جلسة أول يونيه سنة 1953
المؤلفة من حضرة رئيس المحكمة أحمد محمد حسن رئيسا, وحضرات المستشارين إسماعيل مجدي ومصطفى حسن وحسن داود ومحمود إبراهيم إسماعيل أعضاء.
------------------
(327)
القضية رقم 775 سنة 23 القضائية
إصابات العمل.
تعويض عن عاهة. كيفية ثبوت العاهة. بيان التعويض. ميعاد دفعه. الامتناع عن دفعه. العقاب عليه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: رفض وامتنع عن دفع قيمة التعويض المستحق للعامل السيد سليمان فهمي الذي كان يعمل طرفه وأصيب أثناء تأدية العمل وبسببها, وتخلفت لديه عاهة مستديمة. وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 89 لسنة 1950. ومحكمة السويس الجزئية قضت عملا بالمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه. فاستأنفت النيابة. ومحكمة السويس الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضوريا بتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
وحيث إن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ أسس قضاءه بالبراءة على عدم توافر العناصر اللازمة للحكم بالإدانة وهى ثبوت التعويض وقيمته قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله. ذلك لأن المحكمة المطعون في حكمها تكون بذلك قد تخلت عن الدعوى وهو ما لا يصلح سببا للقضاء بالبراءة. هذا بالإضافة إلى أن كافة العناصر اللازمة للحكم في الدعوى الجنائية متوافرة من ثبوت العاهة ومداها, ومقدار التعويض, وامتناع رب العمل عن دفعه على الرغم من مطالبته به من العامل ومصلحة العمل بالأوضاع وفي المواعيد المبينة في القانون رقم 89 لسنة 1950 بشأن إصابات العمل - ولم يكن معروضا عليها سوى الحكم بالعقوبة المقررة في المادة 32 من ذلك القانون بعد ثبوت الحق في التعويض, وهذا الثبوت يكون طبقا لنص المادتين 23و27 من القانون سالف الذكر بتقرير الطبيب لا بحكم نهائي من المحكمة المدنية كما ذهب إليه الحكم المطعون فيه خطأ - إذ أن المحكمة الجنائية ملزمة بنص المادة 221 من قانون الإجراءات الجنائية بالفصل في جميع المسائل المدنية الفرعية التي يتوقف عليها الفصل في الدعوى الجنائية لا كما يقول الحكم المطعون فيه من أن القضاء الجنائي يجب ألا يسبق القضاء المدني مخالفا بذلك القاعدة الأصلية من أن الجنائي يوقف المدني لو صح العكس لوجب على المحكمة المطعون في حكمها أن توقف الدعوى الجنائية لا أن تقضي بالبراءة.
وحيث إن المادة الثالثة من القانون رقم 89 لسنة 1950 بشأن إصابات العمل قد نصت على "أن لكل عامل أصيب بسبب العمل وفي أثناء تأديته الحق في الحصول من صاحب العمل على تعويض عن إصابته طبقا للقواعد المبينة في البابين الثالث والرابع" ونصت المادة العاشرة من ذلك القانون على أن.. "لا تقبل دعوى التعويض إلا إذا كان رب العمل أو من ينوب عنه قد طولب كتابة بالتعويض في خلال السنة التالية للوفاة أو ثبوت العاهة المستديمة ويعتبر أي إجراء تقوم به مصلحة العمل في مواجهة رب العمل أو من يقوم مقامه في حكم المطالبة المشار إليها في الفقرة السابقة" - وجاء في المادة 15 من القانون.. "أنه يجب على رب العمل إبلاغ مصلحة العمل كتابة خلال شهرين من تاريخ وفاة العامل أو تاريخ ثبوت العاهة عن المبلغ الذي دفعه أو تعهد بدفعه على سبيل التعويض, ويرافق البلاغ شهادة من الطبيب فإن لم يقم رب العمل بدفع التعويض في الميعاد المبين آنفا وجب إبلاغ مصلحة العمل بالأسباب التي حالت دون ذلك". ونصت المادة 23 من القانون على "أن يكون إثبات العاهة المستديمة كلية كانت أو جزئية بشهادة طبية ويعين وزير الشئون الاجتماعية بقرار منه شكل هذه الشهادة, وتعتبر العاهة كلية إذا نشأ عنها عجز المصاب عجزا تاما عن ممارسة أي صناعة أو مهنة - فإذا لم يترتب على العاهة المستديمة هذا العجز, اعتبرت عاهة جزئية" - وقضت المادة 24 من القانون بعرض النزاع فيما تضمنته الشهادة الطبية على الطبيب الشرعي مع إلزام رب العمل بالالتزامات المفروضة عليه أثناء قيام هذا النزاع, وحددت المواد 28و30و31 من القانون مقدار التعويض الواجب دفعه في حالة الوفاة أو ثبوت العاهة الكلية أو الجزئية على أساس الأجر اليومي للعامل, كما نصت المادة 32 على العقوبات الجنائية التي فرضها القانون على رب العمل في حالة مخالفة أحكام المواد السابقة.
وحيث إنه لما كان يبين مما تقدم أن القانون رقم 89 لسنة 1950 قد قرر مبدأ التعويض في حالة وفاة العامل أو ثبوت العاهة أثناء العمل أو بسبب تأديته وبين مقداره على النحو السابق بيانه, وأوجب المطالبة به خلال سنة من ثبوت العامة أو الوفاة بتقرير طبي, وشفع ذلك بوجوب دفع التعويض خلال شهرين من ثبوت الوفاة أو العاهة عند استكمال هذه العناصر فإن امتنع عن دفعه حق عليه العقاب - لما كان ذلك وكانت المادة 221 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن "تختص المحكمة الجنائية بالفصل في جميع المسائل التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى المرفوعة أمامها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك" فإن المحكمة بقضائها ببراءة المتهم بمقولة "إنه لا يكفي في اعتقادها أن تثبت العاهة للعامل حتى يؤخذ المتهم بتهمة الامتناع عن دفع التعويض بل يجب أن يثبت أولا مدى هذه العاهة وبالتالي مقدار التعويض وأن ثبوت الحق في التعويض مقداره ومدى الالتزام به من المسائل التي لا يجوز أن يسبق القضاء الجنائي القضاء المدني فيما هو من صميم اختصاصه وأن الجريمة المنسوبة إلى المتهم على هذا الأساس تكون فاقدة عناصرها اللازمة للحكم بالإدانة". إن المحكمة إذ أسست قضاءها على ذلك تكون قد أخطأت في تطبيق القانون, ذلك بأنها وقد رفعت إليها الدعوى الجنائية كان يجب عليها أن تتقصى بنفسها عناصر الجريمة المطروحة أمامها وتقضي فيها على هدى ما يظهر لها من بحثها.
وحيث إنه لما تقدم. يتعين قبول الطعن, ونقض الحكم المطعون فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق