الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 8 أغسطس 2024

الطعنان 18565 ، 18606 لسنة 85 ق جلسة 17 / 1 / 2022 مكتب فنى 73 ق 18 ص 142

جلسة 17 من يناير سنة 2022

برئاسة السيد القاضي/ مجدي مصطفى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ وائل رفاعي، عصام توفيق، رفعت هيبة ومحمد راضي نواب رئـيس المحكمة.

--------------------

(18)

الطعنان رقما 18565، 18606 لسنة 85 القضائية

(1) تنظيم " المخطط التفصيلي: ماهيته ".

المُخَطَّطُ التفصيلِيُّ الواردُ بالفصلِ الثاني مِنَ البابِ الأَوَّلِ مِنْ ق 3 لسنة 1982 بشأن التخطيطِ العمرانيِّ. ماهيته. مجموعةٌ مِنَ الخرائطِ والدراساتِ التفصيليَّةِ التي تُوَجِّهُ عملياتِ التنميَّةِ العمرانيَّةِ في المناطقِ التي شملَها المُخطَّطُ وذلكَ بوضعِ تصورٍ وتخطيطٍ شاملٍ لها. اختلافُه عنْ تقريرِ المنفعةِ العامةِ ونزعِ الملكيَّةِ لأغراضِ التخطيطِ العمرانيِّ الــوارد بالبابِ الثاني منْ ذاتِ القانونِ. مؤداه. عدمُ اعتبارِ تلكَ المُخطَّطاتِ والخرائطِ قراراتٍ بنزعِ الملكيَّةِ أو استيلاءً مباشرًا مِنَ الدولةِ على العقاراتِ التي شملتْها المُخطَّطاتُ. المادتان 7 من ق 3 لسنة 1982 و 23 من لائحته التنفيذية.

(2) استيلاء " الاستيلاء دون اتباع الإجراءات القانونية ".

حرمانُ المالكِ ومَنْ في حكمِه مِن مباشرةِ سائرِ حقوقِه على ماله. ضررٌ موجبٌ للتعويضِ عنِ الغصبِ. مجرد إعلانُ الرغبةِ في الاستيلاءِ عليه. عدمُ اعتبارِه غصبًا ولو اُعتبرِ تعرضًا وفعلًا غيرَ مشروعٍ.

(3) تعويض " صور التعويض : التعويض الذي ينشأ عن القانون : التعويض عن نزع الملكية للمنفعة العامة ".

التعويضُ عن نزعِ ملكيَّةِ العقارِ للمنفعة العامة دون اتباع الإجراءات التي أوجبها القانونُ. استحقاقُه من تاريخ الاستيلاءِ الفعليِّ على العقار. علة ذلك. عدمُ اسْتحقاقه لمجردِ تعبيرِ الإدارةِ عَنْ رغبتِها في الانتفاعِ بالأرضِ طالما أنَّها لمْ تَنْتَزِعْ حيازتَها مِنْ مالكِها.

(4) نزع الملكية " نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة : الاستيلاء على الأجزاء الداخلة في خط التنظيم ".

 ثبوتُ صدورِ قراري المحافظِ باعتمادِ المُخطَّطِ التفصيلِيِّ للمنطقةِ الكائنِ بها أرضُ التداعي وتحديدُه مساحاتٍ منها كمنطقةِ خدماتٍ وشوارعَ عامَّةٍ دونَ الاستيلاءِ الفِعليِّ عليها. مؤداه. عدمُ استحقاقِ المطعونِ ضدهم تعويضًا عنِ تلك المساحةِ الآن حتى يَتِمَّ نزعُ ملكيتِها بطريقٍ مباشرٍ باتخاذِ إجراءاتِ نزعِ الملكيَّةِ أوْ غيرِ مباشرٍ بالاستيلاءِ الفعليِّ عليها دونَ اتخاذِ هذه الإجراءات ِ. مخالفةُ الحكمِ المطعونِ فيهِ ذلك النظرَ وقضاؤه بالتعويضِ عَنْ منطقةِ الخدماتِ بمجردِ صدورِ قرارِ المحافظِ باعتمادِ المُخطَّطِ التفصيلِيِّ رُغْمَ عدمِ الاستيلاءِ الفعليِّ عليها. خطأٌ.

(5) نقض " أثر نقض الحكم ".

نقضُ الحكمِ المطعون فيه كُليًّا. مؤداه. زوالُه واعتبارُه كأنْ لمْ يكنْ. أثره. ورود الطعن الآخر المرتبط به على غيرِ محلٍ. لازمُه. انتهاءُ الخصومةِ فيهِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- إنَّ النَّصَ في كلٍّ مِنَ المادةِ (7) مِنْ قانونِ التخطيطِ العمرانيِّ الصادرِ بالقانونِ رقمِ ٣ لسنةِ ١٩٨٢- المنطبقِ على واقعةِ الدعوى- على أنَّه" بعدَ اعتمادِ التخطيطِ العامِ تُبادِرُ الوحداتُ المحليَّةُ إلى ما يأتي: (أ) إعدادِ مشروعاتِ التخطيطِ التفصيليِّ للمناطقِ التي يتكونُ منها التخطيطُ العامُ للمدينةِ أو القريةِ. (ب‌) وضعِ القواعدِ واشتراطاتِ المناطقِ والبرامجِ التنفيذيَّةِ التي تُوجِّهُ عمليَّاتِ التنميَّةِ في كلِّ منطقةٍ منْ المناطقِ التي يتكوَّنُ منها التخطيطُ العامُ......، ويصدرُ باعتمادِ التخطيطِ التفصيليِّ والقواعدِ والاشتراطاتِ المشارِ إليها وتعديلِها قرارٌ مِنَ المحافظِ بعدَ موافقةِ المجلسِ الشعبيِّ المحليِّ."، والمادةِ (٢٣) مِنَ اللائحةِ التنفيذيَّةِ للقانونِ المُشارِ إليهِ والصادرةِ بقرارِ وزيرِ الإسكانِ والمرافقِ والمُجتمعاتِ العمرانيَّةِ رقم ٦٠٠ لسنة ١٩٨٢ على أنَّ" التخطيطَ التفصيليَّ هو الوسيلةُ لتحقيقِ التنميَّةِ الاجتماعيَّةِ والاقتصاديَّةِ والعمرانيَّةِ بالمدينةِ أو القريةِ وتوفيرِ بيئةٍ صحيَّةٍ آمنةٍ بها. وَيَتَكَوَّنُ من: (أ) الخرائطِ والتقاريرِ الخاصةِ بالدراساتِ التخطيطيَّةِ التفصيليَّةِ لشبكاتِ الشوارعِ والنقلِ والمواصلاتِ وشبكاتِ المرافقِ العامةِ، وتوزيعِ الخدماتِ والمساحاتِ الخضراءِ والفراغاتِ ومراكزِ العمالةِ والمناطقِ السكنيَّةِ وغيرِها. (ب) اشتراطاتِ المناطقِ وتشملُ الاشتراطاتِ التي تُحدِّدُ الكثافاتِ السُّكَّانيَّةَ وبالتالي تعدادَ السكانِ، واستعمالاتِ الأراضي وإشغالاتِ المباني وارتفاعاتِها....، (ج) البرامجِ التنفيذيَّةِ للقطاعاتِ المختلفةِ (إسكان- مرافق-خدمات- نقل...)". يدلُ على أنَّ المُخَطَّطَ التفصيلِيَّ- والذي وَرَدَتْ أحكامُه بالفصلِ الثاني مِنَ البابِ الأَوَّلِ مِنْ قانونِ التخطيطِ العمرانيِّ سالفِ البيانِ- يَتَكَوَّنُ مِنْ مجموعةٍ مِنَ الخرائطِ والدراساتِ التفصيليَّةِ التي تُوَجِّهُ عملياتِ التنميَّةِ العمرانيَّةِ في المناطقِ التي شملَها المُخطَّطُ، وذلكَ بوضعِ تصورٍ وتخطيطٍ شاملٍ لها، وهو يختلفُ عنْ تقريرِ المنفعةِ العامةِ ونزعِ الملكيَّةِ لأغراضِ التخطيطِ العمرانيِّ والواردِ بالبابِ الثاني منْ ذاتِ القانونِ، وبالتالي فإنَّ تلكَ المُخطَّطاتِ والخرائطَ لا تُعَدُّ قراراتٍ بنزعِ الملكيَّةِ أو استيلاءً مباشرًا مِنَ الدولةِ على العقاراتِ التي شملتْها المُخطَّطَاتُ.

2- المقرر– في قضاء محكمة النقض– أنَّ حرمانَ المالكِ ومَنْ في حكمِه مِنَ الاستئثارِ بالانتفاعِ بمالِه أو اسْتغلالِه أوْ استعمالِه ومباشرةِ سائرِ حقوقِه عليه هو الضررَ الموجبَ للتعويضِ عنِ الغصبِ مِنْ هذا الحرمانِ، أمَّا مجردُ إعلانِ الرغبةِ في الاستيلاءِ -حتى لو اُعتبرِتْ تعرضًا وفعلًا غيرَ مشروعٍ- لا يُعَدُّ غصبًا.

3- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن التعويضَ عنْ نزعِ ملكيَّةِ العقارِ للمنفعةِ العامةِ دونَ إتباعِ الإجراءاتِ التي أوجبَها القانونُ لا يُسْتَحَقُ لمجردِ تعبيرِ الإدارةِ عَنْ رغبتِها في الانتفاعِ بالأرضِ طالما أنَّها لمْ تَنْتَزِعْ حيازتَها مِنْ مالكِها، وإنَّما يُسْتَحَقُ مِنْ تاريخِ الاستيلاءِ الفعليِّ على العقارِ؛ باعتبارِه الوقتَ الذي يقعُ فيه فعلُ الغصبِ، ويَتَحَقَّقُ به الضررُ.

4- إذ كانَ البينُ مِنْ تقريري الخبيرِ المندوبِ في الدعوى-والمُرفقَيْنِ بالأوراقِ- أنَّه قدْ صدَرَ قرارُ محافظِ البحيرةِ رقمُ ٣٣٥٠ لسنةِ ٢٠٠١-والمُعدَّلُ بالقرارِ رقمِ ٤٣٦٢ لسنةِ ٢٠٠٢- باعتمادِ الرسمِ الهندسيِّ المُتضمِّنِ المُخَطَّطَ التفصيلِيَّ للمنطقةِ التي تقعُ بها أرضُ التداعي، وحدَّدَ مساحاتٍ في ذلكَ الرسمِ كمنطقةِ خدماتٍ وشوارعَ عامَّةٍ بأرضِ المطعونِ ضدهم دونَ الاستيلاءِ فِعليًّا على أيٍّ مِنْها؛ إذْ لا تزالُ تلكَ المساحةُ بوضعِ يدِ مالكيها، ومن ثَمَّ لا يَستَحِقُ المطعونُ ضدهم الآنَ تعويضًا عنِ المساحةِ المُحدَّدةِ كشوارعَ عامَّةٍ أوْ منطقةِ خدماتٍ حتى يَتِمَّ نزعُ ملكيتِها بطريقٍ مباشرٍ- باتخاذِ إجراءاتِ نزعِ الملكيَّةِ- أوْ بطريقٍ غيرِ مباشرٍ- بالاستيلاءِ الفعليِ عليها دونَ اتخاذِ هذه الإجراءاتِ-، وإذْ خالفَ الحكمُ المطعونُ فيهِ هذا النظرَ، وأقامَ قضاءَه باستحقاقِ التعويضِ عَنْ منطقةِ الخدماتِ بمجردِ صدورِ قرارِ المحافظِ باعتمادِ المُخطَّطِ التفصيلِيِّ رُغْمَ عدمِ الاستيلاءِ عليها، فإنَّه يكونُ معيبًا بالخطأ في تطبيقِ القانونِ.

5- المقرر– في قضاء محكمة النقض– أنَّ نقضَ الحكمِ- وَفقًا لنصِ المادةِ ٢٦٩ مِنْ قانونِ المرافعاتِ- يترتبُ عليهِ زوالُه واعتبارُه كأنْ لمْ يكنْ. وكانتِ المحكمةُ قضتْ سلفًا بنقضِ الحكمِ المطعونِ فيهِ كُليًّا، فيكونُ هذا الطعنُ (18565 لسنة 85 ق) أصبحَ واردًا على غيرِ محلٍ، بما لازمُه انتهاءُ الخصومةِ فيهِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمــة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الـذي تـلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.

حَيْثُ إِنَّ الطَّعْنَيْنِ اسْتَوْفَيا أَوْضَاعَهُما الشَّكْلِيَّةَ.

وَحَيْثُ إِنَّ وقائعَ الطعنِ رقمِ ١٨٥٦٥ لسنةِ ٨٥ ق- على ما يبينُ مِنَ الحكمِ المطعونِ فيهِ وسائرِ الأوراقِ- تتحصلُ في أنَّ الطاعنِينَ (ورثةَ المرحومِ/...) أقاموا ضدَ المطعونِ ضدهما (... و... بصفتيهما) الدعوى رقم... لسنة ٢٠٠٦ أمامَ محكمةِ دمنهورِ الابتدائيَّةِ بطلبِ إلزامِهما بأنْ يؤديا لهم مبلغَ عشرينَ مليون جنيهٍ تعويضًا ماديًّا وأدبيًّا، وقالوا بيانًا لذلكَ: إنَّهم يمتلكونَ بالميراثِ الشرعيِّ قطعةَ أرضٍ فضاءٍ تبلغُ مساحتُها ٢٠ س ٢٠ ط ٥ ف، وقدْ أصدرَ المطعونُ ضدهما تعديلًا على المُخطَّطِ التفصيليِّ للمنطقةِ ترتَّب عليه تحديدُ مساحةِ ٩٢٧٠،٥٥ مترًا مربعًا تقريبًا مِنْ أرضِ الطاعنِينَ كشوارعَ عامَّةٍ ومنطقةِ خدماتٍ دونَ سدادِ المقابلِ المستحقِ عنْها، فأقاموا الدعوى. ندبتِ المحكمةُ خبيرًا، ثُمَّ قضتْ للطاعنِينَ بالتعويضِ الذي قدرتْه عنْ كاملْ المساحةِ محلِ المطالبةِ. استأنف المطعونُ ضدهما الحكمَ بالاستئنافِ رقمِ... لسنة ٦٧ ق أمامَ محكمةِ استئنافِ الإسكندريَّةِ "مأموريَّة دمنهور"، كما استأنفَهُ الطاعنونَ بالاستئنافِ رقمِ... لسنة ٦٧ ق أمامَ ذاتِ المحكمةِ، ضمتِ المحكمةُ الاستئنافَيْنِ وأعادتِ الأوراقَ للخبيرِ، ثُم قضتْ بتاريخِ ٩/٩/٢٠١٥ بتعديلِ الحكمِ المُستأنَفِ بزيادةِ مبلغِ التعويضِ عنْ مساحةِ الخدماتِ ورفْضِ التعويضِ عنْ المساحةِ المخصصةِ كشوارعَ عامَّةٍ. طعنَ الطاعنون في هذا الحكمِ بطريقِ النقضِ، كما طعنَ المطعونُ ضدهما في ذاتِ الحكمِ بطريقِ النقضِ بالطعنِ رقمِ ١٨٦٠٦ لسنه ٨٥ ق، وأودعتِ النيابةُ مُذكرتَيْنِ أبدتْ فيهما الرأيَ برفضِهما، وإذْ عُرِضَ الطَّعنانِ على هذه المحكمةِ- منعقدةً في غرفةِ مشورةٍ- فقررتْ ضمَهما، وحددتْ جلسةً لنظرِهما، وفيها التزمتِ النيابةُ رأيَها.

وَحَيْثُ إنَّ ممَّا ينعاه الطاعنانِ (... و... بصفتيهما) في الطعنِ رقمِ ١٨٦٠٦ لسنة ٨٥ ق على الحكمِ المطعونِ فيهِ الخطأَ في تطبيقِ القانونِ، وقالا بيانًا لذلك: إنَّهما أصدرا المُخَطَّطَ التفصيليَّ للمنطقةِ التي تقعُ بها أرضُ التداعي المملوكةُ للمطعونِ ضدهم، وتمَّ تحديدُ مساحةٍ مِنْ تلكَ الأرضِ كمنطقةِ خدماتٍ وشوارعَ عامَّةٍ دونَ الاستيلاءِ الفعليِّ على أيٍّ منْهما، إلَّا أنَّ الحكمَ المطعونَ فيهِ قدْ قضى بالرغمِ مِنْ ذلكَ للمطعونِ ضدهم بالتعويضِ عنْ منطقةِ الخدماتِ، ممَّا يعيبُه، ويستوجبُ نقضَه.

وَحَيْثُ إنَّ هذا النَّعيَ سديدٌ؛ ذلكَ أنَّه لمَّا كانَ النصُ في كلٍّ مِنَ المادةِ (7) مِنْ قانونِ التخطيطِ العمرانيِّ الصادرِ بالقانونِ رقمِ ٣ لسنةِ ١٩٨٢- المنطبقِ على واقعةِ الدعوى- على أنَّه" بعدَ اعتمادِ التخطيطِ العامِ تُبادِرُ الوحداتُ المحليَّةُ إلى ما يأتي: (أ) إعدادِ مشروعاتِ التخطيطِ التفصيليِّ للمناطقِ التي يتكونُ منها التخطيطُ العامُ للمدينةِ أو القريةِ. (ب‌) وضعِ القواعدِ واشتراطاتِ المناطقِ والبرامجِ التنفيذيَّةِ التي تُوجِّهُ عمليَّاتِ التنميَّةِ في كلِّ منطقةٍ منْ المناطقِ التي يتكوَّنُ منها التخطيطُ العامُ ......، ويصدرُ باعتمادِ التخطيطِ التفصيليِّ والقواعدِ والاشتراطاتِ المشارِ إليها وتعديلِها قرارٌ مِنَ المحافظِ بعدَ موافقةِ المجلسِ الشعبيِّ المحليِّ."، والمادةِ (٢٣) مِنَ اللائحةِ التنفيذيَّةِ للقانونِ المُشارِ إليهِ والصادرةِ بقرارِ وزيرِ الإسكانِ والمرافقِ والمُجتمعاتِ العمرانيَّةِ رقم ٦٠٠ لسنة ١٩٨٢ على أنَّ" التخطيطَ التفصيليَّ هو الوسيلةُ لتحقيقِ التنميَّةِ الاجتماعيَّةِ والاقتصاديَّةِ والعمرانيَّةِ بالمدينةِ أو القريةِ وتوفيرِ بيئةٍ صحيَّةٍ آمنةٍ بها. وَيَتَكَوَّنُ من: (أ) الخرائطِ والتقاريرِ الخاصةِ بالدراساتِ التخطيطيَّةِ التفصيليَّةِ لشبكاتِ الشوارعِ والنقلِ والمواصلاتِ وشبكاتِ المرافقِ العامةِ، وتوزيعِ الخدماتِ والمساحاتِ الخضراءِ والفراغاتِ ومراكزِ العمالةِ والمناطقِ السكنيَّةِ وغيرِها. (ب) اشتراطاتِ المناطقِ وتشملُ الاشتراطاتِ التي تُحدِّدُ الكثافاتِ السُّكَّانيَّةَ وبالتالي تعدادَ السكانِ، واستعمالاتِ الأراضي وإشغالاتِ المباني وارتفاعاتِها....، (جـ) البرامجِ التنفيذيَّةِ للقطاعاتِ المختلفةِ (إسكان- مرافق-خدمات- نقل...)". يدلُ على أنَّ المُخَطَّطَ التفصيلِيَّ- والذي وَرَدَتْ أحكامُه بالفصلِ الثاني مِنَ البابِ الأَوَّلِ مِنْ قانونِ التخطيطِ العمرانيِّ سالفِ البيانِ- يَتَكَوَّنُ مِنْ مجموعةٍ مِنَ الخرائطِ والدراساتِ التفصيليَّةِ التي تُوَجِّهُ عملياتِ التنميَّةِ العمرانيَّةِ في المناطقِ التي شملَها المُخطَّطُ، وذلكَ بوضعِ تصورٍ وتخطيطٍ شاملٍ لها، وهو يختلفُ عنْ تقريرِ المنفعةِ العامةِ ونزعِ الملكيَّةِ لأغراضِ التخطيطِ العمرانيِّ والواردِ بالبابِ الثاني منْ ذاتِ القانونِ، وبالتالي فإنَّ تلكَ المُخطَّطاتِ والخرائطَ لا تُعَدُّ قراراتٍ بنزعِ الملكيَّةِ أو استيلاءً مباشرًا مِنَ الدولةِ على العقاراتِ التي شملتْها المُخطَّطاتُ. وكانَ حرمانُ المالكِ ومَنْ في حكمِه مِنَ الاستئثارِ بالانتفاعِ بمالِه أو اسْتغلالِه أوْ استعمالِه ومباشرةِ سائرِ حقوقِه عليه هو الضررَ الموجبَ للتعويضِ عنِ الغصبِ مِنْ هذا الحرمانِ، أمَّا مجردُ إعلانِ الرغبةِ في الاستيلاءِ -حتى لو اُعتبرِتْ تعرضًا وفعلًا غيرَ مشروعٍ- لا يُعَدُّ غصبًا. وكانَ التعويضُ عنْ نزعِ ملكيَّةِ العقارِ للمنفعةِ العامةِ دونَ إتباعِ الإجراءاتِ التي أوجبَها القانونُ لا يُسْتَحَقُ لمجردِ تعبيرِ الإدارةِ عَنْ رغبتِها في الانتفاعِ بالأرضِ طالما أنَّها لمْ تَنْتَزِعْ حيازتَها مِنْ مالكِها، وإنَّما يُسْتَحَقُ مِنْ تاريخِ الاستيلاءِ الفعليِّ على العقارِ؛ باعتبارِه الوقتَ الذي يقعُ فيه فعلُ الغصبِ، ويَتَحَقَّقُ به الضررُ. لمَّا كانَ ذلكَ، وكانَ البينُ مِنْ تقريري الخبيرِ المندوبِ في الدعوى- والمُرفقَيْنِ بالأوراقِ- أنَّه قدْ صدَرَ قرارُ محافظِ البحيرةِ رقمُ ٣٣٥٠ لسنةِ ٢٠٠١- والمُعَدَّلُ بالقرارِ رقمِ ٤٣٦٢ لسنةِ ٢٠٠٢- باعتمادِ الرسمِ الهندسيِّ المُتضمِّنِ المُخَطَّطَ التفصيلِيَّ للمنطقةِ التي تقعُ بها أرضُ التداعي، وحدَّدَ مساحاتٍ في ذلكَ الرسمِ كمنطقةِ خدماتٍ وشوارعَ عامَّةٍ بأرضِ المطعونِ ضدهم دونَ الاستيلاءِ فِعليًّا على أيٍّ مِنْها؛ إذْ لا تزالُ تلكَ المساحةُ بوضعِ يدِ مالكيها، ومن ثَمَّ لا يَستَحِقُ المطعونُ ضدهم الآنَ تعويضًا عنِ المساحةِ المُحدَّدةِ كشوارعَ عامَّةٍ أوْ منطقةِ خدماتٍ حتى يَتِمَّ نزعُ ملكيتِها بطريقٍ مباشرٍ- باتخاذِ إجراءاتِ نزعِ الملكيَّةِ- أوْ بطريقٍ غيرِ مباشرٍ- بالاستيلاءِ الفعليِ عليها دونَ اتخاذِ هذه الإجراءاتِ-، وإذْ خالفَ الحكمُ المطعونُ فيهِ هذا النظرَ، وأقامَ قضاءَه باستحقاقِ التعويضِ عَنْ منطقةِ الخدماتِ بمجردِ صدورِ قرارِ المحافظِ باعتمادِ المُخطَّطِ التفصيلِيِّ رُغْمَ عدمِ الاستيلاءِ عليها، فإنَّه يكونُ معيبًا بالخطأ في تطبيقِ القانونِ، بِمَا يُوجِبُ نقضَهُ لهذا السببِ دونَ حاجةٍ لبحثِ باقي أسبابِ هذا الطعنِ.

ولِمَا تقدَّمَ، وحيثُ إنَّ الموضوعَ صالحٌ للفصلِ فيهِ، فتقضي المحكمةُ بعدمِ قبولِ الدعوى لرفعِها قَبْلَ الأوان.

وَحَيْثُ إنَّه عنِ الطَّعْنِ رقمِ ١٨٥٦٥ لسنةِ ٨٥ ق، وكانَ نقضُ الحكمِ- وَفقًا لنصِ المادةِ ٢٦٩ من قانون المرافعات- يترتبُ عليهِ زوالُه واعتبارُه كأنْ لمْ يكنْ. وكانتِ المحكمةُ قضتْ سلفًا بنقضِ الحكمِ المطعونِ فيهِ كُليًّا، فيكونُ هذا الطعنُ أصبحَ واردًا على غيرِ محلٍ، بما لازمُه انتهاءُ الخصومةِ فيهِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق