الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 14 سبتمبر 2024

القضيتان 228 لسنة 25 ق ، 241 لسنة 26 ق جلسة 31 / 7 / 2005 دستورية عليا مكتب فني 11 ج 2 دستورية ق 323 ص 1970

جلسة 31 يوليو سنة 2005

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وإلهام نجيب نوار ومحمد خيري طه والدكتور عادل عمر شريف، وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

-----------------

قاعدة رقم (323)
القضيتين رقمي 228 لسنة 25 و241 لسنة 26 قضائية "دستورية"

(1) دعوى دستورية "تصريح محكمة الموضوع بإقامتها - يكفي التصريح الضمني".
ليس لازماً، في مجال تقدير جدية الدفع المثار أمام محكمة الموضوع، صدور قرار صريح بالتصريح لمن أثار الدفع بإقامة الدعوى الدستورية - يكفيها أن يكون قرارها في هذا الشأن ضمنياً مستفاداً من عيون الأوراق، ومن ذلك تعليقها الفصل في النزاع الموضوعي على الفصل في النصوص القانونية المدفوع أمامها بعدم دستوريتها، إذ لو كان ما طرح عليها في شأن مناحيها لا يستقيم عقلاً، لكان قرارها إرجاء النزاع الموضوعي حتى الفصل فيها من المحكمة الدستورية العليا، لغواً.
(2) دعوى دستورية "قرار بالإحالة من محكمة الموضوع - بياناته".
المادة (30) من قانون المحكمة لم تتطلب صدور الإحالة بحكم بل على العكس من ذلك استخدمت في متنها عبارة "القرار الصادر بالإحالة" - تضمن قرار محكمة الموضوع في الدعوى الماثلة الإشارة إلى أن النص الطعين يتضمن قيوداً ترهق الحق في التقاضي وتنتقصه من أطرافه بالمخالفة لنصوص المواد (8، 40، 68) من الدستور - يغدو معه الدفع بالتجهيل غير قائم على أساس.
(3) دعوى دستورية "المصلحة الشخصية المباشرة - مناطها - نطاقها".
مناط المصلحة في الدعوى الدستورية أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع، هذا الشرط يحدد نطاق الخصومة الدستورية، فلا تمتد لغير المطاعن التي يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعي، وبالقدر اللازم للفصل فيه، مؤدى ذلك ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين ينالهم الضرر من جريان سريان النص المطعون فيه عليهم، ويتعين دوماً أن يكون هذا الضرر منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التي يقوم عليها، ممكنا تحديده ومواجهته بالترضية القضائية لتسويته، عائداً في مصدره إلى النص المطعون عليه، إذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من ادعي مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة.
(4) تنظيم الحقوق "سلطة تقديرية".
الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق إطلاقها ما لم يقيدها الدستور بقيود معينة.
(5) نقابات "التنظيم وفق أسس ديمقراطية - ضمان مصالح أعضاء النقابة".
المعايير والخصائص التي يقوم عليها التنظيم النقابي، هي التي قننها الدستور في مجمل أحكامه - نص المادة (56) تحتم إنشاءه وفق أسس ديمقراطية يكون القانون كافلاً لها راعياً لدورها في تنفيذ الخطط والبرامج التي استهدفها، مرتقياً بكفايتها، ضامناً تقيد من يسهمون فيها بسلوكهم الاشتراكي، فلا يتنصلون من واجباتهم أو يعملون على نقيضها، ودون إخلال بحقوقهم المقررة قانوناً - إفراد النقابات بنص المادة (56) المشار إليها لا يعدو أن يكون اعترافاً من الدستور بأهمية وخطورة المصالح التي تمثلها، وعن اتصالها بالحقوق المقررة قانوناً لأعضائها، وما ينبغي أن يتخذ من التدابير للدفاع عنها في مجموعها.
(6) مبدأ المساواة "عدم جواز الإخلال بالحماية المتكافئة للحقوق".
مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون مؤداه أنه لا يجوز أن تخل السلطتان التشريعية أو التنفيذية في مجال مباشرتهما لاختصاصاتهما التي نص عليها الدستور بالحماية المتكافئة للحقوق جميعها، هذا المبدأ عاصم من النصوص القانونية التي يقيم بها المشرع تمييزاً غير مبرر تتنافر به المراكز القانونية التي تتماثل عناصرها، فلا تكون وحدة بنيانها مدخلاً لوحدة تنظيمها، بل تكون القاعدة القانونية التي تحكمها إما مجاوزة باتساعها أوضاع هذه المراكز، أو قاصرة بمداها عن استيعابها.
(7) مبدأ المساواة "شرط استئذان النقابة الفرعية قبل قبول الوكالة - إخلال بالمساواة بين المحامين - تفرقة بين المدعين".
مؤدى النص الطعين إنشاء قيد على اختصام المحامي في أية دعوى أو شكوى.
(8) حق الدفاع "كفالته".
الدستور نظم حق الدفاع محدداً بعض جوانبه، مقرراً كفالته كضمانه مبدئية أولية لعدم الإخلال بالحرية الشخصية، ولصون الحقوق والحريات جميعها، سواء في ذلك التي نص عليها الدستور أو التي قررتها التشريعات المعمول بها.

-------------------
1 - حيث إنه من المقرر أنه ليس لازماً - في مجال تقدير جدية الدفع المثار أمام محكمة الموضوع - صدور قرار صريح بالتصريح لمن أثار الدفع بإقامة الدعوى الدستورية، بل يكفيها أن يكون قرارها في هذا الشأن ضمنياً مستفاداً من عيون الأوراق، ومن ذلك تعليقها الفصل في النزاع الموضوعي على الفصل في النصوص القانونية المدفوع أمامها بعدم دستوريتها، إذ لو كان ما طرح عليها في شأن مناحيها لا يستقيم عقلاً، لكان قرارها إرجاء النزاع الموضوعي حتى الفصل فيها من المحكمة الدستورية العليا، لغواً، وفي ضوء ما سلف فإن الدعوى الماثلة تجد سندها فيما تضمنه القرار الصادر من محكمة الموضوع من تصريح ضمني ومن ثم فإنها تكون مقبولة ويكون الدفع بعدم قبولها غير صحيح.
2 - حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى رقم 241 لسنة 26 قضائية دستورية، بزعم صدور الإحالة بقرار وليس بحكم من محكمة الموضوع، وأن هذا القرار شابه التجهيل بالمسائل الدستورية المطروحة، فهذا الدفع مردود بأن المادة (30) من قانون المحكمة لم تتطلب صدور الإحالة بحكم بل على العكس من ذلك استخدمت في متنها عبارة "القرار الصادر بالإحالة" وقد تضمن قرار محكمة الموضوع في الدعوى الماثلة الإشارة إلى أن نص المادة (68) من قانون المحاماة (النص الطعين في الدعويين الماثلتين) يتضمن قيوداً ترهق الحق في التقاضي وتنتقصه من أطرافه بالمخالفة لنصوص المواد (8، 40، 68) من الدستور، ومن ثم يغدو الدفع بالتجهيل غير قائم على أساس.
3 - وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا جرى على أن مناط المصلحة في الدعوى الدستورية - وهي شرط لقبولها - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع، وإن هذا الشرط يحدد نطاق الخصومة الدستورية، فلا تمتد لغير المطاعن التي يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعي، وبالقدر اللازم للفصل فيه، ومؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين ينالهم الضرر من جريان سريان النص المطعون فيه عليهم، ويتعين دوماً أن يكون هذا الضرر منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التي يقوم عليها، ممكناً تحديده ومواجهته بالترضية القضائية لتسويته، عائداً في مصدره إلى النص المطعون عليه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من ادعي مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.
4 - حيث إن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو إطلاقها ما لم يقيدها الدستور بقيود معينة تبين تخوم الدائرة التي لا يجوز أن يتدخل المشرع فيها هادماً لتلك الحقوق أو مؤثراً في محتواها بما ينال منها، فلا يكون تنظيم المشرع لحق ما سليماً من زاوية دستورية إلا فيما وراء هذه الحدود، فإن اقتحمها بدعوى تنظيمها انحل ذلك عدواناً عليها.
5 - حيث إن المعايير والخصائص التي يقوم عليها التنظيم النقابي، هي التي قننها الدستور في مجمل أحكامها - بنص المادة (56) - التي تحتم إنشاءه وفق أسس ديمقراطية يكون القانون كافلاً لها راعياً لدوره في تنفيذ الخطط والبرامج التي استهدفها، مرتقياً بكفايتها، ضامناً تقيد من يسهمون فيها بسلوكهم الاشتراكي، فلا يتنصلون من واجباتهم أو يعملون على نقيضها، ودون إخلال بحقوقهم المقررة قانوناً، وهو ما يعنى أن إفراد النقابات بنص المادة (56) المشار إليها لا يعدو أن يكون اعترافاً من الدستور بأهمية وخطورة المصالح التي تمثلها، وعن اتصالها بالحقوق المقررة قانوناً لأعضائها، وما ينبغي أن يتخذ من التدابير للدفاع عنها في مجموعها وتوكيداً لضرورة أن يظل العمل النقابي تقدمياً فلا ينحاز لمصالح جانبية أو يضع من القيود ما يعطل مباشرة الآخرين لحقوقهم في الحدود التي نص عليها الدستور.
6 - مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون - وبقدر تعلقه بالحدود التي تباشر فيها هذه المحكمة ولايتها - مؤداه، وعلى ما جرى عليه قضاؤها، أنه لا يجوز أن تخل السلطتان التشريعية أو التنفيذية في مجال مباشرتها لاختصاصاتهما التي نص عليها الدستور بالحماية المتكافئة للحقوق جميعها، سواء في ذلك تلك التي قررها الدستور أو التي ضمنها المشرع، ومن ثم كان هذا المبدأ عاصماً من النصوص القانونية التي يقيم بها المشرع تمييزاً غير مبرر تتنافر به المراكز القانونية التي تتماثل عناصرها، فلا تكون وحدة بنيانها مدخلاً لوحدة تنظيمها، بل تكون القاعدة القانونية التي تحكمها إما مجاوزة باتساعها أوضاع هذه المراكز، أو قاصرة بمداها عن استيعابها.
7 - النص الطعين أنشأ قيداً على اختصام المحامي في أية دعوى أو شكوى مؤداه وجوب أن يقوم زميله باستئذان النقابة الفرعية قبل قبوله الوكالة في إقامة الدعوى أو تقديم الشكوى، بما يجعل المحامي المختصم من ناحية - في مركز قانوني مميز دون أن يستند هذا التمييز إلى مصلحة مبررة، وأوجد - من ناحية أخرى - تفرقة بين المدعين وفقاً للمهنة التي يمارسها من يريدون اختصامه، رغم ما هو مقرر من أن الناس جميعاً لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في النفاذ إلى قاضيهم الطبيعي، في نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التي تحكم الخصومة القضائية، ولا في مجال التداعي بشأن الحقوق المدعي بها، وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها.
8 - وحيث إن الدستور - وفق ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - نظم حق الدفاع محدداً بعض جوانبه، مقرراً كفالته كضمانه مبدئية أولية لعدم الإخلال بالحرية الشخصية، ولصون الحقوق والحريات جميعها، سواء في ذلك التي نص عليها الدستور أو التي قررتها التشريعات المعمول بها، ما ورد في شأن هذا الحق حكماً قاطعاً، حين نص في الفقرة الأولى من المادة (69) منه على أن حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول، لما كان ما تقدم، وكان النص الطعين يستلزم حصول المحامي على إذن النقابة الفرعية قبل قبول الوكالة في دعوى أو شكوى ضد زميل له، فإنه يشكل قيداً غير مبرر على حق الدفاع يؤول إنكاراً لحق كل متقاض يريد إقامة دعوى ضد محام في اختيار محام للدفاع عن مصالحه.


الإجراءات

بتاريخ الثالث من أغسطس سنة 2003، أودع المدعي قلم كتاب المحكمة صحيفة دعوى قيدت برقم 228 لسنة 25 قضائية دستورية، طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة (68) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983.
وبتاريخ السابع والعشرين من ديسمبر سنة 2003، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 16317 لسنة 56 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بوقفها عملاً بحكم المادة (29/ أ) من قانون المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المادة ذاتها حيث قيدت برقم 241 لسنة 26 قضائية دستورية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة في كل من الدعويين المذكورتين طلبت فيها الحكم أولاً: عدم قبولها، وثانياً: رفضها.
وبعد تحضير الدعويين، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها في كل منهما.
ونظرت الدعويان على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة ضم الدعوى رقم 241 لسنة 26 قضائية للدعوى رقم 228 لسنة 25 قضائية ليصدر فيهما حكم واحد بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وقرار الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي كان قد أقام ضد المدعى عليهما الخامس والسادس وآخرين الدعوى رقم 16317 لسنة 56 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار لجنة الشكاوى بنقابة المحامين الفرعية بالقاهرة الصادر بتاريخ 28/ 10/ 2001 في الشكوى رقم 183 لسنة 2001 بمجازاته بعقوبة الإنذار، وذكر المدعي شارحاً دعواه أنه بصفته وكيلاً عن مالكه العقار الكائن به مكتب السيد/ ممدوح أحمد عليان المحامى (المدعى عليه السادس في الدعوى الماثلة) أقام ضد الأخير الدعوى رقم 125 لسنة 1999 إيجارات كلي شمال القاهرة لعدم وفائه بالقيمة الإيجارية المستحقة، فبادر المدعى عليه بشكاية المدعي أمام نقابة المحامين الفرعية بالقاهرة بدعوى مخالفته لحكم المادة (68) من قانون المحاماة التي لا تجيز - في غير حالات محددة - أن يقبل المحامي الوكالة في دعوى أو شكوى مقدمة ضد زميل له إلا بعد استئذان رئيس النقابة الفرعية التي يتبعها المحامي، وبجلسة 28/ 10/ 2001 قررت لجنة الشكاوى بالنقابة المذكورة مجازاته بعقوبة الإنذار، فتظلم المدعي من هذا القرار أمام النقابة العامة بالقاهرة التي قررت رفض التظلم، فأقام الدعوى رقم 16317 لسنة 56 قضائية بطلباته المشار إليها وأثناء نظرها دفع بعدم دستورية نص المادة (68) من قانون المحاماة والتمس إحالة الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في هذا الدفع أو وقف الدعوى تعليقاً والتصريح له بإقامة الدعوى الدستورية، وبجلسة 25/ 5/ 2003 قررت المحكمة وقف الفصل في الدعوى بشقيها عملاً بحكم المادة (29/ أ) من قانون المحكمة الدستورية العليا، بيد أن المدعي بادر بإقامة دعواه الماثلة، ثم ورد للمحكمة بتاريخ 27/ 12/ 2003 ملف الدعوى الموضوعية تنفيذاً لقرار المحكمة المشار إليه.
وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى رقم 228 لسنة 25 قضائية دستورية، فإن البين من الأوراق أنه بعد أن قررت محكمة الموضوع بجلسة 25/ 5/ 2003 وقف الدعوى إعمالاً لحكم المادة (29/ أ) من قانون المحكمة الدستورية العليا - حسبما سلف البيان - ولم تقرنه بإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة، فقد تقدم المدعي بطلب للسيد المستشار رئيس محكمة القضاء الإداري بتاريخ 9/ 7/ 2003 يلتمس فيه إصدار الأمر بذلك، وإذ لم يلق التماسه إجابة حتى 3/ 8/ 2003 فقد أقام دعواه الماثلة.
وحيث إنه من المقرر أنه ليس لازماً - في مجال تقدير جدية الدفع المثار أمام محكمة الموضوع - صدور قرار صريح بالتصريح لمن أثار الدفع بإقامة الدعوى الدستورية، بل يكفيها أن يكون قرارها في هذا الشأن ضمنياً مستفاداً من عيون الأوراق، ومن ذلك تعليقها الفصل في النزاع الموضوعي على الفصل في النصوص القانونية المدفوع أمامها بعدم دستوريتها، إذ لو كان ما طرح عليها في شأن مناحيها لا يستقيم عقلاً، لكان قرارها إرجاء النزاع الموضوعي حتى الفصل فيها من المحكمة الدستورية العليا، لغواً، وفي ضوء ما سلف فإن الدعوى الماثلة تجد سندها فيما تضمنه القرار الصادر من محكمة الموضوع من تصريح ضمني ومن ثم فإنها تكون مقبولة ويكون الدفع بعدم قبولها غير صحيح.
وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى رقم 241 لسنة 26 قضائية دستورية، بزعم صدور الإحالة بقرار وليس بحكم من محكمة الموضوع، وأن هذا القرار شابه التجهيل بالمسائل الدستورية المطروحة، فهذا الدفع مردود بأن المادة (30) من قانون المحكمة لم تتطلب صدور الإحالة بحكم بل على العكس من ذلك استخدمت في متنها عبارة "القرار الصادر بالإحالة" وقد تضمن قرار محكمة الموضوع في الدعوى الماثلة الإشارة إلى أن نص المادة (68) من قانون المحاماة (النص الطعين في الدعويين الماثلتين) يتضمن قيوداً ترهق الحق في التقاضي وتنتقصه من أطرافه بالمخالفة لنصوص المواد (8، 40، 68) من الدستور، ومن ثم يغدو الدفع بالتجهيل غير قائم على أساس.
وحيث تنص المادة (68) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 (المطعون عليها) على أن: - "يراعي المحامي في معاملته لزملائه ما تقضى به قواعد اللياقة وتقاليد المحاماة وفيما عدا الدعاوى المستعجلة يجب عليه أن يستأذن مجلس النقابة الفرعية التي يتبعها المحامي إذا أراد مقاضاة زميل له.
كما لا يجوز في غير الدعاوى المستعجلة وحالات الادعاء بالحق المدني أن يقبل الوكالة في دعوى أو شكوى مقدمة ضد زميل له إلا بعد استئذان رئيس النقابة الفرعية التي يتبعها المحامى.
وإذا لم يصدر الإذن في الحالتين المبينتين بالفقرتين السابقتين خلال خمسة عشر يوماً كان للمحامي اتخاذ ما يراه من إجراءات".
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا جرى على أن مناط المصلحة في الدعوى الدستورية - وهي شرط لقبولها - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع، وإن هذا الشرط يحدد نطاق الخصومة الدستورية، فلا تمتد لغير المطاعن التي يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعي، وبالقدر اللازم للفصل فيه، ومؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين ينالهم الضرر من جريان سريان النص المطعون فيه عليهم، ويتعين دوماً أن يكون هذا الضرر منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التي يقوم عليها، ممكناً تحديده ومواجهته بالترضية القضائية لتسويته، عائداً في مصدره إلى النص المطعون عليه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.
لما كان ما تقدم، وكانت الدعوى الموضوعية تدور حول طلب المدعي وقف تنفيذ وإلغاء قرار مجلس نقابة المحامين الفرعية بالقاهرة بمجازاته بعقوبة الإنذار لقبوله الوكالة في الدعوى المقامة على محام زميل دون إذن من رئيس النقابة المذكورة، وفقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة (68) من قانون المحاماة، فإن مصلحة المدعي تنحصر في الطعن على نص الفقرة المذكورة، وبه وحده يتحدد نطاق الدعويين الماثلتين ولا يمتد إلى غير ذلك من أحكام وردت بنص الفقرتين الأولى والثالثة من النص الطعين. وينعى المدعي وقرار الإحالة على النص الطعين محدداً نطاقاً على النحو المتقدم إخلاله بالحماية القانونية للحقوق جميعها مقيماً تميزاً غير مبرر بين المراكز القانونية المتماثلة مرهقاً لحق التقاضي منتقصاً من حقوق أطرافه، بالمخالفة لأحكام المواد (8، 40، 68) من الدستور.
وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو إطلاقها ما لم يقيدها الدستور بقيود معينة تبين تخوم الدائرة التي لا يجوز أن يتدخل المشرع فيها هادماً لتلك الحقوق أو مؤثراً في محتواها بما ينال منها، فلا يكون تنظيم المشرع لحق ما سليماً من زاوية دستورية إلا فيما وراء هذه الحدود، فإن اقتحمها بدعوى تنظيمها انحل ذلك عدواناً عليها.
وحيث إن المعايير والخصائص التي يقوم عليها التنظيم النقابي، هي التي قننها الدستور في مجمل أحكامها - بنص المادة (56) - التي تحتم إنشاءه وفق أسس ديمقراطية يكون القانون كافلاً لها راعياً لدوره في تنفيذ الخطط والبرامج التي استهدفها، مرتقياً بكفايتها، ضامناً تقيد من يسهمون فيها بسلوكهم الاشتراكي، فلا يتنصلون من واجباتهم أو يعملون على نقيضها، ودون إخلال بحقوقهم المقررة قانوناً، وهو ما يعني أن إفراد النقابات بنص المادة (56) المشار إليها لا يعدو أن يكون اعترافاً من الدستور بأهمية وخطورة المصالح التي تمثلها، وعن اتصالها بالحقوق المقررة قانوناً لأعضائها، وما ينبغي أن يتخذ من التدابير للدفاع عنها في مجموعها وتوكيداً لضرورة أن يظل العمل النقابي تقدميا فلا ينحاز لمصالح جانبية أو يضع من القيود ما يعطل مباشرة الآخرين لحقوقهم في الحدود التي نص عليها الدستور.
وحيث إن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون - وبقدر تعلقه بالحدود التي تباشر فيها هذه المحكمة ولايتها - مؤداه، وعلى ما جرى عليه قضاؤها، أنه لا يجوز أن تخل السلطتان التشريعية أو التنفيذية في مجال مباشرتها لاختصاصاتهما التي نص عليها الدستور بالحماية المتكافئة للحقوق جميعها، سواء في ذلك تلك التي قررها الدستور أو التي ضمنها المشرع، ومن ثم كان هذا المبدأ عاصماً من النصوص القانونية التي يقيم بها المشرع تمييزاً غير مبرر تتنافر به المراكز القانونية التي تتماثل عناصرها، فلا تكون وحدة بنيانها مدخلاً لوحدة تنظيمها، بل تكون القاعدة القانونية التي تحكمها إما مجاوزة باتساعها أوضاع هذه المراكز، أو قاصرة بمداها عن استيعابها، إذ كان ذلك، وكان النص الطعين أنشأ قيداً على اختصام المحامي في أية دعوى أو شكوى مؤداه وجوب أن يقوم زميله باستئذان النقابة الفرعية قبل قبوله الوكالة في إقامة الدعوى أو تقديم الشكوى، بما يجعل المحامي المختصم من ناحية - في مركز قانوني مميز دون أن يستند هذا التمييز إلى مصلحة مبررة، وأوجد - من ناحية أخرى - تفرقة بين المدعين وفقاً للمهنة التي يمارسها من يريدون اختصامه، رغم ما هو مقرر من أن الناس جميعاً لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في النفاذ إلى قاضيهم الطبيعي، في نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التي تحكم الخصومة القضائية، ولا في مجال التداعي بشأن الحقوق المدعي بها، وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها، إذ ينبغي دوماً أن يكون للخصومة الواحدة قواعد موحده سواء في مجال اقتضائها أو الدفاع عنها أو الطعن في الأحكام التي تصدر فيها.
وحيث إن الدستور - وفق ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - نظم حق الدفاع محدداً بعض جوانبه، مقرراً كفالته كضمانه مبدئية أولية لعدم الإخلال بالحرية الشخصية، ولصون الحقوق والحريات جميعها، سواء في ذلك التي نص عليها الدستور أو التي قررتها التشريعات المعمول بها، ما ورد في شأن هذا الحق حكماً قاطعاً، حين نص في الفقرة الأولى من المادة (69) منه على أن حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول، لما كان ما تقدم، وكان النص الطعين يستلزم حصول المحامي على إذن النقابة الفرعية قبل قبول الوكالة في دعوى أو شكوى ضد زميل له، فإنه يشكل قيداً غير مبرر على حق الدفاع يؤول إنكاراً لحق كل متقاض يريد إقامة دعوى ضد محام في اختيار محام للدفاع عن مصالحه.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم يكون النص الطعين مخالفاً للمواد (40، 56، 68، 69) من الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (68) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الجمعة، 13 سبتمبر 2024

الطعن 1275 لسنة 11 ق جلسة 26 / 5 / 1941 مج عمر الجنائية ج 5 ق 267 ص 525

جلسة 26 مايو سنة 1941

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك المستشارين.

--------------

(267)
القضية رقم 1275 سنة 11 القضائية

محاكمة. 

إجراؤها في الأعياد وأيام العطلة الرسمية. عدم جوازه. ليس من النظام العام. مباشرة إجراء في تلك الأيام. عدم اعتراض الخصوم. لا يصح الطعن بذلك أمام محكمة النقض.

----------------
إنه وإن كان الأصل أن إجراءات المحاكمة لا تجوز مباشرتها في الأعياد وأيام العطلة الرسمية إلا أن ذلك ليس من النظام العام. فلا بطلان إذا باشرت المحكمة أي إجراء في تلك الأيام ما دام الخصوم لم يعترضوا عليها.

الطعن 1397 لسنة 11 ق جلسة 26 / 5 / 1941 مج عمر الجنائية ج 5 ق 268 ص 525

جلسة 26 مايو سنة 1941

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك المستشارين.

----------------

(268)
القضية رقم 1397 سنة 11 القضائية

نصب باستعمال طرق احتيالية. 

أركان هذه الجريمة. متهم. منزل مملوك له ولإخوته. إيهامه المجني عليهم برغبته في بيع هذا المنزل لكل منهم. تقديمه مستندات الملكية وتوكيل باقي الشركاء إليهم. الحصول من كل متهم على عربون. التعاقد على البيع بعقد ابتدائي. امتناعه عن عمل العقد النهائي. استعانته بسمسار لإيجاد مشترٍ للمنزل. لا نصب.

(المادة 293 ع = 336)

----------------

إن القانون في جريمة النصب باستعمال طرق احتيالية لإيهام المجني عليه بوجود مشروع كاذب أو لإحداث الأمل بحصول ربح وهمي يوجب أن تكون هذه الطرق من شأنها توليد الاعتقاد في نفس المجني عليه بصدق ما يدّعيه المتهم، وأن تكون الأكاذيب التي صدرت من المتهم مؤيدة بأقوال أخرى أو مظاهر خارجية. فإذا كانت الواقعة الثابتة بالحكم هي أن المتهم - مستعيناً ببعض السماسرة - أوهم المجني عليهم برغبته في أن يبيع لكل منهم المنزل المملوك له ولوالدته ولإخوته، وقدّم إلى كل منهم مستندات الملكية والتوكيل الصادر إليه من شركائه، وكان في كل مرة يحصل على مبلغ يدفع مقدّماً على سبيل العربون ويحرّر بالبيع عقداً ابتدائياً ثم يمتنع عن تحرير عقد نهائي قابل للتسجيل، فإن استعانته بسمسار لإيجاد مشترٍ للمنزل، وتقديمه مستندات الملكية وعقود الإيجار وسند الوكالة عن والدته وإخوته، وإحضار هؤلاء وتقريرهم بالموافقة على البيع - كل هذا لا يكوّن طرقاً احتيالية بالمعنى القانوني، فإن الوقائع المتعلقة به صحيحة وعقود البيع الابتدائية الصادرة للمجني عليهم السابقين لا تعتبر مشروعات كاذبة بالنسبة للاحقين، لأن المتهم كان يملك وقت كل عقد منها حق التصرف بسبب عدم انتقال الملكية إلى أحد من المشترين لعدم تسجيل العقود. ثم إن المتهم إذا كان قد بيت النية على عدم إتمام أية صفقة فإن نيته هذه لم تتعدَّ شخصه ولم يكن لها أي مظهر خارجي يدل عليها وقت التعاقد، فلم يكن لها من تأثير في حمل المجني عليهم على دفع المبالغ التي استولى منهم عليها.

الطعن 1557 لسنة 11 ق جلسة 19 / 5 / 1941 مج عمر الجنائية ج 5 ق 266 ص 522

جلسة 19 مايو سنة 1941

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات، عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك المستشارين.

----------------

(266)
القضية رقم 1557 سنة 11 القضائية

سب وقذف. 

افتراء. حكم المادة 309 من قانون العقوبات. يتناول ما يبديه المتهم أمام النيابة لتفنيد التهمة الموجهة إليه.

(المادة 266 ع = 309)

------------------

إن المادة 309 من قانون العقوبات الحالي التي تنص على إعفاء الخصوم من العقاب على ما يسندونه بعضهم إلى بعض أمام المحاكم يتناول حكمها ما يبديه الخصم أثناء التحقيق في سبيل الدفاع عن نفسه في التهمة التي يحقق معه فيها. وذلك لأن ما جاء في هذه المادة ليس إلا تطبيقاً لقاعدة عامة هي حرية الدفاع في حدوده التي يستلزمها، فيدخل في ذلك ما يدلي به المتهم أمام النيابة من عبارات القذف وهو يفند لها التهمة التي وجهتها إليه.


المحكمة

ومن حيث إن الطعن يتحصل في أن الطاعن طلب من المحكمة الاستئنافية أن تقرّر بضم ملف الدعوى التي رفعتها المدّعية بالحق المدني ضدّه أمام المجلس الملى والتي طلبت فيها الحكم بصحة زواجها منه وإلغاء زواجه الثاني ولكن المحكمة رفضت هذا الطلب مع أن الثابت من هذا الملف أن الطاعن إزاء ما ادّعته المدّعية من قيام الزوجية ومن أنها ولدت طفلاً كان ثمرة زواجهما أنكر كل ذلك وقال إن الولد جاء نتيجة سفاح. ويضيف الطاعن إلى ذلك أنه بعد أن حكم المجلس الملى للمدّعية بطلباتها أبلغت النيابة أن الطاعن زوّر شهادة خلوه من موانع الزواج كما زوّر عقد زواجه الثاني، فلما استجوبته النيابة ردّد أمامها ما دفع به دعوى المدعية أمام المجلس الملى على أساس أن ذلك هو جوهر دفاعه، وأن موقفه في الدعوى كان يستلزمه، ولذلك طلب من محكمة الجنح الاستئنافية أن تعامله بالمادة 309 عقوبات فرفضت هذا الطلب، وبذلك تكون أخطأت في تطبيق القانون لأن الطاعن لم يذكر في تحقيق النيابة العبارة التي اعتبرتها المحكمة قذفاً إلا ترديداً لدفاعه الذي أبداه أمام محكمة الأحوال الشخصية، ولذلك يكون تحقيق النيابة جاء متمماً لما حصل في تلك الخصومة ويسري عليه من أحكام القانون ما يسري عليها، وما دام القذف الذي حصل أمام محكمة الأحوال الشخصية ينطبق عليه حكم المدة 309 عقوبات فإن هذه المادة تنطبق أيضاً على القذف الذي وقع في تحقيق النيابة، ويكون ما قرّره الحكم المطعون فيه من قصر تطبيق هذه المادة على القذف الذي يقع من أحد الخصمين في حق الآخر أمام المحكمة فقط غير صحيح.
ومن حيث إن وقائع هذه الدعوى تتلخص - على ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه - في أن المدّعية بالحق المدني تزوّجت من الطاعن في 14 نوفمبر سنة 1926 بمدينة بورسعيد طبقاً للطقوس القبطية الأرثوذكسية وولدت منه طفلاً توفي فيما بعد. وبالرغم من أن الديانة المسيحية لا تبيح الزواج بأكثر من واحدة فإن الطاعن قد استصدر بطريق التزوير من بطركخانة الأقباط بالإسكندرية شهادة رسمية في 27 إبريل سنة 1932 دالة على خلوه من الموانع الزوجية وتزوّج بموجب هذه الشهادة من جليلة مسيحة بغدادي في 8 مايو سنة 1932 عن يد أحد القساوسة الأقباط، فلما علمت المدّعية بهذا الزواج رفعت عليه وعلى زوجته الثانية دعوى أمام مجلس ملى المنصورة طلبت فيها الحكم بصحة زواجها منه وبطلان زواجه الثاني. وفي 30 يناير سنة 1934 حكم المجلس الملى للمدّعية بطلباتها. وفي 9 يناير سنة 1935 قدّمت بلاغاً لنيابة المنصورة بالوقائع المتقدّمة وطلبت إجراء التحقيق مع الطاعن لارتكابه تزويراً في شهادة خلوه من الموانع الزوجية وفي عقدي الخطوبة والإكليل على جليلة مسيحة، فلما تولت النيابة التحقيق وسئل الطاعن قرّر في 28 إبريل سنة 1936 بأنه لم يتزوّج بالمدّعية بالحق المدني وأن الأمر كان قاصراً على تحرير محضر بخطوبتها فقط، ثم فسخت هذه الخطوبة ولم يدخل بمخطوبته لأنها حملت سفاحاً، ولذلك تزوّج من جليلة مسيحة. وبتاريخ 21 مارس سنة 1940 تأيد حكم المجلس الملى استئنافياً. ويخلص من هذه الوقائع أن المدّعية بالحق المدني لما بلّغت النيابة بأن الطاعن وهو زوجها قد زوّر شهادة بخلوه من موانع الزواج وزوّر عقدي الخطوبة والإكليل بجليلة مسيحة كان دفاعه عن هذه التهم لينفي عن نفسه كل ما نسبته إليه المدّعية أنه لم يتزوّج منها قط، وأنه لم يدخل بها، وأن الولد الذي ادعت أنه ثمرة الزوجية إن هو إلا ولد سفاح لأن ما يربطه بها ليس إلا عقد خطوبة يحق له أن يفسخه في أي وقت من تلقاء نفسه. وهذا الدفاع القائم على إنكار الطاعن زواجه من المدعية وإنكاره بنوّة الولد والذي يقول الطاعن إنه قد اضطره إليه موقفه في الدعوى التي رفعتها عليه المدعية أمام المجلس الملى وفي شكواها أمام النيابة هو دفاع لا يمكن أن يسأل عنه جنائياً إذ هو راجع إلى حقه الطبيعي في الدفاع عن نفسه في تهمة التزوير الموجهة إليه، لأن نسبة الولد له كانت من ضمن العناصر التي استشهدت بها المدعية بالحق المدني على قيام الزوجية.
ومن حيث إن المادة 309 من قانون العقوبات التي تعفي الخصوم من العقاب على ما يسندونه بعضهم إلى بعض أمام المحاكم ينطبق حكمها أيضاً على كل ما يبديه الخصم أمام سلطة التحقيق في سبيل الدفاع. وذلك لأن حكم هذه المادة ليس إلا تطبيقاً لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه.
ومن حيث إن الثابت من وقائع الدعوى بالكيفية المتقدّمة أن ما صدر من الطاعن من عبارات القذف إنما وقع منه في أثناء تحقيق النيابة وقد كان في مقام الدفاع عن نفسه في التهم الموجهة إليه، فتكون الواقعة المسندة إليه لا عقاب عليها طبقاً للمادة 309 عقوبات، ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما نسب إليه.
ومن حيث إن الطاعن لم يقدّم أي طعن خاص بالتعويض المقضي به، وما دام الحكم ببراءته على الأساس المتقدّم لا يترتب عليه عدم مساءلته عن الضرر الذي أصاب المجني عليها بما وقع منه والذي بينت عناصره محكمة الموضوع، فإنه يتعين رفض الطعن بالنسبة للدعوى المدنية.

الطعن 1260 لسنة 11 ق جلسة 19 / 5 / 1941 مج عمر الجنائية ج 5 ق 263 ص 518

جلسة 19 مايو سنة 1941

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات، عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك المستشارين.

--------------

(263)
القضية رقم 1260 سنة 11 القضائية

هتك عرض. 

القصد الجنائي. متى يكون متوافراً؟ لا عبرة بالبواعث. عدم رضاء المجني عليها. استعمال قوّة مادية. لا يشترط. ادعاء المتهم أنه طبيب. انخداع المجني عليها بمظهره. تسليمها بوقوع الفعل عليها. توافر ركن القوّة.

(المواد 230 - 232 ع = 267 - 269)

---------------

إن القصد الجنائي في هتك العرض يكون متوافراً متى ارتكب الجاني الفعل وهو يعلم أنه مخل بالحياء العرضي للمجني عليه، مهما كانت البواعث التي دفعته إلى ذلك. ولا يشترط لتوافر ركن القوّة في جريمة هتك العرض أن تكون قد استعملت قوّة مادية، بل يكفي أن يكون الفعل قد حصل بغير رضاء من المجني عليه سواء أكان ذلك من أثر قوّة أم كان بناءً على مجرّد خداع أو مباغتة. فمتى ثبت أن المجني عليها قد انخدعت بمظاهر الجاني فاعتقدت أنه طبيب فسلمت بوقوع الفعل عليها، ولم تكن لترضى به لولا هذه المظاهر، فإن هذا يكفي للقول بأن المجني عليها لم تكن راضية بما وقع من المتهم ويتوافر به ركن القوّة.


المحكمة

وحيث إن وجه الطعن الوارد بالتقرير المقدّم من المحامي عن الطاعن يتلخص في أن المحكمة ذكرت في الحكم المطعون فيه أن الطاعن ارتكب جريمتي هتك العرض والسرقة المسندتين إليه لغرض واحد هو السرقة، وأنهما مرتبطتان ببعضهما فيجب اعتبارهما جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقرّرة لأشدّهما وهي عقوبة المادة 268/ 1 من قانون العقوبات طبقاً للمادة 32 من القانون المذكور. ويقول الطاعن إن هذا الذي أثبته الحكم صريح في أن الطاعن لم يكن يقصد ارتكاب هتك العرض المنسوب إليه بل إن هذا الفعل لم يكن إلا نتيجة عرضية وغير مقصودة لجريمة السرقة التي وقعت منه، ولذا يكون القصد الجنائي في جريمة هتك العرض غير متوافر، وتكون المحكمة قد أخطأت في تطبيق القانون لذلك ولأن ركن الإكراه غير متوافر أيضاً بعد أن ثبت أن المجني عليهما قد رضيتا بأن يكشف الطاعن عليهما.
وحيث إن القصد الجنائي في جريمة هتك العرض يتوافر متى ارتكب الجاني الفعل المكوّن للجريمة وهو يعلم أنه مخل بالحياء العرضي لمن وقع عليه الفعل. ولا عبرة بعد هذا بالبواعث التي تكون قد دفعته إلى ذلك. ولا يشترط قانوناً لتوافر ركن القوّة في جريمة هتك العرض استعمال القوّة المادية، بل يكفي حصول الفعل بغير رضاء المجني عليه سواء أكان بطريق الخداع أم المباغتة. فمتى ثبت أن المجني عليه قد انخدع بمظاهر الجاني، وأنه بسبب هذا الخداع قد انساق مضطراً إلى الرضا بوقوع الفعل عليه بحيث إنه لم يكن ليرضى به لولا هذه المظاهر، فإن هذا يكفي للقول بانعدام الرضا عند المجني عليه وتحقق ركن القوّة الواجب توافرها في هذه الجريمة.
وحيث إنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يتضح أن محكمة الجنايات قد أثبتت أن الطاعن الأوّل عندما حضر لأوّل مرة مع زميله الطاعن الثاني لمشاهدة عوّامة المدّعية بالحق المدني أفهم ولدها أنه طبيب أوّل مستشفى طنطا فأخبر والدته بهذا الأمر، وأنه في اليوم التالي دق جرس التليفون بالعوّامة ولما ردّت المجني عليها قال المتكلم إنه طبيب أوّل مستشفى طنطا، وإنه يريد الحضور لمقابلتها بشأن استئجار العوّامة فاتفقا على الميعاد الذي يحضر فيه لإتمام ذلك. ولما حضر الطاعنان في الميعاد المضروب عرّفها الطاعن الأوّل - وكان يحمل سماعة - أنه طبيب أوّل مستشفى طنطا وأن زميله وكيل نيابة بالمحاكم المختلطة، وبعد أن طافا بغرف العوّامة جيء بالقهوة فجلسوا لشربها وأخذ الطاعن الأوّل يحادث زميله بأحاديث دلت على أن الطاعن الثاني متزوّج بأخته وأنهما سيمضيان شهر العسل في العوّامة، وأنه لما أدخل في روعها صدق ما ادعاه الطاعن الأوّل عن نفسه بأنه طبيب طلبت منه أن يكشف على ابنة لها مريضة فقام بذلك بأن كشف عن ملابسها ووضع السماعة على جسمها ثم أخبرها بأنها مريضة بذات الرئة، ثم سألته عن حالة تعتريها هي فطلب أن يكشف عليها فشكرته فكرر عليها القول بأن لا حياء من كشف يوقعه طبيب فقبلت، وامتدّت على السرير بجوار ابنتها المريضة فكشف عن سوأتها ملامساً بيده مواضع هي من عورات النساء كبطنها وصدرها وثدييها ثم تركها. كما أثبتت المحكمة على لسان ابنة المدّعية المدنية أن الطاعن كشف على صدرها بالسماعة، وأنه مس صدرها بيده، وفي هذا الذي أثبته الحكم ما يكفي لبيان: (أولاً) أن الطاعن تعمد كشف سوأة المجني عليها وملامسة مواضع من جسميهما بيده هي من عورات النساء وهو يعلم أن عمله مخل بالحياء العرضي، وهو ما يتحقق به القصد الجنائي في جريمة هتك العرض. (وثانياً) أن المجني عليهما قد انخدعتا بأقوال الطاعنين ومظهر الطاعن الأوّل واعتقدتا بصحة ادعائه من حمله السماعة التي يستعملها الأطباء، ولم تسلما له في الكشف على جسميهما إلا تحت تأثير هذا الإيهام والخداع واقتناعهما بأنه طبيب. وكل ذلك ينفي وجود الرضا من جانبهما بارتكاب الطاعن الأوّل للأفعال السابق ذكرها على جسميهما ويتحقق به ركن القوّة الواجب توافره في جريمة هتك العرض. ومن ثم تكون المحكمة إذ أدانت الطاعن بمقتضى المادة 268/ 1 من قانون العقوبات لم تكن قد أخطأت في شيء.

الطعن 1255 لسنة 11 ق جلسة 19 / 5 / 1941 مج عمر الجنائية ج 5 ق 261 ص 513

جلسة 19 مايو سنة 1941

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات، عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك المستشارين.

---------------

(261)
القضية رقم 1255 سنة 11 القضائية

سرقة:
(أ) قيمة المسروق. ضآلتها. لا تأثير لها في تكوين الجريمة.
(ب) قصد جنائي. انتواء المتهم سرقة قرط على أنه من الذهب. استبدال المجني عليها به قرطاً من النحاس. سرقة القرط من النحاس. شروع في سرقة القرط من الذهب.

(المادة 298 ع = 311)

-----------------

1 - إن تفاهة الشيء المسروق لا تأثير لها ما دام هو في نظر القانون مالاً.
2 - إذا كان المتهم قد سرق قرطاً على أنه من الذهب وهو من نحاس (لأن المجني عليها استبدلت بقرطها الذهب قرط النحاس الذي سرق) فأن الواقعة تكون بالنسبة لقرط النحاس سرقة وبالنسبة للقرط الذهبي شروعاً في سرقة.

الطعن 1259 لسنة 11 ق جلسة 19 / 5 / 1941 مج عمر الجنائية ج 5 ق 262 ص 513

جلسة 19 مايو سنة 1941

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات، عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك المستشارين.

----------------

(262)
القضية رقم 1259 سنة 11 القضائية

تزوير في أوراق أميرية. 

شهادة إدارية. تحرير ورقة متضمنة غير الحقيقة تمهيداً لتوقيع العمدة وشيخ البلد عليها. التوقيع يجعلها ورقة رسمية من وقت تحريرها. عدم توقيع عقوبة على الموظفين الموقعين عليها لانعدام القصد الجنائي لديهم. لا يستتبع براءة باقي الشركاء الذين ساهموا في التزوير عن قصد.

(المادة 42 ع)

-----------------

إنه وإن كانت الورقة التي حصل فيها تغيير الحقيقة لا تصير شهادة ولا ورقة رسمية إلا بتوقيع العمدة والشيخ عليها بعد كتابتها إلا أنه ما دام تحريرها بما تضمنته من تغيير للحقيقة لم يكن إلا تمهيداً لتوقيع العمدة والشيخ عليها فإن توقيعهما عليها يجعل منها ورقة رسمية، وأثره هذا ينسحب إلى وقت تحريرها المنسوب إليهما فيه واقعة الشهادة. ومتى كان من ساهموا في تحريرها يصح وصفهم قانوناً بالفاعلين أو الشركاء في التزوير فإنهم يكونون مستحقين للعقاب ولو كان الموظفون الذين وقعوا عليها لا يستحقون العقاب لانعدام القصد الجنائي لديهم، فإن براءة أحد الفاعلين أو الشركاء لا يلزم عنه - على مقتضى الأحكام المقرّرة بقانون العقوبات لمسئولية الفاعلين والشركاء في الجريمة - براءة باقي من ساهموا معه عن قصد فيها.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى بوجود الطعن المقدّمة منه على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ إذ أدانه على أساس أنه وقت تحرير الشهادة كان يعلم حق العلم تاريخ الوفاة ولم يبين الدليل على ذلك، ثم قال إن الطاعن هو صاحب المصلحة في التزوير، وإنه كان مكلفاً بعمل عقد البيع نظير أجر دون أن يبين ماهية هذا الأجر ومقداره. كذلك قالت المحكمة عن جريمة الاستعمال إن الطاعن اشترك في تقديم الشهادة المزوّرة لمصلحة المساحة وللمحكمة المختلطة دون أن تبين مصدر هذا القول. ويعقب الطاعن على ذلك بأن الحكم مشوب بقصور يستوجب نقضه. ثم يقول إنه تمسك في دفاعه بأنه ما كان يعلم التاريخ الحقيقي للوفاة، وإنه كتب الشهادة بحسن نية كما أملاه طالبها عليه، وإنه عندما حرّرها وانتهى من كتابتها لم تكن وقتها ورقة رسمية لأنها لم تكن تحمل إمضاء الموظفين المختصين، وما دام الأمر كذلك، وكان علم العمدة والشيخ بتاريخ الوفاة منتفياً فما كان يصح معاقبة الطاعن على أنه ارتكب تزويراً في ورقة رسمية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أدان الطاعن في جنايتي التزوير في ورقة رسمية واستعمال الورقة المزوّرة، وبرأ من اتهموا معه، وأورد واقعة الدعوى كما حصّلتها المحكمة من التحقيقات التي أجريت فيها بقوله: "إن عبد الله عبد الله الخولي اشترى من أخواته البنات زهرة ورزقة وعائشة 8 قراريط بعقدين ابتدائيين أحدهما بستة قراريط والآخر بقيراطين وقام بتحرير العقد المحرّر بستة قراريط المتهم الثالث إبراهيم يوسف معيزة عامل التليفون الطاعن وأخذ المشتري يسعى في إحضار إعلام شرعي بالوراثة تمهيداً لتحرير العقد النهائي، ولكن البائعات عرض لهنّ أن يبعن ما سبق بيعه لأخيهنّ وعلم بذلك محمد محمد الديب المتهم الرابع وكان واضعاً يده على الأطيان بطريق الإيجار فلم يشأ أن تنزع منه وعرضها على محمد محمد كسيبة النجار، وهذا فوّضه في المشتري فلجأ محمد محمد الديب إلى المتهم الثالث إبراهيم يوسف معيزة لأن له دراية بتحرير العقود وبإجراءات التسجيل فكلفه بإجراء ما يلزم في هذا الصدد في مقابل أجر يدفع إليه، وهذا، طمعاً في الحصول على الأجر بأقرب ما يمكن، رأى بدلاً من الحصول على إعلام شرعي بوراثة مورّث البائعات لمورّثهنّ الذي توفي في 10 أكتوبر سنة 1934 عمد إلى تحرير الشهادة الإدارية المطعون فيها وجعل واقعة مزوّرة في صورة واقعة صحيحة وأثبت أن عبد الله إبراهيم الخولي مورّث البائعات توفي في سنة 1919 أي قبل سنة 1924 حتى يتوصل لتسجيل العقد من غير أن يكلف بتقديم إعلام شرعي كما تقضي بذلك تعليمات المساحة في حين أنه يعلم أن المورّث توفي في 10 أكتوبر سنة 1934. وبعد تحرير الشهادة عرضها بواسطة محمد محمد الديب على العمدة المتهم الأوّل محمد علي عزام، ولما رأى هذا الأخير أن الشهادة بخط المتهم الثالث لم يلتفت إلى ما تدوّن بها ووقع عليها لأن المتهم الثالث صهره ولأنه يثق أنه لا يعمل ما في ضرره، ووقع عليها الشيخ المتهم الثاني لأن العمدة وقعها دون أن يلتفت هو الآخر إلى ما ورد بها. وقد استعمل المتهم تلك الشهادة المزوّرة فقدّمها لمصلحة المساحة وتوصل لتسجيل العقد الصادر إلى محمد محمد كسيبة، فلما علم بذلك المجني عليه عبد الله عبد الله الخولي أبلغ الحادث". ثم عرض إلى الأدلة التي استند إليها في ثبوت هذه الواقعة فذكر "أن الوقائع المتقدّمة تأيدت بأقوال الشهود بالتحقيقات وبالجلسة وبأقوال المتهمين. فقد شهد عبد الله عبد الله الخولي بأنه اشترى من أخواته البنات 8 قراريط بعقدين ابتدائيين أحدهما بستة قراريط قام بتحريره المتهم الثالث إبراهيم يوسف معيزة والثاني بقيراطين ثم سعى في استخراج إعلام شرعي بالوراثة. ثم علم بأن الأطيان التي بيعت له باعها أخواته إلى محمد كسيبة، وأن هذا الأخير توصل إلى تسجيل عقده بواسطة شهادة إدارية مزوّرة جررها المتهم الثالث وأثبت فيها بأن مورّث البائعات توفي في سنة 1919 في حين أنه توفي في سنة 1934 ووقع عليها عمدة الرحمانية محمد علي عزام وشيخها عبد المنعم عوض سمرة، وقدّمت تلك الشهادة للمساحة، وشهد عبد الحميد محمد صابر بما شهد به الشاهد السابق، وشهد محمد محمد كسيبة بأن محمد محمد الديب عرض عليه مشتري الثمانية قراريط وزين له مشتراها ففوّض إليه أمر المشتري ولم يحضر هو إلا يوم التوقيع على العقد بالمحكمة. وحيث إن المتهم الرابع أنكر علمه بما تضمنته الشهادة وقال بأنه وكل الأمر إلى المتهم الثالث يعمل كل ما يجب من الإجراءات لتحرير عقد البيع وتسجيله. وقال إن الذي قدّم الشهادة للمساحة شخص آخر اسمه الموافي حوّاش سئل ألم تعملوا شهادة بإثبات وفاة عبد الله إبراهيم الخولي فقال (ولا عملنا حاجات من دي وغاية ما هناك أنني سلمت فلوس التسجيل لإبراهيم يوسف معيزة عامل التليفون وقلت له عاوزين العقد يتسجل). وأن المتهم الثالث (الطاعن) اعترف بتحرير الشهادة وأعدّها للتوقيع عليها من العمدة والشيخ وقال بأنه لا شأن له بالتواريخ وقال بأنه كتب أن عبد الله الخولي توفي سنة 1919 حسب ما أملاه محمد محمد الديب وقال بأن محمد محمد كسيبة لم يكن موجوداً. ولما وجهت إليه تهمة تزوير ورقة رسمية قال (الورقة دي ما كنتش رسمية وقت ما كتبتها لأن واحد بيمليني وكتبتها). وأنه لم يثبت أن المتهمين الأوّل والثاني (العمدة والشيخ) كان لأحدهما مصلحة في تحرير الشهادة، والعمدة وقع اعتماداً على ثقته بعامل التليفون صهره، والشيخ وقع اعتماداً على تحريرها من عامل التليفون والتوقيع عليها من العمدة، ولم يلتفت أحد منهما إلى ما جاء بها خاصاً بتاريخ وفاة المورّث... وأن المتهم الرابع محمد محمد الديب وكل كذلك أمر تحرير العقد وتسجيله إلى المتهم الثالث لأنه لا يفهم شيئاً من هذه الإجراءات ولا يمكن أن يملي على عامل التليفون تاريخ وفاة المورّث لأنه يجهله، وهو وإن كانت له مصلحة في استبقاء الأرض المباعة تحت يده إلا أنه لا يفهم أن التسجيل يستوجب شهادة إدارية تحرّر بشكل خاص، والذي يفهم هذا هو المتهم الثالث لأنه زاول مثل هذه الأعمال... وأن التهمة ثابتة على المتهم الثالث من أقوال المتهمين والشهود السالفي الذكر ومن اعترافه بكتابته الشهادة المطعون فيها وعقد البيع الصادر للمجني عليه، ولأنه هو الذي قام بإجراءات تحرير عقد محمد محمد كسيبة وتسجيله مع علمه بسبق بيع الأطيان إلى المجني عليه، ولأن من كلفه بالعمل وهو محمد محمد الديب أمي لا يعلم شيئاً من الإجراءات الواجب عملها ولا يستطيع التفكير في عمل مثل هذه الشهادة أو اختلاق تاريخ للوفاة".
وحيث إنه يتضح مما تقدّم أن كل ما يثيره الطاعن بأوجه الطعن لا أساس له. فالحكم المطعون فيه قد أثبت عليه أنه وقت تحرير الشهادة كان يعلم بالتاريخ الحقيقي للوفاة وأنه هو الذي استعمل الشهادة بعد تزويرها. واستند في ذلك إلى ما استخلصته المحكمة من الأدلة التي أوردتها والتي من شأنها أن تؤدّي إلى ما رتبته عليها. وإذا كان الطاعن يرمي بطعنه إلى أن الحكم لم يرد به دليل مباشر يشهد بأنه كان على علم باليوم الذي حصلت فيه الوفاة، فإنه لا يشترط قانوناً لصحة القضاء أن يكون مبنياً على دليل مباشر بل يجوز للمحكمة أن تستخلص الحقائق القانونية من ظروف الدعوى وقرائنها وملابساتها، ومتى كان استخلاصها سائغاً يبرره العقل والمنطق فلا تصح مساءلتها عنه أمام محكمة النقض، لأن هذه المساءلة يكون معناها المناقشة في كفاية الدليل، وهذا لتعلقه بصميم الموضوع من سلطة محكمة الموضوع وحدها تقدّره كما ترى بغير أن يكون لمحكمة النقض أية رقابة عليها فيه. أما ما ينعاه الطاعن على الحكم من ناحية عدم تحدّثه عن مقدار الأجر الذي قال عنه، فإن ذلك لا يقدّم ولا يؤخر ما دامت الواقعة الجنائية وأدلة ثبوتها على الطاعن مبينة في الحكم بما فيه الكفاية، وما دام الأجر الذي قالت المحكمة إنه هو الذي دفع الطاعن إلى التزوير لا تتغير طبيعته وصفته تبعاً لمقداره وماهيته. وأما ما يتمسك به الطاعن أخيراً من أن الشهادة لم تكن وقت أن غيرت الحقيقة فيها ورقة رسمية فمردود بأنه وإن كانت الورقة التي حصل فيها التغيير لم تصبح شهادة ولا ورقة رسمية إلا بتوقيع العمدة والشيخ عليها بعد كتابتها إلا أنه ما دام تحريرها وما تضمنته من تغيير للحقيقة لم يكن إلا تمهيداً لتوقيع العمدة والشيخ عليها فإن توقيعهما بجعلها ورقة رسمية وينسحب أثره إلى وقت تحريرها المنسوب حصوله إليهما فيها هي ذاتها. وإذا كان من ساهموا في تحريرها على الصورة التي حررت بها يصح وصفهم قانوناً بالفاعلين أو الشركاء في الجريمة كما هو الحال في الدعوى بالنسبة للطاعن فإن عدم استحقاق الموظفين الموقعين على الشهادة لأية عقوبة بسبب انعدام القصد الجنائي لديهم لا يستتبع قانوناً على مقتضى الأحكام المقرّرة بقانون العقوبات لمسئولية الفاعلين والشركاء في الجريمة براءة باقي من ساهموا معهم عن قصد فيها.

الطعن 1072 لسنة 11 ق جلسة 19 / 5 / 1941 مج عمر الجنائية ج 5 ق 260 ص 504

جلسة 19 مايو سنة 1941

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات، عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك المستشارين.

---------------

(260)
القضية رقم 1072 سنة 11 القضائية

مسئولية مدنية:
(أ) مسئولية المخدوم عن خطأ الخادم. مبناها. افتراض وقوع الخطأ من جانب المخدوم. مقرّر لمصلحة من وقع عليه الضرر. الخادم لا يستفيد منه، عدم وقوع خطأ من المخدوم. الحكم عليه بالتعويض بالتضامن مع الخادم وشركائه في الخطأ. حقه في طلب تحميل الخادم وشركائه ما ألزم هو بدفعه للمضرور. التضامن لمصلحة من وقع عليه الضرر. علاقة المحكوم عليهم بعضهم ببعض. تنظيمها.
(ب) التعويض عن الضرر. حصة كل من اشترك في إحداث الضرر. تقديرها. مناطه. متى يسألون عنه بالتساوي؟

(المادتان 151 و152 مدني)

-----------------

1 - إن تقرير مسئولية المخدوم بناءً على مجرّد وقوع الفعل الضارّ من خادمه أثناء خدمته إنما يقوم على افتراض وقوع الخطأ منه. وهذا الاعتراض القانوني مقرّر لمصلحة من وقع عليه الضرر وحده، فالخادم لا يستفيد منه. وإذن فإذا كان المخدوم لم يقع منه أي خطأ فإنه - بالنسبة لمن عدا المجني عليه - لا يكون مسئولاً عن شيء فيما يتعلق بالتعويض، ويكون له عند الحكم عليه للمجني عليه أن يطلب تحميل خادمه هو والمتهمين معه ما ألزم هو بدفعه تنفيذاً للحكم الصادر عليه بالتضامن معهم، على أن يدفع الخادم - لأنه هو المتسبب في الحكم عليه بالتعويض - كل ما ألزم هو بدفعه عنه وأن يؤدّي كل من الآخرين نصيبه فقط، لأن التضامن لم يقرّره القانون إلا لمصلحة من وقع عليه الضرر إذ أجاز له أن يطالب بتعويضه أي شخص يختاره ممن تسببوا فيه. أما فيما يختص بعلاقة المحكوم عليهم بعضهم ببعض فإن من قام منهم بدفع المبلغ المحكوم به للمضرور يكون له أن يرجع على زملائه المحكوم عليهم معه ولكن بقدر حصة كل منهم فيما حكم به.
2 - إن تقدير حصة كل ممن اشتركوا في إحداث الضرر يجب - بحسب الأصل - أن يكون المناط فيه مبلغ جسامة الخطأ الذي ساهم به فيما أصاب المضرور من الضرر إذا كانت وقائع الدعوى تساعد على تقدير الأخطاء على هذا الأساس. أما إذا كان ذلك ممتنعاً فإنه لا يكون ثمة من سبيل إلا اعتبار المخطئين مسئولين بالتساوي عن الضرر الذي تسببوا فيه.


المحكمة

وحيث إن الطعن المرفوع من وزارة العدل حاز شكله القانوني.
وحيث إن مبنى أوجه الطعن المقدّم من هذه الطاعنة أن الحكم المطعون فيه قد أغفل الفصل في دعوى الضمان التي رفعتها ضدّ المتهمين الثلاثة حسين أفندي عبد الهادي ومحمد سعيد عطية وشكري محمد سعيد عطية وضدّ حسين أحمد عبد الهادي (وهو شخص آخر غير المتهم الأوّل). وقد كان من المتعين على محكمة الجنايات وقد رأت الحكم في الدعوى المدنية المرفوعة من المدعي المدني أحمد سرحان بإلزام المتهمين الثلاثة متضامنين مع وزارة العدل بأن يدفعوا له خمسين جنيهاً على سبيل التعويض - كان من المتعين عليها أن تقضي في دعوى الضمان المقامة من الوزارة بإلزام المتهمين الثلاثة المذكورين أن يدفعوا لها ما رأت الحكم عليها به معهم لأن مسئولية الوزارة عن هذا المبلغ ناشئة عن تبعية موظفها حسين عبد الهادي لها. وقد رأت محكمة الجنايات أن حسين عبد الهادي هذا مسئول بدوره مع المتهمين الآخرين مسئولية تضامنية، ومقرّر قانوناً أن للمتبوع الحق في الرجوع على تابعه بما يحكم عليه به معه بالتضامن بسبب تصرفه الذي أدّى إلى ذلك الحكم، كما أن للوزارة الحق في الرجوع على زميلي التابع بسبب تضامن ذلك التابع معهم في المسئولية.
وحيث إن واقعة الحال - كما هو ثابت بالحكم المطعون فيه - أن الدعوى العمومية رفعت أمام محكمة الجنايات على حسين عبد الهادي أفندي ومحمد سعيد عطية وشكري محمد سعيد عطية المتهمين بأنهم: "(أوّلاً) المتهم الأوّل بصفته موظفاً عمومياً في محكمة مصر الابتدائية الأهلية ورئيساً لقلم التسجيل بها ومنوطاً بتحرير تقارير شطب التسجيلات ارتكب تزويراً في ورقة أميرية هي تقرير شطب الاختصاص المسجل برقم 438 بتاريخ 17 أغسطس سنة 1937 حال تحريره المختص بوظيفته. وذلك بجعله واقعة مزوّرة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت في هذا التقرير كذباً أن أحمد سرحان صاحب هذا الاختصاص حضر أمامه وأقرّ بأنه استلم دينه مع المصاريف والملحقات من المتهم الثاني المسجل ضدّه هذا الاختصاص، وأنه يصرح لقلم الكتاب بشطبه في حين أنه كان يعلم عند تحرير هذا التقرير أن المقرّ هو شخص آخر خلاف أحمد سرحان استحضره المتهمان الثاني والثالث أمامه فأثبت على لسانه هذا التقرير ووضع فيه اسماً مزوراً لأحمد سرحان وجعل المقرّ يوقع على هذا التقرير بهذا الاسم المزوّر. (وثانياً) المتهمان الثاني والثالث اشتركا بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأوّل في ارتكاب جريمة تزوير التقرير المشار إليه بالتهمة السابقة بأن أحضرا أمامه باتفاقهما معه شخصاً آخر خلاف أحمد سرحان تسمى زوراً باسمه فوضع المتهم الأوّل هذا الاسم المزوّر في ذلك التقرير ناسباً إليه أنه أقرّ بما تضمنه ووقع هذا الشخص عليه بإمضاء نسبها زوراً لأحمد سرحان كما وقع عليه المتهم الثالث بصفة شاهد على شخصية المقرّ، وقد وقع هذا التزوير بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. (وثالثاً) المتهمان الأوّل والثاني سرقا ورقة متعلقة بالحكومة هي الورقة المتضمنة أصل تقرير الشطب الوارد بالتهمة الأولى حالة كون المتهم الأوّل هو الحافظ لها. (ورابعاً) المتهم الثاني وحده استعمل التقرير المزوّر المبين في التهمة الأولى وهو يعلم بتزويره بأن حصل على شهادة بمقتضاه متضمنة شطب تسجيل الاختصاص المبين به وقدّمها إلى إيلى صايغ وحصل بمقتضى ذلك على مبلغ 420 جنيهاً منه بصفة قرض مضمون برهن عقار من هذا المتهم له مدللاً على خلوه من الحقوق العينية بهذه الشهادة مما دعا المرتهن إلى تسليمه مبلغ القرض. وكذلك حصل على صورة طبق الأصل من هذا التقرير وقدّمها في القضية المدنية رقم 4108 سنة 1939 الأزبكية للاستناد إليها في خصومة قائمة بينه وبين آخرين في تلك القضية". والمحكمة قضت في الدعوى العمومية ببراءة المتهم الأوّل وبإدانة الثاني والثالث وعرضت للدعوى المدنية فقالت: "من حيث إن أحمد سرحان طلب الحكم له ابتداءً بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض قبل المتهمين الثلاثة بطريق التضامن، وهذا بسبب ما ذكره من اشتراكهم جميعاً في تزوير إقرار شطب الاختصاص وما ترتب عليه من ضياع حقوقه، ثم أدخل وزارة العدل ضامنة في الدعوى لموظفها المتهم الأوّل فيما يحكم عليه به بوصف أنها مسئولة عن إهمال موظفيها وعما يقع منهم من جرائم أثناء قيامهم بأعمالهم، فوجهت وزارة العدل بدورها دعوى الضمان إلى المتهمين الثلاثة وآخرين وطلبت الحكم عليهم بالتضامن بما عساه أن يحكم عليها به. وعند نظر الدعوى عدّل أحمد سرحان مبلغ التعويض المطالب به إلى ألف جنيه، وفصّل هذا المبلغ بأن جعل منه مبلغ 916 جنيهاً قيمة الدين وفوائده ومبلغ 84 جنيهاً على سبيل التعويض الشخصي عن الضرر الذي وقع عليه نتيجة لتصرفات المتهمين. ومن حيث إن الحاضر عن وزارة العدل دفع دعوى الضمان بأن المتهم الأوّل الذي من أجله أدخلت في الدعوى لم يرتكب ما أسند إليه ولم يقع منه إهمال تترتب عليه المسئولية المدنية، وأنه على فرض ارتكابه للجريمة المسندة إليه أو أنه أهمل في أداء واجباته فإن مسئولية الوزارة لا تقوم إلا بعد أن يثبت أن الخطأ الذي وقع فيه موظفها قد جرّ فعلاً إلى ضرر وقع بالمدّعي المدني، وأنه ما لم يثبت أن الدين المطالب بالتعويض على أساسه قد ضاع على المدّعي بالحق المدني فإنه لا محل لتعجل القضاء بإلزام الوزارة بمبلغ التعويض، وأنه لذلك يكون للوزارة أن تدفع بعدم قبول الدعوى المدنية بالحالة التي هي عليها لأن ضياع حق الاختصاص لا يعني ضياع الدين المضمون بذلك الحق العيني إلا إذا ثبت أن المدين أصبح لا يمتلك شيئاً وهو ما لم يثبته المدّعي بالحق المدني. ويضاف إلى ذلك أن الدين الذي هو أساس القضية ثابت في ذمة ثلاثة أشخاص منهم حسين أفندي أحمد عبد الهادي ومحمد سعيد عطية المتهم الثاني وأن لكل منهم أملاكاً مبينة تفصيلاً بمحضر الصلح المصدّق عليه من محكمة مصر الابتدائية الأهلية في الدعوى رقم 393 لسنة 1934، وأن حق الاختصاص نفسه لم يسقط ويجوز للمدّعي بالحق المدني أن يقوم بتجديد قيد الاختصاص في مرتبته الأصلية. ومن حيث إن المتهمين الثاني والثالث انضما إلى وزارة العدل فيما دفعت به من عدم قبول الدعوى المدنية بالحالة التي هي عليها للأسباب التي ذهبت إليها. ومن حيث إن المدعي بالحق المدني دفع أسباب الوزارة التي ارتكنت عليها بأنه غير ملزم بالرجوع على مدينيه وتجريدهم من أموالهم حتى إذا ما ثبت عدم امتلاكهم لشيء عاد على المتهمين والوزارة بالضمان طالما أن له حقاً عينياً ثابتاً على عين محققة اختارها لتكون ضامنة لسداد دينه. أما القول بأن له أن يعيد قيد اختصاصه في المرتبة التي كان فيها فينفيه أن العين التي كان عليها الاختصاص قد بيعت وخرجت ملكيتها من يد المدين إلى يد إيلى صايغ الذي أثبت في عقد الرهن المحرّر في 27 ديسمبر سنة 1937 أنه لا يدفع قيمة الرهن إلى محمد سعيد عطية إلا بعد أن يقدّم له ما يثبت خلو العين من الحقوق العينية، وأنه لا يجوز القول بأن ضياع الحق الثابت يُرد عليه بشبهة جواز الحصول على الدين مع الزمن، لأن الضرر وقع بضياع الضمان. ومن حيث إن المتهم الأوّل حسين عبد الهادي ومعه وزارة العدل دفعا الدعوى المدنية بطلب رفضها بحذافيرها ارتكاناً على أن المتهم الأوّل لم يرتكب التزوير الذي نسب صدوره إليه بالاشتراك مع المتهمين الثاني والثالث، وأنه كان ضحية لعمل هذين المتهمين، وأنه لم يقع منه إهمال في أثناء قيامه بعمله، وأن إجراءات الشطب اتبعت فيها الإجراءات القانونية. ومن حيث إنه تبين للمحكمة عند نظر الدعوى ومن التحقيقات التي قامت بها النيابة أنه وإن كان حسين أفندي عبد الهادي المتهم الأوّل لم يثبت أنه اشترك مع المتهمين محمد سعيد عطية وشكري محمد سعيد في التزوير أو أنه كان عالماً به إلا أنه واضح أنه، وهو موظف أميري مكلف قانوناً بأن يقوم بنفسه بإثبات البيانات التي تدخل في اختصاصه في الدفاتر المعدّة لها، كان يستعين في أداء عمله بكاتب عمومي يدوّن له البيانات ويثبت الإقرارات ويؤشر في الدفاتر بخطه بالشطب. وقد قام هذا الكاتب العمومي فعلاً بهذا العمل بالنسبة للاختصاص موضوع الدعوى، وقد كانت هذه المساعدة من جانب هذا الأجنبي سبباً في انزلاق حسين عبد الهادي في الثقة به والاعتماد على شهادته التي أدت إلى وقوع الجريمة. وثبت أيضاً أنه بسبب المعرفة الطويلة بالمتهم الثاني محمد سعيد عطية تهاون في الاستيثاق من أن الشخص الذي حضر أمامه هو صاحب الاختصاص بأن قبل إثباتاً لصحة شخصيته شهادة ابن المدين الغير معروف لديه. ولا عبرة بما احتج به من أنه ما كان يعتقد أن أباً يستدرج ابنه إلى الاشتراك معه في تزوير لأن هذا العذر لا يقوم مبرراً لعدم العناية والدقة في قبول شهادة الشهود طبقاً للأوضاع التي قرّرتها التعليمات. وعليه فيكون الدفع برفض الدعوى المدنية بحذافيرها في غير محله. ومن حيث إن حسين أفندي عبد الهادي ومحمد سعيد عطية وشكري محمد سعيد ووزارة العدل دفعوا بعدم قبول الدعوى المدنية بالحالة التي هي عليها الآن للأسباب الواردة بالمذكرات والتي سبق ذكرها في هذا الحكم ورد عليها المدّعي بالحق المدني بما أبداه في الجلسة وفي المذكرات. ومن حيث إنه لا نزاع في أن التعويض لا يكون إلا حيث يقع الضرر نتيجة لجنحة أو شبه جنحة وأن يثبت أمام المحكمة أن الجريمة قد أحدثت ضرراً أو فوّتت مصلحة على طالب التعويض. ومن حيث إنه لا نزاع في أن الدين موضوع الاختصاص في ذمة ثلاثة أشخاص هم محمد سعيد عطية وحسين أحمد عبد الهادي وأحمد حمدي الكحيلي، وأن لهؤلاء جميعاً أملاكاً مبينة تفصيلاً في محضر الصلح المصدق عليه من محكمة مصر الابتدائية الأهلية في الدعوى رقم 393 لسنة 1934 وأنه في مقدور المدّعي بالحق المدني أن يعيد الاختصاص على هذه الأملاك وفاء لدينه مع قيام التضامن بينهم في هذا الدين. ومن حيث إنه لا عبرة بما قاله المدّعي المدني من أن هذه الأملاك مثقّلة بالديون لأنه لم يقدّم للمحكمة بياناً بما يملكون وما هم به مدينون حتى يمكن ترجيح أقواله على أقوال الآخرين، كما لا عبرة بما ذكره من أنه كان له حق عيني على عين اختارها لضمان دينه، وأن المتهمين تسببوا في ضياع هذا الضمان، فإن ضياع الضمان الذي اختاره مع إمكان حلول غيره محله لا يكون سبباً في المطالبة بمبلغ الدين على سبيل التعويض وإنما يكون محلاً لتعويض عن المصاريف التي يتكلفها الدائن بنقل الاختصاص من عين إلى عين أخرى. ومن حيث إنه لذلك يكون الحق في المطالبة بالتعويض على أساس مبلغ الدين وفوائده سابقاً لوقته ويتعين قبول هذا الدفع. ومن حيث إنه لا محل بعد ذلك لأن تبحث المحكمة في جواز إعادة الاختصاص على العين في مرتبته ما دام قد تبين أنه لا يجوز للدائن أن يطالب بقيمة الدين وفوائده قبل أن يتخذ ما يجب من الطرق القانونية للحصول على دينه سواء كان بالمطالبة برجوعه في مرتبته على العين إن كان هناك محل بتجريد مدينيه من أملاكهم الأخرى. ومن حيث إن المحكمة تقدّر التعويض الذي يستحقه المدعي المدني نتيجة لخطأ حسين أفندي عبد الهادي وإهماله في تنفيذ التعليمات التي يجب العمل بها واشتراك المتهمين الثاني والثالث في تزوير إقرار شطب الاختصاص بمبلغ خمسين جنيهاً يدفعونها بالتضامن. ومن حيث إن وزارة العدل مسئولة مع موظفيها في التعويض عن الضرر الناشئ للأفراد من جراء أخطائهم في العمل فيتعين الحكم عليها مع المتهمين بالتضامن".
وحيث إن المحكمة مع قضائها بإلزام المتهمين الثلاثة ووزارة العدل متضامنين بأن يدفعوا للمدعي بالحقوق المدنية المبلغ الذي رأت الحكم له به عليهم لم تفصل في الدعوى المرفوعة أمامها بالطريق القانوني من وزارة العدل على المتهمين بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لها ما عسى أن يقضي به عليها للمدعي.
وحيث إنه ما هو ثابت بالحكم المطعون فيه من وقوع الخطأ من المتهمين الثلاثة ومن أن هذا الخطأ قد أضر بالمدعي بالحقوق المدنية ضرراً استوجب القضاء له بالتضمينات عليهم وعلى وزارة العدل بطريق التضامن معهم باعتبارها مسئولة عما وقع من أحدهم وهو حسين عبد الهادي أفندي لأنه موظف لديها وقد ساهم في ارتكابه الفعل الضار لمناسبة تأدية وظيفته - مع ما هو ثابت من ذلك في الحكم الصادر من محكمة الجنايات لا تكون وزارة العدل في علاقتها مع موظفها وزملائه مسئولة عن شيء من التعويض المقضى به عليها. وذلك لأنها في الواقع لم ترتكب أي خطأ. وإنما اعتبرها القانون مسئولة عن الفعل الضار الذي وقع من موظفها أثناء عمله عندها. واعتباره هذا ميناء مجرّد افتراض قانوني لا يصدق في حقها إلا بالنسبة لمن يقع عليه الضرر، ولا يمكن أن يستفيد منه من وقع منهم بالفعل الذي سبب الضرر إلا إذا قاموا هم بإثبات وقوع خطأ من جانبها هي أيضاً، الأمر الذي تنفيه وقائع الدعوى بحسب ما أورده الحكم. ومتى كان هذا واضحاً فإن وزارة العدل تكون على حق فيما تطلبه من حيث تحميل المتهمين ما ألزمت بدفعه للمدّعي بالحقوق المدنية تنفيذاً للحكم الصادر عليها بالتضامن معهم، لأنهم هم وحدهم الذين ارتكبوا الفعل الذي ألزمت بالتعويض من أجله ولم يقع منها هي أي خطأ في الواقع.
وحيث إنه وإن كان الحكم قد صدر على المتهمين وعلى الطاعنة بإلزامهم بأن يدفعوا مبلغ التعويض للمدّعي بطريق التضامن. فإن التضامن المقضى به هنا لم يقرّره القانون إلا لمصلحة من وقع عليه الضرر، إذ أجاز له أن يطالب بتعويضه أي شخص يختاره ممن تسببوا فيه. أما فيما يختص بعلاقة المحكوم عليهم بعضهم ببعض فإن من قام منهم بدفع المبلغ المحكوم به للمضرور لا يكون له أن يرجع على زملائه المحكوم عليهم معه إلا بقدر حصة كل منهم فيما حكم به. هذا إذا كانوا قد ساهموا جميعاً في ارتكاب الخطأ، أما إذا كانت مساءلة أحدهم عن التعويض ليست مقرّرة إلا على أساس مجرّد افتراض الخطأ في حقه كما هو الحال بالنسبة لوزارة العدل في الدعوى فإنه لا يسأل بداهة عن شيء من التعويض ولو كان قد قام بدفعه فعلاً للمحكوم له، بل يكون واجباً على موظفه - وهو الذي تسبب له في الحكم عليه بالتعويض - أن يؤدّي إليه كل ما ألزم بدفعه عنه، ولا يكون على الآخرين - وفقاً للأحكام العامة - إلا أن يؤدّي كل منهم نصيبه فقط.
وحيث إن تقدير حصة كل ممن اشتركوا في إحداث الضرر يجب - بحسب الأصل - أن يكون المناط فيه مبلغ جسامة الخطأ الذي ساهم به فيما أصاب المضرور من الضرر، إذا كانت وقائع الدعوى تساعد على تقدير الأخطاء على هذا الأساس. أما إذا كان ذلك ممتنعاً فإنه لا يكون ثمة من سبيل إلا اعتبار المخطئين مسئولين بالتساوي عن الضرر الذي تسببوا فيه.
وحيث إنه متى تقرّر ذلك يتعين الحكم لوزارة العدل على المتهمين بالمبلغ المحكوم به عليها للمدّعي بالحقوق المدنية. ولكنهم لا يلزمون بأدائه بطريق التضامن كما تطلب، لأن القانون لا يجيز الحكم بالتضامن في هذه الحالة بناءً على ما تقدّم، بل يجب أن يوزع هذا المبلغ عليهم بإلزام حسين عبد الهادي أفندي بأن يدفعه كله لها، لأنه هو وحده المتسبب في القضاء به عليها. أما المتهمان الآخران فلا يلزم كل منهما إلا بثلث المبلغ، لأن ثلاثتهم قد اشتركوا فعلاً في الخطأ، فعلى كل منهم الثلث في تعويضه ما دامت أخطاؤهم - على حسب ما هو واضح من وقائع الدعوى التي سردها الحكم - متساوية. ولما كانت الوزارة تطلب الحكم على المتهمين متضامنين بما حكم به عليها فإن الحكم لها بالمبلغ موزعاً على المحكوم عليهم بالصورة سابقة الذكر يدخل في عموم طلبها المتقدّم، وذلك لأن طلبها الحكم بالمبلغ على المتهمين بطريق التضامن مفاده أنها تطالب كلا منهم بأن يدفع لها كل المبلغ، ومتى استبعد التضامن وألزم كل من المتهمين بدفع حصته فقط فإن هذا الإلزام يدخل في حدود الطلب.
وحيث إنه لكل ما تقدّم يتعين قبول الطعن وإلزام حسين عبد الهادي أفندي بأن يدفع للطاعنة المبالغ المحكوم بها عليها وبإلزام كل من محمد سعيد عطية وشكري محمد سعيد عطية أن يدفع لها ثلث هذه المبالغ فقط.

الطعن 1470 لسنة 11 ق جلسة 16 / 6 / 1941 مج عمر الجنائية ج 5 ق 277 ص 545

جلسة 16 يونيه سنة 1941

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك المستشارين.

-----------------

(277)
القضية رقم 1470 سنة 11 القضائية

أسباب الإباحة وموانع العقاب. 

حق الدفاع الشرعي. التمسك به. متى يستوجب الرد؟ إنكار التهمة. الاستناد إلى أن المجني عليه كان متفوّقاً في القوّة على المتهم. ليس تمسكاً بظرف الدفاع الشرعي. لا تلزم المحكمة بالرد عليه.

(المادة 210 ع = 246)

------------------

إن التمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي يجب، لمطالبة المحكمة بالرد عليه في حكمها، أن يكون صريحاً مقروناً بالتسليم من جانب المتهم بوقوع الفعل منه وبأن وقوعه وإنما كان لدفع فعل يخشى منه على النفس أو المال. فإذا كان الظاهر من محضر جلسة المحاكمة أن المتهم قد أنكر الفعل المسند إليه، وأن محاميه لم يقل بوقوعه منه بل أسس دفاعه على أنه لم يرتكب الحادثة، وكل ما قاله لينفي عنه وقوع أي اعتداء هو أن المجني عليه كان متفوّقاً عليه في القوَة، فهذا ليس فيه تمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي. وإذن فالمحكمة مع إيرادها الواقعة حسبما استخلصته من التحقيقات، وخلوصها مما أوردته إلى إدانة المتهم، لم تكن ملزمة بالتحدّث عن قيام تلك الحالة.

الطعن 1625 لسنة 11 ق جلسة 16 / 6 / 1941 مج عمر الجنائية ج 5 ق 278 ص 545

جلسة 16 يونيه سنة 1941

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك المستشارين.

----------------

(278)
القضية رقم 1625 سنة 11 القضائية

تلبس. 

إثبات هذه الحالة بطريقة ماسة بحرمة المساكن أو منافية للآداب (اختلاس المشاهدات من ثقوب أبواب المنازل). لا يجوز. إثباتها باقتحام المسكن. لا يجوز. مثال. خفير. متهمون يتعاطون الأفيون بالحقن داخل منزل.

(المادة 8 تحقيق)

-----------------

لا يجوز إثبات حالة التلبس بناءً على مشاهدات يختلسها رجال الضبط من خلال ثقوب أبواب المساكن لما في هذا من المساس بحرمة المساكن والمنافاة للآداب. وكذلك لا يجوز إثبات تلك الحالة بناءً على اقتحام المسكن فإن ذلك يعدّ جريمة في القانون. فإذا كان الظاهر مما ذكره الحكم أن مشاهدة الخفير للمتهمين وهم يتعاطون الأفيون بواسطة الحقن كانت من ثقب الباب، وأن أحد الشهود احتلال عليهم لفتح الغرفة التي كانوا فيها على هذه الحالة ثم اقتحمها الخفير وضبط المتهمين وفتشهم فعثر معهم على المخدّر، فإن حالة التلبس لا تكون ثابتة، ويكون القبض والتفتيش باطلين.

الطعن 20117 لسنة 89 ق جلسة 24 / 11 / 2022 مكتب فني 73 ق 83 ص 776

جلسة 24 من نوفمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / محمد عيد محجوب رئيس محكمة النقض وعضوية السادة القضاة / محمد العكازي ، عبد الله فتحي ، علاء البغدادي ووليد أبو ليلة نواب رئيس المحكمة .
----------------------
(83)
الطعن 20117 لسنة 89 ق
(1) نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " .
خصومة الطعن بالنقض . لا تنعقد إلا بين أشخاص أحياء . مواجهة الخصم المتوفى بها . معدومة لا ترتب أثراً ولا يصححها إجراء لاحق . علة وأثر ذلك ؟
مثال .
(2) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
كفاية تشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضي بالبراءة . علة ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الخصومة عموماً ومنها خصومة الطعن بالنقض لا تنعقد إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة ، ومن ثم فإنها في مواجهة الخصم المتوفى تكون معدومة ولا ترتب أثراً ولا يصححها إجراء لاحق ، وعلى من يريد عقد الخصومة أن يراقب ما يطرأ على خصومه من وفاة أو تغير في صفاتهم قبل اختصامهم . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الرابع / .... قد توفى إلى رحمة الله بتاريخ .... – قبل صدور الحُكم المطعون فيه - وذلك وفق الثابت بشهادة قيد وفاته المرفقة بالأوراق ، الأمر الذي تكون معه الخصومة الجنائية منعدمة كنتيجة حتمية للوفاة – وبه تقضي المحكمة – ، ويضحى طعن النيابة قبل المطعون ضده الرابع لا محل له .
2- من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أدلة الدعوى وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مُستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، كما أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المُتهم لكي تقضي له بالبراءة ، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين أدلة النفي أو داخلتها الريبة في عناصر الاتهام - كما هو الحال في واقع الدعوى المطروحة - . لما كان ذلك ، وكان الحُكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه إلى أن المُتهمين لم يعرضوا أو يوجهوا دعوة للجمهور دون تمييز وأن هناك روابط وعلاقات بين المجني عليهم أصحاب الأموال وبين المُتهمين تدعو للطمأنينة بينهم في التعامل ، إذ تربط شهود الإثبات بالمُتهمين علاقات تمثلت في صلة قرابة وجيرة ونسب ومصاهرة وعلاقات تجارية وعمل وانتهى الحُكم إلى عدم توافر الركن المادي للتهم في حق المطعون ضدهم بما يبرئهم ، وهو استدلال لا شائبة فيه ، فإن منازعة النيابة العامة في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع أوراق الدعوى تنحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم :
أولاً : وجهوا الدعوة للجمهور عن طريق الإعلان لجمع الأموال لتوظيفها واستثمارها في مجال تجارة الملابس الجاهزة من خلال شركة .... وذلك بعد العمل بأحكام قانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها الصادر بالقانون رقم ١٤٦ لسنة ۱۹۸۸ حال كونهم من غير الشركات المساهمة التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام والمقيدة بالسجل المعد لذلك بالهيئة العامة للرقابة المالية على النحو المُبيّن بالتحقيقات .
ثانياً : تلقوا أموالاً من الجمهور بلغت جملتها عشرة ملايين وسبعمائة وست وسبعين ألف جنيه مصري ، واثنان وخمسين ألف دولار أمريكي لتوظيفها واستثمارها ، وذلك بعد العمل بأحكام قانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها الصادر بالقانون رقم ١٤٦ لسنة ۱۹۸۸ حال كونهم من غير الشركات المساهمة التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام والمقيدة بالسجل المعد لذلك بالهيئة العامة للرقابة المالية على النحو المُبيّن بالتحقيقات .
ثالثاً : امتنعوا عن رد مبلغ " تسعة ملايين وثمانمائة وأربع وثلاثين ألف جنيه مصري واثنان وخمسين ألف دولار أمريكي " جملة المبالغ المالية موضوع الاتهام السابق والمستحقة للمجني عليهم ، والتي تلقوها منهم بعد العمل بأحكام قانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها الصادر بالقانون رقم ١٤٦ لسنة ١٩٨٨ على النحو المُبيّن بالتحقيقات .
رابعاً : زاولوا نشاط تلقي الأموال من الجمهور دون الحصول على ترخيص بذلك من الهيئة العامة للرقابة المالية والقيد بالسجل المعد لديها لهذا الغرض على النحو المُبيّن بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... الاقتصادية لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للمتهمين الأول والثاني وغيابياً للمتهم الثالث ، أولاً : ببراءة كل من المُتهمين .... ، .... ، .... مما أُسند إليهم من اتهام ، وأمرت بإحالة الدعاوى المدنية بحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة وأبقت الفصل في مصروفاتها ، ثانياً : بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المُتهم الرابع .... .
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
أولاً : بالنسبة إلى الطعن المقدم من النيابة العامة ضد المطعون ضده الرابع :
حيث إنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الخصومة عموماً ومنها خصومة الطعن بالنقض لا تنعقد إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة ، ومن ثم فإنها في مواجهة الخصم المتوفي تكون معدومة ولا ترتب أثراً ولا يصححها إجراء لاحق ، وعلى من يريد عقد الخصومة أن يراقب ما يطرأ على خصومة من وفاة أو تغير في صفاتهم قبل اختصامهم . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الرابع / .... قد توفى إلى رحمة الله بتاريخ .... - قبل صدور الحُكم المطعون فيه - وذلك وفق الثابت بشهادة قيد وفاته المرفقة بالأوراق ، الأمر الذي تكون معه الخصومة الجنائية منعدمة كنتيجة حتمية للوفاة ، وبه تقضي المحكمة ، ويضحى طعن النيابة قبل المطعون ضده الرابع لا محل له .

ثانياً : بالنسبة إلى الطعن المقدم من النيابة العامة ضد المطعون ضدهم الأول والثاني والثالث :
حيث إن النيابة العامة - الطاعنة - تنعى على الحُكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهم الثلاثة الأُول من جرائم توجيه دعوة للجمهور للاكتتاب العام لأداء مبالغ مالية لاستثمارها دون ترخيص وتلقيهم تلك المبالغ لاستثمارها بعد العمل بأحكام القانون رقم 146 لسنة 1988 والامتناع عن ردها قد شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق ، ذلك بأنه تساند في قضائه إلى أقوال شهود الإثبات من وجود روابط وعلاقات بين المجني عليهم أصحاب الأموال والمطعون ضدهم مما يخرجهم من وصف الجمهور في حين أن أياً منهم لم يقرر بوجود صلة تربطه بأي من المطعون ضدهم ، مما يعيب الحُكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إنه من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أدلة الدعوى وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مُستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، كما أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المُتهم لكي تقضي له بالبراءة ، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين أدلة النفي أو داخلتها الريبة في عناصر الاتهام - كما هو الحال في واقع الدعوى المطروحة - . لما كان ذلك ، وكان الحُكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه إلى أن المُتهمين لم يعرضوا أو يوجهوا دعوة للجمهور دون تمييز وأن هناك روابط وعلاقات بين المجني عليهم أصحاب الأموال وبين المُتهمين تدعو للطمأنينة بينهم في التعامل ، إذ تربط شهود الإثبات بالمُتهمين علاقات تمثلت في صلة قرابة وجيرة ونسب ومصاهرة وعلاقات تجارية وعمل وانتهى الحُكم إلى عدم توافر الركن المادي للتهم في حق المطعون ضدهم بما يبرئهم ، وهو استدلال لا شائبة فيه ، فإن منازعة النيابة العامة في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع أوراق الدعوى تنحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مُتعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قرار النائب العام 1285 لسنة 2024 بإعادة تنظيم اختصاصات نيابات الأموال العامة

النيابة العامة

النائب العام

قرار

رقم ( ١٢٨٥) لسنة ٢٠٢٤

بإعادة تنظيم اختصاصات نيابات الأموال العامة

النائب العام

بعد الاطلاع على قانون الإجراءات الجنائية

وعلى قانون السلطة القضائية رقم ٤٦ لسنة ۱۹۷۲ وتعديلاته

وعلى قرار السيد المستشار النائب العام رقم ٤٥ لسنة ١٩٦٨ بإعادة تشكيل نيابات الأموال العامة وتحديد اختصاصها ؛

وعلى قرار السيد المستشار النائب العام رقم ۲۰۳۱ لسنة ١٩٨٦ بإنشاء نيابة استئناف أسيوط للأموال العامة

وعلى قرار السيد المستشار النائب العام رقم ١٦٧٢ لسنة ۱۹۹۱ بإنشاء نيابتي طنطا والمنصورة للأموال العامة

وعلى قرار السيد المستشار النائب العام رقم ٦٦١ لسنة ۱۹۹۲ بإعادة تشكيل نيابات

الأموال العامة وتحديد اختصاصها :

ولصالح العمل.

قرر

(المادة الأولى)

تختص نيابة الأموال العامة العليا بالتحقيق والتصرف في جرائم اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والجرائم المرتبطة بها، وذلك في جميع أنحاء الجمهورية، مع مراعاة القواعد الآتية:

أولاً: التحقيق والتصرف في قضايا الأموال العامة التي يتهم فيها الموظفون العامون في حكم المادة ۱۱۹ مكرر من قانون العقوبات، إذا كان أحدهم من شاغلي الدرجة العليا وما يعلوها أو ما يعادلها من الكادرات الخاصة أو كان يتقاضى راتبا أو مكافأة تدخل في حدود هذه الدرجات والوزراء السابقين وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ ورؤساء مجالس إدارات الشركات وأعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي وكذلك القضايا التي يجاوز فيها قيمة المال محل الجريمة خمسة ملايين جنيه مصري أو ما يعادله.

ثانيا: التحقيق والتصرف في قضايا الأموال العامة التي تدخل في اختصاص دائرة نيابة استئناف القاهرة وفقاً للقواعد المنصوص عليها في المادة التالية.

ثالثا: التصرف النهائي في القضايا التي يتهم فيها الموظفون العامون في حكم المادة ۱۱9 مكررا من قانون العقوبات إذا كان أحدهم من شاغلي درجة مدير عام أو ما يعادلها من الكادرات الخاصة أو كان يتقاضى راتبا أو مكافأة تدخل في حدود هذه الدرجة، ورؤساء المجالس الشعبية المحلية بالمحافظات وأعضاء مجالس إدارات الشركات. وكذلك القضايا التي يجاوز فيها قيمة المال محل الجريمة مليون جنيه مصري أو ما يعادله.

رابعًا: تحقيق أي قضية من قضايا الأموال العامة ترى أن لها أهمية خاصة كما لها أن تطلب أية قضية منها للاطلاع عليها واتخاذ ما تراه بشأنها.

خامسا: الإشراف على تحقيقات قضايا الأموال العامة التي تجريها نيابات الأموال العامة بنيابات الاستئناف، ومتابعة قضايا الأموال العامة التي يتم تحقيقها في جميع نيابات الجمهورية، والتفتيش عليها تفتيشا مفاجئا وإعداد تقرير بذلك يرسل إلى إدارة التفتيش القضائي بالنيابة العامة وصورة منه إلى المكتب الفني للنائب العام.

سادسا : نظر التظلمات الخاصة بقضايا الأموال العامة، والمقدمة من ذوي الشأن في القرارات الصادرة من نيابات الأموال العامة بنيابات الاستئناف والنيابات الكلية.

 (المادة الثانية)

تتولى نيابات الأموال العامة بنيابات الاستئناف في حدود اختصاصها المكاني ما يلي: -

أولاً: التحقيق في قضايا الأموال العامة المشار إليها في البند ثالثاً من المادة السابقة على أن ترسلها بعد تحقيقها إلى نيابة الأموال العامة العليا مشفوعة بالرأي.

ثانيا: التصرف النهائي فيما عدا ما تقدم من قضايا الأموال العامة. ثالثا: تحقيق أي قضية من قضايا الأموال العامة ترى تحقيقها، كما لها أن تطلب أية قضية منها للاطلاع عليها واتخاذ ما تراه بشأنها دون إخلال بحق نيابة الأموال العامة العليا في ذلك.

رابعا: متابعة قضايا الأموال العامة التي يتم تحقيقها في النيابات، والتفتيش عليها في تلك النيابات تفتيشا مفاجئا، وإعداد تقرير بذلك يرسل إلى إدارة التفتيش القضائي، كما ترسل صورة منه إلى نيابة الأموال العامة العليا والمحامي العام الأول لدى محكمة الاستئناف والنيابة الكلية المختصة لاتخاذ اللازم في شأن ما ورد به.

 (المادة الثالثة)

لا يخل تطبيق القواعد المتقدمة بواجب سائر أعضاء النيابة في المبادرة إلى تحقيق ما يبلغ إليهم من جرائم الأموال العامة بغض النظر عن درجة المتهم الوظيفية أو قيمة المال موضوع الجريمة مع وجوب إخطار نيابة الأموال العامة المختصة فورا إذا تبين أن تحقيق القضية مما يدخل في اختصاصها أو كانت ذات أهمية خاصة، مع الاستمرار في تحقيقها في حالة عدم طلبها، على أن ترسل فور الانتهاء من تحقيقها مشفوعة بالرأي إلى نيابة الأموال العامة المختصة.

(المادة الرابعة)

على نيابات الأموال العامة المختصة متابعة قضايا الأموال العامة التي أحالتها ولها أن تكلف أحد أعضائها بالمرافعة في الهام منها بعد إخطار إدارة التفتيش القضائي.

(المادة الخامسة)

على النيابات الكلية إرسال قضايا الأموال العامة المحكوم فيها فور ورودها إليها إلى نيابة الأموال العامة المختصة لدراستها والطعن فيما ترى الطعن عليه منها.

ويجب على نيابات الأموال العامة بنيابات الاستئناف استطلاع رأي المحامي العام الأول لنيابة الأموال العامة العليا في الطعن بالنقض على أي من قضايا الأموال العامة أو الموافقة على القضايا المحكوم فيها بالبراءة منها.

(المادة السادسة)

على النيابات أن ترسل إلى نيابة الأموال العامة العليا كشفا شهريًا بقضايا الأموال العامة الواردة إليها، مبينا به تاريخ ورودها، وما تم التصرف فيه، والباقي منها بغير تصرف وأسباب بقائها.

(المادة السابعة)

ترسل نيابة الأموال العامة العليا إلى المكتب الفني للنائب العام وإلى إدارة التفتيش القضائي صورة من الكشوف الشهرية التي تتلقاها من النيابات مشفوعة بتقرير بما أسفر عنه متابعة القضايا موضوع تلك الكشوف.

(المادة الثامنة)

يلغى كل حكم ورد بالقرارات أو التعليمات العامة للنيابات أو الكتب الدورية السابق إصدارها يخالف ما ورد بهذا القرار.

 (المادة التاسعة)

يعمل بهذا القرار اعتبارا من يوم الثلاثاء الموافق ٢٠٢٤/١٠/١، وعلى إدارة التفتيش القضائي تنفيذه.

صدر في ٨/ ٩ / ٢٠٢٤

" النائب العام"

المستشار/ محمد شوقي

الأربعاء، 11 سبتمبر 2024

الطعن 27459 لسنة 86 ق جلسة 16 / 2 / 2019

الدائـرة الجنائية

السبت " ج "
برئاسة السيد القاضى/ عاطف عبد السميع فرج " نائب رئيس المحكمـة " وعضوية السادة القضاة / محمد جمال الشربينى وناجى عز الدين و وهشام عبد الرحمن وعبـد الحميد جابر " نواب رئيس المحكمة "

بحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / هانى فكرى.

وأمين السر السيد / رجب حسين .

فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بمدينة القاهرة 0
فى يوم السبت 11 من جمادى الآخرة سنة 1440 هـ الموافق 16 من فبراير سنة 2019 م .
أصدرت الحكم الآتى :
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 27459 لسنة 86 قضائية .

----------------------

" الوقائع "

اتهمت النيابة العامة الطاعن/ .....في القضية رقم 25137 لسنة 2014 جنايات ثان طنطا (والمقيدة بالجدول الكلى برقم 2225 لسنة 2014 ) بأنه في يوم 22 من يناير لسنة 2014 بدائرة قسم ثان طنطا - محافظة الغربية:
أولاً :- قتل المجنى عليها ..... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتلها وما أن أيقن بتواجدها بمفردها بمسكنها دلف إليها وما أن ظفر بها إلا وأن جذب رباط رأسها (إيشارب) وأحاطه بعنقها وجذبه بكلتا يديه حتى خارت قواها قاصداً إزهاق روحها ثم ألقى المبرد فوقها فأحدث إصاباتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وكان القصد من ارتكاب تلك الجناية التأهب لارتكاب جنحة سرقة هى أنه في ذات الزمان والمكان سالفى البيان سرق القرط الذهبى المبين وصفاً بالأوراق والمملوك للمجنى عليها سالفة الذكر وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
ثانياً :- أحرز بدون مسوغ قانونى أو حرفى أداة ( مقص حديدى ).
وأحالته إلى محكمة جنايات طنطا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وبجلسة 26 من ديسمبر لسنة 2015 حكمت المحكمة أولاً :- بتغريم المحامى ..... مبلغ عشرة آلاف جنيه لإخلاله بهيبة ومقام وسلطة المحكمة بجلسة اليوم الساعة التاسعة وخمسة وعشرون دقيقة صباح اليوم ، ثانياً :- حكمت المحكمة بتغريم المحامى ...... مبلغ عشرة آلاف جنيه لاخلاله بهيبة ومقام وسلطة المحكمة بجلسة اليوم الساعة التاسعة والنصف صباح اليوم.
كما قضت المحكمة في 29 من مايو لسنة 2016 عملاً بالمواد 230، 234/ 3 ، 316 مكرراً /ثانيا ، ثالثاً ، 317/ 1 من قانون العقوبات ، 1/1 ، 25 مكرراً/1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند (7) من الجدول رقم (1) الملحق مع إعمال أحكام المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة ...... بالسجن المؤبد عما أسند إليه وبمصادرة السلاح الأبيض المضبوط وفى الدعوى المدنية بإحالتها للمحكمة المدنية المختصة .
فطعن المحكوم عليه الأول / ..... المحامى فى هذا الحكم بطريق النقض فى 18 من فبراير لسنة 2016 ، كما طعن المحكوم عليه الثانى / ...... فى هذا الحكم بطريق النقض فى 20 من يونيه لسنة 2016 .
وأودعت مذكرتان بأسـباب الطعن الأولى من المحكوم عليه الأول في 18 من فبراير لسنة 2016 موقع عليها من الأستاذ / ..... المحامى ، والثانية من المحكوم عليه الثانى في 24 من يوليه لسنة 2016 موقع عليها من الأستاذ / ..... المحامى وهما من المقبولين أمام محكمة النقض .

--------------------
" المحكمـة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر وبعد المداولة قانوناً :
أولاً: الطعن المقدم من المحكوم عليه / .....:
من حيث إن الطعن استوفي الشكل المقرر في القانون .
ومن حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إهانة محكمة قضائية أثناء انعقاد الجلسة قد شابه البطلان ، ذلك بأنه خلا من الأسباب ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه من المقرر أن لمحكمة النقض أن تفصل في الطعن على ما تراه متفقاً وحقيقة العيب الذي شاب الحكم متى اتسع له وجه الطعن . لما كان ذلك ، وكان مقتضى نص المادة 245 من قانون الإجراءات الجنائية ، والمادتين 49 ، 50 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 المعدل أنه إذا وقع من المحامي أثناء قيامه بواجبه في الجلسة وبسببه ما يستدعي مؤاخذته جنائياً ، فإن رئيس الجلسة يحرر محضراً بما حدث وتتم إحالته إلى النيابة العامة لإجراء التحقيق ، ولا يجوز تحريك الدعوى الجنائية في هذه الحالة إلا بصدور أمر من النائب العام . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة قضت بتغريم الطاعن - وهو محام - مبلغ عشرين ألف جنيه لارتكابه جريمتي إهانة المحكمة مرتين أثناء مثوله بالجلسة لتأدية واجبه، دون أن تفطن المحكمة لمؤدي المواد سالفة البيان ، فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون ، مما يتعين معه نقض حكمها المطعون فيه وتصحيحه بالقضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية بالنسبة للطاعن .
ثانياً :- الطعن المقدم من المحكوم عليه / ...... :-
من حيث إن الطعن استوفي الشكل المقرر في القانون .
ومن حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة وإحراز سلاح أبيض بدون مسوغ قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأركان الجريمتين اللتين دانه بهما ، ولم يورد مضمون الأدلة التي عول عليها في الإدانة ومؤداها ، ولم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر نية القتل وكذا ظرف سبق الإصرار، وعول الحكم في إدانته على اعترافه بالتحقيقات رغم بطلانه لكونه وليد إكراه معنوى وقع عليه ، وعلى تقرير الصفة التشريحية رغم تناقضه مع التقرير الطبي المبدئي ، وأن الحكم اعتنق تصويراً للواقعة استناداً إلى اعترافه بالتحقيقات رغم عدم معقوليته وتصوره ، وعلى أقوال شهود الإثبات رغم تناقضها ، وأحال في بيان أقوال الشاهدين الثاني والثالث إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول ، وأقوال الشاهدين الخامس والسادس إلى ما أورده من أقوال الشاهد الرابع رغم اختلاف أقوالهم ، وأن المحكمة أسست عقيدتها على رأي لسواها باتخاذها من التحريات وأقوال مجريها دليلاً أساسياً في الدعوى رغم عدم جديتها وتعزيزها بدليل آخر، وأن الحكم خالف الثابت في الأوراق ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى - حسبما يبين في مدوناته - وقد استدل الحكم على ثبوت الواقعة وصحة إسنادها للطاعن بأدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية . لما كان ذلك ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو كاف وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور في التسبيب لا يكون له محل .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان ما أورده الحكم ، وفيما استخلصه لصورة الواقعة وما أورده من مؤدي أدلة إثباتها - على النحو الوارد بمدوناته - يكفي في استظهار نية القتل ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يسند إلى الطاعن ظرف سبق الإصرار ولم يدنه به ، فإن ما يذهب إليه الطاعن بشأن عدم تدليل الحكم على ظرف سبق الإصرار يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمانت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وتحققت من أنه سليم وخال مما يشوبه واطمانت إليه وكان الحكم المطعون فيه - على ما يبين بمدوناته - قد خلص في منطق سائغ وتدلیل مقبول إلى اطراح الدفع ببطلان اعتراف الطاعن وأفصح عن اطمئنانه إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وخلوه مما يشوبه ، فإنه يكون قد برؤ من أي شائبة في هذا الخصوص ، ويكون تعييب الحكم في هذا الصدد لا محل له .
لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تفاضل بين تقارير الخبراء وتأخذ بما تراه وتطرح ما عداه ، إذ الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل ، وإذ أخذت المحكمة بتقرير الصفة التشريحية بمصلحة الطب الشرعي في هذا الخصوص ، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت التقرير الطبي المبدئي ، دون أن تلتزم بأن تعرض له في حكمها أو ترد عليه استقلالاً ، إذ أن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وإذ كان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها بدعوى عدم معقولية وتصور الاعتراف الصادر من الطاعن ، إذ إن مفاد ما تناهي إليه الحكم من تصوير الواقعة هو اطراح دفاع الطاعن المخالف لهذا التصوير .
لما كان ذلك ، وكان تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم لا يعيب حكمها أو يقدح في سلامته مادام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم إنما مرجعه إلى محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ، فإن كافة ما يثيره الطاعن حول اعتراف الطاعن وشهادة الشهود التي عول عليها الحكم ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع استند إليه الحكم منها ، وكان من المقرر كذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداها دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها ، إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوال الشاهدين الثاني والثالث إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول ، وفي بيان أقوال الشاهدين الخامس والسادس إلى ما حصله من أقوال الشاهد الرابع فيما اتفقوا فيه أنه التفت عن هذه التفصيلات مما ينحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب . لما كان ذلك ، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات الشرطة ضمن الأدلة التي استندت إليها لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - كما هو الحال في الحكم المطعون فيه - وكان الحكم قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية ، ولم تبن المحكمة حكمها على رأي لسواها . كما يزعم الطاعن - وإنما أسست قناعتها على عقيدة استقلت هي بتحصيلها بنفسها ، ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد على غير سند .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً . وكان الطاعن لم يفصح في أسباب طعنه عن وجه مخالفة الحكم للثابت بالأوراق ، وكانت أسباب الحكم - حسبما يبين من الأوراق - قد خلت من هذا العيب ، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً .
ولما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا .
فلهـذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولاً :- بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه بالنسبة للطاعن ..... .
ثانياً :- بقبول الطعن شكلاً للطاعن الثانى ...... وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى الجنائية فيما قضى به الحكم عن تهمتى الإهانة اللتين أسندتا إليه .