هيئة المحكمة : الرئيس الصديق أبو الحسن
والمستشاران علي الدميري وإمام البدري .
1- سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة
والترجيح بينها وتقدير الخطأ المستوجب المسؤولية شرط إقامة قضائها على أسباب سائغة
لها أصلها الثابت في الأوراق وكافية لحمله.
3- دية للمرأة هي نصف دية الرجل وبالتالي قضاء الحكم بدية للمرأة
مساوية لدية الرجل هو مخالف لأحكام الشريعة ومستوجب نقضه جزئيا.
ملخص
المكتب الفني للمحكمة الاتحادية العليا
( 1 ) إثبات . محكمة الموضوع . قتل خطأ . جريمة . مرور . رابطة
السببية .
فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والترجيح بينها وتقدير
الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه سلطة لمحكمة الموضوع . شرطه أن تقيم قضاءها على
أسباب سائغة تكفي لحمله . مثال : لاستخلاص سائغ لتوافر رابطة السببية بين خطأ
المتهم ووفاة المجني عليها .
( 2 ) قانون . دية . قتل خطأ . شريعة إسلامية . عقوبة . نظام
عام .
إخضاع جرائم الحدود والقصاص والدية لأحكام الشريعة الإسلامية م
/ 1 عقوبات .
- دية المرأة نصف دية الرجل . أساس ذلك
- قضاء الحكم المطعون فيه بدية للمرأة مساوية لدية الرجل مخالف
لأحكام الشريعة الإسلامية .
- مقدار الدية في القتل الخطأ 200.000 درهم وفق القانون المعدل
رقم 9 لسنة 2003
- سريان أحكام القانون على الدعاوي التي لم يفصل فيها بحكم بات
. تعـلق بذلك بالنظام العام . مؤداه النقض الجزئي والقضاء لها 100.00 درهم .
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن فهم الواقع في الدعوى
وتقدير الأدلة فيها والترجيح بينها والأخذ بما تراه راجحاً منها وتقدير الخطأ
المستوجب لمسئولية مرتكبه مساهماً فيه أو منفرداً به من إطلاقات محكمة الموضوع .
ولا معقب عليها في ذلك طالما لم تعتمد على واقعة بلا سند . وحسبها أن تبين الحقيقة
التي اقتنعت بها وأقامت دليلها . وأن تستخلص من الواقعة ما يكفي لاقتناعها وأن
تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله .
لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد
أحاط بواقعة الدعوى وظروف وملابسات الحادث عن بصر وبصيرة واستخلص منها سائغاً خطأه
معتداً بتقرير مخطط الحادث وشهادته أمام محكمة الاستئناف وما استخلصه من أقوال
الشاهد عمر ومعللاً بأن الثابت من شهادة المذكورين أن السيارة التي يقودها الطاعن
أخذت يمين الطريق تمهيداً لدخول الفتحة التي في وسطه للدخول إلى الطريق المعاكس .
وبدأ سائقها في الانعطاف جهة اليسار وأن الطريق كان مستقيماً . وكان الواجب عليه
بعد أن أخذ أقصى يمين الطريق تمهيداً للانعطاف إلى نهر الشارع وعبور الفتحة . أن
يتأكد من خلو الطريق من السيارات القادمة من خلفه إلا أن الثابت أنه أخذ أقصى يمين
الطريق وانعطف إلى يسار الطريق لعبور الفتحة دون أن يتوقف للتأكد من خلو الطريق من
خلفه وكانت السيارة الأخرى قادمة من خلفه تسير على يسار الطريق فصدمت سيارة الطاعن
في مؤخرتها في القسم الأيسر من مسار الطريق . الأمر الذي أدى إلى وفاة المجني
عليها فتوافرت علاقة السببية بين فعل الطاعن والنتيجة مما يوجب إدانة الطاعن بما
نسب إليه وإلزامه الدية . وهذه أسباب سائغة لها أصلها من الأوراق وتكفي لحمل قضاء
الحكم ومن ثم لا يعدو النعي أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع سلطة
تقديره . وهو مالا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة فهو على غير أساس متعين الرفض .
2 - أنه وإن جاء بالمادة الأولى من القانون الاتحادي 17/1991
بشأن تحديد الدية الشرعية للمتوفى خطأ بمبلغ ( 000ر150 ) درهم المعدل بالقانون
الاتحادي رقم 9/2003 الصادر في 29/11/2003 إلى ( 000ر200 ) درهـم فإن ذلك لا ينتـج
ما انتهى إليه الحكـم المطعـون فيه بقضـائه بمبلغ ( 000ر150 ) درهم دية للمرأة
المتوفاة لما هو معلوم أولاً : إن التحديد الوارد في القانون ليس المقصود منه تدخل
المشرع الوضعي في تحديد مقدار الدية كعقوبة . وإنما هو مجرد معادلة لقيمة الدية
الشرعية بالعملة الورقية ـ ثانياً : تعني كلمة المتوفى في القانون التسوية بين
الرجل والمرأة في مقدار الدية المستحقة لكل منهما . بل إن ذلك لبيان أصل الدية
الكاملة . ويبقى أمر إعطاء ما تفرضه أحكام الشريعة الإسلامية لكل من يستحق الدية
كاملة ، أو يستحق جزءاً منها قائماً حسب ما هو منصوص عليه في القواعد الشرعية
سنداً للمادة الأولى من قانون العقوبات الاتحادي التي استوجبت إخضاع جرائم الحدود
والقصاص والدية لأحكام الشريعة الإسلامية ، والمادة الأولى من القانون 3/96 بشأن
اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم .
وإذ يتبين من أحكام الشريعة الإسلامية أن أهل العلم قد أجمعوا
على أن دية المرأة نصف دية الرجل وسند إجماعهم في ذلك أحاديث رسول الله صلى الله
عليه وسلم وآراء صحابته والتابعين . وما جرى عملهم عليه روى معاذ بن جبل عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال : دية المرأة نصف دية الرجل : سنن البيهقي 8 : 95 ، 96
وأقره الشوكاني في نيل الأوطار 7 : 67 ، 68 وقد حفلت كتب الأئمة الأربعة بتأكيد
الإجماع على ذلك . وفي شرح الخرشي على متن خليل 8 : 30 : ودية المرأة على النصف من
الذكر : وفي التحفة لابن عاصم شرح التاودي 2 : 375 : وفي النساء ممن ذكر مسلمات أو
كتابيات أو مجوسيات الحكم بتنصيف الدية الواجبة في ذكورهن ، لأن الله تبارك وتعالي
جعل اثنين منهن في واحد ، فقال تعالى ﴿ فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ﴾
وأعطاهما ما للواحد فقال ﴿ للذكر مثل حظ الانثيين ﴾ وذكر أئمة الشافعية الإجماع
على ذلك . ففي الأم للشافعي ( لم نعلم مخالفاً من أهل العلم قديماً ولا حديثاً في
أن دية المرأة نصف دية الرجل ) وجاء الإجماع على ذلك في كتب الأحناف أيضاً . قال
الكاساني في بدائع الصنائع 1 : 466 ( وإن كان القتيل أنثى فدية المرأة على نصف دية
الرجل بإجماع الصحابة رضوان الله عليهم على ذلك ) وجاء مثل ذلك في كتب السادة
الحنابلة قال ابن قدامه في المغنى 9 : 531 ( ودية الحرة المسلمة نصف دية الحر
المسلم ....) وأجمع أهل العلم على أن دية المرأة نصف دية الرجل . ويتبين من كل ذلك
أن الأئمة الأربعة وكل من يقتدي به من علماء أهل السنة أنهم أقروا الحكم بنصف
الدية للمرأة اعتماداً على ما ثبت لديهم من أدلة . واستقر إجماع الصحابة على ذلك .
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمبلغ ( 000ر150 )
درهم مائة وخمسين ألف درهم دية للمرأة المجني عليها وفقاً للمقدار المحدد بالقانون
17/1991 مساوياً بها دية الرجل فإنه يكون قد خالف أحكام الشريعة الإسلامية التي
أجمع عليها أهل العلم في شأن دية المرأة بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص وتصحيحه .
وحيث إنه من المقرر أن للمحكمة العليا أن تثير في الطعن المسائل
المتعلقة بالنظام العام من تلقاء نفسها ، وإن لم يثرها أحد الخصوم ـ وإن كان ما
تثيره يضير الطاعن عملاً بما استقر عليه قضاؤها من أن تطبيق أحكام الشريعة
الإسلامية على وجهها الصحيح لا يضير أحداً . وأن أحكامها واجبة التطبيق ، ويبطل كل
حكم يخالفها .
لما كان ذلك وكان مقدار الدية في القتل الخطأ وفق القانون
الاتحادي 17/1991 هو ( 150000 ) درهم وقد صدر القانون الاتحادي 9/2003 في
29/11/2003 بتعديل مقدارها إلى ( 200000 ) درهم على أن تسري أحكامه على الدعاوى
التي لم يفصل فيها بحكم بات ، ولو أقيمت عن واقعات سابقة على صدوره . وإذ صدر
القانون الأخير في التاريخ المذكور ، على أن يعمل به من تاريخ نشره في 13/12/2003
ولم يصدر في الدعوى الماثلة حكم بات . إذ أنها مازالت معروضة على هذه المحكمة لنظر
الطعن بالنقض . وقد اعتبر الحكم المطعون فيه دية القتل الخطأ ( 000ر150 ) درهم ما
يتعين معه نقضه جزئياً في هذا الخصوص وتعديل مقدار الدية المحكوم بها وفق منطوق
هذا الحكم .
المحكمة ،
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه القاضي
المقرر وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الواقعات تتلخص في أن النيابة العامة اتهمت الطاعن
..... لأنه في يوم 19/1 / 2003 بدائرة عجمان :
1 - تسبب بخطئه في وفاة ..... بإهماله ورعونته وعدم احترازه ،
بأن قاد مركبته على وجه يخالف أحكام القانون مما أدى لوقوع الحادث الذي أودى
بحياتها .
2 - تسبب بخطئه في المساس بسلامة جسم كل من .... و ....... و
...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته وعدم احترازه بأن قاد مركبه على وجه
يخالف أحكام القانون مما أدى إلى وقوع الحادث الذي نتج عنه إصابات المجني عليهم
المبينة بالتقارير الطبية .
3 - تسبب بخطئه بإلحاق أضرار بالمركبتين / 19366 / دبي و / 6935
/ عجمان بإهماله ورعونته وعدم احترازه بأن قاد المركبة على وجه يخالف أحكام
القانون مما أدى لوقوع الحادث والتلفيات .
4 - قاد المركبة المبينة بالمحضر بتهور وبصورة تشكل خطراً على
الجمهور وطلبت عقابه طبق أحكام الشريعة الإسلامية والمادتين 342/1 ، 434/1 من
قانون العقوبات الاتحادي والمواد 2 ، 53/2 و54 من القانون الاتحادي 21/95 في شأن
السير والمرور . وبجلسة 18/2/2003 حكمت محكمة أول درجة بحبس الطاعن مدة شهر عما
نسب إليه . وإلزامه بدفع الدية الشرعية ومقدارها ( 000ر150 ) درهم لورثة المتوفاة
الشرعيين . فاستأنف برقم 122/2003 جزائي عجمان . وبجلسة 17/6 / 2003 حكمت المحكمة
بإلغاء الحكم المستأنف وبإدانة الطاعن ومعاقبته بالحبس مدة شهر واحد . وألزمته
بدفع الدية الشرعية لورثة المجني عليها . وقدرها ( 000ر150 ) درهم فطعن بالنقض .
وأودعت النيابة مذكرة رأت فيها نقض الحكم المطعون فيه جزئياً وتعديله بجعل دية
المرأة على نصف دية الرجل وعلى أن يكون النصف ( 000ر100 ) درهم لتعديل مقدارها وفق
القانون رقم 9/2003 .
وحيث إن الطاعن أقام طعنه على سببين ينعي بالأول منهما على
الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت
بالأوراق ويقول في بيان ذلك أن الحكم استنتج من شهادة مخطط الحادث والشاهد
..... أن السيارة التي بها المتوفاة كانت تسير على يسار الطريق خلف الشاحنة
التي يقودها الطاعن . وهو استنتاج خاطئ لأن شهادة شاهدي الواقعة لا تشكل سنداً
لإدانته ، لأنه لم يرتكب أية مخالفة . والسائق الآخر أراد تجاوزه . وشوهت المحكمة
شهادة عمر عبيد مما يعيب الحكم ويوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء
هذه المحكمة أن فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها والترجيح بينها والأخذ
بما تراه راجحاً منها وتقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه مساهماً فيه أو
منفرداً به من إطلاقات محكمة الموضوع . ولا معقب عليها في ذلك طالما لم تعتمد على
واقعة بلا سند . وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأقامت دليلها . وأن
تستخلص من الواقعة ما يكفي لاقتناعها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله
.
لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد
أحاط بواقعة الدعوى وظروف وملابسات الحادث عن بصر وبصيرة واستخلص منها سائغاً خطأه
معتداً بتقرير مخطط الحادث وشهادته أمام محكمة الاستئناف وما استخلصه من أقوال
الشاهد ..... ومعللاً بأن الثابت من شهادة المذكورين أن السيارة التي يقودها
الطاعن أخذت يمين الطريق تمهيداً لدخول الفتحة التي في وسطه للدخول إلى الطريق
المعاكس . وبدأ سائقها في الانعطاف جهة اليسار وأن الطريق كان مستقيماً . وكان
الواجب عليه بعد أن أخذ أقصى يمين الطريق تمهيداً للانعطاف إلى نهر الشارع وعبور
الفتحة . أن يتأكد من خلو الطريق من السيارات القادمة من خلفه إلا أن الثابت أنه أخذ
أقصى يمين الطريق وانعطف إلى يسار الطريق لعبور الفتحة دون أن يتوقف للتأكد من خلو
الطريق من خلفه وكانت السيارة الأخرى قادمة من خلفه تسير على يسار الطريق فصدمت
سيارة الطاعن في مؤخرتها في القسم الأيسر من مسار الطريق . الأمر الذي أدى إلى
وفاة المجني عليها فتوافرت علاقة السببية بين فعل الطاعن والنتيجة مما يوجب إدانة
الطاعن بما نسب إليه وإلزامه الدية . وهذه أسباب سائغة لها أصلها من الأوراق وتكفي
لحمل قضاء الحكم ومن ثم لا يعدو النعي أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع
سلطة تقديره . وهو مالا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة فهو على غير أساس متعين
الرفض .
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق
أحكام الشريعة الإسلامية ذلك أنه قضى عليه لورثة المجني عليها بمقدار دية الرجل مع
أن ديتها على النصف منه مما يوجب نقض الحكم .
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه وإن جاء بالمادة
الأولى من القانون الاتحادي 17/1991 بشأن تحديد الدية الشرعية للمتوفى خطأ بمبلغ (
000ر150 ) درهم المعدل بالقانون الاتحادي رقم 9/2003 الصادر في 29/11/2003 إلى (
000ر200 ) درهم فإن ذلك لا ينتج ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه بقضائه بمبلغ ( 000ر150
) درهم دية للمرأة المتوفاة لما هو معلوم أولاً : إن التحديد الوارد في القانون
ليس المقصود منه تدخل المشرع الوضعي في تحديد مقدار الدية كعقوبة . وإنما هو مجرد
معادلة لقيمة الدية الشرعية بالعملة الورقية ـ ثانياً : تعني كلمة المتوفى في
القانون التسوية بين الرجل والمرأة في مقدار الدية المستحقة لكل منهما . بل إن ذلك
لبيان أصل الدية الكاملة . ويبقى أمر إعطاء ما تفرضه أحكام الشريعة الإسلامية لكل
من يستحق الدية كاملة ، أو يستحق جزءاً منها قائماً حسب ما هو منصوص عليه في
القواعد الشرعية سنداً للمادة الأولى من قانون العقوبات الاتحادي التي استوجبت
إخضاع جرائم الحدود والقصاص والدية لأحكام الشريعة الإسلامية ، والمادة الأولى من
القانون 3/96 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم .
وإذ يتبين من أحكام الشريعة الإسلامية أن أهل العلم
قد أجمعوا على أن دية المرأة نصف دية الرجل وسند إجماعهم في ذلك أحاديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم وآراء صحابته والتابعين . وما جرى عملهم عليه روى معاذ بن جبل
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : دية المرأة نصف دية الرجل : سنن البيهقي 8
: 95 ، 96 وأقره الشوكاني في نيل الأوطار 7 : 67 ، 68 وقد حفلت كتب الأئمة الأربعة
بتأكيد الإجماع على ذلك . وفي شرح الخرشي على متن خليل 8 : 30 : ودية المرأة على
النصف من الذكر : وفي التحفة لابن عاصم شرح التاودي 2 : 375 : وفي النساء ممن ذكر
مسلمات أو كتابيات أو مجوسيات الحكم بتنصيف الدية الواجبة في ذكورهن ، لأن الله
تبارك وتعالي جعل اثنين منهن في واحد ، فقال تعالى ﴿ فإن لم يكونا رجلين فرجل
وامرأتان ﴾ وأعطاهما ما للواحد فقال ﴿ للذكر مثل حظ الانثيين ﴾ وذكر أئمة الشافعيه
الإجماع على ذلك . ففي الأم للشافعي ( لم نعلم مخالفاً من أهل العلم قديماً ولا
حديثاً في أن دية المرأة نصف دية الرجل ) وجاء الإجماع على ذلك في كتب الأحناف
أيضاً . قال الكاساني في بدائع الصنائع 1 : 466 ( وإن كان القتيل أنثى فدية المرأة
على نصف دية الرجل بإجماع الصحابة رضوان الله عليهم على ذلك ) وجاء مثل ذلك في كتب
السادة الحنابلة قال ابن قدامه في المغنى 9 : 531 ( ودية الحرة المسلمة نصف دية
الحر المسلم ....) وأجمع أهل العلم على أن دية المرأة نصف دية الرجل .
ويتبين من كل ذلك أن الأئمة الأربعة وكل من يقتدي به من علماء
أهل السنه أنهم أقروا الحكم بنصف الدية للمرأة اعتماداً على ما ثبت لديهم من أدلة
. واستقر إجماع الصحابة على ذلك .
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمبلغ ( 000ر150 )
درهم مائة وخمسين ألف درهم دية للمرأة المجني عليها وفقاً للمقدار المحدد بالقانون
17/1991 مساوياً بها دية الرجل فإنه يكون قد خالف أحكام الشريعة الإسلامية التي
أجمع عليها أهل العلم في شأن دية المرأة بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص وتصحيحه .
وحيث إنه من المقرر أن للمحكمة العليا أن تثير في
الطعن المسائل المتعلقة بالنظام العام من تلقاء نفسها ، وإن لم يثرها أحد الخصوم ـ
وإن كان ما تثيره يضير الطاعن عملاً بما استقر عليه قضاؤها من أن تطبيق أحكام
الشريعة الإسلامية على وجهها الصحيح لا يضير أحداً . وأن أحكامها واجبة التطبيق ،
ويبطل كل حكم يخالفها .
لما كان ذلك وكان مقدار الدية في القتل الخطأ وفق
القانون الاتحادي 17/1991 هو ( 150000 ) درهم وقد صدر القانون الاتحادي 9/2003 في
29/11/2003 بتعديل مقدارها إلى ( 200000 ) درهم على أن تسري أحكامه على الدعاوى
التي لم يفصل فيها بحكم بات ، ولو أقيمت عن واقعات سابقة على صدوره . وإذ صدر
القانون الأخير في التاريخ المذكور ، على أن يعمل به من تاريخ نشره في 13/12/2003
ولم يصدر في الدعوى الماثلة حكم بات . إذ أنها مازالت معروضة على هذه المحكمة لنظر
الطعن بالنقض . وقد اعتبر الحكم المطعون فيه دية القتل الخطأ ( 000ر150 ) درهم ما
يتعين معه نقضه جزئياً في هذا الخصوص وتعديل مقدار الدية المحكوم بها وفق منطوق
هذا الحكم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق