جلسة 4 من ديسمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / حمد عبد اللطيف نائب رئيـس المحكمة وعضوية السادة القضاة / خالد مقلد ، محمد قنديل ، محمد غنيم وماجد إبراهيم نواب رئيس المحكمة .
------------------
(93)
الطعن رقم 13914 لسنة 90 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
(2) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إحالة الحكم في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها .
(3) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم تقيد القاضي في المحاكمات الجنائية بدليل معين . له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه . ما دام له مأخذه بالأوراق . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
ورود الشهادة على الحقيقة المراد إثباتها بجميع تفاصليها . غير لازم . كفاية أن تؤدي إليها باستنتاج سائغ .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
نعي الطاعن بعدم جدية التحريات وصلاحيتها دليلاً للإدانة . غير مقبول . ما دام الحكم لم يستند في الإدانة لدليل مستمد منها أقوال الضابط بشأن التحريات . مجرد قول . تقديره موضوعي .
(6) آثار . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
جريمة البناء على أرض مُتاخمة لمنطقة أثرية دون ترخيص . عمدية . القصد الجنائي فيها . تحققه بتعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه واتجاه إرادته لذلك . إيراد الحكم ما يكفي للدلالة على توافره . النعي بشأنه . غير مقبول .
(7) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الدفع بعدم ارتكاب الجريمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
(8) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .مثال .
(9) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الخطأ في الإسناد . لا يعيب الحكم . ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة .مثال لما لا يعد خطأ من الحكم في الإسناد .
(10) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الخطأ في تاريخ الواقعة . لا يؤثر في سلامة الحكم . حد ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة البناء على أرض مُتاخمة لمنطقة أثرية بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة التي دان الطاعن بها ، وساق على صحة الواقعة وإسنادها إليه أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات وما ثبت بمعاينة لجنة الآثار وبكتاب الإدارة الهندسية بحي غرب .... ، وأورد مؤدى كل دليل منها في بيان واف وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لهذه الأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بالواقعة وبأدلتها إلماماً شاملاً ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا المقام لا يكون صائباً .
2- لما كان الحكم قد أورد تفصيلاً أقوال شاهد الإثبات الأول ، وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة فيما استند إليه الحكم منها ، وكان الطاعن لا يجادل في أن أقوال الشاهدين الثاني والثالث متفقة مع أقوال الشاهد الأول التي أحال عليها الحكم ، فإن ما يثيره في هذا الشأن يضحى غير مقبول .
3- من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكات الجنائية بدليل معين إلا إذا نص على ذلك بالنسبة لجريمة معينة وإنما ترك له حرية تكوين عقديته من أي دليل يطمئن إليه ما دام له مأخذه بالأوراق ، وكان ما يثيره الطاعن في شأن خلو الأوراق من دليل على ارتكاب الواقعة والتعويل على أدلة غير يقينية لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا شأن لمحكمة النقض به ولا يثار أمامها .
4- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصليها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يرتكن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكانت المحكمة قد كشفت عن اطمئنانها إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعها بحدوث الواقعة على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
5- لما كان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من تحريات الشرطة وإنما أقام قضاءه على أقوال شهود الإثبات وضابط مباحث قسم الآثار وما ثبت من معاينة اللجنة وكتاب الإدارة الهندسية بحي غرب .... وكان ما ورد بأقوال الضابط في شأن التحريات إنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله .
6- من المقرر أن جريمة البناء على أرض متاخمة لمنطقة أثرية بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة هي جريمة عمدية يتحقق القصد الجنائي فيها من تعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه بالصورة التي حددها القانون ، واتجاه إرادته إلى إقامة البناء وعلمه بأنه يقيمه بغير حق وهو ما يقتضي أن يتحدث الحكم عنه استقلالاً وأن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وإيراده لأدلة الثبوت فيها وفي معرض رده على الدفع بانتفاء القصد الجنائي يكشف عن توافر هذا القصد لدى الطاعن وتتوافر به جريمة البناء على أرض مُتاخمة لمنطقة أثرية بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون ، وكان ما رد به الحكم على الدفع بانتفاء القصد الجنائي كاف وسائغ ، فإن ما يجادل فيه الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
7- من المقرر أن الدفع بعدم ارتكاب الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل – في الأصل – رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزيئات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها .
8- لما كان ما يثيره الطاعن من التفات الحكم عن دفاعه المؤيد بالمستندات لنفي ارتكاب الجريمة المنسوبة إليه وعدم مسئوليته عن أعمال البناء وعدم تواجده في تلك الفترة وأن المسكن مملوك لوالده وانتفاء صلته بالجريمة المسندة إليه لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ومع ذلك فقد عرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع واطرحه برد كاف وسائغ ، ومن ثم يضحى منعاه في هذا الصدد على غير محل .
9- من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ، وكان الاختلاف في تاريخ صدور خطاب الإدارة الهندسية وقرار هيئة الآثار على النحو المشار إليه بسبب الطعن – بفرض حصوله – لا أثر له في عقيدة المحكمة ولا في منطقه واستدلاله ، فإن نعي الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله .
10- لما كان خطأ الحكم في تاريخ الواقعة – بفرض حصوله – لا يؤثر في سلامته ما دام أن هذا التاريخ لا يتصل بحكم القانون فيها ، وما دام الطاعن لم يدع أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
- قام بأعمال بناء على أرض متاخمة لأثر ( مسجد .... الأثري ) دون ترخيص من هيئة الآثار وذلك على النحو المبين بالأوراق .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 20/ 4،3،1 ، 22 ، 40 /2 ، 43 ، 44 من القانون 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار والمعدل بالقانون رقم 91 لسنة 2018 ، مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وبتغريمه مائة ألف جنيه لما نسب إليه .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة البناء على أرض متاخمة لمنطقة أثرية بدون ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه لم يورد مؤدى أدلة الإدانة بصورة وافية ، وأحال في بيان مؤدى أقوال شاهدي الإثبات الثاني والثالث إلى ما قرره شاهد الإثبات الأول ، وعوّل في الإدانة على أدلة غير يقينية مستنداً إلى أقوال شهود الإثبات رغم أنهم لم يروا الواقعة ولم يجزم أي منهم بارتكابه لها ولم يحددوا كيفية التعدي على الحرم الأثري والشروط والمسافة التي كان يتعين عليه مراعاتها . ونسبوا له ملكية المبنى رغم أنه مملوك لوالده بإقراره والمستندات التي قدمها ، واتخذ من تحريات المباحث دليلاً أساسياً في الدعوى رغم عدم جديتها وصلاحيتها كدليل إدانة ، واطرح بما لا يسوغ دفعه بانتفاء القصد الجنائي لديه ، وأغفل الرد على ما ساقه من شواهد مدعمة بالمستندات للتدليل على نفي التهمة ، وأخطأ في بيان تاريخ صدور خطاب الإدارة الهندسية وقرار هيئة الآثار وتاريخ حدوث الواقعة ، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة البناء على أرض مُتاخمة لمنطقة أثرية بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة التي دان الطاعن بها ، وساق على صحة الواقعة وإسنادها إليه أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات وما ثبت بمعاينة لجنة الآثار وبكتاب الإدارة الهندسية بحي غرب .... ، وأورد مؤدى كل دليل منها في بيان واف وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لهذه الأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بالواقعة وبأدلتها إلماماً شاملاً ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا المقام لا يكون صائباً . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد تفصيلاً أقوال شاهد الإثبات الأول ، وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة فيما استند إليه الحكم منها ، وكان الطاعن لا يجادل في أن أقوال الشاهدين الثاني والثالث متفقة مع أقوال الشاهد الأول التي أحال عليها الحكم ، فإن ما يثيره في هذا الشأن يضحى غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكات الجنائية بدليل معين إلا إذا نص على ذلك بالنسبة لجريمة معينة وإنما ترك له حرية تكوين عقديته من أي دليل يطمئن إليه ما دام له مأخذه بالأوراق ، وكان ما يثيره الطاعن في شأن خلو الأوراق من دليل على ارتكاب الواقعة والتعويل على أدلة غير يقينية لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا شأن لمحكمة النقض به ولا يثار أمامها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصليها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يرتكن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكانت المحكمة قد كشفت عن اطمئنانها إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعها بحدوث الواقعة على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من تحريات الشرطة وإنما أقام قضاءه على أقوال شهود الإثبات وضابط مباحث قسم الآثار وما ثبت من معاينة اللجنة وكتاب الإدارة الهندسية بحي غرب .... وكان أن ما ورد بأقوال الضابط في شأن التحريات إنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكانت جريمة البناء على أرض متاخمة لمنطقة أثرية بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة هي جريمة عمدية يتحقق القصد الجنائي فيها من تعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه بالصورة التي حددها القانون ، واتجاه إرادته إلى إقامة البناء وعلمه بأنه يقيمه بغير حق وهو ما يقتضي أن يتحدث الحكم عنه استقلالاً وأن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وإيراده لأدلة الثبوت فيها وفي معرض رده على الدفع بانتفاء القصد الجنائي يكشف عن توافر هذا القصد لدى الطاعن وتتوافر به جريمة البناء على أرض مُتاخمة لمنطقة أثرية بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون ، وكان ما رد به الحكم على الدفع بانتفاء القصد الجنائي كاف وسائغ ، فإن ما يجادل فيه الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً ، وكان من المقرر أن الدفع بعدم ارتكاب الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل – في الأصل – رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزيئات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من التفات الحكم عن دفاعه المؤيد بالمستندات لنفي ارتكاب الجريمة المنسوبة إليه وعدم مسئوليته عن أعمال البناء وعدم تواجده في تلك الفترة وأن المسكن مملوك لوالده وانتفاء صلته بالجريمة المسندة إليه لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ومع ذلك فقد عرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع واطرحه برد كاف وسائغ ، ومن ثم يضحى منعاه في هذا الصدد على غير محل . لما كان ذلك ، وكان الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ، وكان الاختلاف في تاريخ صدور خطاب الإدارة الهندسية وقرار هيئة الآثار على النحو المشار إليه بسبب الطعن – بفرض حصوله – لا أثر له في عقيدة المحكمة ولا في منطقه واستدلاله ، فإن نعي الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان خطأ الحكم في تاريخ الواقعة – بفرض حصوله – لا يؤثر في سلامته ما دام أن هذا التاريخ لا يتصل بحكم القانون فيها ، وما دام الطاعن لم يدع أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق