
5 - إذ كانت المادة 249 (مرافعات) - والتي
يتعين الرجوع إليها وتطبيقها إزاء خلو نصوص قانون المحاكم الاقتصادية من تنظيم
الطعن في الأحكام الانتهائية الصادرة من تلك المحاكم خلافا لحكم سابق حاز قوة
الأمر المقضي وطواعية لنص المادة الرابعة من مواد إصدار القانون الأخير - تجيز
للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في أي حكم انتهائي أيا كانت المحكمة التي
أصدرته فصل في نزاع خلافا لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر
المقضي، وقد جاء النص عامة مطلقا بشأن كل حكم انتهائي صدر على خلاف حكم سابق صدر
بين الخصوم أنفسهم حاز قوة الأمر المقضي أيا كانت المحكمة التي صدر منها الحكم
المطعون فيه، فيشمل النص الأحكام الصادرة من المحاكم الاقتصادية، ويصح الطعن
بالنقض في الأحكام الصادرة من الدائرة الاستئنافية للمحكمة الاقتصادية بصفة
انتهاءيه وفقا للمادة المشار إليها حين يكون قضاء الحكم المطعون فيه قد ناقض قضاء
سابقا حاز قوة الأمر المقضي في مسألة استقرت الحقيقة بشأنها بالفصل فيها في منطوق
الحكم السابق وفي أسبابه المرتبطة ارتباطا وثيقا بالمنطوق، وقد أصبح هذا الحكم
نهائية، وإذ فصل الحكم المطعون فيه في النزاع على خلاف حكم سابق - على نحو ما سلف
- ومن ثم يكون الطعن فيه بطريق النقض جائزا عملا بالمادة 249 مرافعات.
6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه متى
حاز الحكم قوة الأمر المقضي، فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة
إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها بأي دعوى أخرى يثار فيها هذا النزاع، وأنه
يجوز التمسك بحجية الحكم السابق أمام محكمة النقض سواء دفع بهذا لدى محكمة الموضوع
أو لم يدفع، سواء كانت عناصره الواقعية تحت نظر تلك المحكمة أم لم تكن مطروحة
عليها، وعلة ذلك احترام حجية الحكم السابق صدوره في نفس الدعوى، إذ هي أجدر
بالاحترام، وحتى لا يترتب على إهدارها تأييد المنازعات، وعدم استقرار الحقوق
لأصحابها. وإذ كان ذلك، ولكن كانت قوة الأمر المقضي لا تثبت إلا لما ورد به
المنطوق، دون الأسباب. إلا أنه إذا كانت الأسباب قد تضمنت الفصل في بعض أوجه
النزاع التي أقيم عليها المنطوق، فإن ما جاء بالأسباب يعد قضاء مرتبطة بالمنطوق
ومكملا له، ويكتسب ما له من قوة الأمر المقضي، وكان الثابت على نحو ما سلف بيانه
أنه حكم برفض الدعوى رقم 29 لسنة 2016 تنفيذ اقتصادي الإسكندرية وحاز هذا القضاء
قوة الأمر المقضي فإنه لا يجوز للمطعون ضده الأول رفع الدعوى الراهنة بذات الطلبات
وعن ذات الموضوع والسبب، وهو ما كان يوجب على المحكمة أن تحكم بعدم جواز نظر
الدعوى لسابقة الفصل فيها، إلا أن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وأجاب
المطعون ضده الأول إلى طلباته فإنه يكون أخطأ.
------------
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن المطعون ضده الأول بصفته أقام على الشركة الطاعنة والمطعون ضدهما
الثاني والأخير الدعوى رقم ... لسنة 2017 تنفيذ الإسكندرية الاقتصادية - الدائرة الابتدائية
- بطلب الحكم ببطلان إجراءات التنفيذ على عقار الشركة المطعون ضدها الأولى والتي
تمت بالدعوى رقم ... لسنة 2013 تنفيذ بيوع اقتصادي الإسكندرية وبطلان ما ترتب على
هذه الإجراءات من آثار وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التنفيذ وبرد وتسليم
المجمع الصناعي محل التنفيذ إليه على سند أنه بتاريخ 18/4/2016 أصدرت محكمة الإسكندرية الاقتصادية حكمة بإيقاع بيع العقار المذكور
على الشركة الطاعنة (مباشر الإجراءات) نفاذا للحكم الصادر في الدعوى رقم ... السنة
2010 اقتصادي الإسكندرية واستئنافه ... لسنة 3 ق اقتصادي الإسكندرية، ولما كانت
إجراءات التنفيذ التي اتخذتها الطاعنة بدء من إيداع قائمة شروط البيع الذي شمل بيع
أرض العقار المملوكة للدولة والتي لا يجوز بيعها أو التنفيذ عليها وحتى صدور حكم
إيقاعه باطلة بطلانا مطلقا متعلق بالنظام العام فقد أقام الدعوى، أدخلت الطاعنة
المطعون ضده الثالث بصفته خصما في الدعوى وقدمت طلبا عارضا بطلب الحكم بصحة
إجراءات التنفيذ على العقار موضوع التداعي وأحقيتها في إتمام إجراءات التسجيل
بتاريخ 27/12/2018 حكمت المحكمة في مادة تنفيذ موضوعية برفض الدعوى الأصلية وعدم
قبول الدعوى الفرعية. استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم لدى محكمة استئناف
الإسكندرية الاقتصادية بالاستئناف رقم .... لسنة 11 تنفيذ اقتصادي وبتاريخ 11/ 6/ 2016 قضت في مادة تنفيذ موضوعية بإلغاء الحكم المستأنف وبطلان حكم إيقاع
البيع الصادر في الدعوى رقم ... لسنة 2013 بيوع الإسكندرية الاقتصادية بجلسة
18/4/2016 مع ما يترتب على ذلك من آثار تالية لصدوره وأخصها إعادة الحال إلى ما
كان عليه قبل صدور الحكم وتسليم العقار محل التنفيذ للمطعون ضده الأول بصفته، طعنت
الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي
بعدم جواز الطعن واحتياطية بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على دائرة فحص
الطعون الاقتصادية لهذه المحكمة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وعلى رأي دائرة فحص الطعون الاقتصادية وسماع
التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن مبنى الدفع المبدئ من النيابة بعدم جواز الطعن لأن الحكم
المطعون فيه صادر من الدائرة الاستئنافية للمحكمة الاقتصادية استئنافا للحكم
الصادر من الدائرة الابتدائية لتلك المحكمة ومن ثم فلا يجوز الطعن عليه بطريق
النقض عملا بالمادة 11 من قانون رقم 120 لسنة 2008 بشأن إنشاء المحاكم الاقتصادية.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه
المحكمة - أنه ولئن كان مؤدي النص في المادة 11 من القانون رقم 120 لسنة 2008
بإنشاء المحاكم الاقتصادية أن الأحكام الصادرة من المحاكم الاقتصادية القابلة
للطعن بالنقض هي التي تصدر ابتداء من الدوائر الاستئنافية أما الدعاوى التي تنظر
أمام المحكمة الاقتصادية بهيئة ابتدائية ويكون الفصل في الطعن عليها أمام المحكمة
- بهيئة استئنافية – فلا يجوز الطعن عليها بطريق النقض – دون الإخلال بحكم المادة
250 من قانون المرافعات المدنية والتجارية - إلا أن المادة 249 من القانون الأخير
نصت على أن للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في أي حكم انتهائي - أيا كانت
المحكمة التي أصدرته - فصل في نزاع خلاف لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم
وحاز قوة الأمر المقضي، ومفاد ذلك – وعلى ما جرى به قضاء النقض – أنه إذا كان
الحكم السابق قد فصل في مسألة أساسية أو كلية شاملة وحاز هذا القضاء قوة الأمر
المقضي. فإن ذلك يمنع الخصوم من التنازع في شأن أي حق متوقف ثبوته أو انتفاؤه على
ثبوت تلك المسألة أو انتفائها، ويتوافر التناقض إذا ما فصل الحكم الثاني في نفس
المسألة خلافا للحكم أو لمقتضاه، حتى ولو كانت الطلبات في الدعويين مختلفة طالما
أن المسألة الأساسية فيها واحدة. ذلك أن المشرع اعتبر أن تناقض الأحكام هو الخطر
الأكبر الذي يعصف بالعدالة ويمحق الثقة العامة في القضاء، فأوجب على المحاكم كلما
بدا لها احتمال تناقض بين الأحكام أن تدرأه بما پسره القانون فأجاز في المادة 249
من القانون سالف الذكر الطعن بالنقض في أحكام لا يجوز الطعن عليها لغير هذا السبب
- فصل الحكم في نزاع خلافا لحكم سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر
المقضي - وذلك دفعة للخطر الأكبر وهو تعارض الأحكام المؤدي إلى استحالة تنفيذها
الذي يعصف بالثقة العامة في القضاء - فبات على المحاكم، وفي مقدمتها محكمة النقض،
عند الفصل في الطعن المطروح عليها ألا تعارض حكما قد صار باتا قبل صدور حكمها حتى
ولو لم يكن كذلك وقت رفع الطعن. وكان المقرر أن المسألة الواحدة إذا كانت أساسية
وكان ثبوتها أو عدم ثبوتها هو الذي ترتب عليه القضاء بثبوت الحق المطالب به في
الدعوى أو بانتفائه فإن هذا القضاء يحوز قوة الشيء المحكوم فيه في تلك المسألة
الأساسية بين الخصوم أنفسهم ويمنعهم من التنازع بطريق الدعوى أو الدفع في شأن حق
جزئي أخر يتوقف ثبوته أو انتفاؤه على ثبوت تلك المسألة الكلية السابق الفصل فيها
بين هؤلاء الخصوم أنفسهم أو على انتفائها ويعد الموضوع متحدة إذا كان الحكم الصادر
في الدعوى الثانية مناقضة للحكم السابق وذلك بإقراره حقا أنكره هذا الحكم أو
بإنكاره حقا أقره فيناقض الحكم الثاني الحكم الأول. لما كان ذلك، كان البين من
الأوراق أن الحكم الصادر في الدعوى رقم ... لسنة 2016 تنفيذ الإسكندرية الاقتصادية
- الدائرة الابتدائية - أن المطعون ضده الأول بصفته أقام تلك الدعوى على الطاعنة
بذات الطلبات في الدعوى الراهنة وقد انتهى هذا الحكم إلى رفضها على ما أورده في
أسبابه المرتبطة بالمنطوق بأن حكم إيقاع البيع الصادر من قاضي التنفيذ رئيس
الدائرة الابتدائية قد صدر من قاضي مختص وفقا للقانون ولأن القرارات والأوامر
المتعلقة بالتنفيذ وفقا لقانون المحاكم الاقتصادية يختص بها رئيس الدائرة
الابتدائية بصفته قاضي التنفيذ ومن تلك الإجراءات التنفيذ على العقار حيث تتم تحت
إشراف قاضي التنفيذ وهو من يصدر الحكم بإيقاع البيع وقد تأيد هذا الحكم بالاستئناف
رقم ... لسنة 8 ق الإسكندرية الاقتصادية. ولما كانت هذه الطلبات هي ذات الطلبات
التي ادعى بها المطعون ضده الأول على الشركة الطاعنة في الدعوى الراهنة، فإن الحكم
المطعون فيه أذ قضى له بطلباته خلافا للحكم السابق الصادر بين ذات الخصوم والذي
حاز قوة الأمر المقضي في الدعوى ... لسنة 2016 سالفة البيان وأقام قضاءه على أن
حكم إيقاع البيع موضوع التداعي موقع مسودته ونسخته الأصلية من قاض فرد دون باقي
أعضاء الدائرة الابتدائية وهو (قاضي التنفيذ بالمخالفة للقانون ويكون باطلا"
بطلانا متعلقة بالنظام العام، فيكون بهذا قضاء الحكم المطعون فيه قد ناقض قضاء
سابقا حاز قوة الأمر المقضي في مسألة استقرت الحقيقة بشأنها بالفصل فيها في منطوق
الحكم السابق وفي أسبابه المرتبطة ارتباطا وثيقة بالمنطوق، وقد أصبح هذا الحكم
نهائية، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفصل في النزاع على
خلاف الحكم سالف البيان الذي حاز قوة الأمر المقضي، ولما كانت المادة 249 سالفة
البيان - والتي يتعين الرجوع إليها وتطبيقها إزاء خلو نصوص قانون المحاكم
الاقتصادية من تنظيم الطعن في الأحكام الانتهائية الصادرة من تلك المحاكم خلافا
لحكم سابق حاز قوة الأمر المقضي وطواعية النص المادة الرابعة من مواد إصدار
القانون الأخير - تجيز للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في أي حكم انتهائي أيا
كانت المحكمة التي أصدرته فصل في نزاع خلافا لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم
أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي، وقد جاء النص عامة مطلقا بشأن كل حكم انتهائي صدر
على خلاف حكم سابق صدر بين الخصوم أنفسهم حاز قوة الأمر المقضي أيا كانت المحكمة
التي صدر منها الحكم المطعون فيه، فيشمل النص الأحكام الصادرة من المحاكم
الاقتصادية، ويصح الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من الدائرة الاستئنافية للمحكمة
الاقتصادية بصفة انتهائية وفقا للمادة المشار إليها حين يكون قضاء الحكم المطعون
فيه قد ناقض قضاء سابقا حاز قوة الأمر المقضي في مسألة استقرت الحقيقة بشأنها
بالفصل فيها في منطوق الحكم السابق وفي أسبابه المرتبطة ارتباطا وثيقا بالمنطوق،
وقد أصبح هذا الحكم نهائية، وإذ فصل الحكم المطعون فيه في النزاع على خلاف حكم
سابق - على نحو ما سلف - ومن ثم يكون الطعن فيه بطريق النقض جائزة عملا بالمادة
249 مرافعات ويتعين لذلك القضاء برفض الدفع وبجواز الطعن.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون
والخطأ في تطبيقه إذ أن الشركة المطعون ضدها الأولى سبق وأن أقامت عليها الدعوى
رقم... لسنة 2016 تنفيذ اقتصادي الإسكندرية بذات الطلبات المطروحة في الدعوى
الطعين حكمها وقضى فيها بالرفض تأسيسا على صدور حكم إيقاع البيع من القاضي المختص
بإصداره وفقا للقانون وتأيد هذا الحكم استئنافية وحاز قوة الأمر المقضي فإذ أهدر
الحكم المطعون فيه هذه الحجية وقضى في الدعوى الراهنة ببطلان ذات الحكم الصادر
بإيقاع البيع عليها لصدوره من قاضي غير مختص فإنه يكون خالف حجية الأحكام التي
تعلو على اعتبارات النظام العام بما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أنه من المقرر - في قضاء محكمة النقض
– أنه متى حاز الحكم قوة الأمر المقضي، فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها
من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها بأي دعوى أخرى يثار فيها هذا
النزاع، وأنه يجوز التمسك بحجية الحكم السابق أمام محكمة النقض سواء دفع بهذا لدى
محكمة الموضوع أو لم يدفع، سواء كانت عناصره الواقعية تحت نظر تلك المحكمة أم لم
تكن مطروحة عليها، وعلة ذلك احترام حجية الحكم السابق صدوره في نفس الدعوى، إذ هي
أجدر بالاحترام، وحتى لا يترتب على إهدارها تأبيد المنازعات ، وعدم استقرار الحقوق
لأصحابها. وإذ كان ذلك، ولئن كانت قوة الأمر المقضي لا تثبت إلا لما ورد به
المنطوق، دون الأسباب. إلا أنه إذا كانت الأسباب قد تضمنت الفصل في بعض أوجه
النزاع التي أقيم عليها المنطوق، فإن ما جاء بالأسباب يعد قضاء مرتبطة بالمنطوق
ومكملا له، ويكتسب ما له من قوة الأمر المقضي، وكان الثابت على نحو ما سلف بيانه
أنه حكم برفض الدعوى رقم ... لسنة 2016 تنفيذ اقتصادي الإسكندرية وحاز هذا القضاء
قوة الأمر المقضي فإنه لا يجوز للمطعون ضده الأول رفع الدعوى الراهنة بذات الطلبات
وعن ذات الموضوع والسبب، وهو ما كان يوجب على المحكمة أن تحكم بعدم جواز نظر
الدعوى لسابقة الفصل فيها، إلا أن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وأجاب
المطعون ضده الأول إلى طلباته فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، وإعمالا للفقرة الأخيرة من المادة
الثانية عشرة من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية، فإنه يتعين الحكم في موضوع
الدعوى، ولما تقدم، وإذ انتهى الحكم المستأنف إلى القضاء برفض الدعوى وكان هذا
القضاء يستوي في النتيجة مع القضاء بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. مما
يتعين القضاء في الاستئناف رقم ... لسنة 11 ق تنفيذ الإسكندرية الاقتصادية برفضه
وتأييد الحكم المستأنف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق