جلسة 28 من يناير سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ عبد الله فهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ نبيل فوزي، علي شرباش، جاد مبارك وأشرف سمير نواب رئيس المحكمة.
--------------
(22)
الطعن 2950 لسنة 77 القضائية
(1 - 4) دستور "عدم الدستورية: أثر الحكم بعدم الدستورية". نقض "أسباب الطعن: الأسباب المتعلقة بالنظام العام".
(1) أسباب الطعن المتعلقة بالنظام العام. لمحكمة النقض إثارتها من تلقاء نفسها ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق السابق عرضها على محكمة الموضوع وورودها على الجزء المطعون فيه من الحكم.
(2) الشرعية الدستورية. مقتضاها. مطابقة النصوص القانونية واجبة التطبيق لأحكام الدستور. مؤداه. عدم جواز إعمال نص تشريعي يعارض الدستور. انسحاب ذلك الأثر على النص المقضي بعدم دستوريته طالما لحق الدعوى أمام هذه المحكمة. تعلقه بالنظام العام. التزام محكمة النقض بإعماله من تلقاء نفسها وجواز إثارته لأول مرة أمامها. علة ذلك. م 29 ق 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا.
(3) الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية. عدم انحصار حجيتها في خصوم الدعوى. امتداد الحجية إلى الدولة بكافة أنواعها وتنظيماتها وإعمال أثرها على الناس كافة دون تمييز. مؤداه. عدم جواز تطبيق النصوص المقضي بعدم دستوريتها اعتبارا من اليوم التالي لنشر الأحكام الصادرة بشأنها في الجريدة الرسمية. انسحاب ذلك الأثر على الأوضاع والعلائق المتصلة بها حتى ما كان سابقا على نشره. م 49 ق 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا. علة ذلك.
(4) قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 38 لسنة 1963 بتأميم بعض المنشآت فيما تضمنته من نهائية قرارات لجان التقويم الثلاثية وعدم قابليتها للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن. أثره. قابليتها للطعن عليها أمام القضاء. قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد القضاء برفض الدعوى تأسيسا على عدم جواز الطعن على تلك القرارات. خطأ وقصور.
-------------
1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض– أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الواقع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون من الحكم.
2 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن مفاد نص المادة 29 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا يدل على أن الشرعية الدستورية تقتضي أن تكون النصوص التشريعية الواجبة التطبيق على أي نزاع مطابقة لأحكام الدستور فلا يجوز لأي محكمة أو هيئة اختصها المشرع بالفصل في نزاع معين- وأيا كان موقعها من الجهة القضائية التي تنتهي إليها- إعمال نص تشريعي لازم الفصل في النزاع المعروض عليها إذا بدا لها مصادمته للدستور- ومن باب أولى- إذا قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته فهذا القضاء واجب التطبيق على جميع المنازعات التي تخضع لتطبيق هذا النص القانوني مادام الحكم بعدم دستوريته قد لحق الدعوى أمام هذه المحكمة، وهذا الأمر يتعلق بالنظام العام ويتعين على محكمة النقض إعماله من تلقاء نفسها، كما يجوز إثارته لأول مرة أمامها وذلك باعتبارها من المحاكم التي أعدتها المادة 29 المشار إليها.
3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه وعلى ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا- أن مفاد نص المادة 49 من هذا القانون- المنطبقة على الواقعة وقبل تعديلها بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998- أن الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية لا تنحصر حجيتها في خصوم الدعوى الدستورية بل تمتد إلى الدولة بكافة أفرعها وتنظيماتها ويتم إعمال أثرها على الناس كافة دون تمييز فلا يجوز تطبيق النصوص القانونية المحكوم بعدم دستوريتها اعتبارا من اليوم التالي لنشر الأحكام الصادر بشأنها في الجريدة الرسمية ولا ينعى أن لهذه الأحكام أثرا مباشرا لا تتعداه خاصة إذا كان قضاؤها مبطلا لنص غير جنائي بل إن أثره الرجعي يظل ساريا منسحبا إلى الأوضاع والعلاقة التي اتصل بها مؤثرا فيها حتى ما كان منها سابقا على نشره في الجريدة الرسمية بافتراض أن تلك الأحكام كاشفة وليست منشئة، ذلك أن النص الباطل منعدم ابتداء لا انتهاء فلا يكون قابلا للتطبيق أصلا منذ أن نشأ معيبا ولا يكون صالحا لإنشاء مراكز قانونية في ظله.
4 - إذ كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ 30/4/1983 في القضية رقم 7 لسنة 3 ق "دستورية عليا" والمنشور بالجريدة الرسمية في العدد رقم 20 بتاريخ 19/5/1983 بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 38 لسنة 1963- بتأميم بعض المنشآت- فيما تضمنته من النص على أن تكون قرارات لجان التقويم "نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن" ومن ثم فقد أصبح هذا النص القانوني في تلك الخصوصية والمحكوم بعدم دستوريته لا يجوز تطبيقه اعتبارا من اليوم التالي لنشر الحكم بالجريدة الرسمية انطباقا للمادة 49 سالفة البيان، مما مؤداه أن تكون قرارات لجان التقويم الثلاثية المشكلة بموجب تلك المادة لا تكون نهائية وتكون قابلة للطعن عليها أمام القضاء، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض دعوى الطاعنين وأسس قضاءه في ذلك على أن قرار اللجنة المشار إليها نهائيا ولا يجوز الطعن عليه بأي وجه من أوجه الطعن مرتبا على ذلك أن المحلج بكل مشتملاته بما فيها المنزل محل النزاع قد أصبح مالا عاما مملوكا للدولة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، وقد حجبه ذلك الخطأ عن بحث ما إذا كان المنزل يدخل ضمن مشتملات المحلج الصادر بشأنه قرار التأميم من عدمه- وهو ما انصبت عليه منازعة الطاعنين- ولم يقل كلمته فيه مما يعيبه بالقصور المبطل.
------------
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهم الدعوى رقم ... لسنة 1997 أمام محكمة كفر الشيخ الابتدائية "مأمورية فوه الكلية" بطلب الحكم بمحو التأشير رقم ... بتاريخ 2/4/1970 بمكتب الشهر العقاري بكفر الشيخ الذي تم بناء على طلب المطعون ضده الأول بصفته والتأشير على هامش العقود المسجلة أرقام ... ، ... ، ... لسنة 1932 رهون طنطا بالنسبة لمسطح المنزل المبين بصحيفة الدعوى، وبطلان العقد المسجل رقم ... لسنة 1975 بمكتب الشهر العقاري بكفر الشيخ الصادر من المطعون ضده الثالث إلى المطعون ضده الأول بالنسبة للمنزل المشار إليه، وتثبيت ملكيتهم له، وقالوا بيانا لذلك إن مورثهم كان يمتلك محلج أقطان وأرض فضاء مجاورة له أقام عليها منزلا مستقلا، وقد صدر القانون رقم 38 لسنة 1963 بتأميم منشآت تصدير القطن ومحالجه، وقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1106 لسنة 1956 بتبعية محلج مورثهم إلى شركة الدلتا لحلج الأقطان، وتم التأشير بذلك بمكتب الشهر العقاري بكفر الشيخ على العقود المسجلة المشار إليها، وإذ تم إدخال الأرض الفضاء المجاورة للمحلج والمقام عليها المنزل المملوك لهم في هذه العقود- بالمخالفة للقانون سالف البيان- على الرغم من أن هذا المنزل ليس من عناصر المحلج، وقام المطعون ضده الأول بصفته بشراء الطابق الأرضي منه من المطعون ضدها الثالثة وشغله، ومن ثم فقد أقاموا الدعوى، ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى ثم أعادت ندب خبير آخر وبعد إيداع التقريرين حكمت بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وأحالتها إلى محكمة القضاء الإداري، استأنف الطاعنون هذا الحكم برقم ... لسنة 35ق طنطا "مأمورية كفر الشيخ" وبتاريخ .../1/ 2004 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وأعادت الدعوى إلى محكمة أول درجة لنظر الموضوع والتي قضت برفض الدعوى، استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 38ق طنطا "مأمورية كفر الشيخ" وبتاريخ .../ 12/ 2006 قضت المحكمة بالتأييد، طعن الطاعنون في هذا الحكم الأخير بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أقام قضاءه برفض دعواهم على سند من أن قرارات اللجنة الثالثة المشكلة بتاريخ ../ 11/ 1963 طبقا لأحكام القرار بقانون رقم 38 لسنة 1963 نهائية ولا يجوز الطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن في حين أنها قابلة للطعن عليها مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد ذلك أنه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الواقع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون من الحكم، وكان المقرر أن مفاد نص المادة 29 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا يدل على أن الشرعية الدستورية تقتضي أن تكون النصوص التشريعية الواجبة التطبيق على أي نزاع مطابقة لأحكام الدستور فلا يجوز لأي محكمة أو هيئة اختصها المشرع بالفصل في نزاع معين– وأيا كان موقعها من الجهة القضائية التي تنتهي إليها- إعمال نص تشريعي لازم الفصل في النزاع المعروض عليها إذا بدا لها مصادمته للدستور- ومن باب أولى- إذا قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته فهذا القضاء واجب التطبيق على جميع المنازعات التي تخضع لتطبيق هذا النص القانوني مادام الحكم بعدم دستوريته قد لحق الدعوى أمام هذه المحكمة، وهذا الأمر يتعلق بالنظام العام ويتعين على محكمة النقض إعماله من تلقاء نفسها، كما يجوز إثارته لأول مرة أمامها وذلك باعتبارها من المحاكم التي أعدتها المادة 29 المشار إليها، كما أن المقرر- وعلى ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا- أن مفاد نص المادة 49 من هذا القانون- المنطبقة على الواقعة وقبل تعديلها بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998- أن الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية لا تنحصر حجيتها في خصوم الدعوى الدستورية بل تمتد إلى الدولة بكافة أفرعها وتنظيماتها ويتم إعمال أثرها على الناس كافة دون تمييز فلا يجوز تطبيق النصوص القانونية المحكوم بعدم دستوريتها اعتبارا من اليوم التالي لنشر الأحكام الصادر بشأنها في الجريدة الرسمية ولا ينعي أن لهذه الأحكام أثرا مباشرا لا تتعداه خاصة إذا كان قضاؤها مبطلا لنص غير جنائي بل إن أثره الرجعي يظل ساريا منسحبا إلى الأوضاع والعلاقة التي اتصل بها مؤثرا فيها حتى ما كان منها سابقا على نشره في الجريدة الرسمية بافتراض أن تلك الأحكام كاشفة وليست منشئة، ذلك أن النص الباطل منعدم ابتداء لا انتهاء فلا يكون قابلا للتطبيق أصلا منذ أن نشأ معيبا ولا يكون صالحا لإنشاء مراكز قانونية في ظله، ولما كان ما تقدم وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ 30/4/1983 في القضية رقم 7 لسنة 3ق "دستورية عليا" والمنشور بالجريدة الرسمية في العدد رقم 20 بتاريخ 19/5/1983 بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 38 لسنة 1963- بتأميم بعض المنشآت- فيما تضمنته من النص على أن تكون قرارات لجان التقويم "نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن" ومن ثم فقد أصبح هذا النص القانوني في تلك الخصوصية والمحكوم بعدم دستوريته لا يجوز تطبيقه اعتبارا من اليوم التالي لنشر الحكم بالجريدة الرسمية انطباقا للمادة 49 سالفة البيان، مما مؤداه أن تكون قرارات لجان التقويم الثلاثية المشكلة بموجب تلك المادة لا تكون نهائية وتكون قابلة للطعن عليها أمام القضاء، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض دعوى الطاعنين وأسس قضاءه في ذلك على أن قرار اللجنة المشار إليها نهائيا ولا يجوز الطعن عليه بأي وجه من أوجه الطعن مرتبا على ذلك أن المحلج بكل مشتملاته بما فيها المنزل محل النزاع قد أصبح مالا عاما مملوكا للدولة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، وقد حجبه ذلك الخطأ عن بحث ما إذا كان المنزل يدخل ضمن مشتملات المحلج الصادر بشأنه قرار التأميم من عدمه- وهو ما انصبت عليه منازعة الطاعنين- ولم يقل كلمته فيه مما يعيبه بالقصور المبطل ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق