جلسة 4 من يونيه سنة 1953
المؤلفة من حضرة رئيس المحكمة أحمد محمد حسن رئيسا, وحضرات المستشارين مصطفى حسن وحسن داود؛ وأنيس غالي؛ ومصطفى كامل أعضاء.
-----------------
(332)
القضية رقم 272 سنة 23 القضائية
(أ) إجراءات.
إجراء تم صحيحا في ظل قانون قائم. صحته وخضوعه لأحكام هذا القانون.
(ب) المادة 5 من قانون العقوبات. لا تسري إلا بالنسبة للمسائل الموضوعية.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة هذين الطاعنين بأنهما أحرزا بقصد الإتجار جواهر مخدرة "حشيشا وأفيونا" بدون مسوغ قانوني وطلبت عقابهما بالمواد 1, 2, 35/ 6ب, 41, 45 من القانون رقم 21 لسنة 1928. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة الفيوم الجزئية دفع الحاضر عن المتهمين ببطلان إذن التفتيش. والمحكمة المذكورة قضت فيها حضوريا عملا بمواد الاتهام: أولا - برفض الدفع ببطلان إذن التفتيش, ثانيا - بحبس المتهم الأول سنتين مع الشغل والنفاذ مع تغريمه 400 جنيه والمصادرة وحبس المتهمة الثانية سنة مع الشغل والنفاذ مع تغريمها 200 جنيه والمصادرة. فاستأنف المتهم الأول كما استأنفته المتهمة الثانية, كما استأنفته النيابة. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة الفيوم الابتدائية بهيئة استئنافية تمسك المتهمان بالدفع السابق إبداؤه, والمحكمة المذكورة قضت فيها حضوريا عملا بمواد الاتهام والمادتين 39و49 من القانون رقم 21 لسنة 1928 بقبول الاستئنافات شكلا ورفض الدفوع المقدمة من المتهمين, وبتعديل الحكم المستأنف بالنسبة للمتهم الأول وحبسه أربع سنوات مع الشغل وغرامة 800 جنيه وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
وحيث إن حاصل الوجه الأول أن الطاعنين دفعا أمام المحكمة ببطلان إذن التفتيش لصدوره غير مسبوق بتحقيق مفتوح كمقتضى المادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية, ولكن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض هذا الدفع قد خالف القانون, ذلك لأن إذن التفتيش الصادر من النيابة لرجل الضبط القضائي وإن صدر بتاريخ 8 من سبتمبر سنة 1951 أي قبل نشر قانون الإجراءات الجنائية الحاصل في 15 من أكتوبر سنة 1951 إلا أن هذا القانون يعتبر نافذا من تاريخ صدوره بقانون الإصدار في 3 من سبتمبر سنة 1950 أما النشر في الجريدة الرسمية فلم يقصد منه إلا افتراض العلم لدى الكافة حتى يحاسبوا بمقتضى القوانين كما قصد به صالح المتهم حتى لا يؤاخذ بقانون لم يعلم به, فإذا تمسك المتهم بقانون لم يكن قد نشر بعد وكان أصلح له فيتعين وفقا للفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات والمادتين 25و26 من الدستور أن يطبق عليه هذا القانون.
وحيث إنه لا محل لما يثيره الطاعن بمقولة سريان قانون الإجراءات الجنائية على واقعة الدعوى بحجة أن هذا القانون وإن لم ينشر إلا في 15 من أكتوبر سنة 1951 إلا أنه في الواقع قد صدر قبل واقعة الدعوى, ذلك بأنه من المقرر قانونا أن الإجراء الذي يتم صحيحا في ظل قانون قائم يظل صحيحا وخاضعا لأحكام هذا القانون. ولما كان التفتيش الذي يشكو منه الطاعن قد أجرى قبل نشر قانون الإجراءات الجنائية فإن قانون تحقيق الجنايات هو الواجب التطبيق عليه. كما أنه لا محل لما يذهب إليه من قياس هذه الحالة على الحالات المنصوص عليها في المادة الخامسة من قانون العقوبات, إذ أن أحكام تلك المادة لا تسري إلا بالنسبة للمسائل الموضوعية دون الإجراءات. على أنه مع ذلك فإن التفتيش الذي يشكو منه الطاعن قد اتبعت في شأنه الإجراءات التي يشترطها قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن باقي أوجه الطعن تتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ اعتبر عدم إنكار الطاعن لضبط المخدرات في المنزل بمثابة الاعتراف, إذ أن الاعتراف لم ينصب على جريمة الإحراز في ذاتها وإنما كان يدور حول حيازة المنزل فضلا عن أن الحكم الذي دانه أثبت في موضع آخر منه إنكار المتهمين للتهمة - هذا إلى أنه قد أسس الإدانة على فروض استنتاجية خلص منها بإقامة الطاعن الأول مع زوجته الثانية في منزل الطاعنة الثانية الذي ضبط فيه المخدر وهذا افتراض لا سند له, لأنه لا يقيم في هذا المنزل, وإنما يقيم مع زوجته الأولى في منزل آخر هو منزل والده وبذلك يكون إذن التفتيش باطلا لصدوره عن منزل ليس في حيازته ولا يقيم فيه, كما أن هذا الإذن جاء غير شامل لاسم الطاعنة الثانية فهو باطل بالنسبة لها كذلك.
وحيث إن قول الحكم المطعون فيه بعدم إنكار الطاعنين بأن ما ضبط بالمنزل هي مواد مخدرة إنما ورد في صدد الرد على الأثر القانوني لعدم فض الحرز في حضور الطاعنين, وهو قول سائغ في هذا المقام ولا ينصرف إلى اعتبارهما معترفين بالجريمة, ولما كان ذلك, وكان الحكم قد أثبت أن الطاعنة الثانية قد ساهمت في الجريمة بجعل منزلها الوارد في إذن التفتيش مخبأ للمخدرات التي تحرزها مع الطاعن الأول الذي يتخذ من هذا المنزل منزلا للزوجية مع زوجته الثانية ودلل الحكم على ذلك بأدلة سائغة, فإن ما يثيره الطاعنان بشأن بطلان الدليل المستمد من التفتيش يكون على غير أساس. أما غير ذلك مما يثيره الطاعنان فهو جدل موضوعي لا تصح إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق