جلسة 16 من أبريل سنة 1973
برياسة السيد المستشار/
حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، وإبراهيم
أحمد الديواني، ومصطفى محمود الأسيوطي، وحسن علي المغربي.
--------------
(109)
الطعن رقم 190 لسنة 43
القضائية
(1)إجراءات
المحاكمة. محكمة ثاني درجة. إثبات. "شهود". دفاع. "الإخلال بحق
الدفاع. ما لا يوفره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحكمة في الاستغناء
عن سماع الشهود. مثال.
محكمة ثاني درجة. تقضى في
الأصل. على مقتضى الأوراق.
(2)إثبات. "بوجه عام". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل
منها".
الادعاء بأن المجنى عليه
شخصية وهمية استنادا إلى عدم مثوله أمام المحكمة. دفاع موضوعي عدم جواز إبدائه.
لأول مرة. أمام النقض.
(3)إثبات. "شهود". شهود. إجراءات المحاكمة. محكمة الموضوع.
"سلطتها في تقدير الدليل". استدلال. حكم. تسبيبه. تسبيب غير معيب".
"ما لا يعيبه".
تعريف الشاهد والشهادة.
حق المحكمة في الاعتماد
في القضاء بالإدانة على أقوال المجنى عليه في محضر جمع الاستدلالات. وصف الحكم هذه
الأقوال بأنها شهادة. لا يعيبه.
(4)سرقة. قصد جنائي. حكم. "ما لا يعيبه". شروع.
عدم تحدث الحكم صراحة عن
نية السرقة. لا يعيبه. ما دام قد انتهى بأسباب سائغة. إلى ثبوت مقارفة الطاعنة
جريمة الشروع في السرقة.
(5)عقوبة. "تقديرها". "تطبيقها". "العقوبة
المبررة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير العقوبة". حكم.
"بياناته. بيانات التسبيب". "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير العقوبة من إطلاقات
محكمة الموضوع. دون التزام عليها ببيان أسباب ما انتهت إليه في شأنها.
----------------
1 - تخول المادة 289من
قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957، المحكمة الاستغناء
عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ويستوى أن يكون القبول صريحا
أو ضمنيا بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه. كما أن الأصل أن محكمة ثاني
درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق وهي لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى هي لزوما
لإجرائه، ولما كان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنة لم تطلب
سماع أقوال المجنى عليه ولم توجه هي أو محاميها الحاضر بجلسة المحاكمة الاستئنافية
مطعنا على إجراءات محكمة أول درجة، فلا يجوز لها أن تثير نعيها في هذا الشأن لأول
مرة أمام محكمة النقض.
2 - إن الادعاء بأن
المجنى عليه شخصية وهمية استنادا إلى عدم مثوله أمام المحكمة هو دفاع موضوعي، ومتى
كانت الطاعنة لم تبده أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة
النقض.
3 - من المقرر أنه وإن
كانت الشهادة لا تتكامل عناصرها قانونا إلا بحلف الشاهد اليمين إلا أن ذلك لا ينفى
عن الأقوال التي يدلى بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة. فالشاهد لغة هو من
اطلع على الشيء وعاينه والشهادة اسم من المشاهدة وهي الاطلاع على الشيء عيانا. وقد
اعتبر القانون – في المادة 383 من قانون الإجراءات الجنائية – الشخص شاهدا بمجرد
دعوته لأداء الشهادة سواء أداها بعد أن يحلف اليمين أو دون أن يحلفها – ومن ثم لا
يعيب الحكم وصفه أقوال المجنى عليه الذي لم يحلف اليمين بأنها شهادة. وإذ كان من
حق محكمة الموضوع أن تعتمد في قضائها بالإدانة على أقوال شاهد سئل على سبيل
الاستدلال بغير حلف يمين إذ مرجع الأمر كله إلى ما تطمئن إليه من عناصر الاستدلال،
وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجنى عليه التي أبداها في محضر ضبط الواقعة
بغير حلف يمين، فإنه لا يقبل من الطاعنة مصادرة المحكمة في عقيدتها.
4 - متى كان الثابت من
مدونات الحكم أنه خلص في بيان كاف إلى توافر أركان جريمة الشروع في السرقة وتوافر
الدليل عليها في حق الطاعنة مما شهد به المجنى عليه وضبط حافظة نقوده معها، فلا
يعيبه من ذلك عدم تحدثه صراحة عن نية السرقة.
5 - من المقرر أن تقدير
العقوبة التي يستحقها كل متهم من سلطة محكمة الموضوع في حدود ما هو مقرر بالقانون
للجريمة التي تثبت عليه، وليست المحكمة ملزمة بأن تبين الأسباب التي من أجلها
أوقعت عليه العقوبة بالقدر الذي ارتأته ولما كانت التهمة التي أسندت إلى الطاعنة
وقضى بإدانتها عنها هي الشروع في السرقة المعاقب عليها بالمواد 45 و47 و318 و321
من قانون العقوبات وكانت المحكمة بعد أن خلصت إلى ثبوت التهمة من الأدلة السائغة التي
أوردتها قضت بمعاقبة الطاعنة بالحبس مع الشغل ستة شهور – بما يدخل في حدود النصوص
المنطبقة على الجريمة التي دانتها بها، فإنها تكون قد طبقت القانون تطبيقا صحيحا.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعنة وأخرى بأنهما في يوم 7 من أغسطس سنة 1971 بدائرة بندر الزقازيق محافظة
الشرقية: شرعتا في سرقة حافظة النقود المبينة وصفا وقيمة بالمحضر والمملوكة لـ
...... وأوقف تنفيذ الجريمة لسبب لا دخل لإرادة المتهمتين فيه وهو ضبطهما والجريمة
متلبسا بها، وطلبت عقابهما بالمواد 45 و47 و318 و321 من قانون العقوبات. ومحكمة
بندر الزقازيق الجزئية قضت في الدعوى حضوريا اعتباريا بتاريخ 21 ديسمبر سنة 1971
عملا بمواد الاتهام بحبس المتهمة الأولى ستة شهور مع الشغل وكفالة مائة قرش لإيقاف
التنفيذ وغيابيا للثانية ببراءتها. فاستأنفت المحكوم عليها هذا الحكم ومحكمة
الزقازيق الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت في الدعوى حضوريا بتاريخ 7 فبراير سنة
1972 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت
المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض في ...... إلخ.
المحكمة
وحيث إن مبنى الطعن هو أن
الحكم المطعون فيه إذا دان الطاعنة بجريمة شروع في سرقة قد شابه فساد في الاستدلال
وقصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المحكمة أسست اقتناعها بإدانة
الطاعنة على أقوال المجنى عليه من محضر جمع الاستدلالات مع أنه شخصية وهمية ولم
تسمع شهادته أمام المحكمة كما أن أقواله لا تعد شهادة بالمعنى القانوني حتى تأخذ
بها المحكمة في حق الطاعنة لأن الشهادة لابد أن تسمعها المحكمة بعد حلف يمين هذا
فضلا عن أن المحكمة لم تورد في حكمها صورة الواقعة التي اعتنقتها إذ لم تبين كيف ارتكبت
الطاعنة الجريمة المنسوبة إليها وما إذا كانت قد توافرت لديها نية السرقة، وقد
تأثرت المحكمة في تكوين عقيدتها سواء من ناحية ثبوت التهمة أو تقدير العقوبة
بالاتهامات والقضايا التي نسبها رجال المباحث إلى الطاعنة مع عدم صحتها.
وحيث إنه يبين من الاطلاع
على محضر جلسة 16 نوفمبر سنة 1971 أمام محكمة أول درجة أن الطاعنة حضرت ومعها
محاميها الذي قدم شهادة بعرض المتهمة الثانية في الدعوى فأجلت المحكمة الدعوى
بجلسة تالية لمرض هذه الأخيرة ولإعلانها وإعلان المجنى عليه. وبالجلسة التالية لم
تحضر الطاعنة وحضر محاميها واقتصر على القول بأن والدة الطاعنة توفيت ولم يحضر المجنى
عليه ففصلت المحكمة في الدعوى. ويبين من الاطلاع على محضر جلسة محكمة ثاني درجة أن
الطاعنة حضرت وأنكرت التهمة المنسوبة إليها وطلب المدافع عنها استعمال الرأفة دون
أن يطلب من المحكمة إعلان المجنى عليه لسماع شهادته أو يعرض لإجراءات المحاكمة
أمام محكمة أول درجة، لما كان ذلك، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية
المعدلة بالقانون رقم 113 سنة 1951 تخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل
المتهم أو المدافع عنه ذلك، ويستوى أن يكون القبول صريحا أو ضمنيا بتصرف المتهم أو
المدافع عنه بما يدل عليه. وكان الأصل أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضى
الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى هي لزوما لإجرائه، وكان الثابت من
الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنة لم تطلب سماع أقوال المجنى عليه ولم
توجه هي أو محاميها الحاضر بجلسة المحاكمة الاستئنافية مطعنا على إجراءات محكمة
أول درجة، فلا يجوز لها أن تثير نعيها في هذا الشأن لأول مرة أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك، وكان الادعاء بأن المجنى عليه شخصية وهمية استنادا إلى عدم مثوله
أمام المحكمة هو دفاع موضوعي لم تبده الطاعنة أمام محكمة الموضوع، ومن ثم فلا يجوز
إبداؤه لأول مرة أمام هذه المحكمة، وكان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد
لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه قضى بإدانة الطاعنة أخذا بأقوال المجنى عليه التي
اطمأن إليها بمحضر جمع الاستدلالات ومحصلها أنه شعر بسرقة حافظة نقوده عندما احتكت
به الطاعنة في الطريق فأمسك بيدها وبها الحافظة وكان من المقرر أنه وإن كانت
الشهادة لا تتكامل عناصرها قانونا إلا بحلف الشاهد اليمين إلا أن ذلك لا ينفى عن
الأقوال التي يدلى بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة. فالشاهد هو من أطلع على الشيء
وعاينه والشهادة اسم من المشاهدة وهي الاطلاع على الشيء عيانا وقد اعتبر القانون –
في المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية – الشخص شاهدا بمجرد دعوته لأداء
الشهادة سواء أداها بعد أن يحلف اليمين أو دون أن يحلفها، ومن ثم لا يعيب الحكم
وصفه أقوال المجنى عليه الذي لم يحلف اليمين بأنها شهادة، وإذ كان من حق محكمة
الموضوع أن تعتمد في قضائها بالإدانة على أقوال شاهد سمع على سبيل الاستدلال بغير
حلف يمين إذ مرجع الأمر كله إلى ما تطمئن إليه من عناصر الاستدلال، وكانت المحكمة
قد اطمأنت إلى أقوال المجنى عليه التي أبداها في محضر ضبط الواقعة بغير حلف يمين،
فإنه لا يقبل من الطاعنة مصادرة المحكمة في عقيدتها. لما كان ذلك، وكان الثابت من
مدونات الحكم أنه خلص في بيان كاف إلى توافر أركان جريمة الشروع في السرقة وتوافر
الدليل عليها في حق الطاعنة مما شهد به المجنى عليه وضبط حافظة نقوده معها، ولا
يعيبه بعد ذلك عدم تحدثه صراحة عن نية السرقة، ولما كانت التهمة التي أسندت إلى
الطاعنة وقضى بإدانتها عنها هي الشروع في السرقة المعاقب عليها بالمواد 45 و47
و318 و321 من قانون العقوبات، وكانت المحكمة بعد أن خلصت إلى ثبوت التهمة من
الأدلة السائغة التي أوردتها قد قضت بمعاقبة الطاعنة بالحبس مع الشغل ستة شهور –
بما يدخل في حدود النصوص المنطبقة على الجريمة التي دانتها بها، فإنها تكون قد
طبقت القانون تطبيقا صحيحا لما هو مقرر من أن تقدير العقوبة التي يستحقها كل متهم
من سلطة محكمة الموضوع في حدود ما هو مقرر بالقانون للجريمة التي تثبت عليه، وليست
المحكمة ملزمة بأن تبين الأسباب التي من أجلها أوقعت عليه العقوبة بالقدر الذي ارتأته.
ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن
الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا الرفض موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق