باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من أغسطس سنة 2024م،
الموافق الثامن والعشرين من المحرم سنة 1446ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار
وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس
المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 52 لسنة 36
قضائية دستورية، بعد أن أحالت محكمة طنطا الابتدائية بحكمها الصادر بجلسة 27/ 2/
2014، ملف الدعوى رقم 883 لسنة 2012 مدني كلي طنطا
المقامة من
السعيد محمد سعيد السلخ
ضد
1- محافظ الغربية
2- وزير الزراعة
3- مدير مديرية الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالغربية
-----------------
" الإجراءات "
بتاريخ العشرين من أبريل سنة 2014، ورد إلى قلم كتاب المحكمة
الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 883 لسنة 2012 مدني كلي، نفاذًا لحكم محكمة طنطا
الابتدائية، الصادر بجلسة 27/ 2/ 2014، بوقف الدعوى، وإحالة أوراقها إلى هذه
المحكمة؛ للفصل في دستورية نص المادة (54) من قانون التعاون الزراعي الصادر
بالقانون رقم 122 لسنة 1980.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 2/ 4/ 2016، وفيها قررت
المحكمة إعادة الدعوى إلى هيئة المفوضين لاستكمال التحضير؛ فأودعت تقريرًا
تكميليًا برأيها، وأُعيد نظر الدعوى بجلسة 8/ 6/ 2024، وفيها قررت المحكمة إصدار
الحكم بجلسة اليوم.
----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق-
في أن المدعي في الدعوى الموضوعية أقام الدعوى، التي آل قيدها أمام محكمة طنطا
الابتدائية برقم 883 لسنة 2012 مدنى كلي، طلبًا للحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار
محافظ الغربية رقم 1356 لسنة 2011 بإسقاط عضويته من مجلس إدارة جمعية منشأة
الأوقاف للإصلاح الزراعي، الذي يترأسه، لتعمده الإدلاء ببيانات غير صحيحة، والعبث
بختم الجمعية عهدته، وإساءة استعماله؛ مما استوجب معه إسقاط عضويته، إعمالًا لنص
البند (2) من المادة (52) من قانون التعاون الزراعي السالف البيان؛ فكان القرار
المطعون فيه. وبجلسة 27/ 2/ 2014، قررت المحكمة وقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى
المحكمة الدستورية العليا؛ للفصل في دستورية نص المادة (54) من قانون التعاون
الزراعي الصادر بالقانون رقم 122 لسنة 1980، الذي أَولى الاختصاص بنظر الطعن على
قرارات إسقاط العضوية عن أعضاء مجالس إدارات الجمعيات التعاونية إلى جهة القضاء
العادي، مخالفًا بذلك نصوص المواد (97 و 188 و190) من الدستور، التي أضحى بمقتضاها
مجلس الدولة صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات الإدارية.
وحيث إن المادة (51) من قانون التعاون الزراعي الصادر بالقانون رقم
122 لسنة 1980 تنص على أنه مع عدم الإخلال بالعقوبات الجنائية تسقط العضوية في
مجلس الإدارة بقرار من الجمعية العمومية وذلك بعد إجراء تحقيق كتابي مع العضو
ينتهي إلى الإدانة في إحدى الحالات الآتية:
(1) العبث بسجلات الجمعية أو أوراقها أو أختامها أو تعمد إتلافها أو إساءة
استعمالها.
(2) .......... (3) .......... (4) .......... (5) ...........
وتنص المادة (52) من القانون ذاته على أنه لكل من الوزير المختص
بالنسبة للجمعيات العامة والمحافظ المختص بالنسبة للجمعيات التي تقع في نطاق
المحافظة ما يلي:
(1) .........
(2) حل مجلس إدارة الجمعية أو إسقاط العضوية عن عضو أو أكثر للأسباب
المشار إليها في المادة السابقة بعد إجراء تحقيق مكتوب ينتهي إلى الإدانة.
وتنص المادة (54) من القانون المار ذكره على أنه لكل ذي شأن أن يطعن
في القرارات المشار إليها في المادة (52) أمام المحكمة الابتدائية الكائن في دائرة
اختصاصها مقر الجمعية وذلك خلال ثلاثين يومًا من تاريخ نشر قرار الحل والإسقاط في
الوقائع المصرية وإعلان صاحب الشأن بمقر الجمعية بكتاب موصى عليه بعلم وصول وتفصل
المحكمة في الطعن على وجه الاستعجال بغير مصروفات ويكون حكمها نهائيًا.
وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستورية - وهي شرط لقبولها- مناطها - على
ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في
الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة
بها، المطروحة على محكمة الموضوع، ويستوي في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد
اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع، أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هي
وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية؛ للتثبت من شروط قبولها.
متى كان ذلك، وكان الفصل في الاختصاص الولائي لمحكمة الموضوع بنظر النزاع المعروض
عليها هو من الأمور المتعلقة بالنظام العام؛ بحكم اتصاله بولايتها في نظره والفصل
فيه، ومن أجل ذلك كان التصدي له سابقًا - بالضرورة - على البحث في موضوعه، وكان
النزاع المردد أمام محكمة الموضوع، إنما يدور حول الطعن على قرار محافظ الغربية
رقم 1356 لسنة 2011، بإسقاط عضوية المدعي من رئاسة مجلس إدارة جمعية منشأة الأوقاف
للإصلاح الزراعي بالمحلة الكبرى، وكان نص المادة (54) من قانون التعاون الزراعي
المشار إليه، قد أسند إلى المحكمة الابتدائية الكائن في دائرة اختصاصها مقر
الجمعية، ولاية الفصل في الدعاوى المقامة من ذي الشأن بالطعن على قرار المحافظ
المختص بإسقاط العضوية؛ ومن ثم فإن المصلحة في الدعوى المعروضة تكون متحققة
بالنسبة إلى النص المحال، بحسبان الفصل في دستوريته سيكون له أثره المباشر
وانعكاسه الأكيد على حسم مسألة الاختصاص بنظر النزاع الموضوعي والفصل فيه.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق أن باشرت رقابتها القضائية على
دستورية نص المادة (54) من قانون التعاون الزراعي الصادر بالقانون رقم 122 لسنة
1980، وذلك في الدعوى رقم 219 لسنة 21 قضائية دستورية، بعد أن حددت النطاق فيها،
فيما تضمنته تلك المادة من نهائية الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية، في الطعن
على قرار المحافظ بإسقاط العضوية عن عضو مجلس إدارة الجمعية التعاونية الزراعية،
وقضت بجلسة 22/ 9/ 2002، برفض الدعوى؛ استنادًا إلى عدم مخالفة هذا النص للمواد
(65 و68 و165) من دستور سنة 1971، وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد
(43) بتاريخ 24/ 10/ 2002. لما كان ذلك، وكانت الخصومة في الدعوى المعروضة تتعلق
بالنص التشريعي ذاته، وكان القضاء برفض الدعوى المقامة طعنًا على دستورية النص
المشار إليه - محددًا نطاقًا على ما سلف بيانه - إنما ينطوي - حتمًا - على توسيد
الاختصاص لتلك المحكمة بنظر هذا الطعن، اعتبارًا بانصراف الحكم – فضلًا عن المسائل
التي فصل فيها صراحة - إلى تلك التي ترتبط بها بحكم الاقتضاء العقلي، فلا يكونان
إلا كلًّا غير منقسم، ومن ثم يتكاملان في شأن بنيان الحكم، والدعائم التي يقوم
عليها؛ إذ لا يسوغ أن تجيل المحكمة الدستورية العليا بصرها بشأن نهائية الحكم،
وتقيم ميزان دستوريته في ضوء المادتين (68 و165) من دستور سنة 1971، قبل بحث تلك
المسألة، باعتبارها مسألة أولية تتقدم غيرها، وتمهد للقضاء في شأن نهائية الحكم
الصادر من المحكمة الابتدائية، وتعتبر مدخلًا إليه، وكان مقتضى نص المادة (195) من
الدستور، والمادتين (48 و49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة
1979، أن تكون أحكام هذه المحكمة والقرارات الصادرة منها ملزمة للكافة، وجميع
سلطات الدولة، وتكون لها حجية مطلقة بالنسبة إليهم، باعتبارها قولًا فصلًا لا يقبل
تأويلًا ولا تعقيبًا من أية جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيها، أو
إعادة طرحها عليها من جديد لمراجعتها؛ ومن ثم فإن الخصومة في الدعوى المعروضة تكون
قد انحسمت، بموجب الحكم المشار إليه؛ مما لزامه القضاء بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق