جلسة 23 من مارس سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وسري صيام وعلي الصادق عثمان وإبراهيم عبد المطلب.
---------------
(69)
الطعن رقم 6432 لسنة 55 القضائية
(1) موظفون عموميون. قانون "تفسيره". قطاع عام. مؤسسات عامة. شركات القطاع العام.
استقلال شركة القطاع العام عن المؤسسة العامة في أداء نشاطها.
علاقة رئيس مجلس الإدارة بالشركة. علاقة تعاقدية. أساس ذلك وأثره؟
(2) امتناع عن تنفيذ حكم. موظفون عموميون. شركات القطاع. محكمة النقض "سلطتها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "نظر الطعن والحكم فيه".
إيراد المشرع نصاً باعتبار العاملين في شركات القطاع العام في حكم الموظفين العامين في كل موطن يرى فيه موجباً لذلك وعدم إيراد هذا النص في شأن العاملين بالقطاع العام. أثره انتفاء تطبيق المادة 123 عقوبات.
مخالفة ذلك توجب النقض والتصحيح بالقضاء ببراءة الطاعن ورفض الدعوى المدنية.
الوقائع
أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح إمبابة ضد الطاعن بوصف أنه: امتنع عن تنفيذ الأحكام القضائية المبينة بالصحيفة وطلب عقابه بالمادة 123 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وعزله من وظيفته وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليه. ومحكمة الجيزة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الامتناع عن تنفيذ أحكام قضائية المعاقب عليها بالمادة 123 من قانون العقوبات تأسيساً على أنه موظف عام في حكم هذه المادة قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن شغله منصب رئيس مجلس إدارة شركة...... وهي إحدى شركات القطاع العام لا يوفر له هذه الصفة التي تلزم لقيام تلك الجريمة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن المدعي بالحقوق المدنية أقام الدعوى بطريق الادعاء المباشر قبل الطاعن بوصف أنه بتاريخ...... بصفته رئيس مجلس إدارة شركة....... امتنع عن تنفيذ الأحكام القضائية المبينة بصحيفة الدعوى وطلبت عقابه بالمادة 123 من قانون العقوبات، ويبين من الحكم الابتدائي الذي اعتنق أسبابه الحكم المطعون فيه، أنه أقام قضاءه بإدانة الطاعن بالجريمة المذكورة على قوله أن "الشركات قد أصبحت تابعة للمؤسسات العامة التي هي بدورها موظفوها موظفون عموميون ومن ثم فإن أعضاء مجلس الإدارة ومدير ومستخدمي المؤسسات والشركات يعتبرون موظفين عموميين الأمر الذي يجعل الدفع بعدم كون المتهم موظفاً عمومياً في غير محله خليقاً بالرفض". لما كان ذلك، وكان من المقرر طبقاً لأحكام كل من قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام الصادر بالقرار بقانون رقم 60 لسنة 1971 وقانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقرار بقانون رقم 61 لسنة 1971 - المعمول بهما في تاريخ واقعة الدعوى، واللذين حل محلهما قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 وقانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 - أن شركات القطاع العام تستقل عن المؤسسة العامة آنذاك في أداء نشاطها وأن عمل رئيس مجلس إدارة الشركة يعد وظيفة من وظائفها يتقاضى شاغلها منها أجراً وبدل تمثيل مقابل انصرافه إلى عمله بها والتفرغ لشئونها شأنه في ذلك شأن سائر العاملين مما يجعل علاقته بهذه الشركة ليست تنظيمية بل علاقة تعاقدية تتميز بعنصر التبعية المميزة لعقد العمل وتنتفي عنه صفة الموظف العام وليس من شأن إشراف المؤسسة العامة وما لها من سلطة التخطيط والتنسيق والمتابعة والتقييم أن يضفي على الوحدة الاقتصادية وصف السلطة العامة وإنما تظل هذه الوحدة ذات شخصية اعتبارية مستقلة تمارس نشاطها في نطاق القانون الخاص تربطها بموظفيها علاقة تعاقدية يحكمها قانون العمل كما تخضع لأحكام قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقرار بقانون رقم 61 لسنة 1971 ولا يغير من طبيعة هذه العلاقة ما نصت عليه المادة 48 من هذا القانون من أن تعيين رئيس مجلس إدارة الشركة يكون بقرار من رئيس الجمهورية لأن ذلك لا يعدو في حقيقته أن يكون تنظيماً للعلاقة التعاقدية القائمة بين رئيس مجلس الإدارة وبين الشركة التي يعمل بها بالإضافة إلى أن أداة التعيين لا تسبغ عليه صفة الموظف العام ما دامت عناصرها غير متوافرة في جانبه وهي أن يعهد إلى الشخص بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى بأسلوب الاستغلال المباشر عن طريق شغله وظيفة تندرج في التنظيم الإداري لهذا المرفق مما مؤداه أن رئيس مجلس الإدارة لا يعد موظفاً عاماً في المفهوم العام للموظف العام. لما كان ذلك وكان المشرع كلما رأى اعتبار العاملين في شركات القطاع العام في حكم الموظفين العامين في موطن ما أورد فيه نصاً كالشأن في جرائم الرشوة وغيرها من الجرائم الواردة في البابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، وكان المشرع لم يورد نصاً من شأنه أن يجعل العاملين في شركات القطاع العام وعلى رأسهم رئيس مجلس الإدارة في حكم الموظف العام في تطبيق المادة 123 من قانون العقوبات ومن ثم فلا مجال لإنزال حكم هذه المادة على رئيس مجلس الإدارة الذي تنحسر عنه صفة الموظف العام، فإن الطاعن الذي يشغل رئيس مجلس إدارة شركات القطاع العام لا يعد موظفاً عاماً في حكم المادة 123 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه على هذه المحكمة إعمالاً بنص الفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون بنقضه وإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن مما أسند إليه وهو ما يفيد لزوماً حتماً رفض الدعوى المدنية وإلزام المطعون ضده المدعي بالحقوق المدنية المصاريف المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق