الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 24 مايو 2016

عدم دستورية إسقاط مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين المؤهلين

الطعن 76 لسنة 32 قضائية "دستورية" جلسة 6 / 2 / 2016
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من فبراير سنة 2016م، الموافق السابع والعشرين من ربيع الآخر سنة 1437هـ
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه النجار وسعيد مرعي عمرو والدکتور عادل عمر شريف وبولس فهمي اسكندر وحاتم حمد بجاتو نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 76 لسنة 32 قضائية "دستورية" بعد أن أحالت المحكمة الإدارية العليا "دائرة توحيد المبادئ" بمجلس الدولة بحكمها الصادر بجلسة 2/1/2010 ملف الطعن رقم 5046 لسنة 51 قضائية.

الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – في أن المطعون ضدها في الطعن رقم 5046 لسنة 51 قضائية المقيد أمام المحكمة الإدارية العليا كانت قد أقامت الدعوى رقم 1881 لسنة 2 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري "دائرة بني سويف والفيوم"، طالبة الحكم بأحقيتها في ضم مدة اشتغالها بالمحاماة في الفترة من 2/11/1988 حتى 18/2/1992 إلى مدة خدمتها الحالية مع ما يترتب على ذلك من آثار، قولا منها إنها حصلت على ليسانس الحقوق عام 1987 وقيدت بنقابة المحامين بتاريخ 2/11/1988 وظلت تعمل بالمحاماة إلى أن تم تعيينها بمصلحة الضرائب العامة ببني سويف بتاريخ 18/2/1992، وقد تقدمت بطلب إلى الجهة الإدارية بضم هذه المدة كمدة خدمة عملية إلى مدة خدمتها الحالية إلا أن طلبها رفض على سند من عدم إثباتها مدة اشتغالها بالمحاماة في الاستمارة (103 ع.ح)، بالرغم من أن عدم إثبات هذه المدة يرجع لتعليمات صادرة من وزارة المالية برفض أي طلبات تعيين إلا إذا كانت الاستمارة المذكورة خالية من إثبات أي مدة عمل سابقة بالحكومة أو القطاع العام أو مدد ممارسة إحدى المهن الحرة الصادر بتنظيم العمل بها قانون من قوانين الدولة، وأنها قد اضطرت إلى عدم إثبات مدة اشتغالها بالمحاماة تحت إكراه الحاجة إلى تعيينها بمصلحة الضرائب
وبجلسة 27/11/2004 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بأحقية المدعية في ضم ثلاثة أرباع مدة ممارستها للمحاماة في الفترة من 2/11/1988 حتى 18/2/1992 إلي مدة خدمتها الحالية وما يترتب على ذلك من آثار. وإذ لم ترتض جهة الإدارة هذا القضاء طعنت عليه بالطعن رقم 5046 لسنة 51 قضائية إدارية عليا، ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي أحالته إلى دائرة الموضوع حيث نظرته علي النحو الثابت بمحاضر جلساتها. وبجلسة 22/11/2007 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة ذاتها التي تراءى لها أن عبارة "وإلا سقط حقه نهائياً في حسابها" الواردة بالمادة الخامسة من قرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5547 لسنة 1983 بشأن قواعد احتساب مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين المؤهلين بها شبهة عدم دستورية لما فيها من افتئات على سلطة المشرع، فضلاً عما فيها من اعتداء على حقوق العاملين الذي أوجب القانون احترامها بالمخالفة لنص المادة (13) من الدستور. ومن ثم قضت تلك المحكمة بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية عبارة "وإلا سقط حقه نهائياً في حسابها" الواردة بالمادة الخامسة من قرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5547 لسنة 1983 بشأن قواعد حساب مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين المؤهلين.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى الماثلة تأسيسا على أن الضرر المدعى به من قبل المدعية في الدعوى الموضوعية لا يعود إلى النص المدعي بعدم دستوريته، بل مرده إلى مسلك جهة الإدارة التي ألزمتها بعدم ذكر مدة خبرتها العملية في الاستمارة المخصصة لذلك عند تقديمها لمسوغات تعيينها. ومن ثم فلا مصلحة ترجي من الفصل في دستوريته
وحيث إن هذا الدفع مردود؛ بأن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن مناط المصلحة في الدعوى الدستورية – وهي شرط لقبولها – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، وأن الدعوى الدستورية وإن كانت تستقل بموضوعها عن الدعوى الموضوعية، باعتبار أن أولاهما: تتوخى الفصل في التعارض المدعي به بين نص تشريعي وقاعدة في الدستور، في حين تطرح ثانيتهما: في صورها - الأغلب وقوعا - الحقوق المدعي بها في نزاع موضوعي يدور حولها إثباتاً أو نفياً، إلا أن هاتين الدعويين لا تتفكان عن بعضهما من زاويتين: أولاهما: أن المصلحة في الدعوى الدستورية مناطها ارتباطها بالمصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية مؤثرا في الطلب الموضوعي المرتبط بها، وثانيتهما: أن يصبح الفصل في الدعوى الموضوعية متوقفا على الفصل في الدعوى الدستورية
متى كان ذلك، وكانت المسألة القانونية التي تطلب دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا حسمها تتعلق بمدى أحقية العامل في حساب مدة خبرته السابقة على تعيينه إذا لم يكن قد ذكرها في الاستمارة رقم (103 ع.ح) عند تقديمه لمسوغات تعيينه، لما استبان لدائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا من أن الدائرة التاسعة من تلك المحكمة انتهت في بعض أحكامها إلى عدم أحقية العامل في هذه الحالة في حساب مدة خبرته السابقة، في حين ذهبت أحكام أخرى صادرة عن الدائرة ذاتها إلى خلاف ذلك، وقد تراءى لدائرة توحيد المبادئ المنوط بها توحيد القضاء في المسألة القانونية المعروضـة عليها أن النصر المطلوب إنزال حكمه على النزاع المعروض عليها يشوبه – من وجهة أولية – عوار دستوري مما يقتضي عرض أمره على المحكمة الدستورية العليا، ومن ثم فإن حسم المسألة الدستورية يكون لازما للفصل في النزاع الموضوعي المرتبط بها مما تتوافر معه المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الماثلة، ويضحى الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة فاقد الأساس متعيناً الالتفات عنه
وحيث إن المادة (27) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 والمستبدلة بالقانون رقم 115 لسنة 1983 تنص على أن "تحسب مدة الخبرة المكتسبة علمياً التي تتفق مع طبيعة عمل الوظيفة المعين عليها العامل وما يترتب عليها من أقدمية افتراضية وزيادة في أجر بداية التعيين للعامل الذي تزيد مدة خبرته على المدة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة
كما تحسب مدة الخبرة العملية التي تزيد على مدة الخبرة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة على أساس أن تضاف إلى بداية أجر التعيين عن كل سنة من السنوات الزائدة قيمة علاوة دورية بحد أقصى خمس علاوات من علاوات درجة الوظيفة المعين عليها العامل بشرط أن تكون تلك الخبرة متفقة مع طبيعة عمل الوظيفة المعين عليها العامل وعلى ألا يسبق زميله المعين في ذات الجهة في وظيفة من نفس الدرجة في التاريخ الفرضي لبداية الخبرة المحسوبة سواء من حيث الأقدمية في درجة الوظيفة أو الأجر
ويكون حساب مدة الخبرة الموضحة بالفقرتين السابقتين وفقا للقواعد التي تضعها لجنة شئون الخدمة المدنية". 
وحيث إن المادة الخامسة من قرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5547 لسنة 1983 بشأن قواعد حساب مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين المؤهلين تنص على أن "تسري أحكام هذا القرار على العاملين الموجودين في الخدمة وقت العمل به المعينين بها اعتبارا من 12/8/1983 ويشترط لحساب مدة الخبرة السابقة أن يتقدم الموظف بطلب لحسابها ... . 
أما من يعين أو يعاد تعيينه بعد نشر هذا القرار فيتعين عليه ذكرها في الاستمارة الخاصة بذلك عند تقديم مسوغات تعيينه وذلك دون حاجة إلى تنبيه وإلا سقط حقه نهائياً في حسابها". 
وحيث إن المدعى عليها في الطعن المقام أمام المحكمة الإدارية العليا، عينت بمصلحة الضرائب العامة ببني سويف اعتبارا من 18/2/1992 بعد نشر قرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5547 لسنة 1983 في 21 نوفمبر سنة 1983، ومن ثم يتحدد نطاق الدعوي الماثلة فيما تضمنته الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة من ذلك القرار من سقوط حق المعين نهائياً بعد نشر هذا القرار في حساب مدة خبرته العملية السابقة على تعيينه إذا لم يذكرها في الاستمارة الخاصة بذلك عند تقديم مسوغات تعيينه
وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا، أن الأوضاع الشكلية للنصوص التشريعية سواء في ذلك المتعلقة بالشروط التي يفرضها الدستور لمباشرة الاختصاص بإصدارها في غيبة السلطة التشريعية أو بتفويض منها أو ما كان منها متعلقا باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها حال انعقاد السلطة التشريعية، إنما يتحدد على ضوء ما قررته في شأنها أحكام الدستور المعمول به حين صدورها
متى كان ذلك، وكان قرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5547 لسنة 1983 بشأن قواعد حساب مدة الخبرة العملية عند التعيين للعاملين المؤهلين قد صدر بتاريخ 20/11/1983 وتم نشره بالوقائع المصرية بالعدد رقم 264 (تابع) في 21 نوفمبر 1983، وعمل به – فيما خلا الحكم الوارد بنص الفقرة الأولى من المادة الخامسة منه – من تاريخ نشره، ومن ثم يكون الدستور الصادر عام 1971 هو الواجب التطبيق فيما يتعلق بالأوضاع الشكلية المتطلبة لإصداره
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في اللوائح التنفيذية التي تصدر وفقاً لنص المادة (144) من دستور 1971، أنها تفصل ما ورد إجمالاً في نصوص القانون بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها وأن الغرض من صدور اللائحة التنفيذية للقانون يتعين أن ينحصر في إتمام القانون، أي وضع القواعد والتفاصيل اللازمة لتنفيذه مع الإبقاء على حدوده الأصلية بلا أدنى مساس، ودون أن تنطوي على تعديل أو إلغاء لأحكامه، أو أن تضيف إليه أحكاماً تبعده عن روح التشريع، فيجاوز بذلك مُصدرها الاختصاص الدستوري المخول له متعدياً على السلطة التشريعية. كما أن المقرر كذلك في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الأصل أن السلطة التنفيذية لا تتولى التشريع، وإنما يقوم اختصاصها أساسا على إعمال القوانين، وتنفيذها، غير أنه استثناء من هذا الأصل وتحقيقاً لتعاون السلطات وتساندها، فقد عهد الدستور إليها في حالات محددة بأعمال تدخل في نطاق الأعمال التشريعية، من ذلك إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، فنصت المادة (144) من دستور 1971 – على أن "يصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره في إصدارها؛ ويجوز أن يعين القانون من يصدر القرارات اللازمة لتنفيذه"، ومن ثم لا يدخل في اختصاصها ذلك توليها ابتداء تنظيم مسائل خلا القانون من بيان الإطار العام الذي يحكمها، وإلا كان ذلك تشريعا لأحكام جديدة لا يمكن إسنادها إلى القانون، وليست تفصيلاً لأحكام أوردها المشرع في القانون إجمالاً، بما يخرج اللائحة – عندئذ – عن الحدود التي عينها الدستور
وحيث إن النص المطعون فيه – محددا نطاقه على النحو السالف البيان – استحدث حكما يلزم بمقتضاه من يعين أو يعاد تعيينه، ذكر مدة الخبرة العملية السابقة في الاستمارة الخاصة بذلك عند تقديم مسوغات تعيينه دون حاجة إلى تنبيه وإلا سقط حقه نهائياً في حسابها، مخالفا بذلك ما أوجبه نص الفقرة الثانية من المادة (27) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة –a بعد استبداله بالقانون رقم 115 لسنة 1983 - من حساب مدة الخبرة العملية التي تزيد علي مدة الخبرة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة وفق الشروط والضوابط الواردة في النص السالف البيان، والتي خلت من تحديد ميعاد لسقوط الحق في حساب هذه المدة، الأمر الذي يكون معه النص المطعون فيه مجاوزا حدود التفويض الصادر من المشرع بشأن وضع القواعد المنظمة لكيفية حساب مدة الخبرة العملية السابقة على التعيين للعاملين المؤهلين، الأمر الذي يضحى معه هذا النص مخالفا لحكم المادة (144) من الدستور الصادر عام 1971
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم دستورية عبارة "وإلا سقط حقه نهائياً في حسابها" الواردة بعجز الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5547 لسنة 1983 بشأن قواعد حساب مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين المؤهلين.

الطعن1 لسنة 35 قضائية دستورية عليا "بطلان". جلسة 2 /1 /2016

باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من يناير سنة 2016م، الموافق الثاني والعشرين من ربيع الأول سنة 1437هـ
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 1 لسنة 35 قضائية "بطلان".

الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أنه على إثر دفع من المدعي أمام محكمة جنح مينا البصل في الدعوى رقم 2013 لسنة 2006 بعدم دستورية المادة (534) من قانون التجارة، صرحت المحكمة للمدعي برفع الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى رقم 153 لسنة 28 قضائية "دستورية"، إلا أن المحكمة استمرت في نظر الدعوى وفصلت فيها دون تربص قضاء المحكمة الدستورية العليا، فطعن المدعي في هذا الحكم أمام محكمة جنح مستأنف غرب الإسكندرية، التي قضت بجلسة 13 من فبراير سنة 2007 بقبول الاستئناف شكلاً ووقف نظر الجنحة المستأنفة وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا والتي قيدتها برقم 149 لسنة 29 قضائية "دستورية"، وبجلسة 15 من يناير سنة 2013 نظرت المحكمة الدستورية العليا، منعقدة في غرفة مشورة، الدعويين المشار إليهما، وأصدرت قرارها فيهما بعد أن ضمتهما، بعدم قبول الدعويين، ومصادرة الكفالة وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة. وبتاريخ الثاني من أكتوبر سنة 2013 أودع المدعي صحيفة الدعوى الماثلة طلباً للقضاء بوقف تنفيذ ذلك القرار، وفي الموضوع ببطلانه وعدم الاعتداد به، وقد أسس دعواه على سببين: الأول: بطلان تشكيل المحكمة، على سند من أنه إذ تنص المادة (3) من قانون المحكمة الدستورية العليا على أن "تؤلف المحكمة من رئيس وعدد كاف من الأعضاء. وتصدر أحكامها وقراراتها من سبعة أعضاء ويرأس جلساتها رئيسها أو أقدم أعضائها ......". حال أنه بمطالعة الأحكام والقرارات الصادرة في القضايا أرقام 293 لسنة 30 قضائية "دستورية" و153 لسنة 28 قضائية "دستورية" و149 لسنة 29 قضائية "دستورية" و207 لسنة 31 قضائية "دستورية" و58 لسنة 28 قضائية "دستورية"، وجميعها صادرة بجلسة 15 من يناير سنة 2013، يتبين أن كلاً منها صدر بهيئة مغايرة عن الهيئة التي أصدرت سائر الأحكام والقرارات، فقد صدر كل منها من هيئة ترأسها السيد المستشار ماهر البحيري رئيس المحكمة الدستورية العليا وبعضوية ستة من نواب رئيس المحكمة تختلف أسماؤهم من حكم لآخر، مما يشي بأن هناك تبايناً بين القضاة الذين تداولوا في دعواه وبين أعضاء الهيئة التي أصدرت القرار، وهو ما يخالف نص المادة (167) من قانون المرافعات. والثاني: أن القرار صدر خالياً من الأسباب؛ اكتفاءً بالإشارة لسبق حسم المحكمة أمر دستورية المادة (534) من قانون التجارة بحكمها في الدعوى رقم 183 لسنة 31 قضائية "دستورية" الصادر بتاريخ الأول من إبريل سنة 2012، والذي نشر بالجريدة الرسمية بالعدد رقم (15 مكرراً) بتاريخ 15 من إبريل سنة 2012، وأن لهذا القضاء حجية مطلقة في مواجهة الكافة، تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، ملتفتاً في ذلك عن أن أسباب الدعوى المطعون ببطلان القرار الصادر فيها تغاير الأسباب التي شيد عليها المدعي في الدعوى رقم 183 لسنة 31 قضائية "دستورية" دعواه، فضلاً عن صدور دستور جديد، سنة 2012، عقب صدور الحكم في شأن دستورية المادة (534) من قانون التجارة المشار إليه، الأمر الذي كان يستوجب معاودة بحث أمر دستورية المادة في ظل العمل بأحكامه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إنه يتبين من مطالعة القرار المطعون فيه أن الهيئة التي تداولت فيه وأصدرته ووقعت على مسودته مشكلة برئاسة السيد المستشار/ ماهر البحيري رئيس المحكمة الدستورية العليا وعضوية ستة من نواب رئيس المحكمة، هم السادة المستشارون الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد عبد العزيز الشناوي وماهر سامي يوسف والسيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيري طه والدكتور عادل عمر شريف، وكانوا جميعهم ضمن أعضاء المحكمة الدستورية العليا وممن حضروا الجلسة التي صدر فيها القرار المطعون عليه، حسبما هو واضح من محضر الجلسة المؤرخ 15 يناير سنة 2013، فإن الإجراءات تكون قد روعيت، ولا يغير من ذلك ثبوت حضور السادة المستشارين عدلي محمود منصور وأنور رشاد العاصي وعبد الوهاب عبد الرازق نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا الجلسة التي نظرت فيها القضية وصدر فيها القرار؛ لأن زيادة القضاة الحاضرين بالجلسة على النصاب العددي الذي حدده القانون لإصدار الحكم لا يفيد اشتراكهم في المداولة في كافة القضايا المعروضة أو مساهمتهم في إصدار جميع الأحكام أو القرارات فيها. وإنما هو محض تنظيم داخلي قصد به تيسير توزيع العمل فيما بين أعضاء المحكمة، بحيث لا يخل بالتشكيل المنصوص عليه قانوناً، وإذ كان الأصل هو صحة الإجراءات من واقع الثابت بالحكم وبمحضر الجلسة، وأن على من يدعي العكس إثبات ما يدعيه، وإذ جاءت الأوراق خلواً مما يدحض حصول المداولة قانوناً على النحو الذي أثبته القرار المطعون فيه، فإن النعي عليه بالبطلان، من هذه الوجهة، يكون غير سديد
وحيث إن مؤدي النص في المادة (48) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 على أن "أحكام المحكمة وقراراتها نهائية غير قابلة للطعن"، والنص في المادة (49) على أن "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة، ...."، وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن أحكام المحكمة الدستورية العليا، بصفة عامة، لا تقبل الطعن عليها بأي طريق من طرق الطعن، وأن قضاءها في الدعاوى الدستورية له حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة للدولة بسلطاتها المختلفة؛ باعتباره قولاً فصلاً في المسألة المقضي بها، وكانت المادة (44 مكرراً) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 المضافة بالقانون رقم 184* لسنة 2008 تنص على أنه "استثناءً من حكم المادة (41) من هذا القانون تنعقد المحكمة في غرفة مشورة لنظر الدعاوى التي تُحال إليها من رئيس المحكمة، والتي ترى هيئة المفوضين أنها تخرج عن اختصاص المحكمة، أو أنها غير مقبولة شكلاً، أو سبق للمحكمة أن أصدرت حكماً في المسألة الدستورية المثارة فيها. فإذا توافرت إحدى الحالات المتقدمة أصدرت المحكمة قراراً بذلك يثبت في محضر الجلسة مع إشارة موجزة لسببه، ......" ومن ثم فإن ما ورد من تسبيب موجز في القرار المطعون عليه متسانداً إلى الحجية المطلقة للحكم الصادر في القضية رقم 183 لسنة 31 قضائية "دستورية" برفض الطعن بعدم دستورية المادة (534) من قانون التجارة، يعد على مقتضى المادة (44 مكرراً) من قانون المحكمة الدستورية العليا، كافياً لحمل ما انتهى إليه المنطوق، ولا يقدح في ذلك ما استند إليه المدعي من اختلاف أسباب الطعن على دستورية المادة (534) من قانون التجارة في الدعوى المطعون على القرار الصادر فيها عن الأسباب الواردة في القضية رقم 183 لسنة 31 قضائية "دستورية"، ذلك أن المقرر أن الرقابة التي تباشرها هذه المحكمة، وعلى ما جرى عليه قضاؤها، في شأن النصوص القانونية المدعي مخالفتها للدستور، تقتضيها أن تقرر إما صحتها أو بطلانها، وهي إذ تخلص إلى براءتها مما يعيبها دستورياً، أو قيام مآخذ عليها لمخالفتها الدستور، فإنها لا تقنع بالمخالفة التي نسبها الخصم إليها في الدعوى المطروحة عليها، أو التي أثارتها محكمة الموضوع في شأنها، بل تُجيل بصرها في النصوص الدستورية جميعها على ضوء النظرة المتكاملة لأحكامها، لتحدد على ضوئها توافق النصوص المطعون عليها معها أو تعارضها، وهو ما يعني أن تحديد المخالفة الدستورية المدعي بها سواء من قبل الخصم أو محكمة الموضوع، لا يتغيا إلا مجرد توكيد المطاعن الدستورية من خلال ربطها بما يظاهرها من نواحي العوار في النصوص المدعي مخالفتها للدستور، ولا يتصور بالتالي أن يكون عرض بعض جوانب هذه المخالفة مؤشراً وحيداً أو قاطعاً في شأن بيان نطاق التعارض بين النصوص القانونية المطعون عليها وأحكام الدستور التي تتقيد بها المحكمة الدستورية العليا في مجموعها في كل دعوى تطرح عليها. كما لا يغير من هذا النظر صدور دستور سنة 2012 بعد الحكم برفض الطعن بعدم دستورية المادة (534) من قانون التجارة، ذلك أن صدور القرار المطعون عليه بالبطلان بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها، يقطع بأن المحكمة الدستورية العليا لم تجد - بعد نفاذ دستور 2012 - سنداً أو مقتضًى للعدول عن قضائها في شأن المادة (534) من قانون التجارة، ومن ثم ينحل هذا النعي على القرار المطعون فيه، بشتى وجوهه، إلى مجادلة في أسباب القرار، وهو ما لا يجوز قانوناً
وحيث إن الأصل أنه لا يجوز بحث ما يوجه إلى الحكم من عيوب، إلا بالطعن عليه بالطرق التي رسمها القانون، فإذا ما كان الطعن غير جائز أو كان قد استغلق، فإنه يجوز استثناءً رفع دعوى أصلية بطلب بطلان الحكم في الحالات التي يتجرد فيها الحكم من أركانه الأساسية، لما كان ما تقدم؛ وكان القرار المطعون عليه لم يتجرد من أركانه الأساسية بما يجعله معدوماً، إذ جاءت الأسباب التي أقيمت عليها دعوى البطلان المعروضة متهافتة ومتهاترة، منبتة الصلة بما من شأنه تجريد القرار من أركانه الأساسية، ومن ثم تنحل وهماً وسراباً، فلا تقوى على حمل دعوى البطلان، الأمر الذي تضحى معه هذه الدعوى في حقيقتها طعناً على القرار، قصد بها رافعها إعادة طرح موضوعها مجدداً على المحكمة، وهو ما لا يجوز قانوناً، لما لأحكام وقرارات هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية من حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة للدولة بسلطاتها المختلفة، ومن بينها المحكمة الدستورية العليا، على نحو ما سلف بيانه، ومن ثم فإنه يتعين - والحال كذلك - القضاء بعدم قبول هذه الدعوى
وحيث إن المحكمة قد فصلت في موضوع الدعوى، فإن الفصل في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه يضحى لا محل له
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة:


بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة

اختصاص القضاء العادي بنظر منازعات صناديق التامين الخاصة

القضية 25 لسنة36 قضائية  "تنازع".جلسة 2 /1 /2016
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من يناير سنة 2016م، الموافق الثاني والعشرين من ربيع الأول سنة 1437هـ
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 25 لسنة 36 قضائية "تنازع"

الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى عليهم في الدعوى الماثلة كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 566 لسنة 2001 عمال كلي أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضد المدعى عليه الأول "بصفته" بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع لهم التعويض المناسب، على أن يتضمن المبالغ التي تم خصمها على النحو الموضح تفصيلاً بعريضة تلك الدعوى، على سند من أنه في عام 1990 أنشأت وزارة الدفاع صندوقاً يطلق عليه "عملاق 4" يهدف إلى منح الضباط العاملين الموجودين في الخدمة في 1/11/1990 مكافأة مقدارها خمسون ألف جنيه عند بلوغ أي منهم سن الثماني والخمسين أو عند انتهاء خدمته بالقوات المسلحة (أيهما أكبر) أو في حالة الوفاة قبل هذا التاريخ، وأنه قد توافرت فيهم جميعاً الشروط المتطلبة لاستحقاق المكافأة المقررة بهذا الصندوق، إلا إنه قد تم انتقاص تلك المكافأة بجعلها عشرين ألف جنيه بدلاً من خمسين ألف جنيه، بما يتعين معه تعويضهم ماديا وأدبيا عن هذا الضرر الذي أصابهم، وهو الأمر الذي دعاهم لإقامة دعواهم الموضوعية بطلباتهم سالفة البيان، وبجلسة 25/12/2001 قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص، حيث تم قيدها برقم 19550 لسنة 56 قضائية، وبجلسة 18/11/2007 قضت تلك المحكمة بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي لكل مدع من المدعين مبلغ خمسين ألف جنيه مخصوماً منه ما يكون قد تم صرفه لكل منهم من مكافأة نهاية الخدمة من الصندوق المنشأ بالمنشور رقم 11 لسنة 1990 بشأن المشروع عملاق رقم "4" وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 21/4/2001 حتى تمام السداد. وبجلسة 28/9/2014 أيدت المحكمة الإدارية العليا هذا القضاء برفضها للطعن رقم 4982 لسنة 54 قضائية عليا؛ ومن جهة أخرى أقام الممثل القانوني لصندوق التأمين الخاص بضباط القوات المسلحة "بصفته" - المدعي الثاني في الدعوى الماثلة - دعوى أمام اللجنة القضائية لضباط الدفاع الجوي ضد الرائد بالمعاش علي أحمد عبد النبي - المدعى عليه رقم (60) في الدعوى الماثلة - طلب في ختامها الحكم بعدم أحقية المذكور في صرف مستحقات مشروع (4) للمرحلة الأولى والخاص بالضباط العاملين لعدم انطباق شروط الاستحقاق على حالته، وبتاريخ 29/9/2010 أصدرت تلك اللجنة قرارها بعدم أحقية المدعى عليه والمشترك في صندوق التأمين الخاص لضباط القوات المسلحة بالمشروع عملاق "4" في صرف مستحقات الاشتراك في هذا المشروع بالمرحلة الأولى، وبتاريخ 7/4/2011 أصدرت اللجنة القضائية لضباط القوات الجوية كذلك قراراً بعدم أحقية الضباط الفنيين (المدعى عليهم في الدعوى الماثلة) في صرف مستحقات الاشتراك في مشروع عملاق "4" بالمرحلة الأولى على سند من عدم انطباق الشروط المتطلبة للاستحقاق على حالاتهم، وإذ ارتأى المدعيان "بصفتيهما" أن ثمة تناقضاً بين الحكم الرقيم 19550 لسنة 56 قضائية الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 18/11/2007، والمؤيد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4982 لسنة 54 قضائية عليا، والحكمين الصادر أولهما من اللجنة القضائية لضباط الدفاع الجوي بتاريخ 29/9/2010، والمصدق عليه في 20/12/2010؛ والصادر ثانيهما من اللجنة القضائية لضباط القوات الجوية بجلسة 7/4/2011، والمصدق عليه في 28/7/2011، يستحيل معه تنفيذهما معاً، فقد أقاما الدعوى الماثلة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين طبقاً للبند ثالثاً من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن يكون أحد الحكمين صادراً من أي جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما موضوع النزاع في جوانبه كلها أو بعضها وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معاً، متى كان ذلك، وكان يتبين من الأوراق أن محكمة القضاء الإداري قضت في الدعوى رقم 19550 لسنة 56 قضائية بإلزام المدعى عليه الأول "بصفته" بأن يؤدي لكل مدع من المدعين مبلغ خمسين ألف جنيه مخصوماً منه ما يكون قد تم صرفه لكل منهم من مكافأة نهاية الخدمة من الصندوق المنشأ بالمنشور رقم 11 لسنة 1990 بشأن المشروع عملاق "4" وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 21/4/2001 حتى تمام السداد، وقد تأيد هذا القضاء برفض المحكمة الإدارية العليا للطعن رقم 4982 لسنة 54 قضائية عليا، كما أقام الممثل القانوني لصندوق التأمين الخاص بضباط القوات المسلحة "بصفته" - المدعي الثاني في الدعوى الماثلة - دعويين عن الموضوع ذاته، أولاهما ضد المدعى عليه رقم (60) في الدعوى الماثلة أمام اللجنة القضائية لضباط الدفاع الجوي، وثانيهما ضد المدعى عليهم في الدعوى الماثلة، أمام اللجنة القضائية لضباط القوات الجوية، وقد انتهت اللجنتان في تلك الدعويين إلى عدم أحقية المذكورين في صرف المستحقات المطالب بها عن اشتراكهم في مشروع عملاق "4" المشار إليه؛ ومن ثم فإن حكم محكمة القضاء الإداري سالف الذكر، والمؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا من ناحية، وحكمي اللجنتين القضائيتين لضباط القوات المسلحة المشار إليهما من ناحية أخرى - وقد انصبا على مدى استحقاق المدعى عليهم لتلك المكافأة التي يمنحها ذلك الصندوق - يكونان - والحال كذلك - قد اتحدا نطاقاً وتعامدا على محل واحد، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معاً، وتحقق بالتالي مناط قبول طلب فض التناقض الماثل
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المفاضلة التي تجريها بين الحكمين النهائيين المتناقضين، لتحدد على ضوئها أيهما أحق بالاعتداد به عند التنفيذ إنما تتم على أساس ما قرره المشرع من قواعد لتوزيع الولاية بين جهات القضاء المختلفة
وحيث إن الثابت من الرجوع للائحة النظام الأساسي لصندوق التأمين الخاص لضباط القوات المسلحة، أنه قد أُنشئ وفقاً لأحكام القانون رقم 54 لسنة 1975 بإصدار قانون صناديق التأمين الخاصة، ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الوزاري رقم 78 لسنة 1977، وقد نصت المادة رقم (1) من هذا القانون على أنه "في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بصندوق التأمين الخاص كل نظام في أي جمعية أو نقابة أو هيئة أو من أفراد تربطهم مهنة أو عمل واحد أو أية صلة اجتماعية أخرى تتألف بغير رأس المال ويكون الغرض منها وفقاً لنظامه الأساسي أن تؤدي إلى أعضائه أو المستفيدين منه تعويضات أو مزايا مالية أو مرتبات دورية أو معاشات محددة وذلك في إحدى الحالات الآتية
(أ) زواج العضو وذريته أو بلوغه سن معينة أو وفاة العضو أو من يعوله
(ب) التقاعد عن العمل أو ضياع مورد الرزق
(ج) عدم القدرة على العمل بسبب المرض أو الحوادث
(د) أية أغراض أخرى توافق عليها المؤسسة المصرية العامة للتأمين". 
كما نصت المادة (2) على أنه "يحدد وزير التأمينات بقرار يصدره بعد أخذ رأي مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للتأمين الشروط الواجب توافرها في النظم الأساسية للصناديق الخاصة". 
وقد نصت المادة (3) على أنه "يجب أن تسجل صناديق التأمين الخاصة بمجرد إنشائها وفقاً للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون
وتكتسب تلك الصناديق الشخصية القانونية بمجرد تسجيلها
ولا يجوز للصناديق أن تمارس نشاطها قبل التسجيل". 
كذلك نصت المادة (4) منه على "يقدم طلب التسجيل إلى المؤسسة المصرية العامة للتأمين مصحوباً بالأوراق والمستندات الآتية: .............". 
وقد أصدرت الهيئة المصرية العامة للتأمين قرارها رقم 64 لسنة 1977 بقبول تسجيل صندوق التأمين الخاص لضباط القوات المسلحة في سجل صناديق التأمين الخاصة، كما صدر القانون رقم 10 لسنة 1981 بإصدار قانون الإشراف والرقابة على التأمين في مصر ناصاً في المادة (23) منه على أن "يقصد بصندوق التأمين الخاص في تطبيق أحكام هذا القانون كل نظام في هيئة أو شركة أو نقابة أو جمعية من أفراد تربطهم مهنة أو عمل واحد أو أية صلة اجتماعية أخرى يتكون بغير رأسمال، ويمول باشتراكات أو خلافه بغرض أن يؤدي أو يرتب لأعضائه أو المستفيدين منه حقوقاً تأمينية في شكل تعويضات أو معاشات دورية أو مزايا مالية محددة
ويطبق في شأن هذه الصناديق أحكام صناديق التأمين الخاصة الصادرة بالقانون رقم 54 لسنة 1975". 
وحيث إن الثابت من أحكام لائحة النظام الأساسي لصندوق التأمين الخاص لضباط القوات المسلحة المشار إليها أنها قد نصت في المادة الأولى منها على أن "تكون هذا الصندوق بقصد تنمية روح الادخار بين الأعضاء، والمعاونة على تحسين حالهم اجتماعياً واقتصادياً. وذلك بأن يؤدي إلى أعضائه أو المستفيدين منه تعويضات أو مزايا مالية أو مرتبات دورية أو معاشات محددة في إحدى الحالات الآتية: أ- وفاة العضو أو بلوغه سناً معينة أو مضي مدة محددة. ب- إصابة العضو ........ ج- أية عمليات تأمين أو أغراض أخرى ...... وتوافق عليها الهيئة المصرية العامة للتأمين"، وتنص المادة (39) منها على أن "أ- التصرفات التي يقوم بها مجلس الإدارة متجاوزاً حدود اختصاصه أو مخالفاً أحكام القانون أو نظام الصندوق أو قرارات الجمعية العمومية يجوز إبطالها بحكم من المحكمة. ب- وكل نزاع مهما كان نوعه ينشأ عن هذا النظام يكون من اختصاص محكمة الوايلي الجزئية الوطنية أو محكمة مصر الابتدائية الوطنية كل حسب اختصاصه". بينما نصت المادة (40) منها على أن "يخضع هذا الصندوق لأحكام القانون رقم 54 لسنة 1975 ولائحته التنفيذية وأي تعديلات لاحقة له". 
ومن حيث إن حاصل ما تقدم أن صندوق التأمين الخاص لضباط القوات المسلحة - الذي أنشأ المشروع المسمى "عملاق 4" بالمنشور رقم 11 لسنة 1990 محل المنازعة الماثلة - هو كيان قانوني مستقل يتمتع بشخصية معنوية، خاضع بصريح أحكام القوانين واللوائح - وعلى الأخص لائحة نظامه الأساسي - لأحكام القانون الخاص تنظمه أحكامه وولاية قضائه، مما مؤداه أن القضاء العادي هو الجهة صاحبة الاختصاص بالنظر في المنازعات الناشئة عنه دون أي من الجهتين القضائيتين الآخريين وهما جهة القضاء الإداري أو اللجان القضائية للقوات المسلحة
وحيث إنه عن طلب المدعيين وقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 19550 لسنة 56 قضائية سالف الذكر والمؤيد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4982 لسنة 54 قضائية عليا، فإنه يعد فرعاً من أصل النزاع حول فض التناقض بين الأحكام القضائية في المنازعة الماثلة، عملاً بنص الفقرة الثالثة من المادة (32) من قانون المحكمة الدستورية العليا، وإذ تهيأ ذلك النزاع للفصل في موضوعه، فإن هذا الطلب يكون قد صار غير ذي موضوع
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

الشركة شخص معنوي لا ينطبق عليها استثناء أسرة صاحب العمل

القضية 101 لسنة36 قضائية  "دستورية".جلسة 2/1/2016 
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من يناير سنة 2016م، الموافق الثاني والعشرين من ربيع الأول سنة 1437هـ
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 101 لسنة 36 قضائية "دستورية".

الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أن السيد/ أحمد عادل محمود خليل، كان قد تقدم بشكوى إلى مديرية القوى العاملة بالجيزة (إدارة 6 أكتوبر)، متضرراً فيها من قيام شركة مصر أكتوبر للصناعات الغذائية "المصريين"، بفصله تعسفياً من عمله، كمدير للتسويق بها بتاريخ 4/9/2009 ولتعذر التسوية الودية، أحال مكتب العمل النزاع إلى المحكمة العمالية، وقيدت لديها الدعوى برقم 187 لسنة 2009 عمال، أمام محكمة أكتوبر الابتدائية، وحدد العامل المذكور طلباته الموضوعية فيها، بتعويضه عن قرار فصله تعسفياً. وبجلسة 26/10/2009، قضت المحكمة بإلزام الشركة بأن تؤدي له مبلغ مائة وعشرة آلاف من الجنيهات، تعويضاً مادياً وأدبياً عن فصله تعسفياً. وإذ لم يصادف هذا القضاء قبول طرفي النزاع، فطعن عليه العامل بالاستئناف رقم 2721 لسنة 126 قضائية، أمام محكمة استئناف القاهرة، بطلب زيادة مبلغ التعويض المحكوم به للحد الجابر للضرر، وطعنت عليه الشركة بالاستئناف رقم 2743 لسنة 126 قضائية، بطلب إلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجدداً برفض الدعوى، على سند من أن إنهاء خدمة العامل يرجع لانقطاعه عن العمل دون مبرر، رغم تكرار إنذاره، فقررت المحكمة ضم الاستئنافين ليصدر فيهما حكم واحد، وحال نظرهما دفع محامي الشركة بعدم خضوع ذلك العامل لأحكام قانون العمل، المشار إليه، وفقاً لنص البند (ج) من المادة (4) من ذلك القانون، لكونه ابناً لأحد أعضاء مجلس إدارة الشركة
وإذ تراءى لمحكمة الاستئناف شبهة عدم دستورية ذلك النص، لما تضمنه من تقييد لحق العمل، وإخلال بمبدأ المساواة، بالمخالفة لنص المادتين (12، 53) من الدستور، فقد قضت بجلسة 15/4/2014، بوقف الفصل في موضوع الاستئنافين، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل في دستوريته.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن المادة (1) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، تنص على أن "يقصد في تطبيق أحكام هذا القانون بالمصطلحات الآتية المعاني المبينة قرين كل منها: (أ) العامل: ...... (ب) صاحب العمل: كل شخص طبيعي أو اعتباري يستخدم عاملاً أو أكثر لقاء أجر. (ج) الأجر: ..........". 
وتنص المادة (3) من ذلك القانون على أن "يعتبر هذا القانون، القانون العام الذي يحكم علاقات العمل، وذلك مع مراعاة اتفاقيات العمل الجماعية، ....". 
وتنص المادة (4) من القانون ذاته على أن "لا تسري أحكام هذا القانون على
(أ) ........ (ب) ..... (ج) أفراد أسرة صاحب العمل الذين يعولهم فعلاً
وذلك ما لم يرد نص على خلاف ذلك". 
وحيث إنه يشترط لقبول الدعوى الدستورية - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - توافر المصلحة فيها، ومناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. والمحكمة الدستورية العليا وحدها هي التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى المقامة أمامها، للتثبت من توافر هذا الشرط، وليس لجهة أخرى أن تنازعها في ذلك أو تحل محلها فيه. ومن ثم، فإنه لا تلازم بين اتصال الدعوى بهذه المحكمة عن طريق الإحالة من محكمة الموضوع، وتوافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية، فالأولى لا تغني عن الثانية، فإذا انتهت هذه المحكمة إلى أن الفصل في دستورية النص المحال الذي تراءى لمحكمة الموضوع عدم دستوريته، ليس له من أثر مباشر على الطلبات المبداة في النزاع الموضوعي، فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كان النص القانوني واضحاً جلي المعنى، قاطعاً في الدلالة على المراد منه، فلا محل للخروج عليه أو تأويله بدعوى تفسيره، ذلك أن محل هذا البحث إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه، مما يكون معه القاضي مُضطرا في سبيل تعرف الحكم الصحيح إلى تقصي الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه، ذلك أن الأحكام القانونية تدور مع علتها، لا مع حكمتها. ومن ثم، فلا يجوز إهدار العلة والأخذ بالحكمة عند وضوح النص
وحيث إن من المقرر أنه إذا ورد النص التشريعي مطلقاً، فإنه يُحمل على إطلاقه، إلا إذا ورد نص آخر يقيده، فإن قام الدليل على ما يقيده، كان هذا الدليل صارفاً له عن إطلاقه، ومبيناً المراد منه، فيكون المطلق مقيداً بقيد المقيد، كل ذلك إذا كان موضوع النصين واحداً، فإن اختلف النصان في الحكم، فلا يحمل المطلق على المقيد بل يعمل بالمطلق على إطلاقه في موضعه، والمقيد على قيده في موضعه
وحيث إن المادة (3) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، قد صرحت بالقاعدة العامة في شأن سريان أحكامه على الأشخاص، بأن اعتبرته "القانون العام الذي يحكم علاقات العمل"، بينما أوردت المادة (4) من ذلك القانون ثلاث طوائف من العاملين لا تسري عليهم أحكامه، من بينهم ما نص عليه البند (ج) وهم "أفراد أسرة صاحب العمل الذين يعولهم فعلاً"، ومن ثم فهذا الاستثناء - طبقاً للقواعد الأصولية - لا يتوسع فيه ولا يقاس عليه. ومن ناحية أخرى، فقد بين البند (ب) من المادة (1) من قانون العمل المشار إليه، المقصود بصاحب العمل بأنه "كل شخص طبيعي أو اعتباري يستخدم عاملاً أو أكثر لقاء أجر"، وقد وردت عبارة هذا النص مطلقة في موضعها، حال أن ما نص عليه البند (ج) من المادة (4) من ذلك القانون - في شأن استثناء أفراد أسرة صاحب العمل الذين يعولهم فعلاً، من الخضوع لأحكام ذلك القانون - يُعد بمثابة قيد صارف لإطلاق عبارة نص المادة (1) في شأن المقصود بصاحب العمل، ومبيناً للمراد منه في خصوص هذا الاستثناء. وقد جاءت عبارة البند (ج) من المادة (4) واضحة جلية المعنى، قاطعة في الدلالة على المراد منها، فلا محل للخروج عليها أو تأويلها، بدعوى تفسيرها، فينصرف حكمها إلى صاحب العمل من الأشخاص الطبيعيين، دون سواهم، ذلك أن الشخص الطبيعي هو الذي تكون له أسرة، تربطه بأفرادها صلة قرابة، يتولى إعالتهم فعليا، وذلك في ضوء ما ورد النص عليه في المادتين (34 و35) من القانون المدني، من أنه "تتكون أسرة الشخص من ذوي قرباه، ويعتبر من ذوي القربى كل من يجمعهم أصل مشترك"، وأن "القرابة المباشرة، هي الصلة ما بين الأصول والفروع. وقرابة الحواشي، هي الرابطة ما بين أشخاص يجمعهم أصل مشترك، دون أن يكون أحدهم فرعاً للآخر"، وهو ما لا يتوافر للشخص الاعتباري، إذ لا يتصور في شأنه أن تكون له أسرة، تربطه بأفرادها صلة قرابة، يتولى الإنفاق عليهم وإعالتهم إعالة فعلية بحكم هذه الصلة، فالشخص الاعتباري وإن كان يتمتع بجميع الحقوق، إلا أن ذلك - وعلى ما نصت عليه المادة (53) من القانون المدني - لا يشمل "ما كان ملازماً لصفة الإنسان الطبيعية". 
متى كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن صاحب العمل في الدعوى الموضوعية، "شركة مصر أكتوبر للصناعات الغذائية"، شركة مساهمة، ومن ثم فهي شخص اعتباري، لا يسري على العلاقة التي تربطها بالعاملين فيها الاستثناء الوارد النص عليه في البند (ج) من المادة (4) من قانون العمل المشار إليه، بل تظل تلك العلاقة خاضعة لأحكام ذلك القانون، الأمر الذي تنتفي معه المصلحة في الدعوى المعروضة، لعدم وجود انعكاس للفصل في دستورية ذلك النص على الطلبات المعروضة على محكمة الموضوع، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.



دستورية التقاضي على درجة واحدة في حبس الممتنع عن سداد النفقة

القضية 85 لسنة35 قضائية  "دستورية".جلسة 2/1/2016 
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من يناير سنة 2016م، الموافق الثاني والعشرين من ربيع الأول سنة 1437هـ
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعي عمرو ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمي إسكندر ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمد عماد النجار نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 85 لسنة 35 قضائية "دستورية" بعد أن أحالت محكمة استئناف طنطا مأمورية شبرا الخيمة "الدائرة الرابعة" بحكمها الصادر بجلسة 26/2/2013 ملف الاستئناف رقم 140 لسنة 10 ق "أسرة" شبرا الخيمة.

الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الاستئناف وسائر الأوراق - في أن المستأنف عليها في الدعوى الموضوعية كانت قد تحصلت في مواجهة المستأنف على الحكمين رقمي 939 و940 لسنة 2009، أسرة القناطر الخيرية، بفرض نفقة لها عليه، وإذ امتنع المستأنف عن سداد بعض من المبالغ المستحقة لها، فقد أقامت الدعوى رقم 30 لسنة 2011، أمام محكمة القناطر الخيرية لشئون الأسرة ضد المستأنف، بطلب الحكم بإلزامه بأداء هذه المبالغ وحبسه عند الامتناع. فأمرت تلك المحكمة المستأنف بأداء هذه المبالغ، فلم يمتثل إلا جزئيا، فقضت بجلسة 7/3/2012، بحبسه ثلاثين يوماً لامتناعه عن سداد باقي متجمد النفقة، رغم قدرته على أداء ما حُكم به، على أن يخلى سبيله في الحال إذا قام بدفع المبلغ أو أحضر كفيلاً تقبله المدعية أو طلبت هي الإفراج عنه. لم يرتض المدعى عليه هذا الحكم فطعن عليه بالاستئناف رقم 140 لسنة 10 ق أمام محكمة استئناف طنطا مأمورية شبرا الخيمة طالباً الحكم بوقف تنفيذ الحكم المستأنف والقضاء باعتباره كأن لم يكن، وإذ تراءى لتلك المحكمة أن نص البند رقم (9) من المادة رقم (9) من قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، الصادر بالقانون رقم (1) لسنة 2000، يُخل بالحق في التقاضي والحق في الدفاع والحق في المساواة، لعدم إعمال مبدأ التقاضي على درجتين في دعوى الحبس خلافاً للقاعدة العامة التي انتهجها المشرع في سائر الدعاوى الأخرى. فقد قضت بجلسة 26 فبراير سنة 2013 بوقف الاستئناف وإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة للفصل في دستوريته.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن المادة (9) من قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية الصادر بالقانون رقم 1 لسنة 2000، معدلة بالقانون رقم 91 لسنة 2000 تنص على أن
"تختص المحكمة الجزئية بنظر المسائل الواردة بهذه المادة
وبمراعاة أحكام المادة (52) من هذا القانون، يكون حكمها في الدعاوى قابلاً للطعن بالاستئناف ما لم ينص القانون على نهائيته، وذلك كله على الوجه التالي
أولا- المسائل المتعلقة بالولاية على النفس
1- ........................ 
........................ 
9- دعاوى الحبس لامتناع المحكوم عليه عن تنفيذ أحكام النفقات وما في حكمها ويكون الحكم في ذلك نهائياً." 
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية مؤثراً في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكانت رحى النزاع في الدعوى الموضوعية تدور حول طلب المستأنف القضاء باعتبار حكم محكمة أول درجة بحبسه لامتناعه عن دفع النفقة المقضي عليه بها كأن لم يكن، وكان النص المحال قد جعل حكم محكمة أول درجة نهائياً، بما يحول دون مضي محكمة الاستئناف في نظر الاستئناف المطروح عليها والقضاء فيه، ومن ثم يكون للفصل في دستورية النص المحال انعكاس على الدعوى الموضوعية على نحو يتغير به وجه الرأي فيها بحسب ما تقضي به هذه المحكمة، الأمر الذي يتحقق به المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الموضوعية، ويتحدد نطاقها فيما تضمنه نص البند (9) من أولاً: من المادة (9) من النص المُحال من نهائية الحكم الصادر بالحبس لامتناع المحكوم عليه عن تنفيذ أحكام النفقات
وحيث إن الرقابة الدستورية على القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، بحسبانه مستودع القيم التي ينبغي أن تقوم عليها الجماعة، وتعبر عن إرادة الشعب منذ صدوره، ذلك أن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، إذ إن نصوص هذا الدستور تمثل دائماً القواعد والأصول التي يقوم عليها النظام العام في المجتمع، بحسبانها أسمى القواعد الآمرة التي تعلو على ما دونها من تشريعات، ومن ثم يتعين التزامها، ومراعاتها، وإهدار ما يخالفها من تشريعات - أياً كان تاريخ العمل بها - لضمان اتساقها والمفاهيم التي أتى بها، فلا تتفرق هذه القواعد في مضامينها بين نظم مختلفة يناقض بعضها البعض بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التي تطلبها الدستور القائم كشرط لمشروعيتها الدستورية
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النصوص المطعون عليها في ضوء أحكام الدستور المعدل الصادر سنة 2014 
وحيث إن حكم الإحالة نعى على النص المحال أنه قصر التقاضي على درجة واحدة وهذا الأمر وإن كان مما يدخل بحسب الأصل في إطار السلطة التقديرية للمشرع، إلا أن ذلك لا يكون إلا بالقدر وفي الحدود التي تقتضيها مصلحة عامة لها ثقلها، وأن المشرع إذا جعل التقاضي على درجتين كأصل عام، فإنه يتعين اتباع النهج ذاته في سائر المنازعات تحقيقاً لضمان حق الدفاع في كلتا الدرجتين دون نقصان، ذلك أن الخصومة القضائية لا تبلغ غايتها إلا بإتاحة الفرصة أمام الخصوم لاستكمال بسط أوجه دفاعهم التي أغفلوها أمام محكمة أول درجة، وتمكين محكمة ثاني درجة من إعمال رقابتها عليها، وإذ كان النص المحال قد حرم المتقاضي في دعوى الحبس - للامتناع عن سداد دين النفقة، إذا كان قادراً على الأداء وأمرته المحكمة فلم يمتثل - من الحق في الطعن بالاستئناف بنصه على اعتبار الحكم في دعوى الحبس نهائياً، فإنه يكون قد أخل بالحق في المساواة أمام القانون، والحق في التقاضي، والحق في الدفاع، بالمخالفة لنصي المادتين (40 و68) من دستور سنة 1971، المقابلتين لنصوص المواد (53، 97، 98) من الدستور القائم
وحيث إن هذه المناعي في جملتها غير سديدة ذلك أن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الأصل في سلطة المشرع في تنظيمه لحق التقاضي أنها سلطة تقديرية، جوهرها المفاضلة التي يجريها بين البدائل المختلفة التي تتصل بالموضوع محل التنظيم لاختيار أنسبها لفحواه، وأحراها بتحقيق الأغراض التي يتوخاها، وأكفلها للوفاء بأكثر المصالح وزناً، وليس من قيد على مباشرة المشرع لهذه السلطة إلا أن يكون الدستور ذاته قد فرض في شأن مباشرتها ضوابط محددة تعتبر تخوماً لها ينبغي التزامها، وفي إطار قيامه بهذا التنظيم لا يتقيد المشرع باتباع أشكال إجرائية محددة تمتد إلى المنازعات جميعها حتى مع اختلاف موضوعها، ذلك أن التنظيم الإجرائي للخصومة القضائية لا يمكن أن يعكس أنماطاً موحدة إذ يتعين دوماً أن يفاضل المشرع بين صور هذا التنظيم ليختار منها ما يكون مناسباً لخصائص المنازعات التي يتعلق بها، ومتطلباتها إجرائياً لتتعدد بالتالي الأشكال التي يقتضيها إنفاذ حق التقاضي وبما لا إخلال فيه بأبعاده التي كفلها الدستور طالما أن الشكل الإجرائي الذي يفرضه المشرع يستهدف تحقيق مصلحة اجتماعية جديرة بالرعاية
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قصر حق التقاضي في المسائل التي فصل فيها الحكم على درجة واحدة، هو مما يستقل المشرع بتقديره بمراعاة أمرين: أولهما: أن يكون هذا القصر قائماً على أسس موضوعية تمليها طبيعة المنازعة وخصائص الحقوق المثارة فيها. ثانيهما: أن تكون الدرجة الواحدة محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائي من حيث تشكيلها وضماناتها والقواعد المعمول بها أمامها، وأن يكون المشرع قد عهد إليها بالفصل في عناصر النزاع جميعها الواقعية منها والقانونية فلا تراجعها فيما تخلص إليه من ذلك جهة أخرى
متى كان ذلك، وكان البين أن المشرع إنما شرع وسيلة الحبس لحمل المحكوم عليه بالنفقة على الوفاء بها متى كان دين النفقة ثابتاً بحكم نهائي، وكان المقضي عليه بها قادراً على أدائها وامتنع عنتاً ومطلاً بغير حق، وكانت هذه الديون بطبيعتها هي ديون ممتازة ذات طابع حيوي مقدمة على غيرها، مراعاة لكونها قوام الحياة في كل أسرة، يقوم بها أودها غذاءً وكساءً وسكناً ومن ثم يكون التخلف عن أدائها ضاراً أبلغ الضرر بالمعيل المقضي له بها، ومضيعاً له، فينكشف مصدر رزقه على احتياجه له ليكون عرضة للعوز المذل، ومعرضاً للانحراف عن السلوك القويم فاتحاً لأبواب الانحراف. وكان المشرع قد سلك في سبيل ذلك مسلكاً حاصله أن أتاح سبيل الطعن في دعوى النفقة أمام من تطلب منه قضاء لينازع في أصل استحقاقها ومقدار فرضها أمام المحكمة المختصة ابتداء وطعناً، فإذا ما استقر دين النفقة بحكم نهائي وبات أمره مقضياً، أجاز إكراه المسئول عن النفقة على الوفاء بها بوسيلة الحبس متى ثبتت قدرته على الوفاء، وامتنع عن أدائها عنتاً وظلماً، وقد تطلب المشرع ضمانة لعدم التعسف والمغالاة في استخدام هذه المكنة أن توجه المحكمة إلى الملتزم بدين النفقة أمراً بأداء المبلغ المطلوب منه، وأن تمهله أجلاً للوفاء به، فإذا امتنع بعد ذلك -عناداً أو إهمالاً - فإنها تقضي بحبسه ثلاثين يوماً، وقد أفسح المشرع فرصة تحول دون إكمال تنفيذ هذا الحكم بهذه الوسيلة في أحوال ثلاثة، هي سداد المدين الدين المحبوس لأجله بعد صدور الحكم أو تنفيذه، أو إحضار كفيل يرضاه المحكوم له، أو طلب المحكوم له الإفراج عنه، وكان المشرع بقصره هذه الخصومة على درجة واحدة، بأن جعل حكم محكمة أول درجة فيها نهائياً غير قابل للطعن عليه بالاستئناف، يحدوه مصلحة راجحة قوامها رغبته في ضمان توفير المال تلبية لإشباع احتياج المعيل لتنفيذ حكم النفقة حفظاً لنفسه وعرضه، والحيلولة دون أن تتخذ إجراءات التقاضي سبيلاً للمماطلة بظلم، بعد استقرار دين النفقة بموجب حكم نهائي أتاح فيه للخصوم سبل التناضل فيه والطعن عليه إثباتاً ونفياً، كما أسند المشرع الاختصاص بنظر دعوى الحبس إلى محكمة مشكلة من قضاة مستقلين يعملون وفق إجراءات قانونية يتاح فيها للخصوم بسط دفاعهم ودفوعهم إيراداً ورداً، وقد ضمن استيثاق المدين بحدود التزامه الذي يتعين عليه أداؤه بموجب الحكم المقضي به لدرء حكم الحبس، بأن أوجب على المحكمة التي تنظر دعوى الحبس بعد أن تتحقق من ثبوت الدين ومقداره أن تأمر المدين بالأداء، بما يستتبعه ذلك من منحه أجلاً لتنفيذ هذا الأمر، وما كلف به تلك المحكمة من التثبت من قدرة المدين على الوفاء، فإن مسلك المشرع لا يكون قد أخل بالحق في التقاضي ولا الحق في الدفاع، ويكون هذا النص بما انطوى عليه من تنظيم واقعاً في صميم السلطة التقديرية للمشرع، بما ينأى به عن مظنة مخالفة أحكام الدستور
وحيث إنه عما نعى به حكم الإحالة على النص المطعون عليه إخلاله بالحق في المساواة لقصره الخصومة في دعوى الحبس على درجة واحدة خلافاً للأصل العام في التقاضي على درجتين، فلما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مبدأ المساواة أمام القانون، ليس مبدأ تلقينياً جامداً منافياً للضرورة العملية، ولا هو بقاعدة صماء تنبذ صور التمييز جميعها، ولا كافلاً لتلك الدقة الحسابية التي تقتضيها موازين العدل المطلق بين الأشياء. وإذا جاز للدولة أن تتخذ بنفسها ما تراه ملائماً من التدابير، لتنظيم موضوع محدد، أو توقياً لشر تقدر ضرورة رده، إلا أن تطبيقها مبدأ المساواة لا يجوز أن يكون كاشفاً عن نزواتها، ولا منبئاً عن اعتناقها لأوضاع جائرة تثير ضغائن أو أحقاد تنفلت بها ضوابط سلوكها، ولا عدواناً معبراً عن بأس سلطانها، بل يتعين أن يكون موقفها اعتدالاً في مجال تعاملها مع المواطنين، فلا تمايز بينهم إملاءً أو عسفاً. ومن الجائز بالتالي أن تغاير السلطة التشريعية - ووفقاً لمقاييس منطقية - بين مراكز لا تتحد معطياتها، أو تتباين فيما بينها في الأسس التي تقوم عليها، على أن تكون الفوارق بينها حقيقية لا اصطناع فيها ولا تخيل، ذلك أن ما يصون مبدأ المساواة، ولا ينقض محتواه، هو ذلك التنظيم الذي يقيم تقسيماً تشريعياً ترتبط فيه النصوص القانونية التي يضمها، بالأغراض المشروعة التي يتوخاها
متى كان ذلك، وكان النص المحال، وإن قصر التقاضي على درجة واحدة في دعاوى الحبس خلافاً للأصل العام الذي يجيز الطعن على الأحكام بالاستئناف، إلا أن هذا التمييز؛ قد قام تحقيقاً لمصلحة راجحة هي ضمان تدفق النفقات الثابتة بحكم قطعي إلى مستحقيها، حفظاً لأنفسهم من الضياع، وأعراضهم من الابتذال، كما قصد الحيلولة دون مماطلة الملتزم الواجد بها متى ثبت يساره وقام الدليل على ذلك، وقد شُيد هذا التنظيم على أساس قاعدة عامة موضوعية مجردة يتساوى أمامها جميع المتقاضين في المركز القانوني ذاته، وكان لهذا التباين في التنظيم الإجرائي لخصومة الطعن في دعوى الحبس أسباب سائغة ومبررة تقوى على حمله، بما يكشف عن تباين في المراكز القانونية لخصوم هذه الدعوى عن سائر الدعاوى الأخرى التي أتاح فيها المشرع حق الطعن فيها بالاستئناف، فإن هذا التنظيم - والحال كذلك - ينهض تمييزاً مبرراً غير قائم على أساس تحكمي، بما ينأى به عن قالة الإخلال بالحق في المساواة
وحيث إنه متى كان ما تقدم، فإن النص المطعون فيه لا يُعد مخالفاً لأحكام المواد (53 و97 و98) من الدستور، كما لا يخالف أي أحكام أخرى فيه، مما يتعين معه القضاء برفض هذه الدعوى
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة برفض الدعوى.