جلسة 19 من مارس سنة 1959
برياسة السيد المستشار
محمود عياد، وبحضور السادة: إبراهيم عثمان يوسف، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت،
وعباس حلمي سلطان المستشارين.
-------------
(38)
الطعن رقم 22 سنة 27 ق
"أحوال شخصية"
(أ) وقف. قسمة.
التعويل في قسمة حصة
الخيرات أو المرتبات الدائمة وفرزها عن باقي أعيان الوقف على ما تنتجه تلك الحصة
من غلة. أياً كانت عقاراً أو أطياناً زراعية. الغلة فقط هي التي يجب أن تراعى عند
الفرز. على هذا الأساس وحده يتحدد مقدار الحصة ونسبة هذه القيمة إلى قيمة أعيان
الوقف كله. م 2 من ق 180 لسنة 1952 معدل ب. ق 342 لسنة 1952، م 41 من ق 48 لسنة
1946.
(ب) وقف. قسمة.
نص م 36 من ق 48 لسنة
1946 وارد حكمها على قسمة غلة. الوقف دون قسمة أعيانه. قسمة أعيان الوقف ورد حكمها
في م 41 من ذلك القانون. الإحالة الواردة في المادة الأخيرة إلى م 36 إلى تقدير
المرتبات المفرزة للخيرات.
----------------
1 - مؤدى نص المادة
الثانية من القانون رقم 180 لسنة 1952 معدلة بالقانون رقم 342 لسنة 1952 والمادة
41 من القانون رقم 48 لسنة 1946 أن المعول عليه في قسمة حصة الخيرات أو المرتبات
الدائمة وفرزها عن باقي أعيان الوقف هو ما تنتجه تلك الحصة - أياً كانت عقاراً أو
أطياناً زراعية من غلة - وهذه الغلة فقط هي التي يجب أن يراعى عند الفرز أن تكون
بحيث تفي بالمرتبات الدائمة أو الخيرات المشروطة وعلى هذا الأساس وحده يتحدد مقدار
الحصة الواجب فرزها للخيرات دون ما اعتبار لقيمة أعيان الحصة المذكورة ونسبة هذه
القيمة إلى قيمة أعيان الوقف كله.
2 - إن المادة 36 من
القانون رقم 48 لسنة 1946 التي تنص على عدم جواز زيادة المرتبات عما شرط لها في
الوقف وارد حكمها على قسمة غلة الوقف دون قسمة أعيانه التي ورد حكمها في المادة 41
من ذلك القانون أما الإحالة الواردة في المادة الأخيرة إلى المادة 36 فإلى تقدير
المرتبات المفرزة للخيرات ليكون هذا التقدير أساساً لفرز حصة الخيرات ذاتها على
الأساس الوارد في المادة 41 وبعدئذ يكون لأربابها غلة هذه الحصة بعد فرزها مهما
يطرأ على هذه الغلة من زيادة أو نقص فيما بعد.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد
استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن السيدة فاطمة مصطفى
البكري وآخرين من مستحقي وقف الأمير عثمان باشجاويش رفعوا الدعوى رقم 381 سنة 1956
أمام محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية على وزارة الأوقاف بطلب قسمة أعيان
الوقف المذكور وفرز حصة تفي غلتها للصرف على الخيرات المبينة بكتاب الوقف فندبت
المحكمة خبيراً لمعاينة الأطيان والعقارات الموقوفة وإجراء عملية الفرز والتقسيم
المطلوبة وبعد أن باشر الخبير مأموريته قدم تقريره الذي انتهى فيه إلى تخصيص جزء
من أطيان الوقف مساحته 43 فداناً و16 قيراط و22 سهماً للخيرات البالغ مقدارها حسب
تقدير الوزارة لها مبلغ 869 جنيهاً و345 مليماً وقال إن صافي ريع تلك المساحة يبلغ
897 جنيهاً و822 مليماً. فاعترضت وزارة الأوقاف على ذلك بأن هذه المساحة تنقص عن
المساحة الواجب تخصيصها للخيرات بمقدار 18 فداناً و17 قيراطاً و7 أسهم. وبتاريخ 26
من مارس سنة 1956 حكمت المحكمة بتخصيص حصة الخيرات في الوقف المذكور على الوجه
المبين بتقرير الخبير. فاستأنفت وزارة الأوقاف هذا الحكم أمام محكمة استئناف
القاهرة حيث قيد بجدولها تحت رقم 74 لسنة 73 ق تصرفات طالبة إلغاءه والحكم أصلياً
باعتبار نصيب الخيرات 62 فداناً و10 قراريط و5 أسهم منها 43 فداناً و16 قيراطاً
و22 سهماً الواردة في تقرير الخبير واحتياطياً إعادة المأمورية إلى الخبير لفرز
نصيب الخيرات في جميع الأعيان الموقوفة على أساس تحويل المرتب الخيري إلى سهم في
الغلة ثم تقدير ثمن عقارات الوقف وثمن أطيانه الزراعية وتخصيص جهات البر من مجموع
ثمنها حصة بنسبة المرتب الخيري السنوي إلى ريع الوقف ثم فرز مقدار من أعيان الوقف
للخيرات توازي قيمته حصة الخيرات في مجموع الثمن. وبتاريخ 23 من مارس سنة 1957
حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت وزارة الأوقاف في هذا
الحكم بالنقض بتاريخ 10 من إبريل سنة 1957 وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها
رفض الطعن. وبتاريخ 15 من إبريل سنة 1958 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت
إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية ومسائل الأحوال الشخصية. وبتاريخ 30 من
إبريل سنة 1958 أمر السيد رئيس المحكمة بإعلان المطعون عليهم بتقرير الطعن وحدد
لهم خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانهم لإيداع مذكرة بدفاعهم مشفوعة بالمستندات التي
يريدون تقديمها وللنيابة الواحد وعشرين يوماً التالية لإبداء رأيها في الطعن. وبعد
إعلان تقرير الطعن وتقديم مذكرات بعض المطعون عليهم في المواعيد المحددة قدمت
النيابة العامة مذكرة أصرت فيها على رأيها السابق ثم أمر السيد رئيس المحكمة
بتحديد جلسة 15 من يناير سنة 1959 أمام هذه الدائرة لنظر الطعن وفيها صممت النيابة
على رأيها.
وحيث إن مبنى الطعن
مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله من ثلاثة أوجه أولها أن المادة 36 من
القانون رقم 48 لسنة 1946 التي استند إليها الحكم في رفض طلب إجراء القسمة على
النحو المبين بطلبات الوزارة - هذه المادة خاصة بقسمة غلة الوقف والشرط الوارد في
عجزها بعدم زيادة المرتبات عما شرطه الواقف خاص بهذه الغلة وقسمتها. أما إذا قسمت
أعيان الوقف فإن صاحب المرتب يأخذ غلة الحصة التي فرزت له بالغة ما بلغت زادت عن
المرتب المشروط له أو نقصت طبقاً لحكم المادة 41 من القانون رقم 48 لسنة 1946
الخاصة بفرز أعيان الوقف. وهذه المادة لم تحل على المادة 36 في شأن تقدير سهم صاحب
المرتب في الغلة أي في تحويل حقه عن مبلغ محدد إلى سهم في الغلة. والوجه الثاني
خطأ الحكم المطعون فيه عندما طبق ما جاء بعجز المادة 36 على الدعوى مع أنه خاص
بقسمة الغلة فقط وكان الواجب على الحكم أن يطبق ما جاء بعجز المادة 41 لأنه هو الخاص
بفرز أعيان الوقف. والوجه الثالث أن الحكم أخطأ إذ لم يعتبر الخيرات صاحبة المرتب
شريكة على الشيوع في أعيان الوقف مع أن ذلك منصوص عليه صراحة في الفقرة الثانية من
المادة الثانية من القانون رقم 180 لسنة 1952 المعدلة بالقانون رقم 342 لسنة 1952
ومؤدى هذه الوجوه الثلاثة في نظر الطاعنة هو أنه في قسمة حصة الخيرات في الوقف يجب
أن يحول المرتب الخير إلى سهم في الغلة حسبما ورد في المادة 36 من القانون رقم 48
لسنة 1946 ثم يقدر ثمن عقارات الوقف وثمن أطيانه الزراعية ويخصص للخيرات من مجموع
ثمنها حصة بنسبة المرتب الخيري السنوي إلى ريع الوقف. ثم يفرز من أعيان الوقف أو
أطيانه أو من كل منهما للخيرات مقدار توازي قيمته حصة الخيرات في مجموع الثمن.
وحيث إن هذا النعي مردود.
ذلك أن المادة الثانية من القانون رقم 180 لسنة 1952 معدلة بالقانون رقم 342 لسنة
1952 قد نصت على أنه يعتبر الوقف منتهياً "... فيما عدا حصة شائعة فيه تضمن
غلتها الوفاء بنفقات تلك الخيرات أو المرتبات (المشروطة لجهات البر).. ويتبع في
تقدير هذه الحصة وإفرازها أحكام المادة 41 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام
الوقف". ونصت المادة 41 من القانون رقم 48 لسنة 1946 الواردة في باب قسمة
الوقف على أنه إذا طلبت القسمة "قررت المحكمة (للخيرات أو المرتبات الدائمة)
حصة تضمن غلتها ما لأرباب هذه المرتبات بعد تقديرها طبقاً للمواد 36 و37 و38 على
أساس متوسط غلة الوقف في خمس سنوات الأخيرة العادية. ويكون لهم غلة هذه الحصة مهما
طرأ عليها من زيادة أو نقض". ويبين من المذكرة التفسيرية للمادة 41 أن
التقدير الذي أشير في تلك المادة إلى إجرائه طبقاً للمادة 36 و37 و38 هو تقدير
المرتبات لا تقدير الحصة المطلوب إفرازها لهذه المرتبات. ومؤدى هذين النصين أن
المعول عليه في قسمة حصة الخيرات أو المرتبات الدائمة وفرزها عن باقي أعيان الوقف
هو ما تنتجه تلك الحصة - أياً كانت عقاراً أو أطياناً زراعية - من غلة - هذه الغلة
فقط هي التي يجب أن يراعى عند الفرز أن تكون بحيث تفي بالمرتبات الدائمة أو
الخيرات المشروطة. وعلى هذا الأساس وحده يتحدد مقدار الحصة الواجب فرزها للخيرات
دون ما اعتبار لقيمة أعيان الحصة المذكورة ونسبة هذه القيمة إلى قيمة أعيان الوقف
كله. ولما كان الحكم المطعون فيه قد قرر أنه "لا نزاع بين الطرفين في أن ما
قرر للخيرات من أطيان يغل مبلغ 893 جنيهاً و822 مليماً صافية سنوياً وهذا أكثر من
المقدر للخيرات باتفاق الطرفين وقدره مبلغ 869 جنيهاً و345 مليماً" فإن مفاد
ذلك أن المرتبات الخيرية المطلوب فرز حصة لها قد تحددت باتفاق الطرفين بمبلغ 869
جنيهاً و345 مليماً وفي ذلك ما يغني عن اتباع أحكام المادة 36 من القانون رقم 48
لسنة 1946 في تقديرها. ولما كان الحكم قد اعتد في فرز حصة الخيرات بما تغله هذه
الحصة من ريع يفي بهذه المرتبات. وكان ما انتهجه الحكم في هذا الصدد يتفق مع
الأساس الصحيح الذي يجري به حكم القانون ويتحدد على هداه - كما سبق القول - الحصة
الواجب فرزها للخيرات من أعيان الوقف - لما كان ذلك فإن الحكم المذكور لا يكون
مخالفاً للقانون. لا يغير من ذلك خطأ الحكم فيما استطرد إليه تزيداً من القول بأن
"مجاراة الوزارة (الطاعنة) فيما طلبته يؤدي إلى فرز حصة للخيرات من الأطيان
تغل أكثر مما شرط لها الأمر الذي تحرمه المادة 36 من القانون رقم 48 لسنة
1946". ذلك أنه وإن كانت المادة 36 من القانون رقم 48 لسنة 1946 التي تنص على
عدم جواز زيادة المرتبات عما شرط لها في الوقف واردة حكمها على قسمة غلة الوقف دون
قسمة أعيانه التي ورد حكمها في المادة 41 من ذلك القانون. وكانت هذه المادة
الأخيرة إذ أحالت إلى المادة 36 إنما أحالت إليها - كما سبق القول - في تقدير
المرتبات المفرزة للخيرات ليكون هذا التقدير أساساً لفرز حصة الخيرات ذاتها على
الأساس الوارد في المادة 41 وبعدئذ يكون لأربابها غلة هذه الحصة بعد فرزها مهما
يطرأ على هذه الغلة من زيادة أو نقص فيما بعد. إلا أن هذا الخطأ القانوني الذي
انساق إليه الحكم لا يبطله ولا ينال من قضائه طالما كانت النتيجة التي انتهى إليها
- على ما سبق بيانه - سليمة وتتفق مع التطبيق الصحيح للقانون.
وحيث إن ما ختمت به
الطاعنة نعيها من القول بخطأ الحكم في عدم اعتبار الخيرات صاحبة المرتب شريكة على
الشيوع في أعيان الوقف مردود بأن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون
فيه قد اعتبر الخيرات شريكة على الشيوع في أعيان الوقف. وعلى هذا الأساس فرز لها
حصة من تلك الأعيان تفي غلتها بالمرتبات المقدرة لهذه الخيرات - كما سبق البيان -
وذلك بغض النظر عن كون تلك الحصة من الأطيان أو من غيرها من أعيان الوقف طالما أن
المناط في فرز وقسمة حصة الخيرات طبقاً لنص المادة الثانية من القانون رقم 180
لسنة 1952 والمادة 41 من القانون رقم 48 لسنة 1946 هو ما تغله تلك الحصة من ريع.
وحيث إنه يبين مما سبق أن
الطعن على غير أساس فيتعين رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق