باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يوليه سنة 2024م،
الموافق الثلاثين من ذي الحجة سنة 1445ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد
الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن
سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 54 لسنة 42
قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية
عشرة- تسويات) بحكمها الصادر بجلسة 24/2/2020، ملف الدعوى رقم 37753 لسنة 72
قضائية.
المقامة من
نهى محمود علي حسن
ضد
1- رئيس جامعة عين شمس
2- وزير التعليم العالي، بصفته رئيس مجلس إدارة صندوق تحسين أحوال
العاملين المدنيين بالجامعات الحكومية من غير أعضاء هيئة التدريس
3- رئيس جامعة حلوان، نائب رئيس مجلس إدارة الصندوق
4- رئيس المجلس الأعلى للجامعات
5- وزير المالية
------------------
الإجراءات
بتاريخ الخامس عشر من أكتوبر سنة 2020، ورد إلى قلم كتاب المحكمة
الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 37753 لسنة 72 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء
الإداري بالقاهرة بجلسة 24 من فبراير سنة 2020، بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى
المحكمة الدستورية العليا؛ للفصل في دستورية عبارة "يهدف الصندوق إلى تحسين
الدخول المالية للعاملين بالجامعات الحكومية" الواردة بنص المادة (2) من
اللائحة الأساسية المالية لصندوق تحسين أحوال العاملين المدنيين بالجامعات
الحكومية من غير أعضاء هيئة التدريس، المعتمدة بقرار وزير المالية رقم 145 لسنة
2015.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم
اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة
إصدار الحكم بجلسة اليوم.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق -
في أن المدعية في الدعوى الموضوعية، التي تعمل بوظيفة إخصائي شئون مالية بجامعة
عين شمس، أقامت أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، الدعوى رقم 37753 لسنة 72
قضائية، ضد المدعى عليهم، ثم اختصام الباقين بجلسة 31/12/2019، طالبة الحكم
بأحقيتها في صرف مبلغ تسعمائة جنيه شهريًا، اعتبارًا من 16/2/2015، تاريخ اعتماد
اللائحة التنفيذية لصندوق تحسين أحوال العاملين المدنيين بالجامعات الحكومية من
غير أعضاء هيئة التدريس، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية؛ وذلك على سند
من أنها تعمل بالوظيفة السالف بيانها، وقد صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم
24 لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات، الذي أنشأ بالمجلس الأعلى
للجامعات صندوقًا لتحسين أحوال العاملين المدنيين بالجامعات الحكومية، ونفاذًا
لذلك صدرت اللائحة الأساسية المالية لذلك الصندوق، المعتمدة بقرار وزير المالية
رقم 145 لسنة 2015، التي حددت موارد الصندوق، مما يحق لها معه صرف المقابل المطالب
به، وإذ امتنع الصندوق عن صرف ذلك المقابل، أقامت دعواها. وإذ تراءى للمحكمة أن
عبارة "يهدف الصندوق إلى تحسين الدخول المالية للعاملين بالجامعات
الحكومية" الواردة بنص المادة (2) من اللائحة الأساسية المالية للصندوق -
سابق الإشارة إليها - المندمجة بقرار وزير التعليم العالي رقم 127 لسنة 2015،
والمعتمدة بقرار وزير المالية 145 لسنة 2015، يعتريه شبهة عدم الدستورية؛ لمخالفته
نصوص المواد (9 و53 و128) من الدستور، إذ تقرر المقابل بموجب قرارات لائحية، وبغير
نص قانوني يصدر عن السلطة التشريعية، مما يُعد افتئاتًا على النطاق المحجوز
للقانون، بمقتضى النص الدستوري، كذلك مخالفتها لمبدأ المساواة؛ إذ أوجد ممايزة بين
طائفة الموظفين العموميين بالدولة، وذلك بإقرار دخل إضافي للعاملين المدنيين
بالجامعات الحكومية، دون سائر فئات العاملين بالدولة، رغم خضوع الجميع لأحكام
قانون الخدمة المدنية. وبجلسة 24/2/2020، حكمت المحكمة بوقف الدعوى، وإحالة
أوراقها إلى هذه المحكمة؛ للفصل في دستورية النص المحال.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة
بنظر الدعوى، فإنه مردود؛ بأن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن
الدستور الحالي قد عهد بنص المادة (192) منه إلى المحكمة الدستورية العليا دون
غيرها بتولي الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وكان قانون هذه
المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، قد بيَّن اختصاصاتها، وحدد ما يدخل في
ولايتها حصرًا مستبعدًا من مهامها ما لا يندرج تحتها، فخولها بمقتضى نص الدستور
والمادة (25) من قانون المحكمة، اختصاصًا منفردًا بالرقابة على دستورية القوانين
واللوائح، وينحصر هذا الاختصاص في النصوص التشريعية أيًّا كان موضوعها أو نطاق
تطبيقها أو الجهة التي أصدرتها، فلا تنبسط هذه الولاية إلا على القانون بمعناه
الموضوعي، باعتباره منصرفًا إلى النصوص القانونية التي تتولد عنها مراكز قانونية
عامة مجردة، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي أقرتها السلطة
التشريعية، أو تضمنتها التشريعات الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية في حدود
صلاحيتها التي ناطها الدستور بها، وأن تنقبض تلك الرقابة – تبعًا لذلك – عما
سواها.
وإذ نصت المادة الثانية من اللائحة المالية لصندوق تحسين أحوال
العاملين المدنيين بالجامعات الحكومية من غير أعضاء هيئة التدريس، على أن
"يهدف الصندوق إلى تحسين الدخول المالية للعامين بالجامعات الحكومية الخاضعة
لقانون تنظيم الجامعات من غير أعضاء هيئة التدريس للارتقاء بأحوالهم المالية،
والتي تنعكس دومًا على أدائهم لأعمالهم مما يؤدي إلى الارتقاء بمستوى الخدمة
المقدمة من الجامعات لأبنائنا الطلاب وتقديم خريج على مستوى عالٍ من الكفاءة ينافس
أقرانه خريجي الجامعات الأخرى المحلية والإقليمية والعالمية كما يهدف للارتقاء
بمستوى دخل أحد أركان العملية التعليمية الرئيسية وهو العاملين".
لما كان ما تقدم، وكانت هذه اللائحة قد تضمنت أحكامًا عامة مجردة،
تخاطب كافة العاملين المدنيين من غير أعضاء هيئة التدريس، بالجامعات الحكومية
الأعضاء بالمجلس الأعلى للجامعات، والتي تخضع لقانون تنظيم الجامعات، ولا تستهدف
اللائحة المذكورة أشخاصًا محددين بذواتهم، وتنظم – فيما نظمت – قواعد عمل الصندوق،
وإدارته، وموارده، وأوجه وضوابط صرف المستحقات المالية لأعضائه؛ ومن ثم تختص
المحكمة الدستورية العليا بنظر هذه اللائحة، وإنزال كلمتها على النص المحال، ويكون
الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى في غير محله.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المصلحة الشخصية المباشرة في
الدعوى الدستورية - وهى شرط لقبولها - مناطها - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين
المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية
على الطلبات المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع، ويستوى في شأن توافر هذه
المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة،
والمحكمة الدستورية العليا هي وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعاوى
الدستورية للتثبت من شروط قبولها، ومؤدى ذلك أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى
المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، إذ لا تلازم بين الإحالة
من محكمة الموضوع وتوافر هذه المصلحة، فإذا لم يكن للفصل في دستورية النصوص التي
ثارت بشأنها شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعي
تعين القضاء بعدم قبول الدعوى.
وحيث إن الخطأ في تأويل أو تطبيق النصوص القانونية لا يوقعها في دائرة
المخالفة الدستورية، إذا كانت صحيحة في ذاتها، وأن الفصل في دستورية النصوص
القانونية المحالة أو المدعى مخالفتها للدستور لا يتصل بكيفية تطبيقها عملًا، ولا
بالصورة التي فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها
عليه، إلى الضوابط التي فرضها الدستور على الأعمال التشريعية. كما جرى قضاء هذه
المحكمة على أنه متى كان الضرر المدعى به ليس مرده إلى النص المطعون بعدم
دستوريته، وإنما إلى الفهم الخاطئ له، والتطبيق غير الصحيح لأحكامه، غدت المصلحة
في الدعوى الدستورية منتفية.
وحيث إن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 24 لسنة 2014، بتعديل بعض
أحكام قانون تنظيم الجامعات، الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة
1972، ناصًّا في المادة الأولى منه على أن " يستبدل بنص المادة (195) مكررًا
من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 النص الآتي: "
يُنشأ بالمجلس الأعلى للجامعات صندوق لتحسين أحوال العاملين المدنيين بالجامعات
الحكومية من غير أعضاء هيئة التدريس، وتكون للصندوق الشخصية الاعتبارية، ......
ويصدر بتنظيم الصندوق وقواعد الإنفاق منه قرار من وزير التعليم العالي بعد موافقة
المجلس الأعلى للجامعات". ونفاذًا لهذا النص، وافق المجلس الأعلى للجامعات
على مشروع لائحة الصندوق بتاريخ 21/9/2014، ثم صدر قرار وزير التعليم العالي رقم
127 لسنة 2015، بتاريخ 26/1/2015، ناصًّا في المادة (1) منه على أن "يُنشأ
بالمجلس الأعلى للجامعات صندوق لتحسين أحوال العاملين المدنيين بالجامعات الحكومية
من غير أعضاء هيئة التدريس". ونصت المادة (4) منه على أن "تُحدد موارد
الصندوق وأوجه الصرف والإنفاق منه في الأغراض والأوجه التي أنشئ من أجلها".
كما نصت المادة (5) على أن "تطبق أحكام اللائحة الداخلية الخاصة والمنظمة
لإدارة هذا الصندوق حال وجود أي خلاف وبما لا يخالف القواعد المالية والقانونية
المعمول بها". اشترطت المادة (6) من القرار ذاته أن يتم العمل بأحكام هذه
اللائحة من تاريخ الموافقة النهائية لوزارة المالية.
متى كان ما تقدم، وكان النص المحال قد ردد العبارة التي أوردها نص
المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 24 لسنة 2014 السالف البيان،
في شأن تعريف الهدف من إنشاء صندوق تحسين أحوال العاملين المدنيين بالجامعات
الحكومية من غير أعضاء هيئة التدريس، وكان النص المحال، بهذه المثابة، لا يتضمن
أحكامًا موضوعية لها صلة بالطلبات المطروحة في الدعوى الموضوعية؛ ومن ثم فإن الفصل
في دستوريته لن يكون ذا أثر أو انعكاس على النزاع الموضوعي، وقضاء محكمة الموضوع
فيه؛ مما يغدو معه الحكم بعدم قبول الدعوى متعينًا.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق