الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 25 يناير 2017

الطعن 76 لسنة 73 ق جلسة 13 / 3 / 2007 مكتب فني 58 ق 45 ص 261

جلسة 13 من مارس سنة 2007
برئاسة السيد القاضي الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ علي محمد علي، حسين السيد متولي، صلاح الدين كامل أحمد نواب رئيس المحكمة ومحمود حسن التركاوي.
-------------
(46)
الطعن 76 لسنة 73 ق
- 1  حكم " ما لا يُعيب تسبيبه " "عيوب التدليل : القصور في التسبيب " " حجية الأحكام . تحكيم " حجية حكم التحكيم". قوة الأمر المقضي . نقض " سلطة محكمة النقض " " أثر النقض أمام محكمة الإحالة " .
نقض الحكم. أثره. حيازة المسائل التي لم يتناولها الحكم الناقض قوة الأمر المقضي. تمسك الخصم بحجية حكم تحكيم سبق صدوره في ذات هذه المسائل لأول مرة أمام محكمة الإحالة. أثره. اعتباره تنازلاً منه عن الحق الثابت له بهذه الحجية. علة ذلك.
- 2 حكم " ما لا يُعيب تسبيبه " "عيوب التدليل : القصور في التسبيب " " حجية الأحكام . تحكيم " حجية حكم التحكيم". قوة الأمر المقضي . نقض "سلطة محكمة النقض" "أثر النقض أمام محكمة الإحالة".
قضاء محكمة النقض في مسألة كلية شاملة تتعلق بنزاع بين الطاعنة والمطعون ضدها الأولى حاز حجية الأمر المقضي. تحصل الأولى قبل هذا القضاء على حكم من هيئة التحكيم الأمريكية في ذات النزاع من شأنه أن يتعارض مع هذه الحجية وتراخيها في تقديمه إلى بعد تاريخ صدور الحكم الناقض الأول. مؤداه. امتناع إعمال أثره على المركز القانوني الذي تحقق للمطعون ضدها الأولى بالقضاء الأول لمحكمة النقض. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة استناداً إلى المادة 58/ 2 من ق 27 لسنة 1994. لا عيب. لمحكمة النقض إنشاء أسباب قانونية جديدة تقوم بها قضائه دون أن تنقضه.
- 3 تعويض " الضرر : تقديره : عناصره " محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير التعويض " . مسئولية . نقض .
تقدير التعويض. مسألة واقع يستقل بها قاضي الموضوع.
- 4 تعويض " التعويض عن الفعل الضار غير المشروع : تعيين عناصر الضرر " .
تعيين عناصر الضرر المطالب بالتعويض عنه. مسألة قانون. خضوعها لرقابة محكمة النقض. عدم مناقشة الحكم لكل عنصر من عناصر الضرر التي عرضها على حدة لبيان مدى أحقية المضرور فيها. قصور.
--------------
1 - المقرر أنه ولئن كان الأصل أنه متى حاز الحكم حجية الأمر المقضي فإن مناط التمسك به في المنع من العودة إلى مناقشة المسألة التي فصل فيها بأية دعوى تالية يثار فيها ذات النزاع هو تقديم صورة رسمية من الحكم الصادر فيها والتمسك بأثره فور صدوره, فإذا استطال تمسك الخصم به - في دعوى مقامه بالفعل - إلى أمد ينبئ عن تنازله عن الحق الثابت به فإنه يتعين عدم الاعتداد بأثره على المراكز القانونية التي استقرت لخصمه في تاريخ لاحق على صدور هذا الحكم الذي ساهم بفعله في تحققها اتساقا مع القاعدة الأصولية التي تقضي بأن من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه, وكان المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن أحكام المحكمين شأنها شأن أحكام القضاء تحوز حجية الأمر المقضي بمجرد صدورها وتبقى هذه الحجية طالما بقى الحكم قائما, وكان قضاء محكمة النقض يحوز هذه الحجية في حدود المسألة التي تناولها ويمتنع على المحكمة المحال إليها عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية ويتعين عليها أن يقتصر نظرها على موضوع الدعوى في نطاق المسألة التي أشار إليها الحكم الناقض, كما يمتنع على الخصوم أن يعودوا إلى المناقشة في شأنها من جديد, وأنه متى فصل الحكم المحاج به في مسألة كلية شاملة امتنع النظر في مسألة فرعية متفرعة عنها.
2 - إذ كان الواقع في الدعوى حسبما حصله الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق أن حكم محكمة أول درجة قضى بأحقية المطعون ضدها الأولى في المبلغ محل الحجز التحفظي رقم ... لسنة 1994 جنوب القاهرة وبتثبيته مع إلزام الطاعنة بأن تؤدي له مبلغ مليون دولار تعويضا عن الأضرار التي لحقت به قد صدر بتاريخ 29 من فبراير سنة 1996 وتأيد بالحكم الصادر في الاستئناف رقم ... لسنة 113 ق القاهرة بتاريخ 18 من يونيه سنة 1997, وإذ طعنت الطاعنة عليه بطريق النقض تحت رقم .... لسنة 67 ق, وقضت محكمة النقض فيه بتاريخ 26 من ابريل سنة 1999 برفض ما تمسكت به من نفي لخطئها في توريد وشحن رسالة القمح إلى المطعون ضدها الأولى بعد أن ثبت لها من أسباب الحكم الاستئنافي السائغة والتي لها معينها من الأوراق أن ما أصابها من تلف كان سابقا على شحنها وما رتبه هذا القضاء من مسئولية الطاعنة عما أصاب المطعون ضدها الأولى من ضرر سببه ذلك الخطأ على نحو تعد هذه المسألة التي فصل فيها حكم النقض مسألة كلية شاملة حازت حجية الأمر المقضي بالنسبة لها وما يتفرع عنها من مسائل فرعية, منها بيان عناصر الضرر المؤسس عليه طلب التعويض والذي كان محلا لنقض الحكم المطعون فيه, وكانت الطاعنة على الرغم من صدور حكم هيئة التحكيم الأمريكية في ذات النزاع بينها وبين المطعون ضدها الأولى بتاريخ 7 من مايو سنة 1997 لم تتقدم به وبترجمة رسمية له للتمسك بأثره في منع محكمة الاستئناف من الاستمرار في نظر الدعوى أمامها إلا بجلسة 27 من أكتوبر سنة 2002 على نحو ينبئ عن تنازلها عن الحق الثابت به بما يمتنع معه إعمال أثره على المركز القانوني الذي تحقق للمطعون ضدها الأولى بقضاء محكمة النقض الصادر في الطعن رقم ... لسنة 67 ق - على النحو سالف البيان - والذي ساهمت الطاعنة فيه، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه لا يعيبه خطؤه في أسبابه القانونية بالاستناد إلى المادة 58/ 2 من القانون رقم 27 لسنة 1994, إذ لمحكمة النقض أن تنشئ أسبابا جديدة تقوم بها هذا القضاء دون أن تنقضه.
3 - المقرر أن تقدير التعويض عن الضرر من المسائل الواقعية التي يستقل بها قاضي الموضوع.
4 - المقرر أن تعيين عناصر الضرر التي يجب أن تدخل في حساب التعويض هو من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن عُرض لبيان عناصر الضرر إلا أنه لم يناقش كل عنصر منها على حدة أو يبين وجه أحقية المطعون ضدها الأولى فيه، ومن ثم يكون هذا البيان قد جاء على نحو مجمل معمى بما يعيبه بالقصور المبطل.
--------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم ...... لسنة 1994 تجاري جنوب القاهرة الابتدائية على الشركة الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي لها مبلغ 7912594,11 دولاراً أمريکياً وبصحة إجراءات الحجز التحفظي الموقع تحت يد البنك المطعون ضده الثاني وجعله نافذاً، وقالت في بيان ذلك إنها تعاقدت مع الطاعنة بتاريخ 4 من يناير سنة 1994 على شراء كمية من القمح الأمريكي شريطة أن يكون خالياً من الحشرات والفطريات لقاء ثمن مقداره 5912594,11 دولاراً أمريکياً، وعند وصول الكمية المتعاقد عليها ميناء دمياط رفضت سلطات الحجر الزراعي إدخالها البلاد لوجود حشرة بها، فاستصدرت ضدها أمر الحجز التحفظي رقم ..... لسنة 1994 جنوب القاهرة على قيمة السند الإذني المؤرخ 14 من أبريل سنة 1994 الصادر من المطعون ضده الثاني لصالحها بباقي ثمن القمح، ولما كان قد أصابها أضرار مادية ومعنوية تقدر بمبلغ 2 مليون دولار فقد أقامت دعواها. أقامت الطاعنة عليها الدعوى رقم ...... لسنة 1995 تجاري جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلغاء أمر الحجز التحفظي سالف البيان واعتباره كأن لم يكن وإلغاء الحجز الموقع بموجبه، وقالت في بيان ذلك بأن المطعون ضدها الأولى تعاقدت معها على استيراد رسالة من القمح الأمريكي وقد أصدر المطعون ضده الثاني خطاب اعتماد لسداد قيمتها إلا أنه لم يلتزم به مما دفعها إلى إبرام اتفاق مع المطعون ضدها الأولى بتاريخ 10 من أبريل سنة 1994 لسداد ثمن القمح على قسطين الأول بقيمة 10%، والثاني بقيمة 90% وحررت عن الأخير سنداً إذنياً بقيمة 5479759,8 دولاراً أمريكياً مستحقة السداد في 15 من سبتمبر سنة 1994 إلا أنها فوجئت بها توقع الحجز التحفظي على قيمة السند الإذني تحت يد المطعون ضده الثاني، وبذلك أصبح المطعون ضدهما مدينين معاً لها بقيمة السند الإذني، هذا إلى أن الحجز التحفظي لم يعد قائماً بعد أن تقاعست المطعون ضدها الأولى عن إقامة دعوى ثبوت الحق وصحة إجراءات الحجز خلال الموعد المحدد
ضمت المحکمة الدعويين، وحکمت بتاريخ 29 من فبراير سنة 1996 في الدعوى رقم ...... لسنة 1994 تجاري جنوب القاهرة الابتدائية بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها الأولى مبلغ 6912594,11 دولاراً أمريکياً، وبصحة إجراءات الحجز التحفظي على ما للمدين لدى الغير الموقع تحت يد المطعون ضده الثاني بتاريخ 15 من يونية سنة 1994 نفاذاً لأمر الحجز التحفظي رقم ...... لسنة 1994 جنوب القاهرة، وتثبيته وجعله نافذاً، وفي الدعوى رقم ..... لسنة 1995 تجاري جنوب القاهرة الابتدائية بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها بالدعوى رقم ...... لسنة 1994 مدني جنوب القاهرة الابتدائية
استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ...... لسنة 113ق، وبتاريخ 18 من يونية سنة 1997 حكمت بتأييد الحکم المستأنف فيما قضى به في الدعوى رقم .... لسنة 1994، وفي موضوع الدعوى رقم ...... لسنة 1995 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ...... لسنة 67ق، وبتاريخ 26 من أبريل سنة 1999 نقضت المحکمة الحكم لإغفاله بحث دفاع الطاعنة بشأن بيان عناصر الضرر المؤدي إلى القضاء بالتعويض، وإذ عجلت الطاعنة السير في الاستئناف، فقد حكمت المحكمة بتاريخ 27 من نوفمبر سنة 2002 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة للمرة الثانية في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ...... لسنة 73ق، وأمرت المحكمة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتاً، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعي الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه، مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه، وتأويله، إذ قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بحكم التحكيم الصادر من هيئة التحكيم الأمريكية (AAA) American arbitratian association في 7 من مايو سنة 1997 على ما ذهب إليه من أن الفقرة (1) من المادة 58 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية تشترط لتنفيذ الحكم ألا يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في موضوع النزاع، فإنه يكون بذلك قد خلط بين الحالات التي تناولتها تلك المادة لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية وبين حجية تلك الأحكام التي انتظمتها المادة الثالثة من اتفاقية نيويورك الخاصة بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية سنة 1958، والتي لا ينال منها صدور الحكم الابتدائي رقم ..... لسنة 1994 جنوب القاهرة الابتدائية بتاريخ 29 من فبراير سنة 1996 والذي لم تثبت له الحجية بعد لكونه محلاً للاستئناف، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأنه ولئن كان الأصل أنه متى حاز الحكم حجية الأمر المقضي فإن مناط التمسك به في المنع من العودة إلى مناقشة المسألة التي فصل فيها بأية دعوى تالية يثار فيها ذات النزاع هو تقديم صورة رسمية من الحكم الصادر فيها والتمسك بأثره فور صدوره، فإذا استطال تمسك الخصم به - في دعوى مقامة بالفعل – إلى أمد ينبئ عن تنازله عن الحق الثابت به فإنه يتعين عدم الاعتداد بأثره على المراكز القانونية التى استقرت لخصمه في تاريخ لاحق على صدور هذا الحكم الذي ساهم بفعله في تحققها اتساقاً مع القاعدة الأصولية التي تقضي بأن من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه - وكان المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن أحكام المحكمين شأنها شأن أحكام القضاء تحوز حجية الأمر المقضي بمجرد صدورها وتبقى هذه الحجية طالما بقي الحكم قائماً، وكان قضاء محكمة النقض يحوز هذه الحجية في حدود المسألة التي تناولها ويمتنع على المحكمة المحال إليها عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية ويتعين عليها أن يقتصر نظرها على موضوع الدعوى في نطاق المسألة التي أشار إليها الحكم الناقض، كما يمتنع على الخصوم أن يعودوا إلى المناقشة في شأنها من جديد، وأنه متى فصل الحكم المحاج به في مسألة كلية شاملة امتنع النظر في مسألة فرعية متفرعة عنها. لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى حسبما حصله الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق أن حكم محكمة أول درجة قضي بأحقية المطعون ضدها الأولى في المبلغ محل الحجز التحفظي رقم ..... لسنة 1994 جنوب القاهرة وبتثبيته مع إلزام الطاعنة بأن تؤدي له مبلغ مليون دولار تعويضاً عن الأضرار التي لحقت به قد صدر بتاريخ 29 من فبراير سنة 1996 وتأيد بالحكم الصادر في الاستئناف رقم ...... لسنة 113ق القاهرة بتاريخ 18 من يونية سنة 1997، وإذ طعنت الطاعنة عليه بطريق النقض تحت رقم ..... لسنة 67ق، وقضت محكمة النقض فيه بتاريخ 26 من أبريل سنة 1999 برفض ما تمسكت به من نفي لخطئها في توريد وشحن رسالة القمح إلى المطعون ضدها الأولى بعد أن ثبت لها من أسباب الحكم الاستئنافي السائغة والتي لها معينها من الأوراق أن ما أصابها من تلف كان سابقاً على شحنها وما رتبه هذا القضاء من مسئولية الطاعنة عما أصاب المطعون ضدها الأولى من ضرر سببه ذلك الخطأ على نحو تعد هذه المسألة التي فصل فيها حكم النقض مسألة كلية شاملة حازت حجية الأمر المقضي بالنسبة لها وما يتفرع عنها من مسائل فرعية، منها بيان عناصر الضرر المؤسس عليه طلب التعويض والذي كان محلاً لنقض الحكم المطعون فيه، وكانت الطاعنة على الرغم من صدور حكم هيئة التحكيم الأمريكية في ذات النزاع بينها وبين المطعون ضدها الأولى بتاريخ 7 من مايو سنة 1997 لم تتقدم به وبترجمة رسمية له للتمسك بأثره في منع محكمة الاستئناف من الاستمرار في نظر الدعوى أمامها إلا بجلسة 27 من أکتوبر سنة 2002 على نحو ينبئ عن تنازلها عن الحق الثابت به بما يمتنع معه إعمال أثره على المركز القانوني الذي تحقق للمطعون ضدها الأولى بقضاء محكمة النقض الصادر في الطعن رقم ...... لسنة 67ق على النحو سالف البيان والذي ساهمت الطاعنة فيه، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه لا يعيبه خطؤه في أسبابه القانونية بالاستناد إلى المادة 58/2 من القانون رقم 27 لسنة 1994، إذ لمحکمة النقض أن تنشئ أسباباً جديدة تقوم بها هذا القضاء دون أن تنقضه
وحيث إنه مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف فيما انتهى إليه من تعويض مادي للمطعون ضدها الأولى استناداً إلى عناصر للضرر سردها على نحو مجمل ومجهل خلت الأوراق من دليل تحققها بمقولة أنها شركة تهدف إلى الربح وإنه قد لحقها خسارة من جراء تجميد المبلغ الذي دفعته للبنك (المطعون ضده الثاني)، وأورد عن الضرر الأدبي إدعاءه بأن الطاعنة تسببت في فقدان ثقة المتعاملين معها من جراء عدم التزامها بتسليم شحنات جزئية من القمح المستورد لهم، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي – في نطاق ما جاء بالرد على السبب الأول – في محله، ذلك بأن المقرر أنه وإن كان تقدير التعويض عن الضرر من المسائل الواقعية التي يستقل بها قاضي الموضوع، إلا أن تعيين عناصر الضرر التي يجب أن تدخل في حساب التعويض هو من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن عرض لبيان عناصر الضرر إلا أنه لم يناقش كل عنصر منها على حدة أو يبين وجه أحقية المطعون ضدها الأولى فيه، ومن ثم يكون هذا البيان قد جاء على نحو مجمل معمي بما يعيبه بالقصور المبطل ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن
وحيث إن الطعن للمرة الثانية، وكان الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وكان البين من عقد الاتفاق المحرر بين المستأنفة والمستأنف عليها الأولى المؤرخ 10 من أبريل سنة 1994 المرفق بالأوراق والخاص ببيان خطوات سداد ثمن رسالة التداعي بعد أن صدر للأولى خطاب اعتماد من البنك المستأنف عليه الثاني حال دون سداد المستأنف عليها الأولى قيمته وما أسفر عنه هذا الاتفاق من وجوب سداد الأخيرة نسبة 10% من قيمة الرسالة قدر بمبلغ 591259.42 دولاراً أمريكياً مع تسليم كمبيالة بنكية مسحوبة على ذلک البنك بمبلغ 5479759,80 دولارا، والبين من کتاب جمارك دمياط (إدارة المنافستو المرکزي) بتاريخ 30 مارس سنة 1997 أنه قد تم إعادة تصدير جزء من مشمول الرسالة مقداره 16,366560 طناً بتواريخ 17، 20 من يونية سنة 1995، و12 من سبتمبر سنة 1995، و4 من يناير سنة 1996 إلى مينائي أشدود وحيفا وذلك بمعرفة المستأنف عليها الأولى والتي تحصلت على قيمة 13 ألف طن منها وكان البين من كتاب الأخيرة المرسل إلى هيئة ميناء دمياط أنها قامت بسداد مبلغ 344397,80 جنيهاً مصرياً وذلك بالشيك رقم 800458 في 15 من سبتمبر سنة 1991 الذي يمثل تكلفة نقل القمح الفاسد تمهيداً لإعدامه، وهو ما تستخلص منه هذه المحكمة - في ضوئه وجوب اقتصار التعويض التعاقدي عن الضرر المباشر المتوقع – أن ما سددته المستأنف عليها الأولى من قيمة الدفعة المقدمة التي بلغت 10% من قيمة الرسالة وما أوفته لهيئة ميناء دمياط مقابل نقل القمح الفاسد وإعدامه إنما يقابله حصولها على قيمة ما أعادت تصديره من الرسالة إلى الخارج وقبض ثمنه، وذلك عن الضرر المادي، أما عن الضرر الأدبي المتمثل في تسلمها رسالة مصابة بالحشرات وغير صالحة للاستهلاك على نحو يؤثر على سمعتها التجارية، فإن المحكمة ترى تقدير التعويض الجابر له بمبلغ عشرة آلاف دولار
وحيث إنه عما تثيره المستأنفة في استئنافها من أن قضاء محكمة أول درجة انتهى إلى إلزامها بأن تؤدي إلى المستأنف عليها الأولى مبلغ 5912594,11 دولاراً، في حين أنه لم يسبق للأخيرة أن سددت لها هذا المبلغ – وهو دفاع لا شأن له بحجية الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم ...... لسنة 67ق، وإنما يجاوز نطاقه، فإنه في غير محله، ذلك بأن المقرر أن الحجية إنما تثبت لما فصل فيه الحكم المحاج به بصفة صريحة أو ضمنية سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها، وكان الثابت من الحكم الصادر من محكمة أول درجة المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - في هذا الخصوص – أنها أوردت بأسبابها المرتبطة بمنطوق حكمها أنها قضت بصحة إجراءات الحجز على السند الإذني وتثبيته استناداً إلى أحقية المستأنف عليها الأولى في عدم الوفاء بقيمته بما لازمه أن قضاءه في المنطوق إنما يتقيد بهذه الأسباب.

الطعن 3334 لسنة 74 ق جلسة 12 / 3 / 2007 مكتب فني 58 ق 44 ص 256

برئاسة السيد القاضي/ أحمد محمود مكي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ بليغ کمال، أحمد عبد الحميد، مجدي مصطفى وزياد بشير نواب رئيس المحكمة.
-------------
- 1  إعلان "آثار الإعلان: التحقق من إعلان صحيفة الدعوى". محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لإجراءات الدعوى ونظرها والحكم فيها: سلطة محكمة الموضوع في إجراءات الإعلان: التحقق من إعلان الخصوم".
تحقيق واقعة حصول إعلان الخصوم في الدعوى. من المسائل الموضوعية. عدم خضوعها لرقابة محكمة النقض. شرطه. أن يكون لهذا التحقيق سند بأوراق الدعوى.
إن تحقيق واقعة حصول إعلان الخصوم في الدعوى – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – من المسائل الموضوعية التي لا تخضع لرقابة محكمة النقض ما دام أن لهذا التحقيق سنداً من أوراق الدعوى.
- 2  إعلان "آثار الإعلان: التحقق من إعلان صحيفة الدعوى". محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لإجراءات الدعوى ونظرها والحكم فيها: سلطة محكمة الموضوع في إجراءات الإعلان: التحقق من إعلان الخصوم".
انتهاء الحكم المطعون فيه إلى أن إعلانات الطاعن بصحيفة الدعوى والموجهة إلى موطنه الذي اختاره قد تمت لقيامه بإخطار الهيئة المطعون ضدها باتخاذ هذا المكان موطناً له بالإضافة إلى موطنه الآخر. توجيه صحيفة الدعوى إلى الموطن الأول للطاعن ورفض تابعيه الاستلام وتسليم الصورة لجهة الإدارة بما يصح معه الإعلان. النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ لاعتداده بالإعلان على الموطن الأول. على غير أساس.
لما كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن إعلانات الطاعن بصحيفة الدعوى والموجهة إلى موطنه بمدينة دمياط الجديدة قد تمت لأن الطاعن نفسه أخطر هيئة الاستثمار باتخاذه هذا المكان موطناً له بالإضافة إلى موطنه الآخر في مدينة المحلة، وإذ وجهت صحيفة الدعوى إلى ذلك الموطن فرفض تابعه الاستلام فتم تسليم صورتها إلى جهة الإدارة بما يصح معه الإعلان، ولما كان ما أورده الحكم سائغاً وكافياً لحمل قضائه فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
- 3  بطلان "بطلان الأحكام: ما لا يؤدي إلى بطلان الحكم". قضاة "عدم الصلاحية لنظر الدعوى: ما لا يعد سبباً لعدم الصلاحية".
المحكمة التي تفصل في الادعاء بالتزوير. لها نظر موضوع الدعوى. عدم اعتبار ذلك مانعاً من الفصل في الموضوع. النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان لاشتراك رئيس الدائرة التي قضت برفض الادعاء بالتزوير في الفصل في موضوع الدعوى. لا أساس له.
مؤدى النص في المادة 44 من قانون الإثبات أن المحكمة التي تفصل في الادعاء بالتزوير تنظر موضوع الدعوى ولا يعد ذلك مانعاً لها من الفصل في الموضوع، ومن ثم فإن النعي على الحكم بهذا السبب (النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان لاشتراك السيد المستشار رئيس الدائرة التي قضت برفض الادعاء بالتزوير في الفصل في موضوع الدعوى) يكون على غير أساس.
- 4  حكم "عيوب التدليل: القصور في التسبيب".
إغفال الحكم بحث دفاع جوهري للخصم. قصور في أسبابه الواقعية. مقتضاه. بطلانه. مؤداه. التزام المحكمة بتقدير مدى جدية الدفاع المطروح عليها وفحصه إن كان منتجاً لتقف على أثره في قضائها. إغفالها ذلك. قصور.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن إغفال بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة، إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضى بطلانه، ومؤدى ذلك أنه إذا اطرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على إثره في قضائها، فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصراً.
- 5 حكم "عيوب التدليل: القصور في التسبيب".
تمسك الطاعن أمام محكمة الاستئناف بدفاع حاصله عدم ملكية الهيئة المطعون ضدها للمشروع ولم تمكنه من الانتفاع بها بعدم توصيل المرافق إليها. دفاع جوهري. عدم مواجهة الحكم المطعون فيه له بما يقتضيه من بحث وتمحيص مكتفياً بالقول بأن الطاعن عاين الأرض وتسلمها رغم عدم صلاحية ذلك رداً عليه. قصور مبطل.
لما كان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الاستئناف بدفاع حاصله أن المطعون ضدها ليست هي الجهة المالكة للمشروع ولا هي مكنته من الانتفاع بها، وكذلك فإن عين النزاع لم تصل إليها المرافق حتى يتمكن من الانتفاع بها وهو دفاع جوهري لم يواجهه الحكم المطعون فيه مما يقتضيه من البحث والتمحيص مكتفياً بالقول أن الطاعن عاين الأرض وتسلمها وهو ما لا يصلح رداً عليه ويكون الحكم قد شابه القصور المبطل.
-----------
الوقائع
وحيث إن واقعات الطعن تخلص – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – في أن الهيئة المطعون ضدها أقامت الدعوى ...... لسنة 2000 مدني رأس البر الابتدائية انتهت فيها إلى طلب الحكم بإلزام الطاعن بأداء مبلغ 7887.40 دولاراً أمريكياً – أو ما يعادلها بالجنيه المصري – وما يستجد والفوائد القانونية وذلك كمقابل انتفاع لمساحة الأرض المخصصة لإقامة مشروع بالمنطقة الحرة العامة بدمياط والمسلمة إليه بموجب محضر تسليم مؤرخ 26/10/1997 والذي تقاعس الطاعن عن سداده حتى 26/7/ 2000. ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره حكمت بإلزام الطاعن بأداء مبلغ 7886 دولار أمريکي - أو ما يعادلها - استأنفت المطعون ضدها هذا الحکم بالاستئناف ...... لسنة 33ق المنصورة "مأمورية دمياط" للمطالبة بفوائد التأخير واستأنفه الطاعن بالاستئناف ...... لسنة 34ق أمام ذات المحكمة، وبعد أن ضمت المحکمة الاستئنافين قضت بتاريخ 10/3/2004 بإلزام الطاعن بفوائد مقدارها 7% عن المبلغ المقضي به ابتدائياً وبرفض استئناف الطاعن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم جزئياً، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ اعتد بإعلانه على مدينة دمياط الجديدة - المنطقة الصناعية القطعة رقم 72/5 حال أن تلك القطعة المعلن عليها هي أرض فضاء وقدم شهادة من مكتب البريد تفيد عدم وصول ثمة إعلانات إليه، إلا أن الحكم التفت عن ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن تحقيق واقعة حصول إعلان الخصوم في الدعوى – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – من المسائل الموضوعية التي لا تخضع لرقابة محكمة النقض ما دام أن لهذا التحقيق سنداً من أوراق الدعوى، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن إعلانات الطاعن بصحيفة الدعوى والموجهة إلى موطنه بمدينة دمياط الجديدة قد تمت لأن الطاعن نفسه أخطر هيئة الاستثمار باتخاذه هذا المكان موطناً له بالإضافة إلى موطنه الآخر في مدينة المحلة، وإذ وجهت صحيفة الدعوى إلى ذلك الموطن فرفض تابعه الاستلام فتم تسليم صورتها إلى جهة الإدارة بما يصلح معه الإعلان، ولما كان ما أورده الحكم سائغاً وكافياً لحمل قضائه فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس. وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه بالبطلان لاشتراك السيد المستشار رئيس الدائرة التي قضت برفض الادعاء بالتزوير الفصل في موضوع الدعوى بما يعيبه ويوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المادة 44 من قانون الإثبات تنص على أنه "إذا قضت المحكمة بصحة المحرر أو برده أو قضت بسقوط الحق في إثبات صحته أخذت في نظر موضوع الدعوى في الحال أو حددت لنظره أقرب جلسة .......... المحكمة التي تفصل في الإدعاء بالتزوير تنظر موضوع الدعوى ولا يعد ذلك ........ الفصل في الموضوع، ومن ثم فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، إذ قضى بإلزامه بالمبلغ المقضي به على قالة أنه مقابل انتفاع للأرض التي خصصتها المطعون ضدها له حال أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف أنها ليست المالكة لعين النزاع ولا هي مكنته من الانتفاع ولا نفذت التزامها بتوصيل المرافق إليها مما أعجزه عن الانتفاع بها، إلا أن الحكم أغفل بحث هذا الدفاع مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأن – المقرر في قضاء هذه المحكمة – أن إغفال بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة، إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه، ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على إثره في قضائها، فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصراً. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الاستئناف بدفاع حاصله أن المطعون ضدها ليست هي الجهة المالكة للمشروع ولا هي مكنته من الانتفاع بها، وكذلك فإن عين النزاع لم تصل إليها المرافق حتى يتمكن من الانتفاع بها وهو دفاع جوهري لم يواجهه الحكم المطعون فيه مما يقتضيه من البحث والتمحيص مكتفياً بالقول أن الطاعن عاين الأرض وتسلمها وهو ما لا يصلح رداً عليه ويكون الحكم قد شابه القصور المبطل مما يوجب نقضه.

الطعن 6441 لسنة 65 ق جلسة 10 / 3 / 2007 مكتب فني 58 ق 43 ص 249

برئاسة السيد القاضي/ محمد ممتاز متولي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة القضاة/ حسين نعمان، محمد رشاد أمين، حسن محمد التهامي نواب رئيس المحكمة وطارق سيد عبد الباقي.
--------------
- 1  استئناف "شكل الاستئناف: جواز الاستئناف: الأحكام غير الجائز استئنافها استقلالا". حكم "الطعن في الحكم" "الأحكام الجائز الطعن فيها استقلالا".
الأحكام التي تصدر أثناء الخصومة. عدم جواز الطعن فيها استقلالاً. الاستثناء الحالات التي أوردها المشرع على سبيل الحصر. م 212 مرافعات. المقصود بالخصومة. هي الخصومة المرددة بين طرفي التداعي. الحكم الذي يجوز الطعن فيه. ماهيته.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص المادة 212 من قانون المرافعات أن المشرع وضع قاعدة عامة مقتضاها عدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام التي تصدر أثناء نظر الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة, فلا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن على الحكم الصادر في الموضوع سواء كانت تلك الأحكام موضوعية أو فرعية أو متعلقة بالإثبات حتى ولو كانت منهية لجزء من الخصومة, ورائد المشرع في ذلك هو الرغبة في منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم, مما قد يؤدي إلى تعويق الفصل في موضوع الدعوى وما يترتب على ذلك من زيادة نفقات التقاضي, وأن الخصومة التي ينظر إلى انتهائها إعمالا للمادة آنفة البيان هي الخصومة الأصلية المرددة بين طرفي التداعي, وأن الحكم الذي يجوز الطعن فيه تبعا لذلك هو الحكم الذي تنتهي به الخصومة الأصلية برمتها وليس الحكم الذي يصدر في شق منها أو مسألة عارضة عليها أو متصلة بالإثبات فيها, ولا يعتد في هذا الصدد بالخصومة حسب نطاقها الذي رفعت به أمام محكمة الاستئناف.
- 2 استئناف "شكل الاستئناف: جواز الاستئناف: الأحكام غير الجائز استئنافها استقلالا". حكم "الطعن في الحكم" "الأحكام الجائز الطعن فيها استقلالا".
رفع الدعوى بطلبين مختلفين. ثبوت أنهما وجهان لنزاع واحد أو اتحادهما في الأساس. أثره. الحكم في أحدهما قبل الفصل في الآخر. قضاء غير منه للخصومة. عدم جواز الطعن فيه قبل الفصل في الطلب الآخر. الاستثناء. م 212 مرافعات.
من المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن رفع الدعوى ابتداءً بطلبين مختلفين شأنه في ذلك شأن ضم دعويين لنظرهما معاً لا يؤدي أصلاً إلى دمج أحدهما في الآخر أو يفقد كل منهما استقلاله ولو اتحد الخصوم فيهما، إلا أنه إذا كان كل من الطلبين مجرد وجه من وجهي نزاع واحد أو كان الفصل في أحدهما يتضمن فصلاً في الطلب الآخر، ففي هذه الأحوال ينشأ من اقترانهما قيام خصومة واحدة تشملهما معاً ويعتبر الحكم في أحدهما قبل الآخر صادراً أثناء نظر الخصومة غير مُنه لها كلها، فلا يجوز الطعن فيه قبل الفصل في الطلب الآخر إلا في الأحوال الاستثنائية المُبينة على سبيل الحصر في المادة 212 مرافعات.
- 3  استئناف "شكل الاستئناف: جواز الاستئناف: الأحكام غير الجائز استئنافها استقلالا". حكم "الطعن في الحكم" "الأحكام الجائز الطعن فيها استقلالا".
قضاء محكمة أول درجة بصورية عقد بيع شقة النزاع وصحة ونفاذ عقد إيجارها وبإلغاء أمر الحجز التحفظي على منقولاتها مع إحالة طلب الطاعنة برد المبلغ التي دفعته للطاعن خارج نطاق عقد الإيجار للتحقيق. اقتران الطلبات جميعها في خصومة واحدة تشملها معاً وانتفاء استقلال كل شق فيها عن الآخر. استئناف الطاعن هذا الحكم في شقه غير المتعلق بطلب رد المبلغ المحال للتحقيق. قضاء غير منهي للخصومة برمتها - قبول المحكمة الاستئنافية الاستئناف المقام من الطاعن وقضاؤها بتأييده. خطأ. علة ذلك. م 212 مرافعات. لازمه. وجوب نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم جواز الاستئناف. صدور حكم محكمة أول درجة في الشق المتبقي من الخصومة وصيرورته باتاً بفوات مواعيد الطعن عليه. أثره. رفض الطعن بالنقض المقام عن الشق الأول.
إذ كان البين من الأوراق أن الخصومة موضوع الدعاوى الثلاثة المبتدأة تدور حول طلب المطعون ضدها الحكم بصحة ونفاذ عقد الإيجار المؤرخ 5/6/1987 عن شقة النزاع، ورد المبلغ الذي دفعته للطاعن باعتباره خارج نطاق عقد الإيجار والبالغ مقداره 9000 جنيه، وبصورية عقد بيعه الشقة لها المؤرخ 3/9/1987، وبإلغاء أمر الحجز التحفظي على منقولاتها والذي استصدره الطاعن وفاءً لباقي ثمن الشقة بزعم أن المبلغ آنف البيان هو مقدم ثمنها، وطلب الطاعن الحكم بتثبيت الحجز، وإذ كان الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 29/4/1992 قد صدر منهياً لوجه الخصومة المتعلقة بصورية عقد البيع وصحة ونفاذ عقد الإيجار وما يترتب على ذلك بالنسبة لأمر الحجز التحفظي، إلا أنه وقد أحال طلب الطاعنة رد المبلغ المشار إليه للتحقيق، فإنه يكون قد فصل في شق من الطلبات ولا يكون منهياً للخصومة برمتها، وقد اقترنت الطلبات جميعها في خصومة واحدة شملتها معاً وبما ينتفي معه القول باستقلال كل شق منها عن الآخر، وكانت محكمة الاستئناف قد قبلت رغم ذلك الطعن بالاستئناف المقام من الطاعن على الحكم الابتدائي آنف البيان - في شقه الذي فصل فيه غير المتعلق بطلب رد المبلغ المشار إليه والمحال إلى التحقيق - وقضت في الموضوع بتأييد الحكم المستأنف رغم أنه لا يعتبر من أحكام الإلزام القابلة للتنفيذ الجبري ولا يندرج ضمن الحالات الاستثنائية الأخرى المبينة بالمادة 212 من قانون المرافعات، ومن ثم لا يقبل الطعن فيه بالاستئناف إلا بعد حسم الخصومة كلها، وهو ما كان يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم جواز الاستئناف لمخالفته لقاعدة إجرائية متعلقة بالنظام العام كانت عناصرها مطروحة على محكمة الاستئناف، بيد أنه لما كان البين من الأوراق صدور حكم من محكمة أول درجة في الدعوى رقم ...... لسنة 1990 مدني كلي الإسكندرية بتاريخ 22/2/1993 في الجزء الذي كان متبقياً من الخصومة المرددة بين أطرافها - والذي حسم الخصومة كلها - قضى بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضدها مبلغ 7080 جنيه المدفوع خارج نطاق عقد الإيجار وبعدم قبول الدعوى الفرعية التي وجهها الطاعن إلى المطعون ضدها، وكان الثابت من الشهادة الصادرة من محكمة استئناف الإسكندرية بتاريخ 12/11/1994 والمسدد عنها الرسوم بتاريخ 8/11/1994 أن الحكم المشار إليه لم يطعن عليه بالاستئناف من تاريخ صدوره حتى 7/11/1994 بما يفيد صيرورته باتاً بفوات مواعيد الطعن عليه، ومن ثم فإن الطعن برمته يكون - والحال كذلك - لا جدوى منه إذ لم يتبق شيء يمكن عرضه من بعد على محكمة الاستئناف، ويتعين معه رفض الطعن.
--------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الطاعن الدعوى رقم .... لسنة 1990 مدني كلي الإسكندرية للحكم بإلغاء أمر الحجز التحفظي رقم .... لسنة 1990 مدني كلي الإسكندرية واعتباره كأن لم يكن، وقالت بياناً لذلك إن الطاعن استصدر ذلك الأمر بالحجز التحفظي على منقولات الشقة المبينة بالصحيفة وفاءً لمبلغ 21000 جنيه بزعم أنه باقي ثمن بيع الشقة لها بمبلغ 30000 جنيه، وإذ كان البيع صورياً قصد به التحايل على أحكام القانون لأنه قام بتأجير الشقة لها وتقاضى منها مبلغ 9000 جنيه خارج نطاق عقد الإيجار، وحتى لا يقع تحت طائلة العقاب لجأ إلى تحرير عقدين لها أحدهما بالإيجار والآخر بالبيع، وهو ما دأب على إتباعه بالنسبة لباقي وحدات العقار المملوك له، ومن ثم أقامت الدعوى، كما أقامت عليه أيضاً الدعوى رقم .... لسنة 1990 مدني كلي الإسكندرية للحكم بصحة ونفاذ عقد الإيجار المؤرخ 5/6/1987 المتضمن استئجارها تلك الشقة منه وبصورية عقد البيع المؤرخ 3/9/1987 المتضمن بيعه إياها لها، وبإلزامه برد مبلغ الـ 9000 جنيه التي تحصل خارج نطاق عقد الإيجار، وأقام الطاعن عليها الدعوى رقم ..... لسنة 1991 مدني کلي الإسكندرية للحكم بتثبيت الحجز التحفظي آنف البيان. ضمت المحكمة الدعاوى الثلاثة، وحكمت بتاريخ 29/4/1992 بإلغاء أمر الحجز واعتباره كأن لم يكن ويرفض طلب تثبيت الحجز، وبصورية عقد البيع صورية مطلقة، وبصحة ونفاذ عقد الإيجار، وأحالت طلب استرداد مبلغ الـ 9000 جنيه إلى التحقيق. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم .... لسنة 48 ق، وبتاريخ 27/3/1995 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم جواز الطعن إعمالاً لنص المادة 212 من قانون المرافعات واحتياطياً برفضه. عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن أستوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة 212 من قانون المرافعات أن المشرع وضع قاعدة عامة مقتضاها عدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام التي تصدر أثناء نظر الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة، فلا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن على الحكم الصادر في الموضوع سواء كانت تلك الأحكام موضوعية أو فرعية أو متعلقة بالإثبات حتى ولو كانت منهية لجزء من الخصومة، ورائد المشرع في ذلك هو الرغبة في منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم، مما قد يؤدي إلى تعويق الفصل في موضوع الدعوى وما يترتب على ذلك من زيادة نفقات التقاضي، وأن الخصومة التي ينظر إلى انتهائها إعمالاً للمادة آنفة البيان هي الخصومة الأصلية المرددة بين طرفي التداعي، وأن الحكم الذي يجوز الطعن فيه تبعاً لذلك هو الحكم الذي تنتهي به الخصومة الأصلية برمتها وليس الحكم الذي يصدر في شق منها أو مسألة عارضة عليها أو متصلة بالإثبات فيها، ولا يعتد في هذا الصدد بالخصومة حسب نطاقها الذي رُفعت به أمام محكمة الاستئناف، ومن المقرر أيضاً - في قضاء هذه المحكمة - أن رفع الدعوى ابتداءً بطلبين مختلفين شأنه في ذلك شأن ضم دعويين لنظرهما معاً لا يؤدي أصلاً إلى دمج أحدهما في الآخر أو يفقد كل منهما استقلاله ولو اتحد الخصوم فيهما، إلا أنه إذا كان كل من الطلبين مجرد وجه من وجهي نزاع واحد أو كان الفصل في أحدهما يتضمن فصلاً في الطلب الآخر، ففي هذه الأحوال ينشأ من اقترانهما قيام خصومة واحدة تشملهما معاً ويعتبر الحكم في أحدهما قبل الآخر صادراً أثناء نظر الخصومة غير مُنه لها كلها، فلا يجوز الطعن فيه قبل الفصل في الطلب الأخر، إلا في الأحوال الاستثنائية المبينة على سبيل الحصر في المادة 212 سالفة البيان. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الخصومة موضوع الدعاوى الثلاثة المبتدأة تدور حول طلب المطعون ضدها الحكم بصحة ونفاذ عقد الإيجار المؤرخ 5/6/1987 عن شقة النزاع، ورد المبلغ الذي دفعته للطاعن باعتباره خارج نطاق عقد الإيجار والبالغ مقداره 9000 جنيه، وبصورية عقد بيعه الشقة لها المؤرخ 3/9/1987، وبإلغاء أمر الحجز التحفظي على منقولاتها والذي استصدره الطاعن وفاءً لباقي ثمن الشقة بزعم أن المبلغ آنف البيان هو مقدم ثمنها، وطلب الطاعن الحكم بتثبيت الحجز، وإذ كان الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 29/4/1992 قد صدر منهياً لوجه الخصومة المتعلقة بصورية عقد البيع وصحة ونفاذ عقد الإيجار وما يترتب على ذلك بالنسبة لأمر الحجز التحفظي، إلا أنه وقد أحال طلب الطاعنة رد المبلغ المشار إليه للتحقيق، فإنه يكون قد فصل في شق من الطلبات ولا يكون منهياً للخصومة برمتها، وقد اقترنت الطلبات جميعها في خصومة واحدة شملتها معاً وبما ينتفي معه القول باستقلال كل شق منها عن الآخر، وكانت محكمة الاستئناف قد قبلت رغم ذلك الطعن بالاستئناف المقام من الطاعن على الحكم الابتدائي آنف البيان - في شقه الذي فصل فيه غير المتعلق بطلب رد المبلغ المشار إليه والمحال إلى التحقيق - وقضت في الموضوع بتأييد الحكم المستأنف، رغم أنه لا يعتبر من أحكام الإلزام القابلة للتنفيذ الجبري ولا يندرج ضمن الحالات الاستثنائية الأخرى المبينة بالمادة 212 من قانون المرافعات، ومن ثم لا يقبل الطعن فيه بالاستئناف إلا بعد حسم الخصومة كلها، وهو ما كان يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم جواز الاستئناف لمخالفته لقاعدة إجرائية متعلقة بالنظام العام كانت عناصرها مطروحة على محكمة الاستئناف، بيد أنه لما كان البين من الأوراق صدور حكم من محكمة أول درجة في الدعوى رقم .... لسنة 1990 مدني كلي الإسكندرية بتاريخ 22/2/1993 في الجزء الذي کان متبقياً من الخصومة المرددة بين أطرافها - والذي حسم الخصومة كلها - قضى بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضدها مبلغ 7080 جنيهاً المدفوع خارج نطاق عقد الإيجار وبعدم قبول الدعوى الفرعية التي وجهها الطاعن إلى المطعون ضدها، وكان الثابت من الشهادة الصادرة من محكمة استئناف الإسكندرية بتاريخ 12/11/1994 والمسدد عنها الرسوم بتاريخ 8/11/1994 أن الحكم المشار إليه لم يطعن عليه بالاستئناف من تاريخ صدوره حتى 7/11/1994 بما يفيد صيرورته باتاً بفوات مواعيد الطعن عليه، ومن ثم فإن الطعن برمته يكون - والحال كذلك - لا جدوى منه إذ لم يتبق شيء يمكن عرضه من بعد على محكمة الاستئناف، ويتعين معه رفض الطعن.

الثلاثاء، 24 يناير 2017

الطعن 7955 لسنة 75 ق جلسة 27 / 3 / 2007 مكتب فني 58 ق 53 ص 305

برئاسة السيد القاضي الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ علي محمد علي، حسين السيد متولي، صلاح الدين كامل نواب رئيس المحكمة وعبد الرحمن مطاوع أحمد.
---------------
- 1  ضرائب "الضريبة العامة على المبيعات: تسوية المنازعات الناشئة عن تطبيق الضريبة على المبيعات: لجان التوفيق".
لجان التوفيق المنشأة بق 7 لسنة 2000. ماهيتها. وسيلة للتسوية الودية للمنازعات التي تكون الوزارات والهيئات الاعتبارية العامة طرفاً فيها. شرطه وعلته. عدم عرض هذه المنازعات عليها. لازمه. القضاء بعدم قبول الدعوى. المواد 1، 4، 11 من القانون سالف البيان. مؤدى أحكامه. خروج تظلمات المسجلين من قرارات مصلحة الضرائب على المبيعات ومنازعتهم من دائرة تطبيقها. علة ذلك. المادتان 17، 35 ق 11 لسنة 1991. القضاء بعدم دستوريتهما. أثره. اختصاص لجان التوفيق منذ تاريخ صدوره بهذه الدعاوى إلى أن انحسر عنها بصدور ق 9 لسنة 2005. علة ذلك.
مفاد نصوص المواد الأولى والرابعة والحادية عشر من القانون رقم 7 لسنة 2000 – بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرف فيها – أن المشرع ارتأى اتخاذ التوفيق وسيلة للتسوية الودية للمنازعات التي تكون الوزارات والهيئات الاعتبارية العامة طرفاً فيها سواء كانت مدينة أو تجارية أو إدارية إلا ما استثنى بنص خاص أو كانت القوانين المنظمة للبعض منها توجب فضها أو تسويتها عن طريق لجان قضائية أو إدارية أو هيئات تحكيم باعتبار أن أي منها تحقق الغاية المبتغاة من إنشاء لجان التوفيق سالفة البيان ورتب القانون على عدم عرض تلك المنازعات عليها وجوب القضاء بعدم قبول الدعاوى المقامة بشأنها، وتطبيقاً لذلك استبعدت تظلمات المسجلين من قرارات مصلحة الضرائب ومنازعاتهم بشأن قيمة السلعة أو الخدمة أو نوعها أو كميتها أو مقدار الضريبة من أحكامه وفقاً لما قررته المادتان 17، 35 من قانون الضرائب على المبيعات رقم 11 لسنة 1991 من اتخاذ التحكيم وسيلة لتسوية هذه المنازعات، وذلك إلى أن قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية هاتين المادتين بحكمها الصادر في الدعوى الدستورية 65 لسنة 18 ق (دستورية) الصادر بتاريخ 6 من يناير سنة 2001 المنشور بالجريدة الرسمية العدد (3) بتاريخ 18 من يناير سنة 2001، بما مؤداه أنه من هذا التاريخ وقد قضت باستبعاد التحكيم كوسيلة لفض المنازعات المتعلقة بضريبة المبيعات أن أصبحت لجان التوفيق المنشأة وفقاً لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 سالفة البيان هي المختصة دون غيرها بإجراءات التوفيق بالنسبة لها قبل الالتجاء إلى المحاكم وذلك إلى أن صدر القانون رقم 9 لسنة 2005 المعدل للقانون رقم 11 لسنة 1991 بإسناد هذه المهمة إلى لجان التوفيق الوارد ذكرهما في المادتين 17، 35 المعدلتين فيه.
- 2 ضرائب "الضريبة العامة على المبيعات: تسوية المنازعات الناشئة عن تطبيق الضريبة على المبيعات: لجان التوفيق".
إقامة الطاعن دعواه بعد صدور الحكم بعدم دستورية المادتين 17، 35 من ق 11 لسنة 1991 وقبل تعديله بق 9 لسنة 2005. قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبولها لرفعها قبل الالتجاء إلى لجان التوفيق المنشأة بق 7 لسنة 2000. صحيح.
إذ كان الثابت من الأوراق أن صحيفة الدعوى المبتدأة قد أقيمت مباشرة قلم كتاب محكمة دمياط الابتدائية بعد صدور الحكم بعدم الدستورية آنف البيان وقبل تعديل قانون ضريبة المبيعات بالقانون 9 لسنة 2005 بإنشاء لجان توفيق لفض المنازعات الخاضعة له فإن قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الالتجاء إلى لجان التوفيق الصادر بشأنها القانون رقم 7 لسنة 2000 يكون قد صادف صحيح القانون.
- 3  نقض "الحكم في الطعن: سلطة محكمة النقض".
انتهاء الحكم إلى نتيجة صحيحة مع قصور في أسبابه القانونية. لمحكمة النقض استكمالها دون نقضه.
لا يعيب الحكم المطعون فيه قصوره في أسبابه القانونية إذ لمحكمة النقض أن تستكمل هذه الأسباب دون أن تنقضه مما يضحى معه النعي بهذا السبب على غير أساس.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم ...... لسنة 2002 مدني دمياط الابتدائية على المطعون ضدهم بصفتهم بطلب الحكم بإلغاء تسجيل منشأته لدى مصلحة الضرائب على المبيعات وفقاً لأحكام المادة 24 من قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم 11 لسنة 1999 مع إلزام الأخيرة برد جميع المبالغ السابق تحصيلها وببراءة ذمته من مبلغ 19188.050 جنيهاً ومن أي ضريبة إضافية على سند أنه مسجل لدى مصلحة الضرائب على المبيعات تسجيلاً اختياراً عن نشاطه في صناعة "الحلويات" على الرغم من أن مبيعاته تقل عن حد التسجيل الوجوبي ولم يتجاوزها دفع المطعون ضدهم بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون
ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 25 من أكتوبر سنة 2003 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصور "مأمورية دمياط" بالاستئناف رقم ...... لسنة 35 ق، وبتاريخ 23 من مارس سنة 2005 قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعي به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ قضى بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن مصلحة الضرائب شخص اعتباري عام وأن المنازعة بشأن الضرائب على المبيعات من المنازعات الخاضعة للقانون رقم 7 لسنة 2005 الخاص بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات في حين أن المشرع أفرد لهذه المنازعة نظاماً خاصاً بالقانون رقم 11 لسنة 1991 في المادة 17 منه وذلك بالتظلم إلى رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات ثم طلب الإحالة إلى التحكيم ولا ينال من ذلك القضاء بعدم دستورية هذه المادة باعتبار أن قانون الضريبة على المبيعات كان سابقاً على قانون لجان التوفيق سالف الذكر مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 - بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرف فيها - على أن "تنشأ في كل وزارة أو محافظة ...... لجنة أو أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة" وفي المادة الرابعة منه على أن "عدا المنازعات التي تكون وزارة الدفاع والإنتاج الحربي ...... وكذلك المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية العقارية وتلك التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة أو توجب فضها أو تسويتها نظر التظلمات المتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية أو يتفق على فضها عن طريق هيئات التحكيم تتولى اللجان المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القانون التوفيق بين أطراف المنازعات التي تخضع بها القضاء المستعجل ...... لا تقبل الدعوى أو ترفع ابتداءً إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول ....." مفاده أن المشرع ارتأى اتخاذ التوفيق وسيلة للتسوية الودية للمنازعات، التي تكون الوزارات والهيئات الاعتبارية العامة طرفاً فيها سواء كانت مدنية أو تجارية أو إدارية إلا ما استثنى بنص خاص أو كانت القوانين المنظمة للبعض منها توجب فضها أو تسويتها عن طريق لجان قضائية أو إدارية أو هيئات تحكيم باعتبار أن أي منها تحقق الغاية المبتغاة من إنشاء لجان التوفيق سالفة الذكر ورتب القانون على عدم عرض تلك المنازعات عليها وجوب قضاء المحاكم بعدم قبول الدعاوى المقامة بشأنها، وتطبيقاً لذلك استبعدت تظلمات المسجلين من قرارات مصلحة الضرائب ومنازعاتهم بشأن قيمة السلعة أو الخدمة أو نوعها أو كميتها أو مقدار الضريبة من أحكامه وفقاً لما قررته المادتان 17، 35 من قانون الضرائب على المبيعات رقم 11 لسنة 1991 من اتخاذ التحكيم وسيلة لتسوية هذه المنازعات، وذلك إلى أن قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية هاتين المادتين بحكمها الصادر في الدعوى الدستورية 65 لسنة 18ق الصادر بتاريخ 6 من يناير سنة 2001 والمنشور بالجريدة الرسمية العدد 3 بتاريخ 18 من يناير سنة 2001 بما مؤداه أنه منذ هذا التاريخ وقد قضى باستبعاد التحكيم كوسيلة لفض المنازعات المتعلقة بالضريبة العامة على المبيعات أصبحت لجان التوفيق المنشأة وفقاً لأحكام القانون 7 لسنة 2000 سالفة الذكر هي المختصة دون غيرها بإجراءات التوفيق بالنسبة لها قبل الالتجاء إلى المحاكم وذلك إلى أن صدر القانون رقم 9 لسنة 2005 المعدل للقانون 11 لسنة 1991 بإسناد هذه المهمة إلى لجان التوفيق الوارد ذكرهما في المادتين 17، 35 المعدلتين فيه. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن صحيفة الدعوى المبتدأة قد أقيمت مباشرة أمام محكمة دمياط الابتدائية بعد صدور حكم عدم الدستورية آنف الذكر وقبل تعديل قانون ضريبة المبيعات بالقانون 9 لسنة 2005 باتخاذ لجان توفيق لفض المنازعات الخاضعة له فإن قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الالتجاء إلى لجان التوفيق الصادر بشأنها القانون رقم 7 لسنة 2000 يكون قد صادف صحيح القانون ولا يعيبه قصور في أسبابه القانونية إذ لمحكمة النقض أن تستكمل هذه الأسباب دون أن تنقضه مما يضحى معه النعي بهذا السبب على غير أساس
ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.

الطعن 5414 لسنة 65 ق جلسة 27 / 3 / 2007 مكتب فني 58 ق 52 ص 300

برئاسة السيد القاضي/ السيد خلف محمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ حسن يحيى فرغل، عبد المنعم محمود عوض، نائبي رئيس المحكمة طلبه مهنى محمد والسيد عبد الحكيم الطنطاوي.
-------------
- 1  حيازة "دعاوى الحيازة: دعوى استرداد الحيازة".
دعوى استرداد الحيازة. قيامها على رد الاعتداء غير المشروع. الغرض منها. حماية الحائز من أعمال الغصب. قبولها. لازمه. أن يكون لرافعها حيازة مادية حالية هادئة وظاهرة متصلة بالعقار اتصالاً فعلياً يجعله تحت تصرفه المباشر وقيام ذلك الاتصال حال وقوع الغصب.
إن دعوى استرداد الحيازة تقوم قانوناً على رد الاعتداء غير المشروع، فهي قد شرعت لحماية الحائز من أعمال الغصب، ومن ثم فإن قبولها رهن بأن يكون لرافعها حيازة مادية حالية بحيث تكون يد الحائز متصلة بالعقار اتصالاً فعلياً يجعل العقار تحت تصرفه المباشر، وأن يكون هذا الاتصال قائماً حال وقوع الغصب وبحيث تكون هذه الحيازة هادئة وظاهرة.
- 2  حيازة "أنواع الحيازة: ترخيص المالك للغير بالانتفاع".
ترخيص المالك للغير بالانتفاع بمكان. انتفاء علاقته بحيازته أو وضع اليد عليه. مؤداه. عدم اعتباره دليلاً على الحيازة.
إن الترخيص الصادر من المالك إلى الغير بالانتفاع بمكان ما لا علاقة له البتة بمسألة حيازته أو وضع اليد عليه ولا يعد دليلاً على الحيازة.
- 3  حيازة "من شروطها".
الحيازة. الأصل فيها. استقلال صاحب اليد بها ظاهراً فيها بصفته صاحب الحق.
إن الأصل في الحيازة أنها لصاحب اليد يستقل بها، ظاهرا فيها بصفته صاحب الحق.
- 4  محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى".
تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها. استقلال محكمة الموضوع به دون رقابة عليها في تكوين عقيدتها. شرطه. أن يكون استخلاصها سائغاً لا خروج فيه على مدلول تلك الشهادة ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه وإن كان تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها مرهوناً بما يطمئن إليه وجدان محكمة الموضوع ولا سلطان عليها في تكوين عقيدتها مما يدلي به شهود أحد الطرفين، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاصها سائغاً ولا خروج فيه على مدلول تلك الشهادة ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق.
- 5  محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى".
قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى الطاعن برد حيازته لكابينة النزاع تأسيساً على أن أوراق ومستندات الدعوى وترخيصها للمطعون ضده وتوافق أقوال شهوده تقطع بحيازة الأخير لها فضلاً عن توافق أقوال شهوده على رؤيتهم له بها لمدة أربع أو خمس سنوات سابقة على رفعها رغم خلو تلك الأقوال من عبارة سابقة وإيراده إجمالاً في أسبابه أوراق ومستندات الدعوى دون بيان مؤداها وعدم اعتبار الترخيص في ذاته دليلاً على الحيازة. مخالفة وقصور.
إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه (قضاءه برفض دعوى الطاعن بطلب رد حيازة الكابينة حيازته) تأسيسا على أن الثابت من أوراق ومستندات الدعوى وترخيص الكابينة محل النزاع المقدمة من المطعون ضده تقطع بأن الكابينة محل النزاع في حيازته يضاف إلى ذلك أقوال شهوده التي توافقت على أنهم منذ أربع أو خمس سنوات سابقة على رفع الدعوى يشاهدونه بالكابينة محل النزاع باعتبارها المصدر الذي استقى منه واقعة حيازة المطعون ضده للكابينة محل النزاع، وكان الثابت من مطالعة أقوال شهود المطعون ضده الذين استمعت إليهم محكمة أول درجة أنها خلت من عبارة "سابقة على رفع الدعوى" في خصوص مشاهدتهم للمطعون ضده يتردد على العين محل النزاع لمدة أربع أو خمس سنوات، بما يعيب الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق، وإذ كان الترخيص الصادر من محافظة الإسكندرية للمطعون ضده بالانتفاع بالكابينة محل النزاع لا يعد دليلا على حيازته لها، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في أسبابه على الإشارة إجمالا إلى أوراق الدعوى والمستندات المقدمة فيها دون بيان مؤدى هذه الأوراق والمستندات بما يتعذر معه تعيين الدليل الذي كونت منه المحكمة اقتناعها بوجه نظرها حتى يمكن التحقق من أنه من الأدلة التي يصح قانونا بناء الحكم عليها، الأمر الذي يعيبه أيضا بالقصور في التسبيب.
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم ...... لسنة 1993 مدني الإسکندرية الابتدائية على المطعون ضده بطلب الحكم برد حيازة الكابينة رقم .... بشاطئ اسبورتنج له، وقال بياناً لها إن والده قد تحصل على تلك الكابينة سنة 1961 وحازها وأسرته حيازة هادئة وسدد مقابل الانتفاع بها إلى محافظة الإسكندرية، وبعد وفاته خلفه الطاعن وباقي أسرته في الانتفاع بها، إلا أن عمه المطعون ضده اغتصبها في شهر سبتمبر عام 1991 باعتبار أن الترخيص صادر باسمه في حين أنها خاصة بوالده الذي دونها باسم المطعون ضده – شقيقه – لظروف عمل والده موظفاً عاماً بمحافظة الإسكندرية، ومن ثم فقد أقام الدعوى، وبعد أن أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وسمعت أقوال شهود الطرفين حكمت بإجابة الطاعن إلى طلبه. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف، رقم ...... لسنة 50 ق لدى محكمة استئناف الإسكندرية والتي قضت بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إنه لما كان ترخيص الكابينة ليس مخصصاً أصلاً لإثبات الحيازة، لأن الحيازة واقعة مادية، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه تأسيساً على أن ترخيص الكابينة والمستندات المقدمة من المطعون ضده تقطع بأن الكابينة في حيازته، وأن أقوال شاهدي الأخير توافقت على أنه منذ أربع أو خمس سنوات سابقة على رفع الدعوى يشاهدان المطعون ضده بالكابينة في حين أن عبارة "سابقة على رفع الدعوى" لا وجود لها في أقوال شاهدي المطعون ضده، وتجريد أسباب الحكم منها يحتم القضاء بعكس ما حكم به لأن المدة المذكورة ستحسب من تاريخ الإدلاء بالشهادة رجوعاً إلى الوراء حتى تاريخ بدء النزاع الثابت بالمحضر الإداري رقم ...... لسنة 1991 وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت دعوى استرداد الحيازة تقوم قانوناً على رد الاعتداء غير المشروع، فهي قد شرعت لحماية الحائز من أعمال الغصب، ومن ثم فإن قبولها رهن بأن يكون لرافعها حيازة مادية حالية بحيث تكون يد الحائز متصلة بالعقار اتصالا فعلياً يجعل العقار تحت تصرفه المباشر، وأن يكون هذا الاتصال قائماً حال وقوع الغصب وبحيث تكون هذه الحيازة هادئة وظاهرة، وأن الترخيص الصادر من المالك إلى الغير بالانتفاع بمكان ما لا علاقة له البتة بمسألة حيازته أو وضع اليد عليه ولا يعد دليلاً على الحيازة، وأن الأصل في الحيازة أنها لصاحب اليد يستقل بها، ظاهرا فيها بصفته صاحب الحق، وأنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه وإن كان تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها مرهوناً بما يطمئن إليه وجدان محکمة الموضوع ولا سلطان عليها في تکوين عقيدتها مما يدلى به شهود أحد الطرفين، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاصها سائغاً ولا خروج فيه على مدلول تلك الشهادة ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه تأسيساً على أن الثابت من أوراق ومستندات الدعوى وترخيص الكابينة محل النزاع المقدمة من المطعون ضده تقطع بأن الكابينة محل النزاع في حيازته يضاف إلى ذلك أقوال شهوده التي توافقت على أنهم منذ أربع أو خمس سنوات سابقة على رفع الدعوى يشاهدونه بالكابينة محل النزاع باعتبارها المصدر الذي استقى منه واقعة حيازة المطعون ضده للكابينة محل النزاع، وكان الثابت من مطالعة أقوال شهود المطعون ضده الذين استمعت إليهم محكمة أول درجة أنها خلت من عبارة "سابقة على رفع الدعوى في خصوص مشاهدتهم للمطعون ضده يتردد على العين محل النزاع لمدة أربع أو خمس سنوات، بما يعيب الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق، وإذ كان الترخيص الصادر من محافظة الإسكندرية للمطعون ضده بالانتفاع بالكابينة محل النزاع لا يعد دليلاً على حيازته لها، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في أسبابه على الإشارة إجمالا إلى أوراق الدعوى والمستندات المقدمة فيها دون بيان مؤدى هذه الأوراق والمستندات بما يتعذر معه تعيين الدليل الذي كونت منه المحكمة اقتناعها بوجه نظرها حتى يمكن التحقق من أنه من الأدلة التي يصح قانوناً بناء الحكم عليها، الأمر الذي يعيبه أيضا بالقصور في التسبيب ويوجب نقضه.