باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يوليه سنة 2024م،
الموافق الثلاثين من ذي الحجة سنة 1445ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد
النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد
أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 40 لسنة 26
قضائية "دستورية"
المقامة من
سهير أمين عامر عبد الرحمن
ضد
1 مازن نجيب إبراهيم صالحه
2 مروان نجيب إبراهيم صالحه
3 رئيس الجمهورية
4 وزير المالية، بصفته الرئيس الأعلى لجهاز تصفية الحراسات
5 رئيس جهاز تصفية الحراسات
6 وزير العدل، بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقاري
7 رئيس مجلس إدارة شركة مصر للتأمين
--------------
الإجراءات
بتاريخ السادس من مارس سنة 2004، أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم
كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبةً الحكم بعدم دستورية نص المادة (6) من قرار
رئيس الجمهورية بالقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض
الحراسة، والمادة (11) من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر
بالقانون رقم 69 لسنة 1974.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول
الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت
هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو
المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
-----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق في
أن المدعية أقامت أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، الدعوى رقم 6141 لسنة 2003
مدني كلي، ضد المدعى عليهما الأول والثاني، طالبة الحكم، أولًا: بتثبيت ملكيتها
للشقة المبينة بصحيفة الدعوى الموضوعية، ثانيًا: عدم الاعتداد بالحكم الصادر في
الدعويين رقمي 81 لسنة 17 و8 لسنة 21 قضائية " قيم"، وعدم نفاذه في
حقها؛ وذلك على سند من أنها تمتلك الشقة محل التداعي بموجب عقد البيع المسجل برقم
622 لسنة 1998 جنوب القاهرة، بالشراء من آخر آلت إليه ملكيتها بموجب العقد المُشهر
برقم 1395 لسنة 1982 جنوب القاهرة. وإذ كانت حيازتها لتلك الشقة هادئة ومستقرة
ومستمرة لمدة خمس سنوات، بسبب صحيح وبحسن نية؛ فإنه يحق لها طلب تثبيت ملكيتها،
وتساندت في طلبها الثاني، إلى أنها لم تكن طرفًا في حكم محكمة القيم الصادر لصالح
المدعى عليهما الأول والثاني، في الدعويين رقمي 81 لسنة 17 و8 لسنة 21 قضائية
"قيم"، ضد البائع لها، برفض دعواه بتثبيت ملكيته للشقة محل النزاع،
وإلغاء عقد البيع سند ملكيته المشهر برقم 1395 لسنة 1982 جنوب القاهرة، وعدم نفاذه
في حقهما، وتسليم الشقة إليهما. بما يمثل تهديدًا لملكيتها؛ فقد أقامت الدعوى. دفع
المدعى عليهما المذكوران بعدم اختصاص المحكمة ولائيًّا بنظر الدعوى، وانعقاد
الاختصاص بنظرها لمحكمة القيم، فدفعت المدعية بعدم دستورية نص المادتين (6) من
قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض
الحراسة، و(11) من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون
رقم 69 لسنة 1974، ناعية على الأول مخالفته لنص المادة (68) من دستور سنة 1971،
بتقريره اختصاص محكمة القيم بنظر منازعات مدنية، على الرغم من أنها محكمة سياسية
استثنائية، لم تُشكل تشكيلًا قضائيًّا خالصًا، بينما نعت على النص الآخر، مخالفته
وجوب الالتزام بأحكام بيع ملك الغير عند الفصل في نزاع يتعلق بنفاذ عقود بيع
الأعيان المفروض عليها الحراسة. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت للمدعية
بإقامة الدعوى الدستورية؛ فأقامت الدعوى المعروضة.
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (6) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون
رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، تنص على أن " تختص
محكمة القيم المنصوص عنها في قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون رقم 95
لسنة 1980 دون غيرها بنظر المنازعات المتعلقة بتحديد الأموال وقيمة التعويضات
المنصوص عليها في المادة السابقة، وكذلك المنازعات الأخرى المتعلقة بالحراسات التي
فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب
أو المترتبة عليها، وتحال إليها جميع المنازعات المطروحة على المحاكم الأخرى بجميع
درجاتها وذلك بقرار من رئيس المحكمة ما لم يكن قد قفل فيها باب المرافعة قبل العمل
بأحكام هذا القانون".
وتنص المادة (11) من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة
الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974 على أنه "في غير الحالات المُبينة بالمادة
السابقة يكون لجِهات الحُكومة ووحدات الإدارة المحلية والقطاع العام والهيئات
العامة وللوحدات التابعة لها. والمُشترية للعقارات المبنية من الحراسة العامة أو
إدارة الأموال التي آلت إلى الدولة الخيار بين الإبقاء على عقود البيع بشرط زيادة
ثمن الشراء إلى ما يُوازي مائة وستين مِثل الضريبة الأصلية المفروضة على العقار
المبيع في تاريخ البيع مع استمرار استحقاق الفوائد المفروضة على الثمن الأصلي دون
الزيادة على أن تلتزم بأداء الزيادة وباقي الثمن خلال مُدة لا تُجاوز سنة من تاريخ
العَمل بهذا القانون وبين اعتبار هذه العقود مُلغاة وردّ العقارات المبيعة إلى
مُستحقيها.
ويجب على هذه الجِهات أن تُخطر رئيس جِهاز التصفية برغبتها بخطاب موصى
عليه مصحوب بعلم الوصول خلال ثلاثة شهور من تاريخ العَمل بهذا القانون، فإذا لم
تخطره بذلك اعتبر العقد ملغيًّا اعتبارًا من تاريخ انقضاء هذه المُهلة، ويؤشر
بالإلغاء بغير رسوم في سجلات الشهر العقاري.
ويتحمل الخاضع والجِهة
المُشترية رسوم التسجيل المُسددة عن العقود المُلغاة مُناصفة بينهُما".
وحيث إن المادة (30) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48
لسنة 1979، نصت على أنه "يجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة إلى المحكمة
الدستورية العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها وفقًا لحكم المادة السابقة، بيان
النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته، والنص الدستوري المدعى بمخالفته، وأوجه
المخالفة"؛ ومؤدى ذلك على ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المشرع أوجب لقبول
الدعاوى الدستورية أن يتضمن قرار الإحالة، أو صحيفة الدعوى، ما نصت عليه المادة
(30) السالفة الذكر من بيانات جوهرية تنبئ عن جدية هذه الدعاوى، ويتحدد بها
موضوعها، وذلك مراعاة لقرينة الدستورية لمصلحة القوانين، وحتى يتاح لذوي الشأن
فيها، ومن بينهم الحكومة التي أوجبت المادة (35) من قانون المحكمة إعلانها بالقرار
أو الصحيفة أن يتبينوا كافة جوانبها، ويتمكنوا في ضوء ذلك من إبداء ملاحظاتهم
وردودهم وتعقيبهم عليها في المواعيد التي حددتها المادة (37) من القانون ذاته،
بحيث تتولى هيئة المفوضين، بعد انتهاء تلك المواعيد تحضير الموضوع، وتحديد المسائل
الدستورية والقانونية المثارة، وتبدي فيها رأيًا مسببًا، وفقًا لما تقضي به المادة
(40) من هذا القانون.
لما كان ما تقدم، وكانت صحيفة الدعوى الدستورية المعروضة قد أجدبت عن
بيان أوجه المخالفة الدستورية التي تعيب نص المادة (11) من القانون رقم 69 لسنة
1974 بإصدار قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، المطعون فيه، ولم تفصح
عنها على نحو يمكن المحكمة من تحريها، وتحديد مقاصدها في شأنها، وجاءت قاصرة عن
بيان ما أوجبته المادة (30) من قانون هذه المحكمة، بما يصمها بالتجهيل، ولازمه
القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة لها.
وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستورية - وهي شرط لقبولها - مناطها –
وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة
القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على
الطلبات المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفي توافر شرط المصلحة
عند رفع الدعوى الدستورية، وإنما يتعين أن تظل هذه المصلحة قائمة حتى الفصل فيها،
فإذا زالت المصلحة بعد رفع الدعوى الدستورية وقبل الفصل فيها، فلا سبيل للتطرق إلى
موضوعها.
متى كان ذلك، وكان النص في المادة الثانية من القانون رقم 194 لسنة
2008 الساري اعتبارًا من 23/6/2008 على أنه "مع عدم الإخلال بأحكام المواد
الثالثة والرابعة والخامسة من هذا القانون يُلغى القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم
فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب، وقانون حِماية القيم من العيب الصادر بالقانون
رقم 95 لسنة 1980" وفي المادة الرابعة منه على أن "تستمر محكمة القيم،
والمحكمة العليا للقيم في نظر الدعاوى المُقيدة بجداولها إلى حين انتهائها من
الفصل فيها ..." وفي الفقرة الأولى من المادة الخامسة منه على أنه
"استثناءً من أحكام المادة الثانية من هذا القانون، يستمر العَمل بأحكام
الباب الثالث من قانون حِماية القيم من العيب إلى حين انتهاء محكمة القيم والمحكمة
العليا للقيم من الفصل في الدعاوى المُشار إليها في المادة الرابعة ....."
يدُل على أن المُشرع اعتبارًا من تاريخ سريان هذا القانون، قد ألغى محكمة القيم
والمحكمة العليا للقيم والمنصوص عليهما في القانون رقم 95 لسنة 1980 وأعاد لمحاكم
القضاء العادي ، صاحبة الولاية العامة، الاختصاص بنظر المُنازعات الذي سبق أن
نزعها منها وأسندها إلى محكمة القيم، ولم يستثن من ذلك إلا الدعاوى المُقيدة
بجداول محكمة القيم والمحكمة العليا للقيم. ولما كانت القوانين التي تلغي محكمة
تسري بأثر فوري بمُجرد نفاذها ما لم ينص على غير ذلك؛ ومن ثم فإن محكمة القيم
والمحكمة العليا للقيم، اعتبارًا من 23/6/2008، لا يكون لهما من ولاية في نظر
المُنازعات السالفة البيان، إلا بالنسبة للدعاوى المُقيدة بجداولها حتى تنتهي من
الفصل فيها. لما كان ذلك، وكانت المُنازعة في الدعوى المعروضة لم تُقيد بجداول
محكمة القيم، ومازالت متداولة أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية؛ ومن ثم فإنها
لا تخضع للاستثناء الوارد بنص المادة الرابعة من القانون رقم 194 لسنة 2008، وتختص
بنظرها محاكم القضاء العادي، ومؤدى ذلك زوال المصلحة الشخصية المباشرة للمدعية في
الدعوى الدستورية المعروضة؛ ولزامه القضاء بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعية
المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق