جلسة 7 من نوفمبر سنة 1961
برياسة السيد السيد أحمد
عفيفى المستشار، وبحضور السادة: محمد عبد السلام، وعبد الحليم البيطاش، وأديب نصر
حنين، ومختار مصطفى رضوان المستشارين.
-------------
(177)
الطعن رقم 398 لسنة 31
القضائية
إثبات. "قرائن
قانونية". قوة الشيء المقضي. دعوى جنائية. تبديد. تزوير واستعمال.
تقدير الدليل في دعوى، لا
يحوز قوة الشيء المقضي في دعوى أخرى. تصدى المحكمة، وهى بصدد تحقيق الدعوى
المرفوعة أمامها، لواقعة ما - ولو كونت جريمة. لا يقيد المحكمة الثانية التي ترفع
إليها الدعوى عن الجريمة موضوع تلك الواقعة.
مثال. تبديد. الحكم
ببراءة المتهم لثبوت تزوير السند موضوع عقد الأمانة. رفع الدعوى بالتزوير
والاستعمال على مقدم ذلك السند. اختلاف الدعويين في السبب والخصوم. محكمة التزوير
غير مقيدة بحكم البراءة فيما يختص بواقعة التزوير.
----------------
تقدير الدليل في دعوى لا
يحوز قوة الشيء المقضي في دعوى أخرى، إذ أن للمحكمة في المواد الجنائية أن تتصدى -
وهى تحقق الدعوى المرفوعة إليها وتحدد مسئولية المتهم فيها - إلى أية واقعة أخرى،
ولو كونت جريمة وتقول كلمتها فيها في خصوص ما تتعلق به الدعوى المقامة أمامها،
ويكون قولها صحيحا في هذا الخصوص، دون أن يكون ملزما للمحكمة التي ترفع أمامها
الدعوى بالتهمة موضوع تلك الواقعة. فإذا كان المدعى بالحقوق المدنية قد قضى ببراءته
من تهمة تبديد مبلغ قيل بأنه تسلمه من الطاعن على سبيل الأمانة، استنادا إلى ثبوت
تزوير السند المقدم كدليل على تسلمه المبلغ، فأقامت النيابة العامة الدعوى
الجنائية على الطاعن بتهمة تزوير هذا السند واستعماله، وأدانه الحكم المطعون فيه
عن هاتين التهمتين مستندا إلى ما أثبته تقرير قسم أبحاث التزوير في دعوى التبديد،
مستندا كذلك إلى أن الحكم بالبراءة في تلك الدعوى قد حاز قوة الشيء المقضي فيما
يختص بواقعة التزوير وأصبح مانعا من العود إلى مناقشتها عند بحث تهمتي التزوير
والاستعمال - إذا كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد وقع في خطأ قانوني ، ذلك
أن قوة الشيء المحكوم فيه مشروطة باتحاد الموضوع والسبب والخصوم في الدعويين، وهى
في دعوى التبديد المشار إليها تختلف في السبب و الخصوم عن دعوى التزوير موضوع
المحاكمة، كما أن السند الكتابي في الدعوى الأولى لا يخرج عن كونه دليلا فيها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه: أولا - ارتكب تزويرا في سند دين نسبه إلى المجنى عليه وذلك بأن قلد
إمضاءه. ثانيا - استعمل السند المزور سالف الذكر مع علمه بتزويره. وطلبت عقابه
بالمادة 215 من قانون العقوبات. وقد ادعى المجنى عليه بحق مدنى قبل المتهم بمبلغ
51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة الجزئية قضت حضوريا عملا بمادة
الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 1 من قانون العقوبات بحبس المتهم شهرين مع الشغل
وكفالة 300 قرش لوقف التنفيذ، وذلك عن التهمتين المسندتين إليه بلا مصاريف جنائية
وفى الدعوى المدنية بإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدني ثلاثين جنيها على سبيل
التعويض النهائي مع المصاريف المدنية. استأنف المتهم هذا الحكم. والمحكمة
الاستئنافية قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم
المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى فيما
ينعاه على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في القانون، ذلك أنه كان قد حكم نهائيا في الدعوى
رقم 3291 سنة 1957 جنح الدرب الأحمر ببراءة مدعى التزوير من تهمة تبديد مبلغ مقول
بتسليمه إليه على سبيل الأمانة بمقتضى سند تأسيسا على أن هذا السند مزور، وذهب
الحكم المطعون فيه إلى أن ذلك الحكم قد حاز قوة الشيء المقضي فيما يختص بتزوير
السند وصار مانعا من إعادة النظر في واقعة التزوير عند بحث تهمتي تزوير السند ذاته
واستعماله المسندتين إلى الطاعن - وهذا الذى ذهب إليه الحكم المطعون فيه ينطوي على
خطأ في القانون، ذلك أنه وإن كان السند الذى اتخذ دليلا على تهمة التبديد هو بذاته
أساس تهمتي التزوير والاستعمال إلا أن الدعويين تختلفان سببا وخصوما.
وحيث إن واقعة الدعوى هي
أن المدعى بالحقوق المدنية كان قد اتهم في الجنحة رقم 3291 سنة 1957 الدرب الأحمر
بتبديد مبلغ قيل بأنه تسلمه من الطاعن على سبيل الأمانة وقضى في 15 من ديسمبر سنة
1958 ببراءته استناد إلى ثبوت تزوير السند المقدم كدليل على تسلم المبلغ فأقامت
النيابة الدعوى الجنائية على الطاعن بتهمتي تزوير هذا السند واستعماله، وقد أيد
الحكم المطعون فيه الحكم الابتدائي القاضي بإدانة الطاعن وإلزامه التعويض مستندا
إلى ما أثبته تقرير قسم أبحاث التزوير بمصلحة الطب الشرعي المقدم في دعوى التبديد
من تزوير السند ومستندا كذلك إلى أن الحكم بالبراءة في دعوى التبديد قد حاز قوة الشيء
المقضي فيما يختص بواقعة التزوير وأصبح مانعا من العود إلى مناقشتها عند بحث تهمتي
التزوير والاستعمال المسندتين إلى الطاعن. لما كان ذلك، وكانت قوة الشيء المحكوم
فيه مشروطة باتحاد الموضوع والسبب والخصوم في الدعويين وكانت دعوى التبديد تختلف
في السبب والخصوم عن دعويي التزوير والاستعمال - موضوع المحاكمة - وكان السند الكتابي
في الدعوى الأولى لا يخرج عن كونه دليلا فيها، وكان تقدير الدليل في دعوى لا يحوز
قوة الشيء المقضي في دعوى أخرى إذ أن للمحكمة في المواد الجنائية أن تتصدى - وهى
تحقق الدعوى المرفوعة إليها وتحدد مسئولية المتهم فيها - إلى أية واقعة أخرى، ولو
كونت جريمة وتقول كلمتها فيها في خصوص ما تتعلق به الدعوى المقامة أمامها، ويكون
قولها صحيحا في هذا الخصوص، دون أن يكون ملزما للمحكمة التي ترفع أمامها الدعوى
بالتهمة موضوع تلك الواقعة. ولما كانت أسباب الإدانة متساندة يشد بعضها بعضا وكان
الحكم المطعون فيه قد استند في إدانة الطاعن إلى أمرين الأول تقرير الخبير في دعوى
التبديد والثاني ما توهمته المحكمة خطأ من أنها مقيدة بقوة الشيء المقضي، ولولا
هذا الخطأ لكان من المحتمل ألا تقف في تحقيق واقعة تزوير السند عند الحد الذى
انتهت إليه المحكمة في دعوى التبديد ولأمكن أن يتغير وجه الرأي في الدعوى. لما كان
كل ذلك، فإن الحكم يكون قد وقع في خطأ قانوني كان له أثر في النتيجة التي انتهى
إليها الأمر الذى يعيبه ويوجب نقضه وإعادة الدعوى إلى محكمة الموضوع للفصل فيها من
جديد مشكلة من قضاة آخرين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق