جلسة 3 من يناير سنة 1995
برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وعلي شكيب نواب رئيس المحكمة وأحمد عبد القوي أيوب.
----------------
(6)
الطعن رقم 10106 لسنة 63 القضائية
(1) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
اختلاف الشهود في بعض التفصيلات. لا يعيب الحكم. علة ذلك؟.
(2) تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه". مأمورو الضبط القضائي. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". مواد مخدرة.
طريقة تنفيذ إذن التفتيش. موكولة إلى رجل الضبط المأذون له. حقه في أن يتخذ من وسائل التحوط ما يمكنه من تنفيذ الإذن. وأن يستعين في تنفيذه بأعوانه أو غيرهم من رجال السلطة العامة. بحيث يكونون على مرأى منه وتحت بصره.
التفات الحكم عن الدفاع القانوني ظاهر البطلان. لا يعيبه.
مثال.
(3) مواد مخدرة. قانون "تفسيره". عقوبة "الإعفاء منها". أسباب الإباحة وموانع العقاب "الإعفاء من العقاب". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الإعفاء من العقاب بعد علم السلطات بالجريمة وفقاً لنص المادة 48 من القانون 182 لسنة 1960. شرطه: تعدد الجناة المساهمين في الجريمة. فاعلين كانوا أو شركاء. وورود الإبلاغ على غير المبلغ.
عدم تحقق صدق البلاغ. أثره: انتفاء موجب الإعفاء.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ 1، أ، 36، 43/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 2 من القسم الأول من الجدول رقم (1) المرفق بالقانون الأخير مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه مائة ألف جنيه ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد ذلك بأنه أحال في بيان شهادة الشاهد الثاني إلى مضمون ما حصله من شهادة الشاهد الأول رغم اختلاف أقوالهما في شأن وقت الضبط ولم يعرض الحكم لما دفع به الطاعن من بطلان التفتيش لأن من قام به لم يثبت ندبه لذلك من الضابط المأذون له بالتفتيش، وتمسك الطاعن بالإعفاء من العقاب المقرر بنص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 لإبلاغه عن متهم آخر تم ضبطه، إلا أن الحكم أطرح ذلك بما لا يسوغ كما نسب الحكم إلى شاهدي الإثبات أن الطاعن أقر لهما بإحرازه للمخدر المضبوط بقصد الاتجار خلافاً للثابت بالأوراق كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومن تقرير التحليل وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدى أقوال الشاهد الأول، وعند إيراده لأقوال الشاهد الثاني أورد أنه شهد بمضمون ما شهد به الشاهد الأول، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم، ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وفي عدم إيراد المحكمة لهذه التفصيلات ما يفيد إطراحها لها، وكان البين من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من أقوال الشاهد الأول يتفق في جملته مع أقوال الشاهد الثاني فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن طريقة تنفيذ إذن التفتيش موكولة إلى رجل الضبط المأذون له به تحت إشراف سلطة التحقيق ورقابة محكمة الموضوع فله أن يتخذ من وسائل التحوط ما يمكنه من تحقيق الغرض من التفتيش المأذون له به وأن يستعين في ذلك بأعوانه من رجال الضبط القضائي أو غيرهم من رجال السلطة العامة بحيث يكونون على مرأى منه وتحت بصره، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه والمفردات المضمومة - أن من قام بضبط الطاعن وتفتيشه هو الضابط المأذون له بذلك من النيابة خلافاً لما يدعيه الطاعن - وكان معه زميله... فإن الدفع ببطلان تنفيذ الإذن على فرض إثارته - لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان وبعيداً عن محجة الصواب لا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عنه ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن بشأن تمتعه بالإعفاء المقرر في المادة 48/ 2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل وأطرحه تأسيساً على أن ما قرره الطاعن هو مجرد قول مرسل في حق آخر عار من الدليل متسم بالجدية، إذ لم يوصل إلى كشف صلة المذكور بالجريمة المبلغ عنها. وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن مناط الإعفاء الذي تتحقق به حكمة التشريع وفقاً للمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960 هو تعدد الجناة المساهمين في الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء وورود الإبلاغ على غير المبلغ، بما مفاده أنه حتى يتوافر موجب الإعفاء يتعين أولاً أن يثبت أن عدة جناة قد ساهموا في اقتراف الجريمة المبلغ عنها فاعلين كانوا أو شركاء وأن يقوم أحدهم بإبلاغ السلطات العامة بها فيستحق بذلك منحه الإعفاء المقابل الذي قصده الشارع وهو تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي الجرائم الخطرة التي نص عليها القانون فإذا لم يتحقق صدق البلاغ بأن لم يثبت أصلاً أن هناك جناة آخرين ساهموا مع المبلغ في الجريمة فلا إعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع بعدم بلوغ النتيجة التي يجزي القانون عنها بالإبلاغ عنها، وهو تمكين السلطات من الكشف عن تلك الجرائم الخطرة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتنق هذا النظر وخلص بحق - مما له معينه من الأوراق - إلى رفض تمتع الطاعن بالإعفاء المشار إليه لانتفاء مقوماته والحكمة من تشريعه فإن النعي عليه في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من أقوال الشاهدين بشأن إقرار الطاعن لهما بإحرازه المخدر المضبوط بقصد الاتجار له صداه في الأوراق فإن النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد يكون في غير محله. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق