الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 19 يونيو 2021

الطعن 2008 لسنة 32 ق جلسة 5 / 3 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 33 ص 148

جلسة 5 من مارس سنة 1963

برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق أحمد الخشن، وأديب نصر، وأحمد موافي.

------------

(33)
الطعن رقم 2008 لسنة 32 قضائية

(أ) ارتباط. عقوبة. تقادم. نقض "المصلحة في الطعن".
الارتباط في حكم المادة 32 عقوبات. مناطه: أن تكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر عليها التقادم.
توقيع عقوبة واحدة عن الجريمة الأشد التي لم تسقط بمضي المدة. ذلك مما تنتفي معه مصلحة الطاعن في النعي على الحكم من هذه الناحية، ولو كانت الجرائم الأخرى المرتبطة قد سقطت بمضي المدة.
(ب) تلبس. محكمة الموضوع.
حالة التلبس. يكفى لقيامها: وجود مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة. تقدير كفاية الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعده لقيام حالة التلبس. أمر موكول لمحكمة الموضوع دون معقب عليها. ما دامت الأسباب التي بنت عليها تقديرها سائغة. ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما انتهى إليه تقدير المحكمة.
(جـ) تلبس. قبض. مأمورو الضبط القضائي.
لرجل السلطة العامة في حالة التلبس إحضار المتهم إلى أقرب مأمور ضبط قضائي. المادة 38 إجراءات. مقتضى هذه السلطة أن يتحفظ رجل السلطة العامة على جسم الجريمة الذي شاهده مع المتهم في حالة تلبس كي يسلمه إلى مأمور الضبط القضائي.
مثال: مشاهدة رجال المباحث لجريمة في حالة تلبس كشفت عنها مراقبتهم المشروعة. اقتيادهم السيارة بحالتها – وهى جسم الجريمة – وكذلك الطاعن وزميله إلى قسم الشرطة وإبلاغهم الضابط بأمرها، لا يعدو أن يكون مجرد تعرض مادي يقتضيه واجبهم نحو المحافظة على جسم الجريمة.
(د) تفتيش. دفاع.
الدفع ببطلان التفتيش. لا يقبل إلا من مالك الشيء الذي جرى تفتيشه.
(هـ) تحقيق. "إجراءاته". محكمة الموضوع. إثبات "بوجه عام".
إجراءات التحريز بما فيها الإجراء المنصوص عليه في المادة 57 إجراءات.
لا يترتب على مخالفتها أي بطلان. علة ذلك: هي إجراءات قصد بها تنظيم المحافظة على الدليل. الأمر في ذلك متروك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وعدم العبث بالإحراز المضبوطة. طالما أن المحكمة أقامت قضاءها على عناصر صحيحة وسائغة. ما يثار في هذا الصدد. جدل موضوعي. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

----------------
1 - مناط الارتباط في حكم المادة 32 عقوبات أن تكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر عليها التقادم، أما إذا كانت إحدى الجرائم المرتبطة قد سقطت بمضي المدة فإنه لا يكون ثمة محل لإعمال حكم تلك المادة. إلا أنه متى كان الحكم المطعون فيه قد أعمل حكم المادة 32/ 2 من قانون العقوبات ولم يوقع على الطاعن إلا عقوبة واحدة هي المقررة للجريمة موضوع التهمة الأولى – التي لم تسقط بمضي المدة باعتبارها الجريمة الأشد – فإنه لا جدوى للطاعن في النعي على الحكم بأنه لم يحقق الدفع بانقضاء الدعوى بمضي المدة بالنسبة للجريمتين الأخريين المرتبطتين لانعدام مصلحة الطاعن في التمسك بذلك.
2 - يكفى لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة. ولما كان الثابت من الحكم أنه انتهى إلى قيام حالة التلبس استناداً إلى ما أورده في هذا الصدد من عناصر صحيحة ولها أصلها الثابت في الأوراق، وكان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وتقدير كفاية هذه الظروف لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع دون معقب عليها ما دامت الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها هذا التقدير صالحة لأن تؤدى إلى النتيجة التي انتهت إليها، فإنه لا يقبل من الطاعن ما يثيره في هذا الصدد بدعوى انتفاء دواعي الريبة لأن ذلك لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما انتهى إليه تقدير المحكمة في هذا الخصوص.
3 - خولت المادة 38 من قانون الإجراءات الجنائية رجال السلطة العامة في حالات التلبس أن يحضروا المتهم إلى أقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي، ومقتضى هذه السلطة أن يتحفظ رجل السلطة العامة على جسم الجريمة الذي شاهده مع المتهم في حالة تلبس كي يسلمه بدوره إلى مأمور الضبط القضائي، ولما كان الثابت أن رجال المباحث لم يقبضوا على الطاعن أو يفتشوه بل اقتادوا السيارة بحالتها – وهى جسم الجريمة – كما اقتادوا الطاعن وزميله إلى قسم الشرطة حيث قاموا بإبلاغ الضباط بأمرها وهو ما لا يعدو – في صحيح القانون – أن يكون مجرد تعرض مادي يقتضيه واجبهم نحو المحافظة على جسم الجريمة بالنظر إلى ما انتهى إليه الحكم من وجودها في حالة تلبس كشفت عنها مراقبتهم المشروعة، فإن النعي على الحكم بمخالفة القانون يكون في غير محله.
4 - الدفع ببطلان تفتيش سيارة لا يقبل إلا من مالكها، ومن ثم فإنه لا يقبل من الطاعن – الذي تنصل من أية علاقة له بها أو بما تحويه – أن يتحدى ببطلان ضبطها وتفتيشها.
5 - إجراءات التحريز بما فيها الإجراء المنصوص عليه في المادة 57 من قانون الإجراءات الجنائية إنما هي إجراءات قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه، ولم يرتب القانون على مخالفتها أي بطلان، وترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وأن الإحراز المضبوطة لم يصل إليها العبث، ولما كانت المحكمة أقامت قضاءها على عناصر صحيحة وسائغة، فإنه لا يقبل من الطاعن ما يثيره في هذا الصدد إذ لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.  (1)


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من آخر والطاعن بأنهما في يومي 8 يونيه، 11 يوليه سنة 1954 بدائرة قسم أول بندر طنطا مديرية الغربية: أولاً – قلدا وزورا واستعملا خاتماً لإحدى جهات الحكومة بأن اصطنعا قالباً بخاتم سلخانة بسيون وبصما به على لحوم مذبوحة خارج السلخانة لإيهام الجمهور بأن تلك اللحوم ذبحت بداخلها. وثانياً – ذبحا ماشية خارج السلخانة والأماكن التي تقوم مقامها. وثالثاً – سرقا المادة السرية الموضحة بالمحضر لسلخانات أميرية. وطلبت من غرفة الاتهام إحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقاً للمواد 206/ 4، 318 عقوبات، 1, 29, 37 من لائحة السلخانات الصادرة بتاريخ 13/ 6/ 1893 والمادة 20 من القانون رقم 95 لسنة 1954. فقررت الغرفة ذلك. وفى أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات طنطا دفع الحاضر مع المتهم الأول: أولاً – بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة عن التهمتين الثانية والثالثة لمضى أكثر من ثلاث سنوات على آخر إجراء من إجراءات التحقيق أو المحاكمة. وثانياً – ببطلان الضبط والتفتيش بالنسبة إلى التهمة الأولى لعدم وجود حالة من حالات التلبس. وثالثاً – بطلان تحرير أختام اللحم المضبوط في طنطا. وبتاريخ 26 فبراير سنة 1961 قضت المحكمة غيابياً للمتهم الأول وحضورياً للمتهم الثاني عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 ع بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنين ومصادرة المضبوطات. فطعن المتهم الثاني (الطاعن) في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الوجهين الأول والثاني والشق الأخير من الوجه السادس من أوجه الطعن هو الخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب. وفى بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم أورد فيما حصله من شهادة الجاويش محمود منصور أن المخبرين محمود حسن داود وبدوى عبد الحليم نعمة الله أبلغاه أن السيارة الملاكي 25121 مصر قدمت إلى المحل وقام المتهم الأول بنقل اللحوم إليها بعد أن وزنها هو والطاعن بداخل المحل، وأنهما "أي المخبرين" اعترضا طريق السيارة وكان المتهمان يسيران بجوارها في حين أن شهادة الجاويش خلت من ذكر واقعة وزن اللحوم داخل المحل بمعرفة المتهمين. كما أن ما أسنده الحكم إلى المخبرين يخالف الثابت في شهادتهما عن هذه الواقعة – يضاف إلى ذلك أن الحكم وهو في صدد بيان أدلة الثبوت لم يبين أسماء الشهود الذين عناهم ولم يورد مؤدى ما شهد به كل منهم على حدة مع اختلاف شهاداتهم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن ذكر في بيان واقعة الدعوى أن المتهم الأول "المحكوم عليه غيابياً" قام بنقل اللحوم إلى السيارة 25121 ملاكي مصر بعد أن أجرى مع زميله المتهم الثاني (الطاعن) وزنها بالمحل ونسب هذه الرواية إلى الجاويش محمود منصور نقلاً عن المخبرين محمود حسن داود وبدوى عبد الحليم نعمة الله كما أسند هذه الواقعة إلى المخبرين المذكورين في حين أنه ثبت من الاطلاع على ملف الدعوى – الذي أمرت المحكمة بضمه تحقيقاً للطعن – أن ما نسبه الحكم إلى هؤلاء الشهود من أن "المتهمين قاما بوزن اللحوم بالمحل" – غير صحيح – إلا أنه لما كان الحكم حين عرض لما أسند إلى الطاعن قال "وبما أنه عن موضوع التهم المسندة إلى المتهم الثاني (الطاعن) فهي ثابتة قبله من أقوال الشهود الذين تثق المحكمة في صدق ما أدلوا به من شهادات خاصة بضبط هذه اللحوم تخرج من دكانه وقد تأيدت أقوالهم بما ذكره الملازم محمد عبد الحميد منصور ضابط نوبتجي القسم من أن سائق السيارة التي كانت معدة لنقل اللحوم قد أقر له بأنه المتهمين معاً قد اتفقا معه على توصيلها إلى الإسكندرية مقابل أربعة جنيهات نقداه منها اثنين مقدماً وأنه سلم هذا المبلغ لرجال المباحث الذين قاموا بضبطه فإذا كان ذلك قد ثبت بيقين، وكان قد ثبت أيضاً من تقرير المفتش البيطري أن هذه اللحوم من النوع الصغير الممنوع ذبحه وقد ذبحت خارج سلخانة بسيون التي كانت مذبوحاتها في يوم الضبط جاموسة واحدة، وكان قد ثبت أيضاً من تقرير الطبيب الشرعي أن الأختام التي وجدت على اللحوم المذكورة مزورة بطريق التقليد وأن المادة التي ختمت بها هي ذات المادة السرية المستعملة في ختم اللحوم بالسلخانة – لما كان ذلك، قد ثبت جميعه يكون المتعين يقيناً في حق هذا المتهم أنه مع المتهم الأول قد اتفقا مع مجهول على اصطناع الختم المقلد وذبح اللحوم المضبوطة خارج السلخانة وسرقة المادة السرية التي ختمت بها ثم ختم تلك اللحوم على النحو الذي ضبطت فيه". وكان مفاد هذا الذي أورده الحكم أن المحكمة لم تقم قضاءها بإدانة الطاعن على البيان الذي انطوى على ما سبق أن أوردته خطأ من أن الطاعن وزميله قاما بوزن اللحوم داخل الدكان قبل نقلها إلى السيارة وكانت المحكمة قد أقامت الدليل على مقارفة الطاعن لما دانته به بما ساقته من أدلة مستساغة عقلاً دون أن تستند إلى ما نسبته خطأ إلى بعض الشهود من قيام المتهمين بوزن اللحوم، وكان البيان المعول عليه في الحكم هو ذلك الجزء الذي يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجة عن سياق هذا الاقتناع - لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم من ثبوت التهم المسندة إلى الطاعن استناداً إلى أقوال الشهود الذين تثق المحكمة في صدق ما أدلوا به من شهادات خاصة بضبط هذه اللحوم تخرج من دكانه صريح في الدلالة على أن الحكم قصد بالشهود الذين أخذ بأقوالهم الجاويش محمود منصور السيد والمخبرين محمود حسن داود وبدوى عبد الحليم نعمة الله وما عنى غيرهم، ذلك أن هؤلاء الشهود وحدهم – حسب الثابت بالحكم - هم الذين انصبت شهاداتهم على واقعة ضبط اللحوم خارجه من محل الطاعن يوم 11/ 7/ 1954 – كما أن هذه الأقوال تتصل من ناحية أخرى بشهادة الملازم محمد عبد الحميد منصور التي استطرد إليها الحكم بعد ذلك بياناً لتأييدها لأقوالهم وبذلك يكون ما ينعاه الطاعن على الحكم من هذه الناحية غير سديد.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث والشق الأول من الوجه السادس من أوجه الطعن هو أن الحكم الخطأ في القانون وتأويله. ذلك أنه انتهى إلى رفض الدفع بانقضاء الدعوى بمضي المدة بالنسبة للمتهمين الثانية والثالثة استناداً إلى أنهما مرتبطتان بالتهمة الأولى لوحدة الغرض وبذلك تعد جميعها تهمة واحدة وفقاً لنص المادة 32 من قانون العقوبات وتطبق بشأنها عقوبة الجريمة الأشد وهى موضوع التهمة الأولى التي لم تسقط. وهذا الذي قاله الحكم غير صحيح في القانون لأن الارتباط الذي يبيح تطبيق المادة 32 عقوبات لا يكون إلا عند ثبوت الجرائم المرتبطة ببعضها وعدم سقوط أي منها بمضي المدة كما أن الحكم لم يحدد تاريخ ارتكاب جريمتي ذبح الماشية وسرقة المادة السرية اللتين أسندهما إليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفع بقوله "وبما أنه بالنسبة للمتهم الثاني فإن الدفع الأول الذي قال به الحاضر معه بالجلسة غير صحيح في القانون، وذلك أنه ما دام الثابت لدى المحكمة أن التهمتين الثانية والثالثة مرتبطتان بالتهمة الأولى وقد وقعت جميعاً تحقيقاً لغرض واحد وما دام الثابت أن القانون تطبيقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات قد اعتبر الجرائم المرتبطة بمثابة جريمة واحدة يوقع عنها عقوبة أشدها وهى الأولى منها – وما دام الثابت أن الجريمة الأشد عقاباً وهى الأولى ما زالت قائمة لم تسقط بعد، يكون الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للجريمتين الأخريين بمضي المدة غير مؤسس ويتعين لذلك رفضه". وهذا الذي أورده الحكم مخالف للقانون ذلك أن مناط الارتباط في حكم المادة 32 عقوبات أن تكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر عليها التقادم أما إذا كانت إحدى الجرائم المرتبطة قد سقطت بمضي المدة فإنه لا يكون ثمة محل لإعمال حكم تلك المادة – ومن ثم كان على المحكمة أن تحقق الدفع ببحث تاريخ وقوع الجريمتين الثانية والثالثة وتاريخ آخر إجراء اتخذ ضد الطاعن في خصوصهما – إلا أن النعي على الحكم من هذه الناحية ومن قصوره في تحديد تاريخ واقعتي ذبح اللحوم وسرقة المادة السرية مردود بعدم جدواه لانعدام مصلحة الطاعن في التمسك به لأن الحكم أعمل المادة 32/ 2 من قانون العقوبات ولم يوقع على الطاعن إلا عقوبة واحدة هي المقررة للجريمة موضوع التهمة الأولى باعتبارها الجريمة الأشد.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع من الطعن هو الخطأ في القانون ذلك أن الحكم رفض الدفع ببطلان ضبط السيارة وتفتيشها قولاً منه إن رجال المباحث قاموا بمراقبة محل الطاعن لضبطه بعد ما ترامى إليهم من تحرياتهم أنه يقوم بذبح لحوم خارج السلخانة ثم يصدرها سراً إلى الإسكندرية وأن هذه التحريات قد تأكدت لهم بعد مشاهدتهم كمية كبيرة منها تخرج من دكان ليلاً في وقت غير مألوف فيه نقل مثل هذه اللحوم – وكانت الوسيلة التي اتخذت لنقلها هي عن طريق وضعها في سيارة خاصة وفى المكان المخصص فيها لوضع الأمتعة وهو ما يؤكد لهم أن الجريمة التي أسفرت عنها تحرياتهم في حالة تلبس مما يجيز لهم القبض على مرتكبيها وتفتيشهم، مع أن حالات التلبس وردت في القانون على سبيل الحصر وليست من بينها الريب والظنون. فضلاً عن أن المخبرين ليسوا من رجال الضبط الذين لهم حق القبض والتفتيش ولهم فقط بوصفهم من رجال السلطة العامة إحضار المتهم وتسليمه إلى مأمور ضبط قضائي عملاً بنص المادة 38 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه رفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش على اعتبار أن الجريمة في حالة تلبس. ولما كان يكفى لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة، وكانت المادة 38 من قانون الإجراءات الجنائية قد خولت رجال السلطة العامة في حالات التلبس أن يحضروا المتهم إلى أقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي ومقتضى هذه السلطة أن يتحفظ رجل السلطة العامة على جسم الجريمة الذي شاهده مع المتهم في حالة تلبس كي يسلمه بدوره إلى مأمور الضبط القضائي – لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم أنه انتهى إلى قيام حالة التلبس استناداً إلى ما أورده في هذا الصدد من عناصر صحيحة ولها أصلها الثابت في الأوراق وكان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وتقدير كفاية هذه الظروف لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع دون معقب عليها مادامت الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها هذا التقدير صالة لأن تؤدى إلى النتيجة التي انتهت إليها، فإنه لا يقبل من الطاعن ما يثيره في هذا الصدد بدعوى انتفاء دواعي الريبة لأن ذلك لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما انتهى إليه تقدير المحكمة في هذا الخصوص. وما دام الثابت أن رجال المباحث لم يقبضوا على الطاعن أو يفتشوه بل اقتادوا السيارة بحالتها وهى جسم الجريمة كما اقتادوا الطاعن وزميله إلى قسم الشرطة حيث قاموا بإبلاغ الضابط بأمرها وهو ما لا يعدو – في صحيح القانون – أن يكون مجرد تعرض مادي يقتضيه واجبهم نحو المحافظة على جسم الجريمة بالنظر إلى ما انتهى إليه الحكم من وجودها في حالة تلبس كشفت عنها مراقبتهم المشروعة فإن النعي على الحكم بمخالفة القانون يكون في غير محله – هذا فضلاً عن أنه يبين مما حصله الحكم أن السيارة التي ضبطت فيها اللحوم مملوكة لمحمد إمام إبراهيم، ولما كان الطاعن لا يدعى ملكيته لها بل إنه هو والمتهم قد تنصلاً من أية علاقة لهما بها أو بما تحويه من لحوم فإن الدفع ببطلان تفتيش السيارة لا يقبل إلا من مالكها ومن ثم فإنه لا يقبل من الطاعن أن يتحدى ببطلان ضبطها وتفتيشها.
وحيث إن مبنى الوجه الخامس من الطعن هو الخطأ في تأويل القانون ذلك أن الحكم اطرح الدفع ببطلان تحريز أختام اللحوم المضبوطة لفض أختام الحرز في غيبة المتهم، وليس في الأوراق من دليل على أن وكيل النيابة بعد تحريزه اللحوم حملها معه إلى النيابة وأعاد ختمها بخاتمه – وجاء رد الحكم على هذا الدفع مبنياً على الظن والاحتمال مما لا يصح أن تبنى عليه الأحكام.
وحيث إن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفع بقوله "أما عن الدفع الثالث فإنه ليس صحيحاً ما قاله الحاضر مع المتهم (الطاعن) بالجلسة أن الحرز المحتوى على بصمات الأختام المضبوطة قد فض بمعرفة النيابة ثم أعيد تحريزه في غيبة المتهم لمجرد اكتشاف أختام عليه للسيد وكيل النيابة عند فضه بمعرفة الطبيب الشرعي غير بصمات خاتم المخبر التي وضعت عليه عند تحريزه – ذلك أن وكيل النيابة المحقق قد أثبت في نهاية محضره الذي فتح في يوم 11/ 7/ 1954 أنه أجرى تحريز أختام السلخانة الأربعة في حضور المتهمين بختم المخبر أحمد رفاعي وأنه مزمع إعادة ختمها ثانية بخاتمه عند عودته إلى سراي النيابة – فإذا كان الثابت أن الحرز المذكور عندما أرسل إلى الطبيب الشرعي وجده مختوماً بأختام المحقق المذكور يكون المستفاد من ذلك أنه بعد أن حرزه بختم المخبر في ديوان القسم في حضور المتهمين نفذ ما أثبت أنه أزمع القيام به بأن حمله معه إلى النيابة ثم أعاد ختمه بخاتمه تنفيذاً لما أشر به في نهاية محضره دون فضه - فإذا كان ذلك ثابتاً - وكان المستقر عليه قضاء أن الإجراءات المنصوص عليها في القانون لتحريز المضبوطات وفضها – إنما قصد بها تنظيم العمل والمحافظة على الدليل بعدم توهين قوته في الإثبات وأن مخالفتها لا يرتب في القانون بطلاناً إذا ما اقتنعت المحكمة بعدم حصول عبث فيها – وكان الثابت مما تقدم أن الحرز المشار إليه ظل سليماً على ذات الوضع الذي حرزه عليه المحقق حتى فض بمعرفة الطبيب الشرعي يكون الدفع ببطلان تحريزه في غير محله "ولما كانت إجراءات التحريز بما فيها الإجراء المنصوص عليه في المادة 57 من قانون الإجراءات الجنائية إنما هي إجراءات قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه وكان القانون لم يرتب على مخالفتها أي بطلان وترك الأمر في ذلك – كما قال الحكم – إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وأن الإحراز المضبوطة لم يصل إليها العبث – لما كان ذلك، وكان ما قاله الحكم سائغاً وصحيحاً في القانون فإنه لا يقبل من الطاعن ما يثيره في هذا الصدد إذ لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض وطالما أن المحكمة أقامت قضاءها على عناصر صحيحة وسائغة اقتنع بها وجدانها فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها أو مجادلتها في تقديرها.
وحيث إن مبنى الوجه الأخير من الطعن هو التناقض والقصور في التسبيب إذ أسند الحكم إلى الطاعن قيامه بنفسه بختم بعض اللحوم واصطناع الختم وسرقة المادة السرية وذبح الماشية دون أن يعنى بالتدليل على ذلك ثم انتهى إلى اشتراكه مع مجهول في ارتكاب جناية تقليد الختم وبذلك تكون الواقعة غير مستقرة في ذهن المحكمة نتيجة تناقض الحكم مع نفسه في تكييفه للواقعة مما لا يطمأن معه إلى أن المحكمة قد أنزلت حكم القانون على الواقعة على وجهه الصحيح. ولما كان يبين مما أورده الحكم عن واقعة الدعوى ووصف التهمة ليس فيه أي تناقض بالنسبة لجناية تقليد الختم المسندة إلى الطاعن واستقر قضاؤه على أن الطاعن اشترك مع مجهول في ارتكابها فلا يجدي الطاعن ما يثيره من تناقض شاب الحكم في صدد جريمتي ذبح اللحوم خارج السلخانة وسرقة المادة السرية لأن الثابت من الحكم أنه إعمالاً لنص المادة 32/ 2 من قانون العقوبات لم يوقع على الطاعن إلا عقوبة واحدة هي المقررة للجريمة الأشد موضوع التهمة الأولى وهى جناية تقليد الختم وقد أورد الحكم على ثبوتها في حق الطاعن أدلة سائغة تكفى لصحته وسلامة تسبيبه استخلصها من جماع الأدلة المطروحة بما لا يخالف الاقتضاء العقلي والمنطقي.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته قائماً على غير أساس متعين الرفض.


 (1)هذا المبدأ مقرر في الطعن 1987 لسنة 32 ق جلسة 10/ 12/ 1962 س 13 ع 3 ص 827 قاعدة 199.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق